أجمل قصائد رفاعة الطهطاوي مكتوبة كاملة
قصيدة يا مصر أنتِ أرض كل معجزة
قصيدة بحمد مولانا البديع يفتتح
رفاعة الطهطاوي واسمه بالكامل، رفاعة بك بن بدوي بن علي بن محمد بن علي بن رافع، هو من قادة النهضة العلمية في مصر، وُلد رفاعة الطهطاوي في عام 1801، بمدينة طهطا، بمحافظة سوهاج، مصر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
درس رفاعة الطهطاوي الفرنسية والجغرافيا والتاريخ وأنشأ جريدة (الوقائع المصرية) وألف وترجم عن الفرنسية العديد من الكتب، كما له الكثير من القصائد الرائعة. وفي هذا المقال نستعرض أجمل قصائد رفاعة الطهطاوي مكتوبة كاملة.
قصيدة يا مصر أنتِ أرض كل معجزة
كتب رفاعة الطهطاوي في قصيدة يا مصر أنتِ أرض كل معجزة:
يا مصرُ أنتِ أرضُ كل معجزة
كم فيكِ من آثار فخرٍ منجزة
قد عُدتِ كالعصر القديم مُنتزه
لله إسماعيلُ فيما أبرزه
في حيِّز الوجودِ فوقَ الحدِّ
يدومُ فخره كما الأهرامْ
ولم يزل يَقرنُ بالتحدِّي
بدايعاً صحيحة المرامْ
يعيشُ إسماعيلُ ربُّ المجدِ
على مَدى الأجيالِ والأعوامْ
ما أنتِ إلا روضةٌ بَهيَّة
شمسُ عُلاك بالسَّنا زهية
بالنيل خصبُ أرضك الزكية
قد سطعتْ أخبارُك السنية
شعاعُها انبثت بأرضِ الهندِ
والصينِ والرومِ وأرضِ الشامْ
لما انطفأ النورُ بدهرٍ مُردِي
قد سَخر المولى له محام
يعيش إسماعيل رب المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
عقلٌ وحيدٌ لا تُجاريه الرجالْ
يحولُ في سَبق العُلا أعلى مجالْ
محمدُّ الاسمِ عليٌّ في الفِعالْ
أنار أفقَ مصرَ شبهَ الهلالْ
مذ قام بالحفيد سرُّ الجدِّ
فبدرُه جَلى دُجَى الظلامْ
فكرٌ منيرٌ من أميرِ جُندِ
صيَّر جيشَ الجهل في انهزامْ
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
لما اصطفى الجليلُ إسماعيل
لملك مصر سيِّداً كَفيلا
وأشبهتْ طفلا غدا عَليلا
عدَّلها بطبِّه تَعديلا
بعدلِ قانونٍ وعَقْدِ بَنْدِ
أزال جَورَ الحكم والحُكّامْ
ونسخَ الرخصةَ والتعدي
وانقادَ للأصول والأحكام
يعيش إسماعيل رب المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
بنى على العدل أساسَ مُلكهْ
ونظمَ الفنونَ ضِمنَ سِلكه
وعظَّمَ العلمَ وأهلَ نُسْكهِ
ذُو العقل إن يفحْ عبيرَ مِسكه
بطيب في التشويق كل جهد
نعز لدى الأمير بالإكرام
يبذل في التشويق كلَّ جهدِ
بقدرِ حظِ الفضل في السهام
يعيش إسماعيل ربُّ المجد
على مدى الأجيال والأعوام
حَلَّى جبينَ مجمعِ البحرينِ
بتاج عزّ رائقٍ للعَينِ
وقبله كان كلا الشطين
يَلطمُ خدَّ الماءِ بالكفين
فذلك التاجُ قرينُ سَعد
يلمعُ فوقَ الماء كالحسام
يدعُو لإسماعيل ربُّ الرشدِ
بنصرةِ البنود والأعْلام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
لما رَقى ذُر العلا وصَعدا
لم يترك الأهواءْ في الناس سُدى
عطفهم رفقاً بهم صوبَ الهدى
كلفهم بأن يحوزوا السؤددا
فالعقلُ في عهد العزيز مُهدَى
نحوَ العلوم لا إلى الأوهامْ
وإنما تمامُ هذا القصد
توسيعُهُ دوائرَ الأفهام
يعيش إسماعيل رب المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
لم يفتخرْ بزهرة الإمارة
بل رامَ بالرعية افتخاره
وَضَعَ بنيه بينهم إشارة
لفكِّ قيد الذل والحقارة
فحسبُهم فكاكُ هذا القيدِ
وعتقهم مِن زِلة الأقدام
فأعلنوا بشكره والحمد
ما أحسنَ الشكر على الإنعام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
قد لهجتْ بمدحه اللغاتُ
ورددت نشيدَه الأصواتُ
لم يَروِ مثلَ فخرِه الرواةُ
عن ملكٍ شهمٍ له هِباتُ
تجعل هنداً في النهي كزيدِ
والدرسُ للأُنثى كما الغُلامْ
من بعد أسرها بقيدِ وَغدِ
بالعلم حازتْ صفةَ احترام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
وبالحنان الأبويِّ رتَّبا
تربيةَ البناتِ من عهد الصِّبا
يقضين من حقِّ النهى ما وجبا
يحرزنَ عِلماً نافعاً وأدبا
تشملهن منه عينُ الرشد
ونجدةُ العزمِ والاهتمام
حتى يصلنَ بعقول النقدِ
لقوة التفهم والإفهام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
في عهده كلُّ الرعايا فرِحتْ
لأنه وَافى على ما اقترحتْ
وروح جده بها انشرحتْ
كأنها من الضريحِ سَرحتْ
مُضيئةَ الجبينِ فوقَ طودٍ
سامي الذرا عن سائر الأعلام
تنظرُ من أعلى بغير عدِّ
عجائباً لم تُحصَ بالأقلام
يعيش إسماعيل ربُّ المجدِ
على مدى الأجيال والأعوام
نادتْ بالاستعجاب أيها الحفيدْ
ما أنت في كَسْب العلا إلا فريدْ
ما أعجز الملوكَ في الدهر المديدِ
وافاك بالتدبير والفكر السديد
أحييتَ مجداً من قَرارِ لِحد
وعِظَماً كان مع العِظامْ
وهكذا النجلُ النجيبُ يُبدي
عظائمَ الأسلافِ باقتحام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
بمدحِك اهتزتْ ضروبُ النغمِ
أنعشت الملوكُ بعدَ العدمِ
لما رأوْا عجائبَ التقدمِ
إعجابهم ما كان بالمكتتمِ
فاجتمعوا بالعودِ قبل العودَ
لينشدوا مدحاً على الأنغام
وأجمعوا على مليكٍ فردِ
مؤيدٍ بالسلم والسلام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيالِ والأعوام
عشْ في أمانِ الله يا أبهى أميرْ
مشرفاً تاج المعالي والسرير
تاريخُ هذا الجيل والعصرِ الأخير
يدعُوك مع أعلى الملوك بالنظير
أنت الوحيدُ في العلاَ والجد
وفي المساعي ثابتُ الأقدامِ
عش في أمان اللهِ دون ضِدِّ
أعدْت عصرَ الذهب الإسلامي
يعيش إسماعيل رب المجد
على مَدى الأجيال والأعوام
عشْ في أمان الله يا من أعلى
لأهل مِصره مقاماً أعلى
مذ كنتَ للرأفة فيهم أهلا
صرتَ من الأب الشفيق أولى
فأنت للكل أبٌ في الودِّ
أنتَ الولي والنصيرُ الحامي
بالرفق قد فقتَ وصدقِ الوعد
فصرتَ محبوباً لدى الأنام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مَدى الأجيال والأعوام
تدعوكَ أوربا مع الرعايا
بنعمةِ الله على البرايا
عطيةٌ من أجزالِ العطايا
إيطاليا قد حازتِ المزايا
بِدرُ مَدحٍ للجناب تُهدى
لمحض إجلالٍ مع احتشامْ
قد رام جمعَ أهلها يُؤدي
فرائضَ الحب بشعرٍ سامْ
بعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
أهدوا إليك هذه الطرائف
فريدُ دُرٍّ في حِماك طائفا
في ضمنه قد أودعوا لطائف
تُحيرُ الألبابَ والمعارف
تجل عن تسويمها بنقدٍ
جواهراً بديعةَ النظام
يسمو شعاعُ نورها الممتد
يَزْهو بنور وَجهك البسام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
لما عهدتَ الودَّ مني صَافيا
وصِدقَ حُبي في الجناب وافيا
نظمتُ في المدح له قوافيا
إن تحظ بالقبولِ كان كافيا
يُرضى المحبَّ في ارتباطِ الود
بشاهدٍ على الوداد النامي
فشاهدُ الود كطعم الشهد
أو وَصْلِ حَبل العهدِ والذمام
يعيش إسماعيل رب المجد
على مدى الأجيال والأعوام
قصيدة بحمد مولانا البديع يفتتح
كتب رفاعة الطهطاوي في قصيدة بحمد مولانا البديع يفتتح:
بحمدِ مولانا البديع يُفتتحْ
بديعُ نظمٍ زانه نَظْمُ المُلَحْ
