دوائر الجن الغامضة.. ظاهرة غريبة في بعض الدول تحير العلماء

تنتشر العديد من العجائب حول العالم، بين الظواهر الطبيعية أو معالم من صنع الإنسان وغيرها. وتعتبر هذه العجائب المنتشرة واحدة من الوجهات السياحية التي تجذب أنظار واهتمام كثيرين حول العالم. خاصة أولئك الذين يبحثون عن المغامرة. إلى جانب اهتمام العلماء والباحثين بها وبدراستها لاكتشاف أسرارها والتعرف عليها.

وفي التقرير التالي، نستعرض معكم قصة واحدة من هذه العجائب المعروفة حول العالم، تحمل اسم دوائر الجن الغامضة، والتي شغلت اهتمام الباحثين لسنوات طويلة، وما زالوا حتى يومنا هذا يبحثون وراء أسرارها.

ما هي دوائر الجن الغامضة؟

دوائر الجن، أو "fairy circles" كما تعرف بالإنجليزية، هي عبارة عن بقع دائرية عارية من النباتات، محاطة بحلقة من الأعشاب والنباتات الكثيفة. تنتشر هذه الدوائر بشكل غريب في بعض مناطق العالم، مثل ناميبيا وأستراليا. كما تم العثور على بعض الدوائر في أماكن أخرى من العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وتتراوح أحجامها من بضعة أمتار إلى مئات الأمتار.

لا يوجد تفسير علمي مؤكد لاسم "دوائر الجنيات". يعتقد بعض الناس أن هذه الدوائر مرتبطة بنشاط الجنيات أو الأرواح الشريرة. لذلك أصبحت مصدر إلهام للعديد من الأساطير والحكايات الشعبية في جميع أنحاء العالم. بينما يرى آخرون أنها ظاهرة طبيعية ناتجة عن عوامل بيئية.

دوائر الجن في ناميبيا

تعتبر دوائر الجن الغامضة الموجودة في صحراء ناميبيا هي الأشهر على الإطلاق حول العالم. وتتواجد وسط سهولٍ عشبية كثيفة في صحراء ناميبيا. وتتميز بأقطار تتراوح بين 2 و50 مترًا، وتظهر بشكل واضح من منظور جوي لكونها تشكل بقعًا داكنة اللون وسط المساحات الخضراء المحيطة بها.

تنتشر دوائر الجن بكثافة خاصةً في منطقة "دامارالاند" شمال غرب البلاد. ورغم إنها تتواجد أيضًا في بعض المناطق الأخرى من العالم، مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا إنها بأعداد أقل بكثير عن الموجودة في ناميبيا.

في عام 2018، نشر فريق من العلماء في جامعة كيب تاون دراسة تشير إلى أن تكوين دوائر الجن قد يكون ناتجًا عن مزيج من العوامل، تشمل نشاط النمل الأبيض وتأثير التربة والمناخ.

ووفقًا لهذه الدراسة، فإن النمل الأبيض يلعب دورًا رئيسيًا في تكوين دوائر الجن من خلال بناء أعشاشه تحت الأرض. وبمرور الوقت، تصبح التربة في وسط الدوائر أكثر كثافة وصعوبة على نمو العشب.

وتشير الدراسة أيضًا إلى أن تغيرات المناخ، مثل فترات الجفاف، قد تؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة من خلال التأثير على نمو العشب.

التفسير العلمي لدوار الجن

ظلت أسباب تكون دوائر الجنيات لغزًا محيرًا للعلماء لعقود من الزمن. وقد تم اقتراح العديد من النظريات لتفسير هذه الظاهرة، تشمل:

نشاط النمل الأبيض

يعتقد بعض العلماء أن دوائر الجنيات تتكون نتيجة نشاط النمل الأبيض، حيث تقوم هذه الحشرات ببناء أعشاشها تحت الأرض، مما يؤدي إلى موت النباتات في المنطقة المحيطة بالعش.

