أجمل قصائد مظفر النواب مكتوبة

  • تاريخ النشر: الخميس، 22 فبراير 2024
مقالات ذات صلة
أجمل قصائد البحتري مكتوبة كاملة
أجمل قصائد أبوالعلا المعري مكتوبة
أجمل قصائد هشام الجخ مكتوبة

قصائد مظفر النواب، مجموعة من الدواوين الشعرية التي كتبها الشاعر العراقي مظفر النواب. أثار النواب الكثير من الجدل من خلال قصائده ولُقب بشاعر القصيدة المهرّبة وهو أحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث. في هذا المقال، نستعرض أشهر وأجمل قصائد مظفر النواب مكتوبة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

قصيدة ضوضاء

تعد قصيدة ضوضاء من أشهر قصائد مظفر النواب، إليك نصها:

زَغِبٌ كَفِراخِ البلابلِ، هذا المساء ومِن الجانِبينِ البَعيدينِ للنهرِ
ضَوضاءُ ماضٍ تَجيئُ مُقَطَّعَةً، مِثلَ فِلمٍ عتيقٍ
وقد ضاقَ ذَرعاً حذائي، بِمَن لا يُساوي حِذاء
أَشُقُّ طريقاً ويُغلِقُهُ الوردُ خَلفي
قد ارتَكَبَ الوردُ إثماً جميلاً، فما ذَنبُ مَتَّهَمٍ كُلُّهُ أَبرياء
وما هَرِمَت أُذُنايَ ولكن غَدَوتُ أُصيخُ بقلبي
ولا شَفتَايَ لقد تابَتا، رَغمَ أَني دخَلتُ بَواكيرَ فَصلِ الشتاء
ومَن ذا يَتوبُ وهذي السنينُ تَمُرُّ سِراعاً وفي القلبِ عِشقٌ
لَأَكثَرِ مِن عُمرٍ وفي دفتري شَبَقٌ مِن هواتِفِ أَشهى النساء
لقد كُنتُ طِفلاً، يُحدِّثُني اللهُ، في كُلِّ شيء فما بَينَنا لُغةٌ
تتجاوَزُ كلَّ المَباني وكُنتُ إذا ما تَجاوَزَ حُزني كَياني
أَفيضُ حَنانَاً وأَجمَعُ بينَ التُرابِ وبينَ السماء
ورَغمَ تَناسُلِ حُزنِ المسافاتِ بينَ العِراقِ وبَيني
كأَني على دِجلةَ المُعجِزاتِ، نُغَرِّدُ ماءً لِماء
وتأتي الزَرازيرُ غَيماً وتَرسُمُ في الجَوِّ
أُلبومَ مِن أُغنياتٍ ومِن صَلواتِ الضياء
هو القَرمَطِيُّ، يُريدُ الخَوارِجُ مِنهُ النُّكوصَ
وهيهات.. هيهاتَ، في طِينِهِ العربيِّ عليٌّ
وفي كلِّ تاريخِهِ العِزُّ والكبرياء

قصيدة خذني على الصهوات

خُذني على الصهَواتِ، صَمتي خُذني على الصهَوات
خُذني أَموتُ على الصَهيلِ، فقد شَبِقتُ مِن الرؤى
وأَضاءَ بَرقٌ وجهَ مَوتي،  الليلُ فلتَلهَج بِيَ الخطواتُ
وليُعقَد بِناصِيَتي الصِبا، فالصوتُ صَوتي
المُهرَةُ الغِرُّ السَّدومُ حبيبتي وجَديلُها المَخمورُ ساقِيَتي
وضافَ النجمُ بَيتي، هل ما على تُعطي العَنى
ما لِغَيرِ أَشعاري، أُغَنيها فتَأتي، يا مُهرَتي بَرُدَت ليالي القَبرِ
واستوحَشتُ حتى الظِفرِ في سِجني وطَيفٌ ما ضَرَّني ضَيفي
أَجِستي بيدي عَنانُ الريحِ، في ليلِ  الهوى
خَبباً أَرَدتُ أَو الهُوينا أَو جُموحاً، ما اشتَهَيتُ وما اشتَهَيتِ
صَمتي الأَميرُ لقد طُعِنتُ، فزادَتِ الطَعَناتُ في كِبَري وعَنتي
الخِنجرُ المَسمومُ في ظَهري، يَدُقُ القلب والأَصداءُ مُشرَعةُ السيوفِ
وحُمّى كِتماني وكَبتي فاجمَح فِدى عينيكَ، يا صَمتي الأَليف
هو المَدى واغضَب على الأَبعادِ تأتي، أجمح فِداكَ الوَعرُ
فالخَشَبُ الرخيصُ، يُصارُ أَفراساً تُزاحِمُني الفَضا ويُقالُ للأَخشابِ
لا نَسَباً ولا أَصلاً ولا كَرَماً ولا خَجَلاً: كَرُمتِ
المَجدُ للأَخشابِ، يَحمِلُها الطمي شَوقاً وأَمّا الغِريَنُ الخَلّاقُ
فليسكَن لِصَمتي أَو فاجمَحَنَّ، فأَنتَ الأَسوَدُ الفَحلُ
لم تأنَس لأَرتالٍ ورَبتِ، أَأَميرتي: أَنا لا أُشَنُّ
فخالِصي زِبدٌ لِبَيتي، أَنا ذا مَحضتُ الصبحَ صُدفِ
والليالي رَجَفَوتِ والمُهرَةَ الشقراءَ نَبتي
وودِدتُ أَن أَجدَ المُقَبَّلَ، مِن سُلالاتِ الزنوجِ
فأَدفُنُ فيهِ وقتي، سأَزِمُّ مِن شَفَتي، فإن تَنبِس بِحَرفٍ
فهو إعصارُ احتِضاري، أَنا ذلك الشعبُ المُمَزَقُ
كلُّ ما في الشعبِ في قلبي وكلُّ الدُّورِ داري
فإذا خَرِستُ، فإن مِصراعاً مِن الحُمّى يَدورُ على دُواري
أَنا إن خَرَستُ، سَتَقطَعُ الأَحزانُ أَوتاري ويَلعَنُني اصطِباري
حَياً دُفِنتُ، فإن تَجِدني الآنَ مَبعوثاً، فقد نَضَبَ انتِظاري
السامِلونَ العَينَ مِنّي، جِئتُ أُنَبِؤُهُم

قصيدة يقطر منه العرق

وأرجوحة بين نخل العراق القمر، أشتهي صِغَري لأنام بها
في فمي نجمة من حليب، ودجلة تجري كطعم النساء
أبوح يدي عندهنّ وأذرف ريقي بإحدى السُرَر
وأرمي اشتهائي شِباكاً مقطعة، لا تصيد لأنيَ متهَم بالنهر
نذوب فتنهل منا الطيور، أغاريد للصبح
تُغري النهار يُبَكِّرُ بالعاريات، إلى خصرهنّ يَرِدنَ الجِرار
فسيقانهنّ الصباح وأفخاذهنّ السَحَر، كأني مراياه
طوراً يرى نفسه في خِضَمّي وطوراً يُهدهدني في خِضَمِّ عذوبته
ويُدلّي النجوم على جبهتي وكأني مهد الخليقة منذ الصِغَر
يُخَبِؤني بالنخيل وبالشرفات، تروح إلى الله بالياسمين
إذا فاجأت عُرينا، زقزقات المطر، أذوق عطور نهود الصبايا
وأفخاذهنّ به في خشوع، ويحكي خفاءً لهنَّ، بأني اشتهاء يُذيب الحجر
ومما ترقرقُ روحي، توهموا نهراً جديداً بأرض العراق
الزرازير والقُبَّرات، وزقزقن حقاً وشكاً ودوّخنَ بالزقزقات الشجر
وينشر أحلى مظلاته الليل، ستراً على عاشقين وعُرياً بغمز النجوم
فإن بالَغَ في العري، غطى الظلام، على نصف بحر القمر
أرجحتني على الكون أمي، كحلم النوارس
فالتَبَسَ الله عندي، بكل البَشَر

قصيدة صديقي أعترف

قصيدة صديقي أعترف من أجمل قصائد مظفر النواب أيضاً:

صحِيحٌ سأُغلِظُ وَجهيَّ حينَ أراكَ غداً في طَريقي
ولٰكن سأبكي من القلبِ، إنَّكَ لم تَتعلمْ برُغمِ ذكائِكَ
بَعضَ وفاءِ الكِلابْ، سَيبقىٰ غِيابُكَ بينَ جُروحيَّ
التي لا تُداوىٰ، يَوماً، فيَوماً، تُعاقِبُكَ الذِّكرياتْ
فإنَّ الزَّمانَ أميرُ العِقابْ

قصيدة رقم هاتف قديم

أَمسِ وقفْتُ على بَرَدى، بَعدَ قليلٍ تُمسي أياميَ في الشام ثلاثين مدى
أوراقٌ مزقَها العشاق على الماء، وراحوا دون صدى
لم يعد النهرُ صغير، لم تعد الكلمات صغيرة، لم يعد الصمتُ حجر
أغلقنا رغبات الشباك برقة قلب، ونسينا الصبحَ بدون مطر
مر اثنان من العشاق المبتدئين وقالوا علبةُ نسيان فارغة
لا تحمل أي خطر، حدقت بهم وسكت مطر
في الحزن هناك على بردى، مصطبةٌ وضبابٌ
واثنان كأنهما نسخةُ حزن منا، شيء لم يتغير في الشام
عشقي وتمر الأيام، عشقي ويرن الهاتفُ
لم يتوقف منذ ثلاثين يرن، لكن من كثرة ما استعمله العشق
محا الأرقام، وأدرتُ الأرقامَ الممسوحةَ مراتٍ، مراتٍ رد الصمت
لقد كانوا بالأمس هنا، ما تركوا شيئا يُذكرُ، غير الصمت
دع الأيام تنام، أمسِ ألوف الناس على بردى
رغم ألوف النسيان، ظمئتُ أراهم، أتذكر أرقام الأمس
أدرتُ الصفرين، أجاب المقسمُ جرِّب بثلاثة أصفار
حدقتُ من الهاتف في المقسم في حزن، لم يَكُ مقسمَ تلكَ الأيام
وتساءل طفلٌ مرَّ بصمتي، هل بغدادُ على بردى؟
أومأتُ بقلبي وعلى دجلة أيضا تقع الشام

قصيدة عودة إلى الطفولة

تمنيتُ تطرقَ بابي، تعيد وقلبك يخفق
طائرة في الطفولة، ضيعتها فيك
معتذراً عن غيابك أو عن غيابي
وتلمحُ رغم محاولتي، إن أخبأ أني صنعت
كثيراً من الطائرات، ولكنها لم تطر
مثل تلك التي في الطفولة، صادرتها
كم تمنيت ترجع طائرتي نفسها
أو تجيء بلا أي طائرة، مسرفاً في الضباب
اعدلي وثارة روحي، فما عدت من ورق
يصل الله من نفخة، ثقل الورق العذب
ملَّ..تهـرأَ، ما عاد تحمله الريح إلا ليسخر مني
وينكس ثانية للتراب، تمنيت أن تطرق الباب في رقة العاشقين
وألمح طائرة الأمس في ناظريك، أقبل فيك صديقي القديم
ونرجع طفلين نلعب، تنهي اغترابك فيّ وأنهى اغترابي

