أجمل قصائد ابن زيدون مكتوبة

  • تاريخ النشر: الخميس، 22 فبراير 2024
مقالات ذات صلة
أجمل قصائد ابن حزم الأندلسي مكتوبة كاملة
أجمل قصائد ابن قلاقس الإسكندري مكتوبة كاملة
أجمل قصائد ابن حجر العسقلاني مكتوبة كاملة

قصائد ابن زيدون هي للشاعر للأندلسي والكاتب أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي القرشي والمعروف بـاسم "ابن زيدون" والذي عُرف ببلاغة شعره وهو القائل "والله لا علقت نفسي بغيركم، ولا اتخذت سواكم منكم بدلا".

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

في هذا المقال نأخذك في جولة شعرية مع أجمل قصائد ابن زيدون مكتوبة كاملة.

قصيدة هواي وإن تناءت عنك داري

قصيدة هواي وإن تناءت عنك داري، من أجمل قصائد ابن زيدون وتقول:

هَوايَ وَإِن تَناءَت عَنكَ داري، كَمِثلِ هَوايَ في حالِ الجِوارِ

مُقيمٌ لا تُغَيِّرُهُ عَوادٍ، تُباعِدُ بَينَ أَحيانِ المَزارِ

رَأَيتُكَ قُلتَ إِنَّ الوَصلَ بَدرٌ، مَتى خَلَتِ البُدورُ مِنَ السِرارِ

وَرابَكَ أَنَّني جَلدٌ صَبورٌ، وَكَم صَبرٍ يَكونُ عَنِ اِصطِبارِ

وَلَم أَهجُر لِعَتبٍ غَيرَ أَنّي، أَضَرَّت بي مُعاقَرَةُ العُقارِ

وَأَنَّ الخَمرَ لَيسَ لَها خُمارٌ، تُبَرَّحُ بي فَكَيفَ مَعَ الخُمارِ

وَهَل أَنسى لَدَيكَ نَعيمَ عَيشٍ، كَوَشيِ الخَدِّ طُرِّزَ بِالعِذارِ

وَساعاتٍ يَجولُ اللَهوُ فيها، مَجالَ الطَلِّ في حَدَقِ البَهارِ

وَإِن يَكُ قَرَّ عَنكَ اليَومَ جِسمي، فُديتَ فَما لِقَلبِيَ مِن قَرارِ

وَكُنتَ عَلى البِعادِ أَجَلَّ عِلقٍ، لَدَيَّ فَكَيفَ إِذ أَصبَحتَ جاري

قصيدة أيها الظافر أبشر بالظفر

قصيدة أيها الظافر أبشر بالظفر هي أيضاً، من أجمل وأشهر قصائد ابن زيدون:

أَيُّها الظافِرُ أَبشِر بِالظَفَر وَاِجتَلِ التَأييدَ في أَبهى الصوَّر

وَتَفَيَّأَ ظِلَّ سَعدٍ تَجتَني فيهِ مِن غَرسِ المُنى أَحلى الثَمَر

وَرِدِ الصُبحَ فَكَم مُستَوحِشٍ غَرِضٍ مِنكَ إِلى أُنُسِ الصَدَر

كانَ مِن قُربِكَ في عَيشٍ نَدٍ عَطِرِ الآصالِ وَضّاحِ البُكَر

كُلَّما شاءَ تأتي أَن يَرى خُلُقَ البِرجيسِ في خَلقِ القَمَر

فَثَوى دونَكَ مَثوى قَلِقٍ يَشتَكي مِن لَيلِهِ مَطلَ السَحَر

قُل لِساقينا يَحُز أَكؤُسَهُ وَلِشادينا يَصِل قَطعَ الوَتَر

حَسبُنا سُكرٌ جَنَتهُ ذِكَرٌ دونَهُ السُكرُ الَّذي يَجني السَكَر

لَم يُغادِر لي سَقامي جَلَد اًمَعَ أَنّي لَم أَزَل ثَبتَ المِرَر

أَيُّها الماشي البَرازَ المُنبَري لِزَماني إِن مَشى نَحوي الخَمَر

وَالَّذي إِن سيمَ ما فَوقَ الرِضى وُجِدَ الأَلوى البَعيدَ المُستَمَرّ

وَإِذا أَعتَبَ في مَعتَبَةٍ لانَ مِنهُ جانِبُ السَمحِ اليَسَر

نَظمِيَ المُهدى إِلى أَبرَعِ من نظم السِحرَ بَياناً أَو نَثَر

لي فيهِ المَثَلُ السائِرُ عَن جالِبِ التَمرِ إِلى أَرضِ هَجَر

غَيرَ أَنَّ العُذرَ رَسمٌ واضِحٌ تُنفَثُ الشَكوى إِذا الشَوقُ صَدَر

ثُمَّ قَد وُفِّقَ عَبدٌ عَظُمَت نِعمَةُ المَولى عَلَيهِ فَشَكَر

لا عَدا حَظَّكَ إِقبالٌ تُرى قاضِياً أَثناءَهُ كُلَّ وَطَر

وَاِصطَبِح كَأسَ الرِضى مِن مَلِكٍ سِرتَ في إِرضائِهِ أَزكى السِيَر

حينَ صَمَّمتَ إِلى أَعدائِهِ فَاِنتَحَتهُم مِنكَ صَمّاءُ الغِيَر

فاضَ غَمرٌ لِلنَدى مِن فَوقِهِ مكانَ يُروي شُربَهُم مِنهُ الغُمَر

سَبَقَ الناسَ فَصَلّى مِنكَ مَن إِن رَأى آثارَهُ الزُهرَ اِقتَفَر

زِنتُما الأَيّامَ إِذ مُلكُكُما سالَ في أَوجُهِها سَيلَ الغُرَر

فأبقيا في دَولَةٍ قادِرَةٍ بَعضُ حُرّاسِ نَواحيها القَدَر

مُستَذِلَّي مَن طَغى مُستَأصِلَي شَأفَةَ الباغي مُقيلَي مَن عَثَر

عَلِّمي مَن ضَلَّ مُزنَي مَن شَكا خَلَّةَ الإِمحالِ بَدرَي مَن نَظَر

تَضحَكُ الأَزمُنُ عَن عَليا كُما ضَحِكَ الرَوضَةِ عَن ثَغرِ الزَهَر

قصيدة أفاض سماحك بحر الندى

أَفاضَ سَماحُكَ بَحرَ النَدى
وَأَقبَسَ هَديُكَ نورَ الهُدى
وَرَدَّ الشَبابَ اِعتِلاقُكَ بَعدَ
مُفارَقَتي ظِلَّهُ الأَبرَدا
وَما زالَ رَأيُكَ فِيَّ الجَميلَ
يُفَتِّحُ لي الأَمَلَ الموصَدا
وَحَسبِيَ مِن خالِدِ الفَخرِ أَن
رَضيتَ قُبوليَ مُستَعبَدا
وَيا فَرطَ بَأوي إِذا ما طَلَعتَ
فَقُمتُ أُقَبِّلُ تِلكَ اليَدا
وَرَدَّدتُ لَحظِيَ في غُرَّةٍ
إِذا اِجتُلِيَت شَفَتِ الأَرمَدا
وَطاعَةُ أَمرِكَ فَرضٌ أَراهُ 
مِن كُلِّ مُفتَرَضٍ أَوكَدا
هِيَ الشَرعُ أَصبَحَ دينَ الضَميرِ
فَلَو قَد عَصاكَ فَقَد أَلحَدا
وَحاشايَ مِن أَن أَضِلَّ الصِراطَ
فَيَعدونِيَ الكُفرُ عَمّا بَدا
وَأُخلِفَ مَوعِدَ مِن لا أَرى
لِدَهرِيَ إِلّا بِهِ مَوعِدا
أَتاني عِتابٌ مَتى أَدَّكِرهُ 
في نَشَواتِ الكَرى أَسهَدا
وَإِن كانَ أَعقَبَهُ ما اِقتَضى
شِفاءَ السِقامِ وَنَقعَ الصَدى
ثَناءٌ ثَنى في سَناءِ المَحَلِّ 
زُهرَ الكَواكِبِ لي حُسَّدا
قَريضٌ مَتى أَبغِ لِلقَرضِ مِنهُ
أَداءً أَجِد شَأوَهُ أَبعَدا
لَوِ الشَمسُ مِن نَظمِهِ حُلِّيَت
أَوِ البَدرُ قامَ لَهُ مُنشِدا
لَضاعَفَ مِن شَرَفِ النَيِّرَينِ 
حَظّاً بِهِ قارَنَ الأَسعُدا
فَدَيتُكَ مَولىً إِذا ما عَثَرتُ
أَقالَ وَمَهما أَزِغ أُرشَدا
رَكَنتُ إِلى كَرَمِ الصَفحِ مِنهُ
فَآمَنَني ذاكَ أَن يَحقِدا
وَآنَستُ سوقَ اِحتِمالٍ أبي
لِمُستَبضِعِ العُذرِ أَن يُكسِدا
شَفيعي إِلَيهِ هَوى مُخلِصٍ
كَما أَخلَصَ السابِكُ العَسجَدا
وَمِن وُصَلي هِجرَةٌ لا أَعُدُّ
لِحالي سِوى يَومِها مَولِدا
وَنُعمى تَفَيَّأتُها أَيكَةً
فَشُكري حَمامٌ بِها غَرَّدا
تَبارَكَ مَن جَمَعَ الخَيرَ فيكَ
وَأَشعَرَكَ الخُلُقَ الأَمجَدا
مَضاءُ الجَنانِ وَظَرفُ اللِسانِ
وَجودُ البَنانِ بِسَكبِ الجَدا
رَأى شيمَتَيكَ لِما تَستَحِقُّ
وَقَفّى فَأَظفَرَ إِذ أَيَّدا
لِيَهنِكَ أَنَّكَ أَزكى المُلوكِ
بِفَيءٍ وَأَشرَفُهُم سؤددا
سِوى ناجِلٍ لَكَ سامي الهُمومِ 
داني الفَواضِلِ نائي المَدى
هُمامٌ أَغَرُّ رَوَيتَ الفَخارَ
حَديثاً إِلى سَروِهِ مُسنَدا
سَلَكتَ إِلى المَجدِ مِنهاجَهُ
فَقَد طابَقَ الأَطرَفُ الأَتلَدا
هُوَ اللَيثُ قَلَّدَ مِنكَ النِجادَ
لِيَومِ الوَغى شِبلَهُ الأَنجَدا
يُعِدُّكَ صارِمَ عَزمٍ وَرَأيٍ
فَتُرضيهِ جُرِّدَ أَو أُغمِدا
وَما اِستَبهَمَ القُفلُ في الحادِثاتِ
إِلّا رَآكَ لَهُ مِقلَدا
فَأَمطاكَ مِنكَبَ طَرفِ النُجومِ
وَأَوطَأَ أَخمَصَكَ الفَرقَدا
فَلا زِلتُما يَرفَعُ الأَولِياء
مُلكُكُما وَيَحُطُّ العِدا
وَنَفسي لِنَفسَيكُما البِرَّتَينِ 
مِن كُلِّ ما يُتَوَقّى الفِدا
فَمَن قالَ أَن لَستُما أَوحَدَينِ 
في الصالِحاتِ فَما وَحَّدا