التنافس على الماء

تشير نظرية أخرى إلى أن دوائر الجنيات تتكون نتيجة تنافس النباتات على الماء والمغذيات في التربة. حيث تنمو النباتات بشكل كثيف في الحافة الخارجية للدائرة، مما يستنزف الماء والمغذيات من التربة، تاركًا المنطقة المركزية عارية.

التنظيم الذاتي للنباتات

يعتقد بعض العلماء أن دوائر الجنيات تتكون نتيجة تفاعل معقد بين النباتات والبيئة. حيث تقوم النباتات بتنظيم نموها بشكل ذاتي، مما يؤدي إلى تكوين هذه الأنماط الدائرية.

العوامل البيئية

تلعب العوامل البيئية، مثل نوع التربة والمناخ، دورًا هامًا في تكوين دوائر الجنيات.

أهمية دوائر الجن

تعتبر دوائر الجنيات مؤشرًا هامًا على صحة البيئة. حيث تدل وجودها على وجود توازن دقيق بين النباتات والبيئة. كما يمكن أن تستخدم هذه الدوائر لدراسة التغيرات المناخية والبيئية.

كذلك، تعد دوائر الجن ظاهرة طبيعية فريدة من نوعها ذات قيمة علمية وجمالية كبيرة. فهي تذكرنا بتعقيد وتنوع العالم الطبيعي، وتقدم لنا معلومات قيمة عن كيفية عمل النظم البيئية، حيث أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Nature Climate Change" أن دوائر الجن تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ. ففي المناطق التي تشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة والجفاف أصبحت أصغر حجمًا وأقل كثافة.

ويشير هذا إلى أن دوائر الجنيات قد تكون مؤشرًا حساسًا لتغير المناخ، ويمكن استخدامها لمراقبة آثاره على النظم البيئية.

معلومات عن دوائر الجن الغامضة

يبحث كثيرون عن تفسير واضح لظاهرة دوائر الجن الغامضة، الحيوية. ويتعاون العديد من الباحثين الدوليين من ناميبيا وجنوب أفريقيا وأستراليا والولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف، اعتمادا على عدد من المعلومات المتوفرة لديهم عنها، والتي نستعرضها في السطور التالية:

. بقع مستديرة في الأراضي العشبية الجافة وتتميز بتوزيع منظم للغاية.

. تتكون من بقع عارية من التربة محاطة بحلقات من العشب.

. يبلغ قطر معظم الدوائر الخيالية في ناميبيا 4-8 أمتار، لكن يمكن أن يصل قطرها إلى أكثر من 20 مترًا.

. موجودة على طول صحراء ناميب من شمال جنوب أفريقيا إلى جنوب أنغولا وقد اكتشفناها مؤخرًا أيضًا في أستراليا.

. وثق الباحثون 263 موقعًا جديدًا لهذه الدوائر الخيالية في 15 دولة وفي ثلاث قارات.

. أثارت الأصول الغامضة لهذه الظاهرة اهتمام العلماء لعقود من الزمن، بعد اكتشافها لأول مرة تقريبا عام 1999.

. تشير أغلب الأبحاث إلى إن الدوائر الخيالية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنشاط النمل الأبيض.

. لا تزال العديد من الأسئلة حول الدوائر الخيالية بحاجة إلى إجابة.

. تعد دوائر الجن ظاهرة طبيعية فريدة تشكل جزءًا هامًا من التنوع البيولوجي في صحراء ناميبيا.

. تعتبر الآن وجهة سياحية مميزة تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث يتوجه إليها العديد من هواة المغامرة وكذلك الباحثون لدراستها.

في النهاية، لا تزال دوائر الجن لغزًا غامضًا لم يتم فهمه بشكل كامل حتى الآن. وتشكل هذه الظاهرة موضوعًا هامًا للبحث العلمي، حيث تساهم دراستها في فهمنا لنظم البيئة الصحراوية وديناميكيات التغير المناخي.