;

هل يمكن أن تكون الثقوب السوداء بواباتٍ إلى أكوان أخرى؟

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ يومين
هل يمكن أن تكون الثقوب السوداء بواباتٍ إلى أكوان أخرى؟

لطالما أسرت الثقوب السوداء - وهي مناطق من الفضاء تتسم بجاذبية شديدة لا يستطيع أي شيء، ولا حتى الضوء، الإفلات منها - العلماء.

وقد أمضى علماء الفيزياء الفلكية والفيزياء النظرية عقودًا في محاولة كشف أسرارها. ويتجاوز سحر الثقوب السوداء حدود العلم، إذ ألهم أفلامًا وكتبًا شهيرة مثل "2001: ملحمة الفضاء 2001: A Space Odyssey "، و"المريخي The Martian"، و"بين النجوم Interstellar"، والتي تستكشف شغف البشرية بهذه الظواهر الكونية الغامضة.

فماذا لو لم يكن الثقب الأسود نهاية المطاف، بل بداية لشيء جديد؟ لطالما أثارت هذه الفكرة العلماء وحتى كتاب الخيال العلمي لتظهر على الساحة مؤخراً دراسة حديثة تقترح تحول الثقوب السوداء إلى ثقوب بيضاء تطرد المادة على الجانب الآخر، بمعنى أنه بدلاً من مجرد التهامها لكل شيء حتى الضوء، وربما حتى الزمن، وذلك إلى كون آخر أو أكوان أخرى لا نعلم عنها شيئاً. وتتحدى هذه الدراسة النظرة التقليدية القائلة بأن الثقوب السوداء هي نهايات كونية مسدودة.

وبحسب موقع "ساي تك دايلي" فإن الدراسة تشير إلى أن الزمن قد يكون مرتبطًا بالطاقة المظلمة، وهي القوة الغامضة المسؤولة عن تسارع تمدد الكون. وهذا قد يعني أن الطاقة المظلمة نفسها تلعب دورًا في تحديد وقياس الزمن. وإذا تم تأكيد صحة هذا البحث، فقد يؤدي إلى ذلك نظريات أساسية جديدة في الفيزياء، مما يُعيد تشكيل فهمنا للجاذبية وميكانيكا الكم وطبيعة الكون نفسه.

نظرية أينشتاين محل نقاش مجدداً

وفقًا لنظرية النسبية العامة لأينشتاين، فإن أي شيء يعبر حدود الثقب الأسود – وهي المنطقة المعروفة باسم أفق الحدث event horizon - فإنه ينجذب حتمًا نحو مركز الثقب الأسود ويتدمر بفعل قوى جاذبية هائلة. في هذا المركز، المسمى بالتفرد singularity، يُعتقد أن مادة النجم المنهار تنضغط في نقطة متناهية الصغر. هنا، تنهار قوانين الفيزياء كما نعرفها، ولا يسري فهمنا للزمان والمكان وفق القوانين المعتادة.

مع ذلك، وبحسب موقع "سبيس.كوم"تتحدى الدراسة الجديدة هذه الفكرة. فباستخدام ميكانيكا الكم، وهي نظرية أساسية تصف الكون على أصغر المقاييس، يقترح العلماء منظورًا مختلفًا. فبدلًا من أن تُشير التفرد إلى نهاية الزمان والمكان، قد تكون في الواقع بداية شيء جديد.

تهدف الورقة البحثية الجديدة والتي نُشرت في 11 مارس في المجلة العلمية Physical Review Letters، إلى توضيح النقطة التي يتعثر فيها فهمنا الحالي للفيزياء والوقت

ثقوب بيضاء؟

تُوصف الثقوب السوداء غالبًا بأنها تمتص كل شيء، بما في ذلك الزمن، إلى نقطة من العدم، يُفترض البحث أن الثقوب البيضاء تعمل بشكل معاكس، إذ تقذف المادة والطاقة والزمن إلى الكون.

تستخدم الدراسة نموذجًا نظريًا مبسطًا للثقب الأسود، يُعرف باسم الثقب الأسود المستوي. على عكس الثقوب السوداء التقليدية، ذات الشكل الكروي، فإن حدود الثقب الأسود المستوي سطح مسطح ثنائي الأبعاد. يشير عمل الباحثين المستمر إلى أن الآلية نفسها يمكن أن تنطبق أيضًا على الثقب الأسود التقليدي.

في هذا السياق، يقترح علماء أنه بدلاً من التحكيم الكامل للمادة التي تدخل الثقب الأسود فإنها ستدفع على الجانب الآخر بقوة هائلة، لكن إلى الآن من غير المعروف ما هو موجود على الجانب الآخر أم أن هناك من الأصل جانب آخر للثقب الأسود، ليبقى الأمر في إطار النظرية والتوقع فقط.

ميكانيكا الكم ومصير الزمن

وقال الدكتور ستيفن غيلين، من كلية العلوم الرياضية والفيزيائية بجامعة شيفيلد، والذي شارك في تأليف الورقة البحثية مع لوسيا مينينديز-بيدال من جامعة كومبلوتنسي بمدريد: "لطالما كان السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت ميكانيكا الكم قادرة على تغيير فهمنا للثقوب السوداء ومنحنا رؤى ثاقبة حول طبيعتها الحقيقية". وأضاف: "في ميكانيكا الكم، لا يمكن للزمن كما نفهمه أن ينتهي، فالأنظمة في تغير وتطور دائمين".

وتُظهر نتائج العلماء، باستخدام قوانين ميكانيكا الكم، كيف تُستبدل تفرد الثقب الأسود بمنطقة من التقلبات الكمية الكبيرة - وهي تغيرات صغيرة ومؤقتة في طاقة المكان - حيث لا ينتهي المكان والزمان. بدلًا من ذلك، ينتقل المكان والزمان إلى مرحلة جديدة تُسمى الثقب الأبيض، وهي منطقة من الفضاء يُعتقد نظريًا أنها تعمل بطريقة معاكسة للثقب الأسود. وبالتالي، قد يكون الثقب الأبيض هو نقطة بداية الزمن.

قياس الزمن بالطاقة المظلمة

ويقول الدكتور غيلين: "بينما يُعتقد عمومًا أن الزمن نسبي بالنسبة للراصد، إلا أن الزمن في أبحاثنا مُشتق من الطاقة المظلمة الغامضة التي تتخلل الكون بأكمله". وأضاف: "نقترح أن الزمن يُقاس بالطاقة المظلمة الموجودة في كل مكان في الكون، والمسؤولة عن تمدده الحالي. هذه هي الفكرة الجديدة المحورية التي تُمكّننا من فهم الظواهر التي تحدث داخل الثقب الأسود."

والطاقة المظلمة هي قوة نظرية غامضة يعتقد العلماء أنها تُحرك التمدد المُتسارع للكون. وتستخدم الدراسة الجديدة الطاقة المظلمة كنقطة مرجعية تقريبًا، حيث تُعتبر الطاقة والزمن فكرتين مُتكاملتين يُمكن قياسهما مُقارنةً ببعضهما البعض.

ومن المُثير للاهتمام أن النظرية القائلة بأن ما نراه مُتفرّدًا هو في الواقع بداية، تُشير إلى وجود شيء أكثر غموضًا على الجانب الآخر من الثقب الأبيض.

ويأمل العلماء أن يتم استكشاف فكرة وجود صلة عميقة بين طبيعة الزمن على المستوى الأساسي والطاقة المظلمة الغامضة التي تحكم الكون بشكل أعمق في الأشهر والسنوات القادمة.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه