أبيات وقصائد عباس العقاد مكتوبة وطويلة
قدم عباس محمود العقاد الكثير من القصائد وأبيات الشعر التي تتحدث في كافة جوانب الحياة من موضوعات وقضايا، وبعضها مازال خالداً في ذاكرة جمهوره ومحبيه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
شعر عباس العقاد مكتوب وطويل
دار البطالسة الكرام جلالًا
زالوا وهذا مجدهم ما زالا
هاتي امنحينا من خلودِك نفحة
فنقول فيك من الخلود مقالا
واستفتحي باب الرموز تمدنا
بالسحر لفظًا صادقًا وخيالا
إني وقفت لديك أرفع أخمصي
حذرًا وأخفض ناظري إجلالا
فحنيت رأسًا في وصيدك ما انحنى
من قبلُ إلا للإله تعالى
وذكرت قومًا فيك لم يتهيبوا
إلا عروشًا ضخمة وظلالا
أبقاك في فك الزمان مصونة
جيلان يبنيك الملوك وِصالا
لم يبصروا بك موضعًا لزيادة
إلا وزادوه علا وكمالا
غدروا ذوي القربى ودكوا دورهم
وتلاحقوا عمًّا إليك وخالا
واستنزلوا الأرباب فيك ليشهدوا
بين العباد تواثبًا ونزالا
وضعوك أم رفعوك لما صوروا
فيك السلاح أسنة ونبالا
وتقحَّموا الحرم الجليل أم ابتغوا
زلفى لديه وقوة ونوالا
ضل الذين تطاولوا فتوهموا
أن الأوائل دونهم أفعالا
حسبوا المعابد أرضها وسماءها
كونين عن حكم الطبيعة حالا
هبطت من الملأ العلي فأصبحت
فيها الذئاب الضاريات سخالا
ننسى العداوة والصداقة والهوى
فيها وننسى الخوف والآمالا
كذبوا فما تغني الأنام عبادةٌ
تذر القلوب فوارغًا أغفالا
لا ربَّ إلا من يمالئ شعبه
عند الكريهة إن جفا أو مالا
لا تعبدنَّ إذا أردت سيادة
ربًّا يعين الصيد والأنذالا
واعبد إلهًا يصطفيك بعونه
ويذيق خصمك ذلة ونكالا
من ظن أن ولاته كعِداته
عند الإله، فكيف يسعد حالا
الناس يغتال القوي ضعيفهم
والدهر يغتال الفتى المغتالا
قهار كل القاهرين تقاصرت
عنه مكائد من طغى واحتالا
ذهبوا فما هوت الكواكب بعدهم
أسفًا وما نقص الثرى مثقالا
ملكَ الفراعنةُ الحماة وخلَّفوا
للملك أعلامًا بمصر طوالا
وخلا الأكاسرة البغاة كأنهم
عبروا بمدرجة الزمان رمالا
ومضى البطالسة الكماة وهذه
مصر يزيد شبابها إقبالا
تتقوض الأوطان وهي كدأبها
من عهد نوح تربة ورجالا
عهدٌ على الله القدير وذمة
ألا تُضيم لها الكوارث آلا
فتجنبوا فيها القنوط وأجزلوا
قسط البنين معارفًا وخصالا
والغيب أحلكُ من ظلالك ظلمةً
أبدًا، وأبعد من ذَراكِ منالا
خلعوا ولا عجبٌ عليك سماته
أولست أنت للغزه تمثالا
لو لم يرُعنا للمهيمن هيكل
باقٍ يُجدُّ بقاؤه الأحوالا
أخفى سرائره وأطلع فوقه
نورًا يزيد التائهين ضلالا
ما شيَّد البانون ركن عبادة
كلا ولا شدوا إليه رحالا
الدين باقٍ ما جهلنا سره
ولنبقينَّ بسره جُهالا
عفَت المناسك في ذراك فجددي
نُسُكًا من الشعر الشريف حلالا
قد كنتِ بالوحي الكريم كريمة
حتى بخلتِ فما أجبت سؤالا
إلا رسومًا في الرسوم نواطقًا
بالنصر أبلج والفتوح توالى
رُفعتْ لبطليموس يبسط فوقها
كفًّا تحوك من الرءوس حبالا
يطأ الملوك كأنما تيجانها
أرض وما يخشى لها زلزالا
وترى الجموع وهم ركوع تحته
قَصُروا من الخوف الذريع وطالا
شأن الأنام قديمهم وحديثهم
من عز فيهم بالسيادة صالا
والمُلك مغلوب عليه مالكٌ
متعفف لا يغلب الأقيالا
يا دار بطليموس حسبك رفعةً
وصيانة بين البنَى وجمالا
حرص الزمان عليك وهو موكَّل
بالشامخات يحيلها أطلالا
إنا لنرجوها ونوقن أنه
ما كان يومًا لا يكون محالا
وستستقل فلا تقولوا إنها
صمد الهوان بها فلا استقلالا
أجمل قصائد عباس العقاد
يا كتبي أشكو ولا أغضب
ما أنت من يسمع أو يعتب
يا كتبي أورثتني حسرة
هيهات لا تنسى ولا تذهب
يا كتبي ألبست جلدي الضنى
لم يغنِ عني جلدك المذهب
كم ليلة سوداء قضيتها
سهران حتى أدبر الكوكب
كأنني ألمح تحت الدجى
جماجم الموتى بدت تخطب
والناس إما غارق في الكرى
أو غارق في كأسه يشرب
أو عاشق وافاه معشوقه
فنال من دنياه ما يرغب
أو سادر يحلم في ليله
بيومه الماضي وما يعقب
ينتفع المرء بما يقتني
