أجمل قصائد إياد الحكمي مكتوبة كاملة
إياد الحكمي هو شاعر سعودي من مواليد عام 1988 في جازان المملكة العربية السعودية. صدر للشاعر إياد الحكمي مجموعة من الدواوين الشعرية التي نالت استحسان الجمهور ومنها: ديوان (على إيقاع الماء) وديوان (ظل للقصيدة وصدى للجسد) وديوان (مئة قصيدة لأمي) وديوان (لا أعرف الغرباء أعرف حزنهم). كما أنه حاصل على عدد من الجوائز والألقاب الشعرية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في هذا المقال نأخذك في جولة شعرية مع أجمل قصائد إياد الحكمي مكتوبة كاملة.
قصيدة نوستالجيا
غَدًا إِذَا وَجَدَ الـمَنْفِيُّ تُرْبَتَهُ وَزَادَ فِي عُمْرِهِ قَبْرًا ليُثْبِتَهُ
وَصَكَّ بَابًا أَخِيرًا ثُمَّ سَارَ إِلَى ضَوْءٍ أَخِيرٍ وَأَلْقَى فِيهِ جُثَّتَهُ
"وَخَطَّ سَطْرًا أَخِيرًا فِي الـهَوَى وَمَـحَا" وَمَزَّقَ الكَاتِبُ الغَيْبِـيُّ
صَفْحَتَهُ وَأَغْمَضَ القَلْبَ وَانْفَضَّتْ مَلَامِـحُهُ وَغَابَ حَتَّى اسْتَعَارَ
اللَّيْلُ ظُلْمَتَهُ وَمِثْلَ كُلِّ غَرِيبٍ عَاشَ مُنْتَظِرًا وَمَاتَ يُكْمِلُ فِي النِّسْيَانِ
غُرْبَتَهُ تَذَكَّرِي أَنَّ طِفْلًا مَرَّ فِي عَجَلٍ وَشَدَّ مِنْ كُلِّ ضَوْضَاءٍ تَلَفُّتَهُ
لَـمْ يَنْتَبِهْ لِلْوَصَايَا ضَلَّ وِجْهَتَهُ عَمْدًا وَأَخْفَى عَن العَرَّافِ حَيْرَتَهُ
وَلَامَسَ الخَوْفَ فِي كُلِّ الجِهَاتِ وَلَـمْ يَرْجِعْ مِن الخَوفِ حَتَّى ضَمَّ
وَحْشَتَهُ وَشَكَّ فِي شَكِّهِ أَنْ سَوْفَ يَقْتُلُهُ وَقَدْرَ مَا أَمْسَكَ الإِيمَانَ أَفْلَتَهُ
بَكَى كَثِيرًا وَلَـمْ تَـهْطِلْ عَلَيْهِ يَدٌ وَحِينَ غَنَّى هَـمَى جُرْحٌ وَأَسْكَتَهُ تَذَكَّرِيهِ
صَبِيًّا ظَلَّ مُحْتَرِسًا بِأُمِّهِ وَأَبًا لَـمْ يَخْذُلِ ابْنَتَهُ لَـمْ يَعْصِ وَالِدَهُ إِلَّا لِرَحْمَتِهِ
لهذه الذَّنْبُ لَوْلَا أَنَّ رَحْمَتَهُ ... تَذَكَّرِيهِ صَدِيقًا غَائِبًا نَسِيَ الطَّرِيقَ
لَكِنَّهُ لَـمْ يَنْسَ صُحْبَتَهُ وَعَاشِقًا طَائِشًا لَـمْ يَسْتَطِعْ مَعَهَا صَبْرَ النَّبِـيِّ
وَلَـمْ يَسْطِعْ نُبُوَّتَهُ أَرَادَ كُلَّ نِسَاءِ الأَرْضِ فِي امْرَأَةٍ وَلَـمْ يَـخُنْهَا
وَلَـمْ تَغْفِرْ خَطِيئَتَهُ وَشَاعِرًا رُغْمَ مَا يُخْفِيهِ مِنْ وَجَعٍ لَـمْ يُبْدِ مِنْ
دَمْعِهِ إِلَّا قَصِيدَتَهُ وَرَاحِلًا مَرَّةً أُخْرَى كَعَادَتِهِ وَعَائِدًا، لَـمْ يَعُدْ يَـحْتَاجُ عَودَتَهُ
قصيدة من أوراق العربي الأخير
أُفَكِّرُ فِي مَا مَضَى مِنْ بَقَائِيَ هَلْ كُنْتُ حَيًّا وَهَلْ كُنْتُ حَقَّا؟
تَـمُرُّ بِيَ الأُغْنِيَاتُ القَدِيـمَةُ تَلْمِسُ قَلْبِيَ شَقًّا فَشَقَّا أَرَى فِي السَّمَاءِ
جَلَالًا خَفِيًّا فَأَدْنُو إِلَى البُسَطَاءِ لِأَرْقَى وَأُمْنِيَةً لَا تَجِيءُ لِلُقْيَايَ وَحْدِيَ
أتي السَّرَابَ لِأَلْقَى شَقَائِيَ أَنْ كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ طَرَحَ العِشْقَ عَنْ كَتِفَيْهِ
لِيَشْقَى وَلَيْلِيَ أَنِّي مَعَ الذِّكْرَيَاتِ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ أُوتِيتُ بَرْقَا وَعُمْرِيَ
أَنِّي أُفِيقُ مِنَ النومِ كَيْ أَسْألَ الوَهْمَ: مَاذَا تَبَقَّى؟ فَتَاةٌ هُنَاكَ وَأُخْرَى
هُنَا وَوَرْدٌ يَجِفُّ وَآخَرُ يُسْقَى وَأُنْشُوطَةُ الصَّوْتِ تَهْتَزُّ بِي: مُخَيِّلَةُ الغَدِ
خَيْرٌ وَأَبْقَى .. مِن الرَّمْلِ وهْوَ يُعرِّي التماثيلَ أَخْرُجُ مُسْتَتِرًا بِالـمَرَايَا
مَع امْرَأَةٍ عَبَرَتْ مِنْ أَمَامِي أُسِرُّ السَّلامَ لِرَبِّ الهَدَايَا سَلَامٌ عَلَى أَوَّلِ
العَارِفِينَ سَلَامٌ عَلَى نُورِهِ فِي الحَنَايَا دَمٌ فِي عُرُوقِ الحَقِيقَةِ سَوْفَ
يُضِيءُ إِلَى أَنْ تَشِفَّ النَّوَايَا سَيَهْبِطُ شَيْطَانُ هَذِي الصَّلَاةِ وَيَصْعَدُ
إِنْسَانُ تِلْكَ الـخَطَايَا سَيَنْبُتُ فِي ضِفَّةِ السِّرِّ بَدْرٌ يُهِيلُ عَلَى الـمَاءِ طُهْرَ
العَرَايَا سَيَبْتَسِمُ الحُبُّ مِلءَ مَدَاهُ وَيَبْسُطُ هَيْبَتَهُ فِي البَرَايَا هُنالِكَ تُحمَدُ
لِلشُّهَدَاءِ جُرُوحُهُمُ وَتُذَاعُ الرَّزَايَا وَيُؤْتَى لِكُلِّ يَدٍ غِمْدُهَا وَيُفتَحُ جَهْرًا
كِتَابُ الـمَنَايَا فَخَابَ الَّذِي سَلَّهَا اليَوْمَ سَيْفًا وَفَازَ الَّذِي مَدَّهَا اليَوْمَ نَايَا
أَنَا مِنْ أُوْلَئِكَ مَنْ عَمَّدُوا دِمَاءَ السَّبَايَا بِـمَاءِ الرِّجَالْ قَتَلْتُ ابْنَتِي قَبْلَ
أَلْفَيِّ عَامٍ نَدِمْتُ وَلَكِنَّنِي لَا أَزَالْ أَنَا مِنْهُمُ كُلُّنَا قَاتِلُونَ وَلَكِنَّنَا لَا نُجِيدُ
القِتَالْ وَأَعْمَارُنَا نَفَسٌ لَا يُرَى وَأَحْلَامُنَا تَرَفٌ لَا يُطَالْ يُعَلِّمُنَا النَّخْلُ
أَنَّا كِبَارٌ فَنَدْهَسُ هَامَاتِنَا فِي الظِّلَالْ وَتُوحِي لَنَا الرِّيحُ أَنَّا تُرَابٌ فَنَهْوِي
سُجُودًا لِصُمِّ الـجِبَالْ نَـهِيمُ كَأَنَّ خُطَانَا تَقُولُ وَنَنْوِي كَأَنَّ القُلُوبَ تُقَالْ
وَمِنْ قُبَّةٍ فِي أَقَاصِي الرَّجَاءِ نَرَى وَطَنًا فِي أَقَاصِي الـمُحَالْ وَلَيْسَ لِأَنَّا
خُلِقْنَا شُتُوتًا أَطَلْنَا مَعَ اللهِ هَذَا الجِدَالْ خَطِيئَتُنَا أَنَّنَا مُؤْمِنُونَ وَلَـمَّا نُقِمْ
بَعْدُ رُكْنَ السُّؤَالْ سَنَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الـمُمْكِنَاتِ وَنَـخْتَبِرُ الـمَوْتَ قَبْلَ
الغِيَابْ وَنَعْشَقُ كُلَّ النِّسَاءِ وَيَهْجُرْنَنَا ثُمَّ يَبْغَتْنَنَا بِالعِتَابْ لِمَاذَا نُحِبُّ؟
سُؤَالٌ قَدِيمٌ وَلَكِنَّنَا لَا نَمَلُّ الجَوَابْ لِأَنَّا تَعِبْنَا نَمُوتُ انْتِظَارًا سَنَحْيَا إِذَنْ
فِي مَهَبِّ الحِرَابْ سَنَعْصِي أَبَانَا وَنَحْسِدُ إِخْوَتَنَا وَنَسُنُّ عُيُونَ الذِّئَابْ
سَنَكْذِبُ مُوسَى وَنَصْدُقُهُ حِينَ يَضْرِبُ فِرْعَوْنُ فَجَّ اليَبَابْ سَنَصْلِبُ
عِيسَى وَنَرْفَعُهُ عِنْدَ أَوَّلِ مُفْتَرَقٍ لِلْعَذَابْ سَنَحْتَزِبُ اليَوْمَ سَبْعِينَ حِزْبًا
وكُلٌّ سَيُشْهِرُ أُمَّ الكِتَابْ نَقُولُ بِأنَّا نَسِينَا الـمَفَاتِيحَ لَكِنَّهُ لَيْسَ ثَـمَّةَ بَابْ
سَنَخْرُجُ مِنْ كُلِّ هَذَا الـهَبَاءِ لِنَدْخُلَ فِي كُلِّ ذَاكَ الضَّبَابْ، لِـحَشْرَجَةٍ
خَلْفَ سُورِ الضُّلُوعِ وَلِلْقَلْبِ مُنْهَمِكًا فِي الدُّخَانْ سَلَامَانِ مِنْ قَلَقِ العَرَبِيِّ
وَمِنْ خَوْفِهِ أَنْ يَعُودَ الزَّمَانْ سَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ قَلْبُ الحُسَيْنِ فَيَفْقَؤُهُ خِنْجَرُ
الـهُرْمُزَانْ سَيُسْأَلُ كُلُّ دَمٍ عَنْ شَذَاهُ وَيُسْألُ عَمَّا رَأَى الأُقْحُوَانْ سَنَحْتَارُ
مَنْ خَانَنَا؟ وَمَتَى؟ وَلَيْسَ يُؤَرِّقُنَا كَيْفَ خَانْ؟ سَتَنْتَفِضُ اللُّغَةُ الـمُومِيَاءُ تُؤَذِّنُ
فِينَا بِـ (لَيْتَ) وَ (كَانْ) سَتَرْبَحُ خَيْلُ الشِّقَاقِ السِّبَاقَ وَيَقْتَسِمُ الخَاسِرُونَ الرِّهَانْ
وَجِيءَ بِأَرْبَابِـهِمْ أَجْمَعِينَ وَنُودِيَ أَنْ هَا هُمَا الـمَذْهَبَانْ إِلَى مَا صَنَعْتُمْ وَبِئْسَ
الـمَصِيرِ بِأَيِّ اتِّسَاعِ الرُّؤَى تَكْذِبَانْ؟ عَظِيمٌ هُوَ اللهُ لَيْسَ قَلِيلًا لِيَنْفَدَ قَبْلَ أَوَانِ الأَوَانْ
قصيدة وحيد كغيم الصيف
وحيدٌ .. كغيم الصيف .. كالروح .. كالردى .. كنجمٍ أضاع الليل
لا ضلّ .. لا اهتدى غريبٌ .. ولا ألقى من الدرب والخُطى سوى
ما يلاقيه الشهيدُ من العِدا معي في وعاء العمر سبعُ مصائبٍ
وسبعةُ أعراسٍ وأفقٌ بلا مدى وجِنّيةٌ خلف الظلام تهزّني، فلا آيةٌ تتلى
ولا الصبحُ قد بدا كأني وقد شُلَّت رؤايَ نبوءةٌ أزاحت يدٌ في الغيب
عن دربها الغَدَا كظلٍّ لشيءٍ ما يراوغُ شكلَهُ .. فيومًا يُرى في الورد
يومين في المُدى كتسبيحةٍ تقتاتُ من كفِّ ميِّتٍ .. فإن عاش ماتت
راح نبضهما سُدى فقل للتي جفَّتْ على نبع يوسفٍ: سليمانُ قد وافاك
صرحًا ممرّدا أرى لعنةً في هيأة الوقتِ تقتفي حياتي
فيمضي الصوتُ يسبقه الصدى كما قال حطابٌ لجذعٍ، تقول لي
أقول لها ما قاله العشبُ للندى بذرتُ فمَ الشكوى إلى سفح صدرِها
ولم أجنِ إلا ما على وجهها شدا: كفاكَ اغترابًا عنكَ
ها منك قد دنَتْ يدُ الله، فاستغفرْكَ عنكَ وكُنْ يدا
قصيدة المقاوم
مررتَ بما لم يرَ الآخرونْ تيقَّنتَهُ بينما يحدِسونْ تحسَّستَهُ شوكةً
شوكةً وأنفقتَ بالدمِ ما يُمسِكونْ تجرَّعتَهُ بجميعِ مراراتِهِ وتلقَّفتَ
ما يلفظونْ غصصتَ ولم ينتبه أحدٌ ونجوتَ وهم عنكَ ملتفتونْ
فما خضتَهُ كان موتَكَ أنتَ وأنتَ الذي شئتَ ألا يكونْ .. بعيدًا
عن الكلماتِ المُعادةِ قامت قيامةُ طفلٍ حزينْ لهُ قلقٌ باكرٌ كالأسامي
وليس له ساعدٌ أو جبينْ تربَّى على كنَبٍ معدنيٍّ يطلُّ على جائعٍ
وسجينْ يخططُ منذ أتى للخلاصِ ولكنَّ خطتَهُ لا تحينْ لأن الكولونيلَ
قرَّرَ أنْ تضيعَ البلادُ ويبقى الحنينْ .. تسيرُ على الزمن الدائريِّ
تؤمِّلُ في وجهةٍ لا تخونْ لعلك لا تتذكرُ بالضبطِ منذ متى والمعيشةُ
هُونْ وأنتَ بقيَّةُ من يتذكرُ ماذا على عقلهِ أن يصونْ لأن الذي قرَّحَتهُ
الحقيقةُ ليس كمنْ خدَّرَتْهُ الظنونْ عليكَ السلامةُ فافقأْ بإصبع حقِّكَ
ما تشتهي من عيونْ .. بكم روحُكَ اليومَ عبدَ المعينْ؟ بلحظةِ عزٍّ
وقبضةِ طينْ معلقةً في مهبِّ الردى كما هيَ منذُ غبارِ السنينْ ومنذ
مئات الخياناتِ قبل اتحادِ الغزاةِ مع الطارئينْ وماذا تريد لمن يخلُفونَكَ؟
طنَّ عنادٍ وصاعَ طحينْ فقط كي يقوموا على سُوقِهِمْ ويدوسوا على ابن الَّذي والَّذينْ
قصيدة بثقلك تشعر
بثقلكَ تشعرُ في كل بيتٍ تزورُ وفي كل مقهىً إليه تسيرُ أبًا فاشلًا
في الحدائقِ معتذرًا عن بطولةِ قصةِ نومْ وطالبَ علمٍ مريضَ المزاجِ
وهشّ اليقين ومنفعلًا كل يومْ بثقلكَ تشعرُ قبل المغيبِ وأنت تعيدُ إلى
جيبك الكلماتِ التي لم تقلْ مطرقًا كجفون الغريبِ تعيدُ حسابَ المسافةِ
بالكبرياءاتِ تسقطُ منكَ ومن آخرين معكْ يجيئون من آخر الحزنِ
كي يمسحوا أدمعكْ بثقلكَ تشعرُ في حلقاتِ النقاشِ يدورُ الحديثُ
المنمَّقُ حول الرؤى الفوضويَّةْ تدورُ على نفسها الأرضُ أنت
يدورُ عليكَ الصداعُ يشل اتزانكَ من بين فكيكَ يُلقي بصوتكَ
في جوف آنيةٍ خزفيَّةْ هناك توسوسُ باللحن والمفردات ظلامُ
المسرّاتِ داجٍ وشمسُ البكاءاتِ حيَّةْ بثقلكَ تشعرُ في وجه من
يتجهَّمكَ الآن هذا البعيدُ يحدِّق فيكَ وليس يراكَ كأنكما طاردٌ
وطريدُ وبين يديكَ احتكاكٌ أخير وبين يديهِ الردى والبرودُ
عليك سينقضُّ بعد قليل وليس سوى الشِّعر ركنٌ شديدُ
قصيدة في صباح الإجازة
في صباح الإجازة الخبزُ غافٍ في عيون المدينة الوقتُ خالي البال
والخمرُ في عيون الصبايا لم يزل ساخنا أطِلُّ على الطيرِ من الشرفةِ
السجينة أمشي دون رِجلين في الهواء وأنسى أنَّ قلبي معلَّقٌ بالخطايا
أيها الكوكب السعيد صباح الخير اسمي إياد عمري ثلاثون شظيَّةْ
جئتُ من أمسِ باحثًا عن غدي فيك وما زلتُ أحسب الفرق بين الخيل
والريح بين عُشٍّ وغابةْ تحت إبطي مخططاتُ ابنِ خلدون وكرتون
دون كيشوت وألغام الحداثةْ أحقن النفطَ في عروقكَ كي تُطعِمَني بعد
أن تصيرَ رغيفا أكل الليلَ منكَ تأكلُني كلَّ صباحٍ مقطَّعًا ونظيفا لم أصر
مثلك انشغلت بتقطيع كلامي لكي يكون خفيفا إنه الخوف أيها المتعالي
في سماواتِكَ الحصينة هل تَعرِفُ هذا الخوفَ الرهيبَ الذي يقطَعُ أنفاسَ
الصوتِ والصمت؟ هل تعرفهُ؟ هل تبكي بلا مقلةٍ؟ هل تتلوَّى بلا عِظام؟
وهل تلتهمُ النارَ تحت ضرسِ الظلامْ؟ نحن أبناء الخوف والليل والخيبة
والريب والسفَرْ نحن أبناء هذه الوحمةِ الحمراءِ في ساعدِ القدَرْ لفظَتْنا