قصيدة هو الدهر فاصبر للذي أحدث الدهر

هُوَ الدَهرُ فَاصبِر لِلَّذي أَحدَثَ الدَهرُ

فَمِن شِيَمِ الأَبرارِ في مِثلِها الصَبرُ

سَتَصبِرُ صَبرَ اليَأسِ أَو صَبرَ حِسبَةٍ

فَلا تُؤثِرِ الوَجهَ الَّذي مَعَهُ الوِزرُ

حِذارَكَ مِن أَن يُعقِبَ الرُزءُ فِتنَةً

يَضيقُ لَها عَن مِثلِ إيمانِكَ العُذرُ

إِذا آسَفَ الثُكلُ اللَبيبَ فَشَفَّهُ

رَأى أَفدَحَ الثَكلَينِ أَن يَهلِكَ الأَجرُ

مُصابُ الَّذي يَأسى بِمَيتِ ثَوابِهِ

هُوَ البَرحُ لا المَيتُ الَّذي أَحرَزَ القَبرُ

حَياةَ الوَرى نَهجٌ إِلى المَوتِ مَهيَعٌ

لَهُم فيهِ إيضاعٌ كَما يوضِعُ السَفرُ

فَيا هادِيَ المِنهاجِ جُرتَ فَإِنَّما

هُوَ الفَجرُ يَهديكَ الصِراطَ أَوِ البَجرُ

إِذا المَوتُ أَضحى قَصرَ كُلِّ مُعَمِّرٍ

فَإِنَّ سَواءً طالَ أَو قَصُرَ العُمرُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الدينَ ضيمَ ذِمارُهُ

