قصص تراثية منقولة عن الأجداد: احكيها لطفلك

  • تاريخ النشر: الجمعة، 16 يوليو 2021
مقالات ذات صلة
في اليوم العالمي لسلامة الغذاء.. أبرز الأمراض المنقولة بالأغذية
يوم التراث العالمي
قصص الأميرات

القصص والحكايات، سحر الحكي والاستمتاع بالتفاصيل الذي يبدأ معنا منذ الصغر كطريقة لاستكشاف العالم ويظل معنا مهما كبرنا ومنها قصص تراثية منقولة عن الأجداد والتي تتناقل من جيل إلى جيل.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

قصص تراثية منقولة عن الأجداد

قصص تراثية منقولة عن الأجداد والتي عادة ما تحمل في طياتها فضائل الأخلاق والسلوك الحسن والتعليم عن طريق الحكي، كل قصة من القصص الجميلة تنقل عبرة عبر الزمن للأجيال القادمة ولا يخفى على أحد أن القصص التراثية المنقولة عن الأجداد تعالج قضايا واقعية من خلال الحكي.

قصة السعادة المفقودة

يُحكى أن رجلاً كان على قدر كبير من الثراء وكان في أكثر أوقاته مشغولاً في إدارة شؤونه المالية ولا يجد الوقت الكافي للجلوس مع عائلته ولا يستمتع بالراحة وهدوء البال وكان له جار فقير الحال لا يكاد يجد قوت يومه ولكنه كان سعيداً في حياته حيث يقضي الوقت مع عائلته مرتاح البال وكانت زوجة الرجل الغني ترى هذه العائلة الفقيرة وتحسدهم على تلك السعادة التي تفتقدها وهي الثرية الغنية.

تحدثت ذات يوم مع زوجها وقالت له: يا رجل ماذا تنفعنا هذه الأموال الكثيرة ونحن لا نجد طعماً للسعادة ولا نرى بعضنا البعض، بينما هذه العائلة الفقيرة التي تعيش بجوارنا لا يهمها من أمور الدنيا شيء وهم في غاية السعادة والهناء، فكر الرجل الغني هنيهة ثم وعد زوجته أن يتفرغ لها ولعائلته وأن يخصص بعضًا من وقته ليقضيه معهم.

في اليوم التالي أرسل الرجل الغني دعوة إلى جاره الفقير واستغرب الرجل الفقير تلك الدعوة، فليس من عادة ذلك الرجل أن يدعوه أو حتى يشعر به، فذهب إليه وعندما وصل استقبله الرجل الغني بلطف وأكرمه وتحدث معه بهدوء وقال له: أراك يا أخي تجلس كل يومك في البيت، ألا تجد عملًا لتعمله، فقال الرجل الفقير: والله يا أخي ليس عندي ما أعمل به، لذلك أقضي كل وقتي في البيت.

فقال له الغني: ما رأيك لو أعطيتك بعض المال تشتري به بيضًا وتبيعه كل يوم وتربح منه وبذلك تعمل وتطعم عائلتك ولا ترجع لي مالي إلا بعد أن تتحسن أحوالك ويصبح لديك رأسمال كافٍ تعمل به، وافق الرجل الفقير ووجدها فرصة سانحة ليعمل ويرتزق ويطعم عياله بكرامة وأخذ المال من الرجل الغني وعاد أدراجه وفي الصباح ذهب إلى السوق واشترى بيضاً وأخذ يبيع ويشتري وكان في ساعات الفراغ بدل أن يجلس مع أفراد عائلته، يأخذ في تصنيف البيض، فيضع الكبيرة في جهة والصغيرة في جهة أخـرى، حتى يبيع كل صنف منها بسعر.

بعد عدة أيام نظر الرجل الغني من شرفة منزله إلى جاره الفقير فوجده مشغولًا في عد البيض وتصنيفه، فابتسم ابتسامة عريضة ملؤها الخبث والدهاء وقال لزوجته: أهذا هو الرجل الذي تقولين إنه يقضي كل أوقاته مع زوجتـه وأولاده، انظري إليه ماذا يفعل الآن ونظرت المرأة فرأت ذلك الرجل مشغولًا على تلك الحالة، فتعجبت لتغيّر أحواله ولكنها لم تعرف السبب الذي سلب منه تلك السعادة التي كانت تحسده عليها، بينما كان زوجها يشيح بوجهه ويحدِّق في الفراغ ليخفي ابتسامة خبيثة كانت ترتسم على شفتيه.

قصة القاضي

كان كبير قوم يقضي بين الناس بالحق وكان مشهود له بالعدل ونشر الخير والإصلاح بين الناس وكان له من أبنائه، شاب لا يؤمن بقدرة أبيه على حل المعضلات الصعبة بين الناس، أراد هذا الشاب أن يختبر والده ليتأكد من مهارته وبراعته في القضاء بين الناس، فترك الشاب والده وخرج بين القبائل، يبحث عن رزقه في بلاد الله الواسعة، فاهتدى إلى بيت رجل متزوج من اثنتين ومكث عنده يعمل في الزراعة والحصاد، من غير أن يعلم أحد أنه ابن ذلك القاضي الشهير.

كان للزوجة الثانية طفلا صغيرًا، رزقها الله به بعد زمن طويل من الحرمان ولم تُرزق زوجته الأولى بالأبناء لأنها كانت عاقرًا وكان بين الزوجتين تناحر وغيرة وشقاق وفي يوم من الأيام أصرَّت الزوجة الأولى في نفسها مكيدة للزوجة الثانية، فهي تشعر بأن زوجها لا يحبها كما يحب الزوجة الثانية وأن زوجها يميل إلى الثانية بسبب طفلها، أما هي فلا تملك أطفالًا وهكذا اشتعلت نيران الحقد في قلبها.

وفي حين غفلة وبينما كان الطفل الصغير يلهو فرحًا، اختطفته أيدي الزوجة الماكرة وألقت به في بئر للمياه فمات، كان ابن القاضي الذي يعمل في الزراعة عند زوجها، يرقب عن بُعد ما يحدث ولكنه لا يتمكن من الكلام، كما لم تشعر به الزوجة القاتلة، عندما فعلت فعلتها واجتمعت العشيرة وتباحثوا فيما بينهم عن سبب قتل الطفل ومن الذي يقف من وراء هذا الحدث الأليم المفزع واتجهت الأنظار صوب تلك المرأة ولكنهم لا يملكون دليلًا واحدًا ضدها وأخيرا اتهمها زوجها بأنها وراء قتل الطفل، أنكرت المرأة القاتلة بشدة وتدخلت عشيرتها وأصبحت كل عشيرة تتهم الأخرى أنها هي التي تقف وراء قتل الطفل وكادت الحرب أن تقع بين العشيرتين وأخيرا اتفق الجميع على القضاء العشائري ليحكم بينهم.

أجمع الحاضرون على التقاضي عند شيخ العشيرة الشهير والمشهود له بنزاهته ونقائه وبراعته في القضاء بين الناس، إنه القاضي أب العامل الذي يعمل عندهم في المزرعة وهم لا يعلمون أن هذا العامل هو ابن ذلك القاضي، كان العامل يجلس قريبا منهم، يراقب ويستمع لما يدور من هنا وهناك وقال في نفسه: إنني تركت والدي لأنني لا أثق بقدرته على حل المعضلات الصعبة والآن تشهد له الناس بالخير والنزاهة والذكاء، فهذه واحدة بحق أبي ولأنتظر الثانية، ذهب الجميع إلى القاضي وبينهم ابنه الذي كان متخفيا بلثام واعتبر أن هذه فرصة قوية لاختبار والده في حل المعضلات الصعبة بين الناس، بدأ الحاضرون يقصّون للقاضي ما حدث بشأن الطفل المغدور وابنه يستمع باهتمام كبير وينتظر حكم والده.

بعد أن أنهى الجميع كلامهم، قال القاضي للزوجة الثانية أمّ الطفل: اعرف انك لم تقتلي الطفل وأنك أمه الرؤوفة الطيبة ولكنني أريد منك طلبًا واحدًا فقط، سوف يَثبُت من خلاله براءتك أمام العشائر، قالت له وما هو؟ قال لها: أريد منك أن ترفعي ثوبك عن ساقيك أمام جميع الحاضرين، ثم تمشي من أمامنا خمسين مترًا، صرخت المرأة في وجهه غاضبة مقسمة، أن لو مات العرب جميعهم وعن بكرة أبيهم ما فعلْت ما يطلبه منها.

توجه القاضي إلى الزوجة الأولى التي قتلت الطفل وطلب منها ما طلبه من الثانية، فقالت له: أرفع ثوبي وأثبت براءتي بإظهار الساقين الاثنتين وليست الساق الواحدة، عندئذ أصدر القاضي حكمه أمام جميع الحاضرين قائلًا: أنت التي قتلت الطفل وفجأة وأمام الجميع، كشف ابن القاضي اللثام عن نفسه ووقف قائلا بأعلى صوته: أشهد يا أبي بأنك القاضي الحق النزيه، شهد العرب لك ببراعتك وبعدلك وبحسن تصرفك، فقد رأيتها بعيني تلقي بالطفل في بئر للمياه.

قصة الصغير عاطف

كان هناك طفل صغيرة اسمه عاطف وحل الشتاء وأخذت الأم طفلها حتى تشترى له ملابس الشتاء ، فأخذت عاطف الصغير لمتجر الملابس الشِّتويَّة حتى تشتري له معطف فرو ثقيل، ليحتمي من فصل الشتاء القارس وشديد البرودة وفي محل الملابس أخذ الطفل عاطف يشاهد مع أمه المعاطف الكثيرة والملونة ولقد أعجبه معطف أزرق اللون من الفرو الثقيل في المتجر، أخبر أمه بأن هذا المعطف قد أعجبه بشدة، اشترت الأم المعطف الأزرق لابنها الصغير ودفعت ثمنه وفي اليوم التالي ارتدى عاطف  المعطف الازرق وذهب إلى المدرسة وكان يشعر بالدفء وكانت الدنيا تمطر والجو شديد البرودة.

كان عاطف سعيدًا بالمعطف بشدة وهو يسير في الشارع ومع أصحابه يفتخر بيه، انتهي اليوم الدراسي وعاد عاطف للمنزل ولقد كان الجو شديد البرودة والسماء تمطر بغزارة شديدة، كان الناس في الشارع يسرعون إلى منازلهم حتى يحتموا من المطر وكان عاطف يجري بسرعة هو الآخر وأثناء سير عاطف وجد أحد الأطفال الصغار، في مثل سنه تقريبًا، كان يبيع المناديل بجوار المدرسة وكان الصبي بائع المناديل ينتفض من شدة البرد ويرتعد.

فكر عاطف في أمر الصبي وهو يهمس لنفسه: ربما الصبي يساعد أسرتَه الفقيرة في المصاريف، ثم خلع معطفه ولم يفكر في شيء آخر، سوى أنه يريد تقديم المساعدة وأعطاه للطفل الصغير وهو يقول له تفضل، شعر الطفل بالسعادة والدفىء وأسرع الطفل الصغير إلى منزله وعندما سألته الأم عن معطفه، أخبرها بأنه أعطاه للطفل المسكين، فرحت الأم به وبما فعل لأنه شعر بالصبي المسكين وشعر باحتياجة للدفىء.