جوائز نوبل 2016 في الأدب والسلام والاقتصاد
لم تقف وصية ألفريد نوبل عام 1895عند منح جوائز لمن يقدم إنجازاً علمياً يغير وجه البشرية، إنما كان للأقلام التي تشق طريقاً إلى عوالم جديدة وقيمٍ سامية، وللسواعد التي تسعى إلى إرساء السلام في العالم نصيباً مماثلاً من الإرادات والوصية التي وقعها ألفريد نوبل، وإن لم يكن نوبل قد أوصى بمنح جائزةٍ للإنجازات الاقتصادية، إلا أنها أضيفت إلى قائمة جوائز نوبل عام 1969 من قبل البنك المركزي السويدي. سنتحدث في هذا المقال عن جوائز نوبل في الاقتصاد والسلام والأدب لعام 2016.
نوبل للآداب: ديلان أول مؤلف أغانٍ يحصل على الجائزة
منحت جائزة نوبل عام 2016 للمؤلف والمغني الأمريكي بوب ديلان (Bob Dylan)، لخلقه تعابير شعرية جديدة، وهو أول مؤلف أغانٍ يحصل على جائزة نوبل، ما أثار جدلاً كبيراً وردات فعلٍ مختلفة بين النقاد والكتاب الآخرين، لأنهم رأوا أن بوب ديلان ليس في سوية أقرانه، فقال الكاتب الفرنسي بيير أسولاين (Assouline " :(Pierreإن قرار منح ديلان جائزة نوبل للأدب ليس إلا ازدراءً بالكتاب الآخرين". كما قال الكاتب النرويجي كارل كنوسغارد (Karl Knausgaard) في حديثٍ مع صحيفة الجارديان البريطانية: "أنا معجبٌ بشخصية ديلان لكن من الصعب جداً عليّ قبول قرارٍ كهذا".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تاريخ جائزة نوبل للأدب
كانت الإرادة الأخيرة التي سجلها ألفريد نوبل هي منح جائزة لمن ينجز عملاً أدبياً في اتجاهٍ مثاليٍّ، موقعاً وصيته حول ذلك في 27تشرين الثاني عام 1895، فكان الشاعر الفرنسي سولي برودوم (Sully Prudhomme) أول من حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1901، تقديراً لتكوينه الشعري ولما تضمنه شعره من مثاليةٍ نبيلةٍ وكمالٍ فنيٍّ.
أشهر من حصل على جائزة نوبل للأدب
- الكاتب الفرنسي باتريك موديانو (Patrick Modiano)، حصل على جائزة نوبل عام 2014، لما ألفه من أعمالٍ تصور مصائر الناس وتكشف النقاب عن حقيقة ما يعانيه البشر في الحياة.
- الكاتب المصري نجيب محفوظ، حصل على جائزة نوبل عام 1988، لما قدمه من تجديدٍ في فن السرد بالرواية العربية، بالإضافة إلى أعماله الغنية التي تلامس كل البشر.
- الكاتب الأمريكي أرنست همنغواي (Ernest Hemingway)، حصل على جائزة نوبل عام 1954، لما قدمه من أسلوبٍ جديدٍ في السرد، برز ذلك بشكلٍ كبيرٍ في روايته "العجوز والبحر".
نوبل للسلام: سانتوس أوقف حرباً أهلية عمرها خمسون عاماً
مُنحت جائزة نوبل للسلام عن عام 2016 للرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (Juan Manuel Santos)، لما قدمه من جهودٍ لإنهاء الحرب الأهلية في كولومبيا، وهي حربٌ عمرها خمسون عاماً، إذ بدأت عام 1964 أثناء الحرب الباردة، كان طرفاها منذ البداية القوى اليسارية الشيوعية ضد حكومة المحافظين المعادية للشيوعية، فقدمت جائزة نوبل للرئيس لتوصله إلى حلٍّ سلمي تمثل بالمصالحة والاتفاق السلمي مع القوات المسلحة الثورية في 23حزيران/يونيو عام 2016.
تعد الحرب الأهلية الكولومبية من أطول الحروب الأهلية والوحيدة المتبقية في الأمريكيتين. جاء بالبيان الصحفي لجائزة نوبل للسلام عام2016: "قررت لجنة نوبل منح الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس جائزة نوبل للسلام، لما قدمه من جهودٍ حازمة لوقف حربٍ أهليةٍ بلغ عمرها خمسين عاماً".
تاريخ جائزة نوبل للسلام
منحت جائزة نوبل للسلام أول مرةٍ عام 1901 لكل من السويسري هنري دونانت (Jean Henry Dunant)، لما قدمه من جهود لإرساء السلام في العالم تمثلت بتمهيده لتأسيس الصليب الأحمر عام 1863، والفرنسي فريدريك باسي (Frédéric Passy) -اقتصادي وسياسي- بذل جهوداً لتحقيق السلام على مستوى عالمي، حيث كان يؤكد أن التجارة الحرة بين الدول المستقلة تروج للسلام بين هذه الدول.