وأنت لا جدوى ولا مأرب
إلا الأحاديث وإلا المنى
وخبرة صاحبها متعب
لا رحم الرحمن فيمن مضى
من علم العالم أن يكتبوا
شكوتها والعمر في فجره
فكيف بي لما دنا المغرب
لما دنا المغرب صالحتها
تلك التي تشكي ولا تغضب
تلك التي قلت لها مرة
والقلب دامٍ والحشا ملهب
يا كتبي أورثتني حسرة
هيهات لا تنسى ولا تذهب
يا كتبي ألبست جلدي الضنى
لم يغنِ عني جلدك المذهب
فالآن يا كتبي تعالي لمن
أخبثُ شيء عنده طيب
ما أنت شر من عناء المنى
وهي التي في صدقها تكذب
ما أنت أقسى من شقاء الهوى
وهو الذي في لهوه يتعب
ما أنت أغلى ثمنًا إن غلا
من جوهر يكنز أو يعطب
ما أنت في سكر وفي متعة
أخلى من السم الذي يشرب
ويحك إنا نحن من معشر
يسبق فينا الدور أو يعقب
غدًا سنمسي كلنا ما لنا
في العيش إلا رفك المترب
فليت لي إذ أنا تحت الثرى
جمجمة ثرثارة تخطب
رهطًا من القراء يرضونني
رضاي عن بلواك إذ أغضب
يا كتبي ما شئت فلتحسبي
أو شاء قرائي فليحسبوا
شعر عباس العقاد مكتوب
شكا الشاعر الباكي عمىً قد أصابه
وأظلم ما نال العمى جفن شاعر
ينوح بعين لم يدع عندها البلى
سوى نبع حزن ناضب الماء غائر
وتلحظ عين الشمس شزراً جبينه
فيطرق إغضاءً بمقلة حاسر
ويسألهم هل أومض البرق في الدجى
وهل طلعت فيه وجوه الزواهر
وهل يلمع الدرُّ المنضد والحلى
على الغيد أم بات الحصى كالجواهر
تكاد تشق الأفقَ زفرةُ صدره
اذا راح يلحاه بصيحة حائر
تجود لعين الذئب يا افق بالسنى
ليهديَه في فتكه بالجآزر
وترميه في بئر عميق قرارها
وتسفكه فوق البطاح الغوامر
وتسلبني نوراً أراك بوحيه
فأظهر ما أخفى سواد الدياجر
وأرجعه معنى على الطرس مشرقاً
يضيء سناه مظلمات السرائر
لمن تجمل الأكوان إن كان لا يرى
بدائَعها عين ترى كلَّ باهر
فما كانت الدنيا سوى حسن منظر
وما جاد فيها الحظ إلا لناظري
وهل كنت أخشى الموت إلا لأنهُ
سيحجب عني حسن تلك المناظر
فها أنا لا جهد الحياة بهاجري
أميناً ولا ريب المنون بزائري
جمعتُ شقاء العيش في ظلمة الردى
فياليَ من ميت شقي الخواطر
أرى الصبح وهاجاً بمقلة نائم
ويلحظه قلبي بحسرة ساهر
ومن لي إلى هذا الوجود بلمحة
أراه ولم يعم التراب بصائري
فيا قلب أنفق من ضيائك واحتسب
لدى الشمس لألاء الوجوه النواضر
قصيدة عباس العقاد مكتوبة
انظر الى جنب السماء الدامي
لهب على الأمواج ذات ضرام
شفقان هذا في السماء منشّر
قانٍ وذاك على العباب الطامي
الشمس والبحر المريج تلاقيا
أمّ الضياء ومعدن الإنعام
خلعت سرابيل النهار كأنها
غيداءُ تسبح منه في حمّام
أفلت وكائن من شموس ممالك
بالشاطئين هوت هويّ الهام
دهر يدور صباحه ومساؤه
متعاقبان على مدى الأيام
يا حسرات والغزالة كاسفٌ
في الغرب حاجبها وراء لثام
يرفلن في الحسن القشيب كأنما
ألبسنه يبقى على الأعوام
الحسن شمس في المليحة لا يرى
يومين في فلك حليف تمام
حسناء مصر وكم سبت من قيصر
عات وأذكت من جوى وغرام
رفلت كما ترفلن فاستعلى بها
عزُّ الجمال وعزة الأحكام
ملكت نفوس القوم حول سريرها
ورقابهم باللحظ والصمصام
وتجرعت سم الأساود بعد ما
ساغت من اللذات كأس سمام
وذوت فأين اليوم سمر محاجر
منها ولدن معاطف وقوام
الليل أرخى في السماء سدوله
ورمى باستار على الآطام
من كل مُطّلع وكل ثنيّة
نور يغيب مبدّلاً بظلام
تسري هنا لكمُ السفين كما سرى
شبح يؤمّ عوالم الاحلام
والنجم في غسق المساء كأنه
شرر تطاير في خلال أيام
والطير تزقو والغصون تناوحت
نشوى تميل تمايل النّوام
يمسي رسول السلم بين فروعها
بعد التحام دائم وخصام
والبحر يبتدر الشطوط أتيّه
بالكر آونة وبالإحجام
أبداً يرتل من روىٍّ واحد
شعراً معانيه بغير كلام
حتى إذا اشتبك الظلام تشابهت
ثم الذرا بمواطئ الاقدام
درست معالمها فليس بظاهر
منها الحضيض ولا العماد السامي
أغرقتها يا ليل فيك وربما
غرقت بحار فيك وهي طوام
بوركت فاغمر بالظلام ظلامي
يا مغرق الأفراح ولآلام