أجمل قصائد حيدر محمود مكتوبة كاملة
حيدر محمود، هو واﺣﺪ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺸﻌﺮاء العرب في العصر الحديث، واشتهر بشعره عن فلسطين والأردن. وشغل حيدر محمود شغل منصب وزير الثقافة الأردني في الفترة ما بين 2001-2003. وعُين عضواً في مجلس الأعيان الأردني السادس والعشرين في عام 2013.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وحصل على جائزة ابن خفاجة الأندلسي الإسبانية وجائزة الدولة التقديرية في الأردن وتقاسم مع الشاعر التونسي يوسف رزوقة جائزة الشعر في جوائز الملك عبد الله الثاني بن الحسين للإبداع. وفي هذا المقال ننقل لك أجمل قصائد حيدر محمود مكتوبة كاملة.
قصيدة إسبرانسا
إسْبرانسا "حلم أندلسيّ عابر" إسْبرانسا.. نخلةٌ أندلسيّةْ أطلعتْ في غابة القلبِ
نخيلاً، وحقولاً، وبساتين نديَّةْ وأضاءت في الشرايين التي تسكنُها العتْمةُ شمسْاً
إسبرانسا.. يَسْلمُ السّعْفُ الذي غطّى من الثلج عظامي وأعادَ الجَمرَ، والشّعرَ
وأسراب الحمامِ مرّةً أخرى، إلى العُشّ الذي كادَ مع الأيَّامَ، يُنْسى.. إسْبرانسا
إسْبرانسا.. نغَمٌ عَذْبٌ يلاقي نغَماً عَذْباً، يُلاقي.. نغَماً.. آهِ.. ما أطيبَهُ وقْعاً على
القَلْبِ، وما أشْهاهُ جرْساً: (جادَكَ الغيثُ إذا الغيثُ همَى) يسْلمُ السُّكَّرُ، في
عُرْجونكِ الغافي على تليّنِ: من خوخِ، ورُمّانٍ وبُسْتانِ دلالِ وأنا أحسدني
أحسدُني جداً… وعلى صبري الذي أتعبَ أعصابي، وأعصاب الليالي!
(لم يكُنْ وصلُك إلا حُلُماً) خفّفي سحركِ، يا مجنونة السحِّرِ، ورِفْقاً بفؤادي
فأنَا في آخرِ النّارِ التي لم تُبقِ لي غيرَ الرماد.. وأنا أوشكُ أن أخرجَ من ذاكرة
الموجِ كسيراً!! ولقد أدخلتني بعضي، فما أدري: بياضي من سوادي!
إسْبرانسا.. قد تأخَّرت على النبعِ الذي جفَّ، تأخّرت كثيراً فاتركي لي فرَحَ الوهمِ
بأنَّ النبعَ ما زال نميرا!! إسْبرانسا.. أيها الحُلم الذي أنقذَ من شَكّي.. يقيني
والذي أرجع لي لَونَ عُيوني لأراني بعد أن ضيّعني القاسي زماني قابلاً للوجدِ
مقبولاً من الورْدِ، رهيفاً كالمكاِنِ! ربما كنت تأخّرتِ، ولكن: مرحباً بالحقيقيّ
الخُرافي الذي قد زادني فيَّ ضياعاً... مرحباً.. لكنْ: وداعاً!
قصيدة نشيد إلى غزة
لك المجدُ يا أرضَ الشهادةِ وانفضي غبارَ الأسى عن هذه الأَنْفُسِ التَّعْبى
وَمُدّي إليها ريحَك الصَّرْصَرَ التي ستُخِرجُ منها الزَّيفَ والخوفَ، والرٌّعب
فهذا أوانُ الحَسْمِ: نُوشِكُ أنْ نرى ولو مرّةً نَصْراً يُعلّي لنا الكَعْبا! فأكبادُهم
ليست أَعَزَّ من التي تُقَطِعُها سكّينُ أحقادِهِمْ إرْبا ولا دَمُهُمْ أغلى من الأحمر
الذي يسيلُ غَزيراً وَهْوَ لم يقترفْ ذَنْبا! ويا رَمْلَنا المقَهورَ تُرْ في شعابِنا وأَعْلِنْ
الحَرْب فلا كانت الصَّحراءُ، صحراءَ عِزّنا إذا لم تَكُبَّ الطامعين بِها كَبّا ويا بحرُ
أغْرِقْهُمْ بموجِكَ وابتلعْ أساطيلَهُمْ واشربْ بوارِجَهُمْ نَخْبا ليعرفَ بأنّ لهذا البحرِ
من أهْلِهِ سُحْبا وما شَهِدَ الغازونَ مِنْ مُرّ طعنِهِمْ أَمَرَّ، ولا ذاقوا كضربِهِم ضَرْبا!