أشهر من حصل على جائزة نوبل للسلام
- الرئيس الأمريكي توماس وودرو ويلسون (Thomas Woodrow Wilson)، حصل على جائزة نوبل عام 1919، لما قدمه من جهودٍ لتأسيس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى.
- الأمريكي مارتن لوثر كينغ (Martin Luther King)، حصل على جائزة نوبل للسلام 1964 لمحاربته العنصرية وفكرة التمييز بين الناس على أساس لون بشرتهم لا صفاتهم الشخصية.
- الأم تريزا (Mother Teresa)، حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979، لما قدمته من جهودٍ إنسانيةٍ تمثلت بمشاركتها بأعمال الإغاثة في مختلف دول العالم، كما نذرت نفسها للاهتمام بالأطفال الأيتام والمصابين بمرض الجذام (مرض مزمن تسببه بكتيريات وفطريات تؤدي إلى حدوث تورم في جسم الإنسان، حيث يفقد على إثره الشعور بالألم وقد يؤدي ذلك إلى بتر أطرافه).
نوبل للاقتصاد: هارت وبينغت يتقاسمان الجائزة
مُنحت جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2016 لكل من البريطاني أوليفر هارت (Oliver Hart) والفنلندي بينغت هولميستروم (Bengt Holmström)، لمساهماتهما في نظرية التعاقد، حيث قدما إطاراً شاملاً لتحليل العديد من القضايا المتنوعة في تصميمٍ تعاقدي مثل أجر القائم على الأداء لكبار المسؤولين التنفيذيين والخصومات ودفع التأمين، بالإضافة إلى خصخصة أنشطة القطاع العام.
كما وضعا من خلال الترتيبات التعاقدية المثلى أساساً فكرياً لتصميم السياسات والمؤسسات من تشريعات الإفلاس إلى الدساتير السياسية. جاء في البيان الصحفي لجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2016: "قدم كل من أوليفر هارت وبينغت هولميستروم مساهماتٍ كبيرةً في نظرية العقد التي تعد حقلاً خصباً للأبحاث الأساسية، إذ شكلت تحليلاتهما أساساً لتصميم السياسات والمؤسسات في العديد من المجالات من تشريعات الإفلاس إلى الدساتير السياسية".
تاريخ جائزة نوبل للاقتصاد
لم تكن جائزة نوبل للاقتصاد ضمن جوائز نوبل، وقدمها البنك المركزي السويدي بدءاً من عام 1969تحت مسمى جائزة نوبل للاقتصاد، حيث توزع بنفس الوقت مع جوائز نوبل الأخرى، فلا تختلف من حيث طبيعة حفل التكريم و والترشيح للجائزة. كان أول من حصل على جائزة نوبل للاقتصاد كل من راجنر فريش (Ragnar Frisch) ويان تينبرنغن (Jan Tinbergen) لما قدماه من مساهماتٍ في تحليل العمليات الاقتصادية.
أشهر من حصل على جائزة نوبل للاقتصاد
- الفرنسي جان تيرول (Jean Tirole)، حصل على جائزة نوبل لتحليله قوى السوق وتنظيمها.
- الكندي روبرت مونديل (Robert A. Mundell) عام 1999، لتحليله السياسة النقدية والمالية في ظل أنظمة سعر الصرف المختلفة.
- الأمريكي باول كروغمان (Paul Krugman)، حصل على نوبل لمساهماته في التحليلات الاقتصادية الدولية و تحليل مواقع النشاط الاقتصادي.
أخيراً.. شكل بوب ديلان علامةً فارقةً، إذ أثبت إمكانية تأثير موسيقى الروك والفولك والبلوز على الناس، وكيف يمكن أن تعبر عن مشاعر الناس المظلومين والمضطهدين، كما تمكن سانتوس من تجنيب بلاده مزيداً من الدماء رغم صعوبة ذلك في بلدٍ عاش النزاع والتقاتل لمدة خمسين عاماً، أما هارت وبينغيت ففتحا نافذةً جديدةً أمام الاقتصاد العالمي، بيد أن جائزة نوبل للأدب والتي منحت للأمريكي بوب ديلان أثارت جدلاً كبيراً في أوساط الكتاب والأدباء، لكونه مغنياً ومؤلف أغانٍ، وهو ما لم يحصل بالنسبة لجوائز نوبل التي منحت لكل من خوان سانتوس وأوليفر هارت وبينغت هولمسيتروم.