أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة مكتوبة
قصيدة يقولون إني لست أصدقك الهوى
قصيدة أعبدة ما ينسى مودتك القلب
قصيدة نعق الغرب ببين ذات الدملج
قصيدة يقول خليلي إذ أجازت حمولها
قصيدة قف بالديار عفا من أهلها الأثر
أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة هي مجموعة من أجمل الدواوين الشعرية للشاعر الذي قيل عنه: "لم يكن في قريش أشعر منه" ولُقِب بالعاشق وهو أحد شعراء الدولة الأموية ويعد من زعماء فن التغزل آنذاك. في هذا المقال، نستعرض مجموعة من أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة مكتوبة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة يقولون إني لست أصدقك الهوى
يَقولونَ إني لَستُ أَصدُقُكِ الهَوى وَإِنِّيَ لا أَرعاكِ حينَ أَغيبُ
فَما بالُ طَرفي عَفَّ عَمّا تَساقَطَت لَهُ أَعيُنٌ مِن مَعشَرٍ وَقُلوبُ
عَشِيَّةَ لا يَستَنكِرُ القَومُ أَن يَرَوا سَفاهَ حِجىً مِمَّن يُقالُ لَبيبُ
تَرَوَّحَ يَرجو أَن تُحَطَّ ذُنوبُهُ فَآبَ وَقَد زادَت عَلَيهِ ذُنوبُ
وَما النُسكُ أَسلاني وَلَكِنَّ لِلهَوى عَلى العَينِ مِنّي وَالفُؤادِ رَقيبُ
قصيدة حدث حديث فتاة حي مرة
تعد القصيدة التالية واحدة من أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة ومن أجمل دواوينه الشعرية:
حَدِّث حَديثَ فَتاةِ حَيٍّ مَرَّةً بِالجِزعِ بَينَ أَذاخِرٍ وَحَراءِ قالَت لِجارَتِها
عِشاءً إِذ رَأَتنُزَهَ المَكانِ وَغَيبَةَ الأَعداءِ في رَوضَةٍ يَمَّمنَها مَولِيَّةٍ
مَيثاءَ رابِيَةٍ بُعَيدَ سَماءِ في ظِلِّ دانِيَةِ الغُصونِ وَريقَةٍ نَبَتَت بِأَبطَحَ طَيِّبِ الثَرياءِ
وَكَأَنَّ ريقَتَها صَبيرُ غَمامَةً بَرَدَت عَلى صَحوٍ بُعَيدَ ضَحاءِ لَيتَ المُغيرِيَّ العَشيَّةَ
أَسعَفَ تدارٌ بِهِ لِتَقارُبِ الأَهواءِ إِذ غابَ عَنّا مَن نَخافُ وَطاوَعَت أَرضٌ لَنا بِلَذاذَةٍ وَخَلاءِ
قُلتُ اِركَبوا نَزُرِ الَّتي زَعَمَت لَنا أَن لا نُباليها كَبيرَ بَلاءِ بَينا كَذَلِكَ إِذ عَجاجَةُ مَوكِبٍ
رَفَعوا ذَميلَ العيسِ بِالصَحراءِ قالَت لِجارَتِها اِنظُري ها مَن إلى وَتَأَمَّلي مَن راكِبُ الإدماء
قالَت أَبو الخَطابِ أَعرِفُ زِيَّهُ وَلِباسَهُ لا شَكَّ غَيرَ خَفاءُ قالَت وَهَل قالَت نَعَم فَاِستَبشِري
مِمَّن يُحَبُّ لَقِيُّهُ بِلِقاءِ قالَت لَقَد جاءَت إِذاً أُمنِيَّتي في غَيرِ تَكلِفَةٍ وَغَيرِ عَناءِ ما كُنتُ أَرجو أَن يُلِمَّ بِأَرضِنا
إِلّا تَمَنِّيَهُ كَبيرَ رَجاءِ فَإِذا المُنى قَد قَرَّبَت بِلِقائِهِ وَأَجابَ في سِرٍّ لَنا وَخَلاءِ لَمّا تَواقَفنا وَحَيَّيناهُما
رَدَّت تَحِيَّتَنا عَلى اِستِحياءِ قُلنَ اِنزِلوا فَتَيَمَّموا لِمَطِيِّكُ مغَيباً تُغَيِّبُهُ إِلى الإِمساءِ أن تَنظُروا اليَومَ الثَواءَ
بِأَرضِنا فَغَدٌ لَكُم رَهنٌ بِحُسنِ ثَواءِ عُجنا مَطايا قَد عَيَينَ وَعُوِّدَت أَلّا يَرُمنَ تَرَغُّماً بِرُغاءِ
حَتّى إِذا أُمِنَ الرَقيبُ وَنُوِّمَتعَنّا عُيونُ سَواهِرِ الأَعداءِ خَرَجَت تَأَطَّرُ في ثَلاثٍ كَالدُمى تَمشي
كَمَشيِ الظَبيَةِ الإدماء جاءَ البَشيرُ بِأَنَّها قَد أَقبَلَ تريحٌ لَها أَرجٌ بِكُلِّ فَضاءِ
قالَت لِرَبّي الشُكرُ هَذي لَيلَةً نَذراً أُؤَدّيهِ لَهُ بِوَفاءِ
قصيدة قد نبا بالقلب منها
قَد نَبا بِالقَلبِ مِنها إِذ تَواعَدنا الكَثيب أقولها أَحسَنُ شَيءٍ بِكِ قَد لَفَّ حَبيب
أقولها لي وَهيَ تُذري دَمعَ عَينَيها غُروبا إِنَّنا كُنّا لِهَذا أَنصَحَ الناسِ جُيوبا
وَحَبَوناهُ بِوُدٍّ لَم يَكُن مِنّا مَشوبا فَجَزانا إِذ حَمَدنا وُدَّهُ لي أَن يَغيبا وَكَسانا اليَومَ عاراً
حينَ بِتنا وَعُيوبا نَأيُها سُقمٌ وَأَشتاقُ إِذا تَمشى قَريبا لَيتَ هَذا اللَيلُ شَهرٌ لا نَرى فيهِ غَريبا
مُقمِرٌ غَيَّبَ عَنّا مَن أَرَدنا أَن يَغيبا لَيسَ إِلّايَ وَإِيّاها وَلا نَخشى رَقيبا جَلَسَت مَجلِسَ صِدقٍ
جَمَعَت حُسناً وَطيبا دَمِثَ المَقعَدِ وَالمَوطِئِ ثَريانا خَصيبا أَفرَغَت فيهِ الثُرَيَّ مِن ذَرى الدَلوِ
سَكوبا مُقنِعاً أَنبَتَ زَرعاً وَمَعَ الزَرعِ خُصوبا
قصيدة أعبدة ما ينسى مودتك القلب
أَعَبدَةُ ما يَنسى مَوَدَّتَكِ القَلبُ وَلا هُوَ يُسليهِ رَخاءٌ وَلا كَربُ
وَلا قَولُ واشٍ كاشِحٍ ذي عَداوَةٍ وَلا بُعدُ دارٍ إِن نَأَيتِ وَلا قُربُ
وَما ذاكِ مِن نُعمى لَدَيكِ أَصابَها وَلَكِنَّ حُبّاً ما يُقارِبُهُ حُبُّ
فَإِن تَقبَلي يا عَبدَ تَوبَةَ تائِبٍ يَتُب ثُمَّ لا يُوجَد لَهُ أَبَداً ذَنبُ أَذِلُّ
لَكُم يا عَبدَ فيما هَويتُمُ وَإِنّي إِذا ما رامَني غَيرَكُم صَعبُ
وَأَعذُلُ نَفسي في الهَوى فَتَعُقَّني وَيَأصِرُني قَلبٌ بِكُم كَلِفٌ صَبُّ
وَفي الصَبرِ عَمَّن لا يُواتيكَ راحَةٌ وَلَكِنَّهُ لا صَبرَ عِندي وَلا لُبُّ
وَعَبدَةُ بَيضاءُ المَحاجِرِ طَفلَةٌ مُنَعَّمَةٌ تُصبى الحَليمَ وَلا تَصبو
قَطوفٌ مِنَ الحورِ الأَوانِسِ بِالضُحى مَتى تَمشِ قَيسُ الباعَ مِن بُهرِها تَربُ
وَلَستُ بِناسٍ يَومَ قالَت لِأَربَعٍ نَواعِمَ غُرٍّ كُلُّهُنَّ لَها تِربُ أَلا لَيتَ شِعري فيمَ كانَ
صُدودُهُ أَعُلِّقَ أُخرى أَم عَلَيَّ بِهِ عَتبُ
قصيدة طرب الفؤاد هل له من مطرب
طَرِبَ الفُؤادُ هَل لَهُ مِن مَطرَبِ
أَم هَل لِسالِفِ وُدِّهِ مِن مَطلَبِ
وَصَبا وَمالَ بِهِ الهَوى وَاِعتادَهُ
لَهوُ الصِبا بِجُنونِ قَلبٍ مُسهَبِ
فيهِ مِنَ النُصبِ المُبينِ زَمانُهُ
وَالحُبُّ مَن يَعلَق جَواهُ يَعطَبِ
عَلِقَ الهَوى مِن قَلبِهِ بِغَريرَةٍ
رَيّا الرَوادِفِ ذاتِ خَلقٍ خَرعَبِ
تُجري السِواكَ عَلى أَغَرَّ مُفَلَّجٍ
عَذبِ اللِثاتِ لَذيذِ طَعمِ المَشرَبِ
قالَت لِجارِيَةٍ لَها قولي لَهُ
مِنّي مَقالَةَ عاتِبٍ لَم يُعتِبِ
وَلَقَد عَلِمتُ لَئِن عَدَدتُ ذُنوبَهُ
أَن سَوفَ يَزعُمُ أَنَّهُ لَم يُذنِبِ
المخبري إِنّي أُحِبُّ مُصاقِباً
داني المَحَلِّ وَنازِحاً لَم يَصقَبِ
لَو كانَ بي كِلفاً كَما قَد قالَ لَم
يُجمِع بِعادي عامِداً وَتَجَنُّبي
فَجَعَلتُ أُثلِجُها يَميناً بَرَّةً
بِاللَهِ حَلفَةَ صادِقٍ لَم يَكذِبِ
ما زالَ حُبُّكِ بَعدُ يَنمي صاعِداً
عِندي وَأَرقُبُ فيكِ ما لَم تَرقُبي
قصيدة نعق الغرب ببين ذات الدملج
نَعَقَ الغُرابُ بِبَينِ ذاتِ الدُملُجِ لَيتَ الغُرابَ بِبَينِها لَم يَزعَجِ
نَعَقَ الغُرابُ وَدَقَّ عَظمَ جَناحِهِ وَذَرَت بِهِ الأَرواحُ بَحرَ السَمهَجِ
ما زِلتُ أَتبَعُهُم لِأَسمَعَ حَدوَهُم حَتّى دَخَلتُ عَلى رَبيبَةِ هَودَجِ
نَظَرَت إِلَيَّ رِئمٍ أَكحَلٍ عَمداً وَرَدَّت عَنكَ دَعوَةَ عَوهَجِ
