متلازمة الابنة الكبرى.. أسبابها وأعراضها وطرق علاجها
ظاهرة اجتماعية ونفسية تصيب الفتاة الكبرى في العائلة لتحملها مسؤوليات تفوق قدراتها العمرية
تعتاد الأسر في المجتمعات العربية على وجه الخصوص تكليف الابنة الكبرى بالكثير من المهام منذ صغرها. تساعد والدتها في الشؤون المنزلية وتربية إخوتها وتحمل المسؤولية. ومع الوقت يتم تكليفها بكل المهام تقريبا، الطهي والتنظيف وغيرها.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ينشأ عن ذلك -أحيانا وليس دائما- بعض العقد النفسية داخل الابنة الكبرى، سواء مشاعر غيرة من إخوتها أو شعور بأنها لم تحصل على المتعة الكافية مثلهم. وقد يتطور الأمر حتى يتحول إلى عقدة نفسية أو متلازمة تتفاوت درجات تأثيرها. البعض يصل إلى مستويات كبيرة تحتاج إلى علاج وتدخل من متخصصين، والبعض لا.
في كل الحالات، علينا أن نعرف مصطلح متلازمة الابنة الكبرى، ونفسهم أسبابها وأعراضها وطرق التعامل معها، حتى نتمكن على الأقل من تربية أبنائنا بشكل صحيح. لذلك، في التقرير التالي نستعرض معكم كل ما تريد معرفته عن هذه المتلازمة.
ما هي متلازمة الابنة الكبرى؟
تعد متلازمة الابنة الكبرى ظاهرة اجتماعية ونفسية تصيب الفتاة البكر في العائلة، حيث تصبح مسؤولة عن رعاية إخوتها الأصغرِ سنًا وتحمل العبء العاطفي والنفسي الذي يفوق قدراتها العمرية.
تلقن الفتيات منذ صغرهن دور "الراعية" و"المساعدة"، مما يشجعهن على تحمل مسؤوليات أكبر من قدراتهن. وقد تمارس العائلات ضغوطًا على بناتهن الكبريات لتكونن قدوة حسنة لأشقائهن الصغار، مما يثقل كاهلهن ويعيق نموهن الشخصي. وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى متلازمة الابنة الكبرى,
بدأ هذا المصطلح في الانتشار رسميًا في علم النفس أو الطب النفسي بعد أن ظهر لأول مرة في المنتديات والمواقع الإلكترونية المخصصة لدعم الأمهات، حيث تم استخدامه لوصف مجموعة من المشاعر والسلوكيات المشتركة بين بعض بنات العائلات.
أعراض متلازمة الابنة الكبرى
يمكن أن تكون أعراض متلازمة الابنة الكبرى واضحة، لكننا لا نعترف بها بسهولة أو نقتنع بوجودها أنها ناتجة عن سلوك اعتدنا تربية أبنائنا عليه على مر الأجيال. لذلك، علينا أن نتعرف على هذه الأعراض لنتمكن من تشخيص الحالات.
المسؤولية المفرطة
تصبح الابنة الكبرى بمثابة "الأم الثانية" في المنزل، فتكلف بِرعاية إخوتها الصغار، وتلبية احتياجاتهم، والاعتناء بهم، مما يحرمها من طفولتها ويعيق نموها الطبيعي.
التضحية بالنفس
تضحي الابنةُ الكبرى برغباتها واحتياجاتها من أجل إسعاد عائلتها، وتقدم احتياجات إخوتها على احتياجاتها، مما يؤثر سلبًا على تقديرها لذاتها وعلى شعورها بالقيمة.
السعي الدائم للكمال
تصبح الابنة الكبرى حريصة على إتقان كل ما تقوم به، وتسعى جاهدة لإرضاء توقعات والديها وعائلتها، مما قد يسبب لها ضغطًا نفسيًا كبيرًا.
الشعور بالذنب
تعاني الابنةُ الكبرى من شعور مزمن بالذنب تجاه إخوتها، خاصة عندَ شعورها بالعجز عن تلبية جميع احتياجاتهم أو إسعادهم.
القلق والتوتر
تعاني الابنة الكبرى من مستويات عالية من القلق والتوتر نتيجة الضغوطات الملقاة على عاتقها، مما قد يؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية.