فَلَم يُغنِ أَنصارٌ عَديدُهُمُ دَثرُ

بِحَيثُ استَقَلَّ المُلكُ ثانِيَ عِطفِهِ

وَجَرَّرَ مِن أَذيالِهِ العَسكَرُ المَجرُ

هُوَ الضَيمُ لَو غَيرُ القَضاءِ يَرومُهُ

ثَناهُ المَرامُ الصَعبُ وَالمَسلَكُ الوَعرُ

إِذا عَثَرَت جُردُ العَناجيجِ في القَنا

بِلَيلٍ عَجاجٍ لَيسَ يَصدَعُهُ فَجرُ

أَأَنفَسَ نَفسٍ في الوَرى أَقصَدَ الرَدى

وَأَخطَرَ عِلقٍ لِلهُدى أَفقَدَ الدَهرُ

أَعَبّادُ يا أَوفى المُلوكِ لَقَد عَدا

عَلَيكَ زَمانٌ مِن سَجِيَّتِهِ الغَدرُ

فَهَلّا عَداهُ أَنَّ عَلياكَ حَليُهُ

وَذِكرُكَ في أَردانِ أَيّامِهِ عِطرُ

غُشيتَ فَلَم تَغشَ الطِرادَ سَوابِحٌ

وَلا جُرِّدَت بيضٌ وَلا أُشرِعَت سُمرُ

وَلا ثَنَتِ المَحذورَ عَنكَ جَلالَةٌ

وَلا غُرَرٌ ثَبتٌ وَلا نائِلٌ غَمرُ

لَئِن كانَ بَطنُ الأَرضِ هُيِّئَ أُنسُهُ

بِأَنَّكَ ثاوية لَقَد أَوحَشَ الظَهرُ

لَعَمرُ البُرودِ البيضِ في ذَلِكَ الثَرى

لَقَد أُدرِجَت أَثناءَها النِعَمُ الخُضرُ

عَلَيكَ مِنَ اللَهِ السَلامُ تَحِيَّةً

يُنَسِّمُكَ الغُفرانَ رَيحانُها النَضرُ

وَعاهَدَ ذاكَ اللَحدَ عَهدُ سَحائِبٍ

إِذا اِستَعبَرَت في تُربِهِ اِبتَسَمَ الزَهرُ

فَفيهِ عَلاءٌ لا يسامى يَفاعُهُ

وَقَدرُ شَبابٍ لَيسَ يَعدِلُهُ قَدرُ

وَأَبيَضَ في طَيِّ الصَفيحِ كَأَنَّهُ

صَفيحَةُ مَأثورٍ طَلاقَتُهُ الأَثرُ

كَأَن لَم تَسِر حُمرُ المَنايا تُظِلُّها

إِلى مُهَجِ الأَقيالِ راياتُهُ الحُمرُ

وَلَم يَحمِ مِن أَن يُستَباحَ حِمى الهُدى

فَلَم يُرضِهِ إِلّا أَنِ ارتُجِعَ الثَغرُ

وَلَم يَنتَجِعهُ المُعتَفونَ فَأَقبَلَت

عَطايا كَما والى شَآبيبَهُ القَطرُ

وَلَم تَكتَنِف آراؤهُ المعية

كَأَنَّ نَجِيَّ الغَيبِ في رَأيِها جَهرُ

وَلَم يَتَشَذَّر لِلأُمورِ مُجَلِّياً

إِلَيها كَما جَلّى مِنَ المَرقَبِ الصَقرُ

كِلا لَقَبَي سُلطانِهِ صَحَّ فَألُهُ

فَباكَرَهُ عَضدٌ وَراوَحَهُ نَصرُ

إِلى أَن دَعاهُ يَومُهُ فَأَجابَهُ

وَقَد قَدَمَ المَعروفُ وَاِستَمجَدَ الذُخرُ

فَأَمسى ثَبيرٌ قَد تَصَدّى لِحَملِهِ

سَريرٌ فَلَم يَبهَضهُ مِن هَضبِهِ إِصرُ

أَلا أَيُّها المَولى الوَصولُ عَبيدَهُ

لَقَد رابَنا أَن يَتلُوَ الصِلَةَ الهَجرُ

نُغاديكَ داعينا السَلامُ كَعَهدِنا

فَما يُسمَعُ الداعي وَلا يُرفَعُ السِترُ

أَعَتبٌ عَلَينا ذادَ عَن ذَلِكَ الرِضى

فَنُعتَبَ أَم بِالمَسمَعِ المُعتَلي وَقرُ

أَما أنه شُغلٌ فَراغُكَ بَعدَهُ

سَيَنصاتُ إِلّا أَنَّ مَوعِدَهُ الحَشرُ

أَأَنساكَ لَمّا يَنأَ عَهدٌ وَلو نَأى

سَجيسَ اللَيالي لَم يَرِم نَفسِيَ الذِكرُ

وَكَيفَ بِنِسيانٍ وَقَد مَلَأَت يَدي

جِسامُ أَيادٍ مِنكَ أَيسَرُها الوَفرُ

لَئِن كُنتُ لَم أَشكُر لَكَ المِنَنَ الَّتي

تَمَلَّيتُها تَترى لَأَوبَقَني الكُفرُ

فَهَل عَلِمَ الشِلوُ المُقَدَّسُ أَنَّني

مُسَوِّغُ حالٍ ضَلَّ في كُنهِها الفِكرُ

وَأَنَّ مَتابي لَم يُضِعهُ مُحَمَّدٌ

خَليفَتُكَ العَدلُ الرِضى وَابنُكَ البَرُّ

هُوَ الظافِرُ الأَعلى المُؤَيَّدُ بِالَّذي

لَهُ في الَّذي وَلّاهُ مِن صُنعِهِ سِرُّ

رَأى في اِختِصاصي ما رأيت وَزادَني

مَزِيَّةَ زُلفى مِن نَتائِجِها الفَخرُ

وَأَرغَمَ في بِرّي أُنوفَ عِصابَةٍ

لِقاؤُهُمُ جَهمٌ وَلَحظُهُمُ شَزرُ

إِذا ما اِستَوى في الدَستِ عاقِدَ حَبوَةٍ

وَقامَ سِماطاً حَفلِهِ فَلِيَ الصَدرُ

وَفي نَفسِهِ العَلياءَ لي مُتَبَوَّأٌ

يُنافِسُني فيهِ السِماكانِ وَالنَسرُ

يُطيلُ العِدا فِيَّ التَناجِيَ خُفيَةً

يَقولونَ لاتَستَفتِ قَد قُضِيَ الأَمرُ

مَضى نَفثُهُم في عُقدَةِ السَعيِ ضَلَّةً

فَعادَ عَلَيهِم غُمَّةً ذَلِكَ السِحرُ

يَشِبَّ مَكاني عَن تَوَقّي مَكانِهِم

كَما شَبَّ قَبلَ اليَومِ عَن طَوقِهِ عَمرُ

لَكَ الخَيرُ إِنَّ الرُزءَ كانَ غيابه

طَلَعَت لَنا فيها كَما طَلَعَ البَدرُ

فَقَرَّت عُيونٌ كانَ أَسخَنَها البُكا

وَقَرَّت قُلوبٌ كانَ زَلزَلَها الذُعرُ

وَلَولاكَ أَعيا رَأيُنا ذَلِكَ الثَأيُ

وَعَزَّ فَلَمّا يَنتَعِش ذَلِكَ العَثرُ

