سندريلا.. الأميرة الجميلة
هناك الكثير من القصص الشعبية الجميلة التي تروى للأطفال مثل قصة "فلة والأقزام السبعة" أو "الحسناء النائمة"، لكن تعد قصة "سندريلا" الأشهر على الإطلاق والأقرب إلى قلوب الأطفال؛ بسبب ما تقدمه من دروس هامة في الحياة كالصبر والثقة بالنفس والقدرة على تحقيق الطموح وغيرها الكثير، لذلك دخلت هذه القصة الشعبية عالم الأطفال من جميع أبوابه بالإضافة لدخولها إلى الشاشات التلفزيونية وأيضاً إلى مجال السينما.
أصل قصة سندريلا والنسخ المتنوعة منها
إنها من القصص التي تمتلك عدة نسخ تختلف فيها الأسماء والأماكن وبعض الأحداث لكن غالباً تبقى الحبكة كما هي، أيضاً تحافظ هذه النسخ على النهاية الواحدة، قصة "سندريلا" مثل أي قصة شعبية أخرى فيها الكثير من والتفرعات التي سنتعرف عليها فيما يلي:
قصة في اليونان القديمة
تعتبر اليونان أول بلد انتشرت فيه هذه القصة الجميلة، وتدور أحداث النسخة اليونانية من قصة "سندريلا" - حسب المؤرخين اليونانيين الذين عاشوا في مصر - حول فتاة تُعذب بشدة في منزل زوجة أبيها في العصور القديمة جداً، ليأتي نسر كبير جداً وضخم فيسرق "صندل" تلك الفتاة ويأخذه إلى "ممفيس" في مصر حيث يتواجد الحاكم العادل الذي يحبه الجميع.
يأمر هذا الحاكم الجنود بالتفتيش في كل مكان عن صاحبة هذا "الصندل" حتى يصل إليها ويتزوجها في النهاية.
القصة العربية لسندريلا
تدور أحداث القصة العربية المعروفة لـ"سندريلا" حول فتاة جميلة ولطيفة تتوفى والدتها، فتقوم زوجة أبيها وابنتاها بتعذيبها وأمرها بالقيام ببعض المهمات المستحيلة، يقيم الأمير حفلة في قصره ليختار زوجة له، فتمنع زوجة الوالد القاسية "سندريلا" من الحضور، لكن تأتي ساحرة لطيفة وتساعد "سندريلا" بارتداء ملابس مناسبة للحفل وتحذرها بألا تبقى في القصر بعد منتصف الليل.
عندما تشعر "سندريلا" بأنها ستتأخر بالعودة تركض مسرعة على درجات القصر وتفقد حذاءها، فيبحث الأمير لاحقاً عن صاحبة هذا الحذاء حتى يعثر في النهاية على "سندريلا" ويتزوجها.
قصة سندريلا في الصين
النسخة الصينية ربما مثيرة للعجب أكثر، حيث تتناول أحداثها قصة فتاة مجتهدة ومحبوبة تدعى "يي تشان" وصديقتها السمكة الظريفة، تصدق "يي تشان" بأن هذه السمكة مسكونة بروح أمها، لكن زوجة أبيها الشريرة تقوم بقتل السمكة، فلا يتبقى للفتاة المسكينة إلا الاحتفاظ بعظام هذه السمكة التي تصبح سحرية تساعد "يي تشان" على ارتداء فستان جميل في احتفال السنة الجديدة فتفقد حذاءها في هذا المهرجان ليجده الأمير الوسيم ويبحث عنها ويقع في غرامها.
قصة سندريلا في الفيليبين
تتشابه النسخة الفيليبينية من القصة مع النسخة الصينية، حيث تكون بطلة القصة "ماريا" ابنةً لصياد سمك ماهر، لكن تتوفى والدة "ماريا" - أي زوجة هذا الصياد - في وقت مبكر فيتزوج الصياد مرة أخرى، تبدأ زوجة الصياد وبناتها بإساءة معاملة "ماريا"، ثم يظهر "السلطعون البحري" الذي يتبين أنه أم "ماريا" العائدة من عالم الأموات لمساعدتها ورعايتها.
لكن تنكشف هذه الحقيقة ويتم القبض على "السلطعون البحري" وتأمر زوجة والد "ماريا" بأن يتم تقديم "السلطعون" على العشاء، يستطيع السلطعون الهرب ويطلب من "ماريا" أن تدفنه في مكان معين، وعندما يقيم الملك أحد الاحتفالات تذهب "ماريا" إلى المكان الذي دفنت "السلطعون" فيه، لتجد ملابساً رائعة من أجل الحفل الذي تفقد فيه واحدة من نعليها ليجدها الأمير لاحقاً ويبحث عن صاحبة النعل ويتزوجها.