من الأراجيز ولكن قد رجَحْ
ميزانُ بحره بلقطِ الدر
وفاق بالممدوح كلَّ بحرِ
ممدوحُنا محمدٌ السعيدُ
عزيزُ مصر بالعلا معيدُ
وهل مجال في الولا بعيدُ
إلا ويَرقاهُ بأدنى يُسرِ
بسرِّ عزمٍ في المعالي يَسْرِي
تحسينُ مصر صار جُلَّ مقصده
وجالَ في مصدره وموردِه
وفي جليلِ فكره وخَلده
قد انجلى تخليدُ عالي الفخر
لما تجلىَّ شمسُ فكرٍ بِكْرِ
أنعشَ روحَ الفتية المصرية
براح حب الوطن القسرية
حتى غدت نفوسهم سَرِيَّةْ
فصحَّ فوزُ صحوِهم بالسُّكرِ
وقابلوا إحسانه بالشكر
هاموا بحب الوطن العزيزِ
فصار ميلُهم لدى غريزي
ومذ كسوْه حليةَ التعزيزِ
وأنفقوا فيه نَفِيسَ العمرِ
لم يخش من زيدٍ ولا من عمرو
حمىً حوى نهايةَ الأصانه
وغايةَ التمكّن والحصانة
روضٌ إذا هزَّ الصبا أغصانه
ترى عواملَ القنا والسمرِ
تفعلُ بالألباب فعلَ الخمْرِ
حمىً منيعُ الجاه من له التجا
أشارتْ البشرى إليه بالرجا
ما حله عافٍ لجأ إلا نجا
من ضيقِ أمرٍ أو حلولِ أسر
ومن خطوبٍ واحتمالِ إصْر
فيا له من حرمٍ وركنِ
صرِّح بذكر أمرِه وكنِّي
عليه منطقُ الملوك يُثنِّي
عزيزه درةُ تاجِ العصر
ومصرهُ أبهجُ كل مصرِ
إن رمتَ وصفه على التحقيقِ
فمنظرُ العدل به حقيقي
وفىَّ له بأكمل الحقوقِ
ولم يزلْ مآلنا في البر
يا حُسن بحرٍ في الوفا وبَرِّ
أميرُ عصر هل يُرى نظيره
حبُّ الفخار والعلا سَميره
نصيرهُ مولاه بلى ظهيره
بعون مولاه قويِّ الظهر
ذُو مظهرٍ يبلغُ حد الزُّهر
أعلا عمادَ الملك نحو الأوجِ
بعد اضطرابٍ وهياجِ موْجِ
بنظم فوْجٍ أو بنثر فوج
والنظمُ ما أحلاه بعد النثر
دراً لثغرٍ أو حُلىً لنحر
يا حبذا نظمُ الصنوف الأربعِ
من الصفوف في مقامٍ أرفعِ
نوعُ السواري وضروبُ المدفع
ومعشرُ المشاة أُسْدُ الكرِّ
والفلكُ من فوق البحار تجري
رجالُها قد أحرزوا فنونَها
أبطالها قد أبرزوا مكنونَها
وطالما سام السَّوَى مرصونَها
وجادَ بالروح لها في المهر
وعن حجاه احتجبتْ في خدر
هل بَلغ إسكندر أن مصرَا
ترجفُ مُلكَ قيصرٍ وكسرى
كم قَلْبِ جيشٍ أورثته كَسْراً
وقلَّ أن يُجبرَ بعد الكسر
قلبٌ يقابلُ الوفا بالجبر
هل بلغ الماضين أن النيل
يخصُّ بالثناءِ إسماعيل
عموم نفعِه غدا جَزيلا
كل لياله ليالي القدرِ
وليلةٌ خيرٌ من ألف شهر
من قبله صعيدنا الخصيبُ
هل خصَّهُ من الهنا نَصيبُ
عزيزنا اجتهاده يصيبُ
يروي حديث مجده عن بشر
يسنده لنافعٍ والزهري
أيامُه لعزنا مظاهرُ
جدٌ وإقبالٌ ومجدٌ باهرُ
يمنٌ وإسعادٌ جليٌّ ظاهرُ
أوضحُ من ضوء الدراري الغرِّ
ومن سنا الشمس ونور البدر
بوارقُ المجد إلهي تُنسبُ
سرادقُ الحمد عليه تُنصبُ
وصادقُ الوعد لسانٌ يُعرب
عن ما به يبسم ثغرُ الدهر
مما به تقرُّ عين الحرِّ
أنجاله قرتْ بهم عيونُ
فَلاحهم محققٌ مضمونُ
وجوهرُ المجد لهم مكنون
على المدى يشرحُ كل صدر
مع ازديادِ إمرةٍ وأمر
كل كريم يجلبُ الإسعَادا
وينجبُ الأبناء والأحفاد
شاد العلا بين الملا وسادا
لا غروَ أن نعيذهم بالفجر
من حاسدٍ وبالليالي العشر
ونسأل المولى بلوغَ القصدِ
للداوري واكتمالِ السعد
إدراكُ آمالٍ بغير عدّ
طلابها متوجٌ بالنصر
والحمد للمولى ختامُ الشعر
قصيدة خل لغرام لصب دمعه دمه
خلِّ لغرام لصبٍّ دمعه دمُه
حيرانُ تُوجده الذكرى وتُعدمُه
فاقنعْ له بعلاقات علقن به
لو اطلعتَ عليها كنت ترحمه
عذلته حين لم تنظر بناظره
ولا علمت الذي في الحب يعلمه
لو ذقَت كأس العذريِّ ما هجعت
عيناك في جنح ليل جن مظلمه
ولا ثنيت عنان الشوق عن طلل
بال عفت بيد الأنواء أرسمه
ما الحبُّ إلا لقوم يعرفون به
قد مارسُوا الحب حتى هان معظمه
عذابه عندهم عذب وظلمته
نور ومغرمه بالراء مغنمه
كلفت نفسك أن تقفوا مآثرهم
والشيء صعب على من ليس يحكمُهُ
إني أورِّي عَذُولي حين يسألني
بذكر زينب عن ليلى فأوهمه
وطالما سجعت وهنا بذي سلم
ورقاء تعجم شكواها فأفهمه
وتثنى نسماتُ الغور حاكية
علم الفريق فأدري ما تترجمه
يا من أذاب فؤادي في محبته
لو شئت داويت قلبا أنت مسقمه
سقى الحيا ربع صب سار منه إلى
شُعب المريحات هامي المزن يوهمه
وبات يرفض من سفح الخزام إلى
وادي آرام وما والي يلملمه
يسوقه الرعد في تلك البطاح إلى
أم القرى ورياحُ البشر تقدمه
وكلما كف أوكلت ركائبه
بأداة بالرحب مسعاه وزمزمه
لما ألب على البطحاء عارضَه
على المدينة برق راق مبسمه
سقى الرياض التي من روضها طلعت
طلائع الدين حتى قام قيِّمه
حيث النبوة مضروب سرادقها
والنور لا يستطيع الليل يكتمه
والشمسُ تسطع من خلف الحجاز وفي
ذاك الحجاز أعز الكون أكرمه
محمدٌ سيد السادات من مضر
سر النبيين محيي الدين مكرمه
فرد الجلالة فرد الجود مَكْرُمةً
فرد الوجود أبر القلب أرحمه
نور الهدى جوهر التوحيد بدر سماء
المجد واصفة بالبدر يظلمه
من نور ذي العرش معناه وصورته
ومنشئ النور من نور يجسمه
ومودع السر في ذات النبوة من
علم وحسن وإحسان يقسمه
فذاك من ثمرات الكون أطيب ما
جاد الوجود به أعلاه وأعلمه
فما رأتْ مثله عين ولا سمعت
أذن كأحمد أين الأين تعلمه
أمست لمولده الأصنام ناكسة
على الرؤوس وذاق الخزي محرمه
وأصبحت سبل التوحيد واضحة
والكفر يندبه بالويل مأتمه
والأرض تبهج من نور ابن آمنة
والحق تصمى ثغور الجور أسمعه
وإن يقم لاستراق السمع مسترق
فعنده صادر الأرجاء يرجمه
إن ابن عبد مناف من جلالته
شمس لأفق الهدى والرسل أنجمه
العدل سيرته والفضل شيمته
والرعب يقدمه والنصر يخدمه
أقام بالسيف نهج الحق معتدلا
سهل المقاصد يهدي من تيممه
وكلما طال ركن الشرك منتهيا
في الزيغ قام رسول الله يهدمه
سارت إلى المسجد الأقصى ركائبه
يزفه مسرج الإسرا وملجمه
والشوق يهتف يا جبريل زجُّ به
في النور ذلك مرقاه وسلمه
والعرش يهتز من تعظيمه طربا
إذ شرَّف العرش والكرسيُّ مقدمه
والحق سبحانه في عز عزته
من قاب قوسين أو أدنى يكلمه
فكم هنالك من فخر ومن شرف
لمن شديد القوى وحيا يعلمه
حتى إذا جاء بالتنزيل معجزة
يمحو الشرائع والأحكام تحكمه
هانت صفات عظيم القريتين وما
يأتيه جهلاً أبو جهل ويزعمه
حال السها غير حال الشمس لو علموا
بل أهل مكة في طغيانهم عمهوا
فاصدع بأمرك يا ابن الشم من مضر
فقد بعثت لأنْفِ الشرك ترغمه
لك الجميل من الذكر الجميل ومن
كل اسم جود عظيم الجود أعظمه
يا أيها الآمل الراجي ليهنك ما
ترجوه ذا كعبة الراجي وموسمه
قبرا تشاهد نوراً حين تبصره
عيني وانشق مسكا حين ألثمه
كم استنبت رفاقي في زيارته
عني وما كل صب القلب مغرمه
كم يصافحه من لا يدي يده
ولا فمي عند تقبيل الثرى فمه
متى أناديه من قرب وأنشده
قصيدة فيه أملاها خويدمه
مهاجريه افترت كمائمها
عن نور در لسان الحال ينظمه
كم يأمل الروضة الغراء ذو شغف
يرجو الزيارة والأقدار تحرمه
مستعدياً بحبيب الزائرين على
دهر تنكرَ بالإهمال معجمه
فقم بعبدك يا شمس الكمال وكن
حماه من كل خطب مر مطعمه
وادع الكريم إذا ضاق الخناق به
خاب من أنت في الدارين ملزمة
