أجمل قصائد صالح الشرنوبي مكتوبة كاملة
صالح بن علي الشرنوبي، هو شاعر مصري مرهف الحس، معروف باسم صالح الشرنوبي، نشر بعض شعره في المجلات المصرية، ويعتبر البعض صالح الشرنوبي أحد أبرز الشعراء المظلومين بالقرن العشرين، حيث لم تنصفه الأقدار وهو على قيد الحياة أو ميتاً. في هذا المقال، ننقل لك أجمل قصائد صالح الشرنوبي مكتوبة كاملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة هات الدموع فأنت شاعر
قصيدة هات الدموع فأنت شاعر من أجمل قصائد صالح الشرنوبي وتقول:
هات الدموع فأنت شاعر، ما للدموع لديك آخر، لم تلهم الأبراج قلبك بعض إلهام المقابر ومن المقادر أن تعيش
وأنت نهب للمقادر، فانضح زمانك بالدموع، فأنت من بلواه خادر، يكفيك من نار الفجيعة، أنه تغنى الحناجر
آهاتكِ الحرّى على جمراتها، تفنى القوافي وأساكِ وهو مخلّدٌ ضمّته أجنحة الشغاف، ونشيدكِ الأبدي زيّافٌ
كمخبول السوافي، ورؤاكِ وهي زوارقٌ، تهفو لمأمون الضفافِ، دنيا من الآلام طفت بها وطهرك في الطواف
يا شاعر الموتى وعمرك لم ينضّره الشباب، ملء التراب جماجم فادفن حطامك في التراب ولدى المقابر يا حزين
صواب من فقد الصواب، فإذا سمعت سؤالها، وعجزت عن ردّ الجواب، لا تجزعنّ فللمنا يا السود أسرار عجاب
الشك دمر أصغريك فهات من وحي اليقين، هذي الحياة طلاسم عزت على المتعالمين، يا ثقل ما حملته
منها على مر السنين، لولا بقايا ظلمة في الروح من ماء وطين، لبرئت من قيد الحياة وصرت ذكرى الذاكرين
هات الدموع نسجتها في مقلتيكَ من الهوانِ، بالأمس أوعدت الثرى، قلباً تشيّعه المعاني، أوحى إليك على ظلام
اليأس خفّاق الأماني، بالأمس واقلباه غابت، خلف أستار الزمان واليوم وأفناه وحيك، من فجيعة أسمهان
فنٌّ من الألم الممض طغى على الأمل المض ومناخه في القلب تفزع، صمتها في كل أرض والدهر للروح المعذب
نابغيٌّ ليس يغضي، عاشت كما شاء الطموح لها فمن وثب لخفض وهوت كما تهوى الكواكب، بعد إشراق وومض
يا زهرة رفّت رفيف النسم في الروض المريع، هذا شبابك في الربيع، فهل بسمت إلى الربيع، جافتك أفراح الحية
وضمّك الألم الوجيع، ما نفع آفاق الوجود، تضيق بالأمل الوسيع، سيان في شرع القضاء، الشيخ والطفل الرضيع
هذا شبابك في العيون، الناظرات وفي الأثير، ذوبته نغما يرنح شجوه سمع الطيور، والصورة الخرساء ملحمةٌ مخلدة السطور
حجبت شجونك بابتسامٍ ليس من وحي السرور، كالواحة السجواء في أَحشائها سر الهجير، يا مزهرا للفن كانَ صَداهُ مشبوب النواح
أطربت محزون الهوى، وأثرت محطوم الجناح، همسات قلبك حدثت، عما بقلبك من جراح وعبير روحك خالد التطواف معبود النفاح
ما ضر لو رحم القضاء، فنام عن حرب الملاح، لم تغنك الدنيا بما أعطتك من شرف المتاع، عن خافق صافي الوداد
كريق النور المشاع، والعمر لولا نعمة الأحباب والفن الصناع، كالزورق الهيمان ضللَ طريقه وخبا الشعاع