فَبَهَت بِدُرِّ حُلِيِّها وَوِشاحِها وَبَريمِها وَسِوارِها فَالدُملُجِ
فَظَلِلتُ في أَمرِ الهَوى مُتَحَيِّر آمن حَرِّ نارٍ بِالحَشا مُتَوَهِّجِ
مَن ذا يَلومَني إِن بَكَيتُ صَبابَةً أَو نُحتُ صَبّا بِالفُؤادِ المُنضَجِ
قالوا اِصطَبِر عَن حُبِّها مُتَعَمِّداً لا تَهلِكَنَّ صَبابَةً أَو تَحرِجِ
كَيفَ اِصطِباري عَن فَتاةٍ طَفلَةٍ بَيضاءَ في لَونٍ لَها ذي زِبرِجِ
نافَت عَلى العَذَقِ الرَطيبِ بِريقِها وَعَلى الهِلالِ المُستَبينِ الأَبلَجِ
لَمّا تَعاظَمَ أَمرُ وَجدي في الهَوى وَكَلِفتُ شَوقاً بِالغَزالِ الأَدعَجِ
فَسَرَيتُ في دَيجورِ لَيلٍ حِندِسٍ مُتَنَجِّداً بِنِجادِ سَيفٍ أَعوَجِ
فَقَعَدتُ مُرتَقِباً أُلِمُّ بِبَيتِها حَتّى وَلَجتُ بِهِ خَفِيَّ المَولَجِ
حَتّى دَخَلتُ عَلى الفَتاةِ وَإِنَّها لَتَحُظُّ نَوماً مِثلَ نَومِ المُبهَجِ
وَإِذا أَبوها نائِمٌ وَعَبيدُهُ مِن حَولِها مِثلُ الجِمالِ الهُرَّجِفَ
وَضَعتُ كَفّي عِندَ مَقطَعِ خَصرِها فَتَنَفَّسَت نَفَساً فَلَم تَتَلَهَّجِ
فَلَزِمتُها فَلَثِمتُها فَتَفَزَّعَت مِنّي وَقالَت مَن فَلَم أَتَلَجلَج
قالَت وَعَيشِ أَبي وَحُرمَةِ إِخوَتي لَأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ إِن لَم تَخرُجِ
فَخَرَجتُ خَوفَ يَمينِها فَتَبَسَّمَت فَعَلِمتُ أَنَّ يَمينِها لَم تَحرَجِ
فَتَناوَلَت رَأسي لِتَعلَمَ مَسَّهُ بِمُخَضَّبِ الأَطرافِ غَيرَ مُشَنَّجِ
فَلَثَمتُ فاها آخِذاً بِقُرونِه اشُربَ النَزيفِ بِبَردِ ماءِ الحَشرَجِ
قصيدة يقول خليلي إذ أجازت حمولها
يَقُولُ خَليلي إذْ أَجَازَتْ حُمُولُها خَوَارِجَ مِنْ شَوْطَانَ: بِالصَّبْرِ فکظْفَرِ
فَقُلْتُ لَهُ: ما مِنْ عَزَاءٍ وَلاَ أَسًى بِمُسْلٍ فُؤادي عَنْ هَوَاها فَأَقْصِر
وَمَا مِنْ لِقاءٍ يُرْتَجَى بَعْدَ هَذِهِ لَنَا وَلَهُمْ دُونَ التفاف المُجَمَّر
فهاتِ دواءً للذي بي من الجوى وإلا فدعني من ملامكَ، وعذر
تباريحَ، لا يشفي الطبيبُ الذي به، وَلَيْسَ يُؤاتِيهِ دَواءُ المُبَشِّرِ
وَطَوْرَيْنِ طَوْراً يَائِسٌ مَنْ يَعودُهُ وَطَوْراً يُرَى في العَيْنِ كالمُتَحَيِّرِ