يا سيد العرب العرباء معذرة
لنادم القلب لا يغني تندمه
أنطت ظهري بأوزار وجئتك لا
قلب سليم ولا شيء أقدمه
يا صاحب الوحي والتنزيل لطفك بي
لا زلت تعفو عن الجاني وتكرمه
وهاك جوهر أبيات بك افتخرت
جاءت بخط سير الذنب يرقمه
فانهض بقائلها عبد الرحيم ومن
يليه إن هم صرف الدهر يدهمه
واجعله منك برأي العين مرحمة
إذا ألم به من ليس يرحمه
وإن دعا فأجبه واحم جانبه
يا خَيْرَ من دفنت في القاع أعظمه
فكلْ من أنت في الدارين ناصره
لم تستطع محن الأيام تهضمه
عليك من صلوات الله أكملها
يا ماجدا عمت الدارين أنعمه
يندى عبيرا ومسكا صوب عارضها
ويبدأ الذكر ذكراها ويختمه
ما رنَّح الريح أغصان الأراك وما
جابت على أبرك الجنان حومه
وتنئى فيعم الآل جائدةً
بكل عارض فضل فاض مسجمه
قصيدة هيا نتحالف يا إخوان
كتب رفاعة الطهطاوي في قصيدة هيا نتحالف يا إخوان:
هيا نتحالفْ يا إخوانْ
بأكيدِ العهد وبالأيمانْ
أن نبذلَ صِدْقاً للأوطانْ
وبيمْن سعيدٍ نحن نصانْ
والفضل يجل عن النكران
للحربِ هلمُّوا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمانْ
هيا اجتهدوا هيا اجتهدوا
والحر ينجزُ ما يَعِد
وجميعُ الناسِ لكم شهدُوا
بشجاعتكم عند الميدان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
هيا اتحدوا هيا اتحدوا
للملَّةِ سيفُكم عضدُ
وبيُمن سَعيدٍ نحنُ نُصان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
فلكم قِدمٌ ولكم قَدمُ
في الفضل وضدكم عدمُ
ومعالمكم لا تنهدم
بالتقوى تأسيسُ البنيان
لحرب هلمُّوا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
أنتم كُرما أنتم نُبلا
تحمُون الجيرةَ والنُّزُلا
ولكم شرفٌ في الكونِ علا
قدْراً لا يمحوه الملوان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
فنزالِ نزالِ على الأعداء
لا ترعوْا في الأعْدا عَهدا
فالوقتُ أتاح لكم سعدا
وأذاقهم طعمَ الخسران
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
هيا انتظموا وارْقوْا أوْجا
هيا اقتحمُوا فوجاً فوْجا
هيا التحموا عند الهيجا
هيّا هيا سُونكِي دوران
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
لا تعطوا الأعْدا مِقْوَدكم
لا ترضوْا أن تستبعدكم
واللهُ تعالى أسعدكم
بقتالٍ وهزم ذوي الطغيان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
بصوارمكم وعواليكم
ومفاخركم ومعاليكم
وبيُمن سعيد نحن نصان
خوضوا بدما أهل العدوان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
هولُ الأعداء طلائعكم
وبنادقكم ولوامعكم
وعذابُ الهون مدافعكم
وصواعقكم رمُى الأهوان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
قصباتُ السبقِ بها فُزتم
وسهامُ المغنمِ قد حُزتم
وحظوظُ الشهرةِ أحرزتم
وبها امتزتم بين الأقران
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
قسماً بجميل شروعكم
في حفظِ وصون ربوعكم
والنصرَ حليفُ دروعِكم
وبيمن سعيد نحن نصان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
هيا اشتبكوا هيا اشتبكوا
وغبارُ المعْرك محتبكُ
والعسجدُ هلا ينسبك
إلا بمقاومة النيران
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
وطولُ الحرب لها طربُ
وإليها الناجبُ ينجذب
والضد لديهما مضطرب
وحشاه يصير بها ولهان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
رؤساؤكم هم أُسْد شَرى