وقست عليه السافياتُ فمزّقت منه الشراع، مثلت دورك في روايتهم كما شاءوا عشيقة، قدَرٌ تمثّل مرتين على اختلاف في الطريقة
في شاشة الفن الجميل، وشاشة الموت الصفيقة، أبكيكِ هل ألهمتِ أنك بعد أيام غريقة، فنقصت دورك في الخيالِ لتكمليه في الحقيقة
الجدب جدب الروح يا آمال لا جدب الصحارى والفن فجر الخالدين، يرطبون به القفارا، حرموا النعيم الواقعي، فأججوا للطين نارا
وتطهروا فشقوا على الدنيا وما عرفوا قرارا، هنئوا بأشكواك الحياة وأطعموا الحمقى الثمار
قصيدة طار يطوي مجاهل الأفق والنار
طار يطوى مجاهل الأفق والنار تلظ في قلبه الوثاب، يطبيه الحسن المشاع فيسرى مصعدا في غياهب وضباب
تشرق الشمس حين تشرق دنياه بحلم يطوى كطي الكتاب، وهو يشتار من ندى الفجر شهدا ومن الليل أكؤسا من صاب
زاده فنه ونجواه قيثار هواه وزهرةٌ من شباب تهزم الريح حوله فيغني، بلحون من قلبه المنساب، قال يا ريح كن بساطي إليها
ففؤادي أضناه طول اللواب، أنا في راحتيك قلب جريح، يتندى كأعين الأحباب، يتنزى شوقا إلى عشر بلقيس فهبني كالناسك الأواب
واطوني في يديك رب طلاء، عبقري أحسوه يذهب ما بي إن لي في الندى طلاء وفي البرق ابتساما وفي السماء كتابي
أتغنى بأيها كل حين، فهي إعجاز مبدع وهاب، لي مع النجم سبحة من خيال ومع البرق حسوةٌ من رضاب
ومع البدر والكواكب تسيار بطء الخطا جميم الخطاب، هو خمري ونشوتي وحديثي، وغرامي ومنيتي وطلابي
فامض يا ريح بي فقلبي غرفي هواه وفي هواه عذابي، يكتوى مفرداً بحسن العذارى وهو حسن كبهرج من سراب
تجد الناس سلوة وعزاء، عن أمان جوفاء صنو حباب، فهو يهذي في صمته ويناجي، سر آلامه بجمرٍ مذاب
فارحميه يا ريح من صمته الداجي وردي أحلامه للصواب، إن في صمته جحيما لنفسي، وهي كالزهر في الفيافي اليباب
فتقبل نجواي يا ريح واهزم، فهزيم الرياح في أصلابي، نجني من عذاب قلبي ونفسي، فهما توأما أسى وعذاب
أنا يا ريح جوهر مستسر، في كنوز في عالم مرتاب، تخذ الشك لليقين سبيلا، فهو في ظلمة الهوى الكذاب
طهريني من رجس دنياي بالنار تلظى في روحك الغلاب، وانظري هل ترين إلا خداعا، قد كواني بلمحة الخلاب
يا رياح المغيب هبي بقلبي، وبنفسي وراحتي وشبابي واقذفي بالتراب حينا إلى الشمس وحينا إلى ضمير العباب
عله يكتوى بسفع لظاها، فهو سر لشقوتي واكتئابي، عاصفٌ إثر عاصف ونجوم ورجوم تغلى على الأحقاب
وعلى الأفق ثائر من لهيب وعلى الشمس غيهب من حجاب وإذا الكون يشرب الليل كأسا ويغني بثاقب وشهاب
ثم يفنى الوجود في كف باريه، لتحيا الحياة في الألباب وإذا العالم العي بليغ، ذائع السر معلم الأسباب
وإذا الخافق الغرير حكيم وإذا النفس في طريق التصابي وإذا راهب الليالي خيال، شارد الخطو كالمها في الغاب
خلصت روحه فسال ضياء، وطوى طينه سجل الرغاب، فهو يشدو في مأتم الروح لحنا ويبكي في مفرحات التراب