النسخة الفيتنامية من سندريلا التي يجهلها الكثيرون
في النسخة الفيتنامية تتم إساءة معاملة الفتاة "تام كام" من قبل زوجة والدها وابنتها التي تسرق إنجازات "تام كام " في الصيد دائماً، بعد أن تصادق "تام" إحدى الأسماك تقوم زوجة أبيها بقتلها، لكن عظام السمكة السحرية تساعد "تام" في ارتداء أجمل الملابس من أجل حفلة الملك.
وبعد زواجها من الملك تغضب زوجة أبيها وابنتها فتقومان بقتل "تام" بوحشية شديدة، لكن "تام" تعود إلى الحياة بواسطة السحر وتنتقم من زوجة أبيها وتضع ابنتها في الماء المغلي وهي على قيد الحياة!
كما يوجد الكثير من النسخ الجميلة مثل الكورية والبريطانية والآسيوية، لكنها تشابه مع النسخ التي تكلمنا عنها ولا يوجد ما يميزها.
كتب قصة سندريلا
لم تتوقف شهرة "سندريلا "على القصص الشعبية فحسب، بل تم نشرها كقصة أدبية أكثر من مرة ونالت شهرة واسعة.
القصة الأولى: "سندريلا" (Cenerentola)، بقلم باسيل
نشرت قصة "سندريلا" في مجموعة قصصية لأول مرة عام 1634م من قبل الكاتب الإيطالي "جيامباتيستا باسيل" (Giambattista Basile)، حيث تدور معظم الأحداث - كما مر معنا في النسخة العربية من "سندريلا" – حول الفتاة الطيبة التي تعمل خادمة في القصر وتستطيع الهرب أكثر من مرة من الأمير حتى تفقد حذائها في المرة الثالثة ويجده الأمير ويبحث عنها ليتزوجها.
بعد 60 عاماً، "سندريلا" (Cendrillon)، بقلم بيرولت
نشرت هذه القصة عام 1697م من قبل الكاتب الفرنسي "تشارلز بيرولت" (Charles Perrault)، تتحدث الرواية عن نفس القصة المؤثرة والعاطفية لكن عندما تبدأ حفلة الأمير وتبكي "سندريلا" في حسرة تظهر الجنية العرابة لتساعدها في التجهز للحفلة، وبمساعدة هذه الجنية العرابة تتحول اليقطينة إلى عربة جميلة والفئران إلى خيول والسحالي إلى زوج بديع من الأحذية والخرق التي تلبسها "سندريلا" إلى ثوب مرصع بالمجوهرات.
لتنتهي القصة بفقدان "سندريلا" لحذائها وبحث الأمير المطول عنها، لتتكلل نهاية الرواية بزواج الأمير من فتاة أحلامه.
الأشهر على الإطلاق، "سندريلا" (Aschenputtel)، بقلم الأخوين غريم
تعد هذه النسخة الأكثر شهرة على الإطلاق، حيث كتبت في القرن التاسع عشر من قبل الأخوين "جايكوب غريم" و"ويلهيلم غريم"، تختلف هذه القصة عن باقي القصص بأنه لا وجود للجنية العرابة التي تساعد "سندريلا"، بل هناك طائر أبيض يحقق طلبات الفتاة الطيبة التي تبكي على قبر أمها في كل يوم.
وفي هذه النسخة من القصة لا يوجد حيوانات تتحول بل مجرد حمامات صغيرة لطيفة تساعد "سندريلا" في كل مهماتها، لكن ما يميز هذه النسخة من القصة أنه عندما تفقد "سندريلا" حذاءها ويبدأ الأمير بالبحث عنها، تقوم شقيقتا "سندريلا" بقطع أصابع قدميهما وجزءاً من الكعبين لكي يتناسب الحذاء مع أقدامهما، لكن الأمير في النهاية لا ينخدع ويتزوج الفتاة اللطيفة وتقوم الحمامات التي تساعد "سندريلا" بفقء عيون زوجة الوالد الشريرة وابنتيها!
"سندريلا" من قصة شعبية إلى أعمال عالمية
كانت قصة "سندريلا" ملهمةً للكثير من المبدعين في كافة المجالات، مما جعلها القصة المحورية للعديد من الأفلام والمسرحيات وعروض الأوبرا والباليه، سنتناول فيما يلي أهم الأعمال التي اقتبست قصة "سندريلا" كموضوع رئيسي لعرضها.
عروض الأوبرا الباليه الراقصة
- "سندريلا" Cendrillon عام 1749م، من تأليف "جان لويس لارويت" Jean-Louis Laruette.
- "سندريلا" Cendrillon عام 1810م ، من تأليف "نيكولاس إزوارد" Nicolas Isouard.
