أجمل قصائد ابن قلاقس الإسكندري مكتوبة كاملة

  • تاريخ النشر: السبت، 30 مارس 2024
مقالات ذات صلة
أجمل قصائد ابن حزم الأندلسي مكتوبة كاملة
أجمل قصائد ابن حجر العسقلاني مكتوبة كاملة
أجمل قصائد كامل الشناوي مكتوبة كاملة

نصر بن عبد الله بن عبد القوي اللخمي أبو الفتوح الأعز الإسكندري هو الشاعر المعروف باسم ابن قلاقس الإسكندري والذي ولد ونشأ بالإسكندرية وانتقل إلى القاهرة، وكان له رسائل كثيرة مع عدد من الأمراء وشعره كثير غرق بعضه في البحر. في هذا المقال ننقل لك أجمل قصائد ابن قلاقس مكتوبة كاملة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

قصيدة أظن البدر نازعك الكمال

أظنّ البدرَ نازعك الكمالا، فباتَ يُريهِ إخمصَك الهِلالا وقد تركتْ ذوابلَك الليالي، تدورُ على أسنّتها ذُبالا
وليس الغيثُ إلا ما أراهُ، بكفّكَ سحّ وَبْلاً أو وَبالا، لك الحسنُ البليغُ لسانَ فعلٍ، إذا طلبَ المقالَ به استقالا
وأين السيفُ من فتكاتِ عزْمٍ، نَهوضٍ لا كُلولَ ولا كَلالا، بأبيضَ خاطبٍ نثر الأعادي وأرؤسَهُم يَميناً أو شِمالا
إلى سُمْرٍ أشاعِرُهُ أُديرَتْ، فنظمت الرجالَ لكَ ارتجالا ومثلُكَ في انفرادِك بالمَعالي، تعالى أن نُصيبَ له مِثالا
غمامٌ أطلعَ الآراءَ شمساً، وشمسٌ مدّتِ الأيدي ظلالا ومثلُك ملء عينِ الدهرِ حُسْناً وملء قلوبِ أهليهِ جَلالا
له عزْمٌ كنائلِه شباباً، إلى حِلْمٍ كحِنْكَتِهِ اكْتِهالا، تقلدتِ الخلافةُ منه عَضْباً، كَفاها في الجلادِ به الجِدالا
تُجرِّدُه فيكْسوها جَميلاً، وتُغمِدُه فيكسوها جَمالا، إذا ما همّ يعرفْ نُكولاً ولمْ يُنكِرْ أعاديه نَكالا
بخيلٍ كلّما اندفعَتْ قِسيّاً، تفوّقَ من فوارسِها نِبالا، تَرى البيضَ القصارَ مطابقاتٍ، على أرجائها السمرُ الطوالا
وكفُّ النصرِ قد كتبتْ سجِلاً، بأنّ الحربَ ما خُلقَتْ سِجالا ومعذورٌ قريعُك إذ تولّى بجيشٍ من قِراعِك قد تَوالى
بعثتَ به إليه مسوَّماتٍ، خفاقاً تحمِلُ النُوَبَ الثِقالا، نفَوْتَ العاصفات لها بِطاءً، إذا ما العاصفاتُ جرَتْ عِجالا
ولم يترُكْ أبو الفتحِ المُعلّى، لبابٍ يتقيه به انقِفالا وظنّ النيلُ وهو أخوكَ نيلاً، عليهِ مَعقِلاً فغَدا عِقالا
ولما قرّ لم يعهَدْ نُزولاً، ولما فرّ لم يحْمِدْ نِزالا ولم يكُ يا شُجاعُ فتًى جباناً ولكنّ القتالَ كفى القِتالا
فإنْ تَنب الجيادُ الجردُ عنهُ، فإنّ الليثَ يحتقِرُ النِمالا وإن طلت لقومك مُسرعات، فذاك لأنهم ركِبوا الضَلالا
رعيتَ رعيّةَ ظنوا احتماءً، غداةَ رأوا من الحِلْمِ احتِمالا ومثلُك مَنْ رأى لهمُ اعتداءً، فقابلَهُ برحمَتِه اعتِدالا
ولولا رأفةٌ لا نلكَ فيهمْ، أعادَ صخورَ ثغرِهم رِمالا ولم تعدِلْ قبائلُه على ما تبيّن من شجاعتِهم قِتالا
وسوف يكون شعرُ العبدِ نصراً، لنصرٍ عاجلٍ يأتيك فَالا، فداكَ معاشرٌ سمِعوا سُؤالاً، لقاصِدِهمْ فما عرَفوا سوى لا
صرفتُ إليكَ آمالي اعتزاءً، كما صرّفْتَهم عني اعتِزالا وقلت لمن توثقها عُراةُ وقد خانوا انفِصاماً وانفِصالا
وقفتَ مسائلاً طَلَلاً مَحيلاً، ورحتَ مطالباً أملاً مُحالا، ليَهْنكَ بل ليَهْنِ الناسَ عيدٌ، رأوا فيه جبينَك والهِلالا
رأوْا فيه جبينَك والهِلالا، فحازَ النقصَ إذ حُزْتَ الكَمالا، وربّ مشبّهِ بكَ بدرَ تَمٍّ، تلألأ إذ سفرت لهُ تلالا
رأى منكَ الخليفةُ ما رآه، فأبْشِرْ إذ أنالَكَ ما أنالا ورحتَ موشّحاً حُلَلاً فقُلْنا، حلالاً قد خُصِصْتَ به حَلالا
وأمرُ المُلْكِ آلَ إليك طوعاً، أقسمَ لا يفارقُه وآلى، فدُمْ كالسُحْبِ إن بعُدَتْ مَنالاً، فقد قرُبَتْ لمُسْتَسْقٍ نَوالا