يقرأ الكون في صحيفته العليا، سطورا ما بين صاف وكاب، فرأى الخير في المآذن يخبو وهو الخير في النواقيس خابي
ورأى الشر في الجميع مشاعا، فتولى عن رفقة وصحاب ورأى النجم دمعة الشمس في المغرب والدمع توأم الاغتراب
ورأى البدر ثاني اثنين في حب سماء سحرية الأبواب ورأى الأرض قبضة من تراب، طوقتها غلالة من سحاب
ورأى الزهر في الرياض شؤونا، وشجونا للعاشق المنتاب ورأى النحل أمة في هواء ورأى النمل أمة في هضاب
ورأى الحب نسمة من نعيم ورأى الحب عاصفا من عذاب ورأى الله جهرة في مجاليه قريباً منه بغير اقتراب
فهو بين النكران والإعجاب وهو بين اليقين والاضطراب ورأى الموت لا بل الموت أغراه بلقياه بعد طول لعاب
جاءه في اعتزاله يطلب السر وفي السر ضاع فجر الشباب، قال يا شيخ قد أتيتك أدعوك إلى عالم رفيع الجناب
فانطلق من قيود دنياك إن كان يسيرا عليك نزع اللباب أو فدعني أنزع لبابك يا قشر تمت سالما من الأوصاب
ثم ولى عنه وخلف دودا، مستكفاً حول الذبيح المصاب وانطوى عمري ليذهب ذكرا خالداً في الأعمار والأحقاب
قصيدة أبنجواي من رقيق النشيد
قصيدة أبنجواي من رقيق النشيد واحدة من أجمل قصائد صالح الشرنوبي، وتقول:
أبنجواي من رقيق النشيد، ما أغنية أم أحطّم عودي أم أطيل السجود في معبد الله وحيدا فتشرقي من جديد
إيه يا ليل هل تنازلت عن عرشك حتى ترقاه شمس الوجود، كبدي في دجاك كالأمل الخائب والحر موثقا في القيود
لم أذق فيك غير سهد الثكالى وأنين المعذب المفؤود، اشرقي يا ذكاء إن خيالي، كصدى الصوت في الفيافي البيد
رنقت صفويَ الدنايا فجلى صدأ الخوف من لقاء المجيد، يا بديع الجمال أطلق من القيد ذكاء إلى الشقي الطريد
إن في نورها هداية حيران وبشرى الدنيا بعام جديد، أمل مشرق كضوء محياه وسحر كدرّه المنضود
وشعاع يرنو إلى عاشق النور بشيراً لقلبه المعمود وصلاة الندى على الزهر كالقبلة ترجو بقاءها في الخدود
ورضيع الكرى يفيق من النشوة والطير ساكر بالنشيد وحبيبان يحدوان المطايا، مسئدات ما دام جرس القصيد
سجّدا للذي له الخلق والأمر سجود العبيد للمعبود ومهاة كبسمة الصبح لم تحفل، بسوء يصيبها من كنود
حملت رأسها الطعام لجسمين، نحيلي تذكر وهجود، لم تخف صولة الطغاة ولم تجفل، من الجمع صائحا كالرعود
هي أنثى لكن لها عزم جبار، وقلب كالصخرة الصيخود، فإذا مسه الحنين إلى الله تغنّى بمزهرى داود
فخر حواء لم تزيف جمالا، بطلاء فجوزيت بالخلود، همها البيت والتقى ورضا البعل وغوث الجرحى ودفن الشهيد
لا التغني بعاشق ينقض العهد، ويودي بمجدها المنشود، قبلي يا ذكاء أرضا مشت أسماء فيها وأقرئيها قصيدي
وأزيحي عن شرفة الغيب سجفاً، أنظر الغار في مراقي السعود، فيه ملك ورائد طاهر القلب وفي لا كالعدو اللدود
أخلص الحب للنبيّ فماداهن أو حاك فريةً لحسود، لدغَت رجله فلَم يشكُ وهنا، فعليها ينام قلب الوجود