قصيدة ثلاث أمنيات على بوابة السنة الجديدة

مرة أخرى على شباكنا تبكي ولا شيء سوى الريح
وحبات من الثلج على القلب وحزن مثل أسواق العراق
مرة أخرى أمد القلب، بالقرب من النهر زقاق
مرة أخرى أحني نصف أقدام الكوابيس بقلبي
وأضيء الشمع وحدي وأوافيهم على بعد
وما عدنا رفاق، لم يعد يذكرني منذ اختلفنا أحد غير الطريق
صار يكفي، فرح الأجراس يأتي من بعيد وصهيل الفتيات الشقر
يستنهض عزم الزمن المتعب والريح من القمة تغتاب شموعي
رقعة الشباك كم تشبه جوعي و (أثينا) كلها في الشارع الشتوي
ترسي شعرها للنعش الفضي والأشرطة الزرقاء واللذة
هل أخرج للشارع؟ من يعرفني؟
من تشتريني بقليل من زوايا عينيها؟
تعرف تنويني وشداتي وضمي وجموعي
أي إلهي ان لي أمنية، ان يسقط القمع بداء القلب
والمنفى يعودون إلى أوطانهم ثم رجوعي
لم يعد يذكرني منذ اختلفنا غير قلبي.. والطريق
صار يكفي، كل شيء طعمه.. طعم الفراق
حينما لم يبق وجه الحزب وجه الناس
قد تم الطلاق، حينما ترتفع القامات لحناً أممياً
ثم لا يأتي العراق، كان قلبي يضطرب، كنت أبكي
كنت أستفهم عن لون عريف الحفل عمن وجه الدعوة
عمن وضع اللحن ومن قاد ومن أنشد
أستفهم حتى عن مذاق الحاضرين
يا إلهي ان لي أمنية ثالثة، أن يرجع اللحن عراقياً
وإن كان حزين ولقد شط المذاق
لم يعد يذكرني منذ اختلفنا أحد في الحفل، غير الاحتراق
كان حفلاً أممياً إنما قد دعي النفط ولم يدع العراق
يا إلهي رغبة أخرى إذا وافقت، ان تغفر لي بعدي أمي
والشجيرات التي لم أسقها منذ سنين
وثيابي فلقد غيرتها أمس، بثوب دون أزرار حزين
صارت الأزرار تخفى ولذا حذرت منها العاشقين
لا يقاس الحزن بالأزرار بل بالكشف في حساب الخائفين