قصيدة احكم على الثقلين الإنس والجان

احكُمْ على الثَقَلَيْنِ الإنس والجانِ، فأنت أقومُ بالمُلكِ السُلَيْماني، لك البسيطانِ لا تقضي انقباضَهُما وكيف يُقبَضُ كفّاكَ البَسيطانِ
كذا الجديدانِ مذ أُلْبِسْت بُردَهما، تطابقَ الأمر والمعْنى جديدانِ، أنسَيتنا كلَّ إنسانٍ له شرفٌ، بهمةٍ أذكرَتْنا كلّ إنسانِ
لو صال سيفٌ على سيف بن ذي يزَنٍ، لفلّ أشفارَهُ في غِمْدِ غَمْدان، فأين كسرى ولا ساسانُ من هممٍ، غُرٍّ غدَتْ لبني كسرى وساسانِ
عبسٌ وذُبيانُ والأخبار واسعة، لديك بالحمدِ لولا آلُ ذُبيانِ، تبني يمينُك وهي النيلُ كلّ عُلا والنَيْلُ يهدِمُ دفعاً كلّ بُنيانِ
وطوْدُ حِلمِكَ لا بالطيشِ مهتَضَمٌ، هذا وطيفُك يرميهم بطوفانِ، يهْمي ويحمي وحسبُ الغيثِ واحدةً ولو رضيتَ لقُلنا حسبُك اثنانِ
أوطأتَ خليلَك أبكارَ الحُصونِ على أن الحصونَ عَذارى ذاتُ إحصانِ، ما طرْنَ في جوّها عقبانَ ألويةٍ، صاغ النجيعُ لها تصْحيفَ عُقبانِ
وزُرْتَها بأسودِ الحرب زائرةً، تخافُ من فتكِها آسادُ خُفّانِ، من كلِّ مشتهِرٍ يقْضي بمُشْتَهرِ، كأنّ غرّتَهُ والسيفَ نجمانِ
تخالُه واهتزازُ الرُمحِ في يده، ليثاً تَلاعَبُ يُمناهُ بثُعبانِ، هل الرماحُ غصونٌ باتَ يغرِسُها، من الصُدورِ طِعاناً فوقَ كُثْبانِ
أولا فما بالُنا بالمدْح في غزَلٍ، من كُثْبِ يبرين أم من قَضْبِ نُعمانِ، فنونُ وصفِك أجنَتْنا غرائِبها، فما لها من نهاهُ بين أفنانِ
كلّ حَبانا بعدْن في رُبى عدَنٍ، رضوانُك ابنُ بِلالٍ قبلَ رُضْوانِ، يا طالبَ اليُسْرِ يمّم ياسرا وكفى، فياسرٌ أبداً واليُسْرُ سيّانِ
أضرِبْ به لا بمنهل الحَيا مثلاً، ما الماءُ والمالُ في الأزمانِ مِثْلانِ، عمّت بصدقٍ قَراع أو قِرى يده، فخصّصَتْهُ بمِطْعامٍ ومِطعانِ
وجانسَ الحربَ بالمحراب يعمُرُه، فلا قِرىً وقِراعٌ دون قُرآنِ وشنّ دِرْعاً على درّاعةٍ فزَرى، بكلِّ صاحبِ إيوانٍ وديوانِ
ما فوقَ سُلطانِه في ملكِه أحدٌ، دعِ الأميرَيْن واذكُرْ كلَّ سُلطانِ، هما اللذانِ به دانَ الوَرى لهما، بلا خلافٍ من القاصي أو الداني
بدرانِ للمُلْكِ سعداهُ اقترانُهما، كذاك ما يقترنْ بالسعدِ بَدرانِ وصارمانِ إذا هُزّا بمعركةٍ، فإنما لهما الجفنان جفانِ
فإن عَلا بهما قحطان في شرَفٍ، هما قد انتمَيا فيه لقَحْطانِ، فإنْ عدنانَ منه أحمدٌ وبه كان السُموّ فلم يبرَحْ لعدْنانِ
فضَلْتُمُ آل عِمرانِ الورى شرَفاً، والله فضّلَ قِدْماً آل عِمرانِ، ثانٍ هو الأولُ الماضي عُلاً وبهاً وأولُ هو في هذا وذا الثاني
أيُّ اقتبالٍ وإقبالٍ لمملكةٍ، قد عقّباها على يُمنٍ بإيمانِ، يا منْ له يدّعي الأملاكَ قاطبةٍ ومن يُخِبّ إليه كلّ أظْعانِ
ومن سرَيْنا على نجمي مكارمهُ، فأنزلانا على سعدٍ وسَعْدانِ ومن به يُرْغَمُ الشاني وحقّ له، فإنّما يرغَمُ الثاني من الشانِ
للناسِ في كلّ قطرٍ لم تحُلّ به، عيدٌ وللناسِ في ذا القطرِ عيدان، كم راحَ في نحْرِ عيد النحْرِ مُنتظِماً، بيُمنِ جدِّكَ من درّ ومُرجانِ
ركبتَ يا بحرُ بحراً بالعُباب جرى، فسأل بينكُما في البرّ بحْرانِ وسرتَ تحت لواءِ النصرِ مُعتلياً، تهدي كأنّكما طرّاً لِواءانِ
في موكبٍ كم به من كوكب شرِقٍ، يسْمو على المُشتري قدْراً وكيوانِ، عساكرٌ كسطورِ الطُرْسِ تقدمُها كأنّما أنت فيها سطرُ عُنوانِ
حتى أتيتَ المُعلّى ناشراً سبباً، رآكَ فيها على ضيقٍ سُليمانِ ولو أردت بفضلِ القولِ قمتَ به، يوماً مَقاماً بفضلِ حول سحبانِ
وعدتَ تستبدلُ الإحسان مرتجلاً، ما قالَ حسانُ في أبناءِ عفّانِ، لو أنّ إجماعنا في فضل سؤدَدِه، في الأصلِ لم يختَلفْ في الأمّةِ اثنانِ