لم يكن كالصديق يغدر إن أهلك جدبى أزاهري وورودي، أرخص الروح في الدفاع عن الدين بعزم يفلّ غفل الحديد
لم تغرر به الحياة ولم يعبأ، بسيف يرديه أو تهديد، لا يلبي الأصنام حين تناديه ولبى محمدا حين نودي
ما أعز الهوى طهورا عفيفا، وأذلّ الهوى هوى العربيد، أيها الغار أنت أجدر بالغار، نديّا من فاتحين وصيد
فيك قلبان ضارعان إلى الله بعيدا عن ضلال الجدود، فارقا الأهل والفراق عذاب، لينالا محبة الموجود
نسج العنكبوت أحلامه البيض على جفنك الخليّ السعيد وهنت من صبابة فتفرّت، أم وهت من ترنح الغريد
كشغاف القلوب مزقها الوجد، كجسم المضنى كثوب الشريد، سجدت فوقها الحمائم شكرا وأضاعت حرص الأجير العنيد
يا بنات الهديل رتلن ذكرا، ه عبيرا يزرى بنشر العود وأرقنَ الدموع من خشية الله وزودننا بنصح سديد
قلن إن الذي يباركه الله، قوي ومعزز بالجنود، قلن إن الهدى هدى الله واندبن زماناً مضيعا في الجحود
قلن إن النبي جاهد في اللَه جهاد المغلّب الصنديد، لم يجاهد ليكنز المال أو يبني مجداً على رقاب العبيد
قلن إن الذي له اهتزّت الأرض خشوعا يرضى بأكل القديد، لم يبت ليلة وفي الدار خبزٌ من شعير أو لقمة من ثريد
كان يطوي غطاءه وأقل النا قدرا منعّمٌ في البرود، يخصف النعل باليمين التي تفدى بروحي وطارفي وتليدي
لم ينم ليلة وقد غفر الله له بأحياه بالتحمد، عجمت عوده الليالي فما لان ولا خاف من أذى أو وعيد
حارب الكفر والضلالة فانقاد له كل عاقل ورشيد، عبدوا اللَه مخلصين له الدين ففازت بهم جنان الخلود
لم تفرقهم المطامع في الدنيا فكانوا كحزمة من عضيد، ينفد المال والمكارم لا تنفد والمجد للشجاع الصمود
أشرقي يا ذكاء إن بقلبي، جمرة ما لنارها من خمود، شنّها لاعج الحنين إلى مجد قديم مضيّعٍ مفقود
حصدته من أجل الغرب والناس سكارى بخمرة التقليد، لم يبالوا بالدين بل حفروا قبراً عميقا لغصنه الأملود
فرقت بينهم مطامع جوفاء فباء بذلة وركود، ذكريهم يا شمس بالحسب الغالي وضجّي ببعثه وأعيدي
علميهم أن الحياة بدون السلم نار مشبوبة في حصيد، ثم غيبي عنهم إلى يوم ألقاك فأحيى مواثقي وعهودي
يا ذكاء العام الجديد السعيد، غبت عني فغاب عني وجودي
قصيدة أطرقت في ضراعة تذكر الله
أطرقت في ضراعة تذكر الله وفي صمتها يذوب النداء، ذات حسن جلت عن الحسن في الأرض وودت لو قبلتها السماء
طفلة كالنسيم لطفا وكالظل، على الزهر فاض منه الحياء، ثغرها كأس جنة بارك الله طلاها سحرية عذراء
فيه من كل آية سرها الساجي ولكنه طواه القضاء، فيه من سكتة الطيور على الدوح إذا زاد في أساها العناء
فيه عي اللسان وهو بليغ، صامت اللحن صارخ بكاء، فيه أغفت أغرودة الصمت سكرى، بطلاء لم يحسه الندماء
فيه إشراقة الزهور إذا رفت عليها الظلال والأنداء، فيه قيثارة من الله ثكلى، لم ترجع أنغامها الأصداء
