شعر من العصر الجاهلي: أجمل القصائد مكتوبة
-
1 / 21
الجاهلية هي مصطلح إسلامي يشير إلى حياة الأمم قبل دخول الإسلام ومربوط من اسمه بجهل تلك الأمم من الناحية الدينية وهي إشارة ليست خاصة فقط بالعرب، لكن تشمل جميع الشعوب قبل بعثة الرسول، لكن هذه الفترة أيضًا اشتهرت بشعراء هذه الفترة وما أنتجوه من قصائد تُصنف تحت عنوان شعر من العصر الجاهلي.
This browser does not support the video element.
شعر من العصر الجاهلي
شعر العصر الجاهلي، أنتجه العديد من شعراء هذه الفترة ومنهم أسماء معروفة جدًا حتى وقتنا هذا، مثل امرؤ القيس وعنترة بن شداد والنابغة الذبياني والخنساء وغيرهم.
شعر امرؤ القيس
جَزَعتُ وَلَم أَجزَع مِنَ البَينِ مَجزَع وَعَزَّيتُ قَلباً بِالكَواعِبِ مولَعا
وَأَصبَحتُ وَدَّعتُ الصِبا غَيرَ أَنَّني، أراقِبُ خُلّاتٍ مِنَ العَيشِ أَربَعا
فَمِنهُنَّ قَولي لِلنَدامى تَرَفَّقوا، يُداجونَ نَشّاجاً مِنَ الخَمرِ مُترَعا
وَمِنهُنَّ رَكضُ الخَيلِ تَرجُمُ بِالفَن، يُبادِرنَ سِرباً آمِناً أَن يُفَزَّعا
وَمِنهُنَّ نَصُّ العيسِ وَاللَيلُ شامِلٌ، تَيَمَّمُ مَجهولاً مِنَ الأَرضِ بَلقَعا
خَوارِجَ مِن بَرِّيَّةٍ نَحوَ قَريَةٍ، يُجَدِّدنَ وَصلاً أَو يُقَرِّبنَ مَطمَعا
وَمِنهُنَّ سَوفُ الخودِ قَد بَلَّها النَدى، تُراقِبُ مَنظومَ التَمائِمِ مُرضَعا
تَعِزُّ عَلَيها رَيبَتي وَيَسوؤُه، بُكاهُ فَتَثني الجيدَ أَن يَتَضَوَّعا
بَعَثتُ إِلَيها وَالنُجومُ طَوالِعٌ، حِذاراً عَلَيها أَن تَقومَ فَتُسمَعا
فَجاءَت قُطوفَ المَشيِ هَيّابَةَ السُرى، يُدافِعُ رُكناها كَواعِبَ أَربَعا
يُزَجِّينَها مَشيَ النَزيفِ وَقَد جَرى، صُبابُ الكَرى في مُخِّها فَتَقَطَّعا
تَقولُ وَقَد جَرَّدتُها مِن ثِيابِه، كَما رُعتَ مَكحولَ المَدامِعِ أَتلَعا
وَجَدِّكَ لَو شَيءٌ أَتانا رَسولُهُ، سِواكَ وَلَكِن لَم نَجِد لَكَ مَدفَعا
فَبِتنا تَصُدُّ الوَحشُ عَنّا كَأَنَّن، قَتيلانِ لَم يَعلَم لَنا الناسُ مَصرَعا
تُجافي عَنِ المَأثورِ بَيني وَبَينَه وَتُدني عَلَيَّ السابِرِيَّ المُضَلَّعا
إِذا أَخَذَتها هِزَّةُ الرَوعِ أَمسَكَت بِمَنكِبِ مِقدامٍ عَلى الهَولِ أَروَعا
شعر عنترة بن شداد
ذَكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ، فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ
وَحَنَّ إِلى الحِجازِ القَلبُ مِنّي، فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ
أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ، أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ
رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ، تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ
فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواد وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ
وَناداني عِنانٌ في شِمالي وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني
أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني
فَكَم يَشكو كَريمٌ مِن لَئيمٍ وَكَم يَلقى هِجانٌ مِن هَجينِ
وَما وَجَدَ الأَعادي فِيَّ عَيب، فَعابوني بِلَونٍ في العُيونِ
وَما لي في الشَدائِدِ مِن مُعينٍ، سِوى قَيسَ الَّذي مِنهُ يَقيني
كَريمٌ في النَوائِبِ أَرتَجيهِ، كَما هُوَ لِلمَعامِعِ يَصطَفيني
لَقَد أَضحى مَتيناً حَبلُ راجٍ، تَمَسَّكَ مِنهُ بِالحَبلِ المَتينِ
مِنَ القَومِ الكِرامِ وَهُم شُموسٌ وَلَكِن لا تُوارى بِالدُجونِ
إِذا شَهِدوا هِياجاً قُلتَ أُسدٌ، مِنَ السُمرِ الذَوابِلِ في عَرينِ
أَيا مَلِكاً حَوى رُتَبَ المَعالي، إلَيكَ قَدِ اِلتَجَأتُ فَكُن مُعيني
حَلَلتَ مِنَ السَعادَةِ في مَكانٍ، رَفيعِ القَدرِ مُنقَطِعِ القَرينِ
فَمَن عاداكَ في ذُلٍّ شَديدٍ وَمَن والاكَ في عِزٍّ مُبينِ
شعر أوس بن حجر
تَنَكَّرتِ مِنّا بَعدَ مَعرِفَةٍ لَمي وَبَعدَ التَصابي وَالشَبابِ المُكَرَّمِ
وَبَعدَ لَيالينا بِجَوِّ سُوَيقَةٍ، فَباعِجَةِ القِردانِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَما خِفتُ أَن تَبلى النَصيحَةُ بَينَنا، بِهَضبِ القَليبِ فَالرَقِيِّ فَعَيهَمِ
فَميطي بِمَيّاطٍ وَإِن شِئتِ فَاِنعَمي، صَباحاً وَرُدّي بَينَنا الوَصلَ وَاِسلَمي
وَإِن لَم يَكُن إِلّا كَما قُلتِ فَأذَني، بِصَرمٍ وَما حاوَلتِ إِلّا لِتَصرِمي
لَعَمري لَقَد بَيَّنتُ يَومَ سُوَيقَةٍ، لِمَن كانَ ذا لُبٍّ بِوِجهَةِ مَنسِمِ
فَلا وَإِلَهي ما غَدَرتُ بِذِمَّةٍ وَإِنَّ أَبي قَبلي لَغَيرُ مُذَمَّمِ
يُجَرِّدُ في السِربالِ أَبيَضَ صارِماً، مُبيناً لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ
يَجودُ وَيُعطي المالَ مِن غَيرِ ضِنَّةٍ وَيَضرِبُ أَنفَ الأَبلَخِ المُتَغَشِّمِ
يُحِلُّ بِأَوعارٍ وَسَهلٍ بُيوتَهُ، لِمَن نابَهُ مِن مُستَجيرٍ وَمُنعِمِ
مَحَلّاً كَوَعساءِ القَنافِذِ ضارِباً بِهِ كَنَفاً كَالمُخدِرِ المُتَأَجِّمِ
بِجَنبِ حُبَيٍّ لَيلَتَينِ كَأَنَّما يُفَرِّطُ نَحساً أَو يُفيضُ بِأَسهُمِ
يُجَلجِلُها طَورَينِ ثُمَّ يُفيضُها، كَما أُرسِلَت مَخشوبَةً لَم تُقَوَّمِ
تَمَتَّعنَ مِن ذاتِ الشُقوقِ بِشَربَةٍ وَوازَنَّ مِن أَعلى جُفافَ بِمَخرِمِ
صَبَحنَ بَني عَبسٍ وَأَفناءَ عامِرٍ، بِصادِقَةٍ جَودٍ مِنَ الماءِ وَالدَمِ
لَحَينَهُمُ لَحيَ العَصا فَطَرَدنَهُم، إلى سَنَةٍ جِرذانُها لَم تَحَلَّمِ
بِأَرعَنَ مِثلَ الطَودِ غَيرَ أُشابَةٍ، تَناجَزَ أولاهُ وَلَم يَتَصَرَّمِ
وَيَخلِجنَهُم مِن كُلِّ صَمدٍ وَرِجلَةٍ وَكُلِّ غَبيطٍ بِالمُغيرَةِ مُفعَمِ
فَأَعقَبَ خَيراً كُلُّ أَهوَجَ مِهرَجٍ وَكُلِّ مُفَدّاةِ العُلالَةِ صِلدِمِ
لَعَمرُكَ إِنّا وَالأَحاليفُ هَؤُلاء، لَفي حِقبَةٍ أَظفارُها لَم تُقَلَّمِ
فَإِن كُنتَ لا تَدعو إِلى غَيرِ نافِعٍ، فَدَعني وَأَكرِم مَن بَدا لَكَ وَاِذأَمِ
فَعِندي قُروضُ الخَيرِ وَالشَرِّ كُلِّهِ، فَبُؤسى لَدى بُؤسى وَنُعمى لِأَنعُمِ
فَما أَنا إِلّا مُستَعِدٌّ كَما تَرى، أَخو شُرَكَيِّ الوِردِ غَيرُ مُعَتَّمِ
هِجاؤُكَ إِلّا أَنَّ ما كانَ قَد مَضى، عَلَيَّ كَأَثوابِ الحَرامِ المُهينِمِ
وَمُستَعجِبٍ مِمّا يَرى مِن أَناتِنا وَلَو زَبَنَتهُ الحَربُ لَم يَتَرَمرَمِ
فَإِنّا وَجَدنا العِرضَ أَحوَجُ ساعَةً، إِلى الصَونِ مِن رَيطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
أَرى حَربَ أَقوامٍ تَدِقُّ وَحَربَنا، تَجِلُّ فَنَعرَوري بِها كُلَّ مُعظَمِ
تَرى الأَرضَ مِنّا بِالفَضاءِ مَريضَةً، مُعَضِّلَةً مِنّا بِجَمعٍ عَرَمرَمِ
وَإِن مُقرَمٌ مِنّا ذَرا حَدُّ نابِهِ، تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقرَمِ
لَنا مَرجَمٌ نَنفي بِهِ عَن بِلادِنا وَكُلُّ تَميمٍ يَرجُمونَ بِمَرجَمِ
أُسَيِّدُ أَبناءٌ لَهُ قَد تَتابَعوا، نُجومُ سَماءٍ مِن تَميمٍ بِمَعلَمِ
تَرَكتُ الخَبيثَ لَم أُشارِك وَلَم أَدِق وَلَكِن أَعَفَّ اللَهُ مالي وَمَطعَمي
فَقَومي وَأَعدائي يَظُنّونَ أَنَّني مَتى يُحدِثوا أَمثالَها أَتَكَلَّمِ
رَأَتني مَعَدٌّ مُعلِماً فَتَناذَرَت، مُبادَهَتي أَمشي بِرايَةِ مُعلَمِ
فَتَنهى ذَوي الأَحلامِ عَنّي حُلومُهُم وَأَرفَعُ صَوتي لِلنِعامِ المُصَلَّمِ
وَإِن هَزَّ أَقوامٌ إِلَيَّ وَحَدَّدوا، كَسَوتُهُمُ مِن حَبرِ بَزٍّ مُتَحَّمِ
يُخَيَّلُ في الأَعناقِ مِنّا خِزايَةٌ أَوابِدُها تَهوي إِلى كُلِّ مَوسِمِ
وَقَد رامَ بَحري بَعدَ ذَلِكَ طامِياً، مِنَ الشُعَراءِ كُلُّ عَودٍ وَمُقحَمِ
فَفاؤوا وَلَو أَسطو عَلى أُمِّ بَعضِهِم، أَصاخَ فَلَم يُنصِت وَلَم يَتَكَلَّمِ
عَلى حينِ أَن تَمَّ الذَكاءُ وَأَدرَكَت قَريحَةُ حِسيٍ مِن شُرَيحٍ مُغَمِّمِ
بَنِيَّ وَمالي دونَ عِرضي مُسَلَّمٌ وَقَولي كَوَقعِ المَشرَفِيِّ المُصَمَّمِ
نُبيحُ حِمى ذي العِزِّ حينَ نُريدُهُ وَنَحمي حِمانا بِالوَشيجِ المُقَوَّمِ
يَرى الناسُ مِنّا جِلدَ أَسوَدَ سالِخٍ وَفَروَةَ ضِرغامٍ مِنَ الأُسدِ ضَيغَمِ
مَتى تَبغِ عِزّي في تَميمٍ وَمَنصِبي، تَجِد لِيَ خالاً غَيرَ مُخزٍ وَلا عَمِ
تَجِدنِيَ مِن أَشرافِهِم وَخِيارِهِم، حَفيظاً عَلى عَوراتِهِم غَيرَ مُجرِمِ
نَكَصتُم عَلى أَعقابِكُم يَومَ جِئتُمُ، تَزُجّونَ أَنفالَ الخَميسِ العَرَمرَمِ
أَلَيسَ بِوَهّابٍ مُفيدٍ وَمُتلِفٍ وَصولٍ لِذي قُربى هَضيمٍ لِمَهضَمِ
أَهابِيَّ سَفسافٍ مِنَ التُربِ تَوأَمِ.
شعر الخنساء
بَكَت عَيني وَعاوَدَها قَذاها، بِعُوّارٍ فَما تَقضي كَراها
عَلى صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ، إِذا ما النابُ لَم تَرأَم طِلاها
فَتى الفِتيانِ ما بَلَغوا مَداهُ وَلا يَكدى إِذا بَلَغَت كُداها
حَلَفتُ بِرَبِّ صُهبٍ مُعمِلاتٍ، إلى البَيتِ المُحَرَّمِ مُنتَهاها
لَئِن جَزِعَت بَنو عَمروٍ عَلَيهِ، لَقَد رُزِئَت بَنو عَمروٍ فَتاها
لَهُ كَفٌّ يُشَدُّ بِها وَكَفٌّ، تَحَلَّبُ ما يَجِفُّ ثَرى نَداها
تَرى الشُمَّ الجَحاجِحَ مِن سُلَيمٍ، يَبُلُّ نَدى مَدامِعِها لِحاها
عَلى رَجُلٍ كَريمِ الخيمِ أَضحى، بِبَطنِ حَفيرَةٍ صَخِبٍ صَداها
لِيَبكِ الخَيرَ صَخراً مِن مَعَدٍّ ذَوُو أَحلامِها وَذَوُو نُهاها
وَخَيلٍ قَد لَفَفتَ بِجَولِ خَيلٍ، فَدارَت بَينَ كَبشَيها رَحاها
تُرَفِّعُ فَضلَ سابِغَةٍ دِلاصٍ، عَلى خَيفانَةٍ خَفِقٍ حَشاها
وَتَسعى حينَ تَشتَجِرُ العَوالي، بِكَأسِ المَوتِ ساعَةَ مُصطَلاها
مُحافَظَةً وَمَحمِيَةً إِذا ما نَبا بِالقَومِ مِن جَزَعٍ لَظاها
فَتَترُكُها قَدِ اِضطَرَمَت بِطَعنٍ تَضَمَّنَهُ إِذا اِختَلَفَت كُلاها
فَمَن لِلضَيفِ إِن هَبَّت شَمالٌ، مُزَعزِعَةٌ تُجاوِبُها صَباها
وَأَلجا بَردُها الأَشوالَ حُدباً إِلى الحُجُراتِ بادِيَةً كُلاها
هُنالِكَ لَو نَزَلتَ بِآلِ صَخرٍ قِرى الأَضيافِ شَحماً مِن ذُراها
فَلَم أَملِك غَداةَ نَعِيِّ صَخرٍ سَوابِقَ عَبرَةٍ حَلَبَت صَراها
أَمُطعِمَكُم وَحامِلَكُم تَرَكتُم، لَدى غَبراءَ مُنهَدِمٍ رَجاها
لِيَبكِ عَلَيكَ قَومُكَ لِلمَعالي وَلِلهَيجاءِ إِنَّكَ ما فَتاها
وَقَد فَقَدَتكَ طَلقَةُ فَاِستَراحَت، فَلَيتَ الخَيلَ فارِسُها يَراها
شعر النابغة الذبياني
كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
تَطاوَلَ حَتّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضٍ وَلَيسَ الَّذي يَرعى النُجومَ بِآئِبِ
وَصَدرٍ أَراحَ اللَيلُ عازِبُ هَمِّهِ، تَضاعَفَ فيهِ الحُزنُ مِن كُلِّ جانِبِ
عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ
حَلَفتُ يَميناً غَيرَ ذي مَثنَوِيَّةٍ وَلا عِلمَ إِلّا حُسنُ ظَنٍّ بِصاحِبِ
لَئِن كانَ لِلقَبرَينِ قَبرٍ بِجِلَّقٍ وَقَبرٍ بِصَيداءَ الَّذي عِندَ حارِبِ
وَلِلحارِثِ الجَفنِيَّ سَيِّدِ قَومِهِ، لَيَلتَمِسَن بِالجَيشِ دارَ المُحارِبِ
وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ
بَنو عَمِّهِ دُنيا وَعَمروُ بنُ عامِرٍ، أولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ كاذِبِ
إِذا ماغَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ فَوقَهُم، عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ
يُصاحِبنَهُم حَتّى يُغِرنَ مُغارَهُم، مِنَ الضارِياتِ بِالدِماءِ الدَوارِبِ
تَراهُنَّ خَلفَ القَومِ خُزراً عُيونُها، جُلوسَ الشُيوخِ في ثِيابِ المَرانِبِ
جَوانِحَ قَد أَيقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ، إذا ما اِلتَقى الجَمعانِ أَوَّلُ غالِبِ
لَهُنَّ عَلَيهِم عادَةٌ قَد عَرَفنَها، إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوقَ الكَواثِبِ
عَلى عارِفاتٍ لِلطِعانِ عَوابِسٍ، بِهِنَّ كُلومٌ بَينَ دامٍ وَجالِبِ
إِذا اِستُنزِلوا عَنهُنَّ لِلطَعنِ أَرقَلوا إِلى المَوتِ إِرقالَ الجِمالِ المَصاعِبِ
فَهُم يَتَساقَونَ المَنيَّةَ بَينَهُم بِأَيديهِمُ بيضٌ رِقاقُ المَضارِبِ
يَطيرُ فُضاضاً بَينَها كُلُّ قَونَسٍ وَيَتبَعَها مِنهُم فَراشُ الحَواجِبِ
وَلا عَيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ سُيوفَهُم بِهِنَّ فُلولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ
تُوُرَّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَليمَةٍ إِلى اليَومِ قَد جُرِّبنَ كُلَّ التَجارِبِ
تَقُدَّ السَلوقِيَّ المُضاعَفَ نَسجُهُ وَتوقِدُ بِالصُفّاحِ نارَ الحُباحِبِ
بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكِناتِهِ وَطَعنٍ كَإيزاغِ المَخاضِ الضَوارِبِ
لَهُم شيمَةٌ لَم يُعطِها اللَهُ غَيرَهُم مِنَ الجودِ وَالأَحلامُ غَيرُ عَوازِبِ
مَحَلَّتُهُم ذاتُ الإِلَهِ وَدينُهُم قَويمٌ فَما يَرجونَ غَيرَ العَواقِبِ
رِقاقُ النِعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُم، يُحَيّونَ بِالريحانِ يَومَ السَباسِبِ
تُحَيّهِمُ بَيضُ الوَلائِدِ بَينَهُم وَأَكسِيَةُ الإِضريجِ فَوقَ المَشاجِبِ
يَصونونَ أَجساداً قَديماً نَعيمُها بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ
وَلا يَحسَبونَ الخَيرَ لا شَرَّ بَعدَهُ وَلا يَحسِبونَ الشَرَّ ضَربَةَ لازِبِ
حَبَوتُ بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقاً، بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي
شعر النابغة الحارثي
إِنتَشتَكي عَنّا سُمىُّ فَإِنَّنا يَسمو إِلى قحم العُلى أَدنانا
وَتَبيتُ جارَتُنا حَصاناً عَفَّةً، تَثني وَيأَخُذُ حَقَّهُ مَولانا
وَنُحِقُّ حَقَّ شَريبنا في مائنا، حَتّى يَكونَ كَأَنَّهُ أَسقانا
وَنَقولُ إِن طَرَقَ المُثَوِّبُ أَصبِحوا لِوَصاةِ والِدنا الَّذي أَوصانا
أَن لا نَصُدّ إِذا الكُماةَ تَقَدَّمَت، حَتّى تَدورَ رَحاهُمُ وَرَحانا
وَنُبيحُ كُلّ حِمى قَبيلٍ عَنوَةً، قَسراً وَنأبى أَن يُباحَ حِمانا
وَيَعيشُ في أَحلامِنا أَشياعُنا مُردا وَما وَصلَ الوجوهَ لِحانا
وَيَظَلُّ مُقتِرُناً بِحُسنِ عَفافِهِ حَتّى يُرى وَكأَنَّهُ أَغنانا
وَيَسودُ سَيِّدُنا بِغَيرِ مُدافع وَيَسودُ فَوقَ السيدينِ ثُنانا
وَإِذا السيوف قَصَرنَ بَلغَها لَنا حَتىّ تَناوَلُ ما نُريدُ خُطانا
وَإِذا الجيادُ رَأَينَنا في مجمعٍ أعظَمنَنا وَزَحَلن عَن مَجرانا
شعر حاتم الطائي
أَتَعرِفُ أَطلالاً وَنُؤياً مُهَدَّم كَخَطِّكَ في رَقٍّ كِتاباً مُنَمنَما
أَذاعَت بِهِ الأَرواحُ بَعدَ أَنيسِه شُهوراً وَأَيّاماً وَحَولاً مُجَرَّما
دَوارِجَ قَد غَيَّرنَ ظاهِرَ تُربِهِ وَغَيَّرَتِ الأَيّامُ ما كانَ مُعلَما
وَغَيَّرَها طولُ التَقادُمِ وَالبِلى فَما أَعرِفُ الأَطلالَ إِلّا تَوَهُّما
تَهادى عَلَيها حَليُها ذاتَ بَهجَةٍ وَكَشحاً كَطَيِّ السابِرِيَّةِ أَهضَما
وَنَحراً كَفى نورَ الجَبينِ يَزينُهُ تَوَقُّدُ ياقوتٍ وَشَذرٌ مُنَظَّما
كَجَمرِ الغَضا هَبَّت بِهِ بَعدَ هَجعَةٍ مِنَ اللَيلِ أَرواحُ الصِبا فَتَنَسَّما
يُضيءُ لَنا البَيتُ الظَليلُ خَصاصَةً إِذا هِيَ لَيلاً حاوَلَت أَن تَبَسَّما
إِذا اِنقَلَبَت فَوقَ الحَشِيَّةِ مَرَّةً تَرَنَّمَ وَسواسُ الحُلِيُّ تَرَنُّما
وَعاذِلَتَينِ هَبَّتا بَعدَ هَجعَةٍ تَلومانِ مِتلافاً مُفيداً مُلَوَّما
تَلومانِ لَمّا غَوَّرَ النَجمُ ضِلَّةً فَتىً لا يَرى الإِتلافَ في الحَمدِ مَغرَما
فَقُلتُ وَقَد طالَ العِتابُ عَلَيهِم وَلَو عَذَراني أَن تَبينا وَتُصرَما
أَلا لا تَلوماني عَلى ما تَقَدَّم كَفى بِصُروفِ الدَهرِ لِلمَرءِ مُحكِما
فَإِنَّكُما لا ما مَضى تُدرِكانِهِ وَلَستُ عَلى ما فاتَني مُتَنَدِّما
فَنَفسَكَ أَكرِمها فَإِنَّكَ إِن تَهُن علَيكَ فَلَن تُلفي لَكَ الدَهرَ مُكرِما
أَهِن لِلَّذي تَهوى التِلادَ فَإِنَّهُ، إذا مُتَّ كانَ المالُ نَهباً مُقَسَّما
وَلا تَشقَيَن فيهِ فَيَسعَدَ وارِثٌ بِهِ حينَ تَخشى أَغبَرَ اللَونِ مُظلِما
يُقَسِّمُهُ غُنماً وَيَشري كَرامَةً وَقَد صِرتَ في خَطٍّ مِنَ الأَرضِ أَعظُما
قَليلٌ بِهِ ما يَحمَدَنَّكَ وارِثٌ إذا ساقَ مِمّا كُنتَ تَجمَعُ مَغنَما
تَحَمَّل عَنِ الأَدنَينَ وَاِستَبقِ وُدَّهُم وَلَن تَستَطيعَ الحِلمَ حَتّى تَحَلَّما
مَتى تَرقِ أَضغانَ العَشيرَةِ بِالأَن وَكَفَّ الأَذى يُحسَم لَكَ الداءُ مَحسَما
وَما اِبتَعَثَتني في هَوايَ لُجاجَةٌ إِذا لَم أَجِد فيها إِمامي مُقَدَّما
إِذا شِئتَ ناوَيتَ اِمرَأَ السوءِ ما نَز إِلَيكَ وَلاطَمتَ اللَئيمَ المُلَطَّما
وَذو اللُبِّ وَالتَقوى حَقيقٌ إِذا رَأى ذَوي طَبَعِ الأَخلاقِ أَن يَتَكَرَّما
فَجاوِر كَريماً وَاِقتَدِح مِن زِنادِهِ وَأَسنِد إِلَيهِ إِن تَطاوَلَ سُلَّما
وَعَوراءَ قَد أَعرَضتُ عَنها فَلَم يَضِر وَذي أَوَدٍ قَوَّمتُهُ فَتَقَوَّما
وَأَغفِرُ عَوراءَ الكَريمِ اِدِّخارَهُ وَأَصفَحُ مِن شَتمِ اللَئيمِ تَكَرُّما
وَلا أَخذِلُ المَولى وَإِن كانَ خاذِل وَلا أَشتُمُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ مُفحَما
وَلا زادَني عَنهُ غِنائي تَباعُد وَإِن كانَ ذا نَقصٍ مِنَ المالِ مُصرِما
وَلَيلٍ بَهيمٍ قَد تَسَربَلتُ هَولَهُ إذا اللَيلُ بِالنَكسِ الضَعيفِ تَجَهَّما
وَلَن يَكسِبَ الصُعلوكُ حَمداً وَلا غِنىً إذا هُوَ لَم يَركَب مِنَ الأَمرِ مُعظَما
يَرى الخَمصَ تَعذيباً وَإِن يَلقَ شَبعَةً يَبِت قَلبُهُ مِن قِلَّةِ الهَمِّ مُبهَما
لَحى اللَهُ صُعلوكاً مُناهُ وَهَمُّهُ مِنَ العَيشِ أَن يَلقى لَبوساً وَمَطعَما
يَنامُ الضُحى حَتّى إِذا لَيلُهُ اِستَوى تَنَبَّهَ مَثلوجَ الفُؤادِ مُوَرَّما
مُقيماً مَعَ المُثرينَ لَيسَ بِبارِحٍ إذا كانَ جَدوى مِن طَعامٍ وَمَجثِما
وَلِلَّهِ صُعلوكٌ يُساوِرُ هَمَّهُ وَيَمضي عَلى الأَحداثِ وَالدَهرِ مُقدِما
فَتى طَلِباتٍ لا يَرى الخَمصَ تَرحَةً وَلا شَبعَةً إِن نالَها عَدَّ مَغنَما
إِذا ما رَأى يَوماً مَكارِمَ أَعرَضَت تَيَمَّمَ كُبراهُنَّ ثُمَّتَ صَمَّما
تَرى رُمحَهُ وَنَبلَهُ وَمِجَنَّهُ وَذا شُطَبٍ عَضبَ الضَريبَةِ مِخذَما
وَأَحناءَ سَرجٍ فاتِرٍ وَلِجامَهُ عتادَ فَتىً هَيجاً وَطِرفاً مُسَوَّما