قصيدة لأية حال فيض دمعك هتان

لأية حالٍ فيْضُ دمعِكَ هتّانُ وما هذه نعْمٌ ولا تلك نَعمانُ، أكلُّ مكانٍ للبخيلةِ منزلٌ وكلُّ حمولٍ للبخيلةِ إظغانُ
وإلا فهلْ أسررت رأي متمّمٍ، فبانَ على آثارِهم عندما بانوا، سقى اللهُ نُعمانَ الأراك مدامعي وقلتُ ولو أن المدامعَ طوفانُ
ديارٌ بها للسُمْرِ غابٌ وللظِّبا، جداولُ أنهارٍ وللجردِ غِزْلانُ، إذا رتَعَتْ آرامُها قلتُ وجْرةٌ وإن ربضَتْ آسادُها قلتُ خُفّانُ
نعمتُ بها والعيشُ أخضرُ يانعٌ، وغصنُ الصِبا لدِنُ المعاطفِ ريّانُ، فما نهدَتْ عن شرْعةِ الحبِّ ناهدٌ
ولا أوهنَ الشملَ المجمّعَ وهْنانُ، أما وبدورٍ في غُصونٍ تمايلتْ وما هي أقمارٌ ولا تلك أغصانُ
لقد جبتَ عرْضَ البيد وهي فسيحةٌ، ودُسْتَ عيرنَ الليثِ والليثُ غضبانُ ولا صاحبٌ إلا تنسمُ نفحةٍ
هزَزْتَ لها عِطْفي كأنيَ نشوانُ، يميلُ إليها أخدعُ الصبِّ كبكبٌ ويَلوي لها عِطفَ المتيّم ثَهْلانُ
فعُجْتُ مع الشوقِ المبرّحِ طوعَه، ولي كلما لامَ العواذلُ عِصْيانُ، فلما رأيتُ الدارَ حيّيْتُ ربْعَها
وللطَرْفِ إنكارٌ وللقلبِ عِرْفانُ، وقلتُ لها قلبي كأهلكِ قد نأى، فها أنتِ إطلالٌ وها أنا جُثْمانُ
فأينَ أفنانُ القدودِ وقد هفَتْ، فأشْجَتْ لطيرِ الحَلْي فيهنّ ألحانُ، لياليَ تُزْري بالكواكبِ أكؤسٌ
تداورُ بالشمسِ المنيرةِ نُدْمانُ، تصرّمُ ذاك العيشُ إذا تذكُّراً، شَببْتُ له بين الأضالعِ نيرانُ
فإن كنتَ من ماءِ الجزيرةِ راوياً، فإني إلى عَذْبِ العُذَيْبِ لظمآنُ وقد أقطعُ البيداءَ والبدرُ فارسٌ
له الليلُ طرفٌ والكواكبُ خُرْصانُ، بمنجردٍ في الوعرِ وعلٍ وفي النَقا، عقابٌ وفي سهْلِ البسيطةِ سرْحانُ
سَرى وكأنّ الريحَ ملءُ حِزامِه، بها وكأنّي في مَطاهُ سُلَيمانُ وأخضرَ مرهوبِ الغرارِ إذا بكى
فحاملُهُ طلْق الأسرّة جَذْلانُ، وأرقطَ إما نسبةٌ حين يَنتَمي، فصقرٌ وإما نصْبةٌ فهو بُسْتانُ
وروضٌ به للنهرِ تجري مجرّة، وللزَهْرِ غذّتهُ المواطرُ شَهبانُ وقد أتْلَعَتْ أجيادَها قُلَلَ الرُبى
فقلّدَها للنورِ دُرٌّ وعَقْيانُ، يعبّرُ عن نشرِ الأثيرِ كأنّما تجرُّ على تلك الرُبى منه أردانُ
أغرّ له حالا نوالٍ وفَتكةٍ، ففي السِلْمِ مِطْعامٌ وفي الحربِ مِطْعانُ، من القومِ ما غيرُ الظُبى لبيوتِهم