كل منهم للمجد شَرى
بمزاياهم فاقوا البشرا
فهم الأمَرا وهم الأعيان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
فبنو مصر طُراً نُجبا
ونجيب القوم الضيمَ أبى
يُبدون لدى الهيجا العجبا
أتُرى بين الأنجاب جبان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
في السوْم ثمنٌ غالِ
في تاريخ الزمن الخالي
ونظام الملك لهم عالِ
وله ذكرٌ بعد الطوفان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
وألوفُ قرونٍ بعدُ خلتْ
في حكم سواها ما دخلت
وبأسْر الغير لها بخلتْ
فمن الأبناء كان السلطان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
في ماضي الدهر قدْ بقيت
تختاً لملوكٍ قد وُقيتْ
شَرَّة الأغراب وقد سُقيت
أكوابَ طِلاحبِّ العمران
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
قد حازت منزلةً عُليا
وبذا دُعيتْ أمَّ الدنيا
وبصيتٍ الموتى والأحياء
فاقتْ مجداً كل البلدان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
في ذروتها العليا صعدت
مصر وعوادي الدهر عدت
فاحتلت قهراً وابتعدت
دهراً عن ميزان الرجحان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
وتولى إمرتها الغُرَبا
أعجاماً كانوا أو عَربا
والحالُ ينادي واحربا
والفرصةُ تدرك بالأزمان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
ربُّ الخيراتِ أراد لها
خيراً من ذلك بدّلها
بأكيد العهد وبالإيمان
وبيمن سعيد نحن نصان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
وبنوكِ الآن قد افتخروا
بوقائعَ عُظمى وانتصروا
ربحوا في الغرْوِ وما خسروا
والأعداء عادوا بالخذلان
للحرب هلموا يا شجعان
حبُّ الأوطان من الإيمان
قصيدة ناح الحمام على غصون البان
ناحّ الحمامُ على غصونٍ البانِ
فأباحَ شيمةَ مُغرمٍ ولهانِ
ما خلته مذُ صاح إلا أنه
أضحَى فقيدَ أليفه ومعاني
وكأنه يُلقى إليّ إشارةً
كيف اصطباري مُذ نأى خِلاني
مع أنني والله مذ فارقتهم
ما طابَ عيشي وصفُو زَماني
لكنني صبٌّ أصونُ تلهفي
حتى كأني لستُ باللهفانِ
وبباطنٍ الأحشاءِ نارٌ لو بَدَتْ
جمراتُها ما طاقها الثَّقلانِ
أبكي دماً من مهجتي لفراقهم
وأودُّ أنْ لا تشعرَ العينان
لي مذهبٌ في عشقهم ورايتُه
ومذاهب العشاق في إعلان
ماذا عليّ إذا كتمت صبابتي
حتى لو أن الموتَ في الكتمان
ما أحسنَ القتلى بأغصان النقى
ما أطيبَ الأحزان بالغزلان
قالوا أتهوى والهوى يكسو الفتى
أبداً ثيابَ مذلةٍ وهوان
فأجبتهم لو صحَّ هذا إنني
اختار ذلي فيه طولَ زماني
والذلُّ للعشاقِ غيرُ مَعرة
بل عينُ كل مَعزّةٍ للعاني
أصبو إلى من حاز قداً أهيفا
يزرى ترنحهُ بغصن البان
وأحن نحون شقيق تمٍ خدِّه
قد نمَّ فيه شقايق النعمان
ويروقني أبداً نزاهةُ مقلتي
في حُسنِ طلعةِ فاتكٍ فتّان
أمسى وأصبحُ بين شَعْرٍ حالكٍ
ومُنيرِ وجهٍ هكذا الملوان
ولطالما قضَّيتُ معه حِقبة
ونسيمُ مصرَ معطّرُ الأردان
زمنٌ عليّ به لمصر فديتها
حقٌّ وثيقٌ عاطلُ النكران
لو شابهتْ عيناي فائضَ نيلها
لم توفِ بعض شفائه أحزاني
أو لو حكى قلبي بحارَ علومها
طرباً لما أخلو من الخفقان
ولكم بأزهرها شموسٌ أشرقتْ
وأنارتْ الأكوانَ بالعرفان
فشذا عبير علومهم عمَّ الورى
وسرتْ مآثرهم لكل مكان
وحوتهم مصرُ فصارت روضةً
وهموا جناها المبتغى للجاني
قد شبهوها بالعروس وقد بدا
منها العروسي بهجةَ الأكوان
قالوا تعطَّر روضُها فأجبتهم