وَلَمّا قَدَمتَ الجَيشَ بِالأَمسِ أَشرَقَت

إِلَيكَ مِنَ الآمالِ آفاقُها الغُبرُ

فَقَضَيتِ مِن فَرضِ الصَلاةِ لُبانَةً

مُشَيِّعُها نُسكٌ وَفارِطُها طُهرُ

وَمَن قَبلُ ما قَدَّمتَ مَثنى نَوافِلٍ

يُلاقي بِها مَن صامَ مِن عَوَزٍ فِطرُ

وَرُحتَ إِلى القَصرِ الَّذي غَضَّ طَرفَهُ

بُعَيدَ التَسامي أَن غَدا غَيرَهُ القَصرُ

فَداما مَعاً في خَيرِ دَهرٍ صُروفُهُ

حَرامٌ عَلَيها أَن يَطورَهُما هَجرُ

وَأَجمِل عَنِ الثاوي العَزاءَ فَإِن ثَوى

فَإِنَّكَ لا ألواني وَلا الضَرَعُ الغُمرُ

وَما أَعطَتِ السَبعونَ قَبلُ أُولي الحِجى

مِنَ الإِربِ ما أَعطَتكَ عَشروكَ وَالعُشرُ

أَلَستَ الَّذي إِن ضاقَ ذَرعٌ بِحادِثٍ

تَبَلَّجَ مِنهُ الوَجهُ وَاِتَّسَعَ الصَدرُ

فَلا تَهِضِ الدُنيا جَناحَكَ بَعدَهُ

فَمِنكَ لِمَن هاضَت نَوائِبُها جَبرُ

وَلا زِلتَ مَوفورَ العَديدِ بِقُرَّةٍ

لِعَينَيكَ مَشدوداً بِهِم ذَلِكَ الأَزرُ

فَإِنَّكَ شَمسٌ في سَماءِ رِياسَةٍ

تَطَلَّعُ مِنهُم حَولَها أَنجُمٌ زُهرُ

شَكَكنا فَلَم نُثبِت أيام دَهرِنا

بِها وَسَنٌ أَم هَزَّ أَعطافَها سُكرُ

وَما إِن تَغَشَّتها مُغازَلَةُ الكَرى

وَما إِن تَمَشَّت في مَفاصِلِها خَمرُ

سِوى نَشَواتٍ مِن سَجايا مُمَلَّكٍ

يُصَدِّقُ في عَليائِها الخَبَرَ الخُبرُ

أَرى الدَهرَ أن يَبطِش فَأَنتَ يَمينُهُ

وَإِن تَضحَكِ الدُنيا فَأَنتَ لَها ثَغرُ

وَكَم سائِلٍ بِالغَيثِ عَنكَ أَجَبتَهُ

هُناكَ الأَيادي الشَفعُ وَالسُؤدَدُ الوِترُ

هُناكَ التُقى وَالعِلمُ وَالحِلمُ وَالنُهى

وَبَذلُ اللُها وَالبَأسُ وَالنَظمُ وَالنَثرُ

هُمامٌ إِذا لاقى المُناجِزَ رَدَّهُ

وَإِقبالُهُ خَطوٌ وَإِدبارُهُ حُضرُ

مَحاسِنُ ما للروض خامَرَهُ النَدى

رُواءٌ إِذا نُصَّت حُلاها وَلا نَشرُ

مَتى انتُشِقَت لَم تُطرِ دارينُ مِسكِها

حَياءً وَلَم يَفخَر بِعَنبَرِهِ الشَحرُ

عَطاءٌ وَلا مَنٌّ وَحُكمٌ وَلا هَوىً

وَحِلمٌ وَلا عَجزٌ وَعِزٌّ وَلا كِبرُ

قَدِ اِستَوفَتِ النَعماءُ فيكَ تَمامَها

عَلَينا فَمِنّا الحَمدُ لِلَّهِ وَالشُكرُ

قصيدة أقدم كما قدم الربيع الباكر

أَقدِم كَما قَدِمَ الرَبيعُ الباكِرُ

وَاِطلُع كَما طَلَعَ الصَباحُ الزاهِرُ

قَسَماً لَقَد وَفّى المُنى وَنَفى الأَسى

مَن أَقدَمَ البُشرى بِأَنَّكَ صادِرُ

لِيُسَرَّ مُكتَئِبٌ وَيُغفِيَ ساهِرٌ

وَيَراحَ مُرتَقِبٌ وَيوفِيَ ناذِرُ

قَفَلٌ وَإِبلالٌ عَقيبَ مُطيفَةٍ

غَشِيَت كَما غَشِيَ السَبيلَ العابِرُ

إِن أَعنَتَ الجِسمَ المُكَرَّمَ وَعكُها

فَلَرُبَّما وُعِكَ الهِزَبرُ الخادِرُ

ما كانَ إِلّا كَاِنجِلاءِ غيابه

لَبِسَ الفِرَندَ بِها الحُسامُ الباتِرُ

فَلتَغدُ أَلسِنَةُ الأَنامِ وَدَأبُها

شُكرٌ يُجاذِبُهُ الخَطيبَ الشاعِرُ

إِن كانَ أَسعَدَ مِن وُصولِكَ طالِعٌ

فَكَذاكَ أَيمَنَ مِن قُفولِكَ طائِرُ

أَضحى الزَمانُ نَهارُهُ كافورَةٌ

وَاللَيلُ مِسكٌ مِن خِلالِكَ عاطِرُ

قَد كانَ هَجري الشِعرَ قَبلُ صَريمَةً

حَذَري لِذاكَ النَقدُ فيها عاذِرُ

حَتّى إِذا آنَستُ أَوبَكَ بارِئاً

صَفَتِ القَريحَةُ وَاِستَنارَ الخاطِرُ

عَيٌّ قَلَبتَ إِلى البَلاغَةِ عِيَّهُ

لَولا تُقاكَ لَقُلتُ إِنَّكَ ساحِرُ

لَقَّحتَ ذِهني فَاِجنِ غَضَّ ثِمارِهِ

فَالنَخلُ يُحرِزُ مُجتَناهُ الآبِرُ

كَم قَد شَكَرتُكَ غِبَّ ذِكرِكَ فَاِنتَشى

مُتَذَكِّرٌ مِنّي وَغَرَّدَ شاكِرُ

يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي عَلياؤُهُ

مَثَلٌ تَناقَلُهُ اللَيالي سائِرُ

يا مَن لِبَرقِ البِشرِ مِنهُ تَهَلُّلٌ

ما شيمَ إِلّا اِنهَلَّ جودٌ هامِرُ

أَنتَ اِبنُ مَن مَجدَ المُلوكَ فَإِن يَكُن

لِلمَجدِ عَينٌ فَهُوَ مِنها ناظِرُ

مَلِكٌ أَغَرُّ اِزدانَتِ الدُنيا بِهِ

وَأَعَزَّ دينَ اللَهِ مِنهُ ناصِرُ

أَبناكَ في ثَبَجِ المَجَرَّةِ قُبَّةً

فَهَناكَ أَنَّكَ لِلنُجومِ مُخاصِرُ

وَتَلَقَّ مِن سِمَتَيكَ صِدقَ تَفاؤُلي

فَهُما المُؤَيَّدُ بِالإِلَهِ الظافِرُ

قصيدة أعجب لحال السرو كيف تحال

أعجب لِحالِ السَروِ كَيفَ تُحالُ وَلِدَولَةِ العَلياءِ كَيفَ تُدالُ

