شعر في رثاء الأم
This browser does not support the video element.
الأم هي الشخص المقدس في حياة كل شخص تقريباً وفقد الأم من أقسى ما يمكن أن يمر المرء به في حياته، حيث يشعر أنه فقد جزءاً منه إلى الأبد ولا يمكن تعويضه بأي شيء أو شخص آخر ويصاحب هذا الفقد كل مشاعر الحزن والألم والقلق والإحساس بأن الشخص أصبح وحيداً جداً وغير آمن في هذه الحياة بخسارته شخص من أهم شخصين في حياته وهما الأم والأب.
وفيه رثاء الأم كتب الشعراء العديد من القصائد التي تصف هذه المشاعر القاسية والمؤلمة، إليك عدد من قصائد شعر في رثاء الأم:
شعر في رثاء الأم للشاعر حيدر الغدير
قد كنت أرجو أن أضم ثراك
وترينني قبل الردى وأراك
وأقبّل الكف الطهور متمتماً
آمل أن أحوز رضاك
وأنام بين يديك نومة هانئ
وكأنني وبي المشيب فتاك
وكأنني الطفل الذي رضع الهدى
والدَرَّ منك ودفأه وحجاك
وتجول في الوجه المكرم مقلتي
وتجول فيّ سعيدة عيناك
لكن سبقتِ وكلنا في رحلة
يجتازها الراضي بها والشاكي
ووجدتِ في القبر المنوَّر روضةً
طابت بعاقبة التقى وشذاك
ممطورة بالآيِ قد رتَّلتِها
وجزيل ما جادت به يمناك
والشكرِ قد أُشْرِبْتِه وعشقته
فغدا لك الكنز الذي أعلاك
والشوقِ للفردوس وهو المنتهى
إني لأقسم أنه مثواك
والذكريات كثيرةٌ وأجلّها
لما رأيتُ الحجَ قد ناداك
فعدتكِ أشواق وسالت دمعة
وتزاحمت في أصغريك رؤاك
وأتيتُ أسألكِ الأناة فقلتِ لي:
محمومةً والشوقُ قد أضناك
الحـــجُ أكرمُ أمنياتي إنها
أبداً معي في هدأتي وحَراكي
ورأيتِ بيتَ الله فانهلَّ الرضا
كالغيثِ في ريعانه فرواك
وبسمتِ والرضوانُ فيك غلالة
وسألتِ مالكه الرضا فحباك
فرجعتِ مَحْضَ السعدِ في محضِ الرضا
عيناك تشكر ربّها ويداك
أما الدعاءُ وأنتِ مَنْ أدمنتِه
فغدا المنى محبورةً وشِفاك
وطمعتُ فيك ويا له من مطمع
أن تجعلي لي حصةً بدعاك
فهششتِ لي وبششتِ لي ودعوتِ لي
وأجدتِ ثم أطلتِ لي بثناك
فشعرتُ أن مكاسبي لا تنتهي
وشعرت أني في ذرى الأفلاك
أترينني أنساكِ؟ كلا والذي
خلق الوفاء الحرَّ لنْ أنساك
وأنا الوفيّ وتعلمين شمائلي
وهي التي شبّت على نعماك
سأظل أهتف بالدعاء لك المدى
وتظل فيَّ طريةً ذكراك
أماه إن الموت غايتنا التي
تطوي قناةَ البَر والأفاك
والحشرُ موعدُ صادقٍ ومنافقٍ
وأخي البكاء الحق والمتباكي
أماه إن عزَّ اللقاء وفاتني
فغداً يطيب على الجنان لقاك
شعر في رثاء الأم لإبن الرومي
أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيم
فليس كثيراً أن تجودا لها بِدم
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى
فلا حمد مالم تُسعداني على السأم
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي
تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ
رُميتُ بخطٍ لا يقوم لمثله
شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً
وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها
وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم
وما الأم إلا إمَّة في حياتها
وأم إذا فادتْ وما الأم بالأمَم
بنفسي غداة الأمس من بانَ من غدٍ
وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم
عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم
أظلَّتْ غواشي رحمة الله قبرَها
فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ
رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم
هي الأم يا للنَّاس جُرعت ثُكْلَها
ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها
تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها
حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم
إلى الله أشكو جهد بلواي إنه
بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ
وإني لم إيتم صغيراً وإنني
يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً
ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة
تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا
من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ
ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما
نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما
سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما
تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً
ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها
سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني
جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ
لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ
وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة
يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها
يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
عليه ولكن هل من الدهر منتقم
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌ
فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
عليه ولكن هل من الدهر منتقم
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية
بمُصْطَفِق من موج بحْر ومُلْتَطم
تقاذفُ عنها موجة ٌ بعد موجة
إلى موجة تأتي ذُراها من الدِّعم
كذاك الفتى نَصْب الليالي يمُرها
إلى ليلة ترمي به سالفَ الأُمم
يُخَبِّرك أنَّ الموتَ رَسْمٌ مؤبد
ولن تعدو الرسمَ القديم الذي رسَمَ
رأيتُ طويلَ العُمْرِ مثلَ قصيرهِ
إذا كان مُفْضاه إلى غاية ٍ تُؤم
وما طولُ عمر لا أبا لك ينقضي
وماخيرُ عيشٍ قصُر وجدانه العدم
ألا كلُّ حيٍّ ماخلا الله مَيِّتٌ
وإن زعمَ التأميلَ ذو الإفك مازعم
يروحُ ويغدو الشيء يُبنَى فربمّا
جنى وهْيَهُ الباني وإن أُغْفِلَ انهدم
إذا أخطأتْهُ ثُلمة ٌ لا يجرُّها
له غيرهُ جاءتْه من ذاته الثُّلمَ
تُضَعْضِعُهُ الأوقاتُ وهْي بقاؤهُ
وتغتاله الأقواتُ وهْي له طُعم
شعر في رثاء الأم لمحمود سامي البارودي
هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلماً
فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه
منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وَ أيُّ نعيمٍ في حياة وراءها
مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ
فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ وَمَنْ سَمَا
ومن عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة ٌ
وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً
فإنْ نالها أنحى لأخرى وصمما
طماعة نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً
منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ
وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة لانْتَمَى
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ
نحلُّ كما حلوا ونرحلُ مثلما؟
مَضَوْا وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ
تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ
أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي
يميلُ عليهِ مائلاً وَمقوا
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ولمْ يكنْ
رآهْ، فيا للهِ! كيفَ تهكما؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة
جزافاً ومنْ يبكي لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وكانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وأيُّ حياة بعد أم فقدتها
كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي وَعَادَنِي
غرامٌ عليها، شفَّ جسمي وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى
وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وكانتْ لعيني قرة ولمهجتي
سروراً، فخابَ الطرفُ والقلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ
لقطعتُ نفسي لهفة وتندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ، فأوشكتْ
سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ، فتسجما
إِلَيْكَ، فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً
وفللتَ صمصاماً وذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي وكنتُ محارباً
فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا
لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي
عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
وعاد كِلاَ الْجَيْشَيْن يَرْتَادُ مَجْثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً ومَدَامِعِي
على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا زَالَ الْعَزَاءُ وَأَقْبَلَتْ
مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً
فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وكيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ
منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما؟
تألمتُ فقدانَ الأحبة جازعاً
ومنْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وقدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً
فكيفَ وقدْ أصبحتِ في التربِ أعظما؟
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَةٍ
ومنْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ
منَ العيش والنقصانُ آفة من نما
فيا ليتنا كنا تراباً ولمْ نكنْ
خلقنا ولمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة، فَأَصَابَنَا
وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة؛ فَتَحَكَّمَا
وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ
وقدْ أهلكَ الحيينِ: عاداً وجرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ، يحفرُ إنْ رعى
وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ويُصْمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً
وأخلفَ وعداً واستحلَّ محرما
فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها
عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وإني لأدري أنَّ عاقبة الأسى
وإِنْ طَال لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً
عَلَيْهَا وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة
ألفتُ هواها: ناشئاً ومحكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً
بِدَمْعٍ وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا
فيا ربة القبرِ الكريمِ بما حوى
وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة رَاحِلٍ
تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامةٍ
منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة اللمى
ولا زال ريحانُ التحية ناضراً
عليكِ وهفافُ الرضا متنسماً
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ إِنَّنِي
أرى القلبَ أوفى بالعهود وأكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ
وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة بعده
إِلَى الْحَشْر إذ يَلْقى الأَخِير المقدما