- "سندريلا" La Cenerentola عام 1817م، من تأليف "غياتشينو روسيني" Gioachino Rossini.
- "سندريلا" Aschenbrödel عام 1845م، من تأليف "غوستاف كوكيرت" Gustav Kockert.
- "سندريلا" Cinderella عام 1901م، من تأليف "غوستاف هولست" Gustav Holst.
- "سندريلا" La Cenerentola عام 1902م، من تأليف "إيرمانو وولف فيراري" Ermanno Wolf-Ferrari.
- "سندريلا" La Cenicienta عام 1966م، من تأليف "جورج بيناهين" Jorge Pena Hen.
- "سندريلا" Cinderella عام 1980م، من تأليف "بول ريد" Paul Reade.
- “سندريلا الأولى" My First Cinderella عام 2013م، من تأليف "جورج ويليامسون" George Williamson و"لويبا أراوجو" Loipa Araujo.
العروض المسرحية الهامة
- "سندريلا" Cinderella، إخراج "رودجر وهامرسيرتين" Rodger and Hamersertein عام 1958م في لندن.
- المسرحية الغنائية "سيندي" Cindy، من تأليف “جوني براندون" Johnny Brandon على مسارح برودواي عام 1964م.
- المسرحية الموسيقية "في الغابات" Into the woods، ألحان وكلمات "ستيفين سونديم" Stephen Sondhim على مسارح برودواي عام 1988م.
أهم الأفلام التي استخدمت قصة سندريلا
- Princess Cinderella 1941م.
- Cinderella 1950م.
- The Glass Slipper 1955م.
- Cinderella 1957م.
- Cinderfella 1960م.
- Three Wishes For Cinderella 1973م.
- The Slipper And The Rose 1976م.
- Cinderella 2000 1977م.
- Ever After 1998م.
- The 10th Kingdom 2000م.
- Cinderella II: Dreams Come True 2002م.
- A Cinderella Story 2004م.
- Ella Enchanted 2004م.
- Happily N'Ever After 2006م.
- Cinderella III: A Twist in Time 2007م.
- Year Of The Fish 2007م.
- Another Cinderella Story 2008م.
- Lying to Be Perfect 2010م.
- Elle: A Modern Cinderella Tale 2010م.
- A Cinderella Story: Once Upon A Song 2011م.
- Into the Woods 2014م.
- After The Ball 2015م.
- Cinderella 2015م.
- A Cinderella Story: If the Shoe Fits 2016م.
- Charming 2016م.
بالإضافة إلى كل هذه الأعمال الفنية بكل المجالات من الأدب والمسرح والسينما والباليه، تم تحويل هذه القصة الشعبية إلى مسلسل تلفزيوني ياباني من 26 حلقة.
سندريلا في "ديزني" عالم الأطفال
بعد الشهرة الكبيرة لقصة "سندريلا" تبنت شركة "ديزني" (Disney) هذه الشخصية لتصبج شخصية رئيسية في عالم “ديزني”، حيث شاركت هذه الشخصية في الكثير من البرامج الخاصة بها أو ظهرت كضيف في برامج لا تدور حول قصتها، فكانت حصيلة أعمال “ديزني” التي ظهرت فيها "سندريلا":
- فيلم "سندريلا" (Cinderella)، عام 1950م.
- فيلم "سندريلا 2: أحلام تتحقق" (Cinderella II: Dreams Come True)، عام 2002م.
- فيلم "سندريلا 3: مفاجأة في الوقت" (Cinderella III: A Twist In Time )، عام 2007م.
- مسلسل"صوفيا الأولى" (Sofia The First)، عام 2012م.
- فيلم "سندريلا" (Cinderella)، عام 2015م.
وأشهر من قام بأداء صوت "سندريلا" وأول مؤدٍ لصوت هذه الشخصية في عالم ديزني بالتأكيد "لين وودز" (Ilene Woods)، بالإضافة للكثير من الممثلات، حققت هذه الأفلام والعروض التلفزيونية أرباحاً كبيرةً وحصدت شهرة واسعة نتيجة الشهرة الكبيرة للقصة الأصلية لـ"سندريلا" مما زاد من شهرة شركة "ديزني" (Disney) بشكل واضح.
في النهاية... يتضح جداً تأثر كل بلاد بتراثها أثناء قص حكاية "سندريلا" الفتاة المسكينة، لكن بالتأكيد الجميع يتفق على أنها واحدة من أكثر القصص شعبيةً في العالم وأهمها على الإطلاق، وستبقى هذه القصة بالتأكيد عالقة بقلوبنا قبل ذاكرتنا لما تبوح به من حب وحنين لأيام الطفولة السعيدة.