لا تَفسَحَن لِلنَفسِ في شَأوِ المُنى، إِنَّ اِغتِرارَكَ بِالمُنى لَضَلالُ

ما أَمتَعَ الآمالَ لَولا أَنَّها، تَعتاقُ دونَ بُلوغِها الآجالُ

مَن سُرَّ لَمّا عاشَ قَلَّ مَتاعُهُ، فَالعَيشُ نَومٌ وَالسُرورُ خَيالُ

في كُلِّ يَمٍ نُنتَحى بِرَزِيَّةٍ، لِلأَرضِ مِن بُرحائِها زِلزالُ

إِن يَنكَدِر بِالأَمسِ نَجمٌ ثاقِبٌ، فَاليَومَ أَقلَعَ عارِضٌ هَطّالُ

إِنَّ النَعِيَّ لَجَهوَرٍ وَمُحَمَّدٍ، أَبكى الغَمامَ فدمعة مُنثالُ

شَكلانِ إِن حُمَّ الحَمامُ تَجاذَبا، لا غَروَ أَن تَتَجاذَبَ الأَشكالُ

وَلّى أَبو بَكرٍ فَراعَ لَهُ الوَرى، هَولٌ تَقاصَرَ دونَهُ الأَهوالُ

قَمَرٌ هَوى في التُربِ تُحثى فَوقَهُ، لِلَّهِ ما حازَ الثَرى المُنهالُ

قَد قُلتُ إِذ قيلَ السَريرُ يُقِلُّهُ، هَل لِلسَريرِ بِقَدرِهِ اِستِقلالُ

الآنَ بَيَّنَ لِلعُقولِ زَوالُهُ، أَنَّ الجِبالُ قُصارُهُنَّ زَوالُ

ما أَقبَحَ الدُنيا خِلافَ مُوَدَّعٍ، غَنِيَت بِهِ في حُسنِها تَختالُ

يا قَبرَهُ العَطِرَ الثَرى لا يَبعَدَن، حُلوٌ مِنَ الفِتيانِ فيكَ حَلالُ

ما أَنتَ إِلّا الجَفنُ أَصبَحَ طَيَّهُ، نَصلٌ عَلَيهِ مِنَ الشَبابِ صِقالُ

فَهُناكَ نَفّاحُ الشَمائِلِ مِثلَما، طَرَقَت بِأَنفاسِ الرِياضِ شَمالُ

دانٍ مِنَ الخُلُقِ المُزَيّنِ نازِحٌ، عَن كُلِّ ما فيهِ عَلَيهِ مَقالُ

شِيَمٌ يُنافِسُ حُسنَها إِحسانُها، كَالراحِ نافَسَ طَعمَها الجِريالُ

يا مَن شَأى الأَمثالُ مِنهُ واحِدٌ، ضُرِبَت بِهِ في السؤدد الأَمثالُ

نَقَصَت حَياتُكَ حينَ فَضلُكَ كامِلٌ، هَلا اِستُضيفَ إِلى الكَمالِ كَمالُ

وُدِّعتَ عَن عُمُرٍ عَمَرتَ قَصيرَهُ، بِمَكارِمٍ أَعمارُهُنَّ طِوالُ

مَن للندى إِذا تَنازَعَ أَهلُهُ، فَاِستَجهَلَت حُلَماءَهُ الجُهّالُ

لَو كُنتَ شاهِدَهُم لَقَلَّ مِراؤُهُم، لِأَغَرَّ فيهِ مَعَ الفَتاءِ جَلالُ

مَن لِلعُلومِ فَقَد هَوى العَلَمُ الَّذي وُسِمَت بِهِ أَنواعُها الأَغفالُ

مَن لِلقَضاءِ يَعِزُّ في أَثنائِهِ، إيضاحُ مُظلِمَةٍ لَها إِشكالُ

مَن لِليَتيمِ تَتابَعَت أَرزاؤُهُ، هَلَكَ الأَبُ الحاني وَضاعَ المالُ

أَعزِز بِأَن يَنعاكَ نَعيَ شَماتَةٍ، لِلأَولِياءِ المَعشَرُ الأَقتالُ

فُجِعَت رَحى الإِسلامِ مِنكَ بِقُطبِها، لَيتَ الحَسودَ فِداكَ فَهُوَ ثِفالُ

زُرناكَ لَم تَأذَن كَأَنَّكَ غافِلٌ، ما كانَ مِنكَ لِواجِبٍ إِغفالُ

أَينَ الحَفاوَةُ رَوضُها غَضُّ الجَنى، أَينَ الطَلاقَةُ بِشرُها سَلسالُ

أَيّامَ مَن يَعرِض عَلَيكَ وِدادَهُ، يَكُنِ القَبولُ بَشيرُهُ الإِقبالُ

مَهما نُغِبُّكَ لا نُرِبكَ وَإِن نَزُر، رِفهاً فَما لِزِيارَةٍ إِملالُ

هَيهاتَ لا عَهدٌ كَعَهدِكَ عائِدٌ، إِذ أَنتَ في وَجهِ الزَمانِ جَمالُ

فَاِذهَب ذَهابَ البُرءِ أَعقَبَهُ الضَنى، وَالأَمنِ وافَت بَعدَهُ الآجالُ

لَكَ صالِحُ الأَعمالِ إِذ شَيَّعتَها، بِالبِرِّ ساعَةَ تُعرَضُ الأَعمالُ

حَيّا الحَيا مَثواكَ وَاِمتَدَّت عَلى ضاحي ثَراكَ مِنَ النَعيمِ ظِلالُ

وَإِذا النَسيمُ اِعتَلَّ فَاِعتامَت بِهِ، ساحاتِكَ الغَدَواتُ وَالآصالُ

وَلَئِن أذلك بَعدَ طولِ صِيانَةٍ، قَدَرٌ فَكُلُّ مَصونِهِ سَيُذالُ

سَيَحوطُ مَن خَلَّفتَهُ مُستَبصِرٌ، في حِفظِ ما اِستَحفَظتَهُ لا يألو

كَفَلَ الوَزيرُ أَبو الوَليدَ بِجَبرِهِم، إِنَّ الوَزيرَ لِمِثلِها فَعّالُ

مَلِكٌ سَجِيَّتُهُ الوَفاءُ فَما لَهُ، بِالعَهدِ في ذي خُلَّةٍ إِخلالُ

حَتَمٌ عَلَيهِ لَعاً لِعَثرَةِ حالِهِم، قَد تَعثُرُ الحالاتُ ثُمَّ تُقالُ

أيها بَني ذَكوانَ إِن غَلَبَ الأَسى، فَلَكُم إِلى الصَبرِ الجَميلِ مَآلُ

إِن كانَ غابَ البَدرُ عَن ساهورِهِ، مِنكُم وَفارَقَ غابَهُ الرِئبالُ

قصيدة فز بالنجاح وأحرز الإقبالا

فُز بِالنَجاحِ وَأَحرِزِ الإِقبالا وَحُز المُنى وَتَنجِّزِ الآمالا

وَليَهنِكَ التَأييدُ وَالظَفَرُ اللَذا، صَدَقاكَ في السِمَةِ العَلِيَّةِ فالا

يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي لَولاهُ لَم تَجِدُ العُقولُ الناشِداتُ كَمالا