ويا ""غَزّةَ الأحرارِ""، فَجْرُكِ قادِمٌ قَرِيباً، فإنّ اللهَ خَصَّكِ بالعُقْبى
قصيدة يا موسى لا تلق عصاك
هذا زمنُ السحْرِ، يكفي أنْ تُغلقَ عينيك لتعرفَ أنَّ دماغَك في قدميك
وأنَّ الأرضَ تقومُ على كتفيك، فإذا ما حرّكتَ يديْك لتشعل سيجارة
هاجتْ كلُّ الحيتان ونادت يا موسى لا تلقِ بعصاك البحرَ، فلن ينشقَّ
ولن ينتفضَ الطوفان، لا تلقِ عصاك، لئلاّ تلقفَها الحيات قل يا الله
لا تسألْ كيف يصير شعاعُ البدرِ أحذيةً لبناتِ الليل تصيرُ خيوطُ الشمس
جواربَ للمنزلقات ! لا تفتحْ فمَك إذا ما نادى سهران لصلاة الفجر هذا
زمنٌ لا يرحمْ، فاسكتْ، تسلمْ، أغمضْ عينيكَ إذا ما هربتْ أمُّك يوماً من حضنِ أبيك
لا تقلقْ لو وضعوا في السجنِ السجان وإذا يوماً أحيتْ ليلةَ عرسي جوقةُ غِربان
هذا زمنٌ يهربُ فيه القطُّ من الفئران أغلقْ أبوابَ البيتِ عليك، لا تحملْ همّاً
عن إنسان ماتت أمس امرأةٌ بالسمِّ لأن المرأةَ ثرثارة، قالت صحفُ اليوم
سعرُ البندورة أغلى من سعرِ اللحم، قالت أيضاً سقطت في غارةِ أمس طيارة
قَتل الراعي الطيار، لا تعجبْ، من حقِّ الراعي أن يقتل كلَّ الأعداء
سيُقام الليلةَ حفلٌ ساهر وسيُعطَى الريعُ لأبناءِ الشهداء. قل يا الله !
إذا ما غنّتْ ماجنةٌ لفلسطين أو هتفتْ: فليحيا الثوار ! هذا زمنٌ لا يرحمْ فاسكتْ تسلمْ
قصيدة سيدي يا رسول الله
سيدي، يا رسول الله، قلت لنا: يأتي عليكم زمان بالغ العجب دياركم فيه لا تحصى
وأنفسكم كثيرة والثرى بحر من الذهب لكنكم كغثاء السيل، لا أحد يقيم وزنا لكم
والسيف من خشب! وها هو الزمن المنكود أدركنا على هوان ووافانا على تعب!!