أساسٌ ولا غيرُ الذّوابل أركانُ، إذا جرّدوا بيضَ السيوفِ فما لَها سوى أرؤسِ الصِيْدِ البَهاليلِ أجفانُ
ظِماءُ حروبٍ من قلوبِ عداتِهمْ، لهم قُلُبٌ والسّمهريّةُ أشطانُ، رعوا من يواليهم وراعوا عداتهم
فأقوامهم عزوا وأضدادهم هانوا، تكفّلهُم للمجدِ أفضلُ كافلٍ وغذّتْهُمُ من صفوةِ الفضلِ ألبانُ
صفا منهمُ جودٌ عميمٌ ومنظرٌ، وسيمٌ وعِرْضٌ لا يُشابُ وأذهانُ، إذا صمَتوا خفّوا وإن نطَقوا هُدوا
وإن نزَلوا زانُوا وإن ركبوا صانوا، أجاروا وما جاروا وأوْلوا وما أولوا ومنّوا وما منّوا ومانُوا وما مانوا
وكم سقَتْ الأعداءَ كأساً مريرةً، صوارمُ تَثْنيهِمْ صريماً ومُرّانُ، سوامٍ رعَوْا نبتَ الرماحِ فهوّموا
عجافاً وما كلُّ المَسارِحِ سُعْدانُ، تميمٌ تمامٌ فضلُهُم غيرَ أنّهُ، أعزّ وما ذلّوا وأوْفى وما خانُوا
ولستَ تَرى في مَحْكَمِ الذكرِ سورةً، تقومُ مقامَ الحمْدِ والكلُّ قُرآنُ، لهُمْ شرفٌ يزدادُ فخْراً بذِكْرِه
فهُمُ المعالي ناظرٌ وهْو إنسانُ، له قلمٌ كالصِّلِّ لكنْ لُعابُه، لِباغي النَدى شهدٌ وللقِرْنِ ذيفانُ
إذا جالَ يوماً فالأناملُ سابِحٌ، ومُنخَرِقُ الطُرْسِ المنمّقُ ميدانُ، فللهِ منه واحدٌ بين قومِه
وهمْ بين أحياءِ القبائلِ وحْدانُ، يجودُ ويخْفي جودُه فيُذيعَهُ، ثناءً وما بالمِسْكِ يعبَقُ كَتْمانُ
أحبَّ المعالي فاغتدتْ وهْي طوعُه، ومنْ شِيمِ المحبوبِ مَطْلٌ ولَيّانُ وأسعدَ بالندبِ السعيدِ فللعُلى
تجمُّع شملٍ لا دنا منهُ فُرقانُ، فللمجتلي شمسٌ وبدرٌ تألّقا وللمُجتَدي سيحانُ فاضَ وجَيْحانُ
ومن عجبٍ أن قسّم الفضلَ فيهما ولا واحدٌ في قسمة منه نُقْصانُ، علاهُمُ سَماءٌ والأميرُ محمّدُ
بها قمرٌ طلْقُ الأسرّةِ ضَحْيانُ، طلاقتُهُ دلّتْ على طيبِ أصلِه وفي الفجْرِ وضّاحاً على الصُبْحِ عُنوانُ
ليهنِكُمُ العيدُ السعيدُ وإن غَدا، بفضلكُمُ يزهو جلالاً ويزدانُ، إذا كنتم عيداً لنا كلّ مدّةٍ
فقد باتَ شوّالٌ سواءً وشعبانُ، أقامتْ على جودي جودِك فاكتفَتْ، سفينةُ آمالي وللبُخْلِ طوفانُ
لساني غوّاصٌ وفكريَ بحرُه، وشِعْري درٌّ يُستفادُ ومَرْجانُ، إذا اختالَ فيه لابِسوهُ فحِلّةٌ
تزينُ ومن بعضِ الملابسِ أكفانُ، تقصّرَ عن نُعماكَ أولادُ جفنةٍ ويعصُرُ عن إدراكِ شأوي حسّانُ