أَمّا الثُرَيّا فَالثُرَيّا نَصبَةً، وَإِفادَةً وَإِنافَةً وَجَمالا

قَد شاقَها الإِغبابُ حَتّى إِنَّها لَو تَستَطيعُ سَرَت إِلَيكَ خَيالا

رَفِّه وُرودَكَها لِتَغنَمَ راحَةً، وَأَطِل مَزارَكَها لِتَنعَمَ بالا

وَتَمَثَّلِ القَصرَ المُبارَكَ وَجنَةً، قَد وَسَّطَت فيها الثُرَيّا خالا

وَأَدِر هُناكَ مِنَ المُدامِ أَتَمَّها أَرَجاً زَكا وَأَشَفَّها جِريالا

قَصرٌ يُقِرُّ العَينَ مِنهُ مَصنَعٌ، بَهِجُ الجَوانِبِ لَو مَشى لَاِختالا

لا زِلتَ تَفتَرِشَ السُرورَ حَدائِقاً، فيهِ وَتَلتَحِفُ النَعيمَ ظِلالا

قصيدة في جواركم الذليل

في جِوارِكُم الذَليلُ، وَحَدّي في رَجائِكُمُ الكَليلُ

نَصيبٌ مِن وِلايَتِكُم كَثيرٌ، وَحَظٌّ مِن عِنايَتِكُم قَليلُ

لَمُختَلِفانِ مِن حالَيَّ مَهما، أَجالَ الفِكرَ بَينَهُما مُجيلُ

أَتَحيا أَنفُسُ الآمالِ فيكُم، وَلي أَثناءَها أَمَلٌ قَتيلُ

وَأَعجَبُ حادِثٍ نَظَري لَدَيكُم، إِلى غَلَلِ النَجاحِ وَبي غَليلُ

وَقِدحي في وِدادِكُمُ مُعَلّىً، وَباعي في اِعتِمادِكُمُ طَويلُ

وَكائِن لي ثَناءٌ راحَ يَثني، إِلَيهِ العِطفَ مَجدُكُمُ الأَثيلُ

تُنافِسُهُ الرِياضُ مُنَوِّراتٍ، تَنَفَّسَ عَن نَوافِحِها الأَصيلُ

أَبا الحَزمِ الزَمانُ بِأَن تُثَنّى، إِذا عُدَّت فَواضِلُكُم بَخيلُ

عَلَوتَ النَجمَ إِذ مَلَّ المُساعي، وَحُزتَ الخَصلَ إِذ كَلَّ الرَسيلُ

رَأَيتُ الناسَ ما أَصبَحتَ فيهِم، بَلاءُ اللَهِ عِندَهُمُ جَميلُ

وَماءُ العَيشِ بَينَهُمُ فَضيضٌ، وَظِلُّ الأَمنِ فَوقَهُمُ ظَليلُ

وَلَو فَقَدوكَ لا فَقَدوا حَواهُم، مَرادٌ مِن زَمانِهِمِ وَبيلُ

وَشاقَ نُفوسَهُم رَسمٌ مُحيلٌ مِنَ الدُنيا وَعَهدٌ مُستَحيلُ

فَخاصِر دَولَةً تَفنى اللَيالي، وَلَم يُلمِم بِساحَتِها مُديلُ

وَلا زالَت نِبالُ الدَهرِ تُصمي، عُداتَكَ أَيُّها المَلِكُ النَبيلُ

أَأَيأَسُ مِن مُساعَفَةِ اللَيالي، وَأَنتَ إِلى نِهايَتِها سَبيلُ

قصيدة ما طول عذلك للمحب بنافع

مَا طُولُ عَذْلِكِ للمُحبِّ بنافِعِ؛ … ذهبَ الفؤادُ، فليسَ فيه براجعِ

فنْدّتِ حِينَ طَمِعْتِ في سُلوَانِهِ؛ … هيهاتَ لا ظفرٌ هناكَ لطامعِ

فدعيهِ، حيثُ يطولُ ميدانُ الصِّبا، … كيمَا يجرّ بهِ عنانَ الخالعِ

ماذا يريبُكِ منْ فتى ً، عزّ الهوَى … فعنَا لِنَخْوَتِهِ بِذِلّة ِ خاضِعِ

هَلْ غَيرَ أنْ مَحضَ الوَفَاءِ لغَادِرٍ؛ … أو غيرَ أنْ صدقَ الوصالَ لقاطعِ؟

لمْ يهوَ منْ لمْ يمسِ قرة عينِهِ … سَهَرُ الصّبَابَة ِ، في خَليٍّ هاجِعِ

واهاً لأيّامٍ خلَتْ، ما عهدُهَا، … في حينَ ضَيّعَتِ العُهُودَ، بِضَائِعِ

زَمَنٌ كما رَاقَ السّقِيطُ من النّدَى ، … يستنّ في صفحاتِ وردٍ يانعِ

أيّامَ إنْ عَتَبَ الحَبيبُ، لَهَفْوَة ٍ، … شَفَعَ الشّبابُ، فكانَ أكرَمَ شافِعِ

ما لي وللدّنْيَا، غرِرْتُ، منَ المُنى … فِيها، بِبَارِقَة السراب الخادِعِ

مَا إنْ أزالُ أرومُ شُهْدَة َ عاسِلٍ، … أُحْمَى مُجاجَتَهَا بإبْرَة لاسع

منْ مبلغٌ عني البلادَ، إذا نبتْ، … أنْ لَستُ للنّفسِ الألُوفِ بِناخِعِ

أمّا الهوانُ، فصنْتُ عنهُ صفحة ً … أغشَى بهَا حدّ الزّمانِ الشّارعِ

فَلْيُرْغِمِ الحَظَّ المُوَلّيَ أنّهُ … وَلّى ، فَلَمْ أُتْبِعْهُ خطوة تابِعِ

إنّ الغني لهوَ القناعة، لا الّذي … يشتفّ نطفة َ ماء وجْهِ القانعِ

الله جارُ الجهوريّ، فطالمَا … مُنِيتْ صَفاة ُ الدّهرِ مِنْهُ بِقَارِعِ

ملكٌ درَى أنّ المساعيَ سمعة ٌ، … فسعَى ، فطابَ حديثُهُ للسّامعِ

شِيَمٌ هيَ الزّهْرُ الجَنيّ، تَبَسّمَتْ … عَنْهُ الكَمَائِمُ، في الضَّحاء الماتعِ