عطارُها حسنٌ شذاه معاني
حَبرٌ له شهدت أكابرُ عصره
بكمال فضلٍ لاحَ بالبرهان
لو قلتَ لا يُوجد بِمصرَ نظيرُه
لأجبتُ بالتصديق والإذعان
هذا لعمري اليومَ فيها سادةٌ
قد زُينوا بالحسنِ والإحسان
يا أيها الخافي عليك فخارُها
فإليكَ إن الشاهدَ الحسنان
ولئن حلفتُ بأن مصرَ لجنَّةٌ
وقطوفها للفائزين دواني
والنيلُ كوثرها الشهيُّ شرابه
لأبرُّ كل البر في إيماني
دار يحق لها التفاخرُ سيما
بغريزها جَدوى بني عثمان
حاز المحامدَ إذ دُعي بمحمدٍ
ورقي العُلا فعلى على الأقران
من كل مثل أميرنا فقرينه
إسكندر أو كسرى أنوشروان
في وجهه النصرُ المبين على العدى
لاحتْ بشائرهُ لكل معاني
في كفه سيفانِ سيفُ عناية
والشهمُ إبراهيم سيفٌ ثاني
سلْ عنهُ يُنبيك الحجاز مشافهاً
بدمار أهلِ الزيْغ والبهتان
من قبل كانت سُبْله مذعورةً
والآن صارت في كمال أمان
لا غروَ إن نجْداً أدامتْ شكرَه
فلقد كساها حُلةَ الإيمان
وسعتْ إلى زنجٍ طلائعُ جيشه
فأطاعها العَاتي من السودان
وتقلبُ الأروام عدلٌ شاهدٌ
كم منه قد نالُوا شديدَ طعان
حتى لقد باءوا بوافرٍ خزيهم
وتقاسموا حظاً من الخسران
لم تُخْطِ قامةُ رُمحِه أغراضَها
وإصابةُ الأغراضِ نيلُ أماني
أحيا بدولته علوماً قد غدتْ
لوضوحِها تُجلى على الأذهان
بطلٌ مكارمه الجليلةُ قلَّدت
هامَ الزمانِ مكللِ التيجان
يهنيك يا مصرُ لقد خرت البها
بمحمدٍ باشا على الشان
فأخطى بواخر حكمِه وتمتعي
وبذلك افتخري على البلدان
مُدّي أكفّ الشكر وابتهِلي بأن
يُبقيه مولاه طويلَ زمانِ
قصيدة ألا فادع الذي ترجو ونادي
ألا فادعُ الذي ترجو ونادى
بُحبك وإن تكن في أيّ نادي
فمن غَرس الرجا في قلب حُرٍ
أصابَ جَنى النجا غِبّ الحصاد
ومن حُسن الخلائق سله صنعاً
جميلا فهو أوفى بالوداد
وحدثْ عن وفا خلٍ وفي
بمرسلٍ حُبه في القلب بَادي
ورب أخ تلاهى عنك يوما
فربّ وداده أبداً ودادي
بنو الآدابِ إخوانٌ جميعاً
وأخدانٌ بمختلف البلاد
خلائفُ عنصرٍ كل تغذى
بأثداء العلا دونَ اقتصاد
وآدابُ الفتى تعليه يوماً
إلى الأنجاد من بعد الوهاد
وآدابِي تُسامى بي الدراري
على شعثي وتبلغني مُرادي
ومالي لا آتيه بها دلالا
وقد دلتْ على نَهج الرشاد
إلى سُبل الفخار تقود حزمي
وفي ميدانه عزمُ انقيادي
عِصاميٌّ طريفُ المجد سعياً
عظاميُّ شريفٌ بالتِّلاد
سوى نسب العلوم لي انتسابٌ
إلى خير الحواضرِ والبوادي
حُسينيُّ السلالة قاسميُّ
بطهطا معشري وبها مهادي
لسان العرب يُنسب لي نجاراً
ويدنيني إلى قُسّ الإياد
وحسبي أنني أبرزت كتباً
تبيدُ كتائباً يوم الطراد
فمنها منبعُ العرفان يجري
وكم طرسٍ تَحبَّر بالمداد
على عدد التواترِ مُعرباتي
تفي بفنون سلم أو جهاد
وملطبرون يشهدُ وهو عدل
ومنتسكو يقرُّ بلا تمادي
ومغترفو قراح فراتِ درسي
قد اقترحوا سِقاية كل صادي
ولاح لسان بَاريسٍ كشمسٍ
بقاهرة المعزّ على عبادي
ومحيي مصرَ أحيا كان قدري
وكافأني على قدر اجتهادي
سأشكرُ فضلَه ما دمتُ حياً
وما شكري لدى تلك الأيادي
رعى الحنان عهدَ زمان مصر
وأمطرَ ربعَها صوب العهاد
رحلتُ بصفقة المغبون عنها
وفضلي في سِواها في المزاد
وما السودانُ قطُ مُقامُ مثلي
ولا سَلماي فيه ولا سَعادي
بها ريحُ السمومُ يشم منه
زفيرَ لظى فلا يُطفيه وادي
عواصفها صباحاً أو مساءً
دواماً في اضطراب واطّراد
ونصفُ القوم أكثره وحوشٌ
وبعضُ القوم أشبهُ بالجماد
فلا تعجبْ إذا طبخوا خليطا