صَريعُ هَوًى نَاءَتْ بِهِ شاهِقيَّة، هَضِيمُ الحَشَا حسانة المُتَحَسَّرِ
قطوفٌ، ألوف للحجالِ، غريرة، وثيرة ُ ما تحتَ اعتقادِ المؤزر
سبتهُ بوحفٍ في العقاصِ مرجل، أثيثٍ كقنوِ النخلة المتكور
وَخَدٍّ أَسِيلٍ كَالوَذِيلَة ِ نَاعِم مَتَى يَرَهُ رَاءٍ يُهِلّ وَيُسْحَرِ
وَعَيْنَيْ مهاة في الخَمِيلَة ِ مُطْفِلٍ مُكَحَّلَة تَبْغي مَراداً لِجُؤذَرِ
وَتَبْسِمُ عَنْ غَرٍّ شَتيتٍ نَبَاتُهُ لَهُ أُشُرٌ كَالأُقْحُوَانِ المُنَوِّرِ
وتخطو على برديتينِ غذاهما سوائلُ من ذي جمة متحير
مِنَ البِيضِ مِكْسَالُ الضُّحَى بُحْتُرِيَّة، ثَقَالٌ مَتَى تَنْهَضْ إلى الشَّيْءِ تَفْتر
فَلَمَّا عَرَفْتُ البَيْنَ مِنْها وَقَبْلَه جَرَى سَانِحٌ لِلْعَائِفِ المُتَطَيِّرِ
شَكَوْتُ إلى بَكْرٍ وَقَدْ حَالَ دُونَهَا سيفٌ، متى ينصبْ له الطرف يحسر
فَقُلْتُ أَشِرْ قَالَ: کئْتَمِرْ أَنْتَ مُؤْيَس ولم يكبروا فوتاً، فما شئتَ فأمر
فقلتُ: انطلقْ نتبعهمُ، إنّ نظرة إلَيْهِمْ شِفَاءُ لِلْفُؤادِ المُضَمَّرِ
فَرُحْنا وَقُلْنَا لِلْغُلاَمِ کقْضِ حَاجَة لنا، ثمّ أدركنا، ولا تتغير
سراعاً نغمُّ الطيرَ، إن سنحتْ لنا، وإنْ يَلْقَنا الرُّكْبَانُ لا نَتَحَيَّرِ
فلما أضاءَ الفجرُ عنا، بدا لنا ذُرَى النَّخْلِ والقَصْرُ الَّذي دُونَ عَزْوَرِ
فقلتُ: اعتزلْ ذلَّ الطريق، فإننا متى نرَ تعرفنا العيونُ، فنشهر
فَظِلْنا لَدَى العَصْلاءِ تَلْفَحُنا الصَّبا وَظَلَّتْ مَطَايَانا بِغَيْرِ مُعْصَّرِ
لدنْ غدة ً، حتى تحينتُ منهمُ رواحاً، ولأن اليومُ للمتهجرِ
فلما أجزنا الميلَ من بطنِ رابغٍ، بدتْ نارها قمرا للمتنور
فقلتُ: اقتربْ من سربهم تلقَ غفلة مِنَ الرَّكْبِ وکلْبَسْ لِبْسَة المتنكر
فَإنَّكَ لا تَعْبَى إلَيْهَا مُبَلِّغاً وأن تلقها دون الرفاقِ، فأجدر
فقالتْ لأترابٍ لها: ابرزنَ، إنني أَظُنُّ أَبَا الخَطَبِ مِنَّا بِمَحْضَرِ
قَرِيباً عَلَى سَمْتٍ مِنَ القَوْمِ تتقي عُيُونُهُم مِنْ طَائِفِينَ وَسُمَّرِ
لَهُ کخْتَلَجَتْ عَيْني أَظُنُّ عَشِيَّة ً وأقبل ظبيٌ سانحٌ كالمبشرِ
فَقُلْنَ لَهَا لاَ بَلْ تَمَنَّيْتِ مُنْيَة خلوتِ بها عند الهوى والتذكر