فيه من هدأة الدجى ومن الفجر خشوع ورقة وصفاء، كلما أطبقته حزنا ترامت، في فؤادي المطاعن النجلاء
كرم الله سمعها عن أحاديث، الدنايا فمات فيه الدعاء، لغة الدمع واللحاظ لها أجلى، بيان يقوله الشعراء
عينها منبع من السحر فياضٌ به جاور الظلام الضياء، لحظها طلسم من النور روحي وشعر معطر وسناء
فضح الحسن سره كلما ناجى فؤادي شعاعه الوضاء، منه ما يظمئ القلوب ومنه ما ينال القلوب منه الرواء
منه لحظ يضيء للسادر السبل ومنه السهاد والظلماء ولأهدابها الرقاق قضاء، عبقري أحكامه خرساء
قدها أملس المعاطف نشوان جميل قد طهرته السماء وجهها عالم من النور والخمر عفيف تغارُ منه ذكاءُ
سائلوا أي مهجة لم تذب شوقاً إليها إذا طواها المساء، كلما أقبلت علي أطارتني، شعاعا آهاتها الرعناء
كل قلب حلت نبيلة فيه، حل فيه الهدى وحل الرجاء، إيه يا فتنة النواظر مالي، كلما هاجني الحنين أساء
ذكرتني آيات حسنك ليلاي ففاض الأسى وفاض البكاء، أطرقي يا صغيرتي واسأل ربك أن يسعد الحزين اللقاء
إن حزني وحرقتي وسهادي، حججي يوم تبرد الأحشاء وهو يوم أفديه بالروح إن عز على العاشقين فيه الفداء
قصيدة رتل البلبل الطروب لحونه
قصيدة رتل البلبل الطروب لحونه، من أجمل قصائد صالح الشرنوبي، وتقول:
رتل البلبل الطروب لحونَه شاديا يسمع الغناء غصونه، يملأ البشر وجهه الغضّ حسنا، ويزين الضياء منه جبينه
وتسير الجآذر الغيد سكرى، من حواليه والقنابر دونه والندى من مدامع الغيب مسكوب على هامة الخيال الحنونة
والشعاع الرطيب يسبح في الكون وروح الإلهام فيه كمينه، هزني الشوق للملاحن والشعر وأنغامه العذاب الرصينة
قلت يا بلبل الرياض أجبني، ما الذي هاج من هواك دفينة، قد سمعنا الغناء والشدو والنجوى وصبّ الترنيم فينا فنونه
فاروِ من شرفة القرون أحاديثك، وارحم منّا الدموع السخينة، قال حقّا لقد شغلت عن الضوء وعمّيت سحره وفتونه
ما ترى ذلك الجمال الذي قدّسه، الله ثم زكى معينه، أي نور جلا الغزالة في رأد ضحاها بمثل نور المدينة
إنها هجرة الرسول وما أروع ذكر الرسول لو تعلمونه، ها هي اليوم تملأ الكون نوراً، فجرّ اللَه في السماء عيونه
ماتت اللات وانقضت دولة العزى، وخرت مناة ولهى حزينة، تندب المجد بعد أن ضعضع، الحق هواها فما تزال سجينة
سل سيف الإسلام من غمده البالي تروى الدماء منه جفونه، مقصد لا يزيله الصارم العضب ولا تمنع الحوادث دونه
ورسول يرى النعيم على الذل، جحيما فليس يرضى سكونه، جعلوا المال طيعا في يديه وأتوه بملكهم يفتنونه
ويقولون يا محمد دع عنك، سفاه الشيطان واترك مجونه، واهجر الدعوة الجريئة واصنع مثل آبائنا وما يصنعونه
واعبدوا مثلنا الحجارة فالنفع لديها وخير ما تأملونه ولئن شئت ملك كسرى أنوشروان، فاهنأ بما ترى أن تكونه
وترى المال كالجبال على الأرض، فترضى أهواؤك المفتونة، كبرت تلك نزوة يا أبا جهل أبا لمصطفى تريد المشينة
