طفلة القمر: لمياء الحكيم التونسية التي تكافح التنمر

  • تاريخ النشر: الأحد، 25 يوليو 2021
مقالات ذات صلة
مجلس الإمارات للإعلام يحقق في حادثة تنمر تعرضت لها طفلة
فيديو أثار التعاطف: طفل يطرق أبواب الغرباء بحثاً عن صديق بسبب التنمر
تنمر معلمتها أبكاها.. طفلة سعودية تثير التعاطف وفايز المالكي يبحث عنها

طفلة القمر، بعزم حازم وقلب مملوء بالحياة وإرادة لا تتوقف حتى تصل إلى هدفها،  كانت الشابة التونسية لمياء حكيم، مثال حي على الخروج من الظلام إلى النور، وكتابة مصير  غير عادي لأطفال القمر.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

طفلة القمر

تعد لمياء الحكيم واحدة من بين 1000 شخص يعانون من المرض المعروف باسم الجلد الجاف المصطبغ في تونس والذي يؤثر على البشرة الخاصة بهم ويكون لديهم حساسية لأشعة الشمس فوق البنفسجية.

ولكن الفتاة الشجاعة كانت من بين القلائل الذين تمكنوا من كتابة قصة مختلفة لنجاحها وعلى العكس تحولت إلى مصدر فخر في محيط عائلتها في تونس.

كسرت لمياء الحكيم القاعدة السائدة بأن أطفال القمر هم غير ناجحين في حياتهم المهنية ويجدوا صعوبة في الاندماج مع المجتمع واستطاعت أن تكون معلمة للغة الفرنسية وعضوًا في المجلس البلدي.

وساعدت أطفال القمر خاصة في تخطي صعوبات الزواج والفضل يعود إلى عائلتها التي وقفت في ضهرها وقاموا بتشجيعها على إكمال راستها حتى حصلت على الشهاد ماجستير في العلوم وتعمل حاليًا على إكمال أطروحة الدكتوراه في علم الوراثة.

أطفال القمر

قالت لمياء حكيم التي تبلغ من العمر 29 سنة: " إنها تعيش مع هذا المرض منذ أن كانت طفلة مما أجبرها على أن تعيش حياتها في معركة مستمرة مع الشمس، لا تخرج لمياء إلى الشارع إلا إذا كانت مسلحة بزي خاص ومرهم واقي ونظارة شمسية وأحياناً مظلة مطر لحماية جسدها من الأشعة فوق البنفسجية".

وتابعت: "هذه الحياة ليست سهلة كنت أحاول جاهدة تعويض ما حرمت منه خلال النهار، وعلى الرغم من الدعم المعنوي والمادي اللامحدود الذي تلقته من عائلتي ولكني كنت أعاني من الرفض المجتمعي وجميع أنواع التنمر".

وتضيف: "لقد أمضيت أكثر من 20 عامًا من حياتي بين الشعور بالوحدة والرفض والتنمر بالإضافة إلى نظرة الناس الغريبة لمظهري لم تفارقني وأسئلتهم اللاذعة لم تفارق ذهني مثل لماذا تلبس هكذا؟ لماذا تلبسين الحجاب بالملابس الفضفاضة؟ هل أنت صياد نحل؟ وأنت تخيف أطفالنا ".

ولكن جميع هذه العبارات القاسية لم تقف في طريق طفلة القمر في تحقيق النجاح الذي تنشده ولكن مثل هذه الكلمات كانت مصدر قوتها وخلقت لها مكانًا في المجتمع  كما استطاعت إثبات أن أطفال القمر وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص المختلفين قادرون على النجاح والاندماج مع بقية. الناس.

من هم أطفال القمر؟

هو اضطراب وراثي نادر حيث يفتقر الجلد إلى القدرة على إصلاح الضرر الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية. إذا كانت الحالة شديدة ، فمن الضروري قطع كل التعرض لأشعة الشمس. يظهر المرض في كل من الجنسين والأشخاص الذين ينتمون إلى جميع الأجناس.

ومع ذلك فإن لدى اليابانيين فرصة أعلى 6 مرات للإصابة بالمرض مقارنة بالآخرين ويحدث المرض بمعدل 1 من كل 2،50،000 شخص.

سيكون الأفراد المصابون حساسين للغاية للأشعة فوق البنفسجية من الشمس، حتى التعرض لفترة قصيرة جدًا قد يتسبب في جفاف الجلد.

يمكن أن يتطور الجلد الجاف والمتقشر مع البقع المصطبغة إلى سرطان الجلد. مقارنة بالآخرين فإن أولئك الذين لديهم XP أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد بحوالي 1000 مرة.

يُطلق على الأطفال الذين يعانون من حالة غريبة - بدلاً من ذلك - رومانسيًا لقب "أطفال القمر". وغني عن القول أنه لا يوجد شيء رومانسي عن هذا المرض.

الجينات وراء المرض، العيب المتكرر في XP هو عيب وراثي وراثي متنحي، يؤدي هذا إلى تحور إنزيمات إصلاح ختان النوكليوتيدات الخاطئة (NER). وهذا بدوره يؤدي إلى تقليل أو حتى التخلص من NER.

في مثل هذا السيناريو من الممكن أن يتسبب الضرر الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية في حدوث طفرات في الحمض النووي للخلية.

لمياء الحكيم

بعد أن أنهت مرحلة الجامعة لم يتوقف شغف لمياء الحكيم عند هذا الحد ولكنها سعت للحصول على درجة الماجستير في العلوم وهي اليوم بصدد إنهاء أطروحة الدكتوراه في علم الوراثة وعلم الوراثة.

وقالت: "لم يكن اختياري لهذا التخصص عشوائيًا بل كان اختيارًا متعمدًا تغذيه رغبتي في فهم مرضي منذ طفولتي."

وبحسب والدها أن فهم سبب مرضها لم يكن من السهل على الطفلة، فهي مختلفة ولم تدرك ما السبب ولهذا كانت تفكر في دراسة الطب حتى تتمكن من إيجاد علاج لمرضها الذي اعتقدت في البداية أنه نوع من حساسية في الجلد.

ولكن بعد النضوج أدركت أنها كانت تفكر بشكل خاطئ وعلى العكس عليها أن تواجه مخاوفها والمجتمع وتتقبل ما هي عليه وتقوم بتنمية مهاراتها المختلفة.

لم تكن الدكتوراه التحدي الوحيد الذي وضعته لمياء لنجاحها وقالت أنها: "لم تنس ذاكرتها ذلك المشهد من طفولتها عندما كانت في الثامنة من عمرها وهي جالسة في الركن الأخير من القسم تستمع إلى المعلمة دون أن تتمكن من رؤيتها، رفض مدرسة اللغة الفرنسية إغلاق نوافذ قاعة الدراسة لحجب أشعة الشمس".

لمياء تقول: "دفعني الشعور بالظلم إلى جعل كلام مدرسة اللغة الفرنسية مصدرًا للتحدي لذلك استثمرت الأوقات التي كنت فيها بمفردي في المنزل في تطوير مهاراتي حتى حصولي على دبلوم في اللغة الفرنسية، ثم درست اللغة الإنجليزية وتعلمت أيضًا الطبخ والرسم واليوم أنهيت ما يقرب من خمس سنوات من تدريس اللغة الفرنسية.

لمياء حكيم هي عضو في المجلس البلدي منذ عام 2019 والهدف من خلال هذه التجربة وفقاً لتصريحاتها السابقة هو إسكات صوت الفشل الذي توقعه الناس لها وتريد أن تنقل رسالة مفادها أن أطفال القمر يمكنهم النجاح والتألق يصبحون أعضاء فاعلين في المجتمع.

حياة فتاة القمر مليئة بالفرص والتحديات ولم تمنعها التجارب الفاشلة في الحياة من أن تقرر مصيرها وقالت أنه لا يجب أن يمنع الفشل أحد من المضي قدمًا وأن سلاح المرء يكمن في الإصرار والعزم على تحقيق الهدف.

وتابعت: "في تونس تمكن أربعة فقط من أطفال القمر من الوصول إلى مستوى التعليم العالي بينما تسرب معظمهم من المدرسة في سن مبكرة لكن هذا لا يعني أنهم مقيدون في القدرات العقلية بل لأن أغلبيتهم ينسحبون إلى الظلام ويختارون العزلة على الحياة".

على الرغم من فوز تونس بأكثر من 14 جائزة في مجال رعاية الأشخاص ذوي البشرة الجافة المصبوغة وهي أيضًا مرجع علمي في البحث والتشخيص لهذا المرض إلا أن نظرة المجتمع لأطفال القمر لا تزال سلبية والتي جعلهم يحاربون أشعة الشمس وألسنة الناس معا.