فقالت لهنّ: امشينَ، إما نلاقهِ، كَمَا قُلْتُ أَوْ نَشْفِ النُّفوسَ فَنُعْذِرِ
وَجِئْتُ کنْسِيَابَ الأَيْمِ في الغَيْلِ أَتَّقى كالعُيُونَ وأُخْفي الوَطْءَ لِلْمُتَقَفِّرِ
قصيدة قف بالديار عفا من أهلها الأثر
قِف بِالدِيارِ عَفا مِن أَهلِها الأَثَرُ
عَفّى مَعالِمَها الأَرواحُ وَالمَطَرُ
بِالعَرصَتَينِ فَمَجرى السَيلِ بَينَهُما
إِلى القَرينِ إِلى ما دونَهُ البُسُرُ
تَبدو لِعَينَيكَ مِنها كُلَّما نَظَرَت
مَعاهِدُ الحَيِّ دَوداةٌ وَمُحتَضَرُ
وَرُكَّدٌ حَولَ كابٍ قَد عَكَفنَ بِهِ
وَزَينَةٌ ماثِلٌ مِنهُ وَمُنعَفِرُ
مَنازِلُ الحَيِّ أَقوَت بَعدَ ساكِنِها
أَمسَت تَرودُ بِها الغِزلانُ وَالبَقَرُ
تَبَدَّلوا بَعدَها داراً وَغَيَّرَها
صَرفُ الزَمانِ وَفي تَكرارِهِ غِيَرُ
وَقَفتُ فيها طَويلاً كَي أُسائِلَها
وَالدارُ لَيسَ لَها عِلمٌ وَلا خَبَرُ
دارُ الَّتي قادَني حَينٌ لِرُؤيَتِها
وَقَد يَقودُ إِلى الحَينِ الفَتى القَدَرُ
خَودٌ تُضيءُ ظَلامَ البَيتِ صورَتُها
كَما يُضيءُ ظَلامَ الحِندِسِ القَمَرُ
مَجدولَةُ الخَلقِ لَم توضَع مَناكِبُها
مِلءُ العِناقِ أَلوفٌ جَيبُها عَطِرُ
مَمكورَةُ الساقِ مَقصومٌ خَلاخِلُها
فَمُشبَعٌ نَشِبٌ مِنها وَمُنكَسِرُ
هَيفاءُ لَفّاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها
تَكادُ مِن ثِقَلِ الأَردافِ تَنبَتِرُ
تَفتُرُ عَن واضِحِ الأَنيابِ مُتَّسِقٍ
عَذبِ المُقَبَّلِ مَصقولٍ لَهُ أُشُرُ
كَالمِسكِ شَيبَ بِذَوبِ النَحلِ يَخلِطُهُ
ثَلجٌ بِصَهباءَ مِمّا عَتَّقَت جَدَرُ
تِلكَ الَّتي سَلَبَتني العَقلَ وَاِمتَنَعَت
وَالغانِياتُ وَإِن واصَلنَنا غُدُرُ
قَد كُنتُ في مَعزِلٍ عَنها فَقَيَّضَني
لِلحَينِ حينَ دَعاني لِلشَفا النَظَرُ
إِنّي وَمَن أَعمَلَ الحُجّاجُ خَيفَتَهُ
خَوصَ المَطايا وَما حَجّوا وَما اِعتَمَروا
لا أَصرِفُ الدَهرَ وُدّي عَنكِ أَمنَحُهُ
أُخرى أُواصِلُها ما أَورَقَ الشَجَرُ
أَنتِ المُنى وَحَديثُ النَفسِ خالِيَةً
وَفي الجَميعِ وَأَنتِ السَمعُ وَالبَصَرُ
يا لَيتَ مَن لامَنا في الحُبِّ مَرَّ بِهِ
مِمّا نُلاقي وَإِن لَم نُحصِهِ العُشُرُ
حَتّى يَذوقَ كَما ذُقنا فَيَمنَعَهُ
