التأتأة والتلعثم في الكلام.. اضطراب تعرف على أسبابه وعلاجه
تعتبر التأتأة حالة معقدة بالنسبة للعديد من الأسر. ولكن من المهم معرفة أن هناك العديد من الخيارات المتاحة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون منها
يميل البشر في عالمنا إلى السخرية من كل شيء، الرجال والنساء وحتى الأطفال والمراهقين. لكن بعض هذه النكات قد قاسية ومسيئة للغاية. على وجه الخصوص، النكات المتعلقة بالإعاقات، حيث تسبب الألم وشعور بالحرمان، ليس فقط للأشخاص المصابين بالإعاقة، بل أيضا لأصدقائهم وأسرهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لهذا السبب، يتم تخصيص أيام للتوعية بالإعاقة المختلفة، بهدف مساعدتنا على فهم الصعوبات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، حتى وإن كانت تلك الإعاقات تبدو بسيطة نسبيًا.
التأتأة، على سبيل المثال، يمكن أن تشكل تحديات كبيرة في الحياة الشخصية والمهنية للعديد من الأشخاص، حيث قد تستغرق سنوات للتغلب عليها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب التأتأة الشعور بالإحراج والإحباط.
وفي التقرير التالي، نستعرض معك كل ما تريد معرفته عن التأتأة، أسبابها المحتملة وأعراضها وكيف يمكن التغلب عليها وعلاجها. يأتي ذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بالتأتأة.
مشاهير عانوا من التأتأة
أصبحت التأتأة في السنوات الأخيرة مصدر اهتمام بالغ لدى العديد من الأطباء. وعلى مر التاريخ، كان هناك العديد من الشخصيات المعروفة التي كانت تعاني من التأتأة، من بين هذه الشخصيات البارزة، نجد السياسي اليوناني الشهير ديموستينس. عاش ديموستينس في القرن الرابع قبل الميلاد، وكان يتلعثم بشكل واضح عند التحدث، مما جعل زملاءه يسخرون منه.
ومع ذلك، لم ييأس ديموستينس، بل استغل ذكاءه الشديد لتحدي هذه العقبة. مارس التحدث بصوت عالٍ مع وجود حصى في فمه. وبعد فترة من التدريب الجاد، نجح في التغلب على تلعثمه.
ومن الشخصيات التاريخية الأخرى التي عانت من التأتأة نجد الإمبراطور الروماني كلوديوس، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والنجمة السينمائية مارلين مونرو، والممثل الشهير جيمس إيرل جونز، الذي اشتهر بصوته المميز كشخصية دارث فيدر في سلسلة أفلام حرب النجوم.
ما سبب ظهور التأتأة؟
يحاول الكثير من الناس حول العالم، بعد معاناة أبنائهم من التأتأة، البحث عن الأسباب التي أدت إلى هذه المعاناة. يتساءلون سواء عن أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي أو متى تكون التأتأة طبيعية؟. وتتجاوز الأسئلة حدود الأطفال فقط، بسؤال عن ما سبب التأتأة المفاجئ عند المراهقين؟
وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز أسباب التلعثم في الكلام الشائعة:
عوامل وراثية
يشير الباحثون إلى وجود احتمال أكبر للإصابة بالتأتأة إذا كان أحد أفراد الأسرة يعاني منها. لذلك، يقوم الأطباء في البداية بالتعرف على التاريخ العائلي للمصاب.
نمو الدماغ
يمكن أن يكون هناك بعض الاختلافات في مناطق الدماغ المسؤولة عن الكلام لدى الأشخاص الذين يعانون من التأتأة.
الاختلالات العصبية
تشير بعض الأبحاث إلى احتمال وجود اختلالات في النواقل العصبية أو الدوائر العصبية المرتبطة بالكلام. يؤدي ذلك إلى صعوبة التحكم في عضلات الكلام.
الأسباب النفسية
يمكن أن يؤدي الشعور بالتوتر أو القلق إلى تفاقم أعراض التأتأة، خاصة عند التحدث مع الآخرين. وبطبيعة الحال، يمكن أن يؤدي الشعور بعدم الثقة بالنفس؛ بسبب التأتأة إلى تفاقم المشكلة.