صعوبة بناء العلاقات
قد تواجه الابنة الكبرى صعوبة في بناء علاقات عاطفية صحية نتيجة شعورها بالمسؤولية المفرطة وافتقارها إلى الوقت لنفسها.
أسباب متلازمة الابنة الكبرى
تلعب التنشئة الأسرية دورًا في تطوير متلازمة الابنة الكبرى، خاصةً إذا كانت الابنة الكبرى قد تعرضت للمقارنة مع أشقائها أو واجهت صعوبات في التعبير عن مشاعرها. وكذلك هناك أسباب أخرى تشمل أهمها:
العوامل الثقافية والمجتمعية
تؤكد بعض الثقافات والمجتمعات على دور الابنة الكبرى كـ "الأم الثانية" في المنزل، مما يساهم في تنمية هذه المتلازمة.
الظروف العائلية
قد تؤدي بعض الظروف العائلية، مثل وفاة الأم أو مرضها، إلى تحميل الابنة الكبرى مسؤوليات أكبر من قدرتها.
التوقعات الأبوية
قد يتوقع الوالدان من ابنتهما الكبرى أن تكون مسؤولة عن رعاية إخوتها، مما يؤثر على سلوكها وشعورها.
تأثير متلازمة الابنة الكبرى
متلازمة الابنة الكبرى ظاهرة حقيقية تؤثر على حياة العديد من الفتيات. ومن المهم أن يتم التوعية بهذه الظاهرة وأن تقدم الدعم اللازم للفتيات اللواتي يعانين منها.. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز تأثيراتها:
تأثيرات نفسية
تؤدي متلازمة الابنة الكبرى إلى مشاعر القلق والاكتئاب وانخفاضِ الثقة بالنفس والشعور بالوحدة والعزلة.
تأثيرات اجتماعية
تؤثر هذه المتلازمة على قدرة الابنة الكبرى على بناء علاقات اجتماعية صحية مع أقرانها.
تأثيرات أكاديمية
قد تؤثر الضغوطات والمسؤوليات الملقاة على عاتق الابنة الكبرى على تحصيلها الدراسي.
علاج متلازمة الابنة الكبرى
يتساءل كثيرون هل يوجد علاج لمتلازمة الابنة الكبرى؟ وفي الحقيقة لا يوجد علاج محدد لمتلازمة الابنة الكبرى، ولكن هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها للتغلب عليها. وتشمل:
التحدث مع العائلة
يجب على الابنة الكبرى أن تعبر عن احتياجاتها ومشاعرها بوضوح لوالديها وعائلتها، وتطلب الدعم منهم.
وضع حدود واضحة
من المهم أن تضع الابنة الكبرى حدودًا واضحة لالتزاماتها ومسؤولياتها، وترفض أي طلبات تثقل كاهلها أو تعيق نموها الشخصي.
طلب المساعدة
لا عيب في طلب المساعدة من أخصائي نفسي أو معالج مختص.
تخصيص وقت للذات
من المهم أن تخصص الفتاة وقتًا لنفسها للاسترخاء والاستمتاع بالأشياء التي تحبها.
البحث عن الدعم
يمكن للفتاة أن تبحث عن مجموعات دعم أو منتديات على الإنترنت للتواصل مع فتيات أخريات يعانين من نفس التجربة.
في النهاية، من المهم ملاحظة أن متلازمة الابنة الكبرى ليست اضطرابًا نفسيًا أو مرضًا نفسيًا في حد ذاته، لكنه من الممكن أن يتفاقم ويتسبب في أمراض نفسية واضطرابات في بعض الحالات. إنه في الأساس مجموعة من السلوكيات والمشاعر التي قد تظهر لدى بعض الفتيات في عائلاتهن. ومع العلاج والدعم، يمكن للابنات الكبرى أن يتعلمن كيفية إدارة الأعراض والعيش حياة سعيدة ومتوازنة.
لذلك، من المهم أن تتعرف الابنة الكبرى على ملامح متلازمة الابنة الكبرى وتدرك أن هذه المشاعر والسلوكيات شائعة بين بنات العائلات. خاصة أن بعض الفتيات تعاني من الشعور بالوحدة والاكتئاب إذا لم تجد الدعم الكافي من عائلتها أو لم تتمكن من التعبير عن احتياجاتها ومشاعرها بحرية.