قصيدة إن جوى لو يذهب الأوجال

إن جوًى لو يُذهبُ الأوجالا، يُخْفي الهوى ودمعَهُ هطّالا، أرقَه الحبّ وأضنى جسدَهْ وأشمَت الوجدَ به من حسَدِهْ
فباتَ بين السّقم والسهادِ، يبكي بدمعٍ رائحٍ وغادِ، ما ضرّ مَنْ حمّله ثقلَ الكُلَفْ، لو منّ بالوصلِ عليه وعطفْ
وا رحمتا للدنِفِ الكئيبِ، من قمرٍ أوفى على قضيبِ، لمّا انتشى من خمرِ الدّلالِ، عرْبدَ بالصّدودِ والمَلالِ
طلبتُ منه مُسعِداً نوالا، قال ألَمْ أبعثْ لكَ الخَيالا، هبِ الخَيال زارني اكتتاما، من أين للمقلةِ أن تَناما
أمّا وخمرِ ريقِه المَصونِ، وعقدِ درّ ثغرِه المكنونِ وردفِه الأثقلِ من صُدودِهِ وطرفِه الأسقمِ من عُهودِه
لو زارني الخيالُ في المنامِ، لم يرَني من شدّةِ السَّقامِ، مَنْ مُنصفي من مُقلَتَيْ غزالِ، حيّ الصّدودِ ميّتِ الوصالِ
قلبي منه بين همّ وكمَدْ، ومقلتاي بين دمعٍ وسهَدْ، يا ليت شعْري والهوى فُنونُ، أمثلَ هذا لقيَ المجنونُ
لو أنّه أباحَ لي رشْفَ اللّمى، ما بتّ أشكو في هواهُ ألَما، لا واحمرار خدّه الأسيلِ وسيفِ لحظ طرفِه الكحيلِ
يا عاذلي شأنُك غير شاني، قد لمتَني في الحبّ ما كَفاني، لو ذقتَ ما قد ذقتُه ما لُمْتنا ولو بُليتَ بالهوى عذَرَنا
ولو رأيتَ من هَويْتُ قربَهُ، رأيتَ فرْضاً في العباد حبَّهُ، ما شئت من محاسنٍ فيه تجدْ، ليلٍ وصبحٍ وقضيب وعقدْ
كم باتَ يجلو قهوةً صهباءَ، تكسو المديرَ حُلّةً حَمْراءَ، شمسٌ لها من الدِّنان مشرِقْ، كالنّارِ إلا أنها لا تُحرِقْ
كأنّنا من ضوءِ تلك النارِ، نشربُ في بيتٍ من النُضارِ، ومُقعدٍ لا يملكُ القيام ولا يُطيقُ دهرَهُ الكلام
يحيل ما يودعه من السُّبجْ، من غير ما حيفٍ عليه وحرَجْ، أنفاسُه بحرِّها عقيقا، أحسِنْ بذاك منظراً أنيقا
أقول إذ يلوحُ للعيونِ، يا حبّذا الكانونُ في كانونِ، نودعُهُ قلائداً من الفحَمْ، سُوداً سوادَ الليل حين يدلَهِمْ
كأنّها والنارُ فيها تلهَبُ، لناظريها آبنوسٌ مُذهّبُ، ما أنا للعاذلِ بالمطيعِ وقد تبدّى زمنُ الرّبيعِ
أما تَرى الأطيارَ في ترنّمِ، تهيجُ شوقَ المستهامِ المُغْرمِ والجوّ ما أحسنَه وأجملَهْ، لما بَدا في حُلَلٍ مُصنْدَلَهْ
والأرضُ إذ تفترّ عن أزهارِها، تستوقفُ الطّرفَ على أنوارِها، من نرجِسٍ أكرمْ به من نرجسِ
كأنّهُ العيونُ ما لم تنعَسِ، أو فأكفٌّ صُوِّرَت من بَرَدِ، قد حُمِّلتْ مَداهِناً من عسجَدِ، كأنّما الطّلّ على الوردِ النّدي
دمعٌ جَرى على خُدودِ الخُرّدِ، أخجَلَهُ النّرجسُ لمّا أن نظَرْ، فاحمرّ من فرطِ الحياءِ والخفَرْ وانظُرْ إلى الأقاحِ وابيضاضِه
يتيهُ إدلالاً على رِياضِهِ، أما رأيتَ روضةَ البنفسجِ، كأنّها معادنُ الفيروزَجِ، كأنّما فرائدُ البَهارِ، مداهنٌ تروقُ من نُضارِ
وانظرْ إلى النارنجِ في أغصانِه، يا حُسنَه إذ لاح في زَمانِه، كالذهبِ الأحمرِ قد صيغَ أُكَرْ، من صنعةِ الخالقِ لا صنع البشرْ
فاشربْ ولا تخشَ من الإملاقِ، رزقُك يأتيكَ من الرزّاقِ والعيشُ كلُّ العيشِ في عصرِ الصِبا، للهِ ما أحسنَهُ وأعْذَبا
سُقيتِ يا معاهدَ الأحباب، بعارضٍ منهمِلِ الرّبابِ، مثلُ ندى الحافظِ دينَ أحمدِ، ذي المنزلِ الرحْب وذي الوجهِ النّدي
أصدقُ من حدّثَنا وأسنَدا، أكرمُ من تحمِلُه الأرضُ يَدا، في وجهه ولفظه للواعي، مستمتع الأبصار والأسماع
إن قلت كالبحر ندى لم تُصب، فالبحرُ ملحٌ وهو عذبُ المَشْربِ، يُشرقُ للقاصدِ نورُ بِشْرِه والبرقُ في الغيمِ دليلُ قَطْرِهِ
ماذا على الواصفِ أن يقولا، ووصفُه قد أعجزَ العقول، يمَمْهُ تُلفِ خيلاً من تؤمِّلُ، للجدبِ والخطبِ حياً ومُنصلُ
تجلو دَياجي المشكلاتِ فطنتُهْ، تَهدي إلى سُبْلِ النجاحِ غُرّتُهْ، كالليثِ قد عزّ به العرينُ، كالدهرِ فيه شدةٌ ولينُ
لو صوّروا جسماً جميعَ الناسِ، لكانَ هذا لهمُ كالرأس، جَلا عويصَ المُبْهَماتِ عقلُه، حبّبَهُ إلى الأنامِ فِعْلُه
يقولُ مَنْ أبصرَهُ فنظَرَهْ، سبحانَ من صوّرَهُ فقدرَهْ، لِما بَراهُ من محاسنِ الصُوَرِ، قال الورى تاللهِ ما هذا بشَرْ
فاخرَتِ الأرضُ به السّماءَ، فعقدَ السّبْقُ لها اللّواءَ، أين بهاءُ البدرِ من جَبينِه وأين صوب المُزنِ من يَمينه
أخلاقُه دلّتْ على النِّجارِ والفجرُ عُنوانٌ على الأسفارِ، إن قلتُ ما أحسنَهُ شَمائلا، فقلْ وما أجملَهُ فعائلا
أو قلتُ ما أفصحَهُ لسانا، فقلْ وما أسمَحَهُ بَنانا، يا موضِحاً سبيلَ علمٍ أنهجا، بصبح فكرٌ منه قد تبلّجا
ومن تحلّى كلّ خطبٍ داجي، فينا بنورِ عزمِه الوهّاجِ، اهنأ فدَتْكَ النفسُ بالمحرَّمِ وابقَ سعيدَ الجدِّ فرداً أو دُمِ
ما غردتْ قُمْريّةٌ في فنَنِ، وهزّتِ الريحُ قُدودَ الغُصُنِ

قصيدة علمنا وقد مات الكمال التساويا

قصيدة علمنا وقد مات الكمال التساويا، من أجمل قصائد ابن قلاقس الإسكندري وتقول:

علِمنا وقد ماتَ الكمالُ التّساويا، فيا حسناتِ الدّهرِ عُدّتْ مُساوياً وقُمنا نرجّي في المُصابِ مُواسياً
فأعوزَنا لمّا عدِمنا مُوازِيا، فكانتْ حُلى الأيامِ منهُ لآلئاً، فوا أسفي كيفَ استحالتْ لَياليا
وكنا لبِسْناها قلوباً ضواحكاً، فكيف نزَعْناها عيوناً بواكيا ومما شجا أنّ المعاليَ جُدِّلت
ولم تنتصِرْ فيها الكماةُ العَواليا، سألتُ فقالوا مصرعٌ لو علمتُه، فأيقنتُ لكنّي خدعتُ فؤاديا
فحين احتوَتْ كفُّ المنونِ على المُنى، تقلّصَ عن يأسٍ جَناحُ رَجائيا ومن يسألِ الرُكبان عن كلِّ غائبٍ
فلا بدّ أن يلقى بَشيراً وناعيا، ولما سرى بي نحوَه الوجدُ قاعِداً ولم أستطِعْ عَقْراً عقرتُ القوافيا
وقمتُ بها بين السِّماطين مُعوِلاً، لعلّ المراثي أن تسُدّ المرازِيا وسيّرتُ منها بالوادي نوادباً
شوائدَ للذكرِ الجميلِ شَوادِيا، وعضْبِ جدالٍ فلّلَ الدهرُ حدَّهُ وما كان إلا قاضب الجدِّ قاضيا
وباعثُ روحِ الحمدِ في مِعطفِ العُلى، إذا ما ارتقى يوماً فحاز التّراقيا وماسحُ أعطافِ الإمام إذا التوَتْ
أفاعيهِ حتى لا يُلائمُ راقيا، وبحرٌ من المعروفِ لم يبقِ ظامياً، فلم تُبقِه أيدي الحوادثِ طاميا
ونورٌ من الإحسانِ ما كان ذاوياً، ولا كان مَنتابُ الحَيا منه ضاويا ونورٌ هدىً أسرى به خابطُ الهَوى
فلمّا خبَتْ أضواؤهُ عاش عاشِيا، لِمَعْناهُ قامَ الجوّ بالرّعدِ نائحاً وبالبرقِ مَلْطوماً وبالغيثِ باكيا
وأسبلتِ الظلماءُ سُودَ غدائرٍ، عليهِ أشابَ الصّبحَ منها النّواصيا، تخرّمَهُ الدهرُ المُخاتِلُ صائداً
فخلّف حتى الرِّيَّ في الماءِ صاديا وطار إليه الموتُ يُزجي حوَافيا، يطيرُ بها نحو النفوسِ حَوافيا
ولو رامَه شاكي السِلاحِ مُحسَّداً، لراح كما لا يشتهي عنه شاكيا، تظلّمَ ديوانُ المظالمِ بعدَه
وأظلمَ حتى عاد أسحمَ داجيا، ولم يقعِ التوقيعُ فصْلَ قضيّةٍ وإن كان فيها الحكمُ للعين باديا
له قلَما حكمِ البديعِ وحكمةٍ، يكفّان عُدواناً به وأعاديا، يَبيتُ وقد نامتْ عيونٌ كثيرةٌ
لأمرٍ سِواهُ راعياً ومراعيا، جديرٌ بأن يلقى الملمّات وادعاً ويرجعها عنه تذمّ التّلاقيا
تخيّر منه الدهر أغلبَ، أغلبٍ، وصارمُه العضب الجراز اليمانيا، يُجيبُ الدواعي والعوادي وإنّما
يُجيبُ الدواعي من يكفّ العواديا، وهيهاتَ جرّ الدهر من قبل جُرهماً وشدّ على عادٍ وشدّادَ عاديا
وكدَّر نُدْماني جَذيمةُ بعدَما، أقاما زماناً يشربانِ التّصافيا، وعطّلَ حُلواناً وكانت نحورُها
من النخلتَيْنِ التوأمينِ حواليا وردّد زيداً حين أمسى ابنَ أمِّه، صريعاً سريعاً ليس يُمكِنُ آسيا
فدعْ هرَمَيْ مصرٍ فيا رُبّ قائلٍ، لقد هرِما حتى أُعيداً بواليا وأمّا افتراقُ الفرقدينِ فإنّهُ
يكونُ افتراقاً لا يحولُ تلاقيا، كذا شيمةُ الأيامِ ما بين أهلِها، تُديرُ التّنائي تارةً والتّدانيا
جليس أميرِ المؤمنينَ أقَمْتها، لفَقْدِكَ فاسمعْ صالحاتٍ بواقيا وقد كنتُ أجلوها عليكَ تهانياً
فها أنا أجلوها عليك تعازيا، ولولا سليلاكَ اللذانِ توارثا، عُلاكَ ملأتُ الخافقَيْنِ مَراثيا
هُما ألبساني عنك ثوبَ تصبُّرٍ وأعلاقُ وجْدي باقياتٍ كما هيا وما زلتُ ألْقى الأسعد الجدّ مُسعِداً
وأرجعُ دون المرتضى الذكرِ راضيا، سقى الرائحُ الغادي ضريحَك صوبَه وإن كان يسقي الرائحاتِ الغَواديا
ولا برِحَتْ فيه القلوبُ عقيرةً، تُسيلُ بأسرابِ الدِّماءِ المآقيا