قصيدة ترنيمات استيقظت ذات يوم

كيس رمل بصمت المتاريس قلبي، مفاصل عشق مخلعة في الخراب
تفتش عن أحد، أحدق، أفديه، عن وصال صغير
إني محدق في هجرة ما فهمت ومن يفهم الحب
أنت التفت يا فارغ الحقول وعمري التفت
جاوز الجرح، جاوز حقل البنفسج، حدق مستغربا خلفه
أخرج القمامة السنوية قال: البرد تأخر ولم يلتمس الباب
دس الماتيب من فرجة الباب، غادر وهو يجيء وجاء يغادر
من نسمة الصمت، من نبرة الصمت والدمع أعرف خط العراق
ومن مثل قلبي يعرف خط العراق وياقاتك السمر يوم حصاد حزين
تقاطر فيه القبابر فوق ثيابي، تغازل غرفتها في شبق
ركنها داخل البيت، ضيعتها في الجوارير بين ثيابي
وأقلام صمتي تجنبتها، كيف لي أتجنب خفي إليك؟
نبشت الجوارير، أبحث عن أي شيء يداوي
يزيلك، يمحوك من خاطري، قميصي النهاري من ذكرياتي
ومن يغلق الآن هذه الجوارير، من تعطه نفسه أن سيلمس الأمس
رائحة نفاذة، من هناك؟ شيء بزاوية البيت يبرى، أفتش
ينقطع البري من قلمي البرتقالي، قلبي الذي صار يكتب من كل أطرافه
وصل الجرح، دس المكاتب، أهملتها، أنت أهملتني، أنت علمتني الهمل
علمتني أن أضرب النرد لي ولنفسي كخصمين، أين اختصمنا؟ متى؟
لماذا افتعلت دواعي الخصام؟ ألست ترى وحدتي وانفرادي عن السرب
خطوت بعيدا، بعيدا ولكن البعد يختلف الآن والبعد الذي وصل الشيء واجتازه
جاوز الوصل، صار في الحب، لا في الحديد ولا في الوصول ولا في الفراق
أنا من حدة العطر أجرح، انفض ريشي كالطير، اقتبس الصمت أكتبه في بدفاتر حبي
أساور ترنيمة أنت علمتني نصفها، يا لئيم فقط نصفها، أتذهب ما زلت في موضعي
إنما لست فيه، وعندك أمسي وراء المخافر واللوز والياسمين، أفتش عن كلمتين
وأقنع نفسي بجدواهما، قلت: لم تكتمل هذه، غادرت عاقبت نفسي مغادرة
وأردت أكون كانت، أنت وليس التفاصيل، أنت بدون الحجارة
والباب والغرف الجانبية، كنت تخون، تخون أصول الخيانة أيضا
وتسحب طاولة اللعب وتلعب ضدي، قامرت بالذكريات
هدرت دمعي في الكؤوس، ووزعته للرفاق، تقربت لا لم تقترب
كتب البعد في قاف قربك مني وللقاف نردان أرميهما والمقادير ترمى
ويخرج عن دينه النرد، مما لعبنا ومما خسرنا ولم أنسحب
ثمل النرد باللاعبين، أقترب رميتين، تدحرج نرد أقل قليلا من الشوق فيه
فكان الفراق، اقترب لا تخف، إني أدون بالرمل تهت
وتاه بنا الورد والنار والدار والجلنار ولم ألق إلا السراب العظيم
فعانقته أجلا، أجلين، ثلاثا، رملا، رمالا، رمالاً قطعت
وحبة رمل تفاجئني تحت قلبي، فأواه، أواه هذا القلب  الذي لا يطاق
وماذا الهوى غير نائيان يقتربان، إلا يلتقي المتوازي بصاحبه إن سقيناه خمرا
ويترك كل مذاق بصحبة، كم قليل من الناس، يترك في كل شيء مذاق
أذوق فتكتظ بالفستق المطري، وتنسل اغمس كتفي بسمرتها
اقرأ الليل مكتشفا لغتي، قبل أن يدخل الأسود الدؤلي عليها
إذا مسني الصمغ، يلسع من شدة الالتصاق ولست أحب المواني
وإن خشبي متعب أنا لست أحب المواني
تنتشيني وتطربني رشفات الرذاذ وأنثى النورس
والأزرق الانتهازي واللغز وأعبد جرحي إذا صاح
في مخزن الحاجيات التي ضاع أصحابها
هذه قصتي، هذه سنواتي الصغيرة، هذه التي ... وتقاطعني
رزمة تفترس وجهي، أنا كل ما ضاع، كل ما لا يفتش عنه
وبعد على حدة أتنول بعد، أشد أضم وأفغم فغما لذيذا
وإلا بإحدى السكنات يقتلني الاختناق، متاهة المتاهات يا قلب
أثبت خلف المتاريس، اكتب على البندقية حبنا ووحيا بعيدا
وخذ طلقتين لعينيك حزني، كأن النجوم نوافذ أنت تزوجتها
كتبت لها قبلة للطلاق، تضارب بالهم كل سراب لديك
حريق من الماء، كم شربت الكوز خمرا وجف
عامله يا سيدي إنه جف بالخمر و... آه من هذه الواو تبدي الذي خلفها
فضحتني وغلقت الباب خلفي، فلم ينغلق غير نصف انغلاق
مسني مسه الحب أو حطم الكأس، دعني أحس، تحطمني، ثملا ليس صحوا
وتجمع مني الشظايا، ترتبه كهواك كخمرك، أتكفيك كأسي وأنت الخمور الدهاق
شظاياي هذي الكؤوس، كذلك تعشق تسر يوما، فقدت وحطمتها
لم أقل للكؤوس لماذا لم تجئ المكاتب، لامسها، مسح الثلج من عتبة الأمس
دعنا نجرب حظ الحجارة ثانية، ونقيم الشبابيك من تعبي وارتباك الأصابع
كفى تصافح كفك ثانية، تتذكر أنك خنثا محال أن أصافح كفك ثانية
وأضيف الجموع لهذي المسافة بيننا، كأن حبا بريدا تأخر
عودا أردت أدو زنه بين عينيك، أنت أجرته، أنت خنت الطريق العريض
وخنت الزقاق، كيس رمل تعرض للنار من فئتين وكتم حرصا على سمعة البندقية
والحب والعمر والكلمات الأخيرة من دفتر الشعر، لما رآك تخون مكانك
قال مكانك خان، مكانك خان الهوى، أنت أيضا مكانك أتلفني
كلمة الحب أتلفتها  ودموعي، التفت أنت ماذا لا ولا تلفت