لعن الله كل من يشهد الحق جليا ولا يرى أن يصونه، هل ترى في الكنوز والملك والجاه، خداعا ترجونه أن يلينه
علم اللَه أنها دعوة الحق ستفرى، بالسيف ما تفترونه، جنة الله ربحه وروضا الله مناه، فمن يناضل دينه
سار جيش الإسلام في مهمة الكفر فسوى سهوله وحزونه ومضى للخلود ينصره الله بجند مسومين مصونه
وسرى الصادق الأمين ينادي، أن هلموا فهاجروا للمدينة، وانشروا الدين في سكون إلى أن يظهر الحق بعدما تكتمونه
رب احم القضاء فانصر رجالي، واسكب الصبر والهدى والسكينة، إن أنصار البواسل قل وخميس العدو ملء المدينة
خفقة زلزلت البروج، فهي بالهدم والسقوط رهينة، قبض النور من ربوعك يا مكة فابقى يتيمة مسكينة
واطربي يا مدينة اليوم بالهادي وهاتي من المدائن زينة وانثري الزهر والرياحين والجلسان في كل مجمع ترتضينه
إن دين الرسول فيك مقيم، أو يزيل الرسول عنه دجونه، سوف يزهو بعد النضال على الدنيا وتبقى الشريعة المأمونة
كالحديد المصهور يزداد حسنا، بعد أن يصقل الجحيم سنونه، يا رسول السلام والعدل هذي صيحة من المجنونة
أقف اليوم والخطوب جسام، لأرى الركب قد أضلوا السفينة، نشروا في الزعازع الهوج أعلام الخطايا لغير شط أمينة
وأضاعوا دينا ظللت تذود الكفر عنه كالليث يحمي عرينه، فانفث القوة الفتية في الناس وشد العزائم الموهونة
يا أسود الشرى وأشبال طه، ها هو الغرب يبتغي أن يهينه، فاجمعوا شملكم وهبوا صفوفا واحفظوا شرعه الرسول المبينة
فحياة الجمود نوع من الموت وعزّ الذي يرى الحق دينه
قصيدة هات قيثارتك يا شاعر
هات قيثارك يا شاعر واصدح بالأغاني وتدفّق واملأ الدنيا بألحان الجنان، وأشد باللحن الذي رنح أسماع الغواني
وارو للتاريخ يوما جمعت فيه الأماني، إنما الشاعر يا شاعر، قيثار الزمان، غمغمات الموج في سمعك عذراءُ المعاني
وخشوع النخل في عينيك مسحور البيان والسنا القدسيّ في قلبك، منه قبسان والزهور البيض تهفو في حنين وحنان
والنسيم العف رفاف، كأحلام الحسان والأغاريد التي فاقت، أغاريد عنان والطلا الراقص من فرحته بين الدنان
فتنة من عالم الروح تجلت في قران، أسكرت قلبي فني وروى الشدوَ لساني، نسب كالأفق جلى في سماه كوكبان
تلتقى فيه الزغاريد بجياش التهاني، فيه من عزة شرنوبي وعليا مروان، خفقت فيه قلوب والتقت فيه أماني
فسرى البدر إلى النجم فسالت غنوتان وهفا الورد إلى الطل، فرنّت قبلتان وانتشى الكون بكأس لم تذقها شفتان
حينما ضمت على الألفة والحب يدان، طابتا عقدا وطابت، صيغة فيها التداني، ردّد الكون صداها ولها اهتز كياني
فسكبت الشعر من قلبي كلماح الجمان والمنى إن بسمت، فالشعر لي طوع بناني والمنى تبسم لي الساعة في كل مكان
فاسم يا شعر فهذا عيد شعري وبياني، يا قران السعد أكبرتك عن كل قِرانِ، منك ألهمت أهازيجي فروّتها المغاني
