ما هو الطابور الخامس؟
- بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022

ظهر مفهوم الطابور الخامس في القرن العشرين، فما معناه؟ وكيف استخدم في تحريك الأحداث داخل الدول وفي الحروب؟ وما المقصود بهذا الوصف بالتحديد؟
مفهوم الطابور الخامس
ظهر معنى الطابور الخامس مثل غالبية المصطلحات قبل أن تظهر تسميته، ففي الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، لم يكن المصطلح موجوداً، ولكن التجسس كان منتشراً لدرجة أن وزير الحرب الفرنسي آنذاك وهو يتحدث إلى الجنود قال: (صه! حذارّ آذان العدو يستمعون) .
استخدم مصطلح الطابور الخامس الجنرال إميليو مولا (وهو عضو في القوات الوطنية الإسبانية) للمرة الأولى في عام 1936، للدلالة على تنظيم معادي خفي موجود داخل الدولة أو خارجها يحرك الأحداث دون أن يظهر للعلن، وسمي الخامس، لأنه في الحرب الأهلية الإسبانية كان هناك فريقان متخاصمان داخل إسبانيا، الفريق الأول، القوميون بزعامة فرانشيسكو فرانكو، والطرف الثاني، الجمهوريون بزعامة الجنرال مولا، الفريق الأول دعمته ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، والطرف الثاني دعمه الاتحاد السوفييتي وبعض الدول الأوربية، فبذلك أصبحنا أمام أربعة عناصر أو طوابير تتحكم بالمشهد، ومن هنا يأتي مصطلح الطابور الخامس ليعبر عن فريق غير خاضغ لأي من هذه الطوابير الأربعة، وهناك من يقول: إن فرانكو قسم مدريد إلى أربعة أقسام موالية للقوى القومية التي يتزعمها؛ وقال: "هناك طابور خامس يقف إلى جانبنا"، والهدف من هذه الدعاية التأثير على الطرف الآخر الجمهوريين ودفعهم للاستسلام.
وبعد ذلك انتقل تعبير الطابور الخامس إلى كل اللغات الشائعة، ويشير إلى مجموعة من المتسللين المستعدين للعمل بنشاط على تعزيز انتصار طرف على طرف ولكن بشكل خفي، وأحياناً دون معرفة الطرف الذي يقف إلى جانبه هؤلاء المتسللون، ويكون هدفهم النهائي القضاء على الدولة أو المنظمة التي تنشط فيها.
الطابور الخامس عبر التاريخ
استخدم مصطلح الطابور الخامس في فترات مختلفة من التاريخ الحديث وأبرزها:
قبل الحرب العالمية الثانية
حيث استخدمته بلجيكا عام 1936 للدلالة على وجود أقلية من أنصار ألمانيا، أثرت في نتائج الانتخابات من خلال الترويج إلى أن الصحف اليمينية (التابعة للأحزاب اليمينية التي فازت في الانتخابات) مدعومة من ألمانيا وإيطاليا.
خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)
حيث استخدمته ألمانيا من خلال نشر مجموعة من العملاء الألمان داخل البلدان المعادية، فرنسا وبريطانيا، وذلك خلال الحرب العالمية الثانية، بغية تثبيط الهمم وتعظيم الدور الألماني في تلك الفترة والقيام بأعمال تجسس لصالح ألمانيا، ما دفع دول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا) لملاحقة المشبوهين وكانوا بنظرهم النازحين من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية والصحفيين حيث قامت بحملة اعتقالات وأصدرت أحاكماً بحقهم ابتداء من السجن لمدة عام وحتى الإعدام دون حتى التأكد من ثبوت التهمة على المتهم.
وقبيل احتلال ألمانيا لفرنسا في مايو /أيار ويونيو /حزيران 1940، خشيت الحكومة الفرنسية من وجود جواسيس لصالح الأمان خلف الخطوط الفرنسية وذلك بسبب هرب السكان والجنود الفرنسيون من القتال مع الألمان، ونشر معلومات كاذبة زادت من إرباك المواطنين الفرنسيين، ولاسيما بعد أعمال التخريب لوسائل الاتصال ما جعل التواصل بين القيادات العسكرية والجنود والمواطنون من جهة أخرى أمراً بالغَ الصعوبة.
وبعد تحرير فرنسا استخدمت الحكومة الفرنسية مصطلح الطابور الخامس لتبرير احتلال ألمانيا النازية لفرنسا ولتجنب وقوع الحرب الأهلية، واستندت الحكومة بذلك إلى تصريحات للمستشار الألماني أدولف هتلر عام 1932 يقول: "في كل مكان، في بلد العدو، لدينا الأصدقاء الذين سوف يساعدونا وسيتم توقيع السلام حتى قبل اندلاع الأعمال العدائية"، حيث كان النازيون على قناعة تامة بأن هدم أي بلد من الداخل ممكن من خلال استخدام المال والتنظيم والصحافة، للتأثير في الرأي العام.
استخدامه في الجزائر 1954
حيث أطلقت فرنسا مصطلح الطابور الخامس على الحزب الشيوعي الفرنسي واتهمته بالوقوف إلى جانب جبهة التحرير الوطني في الجزائر ودعمها بالمال والسلاح عام 1954 ضد الاستعمار الفرنسي.
في فرنسا عام 2013
استخدم هذا المصطلح الفرنسيان كريستيان استروسي وإيميريك شوبراد، للدلالة على شبكة من المتعاطفين مع الإسلاميين يعملون في الظل في فرنسا، وقال جاك مايارد وهو مفكر فرنسي بعد اغتيال جندي بريطاني من قبل إرهابي في لندن: "إن القتلة الإسلاميون هم طابور خامس موجود في ضواحي أوروبا".
خلاصة
يعد مصطلح الطابور الخامس مرادفاً لكلمة المؤامرة التي تستخدم غالباً في الدول العربية لوصف أي تحرك مشبوه مخل للأمن لم تعرف جهته، وغالباً ما يكون هذا الطابور موالياً لدولة معادية، ويخدم أجندتها، لذلك يعد الطابور الخامس عدو المواطنين الأول أينما وجد، لذلك تحول هذا المصطلح من حقيقية في بعض الأحيان إلى خدعة تستخدمها الأنظمة الحاكمة لإقناع السكان أن ما يعانونه ليس بسبب الحكومة؛ بل بسبب الطابور الخامس المدعوم خارجياً بهدف إيذاء السكان وتشويه سمعة الحكومة. وهذا ما حصل في مصر عندما حمل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مسؤولية أعمال العنف، لطابور خامس أو ما أسماه مؤامرة تستهدف مصر شعباً وحكومة.