لم أعد ذلك اللغز بالأمس، صار الوداع وداعا ولا يلتقي المتوازي بصاحبه
أصبح الخمر ماء بسيطا، رأيتهم يشترونك لم تفهم الحب، لم تفهم اللحظات التي
تستقيم النجوم إلى مركز اللّه، لم تفهم الربط بين الرصاصة والحزن الأسود الدؤواي وقلبي
ولونت ثوبك بالأحمر القرمزي، تؤكد أنك منا محال، فإن القذارة لا تنتمي
وردة الشمع لا تنتمي للهوى، بالبنادق، دعني أريك الكثيرين خانوا وهم يرفعون بنادقهم
يسقط الحرف والمجد لاحتراق، أتلفت القي حجاري حولي، شظاياي، أوراق شعري
بقايا تهدمت، حقا تهدمت، لكنني في المكان اخترت، ممتلئا بالحنان لنفسي والحنين
لو عدت ثانية، صرت نفسي فإني ألوف، خلقت لنفسي أمين
أمطر الليل فأكثرت  العين كحل الخريف وأمزجة الورق الرطب
وامتلأت راحتاي وراحة دهري، فلم تسعفيني بغير التغيب في جسدي
فرح الدم، صار يحس قميصي وما بين سطر وسطر وجدتك فاردتين من الياسمين
بمحض اللبانة كنا، ورق أعصابه الشوق بالصبوات الأنيقة، فبالروح، في النهد
في ثنية الخصر هذي التي أهلكتني، يدي، آه أين يدي، أي ضيف دخلت واي شتاء
وغرفة عشق بها منقل وشراب عتيق، خذيني لغرفتك العربية هذي
لقد ثقل البرد سيدتي واشربيني، هذيني ننام سوية
فإن النجوم تنام سوية، ناعمة  البال مرصعة كاللؤلؤ
تذكرت وجهك أنت التي تجلسين أمامي، تذكرت بيني وسجني وحضن عظامي
كان لنا طعم الحب، كانت لنا نكهة الزهر أحزان، حملت صرتي وثيابي إلى الباب
ودعتهم فرفعت إلى أذني ياقتي، حزين، حزين تركنا لدى الماء آلامنا وبنادقنا
وانسحبنا، حملنا الجروح التي ستشتعل وتشتعل في غربة العمر نارا
وتسحب ساقية من البيوت البعيدة، للصبوة، لمن كل شيء بهم فرح وحنين
وددت أحب لا شيء إلا الهوى، وأتاني لبريد فوزعته للذين يحبون بعدي
وقبل وصولي لقد غادروا، آه، لقد غادروا، كلهم غادروا في تتابع وانسدل الباب حائرا
إنهم يذهبون، صرخت وهم خارج الدهر، اسمعوني، اسمعوني، اسمعوني
تعبت من العمر من اللحظات التي سوف تأتي، من امرأة سكنت ثيابي الرقيقة
أو خرجت لهواها، من قناني الدواء المسائي، كيف يحتمل العمر من دون الدواء المسائي
تكتظ واحدة بعد واجدة في سلام، حتى مطلع الفجر والضائعين
أي ذل يذلون قلبي يدرسون في جرحه كلمات التبرع، زمن يطفئ النار لا بد شاهد شيئا
وراء الأمور وأوشك مما يبين بهم لا يبين، أيها الحب أشرب تذوق اختلافاتنا
أنت أهملتني، أنت علمتني الهمل يا مهملا، وانتظرت بزاوية العمر لم تتذكر
كيس رمل بتلك المتاريس قلبي، أنقله حيثما حصلت ثغرة أو سدة لجريح
ومتكأ لمقاتل يضعف القلب فيها، وبين الصخور الحزينة أتركه شاهدا
كلما الريح مرت أقول العراق، تركتني أشرب وحدي
حملت بها بالضباب بزهرة دفاي، على وحدتي تركتها
فملت بشباكها في الطريق بمن يعبرون، لقد كنت فوق الثمالة
لست أميز بين أوجه العابرين ملامحهم، كلهم وطني وملابسهم وطني
تعالوا لقد أوحشتني السنين، وامسك طفلا بعينيه أثمار أيلول
أتعرفني أتطلع فيه، وفي ضحكة الورد في خده، أنت تعرف ماذا بقلبي
عشرين عاما من الانتظار المذل، لقد كنت طفلا كمثلك مثلك
عشرين عاما من الغرباء جرعتهم، كلنا وطن واحد
كنت آخذ هذا المسكن في الليل وصار المسكين في حاجة للمسكين
عشرين عاما صرخت، لجأت إلى كل ما فيه دفء
فإني أرجف في الليل كاليليسان المريض، وتقتلني القشعريرة
عشرين عاما أخذوا وقتهم وملابسهم والرسائل
أم يتركوا لي سوى ألمي والبندقية، وذكريات تغيب واعشقهم
حجزت الزمان لهم والبنادق والقلب، محتمل حضروا
سكنوا القلب من دون علمي، ومحتمل أنهم في المحطة في الزمن الصعب
محتمل أن كل الهواتف معطوبة، ثم محتمل، ثم محتمل، ثم محتمل، محتمل كل شيء
سوى أنني مخطئ في غرامي بهم والسؤال، أحبهم نكهة العمر، ملح الطعام
تركتهم في البساتين، في المقبورات البعيدة، في غرفة العرس
في الحلم ذهبوا كلهم، ابق أنت  طويلا، فأنت أخر من لا تغلف سهادي  بالصمت
ستسهر كل الأماني المحيطة، أعمدة الكهرباء الطفو لي، لعب الصبا، نزواتنا
وآخر ثوب من العمر أخرجته، من تراب الصناديق نفضته وكويت ماضيه
أفردت كل القصاصات، كل الرسائل، كل الجوارير، كل الحكايات
كل الذي أنت في العشق، آه يا غربة النار في بلد الثلج، أبق طويلا، طويلا
أعطني فرصة للذهاب ولو مرة، دائما يذهبون إلى خارج الدهر
أما ذهابي فتيها، سأذهب آتيك بالحب والخمر والخبز والصحب
كل الذي تشتهيه سوى لحظات الفراق
أريد ثيابي القديمة فكل ثياب الصبا لا تلائمني الآن
والثوب هذا الذي على جسمي، ليس ذوبي اضطررت لأستر جرحي
وأواري بذاءتي أمام الغريب، وهل ثم شيء ليس غريب، كلنا وطن واحد
ورفاقك السمر يوم الحصاد ولكنني لا أقلب عنك الجوارير، إذ أصبحت شيء غريب