ولك العطر الذي استاف شذاه الفرقدان، ضم أحلام العروسين وشعري في ثوان، فهما في روضة البشر المواتي زهرتان
وهما في شرف الفخر التليد توأمان وهما في مهجة العيش الرغيد أملان وهما في شفةِ العيد السعيد بسمتان وبأفق المجد والعز
المرجّى قمران، وبقيثار الأغاني، والتهاني وتران وهما كل الأماني، حقّق اللَهُ الأماني
قصيدة أنا الحائر يا نجوى
قصيدة أنا الحائر يا نجوى من أشهر وأجمل قصائد صالح الشرنوبي وتقول:
أنا الحائر يا نجوى أمانيَّ أنا الحائر، أنا الصامت يا سحر ليالي أنا الثائر، أنا الصارخ يا غنوة أحلامي أنا الصابر
أنا الساحر يا رقية أسقامي أنا الساخر، أنا المقهور في الحب وبالحب أنا القاهر وأنت الجدول المنساب في صحراء أيامي
تهدهد موجه الغافي، أغاريدي وأنغامي، وترقص في ثناياه، جراح فؤادي الدامي، تلقن رمله النعسان أسطورة آلامي
ففيه أُذيبُ اسقامي ومنه أعبّ أسقامي، أنا الطير الذي أضناهُ إعصار المقادير وألقى نايه المقرور في تيه السمادير
فذابت في حنايا صمته الداجي مزاميري، بربك إن سمعت صداه يا بنت الأساطير، فهبي وارحمي أجفانه الظمأى إلى النور
إخالك حين ألقاك، حنيناً صيغ إنسانا، فأحيي فيك تحناناوأفنى فيك ألحاناوأشعل في هشيم اليأس من قربك نيرانا
وأصهر في لظاها قلبي المنساب أحزانا وأجعل روحي الزورق والأشجان ريّانا، وقفتُ عليك ألحاني وسيكبَ جفنيَ الساهر
وقلت لك ارحمي قلبا، قضى في قبره السائر، فأنت إلهةٌ ألقت عليه حكمها الجائر وغابت في سماوات، دلال قاتل قاهر
وما أنا يا ابنة الفن، سوى فنانك الحائر وأنت الرحمة الكبرى وأنت القدر الساخر وأنت قصيدة الشاعر أنت تميمة الساحر
وأنت أنا وما أنا منك إلا همسة الخاطر، أنا الروضة والجدب، أنا السقم أنا الطب، أنا الصياد والطائر
قصيدة يا ليل قد طلع الصباح
يا ليل قد طلع الصباح وما رأيت حبيبه ومضت سهام النور تقطع حبل منيةِ قلبيه وخبا الضياء السرمدي
ومات كوكب حُبيه وسطا السقام على البقيَة من ضياء شبابه وأماتها فمضت ترتِل في المقابر لحنه
كم عانقت روحي سناه فخفّفت ممّا بيَه وشربت من نور الجمالِ فأسكرتني كأسه وثملت من فرط الهوى
فَحطمتُ سورة خمره، قد كنت شاهد حبنا يا ليل فارث لحاله واذهب إليه وصف أساي وما أحلّ بجسمه
يا زهرتي كذب الوشاة بما يدنس طهريه، هلا أتيت لهيكلي وسمعت نجوى روحه
ونظرت للدمع الهتون فصنت عنه عينيه ورضيتني عبدا لحسنك واحتقنت دماءه، فرأيت مبلغ عفتي
وعلمت أنك جانيه، أنت الحياة فما أرى، في غير قربك سعده والبعد عنك وعن سناك منيّتي وفنائه
فتناولي نايَ الغرام وغنّني في عشقه وترنّمي بالحب واروي للوَرى من شعره
على أموت فمن يخلِد في الصبابة ذكريه، طال الأنين وما سمعت فهل أكفكف دمعه
وأعود من دنيا الغرامِ وقد كسبت شجونه، فدعي الدلال فما عشقت سواك طول حياته
ومري خيالك أن يطوف بفكرتي وخياله أبدا يعذبني الهوى، أفلا رحمت فؤاده