ضاقت بنا الأرض، والدنيا تطاردنا وتستبيح دمانا، دونما سبب! ولم يضق ديننا
حتى بمن كفروا به.. ولكنهم ضاقوا بكل نبي!! إني لأعلن: أني مسلم، فإذا لم تكف
أعلنت: أني مسلم عربي! أنا الحضارة، والتاريخ يبدأ بي وحين يختم هذا الكون، يختم بي
قصيدة سوف وأخواتها
كفى انتظاراً لسيف في غدٍ يصلُ وراية بدم الغازي، ستغتسل وفارس سوف تأتينا
به فرس حيناً، وحيناً سيأتينا به جمل من أربعين خريفاً والعيون على كل الدروب
ولما يظهر البطل وكيف يظهر، والصحراء عاقرة من ألف عام، وما في رملها
أمل مات النخيل الذي فيها، فلا عذق وجف ماء سواقيها، فلا بلل يكفي فلسطين
ما لاقته من دجل وما تلاقيه، فليصدق ولو رجل وليتق الله فيها أهلها، فلقد تكفلت
بالأعادي الأعين النجل أما رأيتم صباياها، وصبيتها كأنهم من سماوات العلا
نزلوا.. كأن خولة في جلباب فاطمة وابن الوليد له في غزة مثل إنّا لنعلن انا وحدنا
وعلى حجارة الأرض بعد الله، نتكل فيا جبال احملي صخراً، ولا تلدي إلا الأكف
التي بالحقد تشتعل وبالكراهية المرهوب جانبها بكل من هان، أو من خان تشتغل
وما سوى الموت يخشى.. وهو منقذنا من الهوان الذي ما عاد يحتمل وليغضبوا
كيف شاؤوا من تطرّفنا فقد تساوى لدينا الفوز والفشل
قصيدة ليلة سقوط المواطن
"أحمد حسين الجعفي" كم كنتَ غبيّاً يا "جُعفيُّ" وأغبى الناس هم الشعراءْ
حتى صاحبك الحلبيّ "عليّ بن أبي الهيجاءْ" لم يحزن حين اغتالوكَ ولم تبكِ
عليكَ الشهباءْ! بل سهرت تلكَ الليلةَ، حتى الفجر.. وغنّت.. رقصت.. شربت
حدّ الإعياءْ!! ياما حذّرناك من الأوهامْ!! ياما قلنا لكَ: لا تأمن "للملعون أبوها"
الأيامْ! لكنّك لا تسمعُ إلا صوتك أنت، ولست ترى غيركَ، في أحلام اليقظاتِ
وفي يقظاتِ الأحلامْ!! وعدتكَ الدنيا، بأبٍ من ذهبٍ، لو أنكرتَ أباكَ.. فأنكرتَ
جميعَ الآباءْ! وتنكّرتَ لأجمل مَن في الكوفةِ، سقّائيها البسطاء، وحراثيها الفقراء
و"جعفيّيها" المعتزّين بأنك منهم، والمنتظرين رجوعك صبحَ مساءْ! ما أتفهَ
(يا جُعفيُّ) طموحَك.. ما أصغر ما يتمنّاهُ أميرٌ مثلكَ.. يملكُ ما لا يملكهُ الأمراء!؟
من كان سيعرفُ لولا شعرُكَ "بدراً" أو.. "كافوراً"، أو.. حتى صاحبَكَ
"ابن أبي الهيجاءْ"!؟ خيرٌ من كلِّ ولايات الدنيا، (يا جُعفيُّ) قصائدُك العصماءْ لكن:
خيرٌ منك، ومنها ذاك الجُعفيُّ، الكوفيُّ، السقّاء
قصيدة الشاهد الأخير
على من تنادي ؟! أيهذا المكابِدُ ولم يبق في الصحراء ، غيرك، شاهدُ
لقد أقفرت، إلا من الذلِّ، أرضُها، فكلُّ نباتٍ، يطلعُ الرملُ، فاسدُ
وكل هواءٍ، هبَّ من جنباتها، مُراءٍ، وفي ذرّاته الحقدُ راقدُ
وليس دماً، هذا الذي في عروقها، ولا نسماً هذا الذي يتوالدُ
ولا نبضُها النبضَ الذي تستفزُّهُ، ولا حوضُها، الحوضَ الذي أنت واردُ
وتلك "الدمى" ليست رماحاً، فتنتخي، ولا خيلُها يوم الطراد تطاردُ
بلى! كانت "الفصحى" نشيدَ شعابها، وكانت شموس المدلجين "القصائدُ"
وقد كان يا ما كان: سعفٌ لنخلِها، يُظِلُّ، وسيفٌ لا يُفَلُّ، وساعدُ
ولكنها "هانت" على النفط، وانحنت، "لتسلمَ" أموالٌ لها، وفوائدُ!!