قصيدة سهرنا لك دهر ما جيت

سهرنا لك دهر ما جيت، ورزة وباب وشبابيك
خضرن من مدامعنا، أكون الدهر بس وياك
بليّاها الأوادم كلها والجنة، وزه توازينا موش تراب
بكانا القفل بالباب، لقينا السلف متغيّر
مثل ديرة غرب، خلف الله كنا أحباب
ردينا نتعارك وي بواكينا، ولا شبيبيك يحاكينا
عساها بالقصب يفلان، حوبتنا ومدامعنا وتراكينا
عساها تخضّر التينة، ونمدّ بفيّها السواليف
خبزه وستكين شاي، وراحة بال تكفينا
وعلى ركبك، مثل ما كنا وحنا زغار
ننسى أرواحنا، ونغفا لهذاك الصوب
يأخذنا السعف لله، ويرد بينا

قصيدة رباعيات

طائف قد طاف بي في غيهب السحر، ساكبا في عدم يصخب كأس العمر
صحت يا مولاي ما هذا الذي تفعله، شرز المولى فذهبت مهجتي بالشزر
قمت مذهولا إلى إبريق خمري ثملا، علني أطفئ نيران ارتباكي بالطلا
سكب الإبريق كأسي نضوبا ضامتا، آه مولاي فراغ الكأس بالصمت امتلئ
أنقر الكأس إذا ما نضبت واشرب رنين، فهي ما ضمت سوى خمرتها عبر السنين
فإذا أنبك العشق يا عشق، فضجات، عصافير على غصن من الورد مكين
تبتلي العاشق بالخمر وبالحزن كثير، زد من الاثنين فالصحو من العشق خطير
أنا لولا أعشق الدنيا كما أعشق لقياك، قطعت الدهر وفي الغيب أطير
ما لبعض الناس يرميني بسكري في هواك، وهو سكران عمارات، يسميه رضاك
يا ابن جيبين، حرام إنني، أسكر  كي أحتمل الدنيا التي فيها أراك
مر ريقي بحروب الجهل من كل الجهات، أفما تملأ إبريق بساتين الفرات
قلما أدعو شتات أطير يا أحباب لموا، الشمل فالقتال لا شيء سوى هذا الشتات