أغرَى منافسَهُ ليدرِكَ شأوَهُ، … فشاه بالباعِ الطّويلِ الواسعِ

ثَبْتُ السكينة في النّدِيّ، كأنّمَا … تِلْكَ الحُبا لِيثَتْ بهَضْبِ مَتالِعِ

عذبُ الجَنى للأولياء، فإنْ يهجْ … فَالسّمُّ يَأبَى أنْ يَسُوغَ لِجّارِعِ

يا أيّهَا المَلِكُ الّذي حاطَ الهُدَى ، … لولاكَ كانَ حمى قليل المانعِ

أنِسَ الأنَامُ إلَيْكَ فيهِ، فهُمْ بهِ … منْ قائمٍ، أوْ ساجدٍ، أو راكعِ

مُتَبَوّئونَ جَنَابَ عَيْشٍ مُونِقٍ؛ … مُتَفَيّئُونَ ظِلالَ أمْنٍ شَائِعِ

فلتضرِبَنْ معهمْ بأوفرِ شركَة ٍ … في أجرِهِمْ، مِنْ مُوتِرٍ أوْ شافِعِ

خَيرُ الشّهُورِ اختَرْتَ، عند طُلُوعه، … خَيرَ البِقَاعِ لَهُ بِأسْعَدِ طالِعِ

قصيدة أضحى التنائي بديلا من تدانينا

تعد قصيدة أضحى التنائي بديلا عن تدانينا، هي أشهر قصائد ابن زيدون على الإطلاق، إليك القصيدة مكتوبة كاملة:

أضْحَى التّنائي بَديلاً منْ تَدانِينَا، وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا

ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا حيناً، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا

مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ، حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا

أَنَّ الزَمانَ الَّذي ما زالَ يُضحِكُنا أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا غِيظَ العِدا

مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً

بأَنْفُسِنَا؛ وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا

فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم

هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ رَأياً

ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ بِنا، ولا أن تَسُرّوا

كاشِحاً فِينَا كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه، وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا

بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا

يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا

إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛ وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا

وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ً قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا

ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما كُنْتُمْ لأروَاحِنَ إلاّ رَياحينا ألا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا

أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا

يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا

وَاسألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟ وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا

مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفة مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ

غبّاً تقاضِينَا رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا أوْ صَاغَهُ

وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجهُ مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا إذَا تَأوّدَ أدته، رَفاهِيّة

تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته

بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ

زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَا ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاؤه شرَفاً

وَفي المودة كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟ يا روضة طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا وَرْداً

جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا ويَا حياة تملينا، بزهرَتِهَا، مُنى ضروبا

ولذّاتٍ أفانينَا ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ، في وَشْيِ نُعْمَى

سحَبنا ذَيلَه حينَا لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً؛ وَقَدْرُكِ المُعْتَلى

عَنْ ذاك يُغْنِينَا إذا انفرَدتِ وما شُورِكتِ في صِفَة، فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً

وتبْيينَا يا جنّة الخلدِ أُبدِلنا، بسدرَتِها والكوثرِ العذبِ، زقّوماً وغسلينَا كأنّنَا لم نبِتْ

والوصلُ ثالثُنَا، وَالسّعدُ قَدْ غَضَّ من أجفانِ وَاشينَا إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ

بكمْ في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا سِرّانِ في خاطِرِ الظّلماءِ يَكتُمُنا، حتى يكادَ لسانُ

الصّبحِ يفشينَا لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ عنهُ النُّهَى

وَتركْنا الصّبْرَ ناسِينَا إنّا قرَأنا الأسَى ، يوْمَ النّوى ، سُورَاً مَكتوبَة

وَأخَذْنَا الصّبرَ تلقينا أمّا هواكِ، فلمْ نعدِلْ بمَنْهَلِهِ شُرْباً وَإنْ كانَ يُرْوِينَا

فيُظمِينَا لمْ نَجْفُ أفقَ جمالٍ أنتِ كوكبُهُ سالِينَ عنهُ، وَلم نهجُرْهُ قالِينَا

وَلا اخْتِياراً تَجَنّبْناهُ عَنْ كَثَبٍ، لكنْ عَدَتْنَا، على كُرْهٍ، عَوَادِينَا نأسَى عَليكِ

إذا حُثّتْ، مُشَعْشَعَة ً، فِينا الشَّمُولُ، وغنَّانَا مُغنّينَا لا أكْؤسُ الرّاحِ تُبدي من شمائِلِنَا

سِيّما ارْتياحٍ، وَلا الأوْتارُ تُلْهِينَا دومي على العهدِ، ما دُمنا، محافظة، فالحرُّ مَنْ دانَ

إنْصافاً كما دينَا فَما استعضْنا خَليلاً منكِ يحبسُنا وَلا استفدْنا حبِيباً عنكِ يثنينَا

وَلَوْ صبَا نحوَنَا، من عُلوِ مطلعه، بدرُ الدُّجى لم يكنْ حاشاكِ يصبِينَا أبْكي وَفاءً

وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً، فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ

إنْ شَفَعتِ بهِ بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا إليكِ منّا سَلامُ اللَّهِ

ما بَقِيَتْ صبابة بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا