ما هي الرأسمالية؟ وما أهم مبادئها

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
ارتفاع ضغط الدم.. أهم العلامات والأسباب وما الذي يجب فعله؟
أبوظبي تطلق دليل قيم الروح الرياضية.. هذه مبادئه الأساسية
ما هي الكربوهيدرات وما أهميتها للجسم وما مصادرها

ظهرت كلمة الرأسمالية على إثر الثورة الصناعية في أواخر القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر، حيث ظهرت المصانع والمعامل التي احتكرتها طبقة من الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال، في مقابل طبقة من العمال الذين يقدمون الكثير من الجهد مقابل القليل من المال.

مفهوم الرأسمالية

تعود جذور كلمة الرأسمالية إلى اللغة اللاتينية وكلمة (Capitalis) وتعني العاصمة وهنا أتت بمعنى تجميع الثروة، والرأسمالية بالتعريف هي نظرية ونظام اقتصادي أساسه أن من يمتلكون وسائل الإنتاج ليسوا من يستخدمها، وتقوم الرأسمالية على: وجود مؤسسة خاصة، التجارة الحرة، تقديس الحرية الفردية، تراكم رأس المال.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

كما عرّفت الماركسية الرأسمالية على أنها نظام سياسي اقتصادي اجتماعي يستغل فيه أصحاب المصانع والمعامل العمال لتحقيق أرباح عالية تعزز رأس المال لديهم، أما معجم لاروس الفرنسي فقد عرف الرأسمالية على أنها الوضع القانوني لمجتمع بشري يتميز بملكية خاصة لوسائل الإنتاج.

ظهور الرأسمالية

تعود الرأسمالية كمفهوم إلى العصور القديمة، ففي حضارة ما بين النهرين (3360-312 قبل الميلاد)، ظهر ت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من خلال ملكية الأراضي الزراعية، وممارسة التجارة، والاستيراد والتصدير إلى إفريقيا وبلاد فارس.

وفي الحضارة اليونانية اللاتينية كان أصحاب رؤوس الأموال يمتلكون مساحات واسعة من الأراضي، أما الحضارة الرومانية فقد استثمر أصحاب الثروة أموالهم في إقامة البنوك وفيها تحويلات وشيكات وقروض، انطلاقاً من مبدأ حق الملكية الفردية، وفرضت الضرائب وهي المبلغ الذي يدفعه الشخص مقابل خدمة كاستخدام مكان عام، مثلاً: ميناء وسوق وطرق.

وفي القرن السادس عشر إثر الثورة الصناعية ظهرت الرأسمالية كمصطلح باعتباره يمثل الصناعيين الأغنياء الذي يمتلكون وسائل الإنتاج مقابل العمال الذين يمتلكون سوى سواعدهم، لتظهر في القرن العشرين الرأسمالية بشكلها التجاري الخدمي للدلالة على الشركات متعددة الجنسيات، التي تقوم على التجارة من خلال الاستيراد والتصدير، وحالياً تعيش الرأسمالية بشكليها الصناعي والتجاري جنباً إلى جنب في أغلب المجتمعات والدول حول العالم.

متى استخدم المفكرون كلمة الرأسمالية؟

يعد الاقتصادي البريطاني ديفيد ريكاردو أول من استخدم كلمة الرأسمالي في كتابه "في مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب" المنشور عام 1817، ومن ثم استخدمه الشاعر الإنكليزي صامويل تايلر في كتابه "طاولة نقاش" المنشور عام 1823.

واستخدمه الفيلسوف البريطاني بيير جوزيف برودون في كتابه "ما هي الملكية" المنشور عام 1840 للدلالة على مالك العقار، كما استخدمها الفيلسوفان الألمانيان فردريك أنغلز وكارل ماركس، في البيان الشيوعي في عام 1848 للحديث عن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

ما هو المقصود برأسمالية الدولة؟

تطلق كلمة رأسمالية الدولة على الدولة التي تمتلك وسائل الإنتاج، حيث تتركز الثروة في أيدي السياسيين الذين من المفترض أن يستخدموا هذه الملكية ليس لخدمة مصالحهم بل لخدمة المجتمع ولكن الواقع أثبت أن رأسمالية الدولة أدت إلى جعل السياسيين يضحون بالكفاءة الاقتصادية لضمان سيطرتهم على الاقتصاد.

ومن النماذج عن رأسمالية الدولة المدن اليونانية (كنوسوس، ميسينا، بيلوس)، الاتحاد السوفياتي وكوريا الجنوبية والصين، أما في فرنسا فهناك دمج بين ملكية الدولة لبعض وسائل الإنتاج والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الأخرى، وهو ما يطلق عليه النظام الرأسمالي المختلط (أي وجود نمطين من الملكية عامة بيد الدولة وخاصة بيد أصحاب رؤوس الأموال).

المحسوبية الرأسمالية أو رأسمالية المحاسيب

وتطلق على الدول التي تدعم بعض الشركات للفساد أو لأغراض سياسية وذلك من خلال إعطائها مشاريع ومناقصات من دون أن تقدم العرض الأفضل بين العروض، أو يسرب بعض المسؤولون في هذه الدول لهذه الشركات أقل عرض مقدم لهم فيقدمون أقل منه بمبلغ زهيد ويأخذون المناقصة، ويحصل ذلك بسبب الفساد، وعادة لا تعترف الدول بهذا النوع من الرأسمالية لكنها قد تمارسها بين الحين والآخر من خلال محاباة بعض الشركات على حساب البعض الآخر، أو دعم قطاع اقتصادي على حساب آخر بغرض تحقيق مصالح النخبة الحاكمة في هذا البلد أو ذاك.

يعد مصدر الأموال المعدة للاستثمار مهم جداً، ولكن الدول قد تغض النظر عن المصدر بغاية الاستفادة من نسب معينة من المشاريع التي ستقام بهذه الأموال، وهذا يعد تبييض أموال، ويقصد به: استثمار الأموال التي جاءت بطريقة غير مشروعة في مجالات مشروعة، على سبيل المثال: تاجر جمع أمواله من خلال بيع المخدرات وهو طريقة غير مشروعة، ثم فتح منتجع سياحي وهذا المجال مشروع فبذلك يكون كأنه أزال عدم المشروعية عن مصدر أمواله.

العلاقة بين الرأسمالية والليبرالية

هناك من يخلط بين الرأسمالية والليبرالية باعتبارهما وجهان لعملة واحدة، ولكن الحقيقة أن الرأسمالية نظام اقتصادي بحت، لكن يحتاج لبيئة من الحرية تؤمنها الليبرالية باعتبارها نظام سياسي اجتماعي حاضن لهذا النوع من النظام الاقتصادي.

فالليبرالية شريان الحياة للرأسمالية في المقابل لا تتدخل الرأسمالية في نمط الحياة السياسية، على سبيل المثال: بعد الحرب العالمية الأولى 1918 انتشرت الرأسمالية وبلغت أوجها في دول أوروبا الغربية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، واستمر الوضع حتى عام 1929، حيث غرقت أوروبا بأزمة اقتصادية كانت السبب في وصول الحزب النازي بزعامة هتلر إلى السلطة الأمر الذي كان أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية.

إيجابيات الرأسمالية

للرأسمالية باعتبارها نظاماً اقتصادياً العديد من الإيجابيات:

  1. تشجع المبادرة الفردية، من خلال ضمان حرية الفرد في تجميع الأموال وشراء الممتلكات وعلى رأسها وسائل الإنتاج.
  2. تشجع الإبداع فعلى مبدأ لكل مجتهد نصيب، يبقى الناس المميزون في عملهم يحصلون على علاوات تشجيعية أو مكافآت تشجعهم على الاستمرار في إبداعهم، وتدفع الآخرين للحذو حذوهم للحصول على مكافآت وعلاوات مشابهة.
  3. نسبة الفساد محدودة، حيث يكون التركيز على كفاءة الفرد أكثر من الجهة التي أوصت به أو المبلغ الذي دفعه للحصول على العمل.
  4. جودة الإنتاج، وهو هدف أي منشأة خاصة في الرأسمالية لأنها إن لم تكن كذلك فهي عرضة للإفلاس في ظل وجود مئات المنشآت التي تنتج سلعاً متشابهة وبأسعار مختلفة تحقيقاً لمبدأ المنافسة الحرة.

سلبيات الرأسمالية

تعاني الرأسمالية من عدد من السلبيات وأبرزها:

  1. تعزز حضور الأغنياء في السياسة وتزيد ثرائهم باعتبارهم عماد الاقتصاد، فتكون غالبية القرارات الحكومية المتعلقة بالضرائب تتناسب مع مصالح الأغنياء، بهدف ضمان استمرارية تدفق رؤوس الأموال في البلد ورفد السوق بمنتجات جديدة على مدار الوقت.
  2. يزداد الفقراء فقراً في هذا النظام، نتيجة سعي أصحاب العمل لحصد المزيد من الأرباح، وبالتالي تنعدم الطبقة الوسطى، ويصبح المجتمع طبقتين أغنياء جداً وفقراء معدمين.
  3. حقوق العمال في الرأسمالية غير مصانة، فغالباً الضمان الصحي يستمر طالما العامل على رأس عمله، وعندما يترك عمله بسبب إصابة أو عجز ينقطع أجره ويصبح بلا دخل، وهذا عكس النظام الاشتراكي الذي يضمن العامل صحياً حتى وفاته، ومالياً يؤمن له راتباً تقاعدياً قد يمتد لما بعد الوفاة إذا كان للعامل أولاد.

الانتقادات التي تعرضت لها الراسمالية

تعرضت الرأسمالية لانتقادات عدة من قبل الاشتراكيين وأبرزها:

  1. الرأسمالية تزيد الفجوة من الأغنياء الذين يمتلكون رؤوس الأموال والمصانع والشركات والفقراء من العمال وموظفي الشركات الذين لا يملكون سوى سواعدهم.
  2. الرأسمالية تؤدي إلى أزمات اقتصادية تتطلب تدخل الدولة وهو ما ظهر في الأزمة الاقتصادية في السبعينات حيث ظهرت النظرية الكنزية التي تقوم على تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية للإخراج الاقتصاد من طور الأزمة بعد أن ثبت عجز الرأسمالية عن الخروج من الأزمة التي نتجت عن زيادة الإنتاج وعجز المواطنين عن شراء السلع والخدمات لعدم وجود رأسمال الكافي.

خاتمة

الرأسمالية نظام اقتصادي ساهم في وصول الاقتصاد في بعض البلدان كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى مستويات غير مسبوقة من التقدم، لكنه في الوقت نفسه له سلبيات يجب العمل على تلافيها، وذلك من خلال تأمين حقوق العمال الذين هم أساس العمل تماماً كما هو رأس المال، ومن هنا كان إنشاء منظمة العمل الدولية في عام 1919 يخدم هذا الهدف.