مِمّا يَلَذُّ حَديثُ النَفسِ وَالسَهَرُ
دَسَّت إِلَيَّ رَسولاً لا تَكُن فَرِقاً
وَاِحذَر وُقيتَ وَأَمرُ الحازِمِ الحَذَرُ
إِنّي سَمِعتُ رِجالاً مِن ذَوي رَحِمي
هُمُ العَدُوُّ بِظَهرِ الغَيبِ قَد نَذَروا
أَن يَقتُلوكَ وَقاكَ القَتلَ قادرة
وَاللَهُ جارُكَ مِمّا أَجمَعَ النَفَرُ
السِرُّ يَكتُمُهُ الإِثنانِ بَينَهُما
وَكُلُّ سِرٍّ عَدا الاثنين مُنتَشِرُ
وَالمَرءُ إِن هُوَ لَم يَرقُب بِصَبوَتِهِ
لَمحَ العُيونِ بِسوءِ الظَنِّ يَشتَهِرُ
قصيدة قل للمليحة قد أبلتني الذكر
قلْ للمليحة: قد أبلتنيَ الذكرُ، … فالدمع كُلَّ صَبَاحٍ فِيكِ يَبْتَدِرُ
فَلَيْتَ قَلْبي وَفِيهِ مِنْ تَعَلُّقِكُمْ … ما لَيْسَ عِنْدي لَهُ عِدْلٌ وَلاَ خَطَرُ
أفاقَ، إذ بخلت هندٌ، وما بذلتْ … مَا كُنْتُ آمُلُهُ مِنْها وأَنْتَظِرُ
وَقَدْ حَذِرْتُ النَّوَى في قُرْبِ دَارِهِمُ … فَعِيلَ صَبْري وَلَمْ يَنْفَعْنيَ الحَذَرُ
قد قلتُ، إذ لم تكن للقلبِ ناهية ٌ … عَنْها تُسَلِّي وَلاَ لِلْقَلْبِ مُزْدَجِرُ
يَا لَيْتَني مِتُّ إذْ لَمْ أَلْقَ مِنْ كَلَفي … مفرحاً، وشأني نحوها النظر
وشاقني موقفٌ بالمروتينِ لها، … والشَّوْقُ يُحْدِثُهُ لِلعاشِقِ الفِكَرُ
وقولها لفتاة غيرِ فاحشة ٍ: … أَرَائِحٌ مُمْسِياً أَمْ بَاكِرٌ عُمَرُ
اللَّه جَارُ لهُ إمَّا أَقَامَ بنا … وفي الرحيلِ، إذا ما ضمهُ السفر
فَجِئْتُ أَمْشي وَلَمْ يُغْفِ الأُلى سَمَرُوا … وصاحبي هندوانيٌّ به أثر
فلم يرعها، وقد نضتْ مجاسدها، … إلا سوادٌ، وراءَ البيت، يستتر
فلطمتْ وجهها، واستنبهتْ معها … بَيْضَاءُ آنسة مِنْ شَأْنِها الخَفَرُ
ما باله حين يأتي، أختِ، منزلنا، … وقد رأى كثرة الأعداءِ، إذ حضروا
لشقوة مِنْ شَقَائي أُخْتِ غَفْلَتُنا … وشؤمُ جدي، وحينٌ ساقه القدر
قَالَتْ: أَرَدْتَ بِذا عَمْداً فَضيحَتَنا … وصرمَ حبلي، وتحقيقَ الذي ذكروا
هَلاَّ دَسَسْتَ رَسولاً مِنْكَ يُعْلِمُني … ولم تعجلْ إلى أنْ يسقطَ القمر
فقلتُ: داعٍ دعا قلبي، فأرقهُ، … ولا يتابعني فيكم، فينزجر
فبتُّ أسقى عتيقَ الخمرِ خالطهُ … شَهْدٌ مَشَارٌ وَمِسْكٌ خَالِصٌ ذَفِرُ
وَعَنْبَرَ الهِنْدِ والكَافُورَ خَالَطَهُ … قرنفلٌ، فوقَ رقراقٍ لهُ أشر