بمخ العظم مع صافي الرماد
ولطخُ الدُّهْنِ في بَدنٍ وشعر
كدهن الإبل من جَرب القراد
ويُضربُ بالسياط الزوجُ حتى
يُقال أخو ثَباتٍ في الجلاد
ويرتق ما بزوجتهِ زماناً
ويصعبُ فتقُ هذا الانسداد
وإكراهُ الفتاة على بغاءٍ
مع النهي ارتضوْه باتحاد
نتيجته المولّدُ وهو غالٍ
به الرغباتُ دوماً باحتشاد
لهم شغفٌ بتعليم الجَواري
على شبقٍ مجاذبة السفاد
وشرحُ الحال منه يضيقُ صَدري
ولا يُحصيه طرسي أو مِدادي
وضبطُ القول فالأخيارُ نُزْرُ
وشرُ الناس منتشرُ الجراد
ولولا البيضُ من عُرْبٍ لكانوا
سواداً في سوادٍ في سواد
وحسبي فتكها بنصيف صحبي
كأن وظيفتي لبسُ الحِداد
وقد فارقتُ أطفالا صغاراً
بطهطا دونَ عَوْدي واعتيادي
أفكر فيهم سراً وجهراً
ولا سمري يطيب ولا رقادي
وعادت بهجتي بالنأي عنهم
بلوعة مهجةٍ ذاتِ اتقادِ
أريد وصَالَهم والدهرُ يأبى
مواصلتي ويطمعُ في عنادي
وطالت مدةُ التغريب عنهم
ولا غنمٌ لدىّ سوى الكساد
وما خلتُ العزيزَ يريدُ ذلي
ولا يُصغى لأخصامٍ حدادِ
لديه سعوا بألسنةٍ حدادٍ
فكيف صغى لألسنةٍ حدادٍ
مهازيلُ الفضائل خَادعوني
وهل في حربهم يكبو جوادي
وزخرفُ قولهم إذْ مَوهوهُ
على تزييفه نادى المنادي
فهل من صَيرفي المعنى بصير
صحيحِ الانتقاء والانتقاد
قياسُ مدارسي قالوا عقيمُ
بمصر فما النتيجةُ في بعادي
وكان البحرُ منهجَ سفن عزمي
فكدتُ الآن أغْرقُ في الثَّمادِ
ثلاثُ سنين بالخرطوم مرت
بدون مدارس طبق المراد
وكيف مدارس الخرطوم تُرجى
هناك ودونَها خَرطُ القتاد
نعم تُرجَى المصانعُ وهي أحرى
لتأييد المقاصد بالمبادي
علومُ الشرع قائمةٌ لديهم
لمرغوب المعاش أو المعاد
خدمتُ بموطني زمناً طويلا
ولي وصفُ الوفاء والاعتماد
فكنتُ بمنحة الإكرام أوْلى
بقدرٍ للتعيش مُستفاد
وغايةُ مطلبي عَوْدي لأهلي
ولو من دون راحلةٍ وزادي
وصبري ضاع منذ اشتدّ خطبي
وهوْنُ الخطب عند الاشتداد
وكم حسناً دعوتُ لحسن حَالي
وكم نادى فؤادي يا فؤادي
وأرجو صدرَ مصر لشرح صدري
وجهد الطول في طول النجاد
وكم بُشرتُ أن عزيزَ مصر
تفوهَ بالفكاك ولم يفاد
وحاشا أن أقولَ مقال غيري
وذلك ضد سرّي واعتقادي
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً
ولكن لا حياةَ لمن تُنادي
وفي دار العزازةِ لي عياذٌ
يَقيني نشبَ أظفار العوادي
أميرُ كبار أرباب المعالي
فني في شرعة العرفان هادي
عروفُ ألمعي لا يبارى
بمضمار العلا طلقُ الجياد
يوافر فضله الركبانُ سارتْ
وغَنىّ باسمه حادٍ وشاد
وقالوا في معارفه فريدٌ
فقلتُ وفي الرياسة ذو انفراد
وفي الأحكام قالوا لا يُضاهَى
فقلتُ وذو تحر واجتهاد
وقالوا في الذكاء ذكا فقلنا
وثاقبُ ذهنه وارى الزناد
وقالوا وفقَ الحسنُ المُسَمَّى
فقلت وكم حدا بالوصف حاد
وبحر حجاه يبدو منه در
لغوّاصِ العلوم بلا نفاد
فيا حسنَ الفعال أغثْ أسيرا
بسجن الزنج يحكي ذا القياد
عليه دوائرُ الأسواء دارتْ
وطالتْ وفقَ أهواء الأعادي
وقد فوضتُ للمولى أموري
وذا عينُ الإصابة والسداد
عسى المولى يقول امضُوا بعبدي
فيقضي لي بتقريب ابتعادي
وما نظمُ القريض برأْسِ مالي
ولا سَندي أراهُ ولا سِنادي
وافرُ بحره إن جاد يوماً
فممدوحي له وصف الجواد
وليس لبكر فكري من صداقٍ
سوى تلطيف عودي في بلادي
فا أسمى ذراها من بيوتٍ
رَزانٍ في حماستها شداد
ومسكُ ختامها صلوات ربي
على طه المُشَفَّعِ في المعاد
وآل والصحابة وكلَّ وقت
مواصلةٍ إلى يوم التنادِ