الأشكالُ في كل وادٍ وقمامةْ أفحمَتْنا بلاغةُ الجنرال استَنْزَفَتْنَا معاهداتُ
الكرامةْ نَفَضَتْنَا خريطةُ العشبِ عن أكتافها ردَّنا بريدُ الأناشيد إلى مصدَرِ
الوتَرْ ما الذي في فمِ الغريق سوى الماء؟ فعُذرًا من الحقيقةِ عُذرا قل هو
الشعرُ ليس ظلًّا لعينِ الله لكنه دموعيْ الحَرَّى يا لَهُ حين تركضُ الصولجاناتُ
على ظهرِهِ ويمشي حُرَّا زلَّت الأرضُ في الرمادِ وزاد الدمُ فيها والشِّعرُ ما زال شِعرا
قصائد ديسمبر
المقاهي كما كنتُ أعرفها طاولاتٌ يحيط بها الناسُ كي لا تحيط بأحلامهم
طاولاتُ اتخاذ القرارْ لم أكن آنذاكَ أفكر فيما سأشربُ أو ما سأخبر حسناءَ
تُجلِسُ "لابتوبـها" بيننا البداياتُ ضيقةٌ دائمًا والأحاديث في الأرض باردةٌ
حين تبدو المباراةُ حاميةً في الجدارْ ولأنكِ بالبالِ فالأصلُ عندي انتظارُكِ
والأصلُ عند جميع المقاهي هو الانتظار مطرٌ منذ أمس واختناقُ الأزقَّةِ
تحت الخُطى كاختناقي بعيدًا عن البيت حيث تحدِّق بي القبعاتُ ويُبعدني
حارسٌ همجيٌّ عن العالم المتحضِّرِ ثم ألملم وجهي من الطرقات وألقيهِ
في سلة المهملاتْ لإعادةِ تدويرِهِ ثم إنتاجِهِ بعد نزع الملوحةِ عنه على
هيئة الكلماتْ المظلةُ شاسعةٌ كالسماءْ عندما يُنبِت اللهُ ريحانةً في العراءْ
أتنفسُها دون أي عناءْ شاردًا فيكِ أفركُ كفيَّ من شدة البردِ أو شدة
الارتباك لا أرى البيت رغم وصولي إليه فهل كان بيتي هنا أم هناكْ؟
لا أرى البيت لكنني في طريقي إلى البيتِ حتمًا لأني أراكْ سنمرُّ
ببعض المحطاتِ قبل بلوغ الحقيقةْ نستقل القطار الأخير إليها نراها
تنام بعمقٍ على مقعدٍ خارج العربات الأنيقةْ وأخيرًا وصلنا سألنا
المحطةَ عنها فقالت لنا: غادرَتْ قبلكم بدقيقةْ
قصيدة طللية أخيرة للمغني
الـمَجَازَاتُ كُلُّهَا لَا تَقُولُ وَالكِنَايَاتُ هَاجِسٌ مُسْتَحِيلُ آيَةُ الشِّعْرِ
أَنْ أُحَدِّقَ حَتَّى يَعْتَرِيـنِـي مِنَ الذُّهُولِ ذُهُولُ قَاتِمٌ ضَوْءُ فِكْرَتِي
وَكَثِيفٌ كَدِمَاءٍ عَلَى الدِّمَاءِ تَسِيلُ لُغَتِـي مَا تَشَاءُ (بَغْدَادُ) لَكِنَّ
الأَنَاشِيدَ مَا يَشَاءُ (الـمَغُولُ) كُلَّمَا صُغْتُ غَيْمَةً قَالَـهَا الطُّوفَانُ
عَنِّي وَلَـمْ تَقُلْهَا الـحُقُولُ الأَنَاشِيدُ قَرْيَةٌ فَجْأَةً تُـمْحَى عَنِ الأَرْضِ