الأحداث المؤلمة
تساهم بعض الأحداث المؤلمة أو الصدمات النفسية التي يمر بها الشخص في ظهور التأتأة أو تفاقمها.
العوامل الاجتماعية
قد تساهم التوقعات العالية من الوالدين، أو الإجهاد بسبب العمل والظروف المحيطة في تفاقم التأتأة.
ما هي أعراض التأتأة؟
تختلف أعراض التأتأة من شخص إلى آخر، وقد تتراوح بين أعراض خفيفة إلى شديدة. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز الأعراض الشائعة التي تعاني منها أغلب الحالات، والتي يساهم اكتشافها مبكرا في علاجها بشكل أسرع:
. تكرار الأصوات أو المقاطع مثل "أ-أ-أ-أريد" بدلاً من "أريد".
. إطالة الأصوات مثل "ســــــــــــــــسلام" بدلاً من "سلام".
. توقف قصير قبل الكلام فيما يشبه لحظات الصمت قبل نطق الكلمة.
. يقوم بعض الأشخاص بحركات غير إرادية، مثل رمش العينين بسرعة أو تحريك الشفتين.
. يمكن أن يلاحظ بعض الأشخاص توترًا في عضلات الوجه والرقبة أثناء الكلام.
علاج التأتأة
يتساءل البعض: هل يمكن علاج التأتأة نهائيا؟ وكذلك ما هو علاج التأتأة وصعوبة النطق؟
بدأت هذه التساؤلات منذ الأزمنة القديمة والوسطى. وقتها كانت الأعشاب الطبيعية تستخدم كعلاج شائع للتأتأة، بالإضافة إلى شرب الماء من صدفة الحلزون. وكان هناك اعتقاد خرافي بأن التأتأة يمكن أن تنجم عن دغدغة الرضيع بشكل مفرط، أو السماح له بالنظر إلى نفسه في المرآة.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تم اللجوء إلى عمليات جراحية خطيرة، مثل عمل شقوق صغيرة في اللسان أو الشفاه أو إزالة اللوزتين، لعلاج التأتأة، ولكنها لم تثبت جدواها. أما في الوقت الحاضر، فهناك مجموعة من العلاجات الأخرى التي يتم تطبيقها، وتؤدي بالفعل إلى نتائج واعدة، أبرزها:
علاج النطق والتخاطب
ركز العلاج الشائع للتأتأة على تدريب المتلعثم على التحكم في حركات شفتيه وفكه ولسانه. ويهدف هذا العلاج إلى تعديل أنماط الكلام وتقنيات التنفس.
العلاج السلوكي المعرفي
ثبت أن تقليل التوتر والقلق يساهم بشكل كبير في تحسين النطق. وبالتالي، يساعد العلاج السلوكي المعرفي على إدارة القلق والتوتر المرتبطين بالتأتأة.
الأدوية
يمكن وصف الأدوية، ولكن فاعليتها محدودة، وقد تسبب آثارًا جانبية كبيرة. وقد تستخدم بعض الأدوية في حالات معينة لتقليل التوتر.
أجهزة الكلام
هناك أجهزة إلكترونية يمكن أن تساعد في تنظيم وتيرة الكلام.
نصائح للتعامل مع التأتأة
تعتبر التأتأة حالة معقدة بالنسبة للعديد من الأسر. ولكن من المهم معرفة أن هناك العديد من الخيارات المتاحة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون منها على مواجهتها والتعامل معها. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أهم النصائح للمساعدة في تحسين جودة حياتهم.
. كن صبورًا مع نفسك؛ لأن التغلب على التأتأة يتطلب وقتًا وجهدًا.
. ابحث عن دعم من خلال الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين يعانون من التأتأة.
. تحدث ببطء وهدوء ووضوح. قد يساعد ذلك في تقليل التأتأة.
. استرخِ قبل التحدث من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء لتقليل التوتر.
. لا تخف أبدا من طلب المساعدة، هناك العديد من الخبراء الذين يمكنهم مساعدتك.