فبتُّ ألثمها طوراً، ويمتعني، … إذا تمايلُ عنهُ، البردُ والخصر
حتى إذا الليلُ ولي ، قالتا زمراً: … قُوما بِعَيْشِكُما قَدْ نَوَّر السَّحَرُ
فَقُمْتُ أَمْشي وَقَامَتْ وَهْيَ فَاتِرَة ٌ … كَشَارِبِ الخَمْرِ بَطَّى مَشْيَهُ السَّكَرُ
يَسْحَبْنَ خَلْفي ذُيُولَ الخَزِّ آوِنَة ً … وناعمَ العصبِ كيلا يعرفَ الأثر
قصيدة يا خليلي هاجني الذكر
قصيدة يا خليلي هاجني الذكر من أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة:
يا خَلِيلي هَاجَني الذِّكَرُ … وحمولُ الحيِّ، إذْ صدروا
ظعنوا، كأنّ ظعنهمُ … مونعُ القنوانِ، أو عشر
بالتي قد كنتُ آملها، … ففؤادي موجعٌ حذر
ظبية من وحشِ ذي بقرٍ، … شَأْنُهَا الغيطَانُ والغُدُرُ
رَخْصَة ٌ حَوْرَاءُ نَاعِمَة ٌ … طفلة ٌ، كأنها قمر
لو سقي الأمواتُ ريقتها، … بَعْدَ كَأْسِ المَوْتِ، لانْتَشَرُوا
وَيَكَادُ العَجْزُ إنْ نَهَضَتْ … بَعْدَ طُوله البُهْرِ يَنْبَتِرُ
قد، إذا خبرتُ أنهمُ … قدموا الأثقالَ، فابتكروا
أخيامُ البئرِ منزلهم، … أَمْ هُمُ بِالعُمْرَة ِ کئْتَمَرُوا
أمْ بأعلى ذي الأراكِ لهم … مَرْبَعٌ قَدْ جادة المَطَرُ
سلكوا خلّ الصفاحِ، لهم … زَجَلٌ أَحْدَاجُهُمْ زُمَرُ
سلكوا شعبَ النقابِ بها … زمراً، تحتثهم زمر
قَالَ حَادِيهِمْ لَهُمْ أُصُلاً … أمكنتْ للشلربِ الغدر
ضَرَبُوا حُمْرَ القِبَابِ لَهَا … وأُحِيطِتْ حَوْلَها الحُجَرُ
فَطَرَقْتُ الحَيَّ مُكْتَتِماً … وَمَعي سَيفٌ بِهِ أَثَرُ
وأخٌ لم أخشَ نبوتهُ، … بنواحي أمرهمْ خبر
فإذا رِيمٌ عَلَى مُهُدٍ … في حجالِ الخزّ مستترُ
بَادنٌ تَجْلو مُفَلَّجَة ً … عذبة ً، غراً، لها أشرُ
حَوْلَها الأحراسُ تَرْقُبُها … نُوَّمٌ، مِن طولِ ما سَهِرُوا
أشبهوا القتلى ، وما قتلوا، … ذَاكَ إلاَّ أنَّهُمْ سَمَرُوا
فَدَعَتْ بالويل ثمّ دَعَتْ، … حين أدناني لها النظرُ
وَدَعَتْ حَوْرَاءَ آنِسَة ً … حرة مِنْ شَأْنِها الخَفَرُ
ثمَّ قالتْ للتي معها: … وَيْحَ نَفْسي قَدْ أَتَى عُمَرُ
مَا لَهُ قدْ جَاءَ يَطْرُقُنا … ويرى الأعداءَ قد حضروا؟
لشقائي، أختِ، علقنا، … ولحين ساقه القدر
قتُ: عرضي دون عرضكمُ، … ولمن عاداكمُ جزر