وَاغْتِرَابٌ يَطُولُ رُضَّعٌ فِي صَدَى البُكَاءِ يُدِيرُونَ الـمَدَى
نَحْوَ جُوعِهِمْ .. فَيَمِيلُ عَاشِقٌ قَلْبُهُ يَفِيضُ عَنِ الحُبِّ وَيَكْفِي
لِـخَيْبَةٍ لَا تَزُولُ وَنَبِـيٌّ مُزَمَّلٌ وَرُؤَاهُ وَابْتِهَالَاتُهُ وَقَوْلٌ ثقيلُ
لَيْسَ بَيْنَ الضُّلُوعِ غَيْرُ لَـهِيبٍ ذَابَ فِيهِ الكَلَامُ وَالتَّأْوِيلُ
لَيْسَ لِلشَّاعِرِ الغَرِيبِ مَلَاذٌ يَعْمُرُ الأَرْضَ قَاتِلٌ وَقَتِيلُ
قصيدة سامحتني قبل أخطائي
سامحتِني قبل أخطائي فلم أخَفِ .. على سمائي وقد أشرقْتِ في
صُحُفي عيسايَ في المهد لم ينطقْ ومريمُكِ العذراء مصلوبةٌ في
نخلةِ الشرَفِ موسايَ فرَّ من التابوت قلبُكِ في إثرِ الرسائل لم
يفرغْ من التَّلفِ والآدميُّ أنا لم أنتسبْ لأبي إلا لتستأثري بالإثمِ
والأسَفِ والآدميُّ أنا إمَّا كشفتِ ليَ الأسماء ما زلتُ تمثالًا من
الخزَفِ والآدميُّ أنا لو أنَّ لي لغتي بدأتُ من حرفِ أمِّي لا من
الألِفِ والآدميُّ أنا أنثايَ بنتُ دمي وفي دمائكِ تطوافي ومعتكَفي
ركضتُ عنكِ بعيدًا؟ ربما خجلًا أنا الذي بِسِوَى عينيك لم أقِفِ
قصيدة لأنها البرد والشباك
لأنَّها البَرْدُ والشُّبَّاكُ والجسَدُ الـمُلقَى على لهَبِ الأنْفاسِ واللَّهَبُ إذا شَكوتُ لهَا
الحُمَّى التي وهَبَتْ فإنَّما أحمدُ الدِّفءَ الذي تَهبُ بي أُمَّةٌ من ضحايا حُسنِ طلعَتِها
وعاشقًا عاشقًا في بابِها صُلِبُوا تغيبُ كلُّ أبٍ طفلٌ يصيحُ بها وكلُّ طفلٍ يتيمٍ ثاكلٌ
وأبُ وحين ترجِعُ لا يدرونَ كم ذهبَتْ عنهم فما رجعوا عنها ولا ذهبوا وعندما
ضيَّعَتْنِي كِدتُ أبلُغُها وعندما حِدتُ عنها كنتُ أقتَرِبُ لأنها الآخِرُ الـمُفضي لأوَّلِهِ
أسعى إليها وأقصى غايتِي التعَبُ الـمَرأةُ الحدُّ بين الأزرَقَينِ إذا زجاجةٌ أزرَقَاهَا
الكَشْفُ والرِّيَبُ على الحيادِ من المعنى وأوجههِ تشِفُّ حتى يُجَلِّي ماؤها العِنَبُ
والشِّعْرُ مِن غرَقِي فيها إلى ظَمَئي لها مسافةُ ما تُمحى وتنكَتِبُ محجوبةٌ عن
ضلوعٍ دونهنَّ جرى قلبي إليها بما لا تشتهي الحُجُبُ المرأةُ الوعْدُ حسبي مِن
غَدِي امرأَةٌ وعْدٌ أطيلُ بها عُمْرِي وأقتَضِبُ باقٍ لأفنيَ أسبابَ الحياةِ لَهَا
وأفنيَ الروحَ لو روحِي لها سبَبُ وما بقائيَ في دنيا تؤجِّلُها
إلا رحيلي الذي ما زِلتُ أرتقِبُ