قصيدة لولا ظبى تنسل من لحظاته

لولا ظُبىً تنسلُّ من لحَظاتِه، لجنيتُ ورداً لاحَ في وجَناتِه، ظبيٌ تحمّل خصره من ردْفِه، خطَراً إذا ما اختالَ في خُطُواتِه
أجني العيونَ جليَّ نورِ جبينهِ، وجنى بمنعِ جنيِّ نورِ لِثاتِه، قلبي فيسرةُ ليثِ طرْفٍ فاترٍ، لا يتّقي الهجَماتِ من أجَماتِه
يا أهلَ رامةَ ما ريمكُمُ عَدا، في فتْكةٍ بالأسْدِ عن عاداتِه، أقطعْتُهُ قلبي فقطّعه أسًى، فعلامَ يُتلِفُ ذاتَه بأداتِه
ومعرّضٍ للسومِ فيهِ سفاهةً، حرُّ الكلومِ ألذّ من كلِماتِه، كاتمتُه وجدي فعبّر ناظري، عن سرّ ما ألقاهُ من عبَراتِه
ولكَمْ نَهى عنّي النُهى فعصيتُه، ورِضيْتُ بيعَ النفسِ في مَرْضاتِه ولقد عدِمْتُ العيشَ لما هالَني، بدرٌ حُدوجُ العيسِ من هالاتِه
فليَ الغرام وللإمامِ المُرتَجى، مجدٌ عقودُ الحمدِ في لبّاتِه، يقظٌ أضاءَ بقلبِه نورُ الهُدى، فكأنّه النبراسُ في مِشكاتِه
ومحبِّر الألفاظِ يكسو طُرْسَهُ، وشياً صفاتُ الروضِ دون صفاتِه، ربضَ ابنُ حُجْرٍ حَجْرةً عن شأوِه واغتالَ غَيْلاناً مدى غاياتِه
أبداً روّيتُه بديهتُهُ فما يلقاكَ لولا حِلمُه بأناتِه وموطّأ الأكنافِ قد نسجَ التُقى، ثوباً فأفرَغَهُ على جَنَباتِه، يا حافظاً يُطْوى صباحُ علومِه
ما مدّ ليلُ الجهلِ من ظُلُماتِه، ولئن عدا من عادةٍ محمودةٍ، من أخذِنا للقوتِ في أوقاتِه واغتالَ بالجدْبِ الغلالَ وخالَنا
إن غلّ نَلبسُهُ على علاّتِه، فمليكُه المرهوب يُعدِمه ندىً، فيعودُ حيّ العَود بعدَ مماتِه، لا غرْوَ إن صلُحَ الزمانُ بصالحٍ
أفعالُه غُرَرٌ على جَبهاتِه، ملكٌ لو أن اللهَ قدّم عصرَهُ، لأتى به القرآنُ في آياتِه، كالغيثِ في إروائه ورَوائِه
والليثِ في وثَباتِه وثَباته، ذو راحةٍ وكفتْ ندىً وكفتْ ردًى، فقضَتْ بهُلْكِ عِداتِه وعُداتِه، زهرتْ نجومُ السعدِ عن آرائه
وسطَتْ جيوشُ النصرِ عن راياتِه، فرعٌ فالمُجتَلى المُجتَنى، من حُسنِه يحظى ومن ثَمَراتِه، ألِفَتْ خزائنُ مالِه من جُودِه
ما تألفُ الأعداءُ من فَتَكاتِه، يا ماجداً يطوى بشارقِ عدلِه، ما مدّ ليلُ الجهلِ من ظُلُماتِه، إنّا حمِدْنا الدهرَ منكَ ولم نكُنْ
لنذُمّ دهراً أنت من حسَناتِه، أهنأ بعيدٍ أنت معنى لفظِه، فيكَ اكتَسى مُستَحْسَناتِ صِفاتِه، فإذا سمعتَ بقائلٍ سمعَ الحَيا
بنوالِه نبِّهْهُ عن غَفَلاتِه، أترى سحابَ الجودِ أقْشَعَ مانعاً، هيهاتَ ليس المَنْعُ من آلاتِه، أبَتِ المكارمُ أن يضنّ بمشْربٍ
أن غرّقَ الثَقَلينِ بحرُ هِباتِه، ما أنجحَ الآمالَ عند مظفّرٍ، ظفِرَتْ لديه بشافعٍ من ذاتِه
فاسْلَمْ لتفريقِ النوالِ مضاعِفاً، فينا وجمعِ الحمدِ بعد شَتاتِه

قصيدة بعينيه شكري لا بكأس عقاره

بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ، رشاً صادَ آسادَ الشرى بنُفارِهِ، فيا حبّذا خمرُ الفتورِ يُديرُها
على وردِ خديْهِ وآسِ عِذارِه، سَقاني فلما أن تملّكَني الهَوى، ثنى معطَفَيْهِ عن صريعِ خُمارِهِ
فللبدرِ ما يُبديهِ فوق لِثامِه وللغُصْنِ ما يُخفيهِ تحت إزارِه، تضيءُ بروقُ البيضِ دون اجتلائهِ
وتهوي نجومُ السُمرِ دون اقْتِسارِه وقد غَنيتْ أعطافُهُ عن رِماحِه، كما غنِيَتْ أشْفارُهُ عن شِفارِه
لئن كان طرْفي مُقْفراً من جَمالِه، فإنّ فؤادي عامرٌ بادِّكارِه وواللهِ لولا أنه جنّة المُنى
لَما كان محفوفاً لنا بالمكارِهِ، وفي فلكِ الأحداجِ بدرُ محاسنٍ، كسَتْهُ أيادي البين ثوبَ سِرارِه
كأنّ الثريّا والهلالَ تقاسما، جمالَهُما من قُرطِهِ وسِوارِه وكم جرّدتْ دونَ الظِباءِ من الظُبى
لقتلِ شحٍ لا يُرْتَجى أخذُ ثأره، وما أطلقت بالسّحْر غزلانُ بابلٍ، لواحظَها إلا انثنى في إسارِه
إذا غرَسَتْ أيدي الصبابةِ في الحشا، أصولَ الهوى فالوجدُ بعضُ ثِمارِه، إذا هبّ نجديُّ النسيمِ أخالَهُ
سموماً بما يُمْليهِ من وهْجِ نارِه، ومن لي بطيفٍ من تهامةَ طارقٍ، على بُعْدِ مَسراهُ ونأيِ مزارِه
غراماً بباناتِ اللِوى وأراكِه، وشوقاً إلى قُلاّمِه وعَرارِه ووجداً كوجدِ الحافظِ الحَبِر العُلا
يضيءُ شموساً في سماءِ افتخارِه، يجودُ فللعافي جزيلُ نوالِه ويعفو فللجاني جميلُ اغتفارِه
ويُغْني عيونَ المُجْتَدين وعيشُهُمْ، بنضْرتِه مملوءة ونُضارِه، نمَتْه إلى المجدِ المؤمّلِ عُصبةٌ
أشادوا بناءَ المجدِ بعد دثارِه، رَقوا رُتَبَ العلياءِ إرثاً وسؤدداً وكم مستجدِ المجدِ أو مُستَعارِه
إذا ادّخر المالَ الأنامُ أفادَه، جوادٌ يَرى الإسعافَ خيرَ ادّخارِه ولا فضلَ في نيلِ العُلا دون بذلِه
كذا الماءُ يَرْوي من صدًى في قرارِه، إذا هزّ في الطُرْسِ اليراعَ منمَّقاً، تصرّفتِ الأقدارُ طوعَ اقتدارِه
جَلا سُدُفاتِ الجهلِ شارقُ عِلْمِه، كما صدعَ الإظلامَ ضوءُ نهارِه، إمامٌ غدا المحرابُ والجودُ دأبَهُ
وكم عاكفٍ في خمرِه وخُمارِه، وجوٍّ يُصيبُ العيدَ غيثاً سحابُه، وقدرُ سماءِ المجدِ قُطْبُ مَدارِه
عميمٌ بلِ الإحسانُ يُمْنُ يمينِه، لمَنْ يترجّاهُ ويُسْرُ يسارِه، تضيءُ بروقُ البِشْرِ في صَفَحاتِه
وتعشو عيونُ الطارقينَ لنارِه، فحسبُ الأماني أن يُضيءَ جبينُه وحسبُ المنايا أن يُناخَ بِدارِه
جدَتْ سُحُبُ الآمالِ ريحَ ارتياحِه، يُحكمُها كيفَ اشتهتْ في بِحارِه، فبتْ جارَه إن شئتَ أن تُدْركَ العُلا
وإن شئتَ أن تلقى المنونَ فجارِه، هنيئاً له الشهرُ الأصمُّ وأنّهُ لَيسمَعُ ما نظّمْتُه في مَنارِه
فلا زال يُكْسى حُلّةَ الفضلِ عِطْفُهُ وكلُّ معادٍ لابسٍ ثوبَ عارِهِ

قصيدة يا هذه لا تنطقي

وأخيرا، إليك قصيدة يا هذه لا تنطقي وهي من أجمل قصائد ابن قلاقس الإسكندري وتقول:

يا هذهِ لا تنطِقي، بسَّكِ لا تُنَقْنِقي، أما علمتِ أنّني أصبحتُ شيخَ الحُمُقِ، أصبحتُ صبّاً هائماً، بثوبيَ المزوَّقِ
فطبّلي من بعدِ ذا إن شئتِ أو فبوّقي وأرْعدي من غضَبٍ، عليَّ أو فأبْرِقي ودفّفي وبعدَ ذا فإنْ أردتِ صفّقي
أنا الذي فقتُ الوَرى، من قبلِ لبسِ البَخْنقِ، أنا الذي طُفْتُ بلادَ الغربِ ثم المشرِقِ، أنا الذي يا إخوتي
أحِبُّ أكلَ الفُسْتِقِ والتينِ والجوزِ مع الفانيدِ ثم البُندُقِ، يا هذه تعطّفي وتوقّفي ترفّقي، أمّا، أما آن لنا أن نلتقي
في جو سقٍ مرتفع، ناهيك من جوْسَقِها فانْظُري وجهَ هلالِ الفطرِ فوقَ الأفُقِ، كزورقٍ من ذهبٍ
أكرمْ به من زورقِ، والماءُ في النهرِ غدا، مثلَ الحَسامِ الأزرقِ، كذاك لونُ الأقحوانِ مثلُ لونِ الزئبَقِ
والوردُ كالخدِّ كما النرجسُ مثلُ الحدَقِ ويلاهُ من مُهَفْهَفٍ، ممَنطَقٍ مُقَرطَقِ، ذي وجنةِ أسيلةٍ محمّرةٍ كالشَفَقِ
وشعرةٍ مسودّةٍ، مثلُ اسودادِ الغسَقِ وقامةٍ تميسُ كالغُصْنِ الرطيبِ المُورقِ، يا حُسنَه يختالُ في ذاك القَباءِ الأزرقِ
يا هذه لمّا بَدا، على الحِصانِ الأبلَقِ، فشمّر الكُمَ إلى دَورينِ رأسَ المِرْفَقِ ورامَ أن يقفزَ بالأبلقِ عرْضَ الخندَقِ
عُلّقْتُه وصرتُ منْ فرطِ الهَوى في قلَقِ، إيهٍ ومن وجدي بهِ، أُمسِكُهُ في الطُرُقِ ولا أخافُ عاذلاً، يعذلني في حُرَقي
ولستُ بالصبِّ الذي قولَ الوشاةِ يتّقي، يا عاذلي دع عذَلي، فليتني لم أُخْلَقِ، فالناسُ لا شكّ إذاً منهُم سعيدٌ وشَقي
أما السعيدُ فالإمامُ الحافظُ البرّ التّقي وكلّ مَنْ يحسِدُه، فهو مدى الدهرِ الشّقي