على من تنادي ؟! موسم النخوة انتهى، و"سوقُ عكاظٍ" بالبضاعة كاسدُ
فلا قولَ إلا قولُ "رابين"، داوياً ولا فعلَ، إلا فعله، يتصاعدُ
ولا خيلَ، إلا خيلُهُ، تملأ المدى ولا ليلَ، إلا ليلة، والفراقدُ
له البحر، والشطآن، والنهر، والذرى وتنساب إذ تنساب، منه الروافدُ
له الزيت، والزيتون، والزهر، والندى، وما تشتهي أقدامه والسواعدُ
و "إنا إليه راجعون"!! وكلنا أمام مُداه الذابحات، طرائدُ!!
وأنى توجَّهْنا ، فثم مخالبٌ، وحيث مشينا، فالطريق مصائدُ!!
فقل لبني قحطانَ: لا خربت لكم، بيوتٌ، ولا انهدّت عليكم، قواعدُ
ولا احترقت بالنار ، منكم، ضفيرةٌ، ولا ضاع مولودٌ، ولا التاع والدُ
ولا مات "مخلوقٌ" من الجوع، بينكم ولا نضبت، مما تطيب، الموائدُ
ولا "انفقأت" عينُ امرئٍ، وهو واقفٌ، ولا "انفلقت" أعصابه، وهو قاعدُ
ولا خسرت يوماً، تجارةُ تاجرٍ، ولا هبطت، عن مستواها، "العوائدُ!!"
وعمتِ صباحاً يا "عباءاتِ عزّنا"! ودمتم لنا طول المدى، يا أماجدُ!!
على من تنادي ؟! والأذى يتبع الأذى، وأعداؤك النمل الذي يتزايدُ
فإما نجا من طعنةٍ ، جذعُ نخلةٍ، بها تحتمي، "دبّت" عليها المكائدُ
وإن هربت، من غدرهم: نسمةٌ، بها حياتك، ردّتها الرياحُ الشواردُ
تآمرت الدنيا عليك، فما لها، سواك: عدواً، تقتفي: وتطاردُ
وقالوا: "غريب في المكان، وطارئ!" وقالوا: "غريبٌ في الزمان، وزائد!"
وقد حلفوا: "ألا تكون!" فكن كما يشاء الفداء العبقري المعاندُ
وإياك أن تفنى، فثم جديلةٌ لها موعد آتٍ، وأنت المُواعِدُ
حلفت لها بالشمس، والقدس، والضحى وبالصلوات الخمس، أنّكَ عائدُ
فأقبل فتىً، من غابةِ الجنِّ برقُهُ ومن صخرة الإصرار فيها، الرواعدُ
وأقبلْ قضاءً، مستفزاً، وحاقداً، فكلُّ الذي في الكون – ضدك – حاقدُ
وكن منجلاً .. مستأصلاً كلَّ "زائدٍ" فقد كثرت منا، وفينا "الزوائدُ"
ومن لا يكيل الصاعَ، صاعين، ميتٌ، ومن لا يردُّ الموتَ موتين، بائدُ
قصيدة أغنية للأرض
يا بلادي مثلما يكبر فيكِ الشجرُ الطيبُ نكبرْ.. فازرعينا فوقَ أهدابِكِ: زيتوناً، وزعترْ
واحملينا أملاً، مثل صباحِ العيدِ، أخضرْ واكتبي أسماءَنا، في دفتر الحبِّ: "نشامى"
يعشقون الوردَ لكن.. يعشقون الأرضَ أكثرْ، قد رسمناكِ على الدّفلى، وقاماتِ السنابلْ
غابةً للأعين السودِ، وحقلاً من جدائلْ وأقمنا لَكِ في بالِ المواويلِ منازلْ
فاكتبي أسماءَنا، في دفتر الحبِّ: "نشامى" يعشقون الوردَ لكن.. يعشقون الأرضَ أكثرْ
يا بلادَ الشيحِ والدحنون والحنّاءِ دومي.. خيمةً للظلِّ والطلِّ، وداراً للكرومِ
واكتبي بالسيفِ والفأسِ على خدِّ النجومِ، إنّ أبناءَكِ مزروعون في الأرضِ: "نشامى"
يعشقون الوردَ لكن.. يعشقون الأرضَ أكثر