أجمل قصائد ابن حجر العسقلاني مكتوبة كاملة

  • تاريخ النشر: الخميس، 04 أبريل 2024
مقالات ذات صلة
أجمل قصائد ابن قلاقس الإسكندري مكتوبة كاملة
أجمل قصائد ابن حزم الأندلسي مكتوبة كاملة
أشهر قصائد أوس بن حجر مكتوبة كاملة

أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني والمعروف باسم ابن حجر العسقلاني، هو شاعر وواحد من أئمة العلم والتاريخ. ولد ابن حجر العسقلاني وتوفي في القاهرة وأصله من عسقلان في فلسطين. كان مولع بالأدب والشعر ثم أقبل على الحديث، وأصبح حافظ الإسلام في عصره.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

في هذا المقال نأخذك في جولة شعرية مع أجمل قصائد ابن حجر العسقلاني مكتوبة كاملة.

قصيدة إن كنت تنكر حبا زادني كلفاً

يقول ابن حجر العسقلاني في قصيدة إن كنت تنكر حبا زادني كلفا:

إِن كُنتَ تُنكِرُ حُبّاً زادَني كَلَفا، حَسبي الَّذي قَد جَرى مِن مَدمَعي وَكَفى وَإِن شَكَكتَ فَسائِل عاذِلي شجني
هَل أَشكو الأَسى وَالبينَ وَالأَسَفا، أَحبابنا وَيَدُ الأَسقامِ قَد عبثَت، بِالجِسمِ هَل لي مِنكُم بِالوِصالِ شِفا
كَدَّرتُ عَيشاً تَقضّى في بِعادِكُمُ، وَراقَ مِنّي نَسيبٌ فيكُمُ وصَفا، سِرتُم وَخَلَّفتُمُ في الحَيّ مَيتَ هَوىً
لَولا رَجاءُ تَلافيكم لَقَد تَلِفا، وَكُنتُ أَكتُم حُبّي في الهَوى زَمَناً، حَتّى تَكَلَّمَ دَمعُ العَينِ فَاِنكَشَفا
سَأَلتُ قَلبي عَن صَبري فَأَخبَرَني، بِأَنَّهُ حينَ سِرتُم عَنّيَ اِنصَرَفا، وَقُلتُ لِلطَّرفِ أَينَ النَومُ بَعدهُمُ
فَقالَ نَومي وَبَحرُ الدَمعِ قَد نَزَفا، وَقُلتُ لِلجِسمِ أَينَ القَلبُ قالَ لَقَد خَلّى الحَوادِثَ عِندي وَاِبتَغى التَلَفا
سَرى هَواكُم فَسارَ القَلبُ يَتبَعُهُ، حَتّى تَعَرَّفَ آثاراً لَهُ وَقَفا، فَيا خَليليَّ هَذا الربعُ لاحَ لَنا
يَدعو الوُقوفَ عَلَيهِ وَالبُكا فقِفا، ربعٌ كَربعِ اِصطِباري بَعدَ أَن رَحَلوا، تَجاوزَ اللَهُ عَنهُ قَد خَلا وَعَفا
وَأَهيفٍ خَطَرَت كَالغُصنِ قامَتُهُ، فَكُلُّ قَلبٍ إِلَيها مِن هَواهُ هَفا، كالسَهمِ مُقلَتُهُ وَالقَوسِ حاجِبُهُ
وَمُهجَتي لَهما قَد أَصبَحَت هَدَفا، ذو وَجنَةٍ كالشَقيقِ الغَضِّ في تَرَفٍ، يَظَلُّ مِنها جَبينُ الشَمسِ منكسِفا
وَعارِضٍ إِن بَدا مِن تَحتِها فَلَقَد، أَهدى الرَبيعُ إِلَيها رَوضَةً أُنُفا، يا أَيُّها البَدرُ إِنّي بَعدَ بُعدِكَ لا
أَنفكُّ في جامِعِ الأَحزانِ مُعتَكِفا، أَرسَلتَ لَحظاً ضَعيفاً فَهوَ في تلفي، يَقوى وَقَلبي قَويٌّ فَهوَ قَد ضَعُفا
وَفتيَةٍ لحمى المَحبوبِ قَد رَحَلوا، وَخَلَّفَتني ذُنوبي بَعدَهُم خَلَفا، يَطوونَ شُقَّةَ بيدٍ كُلَّما نُشِرَت
غَدوا وَكُلُّ اِمرئٍ بِالقَبرِ مُلتَحِفا، حَتّى رأوا حَضرَةَ الهادي الَّذي شَرُفت، قُصّادُهُ وَعَلَت في قَصدِهِ شَرَفا
مُحَمَّدٍ صفوةِ اللَهِ الَّذي اِنكسَفَت، إِذ جاءَ بِالحَقِّ شَمسُ الكُفرِ واِنكشَفا، المُصطَفى المرتَقي الأَفلاكِ معجزةً
وَكانَ في الحَربِ بالأملاكِ مرتَدَفا، اللَيثُ وَالغَيثُ في يَومي نَدىً وَردىً، وَالصادِقُ الفعل في يَومي وَغى وَوفا
الواهِبُ الهازِمُ الآلافَ مِن كَرَمٍ، وَسَطوَةٍ لِلعِدى وَالصحبِ قَد عُرفا، فالغَيثُ مِن جودِهِ في الجَدبِ مغتَرِفاً
كاللَيثِ مِن بأَسِهِ في الحَربِ معترفا، مَن قامَ في كَفِّ كَفّ الكُفرِ حينَ سَطَت، حَقّاً وَفي صَرفِ صرف الدَهرِ حينَ هَفا
كانَ الأَنامُ جَميعاً قَبلَ مَبعَثِهِ، عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَعادَ شِفا، كَم بَينَ إِيوان كِسرى مِن مناسَبَةٍ
وَبَينَ بَدرِ السَما وَالكُفرِ قَد خُسِفا، هُما اِنشِقاقانِ هَذا يَوم مَولِدِهِ، وَذا بمبعثهِ الزاكي هُدىً سَلَفا
لَهُ اللواءانِ ذا في الحَربِ مُنتَشِرٌ، وَظِلُّ ذَلِكَ في يَومِ النُشورِ ضَفا، كَمالُهُ في النَدى الحوضانِ كوثرُهُ
وَكَفُّهُ فازَ صَبٌّ مِنهُما اِغتَرَفا، سَرى إِلى المَسجِدِ الأَقصى مِنَ الحَرم المكّيِّ وَالطرفُ للإِسراعِ ما طُرِفا
ثُمَّ اِرتَقى الأُفقَ بِالجِسمِ الكَريمِ عُلىً وَالروحُ خادِمُهُ وَالقَلبُ ما ضَعفا، لقاب قَوسَينِ أَو أَدنى عَلا وَدَنا
وَقَلبُ حاسِدِهِ المضنى غَدا هَدَفا، رُدَّت أَعاديهِ في بَدرٍ منكّسةً، بخجلَةٍ أَورثَتها النقصَ وَالكَلَفا
وَيَومَ خَيبرَ آياتٌ مُبيَّنَةٌ، بِالبابِ مِنهُ عَليُّ قَد عَلا شَرَفا وَفي حنينٍ قَميصُ الشِركَ لَيسَ لَهُ
لَمّا تَمَزَّقَ رافٍ مِن عداهُ رَفا، وَكَم خَوارِقَ حَتّى في قُلوبِهمُ، مِن سمرِهِ وَسُيوفٍ برقُها خَطَفا
لَم يَقتَطِف زَهرَةَ الدُنيا وَزينَتَها، بَل مالَ عَنها وَلاحَت رَوضَةً أُنُفا، هوَ الكَريمُ الَّذي ما رَدَّ سائِلَهُ
ما شَكَّ شَخصانِ في هَذا وَلا اِختَلَفا، بالعَينِ قَد جادَ إفضالاً وَأَورَدَها، وَرَدَّها بَعدَما أَرخَت لَها سُجُفا
وجوهُ أَصحابِهِ كَالدُّرِّ مُشرِقَةٌ، إِذا رَأَيتَ اِمرءاً عَن هديهم صَدَفا، نالوا السَعادَةَ في دُنيا وَآخِرَةٍ
وَالسَبقَ وَالفَضلَ وَالتَقديمَ وَالشَرَفا، وَبِالرضى خُصَّ مِنهُم عَشرَةٌ زهُرٌ، يا وَيحَ مَن في موالاةٍ لَهُم وَقَفا
سَعدٌ سَعيدٌ زبيرٌ طَلحَةٌ وَأَبو عُبَيدَةٍ وابنُ عَوفٍ قَبلَهُ الخُلَفا وَالسابِقونَ الأُلى قَد هاجَروا مَعَهُ
وَما بِفَضلٍ لأَنصارِ النَبيِّ خَفا، تَبوّؤا الدارَ والإِيمانَ قَبلُ وَقَد آووا وَفَوا نصروا فازوا شَرَفا
المؤثِرونَ وَإِن لاحَت خصاصَتُهُم، عَلى نُفوسِهِم العافينَ وَالضُعَفا، الضارِبونَ وجوهاً أَقبَلَت غَضَباً
وَالتارِكونَ ظُهوراً أدبرَت أَنَفا، لا يَستَوي مُنفِقٌ مِن قَبلِ فَتحِهِمُ، بِمُنفِقٍ بَعدُ بالإِنفاقِ قَد خَلَفا
وَالكلّ قَد وَعدَ اللَهُ المُهَيمِنُ بِالحُسنى وَأَولاهُمُ من بِرِّهِ تُحَفا، مِن كُلِّ أَروَعَ حامي الدِينِ ناصرِهِ
وكُلِّ أَورعَ يُدعى سَيِّد الظُرَفا، لا تَسأَلَنَّ القَوافي عَن مآثِرِهِم، إِن شِئتَ فاِستَنطِقِ القُرآنَ والصحف
يا سَيّدي يا رَسولَ اللَهِ قَد شرفَت، قَصائِدي بِمَديحٍ فيكَ قَد رصفا، مَدَحتُكَ اليَومَ أَرجو الفَضلَ مِنكَ غَداً
مِنَ الشَفاعَةِ فاِلحَظني بِها طَرَفَا، أَجَزت كَعباً فَحازَ الرفعَ مِن قَدَمٍ، عَلى الرؤوسِ وَنالَ البشرَ وَالتُحَفا
وَقَد أَلِفتُ قِيامي في المَديحِ إِلى أَن قالَ مَن لامَ قَد أَبصَرتُهُ أَلِفا، بِبابِ جودِكَ عَبدٌ مُذنِبٌ كَلِفٌ
يا أَحسَنَ الناسِ وَجهاً مُشرِقاً وَقَفا، بِكُم تَوَسّلَ يَرجو العَفوَ عَن زَلَلٍ، مِن خَوفِهِ جفنُهُ الهامي لَقَد ذَرَفا
وَإِن يَكُن نِسبَةً يُعزى إِلى حَجرٍ، فَطالَما فاضَ عذباً طَيّباً وَصَفا وَالمَدحُ فيهِ قُصورٌ عَنكُمُ وَعَسى
في الخُلدِ يُبدلُ مِن أَبياتِهِ غُرَفا، لا زالَ فيكَ مَديحي ما حييتُ لَهُ، فَما أَرى لِمَديحي عَنكَ مُنصَرَفا

قصيدة ما دمت في سفن الهوى تجري بي

ويقول ابن حجر العسقلاني في قصيدة ما دمت في سفن الهوى تجري بي:

ما دُمتُ في سُفُنِ الهَوى تَجري بي، لا نافِعي عَقلي وَلا تَجريبي، بَرحَ الخَفاءُ بِحُبِّ مَن ولهي بِهِ
أَورى توقُّدَ مُهجَتي وَلَهيبي، يا عاذِلي أَوَ ما عَلِمتَ بِأَنَّني لا أَسمَعُ المَكروهَ في المَحبوبِ
طرفي تَنَزَّه في الحَبيب وَمَسمَعي، عَن كُلِّ لَومٍ فيهِ أَو تأنيبِ، دَع عَنكَ ما تَهذي بِهِ عِندي فما
كُلِّفتَ إِصلاحي وَلا تَهذيبي، أَخطأتَ في عَذلي لأَنَّ مُصيبَتي، مِن سَهمِ طَرفٍ لِلفُؤادِ مصيبِ
ما كانَ أَعذبَ مُدَّةً مَرَّت لَنا، إِنّي لأَستَحلي بِها تَعذيبي، أَيّامَ لا رَوضُ الجَمالِ مُمنّعاً
عَنّي وَوردُ الخَدِّ كانَ نَصيبي، أَجني عَلَيهِ وَمِنهُ زَهر تَواصُل، لا أَختَشي مَعهُ دُنُوَّ مريبِ
عُوِّضتُ عَن قُرب نَوى وَعنِ الرِضى، سُخطاً وَما عَهدُ اللِقا بقَريبِ، يا مَن تَوَقَّفَ عَن زِيارَةِ صَبِّهِ
مِن خَوفِ واشٍ أَو حذارِ رَقيبِ، ماذا عَساهُم أَن يَقولوا بَعدَما، قَد أَبصَروا شَجني وَفرطَ نَحيبي
إِلّا إِشاعَتَهُم بِأَنَّكَ قاتِلي، صدقوا فَأَنتَ مُعَذّبي وَحَبيبي، فاِرفق بِمشتاقٍ بِحُبِّكَ مُفرَدٍ
يا صاحِبَ الحسنِ الغَريبِ غَريبِ، لَولاكَ ما قُلتُ اِسكُبي يا مُقلَتي، غَيثاً وَيا كبدي بِنارِكِ ذوبي
وَسقامُ جِسمي بِالبُكاءِ لَقَد نَما من جريِ نَهرِ مَدامِعٍ وَصَبيبِ وَضللتُ مَع عِلمي وَدَمعي ما هدا
وَطغى وَلَم تُطفِ الدُموعُ لَهيبي، دَمعي وَحَقِّكَ سائِلٌ قُربَ اللِقا، ماذا يُضرُّكَ أَن تَكونَ مُجيبي
بَيني وَبَينكَ في المَحَبَّةِ نسبَةٌ، فَاِحفَظ عهودَ تَغزّلٍ وَنسيبِ، ما أَنتَ في سعَةٍ وحِلٍّ إِن تَكُن
حَرَّمتَ وَصلَ المغرمِ المَكروبِ، قَد جُرتَ لمّا أَن عَدَلتَ لِغَيرِهِ، عَنهُ فَلَيتَ جَفاكَ بِالتَدريبِ
أَسرَفتَ في هَجري لِعلمِكَ أَنَّني لَيسَ التَسَلّي عَنكَ مِن مطلوبي وَاللَهِ ما لي مِن هَواكَ تَخَلُّصٌ
إِلّا بِمَدحِ المُصطَفى المَحبوبِ، الحاشِرِ الرَؤُوفِ الرَحيمِ العاقِبِ الماحي رسومَ الشركِ وَالتَكذيبِ
ذي المُعجِزاتِ فَكُلّ ذي بصرٍ غَدا، لِصَوابها بِالعَينِ ذا تَصويبِ، كَالشَمسِ ضاءَت للأَنامِ وَأَشرَقَت
إِلّا عَن المَكفوفِ وَالمَحجوبِ، وَاِنشَقَّ بَدرُ التَمِّ معجزَةً لَهُ وَبِهِ أَتاهُ النَصرُ قَبلَ مَغيبِ
وَبِفَتحِ مَكَّةَ قَد عَفا عمّن هَفا، فأتَوهُ بِالتَرغيبِ وَالتَرهيبِ وَأَزالَ بالتَوحيدِ ما عبدوهُ مِن صنم
بِرأيٍ ثابِتٍ وَصَليبِ، وَسَقى الطُغاةَ كؤوسَ حتفٍ عجّلَت، لِلمؤمِنينَ ذهابَ غَيظِ قُلوبِ
لَم يَحتموا مِن ميمِ طَعناتٍ وَلا أَلِفاتِ ضرباتٍ بِلامِ حُروبِ، نَطَقَ الجَمادُ بِكَفِّهِ وَبِهِ جَرى
ماءٌ كَما يَنصَبُّ مِن أُنبوبِ، وَالعَينُ أَوردَها وَجادَ بِها كَما قَد رَدَّها كالشَمسِ بَعدَ غُروبِ
وَلَكم مَناقِبُ أَعجَزَت عَن عَدِّها، مِن حافِظٍ واعٍ وَمِن حَيسوبِ، يا سَيّدَ الرُسلِ الَّذي مِنهاجُهُ
حاوٍ كَمالَ الفَضلِ وَالتَهذيبِ، أسرى بِجسمِكَ لِلسَماءِ فَبشَّرَت، أَملاكها وَحبَتكَ بِالتَرحيبِ
فَعَلَوتَ ثُمَّ دَنَوتَ ثُمَّ بَلَغتَ ما لا يَنبَغي لِسواكَ مِن تَقريبِ وَخُصصتَ فَضلاً بِالشَفاعَةِ في غَدٍ
وَمَقامِكَ المَحمودِ وَالمَحبوبِ، وَالأَنبياءُ وَقَد رُفِعتَ جَلالَةً، في الحَشرِ تَحتَ لِوائِكَ المَنصوبِ
يَحبوكَ رَبُّكَ مِن مَحامِدِهِ الَّتي تُعطى بِها ما شِئتَ مِن مَطلوبِ وَيَقولُ قُل تَسمَع وَسَل تُعطَ المُنى
واِشفَع تَشَفَّع في رَهينِ ذُنوبِ، فَاِشفَع لِمادِحِكَ الَّذي بِكَ يَتَّقي، أَهوالَ يَومِ الدينِ وَالتَعذيبِ
فلأَحمَدَ بنِ عَليٍّ الأثريّ في مأهولِ مَدحِكَ نَظمُ كلّ غَريبِ، قَد صَحَّ أَنَّ ضَناهُ زادَ وَذنبهُ
أَصلُ السقامِ وَأَنتَ خَيرُ طَبيبِ، صَلّى عَلَيكَ وَسَلَّمَ اللَهُ الَّذي أَعطاكَ فَضلاً لَيسَ بِالمَحسوبِ
وَعَلى القَرابَةِ وَالصَحابَةِ كلّهم، ما أُتبِعَ المَفروضُ بِالمَندوبِ، مِن كُلِّ بَحرٍ في الفَضائِل مُهتَدٍ
بِالحَقِّ بَرٍّ بالعفاةِ أَريبِ، ما أَطرَبَت أَمداحُهم مُدّاحَهُم وَاِشتاقَ مَهجورٌ إِلى مَحبوبِ

قصيدة لو أن عذالي لوجهك أسلموا

لَو أَنَّ عُذَّالي لِوَجهِكَ أَسلَموا، لَرَجَوتُ أني في المَحَبةِ أسلَمُ، كَيفَ السَبيلُ لِكَتمِ أسرارِ الهَوى
وَلِسانُ دَمعي بِالغَرامِ يُترجمُ، لامَ العَواذِلُ كُلَّ صادٍ لِلّقا وَمَلامُهُم عَينُ الخَطا إن يَعلَموا
لَم يَعلَموا بِمَن الهَوى لَكِنَّهُم لاموا لعلمهمُ بِأني مُغرَمُ، لامُوا ولَمَّا يأتِهِم تأويلُ ما
لامُوا عَلَيهِ لأنهم لَم يَفهَموا، إِن أَبْرَموني بِالمَلامِ فَإنَّ لي، صَبراً سَيَنقُضُ كُلَّ ما قَد أَبْرَمُوا
ما شاهَدُوا ذاكَ الجَمالَ وَقَد بَدَا، فَأنا الأَصَمُّ عَن المَلامِ وَهُم عَمُوا وَلَئِن دَرَوا أني عَشِقتُ فَإنهُ
لِهَوى القُلوبِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ، وَالصَمتُ أَسلَمُ إِن لَحَوني في الهَوى، لَكِنَّ قَلبي بِالجَوى يَتَكَلَّمُ
وَلَقَد كَتَمتُ هَواكَ لَكِنْ مُقلَتي، شَوقاً إلى مَغناكَ ليسَتْ تكتمُ، أبكي عَقيقاً وهو دَمعي وَالغَضَا
وهو الذي بينَ الجَوانِحِ يُضْرَمُ، وَالدَمعُ في ربعِ الأحبةِ سائِلٌ، يا وَيحَهُ مِن سائِلٍ لا يُرحَمُ
وَحَديثُ وَجدِي في هَواكَ مُسَلسَلٌ، بِالأوليَّةِ مِن دُموعٍ تُسجمُ، يا عاذِلي إني جُنِنتُ بحُبّهم
وإلى سِوى أَوطانِهِم لا أعزِمُ، ولئن عَزَمتُ عَلى السُّلُوِّ فَلَيسَ لي، يوماً عَلى ذاكَ الجُنونِ مُعَزّمُ
وهمُ الأحِبَّةُ إِن جَفَوا أو واصلوا، وَالقَصدُ إِن أَشقَوا وَإِن هُمْ نَعَّمُوا، إِن واصَلوا فالليلُ أبيَضُ مُشرِقٌ
أَو قاطَعوا فالصُّبحُ أسودُ مُظلِمُ، واللَيلُ يَظلمني فيُظلِمُ بعدهم، لَكِن عُذولي في هواهُمْ أَظلَمُ
وَالصُبحُ يُشرِقني بِغربِ مَدامِعٍ، لَم تَحك نوءَ الفَيضِ مِنها الأَنجُمُ، أحبابَنا كَم لي عَلَيكُم وَقفَةً
وعليَّ وَصلُكُم الحَلالُ مُحَرَّمُ، يا هاجِري وحياة حُبِّكَ مِتُّ مِن شَوقي إلَيك تَعيشُ أنتَ وَتَسلَمُ
جِسمي أخَفُّ مِن النَّسيم نَحافَةً، وثَقُلتُ بِالسُقمِ المُبَرِّحِ مِنكُمُ، إِن كانَ ذَنبي الانقطاع فحُبُّكُم
باقٍ وَأنتُم في الحَقيقَةِ أنتُمُ لَم يُنس أفكاري قَديمُ عُهودِكُم، إلا حَديثُ المُصطَفى المُستَغنَمُ
آثارُ خَير المُرسَلينَ بِها شِفا، داءِ الذُّنوبِ لِخائِفٍ يَتَوَهَّمُ، هوَ رحمَةٌ للناسِ مُهداةٌ فَيا
ويحَ المعانِدِ إنهُ لا يرحَمُ، نالَ الأمانَ المؤمِنونَ بِهِ إذا شُبَّتْ وُقوداً للطُّغاة جَهَنَّمُ
اللَهُ أَيَّدَهُ فَليسَ عَن الهَوى، في أمرِهِ أو نَهيهِ يتَكَلَّمُ، فَليَحذَرِ المَرءُ المخالِفُ أمرَهُ
مِن فِتنَةٍ أو مِن عَذابٍ يُؤلِمُ، ذو المعجِزاتِ الباهِراتِ فَسَلْ بها، نُطقَ الحَصى وبهائماً قَد كلّموا
حُفِظَتْ لِمَولِدِهِ السَّماءُ وبُشِّرَتْ فالماردُونَ بِشُهْبِها قَد رُجِّمُوا، وَبِهِ الشَياطينُ اِرتَمَت واِستأيسَت
كُهّانُها مِن عِلمِ غيبٍ يَقدُمُ، إيوانُ كسرى اِنشقّ ثُمَّ تَساقَطَت، شُرفاتُهُ بَل قادَ رُعباً يُهدَمُ
والماءُ غاضَ وَنارُ فارِسَ أُخمِدَت، مِن بَعدِ ما كانَت تُشَبُّ وَتُضرَمُ، هَذا وآمنةٌ رأت ناراً لَها
بُصرى أَضاءَت وَالدياجي تُظلَمُ، وَبليلَةِ الإِسراءِ سارَ بِجِسمِهِ والروحُ جِبريلُ المطهَّرُ يخدِمُ
صَلّى بِأملاكِ السَما وَالأنبِيا ولهُ عَليهم رِفعَةٌ وَتقدُّمُ وعلا إِلى أن جازَ أَقصى غايَةٍ
للغَيرِ لا تُرجى وَلا تتوهَّمُ، ولقابِ قَوسَينِ اعتَلا لَمَّا دَنَا أو كانَ أدنى وَالمهَيمنُ أعلَمُ
يا سَيّدَ الرُّسل الذي آياتُهُ، لا تَنقَضِي أبداً ولا تتَصَرَّمُ، ماذا يَقولُ المادِحُونَ ومَدحُكُم
فَضلاً بهِ نَطَقَ الكِتاب المحكَمُ، المُعجِزُ الباقي وإِنْ طالَ المَدى ولأِبلَغ البُلَغاءِ فهوَ المُفحِمُ
الأمرُ أعظَمُ مِن مقالَةِ قائلِ، إن رَقَّقَ الفُصَحاءُ أَو إِن فَخَّموا، مِن بَعضِ ما أُعطِيتَ خَمسُ خَصائِصٍ
لَم يُعطَها الرُّسلُ الذينَ تقَدَّمُوا، جُعِلَتْ لكَ الأرضُ البَسِيطَةُ مَسجِداً، طُهراً يُصَلِّي الناسُ أو يتَيَمَّمُوا
ونُصِرتَ بالرُّعبِ المرَوِّعِ قلبَ مَنْ عاداكَ مِن شَهر فَأصبَحَ يُهزَمُ وَأعيدَتِ الأنفالُ حِلًّا بعدَ أن
كانَتْ مُحَرَّمَةً فطابَ المَغْنَمُ، وبُعِْثتَ للثَّقَلَين تُرشِدُهم إِلى الدينِ القَويم وَسَيفُ دينِكَ قَيِّمُ
وخُصِصْتَ فَضْلاً بالشَّفاعَةِ في غَدٍ، فالمسلمونَ بفَضلِها قَد عُمِّمُوا ومَقامُكَ المحمودُ في يَوم القَضَا
حَيثُ السَّعِيدُ مُنَاه نَفسٌ تَسلَمُ، يَحبوكَ رَبُّكَ مِن مَحامِدِهِ التي تُعطَى بِها ما تَرتَجيهِ وتَغْنَمُ
ويَقول قُل تُسْمَع وسَل تُعْطَ المُنَى، واشفَعْ تُشَفَّعْ في العُصَاةِ لِيُرحَمُوا، فهُناك يَغبِطُكَ الوَرَى وَيُساءُ مَنْ
جَحَدَ النُّبُوَّةَ إذ يُسَرُّ المسلِمُ، يا مَنْ لَهُ سُنَنٌ وَآثارٌ إذَا تُلِيَتْ يَرى الأَعمى ويَغْنَى الُمعدمُ
صَلّى عليكَ وَسَلَّمَ اللهُ الذي أعلاكَ ما لَبَّى الحَجِيجُ وأحرَمُوا وعلى قَرابَتِك المُقَرَّرِ فَضلُهُمْ
وعلى صَحابَتِكَ الَّذينَ هُمُ، هُمُ، جادُوا عَلَوا ضاؤوا حَمَوا زانُوا هَدَوا، فَهُمُ على السِّتِّ الجِهاتِ الأَنجُمُ
نَصَروا الرسُولَ وجاهَدَوا مَعَهُ وفي سُبلِ الهُدَى بَذَلُوا النُّفوسَ وأسلَمُوا والتَّابِعِين لَهُم بإحسَانٍ فَهُمْ
نقَلَوُا لِمَا حَفِظُوهُ مِنهُمْ عَنهُمُ، وأَتَى على آثارِهِمْ أتباعُهُمْ، فتَفَقَّهُوا فيما رَوَوْا وتَفَهَّمُوا
هُمْ دَوَّنُوا السُّنَنَ الكِرامَ فنَوَّعُوا، أبوابَها لِلطَّالِبِينَ وقَسَّمُوا وأَصَحُّ كُتْبِهُمُ على المَشهُورِ ما
جَمَعَ البُخارِي قال ذاكَ المُعْظَمُ، وتَلَاه مُسلِمٌ الذي خَضَعَتْ لَهُ، في الحِفظِ أعنَاقُ الرِّجال وسَلَّمُوا
فَهُما أَصَحُّ الكُتْبِ فيما يُحتَكى، إلا كِتاب اللهِ فَهْوَ مُقَدَّمُ، قُلْ لِلمُخالِفِ: لا تُعانِد إنَّهُ
ما شَكَّ في فَضلِ البُخارِي مُسلِمُ، رَسَمَ المُصَنَّفَ بالصَّحِيحِ وكُلُّ ذي، لُبٍّ غَدَا طَوعًا لِمَا هُوَ يَرسُمُ
هذا يَفُوقُ بِنَقدِهِ وبِفِقهِهِ، لا سِيَّما الأبواب حِينَ يُتَرْجِمُ وأبو الحُسَينِ بِجَمعِهِ وبِسَردِهِ
فالجَمعُ بَينَهُما الطَّريقُ الأَقوَمُ، فجَزَاهُما اللهُ الكَرِيمُ بِفَضلِهِ،  أجرًا بِنَاءُ ثَنَائِهِ لا يُهدَمُ
ثم الصَّلاةُ على النَّبيِّ فإنَّهُ يبدأ بِهِ الذِّكرُ الجَمِيلُ ويُختَمُ، يا أيُّها الرَّاجُونَ فَضلَ شَفَاعَةٍ
مِن أحمَدٍ صَلُّوا عليهِ وسَلِّمُوا

قصيدة آيات وصلك يتلوها على الناس

آياتُ وَصلِكَ يَتلوها عَلى الناسِ، صبٌّ تحرِّكُهُ الذكرى إِلى الناسي وَوعدُ وَصلِكَ دينٌ لا وَفاءَ لَهُ
فَلَيتَهُ كانَ بِالهُجرانِ يا قاسي، كأسي مزجتُ بأَحزاني وَلي جَسَدٌ، عارٍ مِنَ العارِ لكن بِالضَنا كاسي
وَعفت بعدك طَعمَ الصبرِ حينَ غَدا، كأساً إِذا اِرتُشِفَت لَم يَنتشِ الحاسي، يا ثانياً عطفَه عن مفردٍ دنفٍ
قَد باتَ يَضرب أَخماساً بِأَسداسِ، وَمَن إِذا لاحَ في خَدَّيه لي خضِرٌ، قابلتُ رَجواي من لقياه باليأس
لا يَخشَ خَدُّكَ سُلواناً لعارضه، فَإِنَّهُ لِجراح القَلب كالأسقف تَلقَ جفني بَعد الدَمعِ صَبَّ دماً
ما في وقوفِكَ عِندَ الصَبِّ من باسِ، مهفهفٌ لَو رآه الغصنُ منعطفاً، لَما تثنَّت بِهِ أَعطافُ ميّاسِكم
قال لي حَليُهُ لما رأى وَلهي، خُذ في وقارِكَ واِتركني وَوسواسي، لا طعنَ فيهِ وَقَدُّ الرُمحِ قامتُهُ
لَكِنَّ قَلبي لَهُ أَضحى كَبُرجاسِ، ساق كَبَدرٍ يُدير الشَمسَ في يَدِهِ، قَد لانَ عِطفاً ولكن قَلبُهُ قاسِ
أَضحى لعشّاقِهِ من رمحِ قامتهِ، طعنٌ ذكرنا بِهِ طاعونَ عَمواسِ وَخَدُّهُ إِن تبدّى تحتَ عارضِهِ
حسبتَهُ في الدُجى لألاءَ نبراسِ، وَقَدُّهُ قَد رسا مِن تَحتِهِ كفلٌ، كالغُصنِ فَوقَ الكثيبِ الراسِخِ الراسي
بَسّامُ ثَغرٍ فَيا فَوزَ المشوقِ إِذا لَم يَلقَهُ عِندَ رؤياهُ بِعبّاسِ وَطائِفٍ مِن بَني الشَيطانِ حاربني
فَكُلُّ ساعَةِ لَومٍ يَومُ أَوطاسِ، يَلومني في سموّي لِلعَلاءِ وَما عِندي جَوابٌ سِوى أَنّي لَهُ خاسِ
قابلتُ بِاللَومِ زَجراً حينَ قُلتُ لَهُ، وَسّعتَ فكري أو ضَيَّقتَ أَنفاسي، أَنا الشِهابُ اِتّخذتُ الأُفقَ لي سكناً
لمّا علوتُ بِفَضلِ اللَهِ في الناسِ، الصاحِبُ الساحِبُ الذَيلَ العَفيف عَلى، سحبٍ تجاريه لا تنفكُّ في ياسِ
إِنَّ السَحائِبَ إِذ جارته أَتعبَها، نَعَم وَفي النيلِ ما أَبعدتُ مقياسي، يُجانِس الأصلَ طيبُ الذكرِ مِنهُ فمن
شَهادَةِ القَلبِ ذا سارٍ وَذا راسي، قَد عَفَّ زُهداً فَلَم تُعرَف مآثمُهُ، لَكِنَّ ساعاتِهِ أَيّامُ أَعراسِ
إِن ماسَ في أَرضِ قرطاسٍ لَهُ قَلَمٌ، أَزرى بِغُصنٍ من الرَوضاتِ ميّاسِ، يراعة تطعَنُ الأَعدا وتطربُنا
وَتُجتَنى فَهيَ عودٌ ذاتُ أَجناسِ، لَو أُلبِسَ الفارسيُّ الروح كانَ إِذاً أَثنى عَلَيهِ بإِيضاحٍ وَإِلباسِ
مِن أسرةٍ أَسروا الخطبَ الَّذي عجزت، عنه الأُلى شدّدوا العليا بأَمراسِ، بَنو مَكانسِ غزلانُ المَجالسِ بَل
أسدُ الفَوارسِ في سلمٍ وَفي بأس، إِذا بَنوا شرفاً يَوماً عَلى شرفٍ، تَرى العَجائِبَ من إِحكام أساس
بِالفَخرِ قيل وَبالمَجدِ اِعتَلوا رتباً، لَم يرقهنَّ ابنُ عبّادِ بنِ عباسِ، تَرى عَجائِبَ مِن أَفعالِ مجدِهُمُ
لَولا العَيانُ أَباها كُلُّ قَيّاسِ، مَولايَ مجدَ الدينِ دعوة مَن أَجرى إِلى مَدحِكُم غايات أَفراسِ
إِن قَلَّ نُظماً وَأَنسى مدحَكُم زمناً، فَأَنتَ تَعفو كَثيراً عَن خطأ الناسِ وَإِن يَكُن دارسَ المغنى فَلا برحت
ربوعكم وَهيَ منكم غَيرُ أَدراسِ، أَو ما رثى فالمديحُ أَجدرُ مع أَنَّ الرِثاءَ كؤوسٌ تصرعُ الحاسي
عَلى الشَهيدِ غمامُ العَفوِ تُبدِلُهُ، في اللَحدِ من بَعدِ إِيحاشٍ بإِيناسِ، وَدُمتَ أَنتَ كَما تَختارُ تخلُفُهُ
يا خَيرَ فرعٍ دنا من خيرِ أَغراسِ، طالَعتُ مجموعَكَ المبدي فَضائلَه، كَأَنَّهُ في المَعالي ضوءُ مقباسِ
في طَيِّهِ نشرُ طيبٍ لَم يَزَل عبقاً، مِن مِسكِ نقسٍ ومن كافورِ أَطراسِ، لا زِلتَ للأُدَبا رأساً وأصلُك قَد
رَسا فَأكرِم عَلى الحالَينِ بالرأسِ، وَدمتَ تعرى عَن الأسوأ تَصومُ عَن الفحشا علاً وَسِواكَ الطاعِمُ الكاسي
ما لاحَ نجمٌ فأمّا في السَما فهدى، أَو في الثَرى فمن الريحانِ والآسِ

قصيدة أظهر جمالك للعيون وأبده

يقول ابن حجر العسقلاني في قصيدة أظهر جمال للعيون وأبده:

أَظهِر جَمالَكَ لِلعُيونِ وَأَبدِهِ، وَصِلِ الوِدادَ لِمَن رضاكَ بوُدِّهِ، فحُسامُ هَذا الجفنِ مُذ جَرّدتَهُ
في الناسِ زادَ بِضَربِهِ عَن حَدِّهِ وَإِلامَ صَبُّكَ بِالجَفا في عَكسِهِ وَتَزيدُ عَن بابِ الرِضى في طَردِهِ
وَتَسيلُ أَدمُعُهُ إِذا فارَقتَهُ، وَإِذا وَصلتَ بَكى مَخافَةَ صَدِّهِ، فَعَلى كِلا الحالينِ طِفلُ غَرامِهِ
ما نالَ مِن وَصلٍ بلوغَ أَشُدِّهِ، أحصي لَيالي البينِ في حِسبانِهِ، فَأجِزهُ عَن بابِ الصُدودِ وَعَدِّهِ
وَمهفهفٍ في عارضَيهِ جَنَّةٌ، نَبَتَت عَلى نيرانِ صَفحَةِ خَدِّهِ، لَمّا رأى الأَلحاظَ تَرشُقُ خَدَّهُ
جاءَ العذار مقدّراً في سَردِهِ، وَمِنَ المَصائِبِ أَنَّهُ نسلُ الخطا وَهوَ الَّذي قتلَ المحبَّ بِعَمدِهِ
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ سَيفَ لِحاظِهِ، جَرَحَ القُلوبَ وَما بَدا مِن غِمدِهِ، إِن ماسَ تَجري مُقلَتي بِدِمائِها
فَكَأَنَّني فيها طُعِنتُ بِقَدِّهِ، غَلَبَ النُحولُ عَليَّ حَتّى إِنَّني حاكَيتُ رِقَّةَ خَصرِهِ أَو بَندِهِ
وَلَقَد نَثَرتُ مَدامِعي فَتَنَظَّمَت، في ثَغرِهِ أَو جيدِهِ أَو عِقدِهِ، إِنّي بُليتُ بِمَن أَرومُ وِصالَهُ
وَأَخافُ والدَهُ وَسَطوةَ طَردِهِ، وَالحسنُ صَيَّرَهُ يتيهُ بِحَظِّهِ، فَطَويلُ هَجري مِن أَبيهِ وَجَدِّهِ
عمري لَئِن تاهَ الحَبيبُ بِحُسنِهِ، فَالعاشِقُ المَهجورُ تاهَ بِسَعدِهِ، السَيّدُ الراقي عَلى أَنظارِهِ
شَرَفاً فَكَيفَ رُقيُّهُ عَن ضِدِّهِ، نَجلُ العُلا وَالفَخرِ نادِ بِفَضلِهِ، يَسمَع فَتَربَح يا خَسارَةَ نِدِّهِ
حامي المَعالي لَم يَزَل مُتَيَقِّظاً، مُذ كانَ طِفلاً راقِداً في مَهدِهِ، جَمَعَت مَهابَتُهُ سَخاءَ يَمينِهِ
كَالغَيثِ يَهمي مَع بَوارِقِ رَعدِهِ، مُتَعَفِّفٌ والأَريحيَّةُ خُلقُهُ، يَهتَزُّ لَكِن لَم يَغِب عَن رُشدِهِ
مَولىً يَزيدُ تَرَقِّياً في غايَةٍ، نَقَصَ الوَرى عَنها وفاقَ بِجَدِّهِ، لَم يَقلِ طلّابَ النَدى مِنهُ وَلَم
يَرجِع مُسائِلُهُ بِكسرَةِ رَدِّهِ، يَتَيَقَّنُ الراجي اليَسارَ لِقَصدِهِ، لِلبَحرِ أَن مَدَّ اليَمينَ لمدِّهِ
مِن أسرةٍ أَسروا الخُطوبَ وَأَطلَقوا، بِالجودِ مَن أَسَرَتهُ قلّةُ وُجدِهِ وَكفاهُمُ فَخراً بِسَعدِهمُ الَّذي
لَم يُبقِ مَكرُمَةً تَجي مِن بَعدِهِ، يُفدى بِكُلِّ مُسَوَّدٍ في دَستِهِ، تَصفَرُّ خَوفَ الجودِ حمرةُ جِلدِهِ
مِن كُلِّ بَسّامِ الثَنايا وَهوَ قَد هاجَت بَلابِلُ صَدرِهِ من حِقدِهِ، حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيَهُ
غَيظَ الأَسيرِ عَلى قَساوَةِ قدِّهِ، يا طالِباً لِلمَكرُماتِ مُجاهِداً، وَعَطاءُ سَعدِ الدينِ أَقصى قَصدِهِ
أقصد لَهُ واِسأَلهُ تُعطَ وَتَغتَنِم، وَتَعيشُ مَهما عِشتَهُ في رفدِهِ، حَيثُ السَماحَةُ وَالحَماسَةُ وَالتُقى
كَالعِقدِ أَحسنَ ناظِمٌ في عَقدِهِ، حَيثُ النَدى وَالعِفَّةُ اِجتَمَعا كَما مُزِجَ الزُلالُ بِخالِصٍ مِن شَهدِهِ
حَيثُ الذَكا نارٌ يُقابِلُها النَدى، مِنهُ لِيَمنَعَ زندَها مِن وَقدِهِ، حيثُ اليَراعَةُ في المَهارِقِ أَشبَهَت
غُصنَ الرِياضِ تَفوحُ نسمةُ وَردِهِ، قَلَمٌ تَصَرَّفَ في المَمالِكِ صادِراً، عَن أَمرِ مالِكِهِ لأَصغى وردِهِ
يا حُسنَهُ في كَفِّهِ قَصَباً حَلا ذوقاً وَأَطربَ مسمعاً مِن وَفدِهِ، مُبيَضُّ وَجه القَصدِ محمرُّ الشَبا
يَخضَرُّ حينَ السَبحِ في مسوَدِّهِ، وَإِذا عَلا شرفَ المَهارِقِ منبراً، خطبَ الغِنى في أَسوَدٍ مِن بُردِهِ
حَيثُ السُطورُ عَلى الطروسِ نَوافِذٌ، أَحكامُها وَالدهرُ أَوَّلُ جندِهِ، مِن كُلِّ حَرفٍ مِثلِ سَيفٍ خاطِفٍ
بَصَر العِدا كالبَرقِ لَمعُ فرِندِهِ، حَيثُ البَلاغَةُ لا يَجوزُ مبهرجٌ، إِلّا وَيَظهَرُ زيفُهُ في نَقدِهِ
وَلَهُ الفَضيلَةُ إِذ يبين صَوابنا، في مَدحِهِ فَكمالُنا مِن عِندِهِ، يا ناظِرَ الخاصِ الشَريفِ العامُ قَد
وافى إِلَيكَ بِمَدحِهِ وَبِحَمدِهِ، هَنّاكَ وَهوَ بِكَ المعيّنُ لِلهَنا وَبَقاكَ في نِعَمٍ تَدومُ بودِّهِ
مَولايَ هذي خدمَةٌ قَد قصّرت، فالصَفحُ يا مَخدومُ عَنها أَبدِهِ، مَدحٌ إِذا نُشِرَت حَواشي بُردِهِ
لَم يُستَمَع رأيُ الحسودِ برَدِّهِ، السَمعُ والإِصغاءُ جائِزةٌ لَهُ، فأَجِزهُ يا مَولى المَديحِ بِقَصدِهِ
وَإِذا أَحبَّكَ مَن يَراكَ تَسودُهُ، كانَ الدُعا وَالمَدحُ غايَةَ جهدِهِ، فاِنعَم ودُم واِغَنَم وَعِش في راحَةٍ
وَدَعِ الحَسودَ لِهَمِّهِ ولكدِّهِ، فَرَجاي أَن يُبقيكَ رَبُّك سالِماً وَاللَهُ أَقرَبُ مُرتَجى مِن عَبدِهِ
فَلِمَن غَدا يَشناكَ غايَةَ تَعسِهِ، وَلِمَن غَدا يَهواكَ غايَةَ سَعدِهِ

قصيدة محب لكم من هجركم يتوجع

مُحِبٌّ لَكُم من هجركُم يَتَوجَّعُ، نديماهُ مُذ غِبتُم أَسىً وَتفجُّعُ، سَرى نفساً عَنكم فَأَضحى وَنفسُهُ
تَذوبُ جَوىً مِن طَرفِهِ فَهيَ أَدمُعُ، أَأَحبابَنا حَتّى الخَيالَ قَطَعتُمُ، عذرتُكُمُ بَل مُقلَتي لَيسَ تَهجَعُ
فَلا وَحياةِ القُربِ لَم أَنسَ عَهدَكُم، وَلَو أَنّني في البُعدِ بِالروحِ أَفجَعُ، سَلوا النجمَ يَشهَد أَنَّني بِتُّ ساهِداً
وَإِلّا الدُجى هَل طابَ لي فيهِ مضجعُ، أُطالِعُ أَسفارَ الحَديثِ تَشاغُلاً، لأَقطَعَ أَسفاري بخُبرٍ يجمَّعُ
أُقضّي نَهاري بِالحَديثِ وَبِالمُنى، وَفي اللَيلِ ما لي مؤنِسٌ يَتَوَجَّعُ، سِوى أَنَّني أَبكي عَلَيكُم وَأَشتَكي
إِلى مَن يَرى ما في الضَميرِ وَيَسمَعُ، يُذكّرني سَلعٌ وَرامَةُ عهدكم وَلَكِن بِأَشجاني أُغَصُّ وَأَجرَعُ
وَقَد أَشبهَ الدَمعُ العَقيقَ بِسَفحِهِ، فَها هوَ أَضحى مِن عُيونيَ يَنبعُ، عَسى أَن يَعودَ الوَصلُ قالَت عَواذلي
وَكَم ذا أُماريهم وَهَيهاتَ أَن يعوا، نَعَم إِن أَعِش عادَ الوِصالُ مهنّأً، وَمَن ذا الَّذي في البينِ بِالعيش يَطمعُ
تُرى هَل أُلاقي زينَ خاتون بَعدَما، تَناءَت بِنا السُكنى وَعادَ المودِّعُ وَهَل أَلتَقي تِلكَ الطُفيلَة فَرحَةً
قَريباً كَما فارَقتُها وَهيَ تَرضَعُ، صَغيرَةُ سِنٍّ نابَها أَمرُ فُرقَتي، فَمِن أَجلِها سِنُّ النَدامَةِ يُقرَعُ
فَواللَه ما فارَقتُهُم عَن مَلالَةٍ، وَهَل مَلَّ ظامٍ مَورِداً فيهِ يَشرَعُ وَلَكِنَّ ضيقَ العَيشِ أَوجَبَ غُربَتي
وَسَعيي لَهُم في الأَرضِ كي يَتَوسَّعوا، فَإِن يَسَّرَ اللَهُ الكَريمُ بِلُطفِهِ، رَجعتُ وَمِثلي بِالمسرّةِ يَرجِعُ
فَيا عاذِلي رِفقاً بِقَلبي فَإِنَّهُ عَلى دونِ مَن فارَقتُ يبكي وَيُجزَعُ، مشيبٌ وَهَمٌّ وَاِنكسارٌ وَغربةٌ
وَمِن دونِ ذا صُمُّ الصَفا يَتَصَدَّعُ، صَبرتُ عَلى تَجريعي الصَبرَ علَّهُ، شِفائي فَكانَ الصَبرُ ما أَتجرَّعُ
بُليتُ بِخَصمٍ ظَلَّ للحينِ حاكِمي، أَذلُّ لَهُ مِن بَعدِ عزّي وَأَخضَعُ وَأَجمَلُ ما عِندي السُكوتُ لأَنَّني
لِمَن أَتَشَكّى أَو لِمَن أَتَضَرَّعُ، أغِبُّ مَزاري أَحمِلُ الثِقلَ عَنهُمُ وَأَخضَعُ وَالأَيّامُ لي لَيسَ تَخضَعُ
وَفَضلُ فلانِ الدينِ عَمَّ وَوَجهُهُ، لِغَيري يُبدي الابتسام وَيسطَعُ، أحاشيهِ أَن يَرضى بِشَكوايَ عامِداً
وَإِنّي بِما قَد دَلَّ أَو قَلَّ أَقنَعُ، إِلى ابنِ عَليٍّ قَد رفعتُ قَضيَّتي وَأَرجو بِهَذا أَنَّ قَدري يُرفَعُ
إِلى الأَوحَدِ القاضي الأجلِّ وَمَن لَهُ، ثَناءٌ تَفوقُ المِسكَ إِذ يَتَضَوَّعُ، رَئيسٌ إِذا ما اِستبطأَ الوَفدُ جودَ مَن
أَتَوهُ أَتاهُم جودُهُ يَتَسَرَّعُ، وَفيهِ مَع القَدرِ العَليِّ تواضُعٌ وَفيهِ عَنِ الفِعلِ الدَنيِّ تَرفُّعُ
وَذو هِمَّةٍ تَفري السُيوفَ وَإِنَّها لأَمضى مِن السَيفِ اليَماني وَأَقطَعُ وَحلمٍ حَكاهُ الطَودُ وَالطَودُ شامِخٌ
يَعِزُّ لَديهِ المُستَجيرُ وَيُمنَعُ، وَجودٍ حَكاهُ الغيثُ وَالغيث هامِرٌ وَلَكِن عَلى طولِ المَدى لَيسَ يُمنَعُ
رَئيسٌ إِذا أَنشدتَهُ مَدحَكَ اِنثَنى، وَفي وَجهِهِ نورٌ مِن البِشرِ يَلمَعُ، تَواضَعَ لَمّا لاحَ يَمشي عَلى الثَرى
وَفَوقَ الثُرَيّا كَم لَهُ ثَمَّ مطلعُ، لَهُ قَلَمٌ في مَدَّةٍ من مِدادِهِ، يعظِّم أَحباباً وَللضِّدِّ يَقمَعُ
يَفوحُ وَيُجنى يُطرِبُ الصحبَ يَطعَنُ العِدى فَهوَ عودٌ فَضلُهُ مُتنوّعُ، فَلا قاطِعٌ حَبلاً لِمَن هوَ واصِلٌ
وَلا واصِلٌ حَبلاً لِمَن هُوَ يَقطَعُ، أَيا اِبنَ الكِرامِ اِسمَع شكايةَ مفردٍ، غَريبٍ لَهُ في بَحرِ جودِكَ مَشرَعُ
لَقَد ضاقَتِ الدنيا عَليّ برحبها، وَإِن ضاقَتِ الدُنيا فَعَفوكَ أَوسَعُ وَلي فيكَ وُدٌّ ما يُزَعزِعُهُ الجَفا
وَهَل زَعزعَت صُمَّ الرَواسي زَعزَعُ، فَإِن لَم تُعامل مِثلَ عَبدِكَ بالرضى، فَمَن فيهِ بَعدي لِلصَنيعَةِ مَوضِعُ
لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي مَقالَةً، لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَخدَعُ، رأوك إِلى ما ساءَ عبدك مُسرِعاً
فَقالوا وَزادوا ما أَرادوا وَأَسرَعوا، وَلَو كُنتَ تَرعى الوُدَّ ما مِلتَ نَحوهُم، بِسَمعٍ رَعاكَ اللَهُ دَهراً وَلا رُعوا
وَكَيفَ يُعادي آلَ بَيتِكَ عاقِلٌ، وَآلُ عَليٍّ لِلمُوالاةِ مَوضِعُ، لَظَهرُكَ أَحمى من مُحيّا عدوّهِ
وَيُسراكَ مِن يُمناهُ أَندى وَأَنفَعُ، سأُثني عَلَيكَ الدَهرَ ما أَنتَ أَهلُهُ وَبَحرُ اِمتِداحي زاخِرٌ فيكَ مُترَعُ
وَقُل لي إِذا لَم تَنخَدِع بِمَدائحي، أَلَم تَتَيَقَّن أَنَّ مَن جادَ يُخدَعُ وَمَن يَزرَع النُعمى بِأَرضٍ كَريمَةٍ
سَيَحصُد أَضعافَ الَّذي ظَلَّ يَزرَعُ، وَما الشِعرُ إِلّا دونَ قَدرِكَ قَدرُهُ وَما يَستَوي في القدرِ باعٌ وَإِصبَعُ
وَلَكِنَّما سَنَّ الكِرامُ اِستماعَهُ، وَتَعظيمَ مُنشيهِ الَّذي يَتَصنَّعُ وَما كُلُّ مَن قالَ القَريضَ أَجادَ في ال
مقالِ وَلا كُلُّ المجيدينَ مُبدِعُ، فَهاكَ قَصيداً شَجَّعَتني صِفاتُكُم، عَلَيها فَفاقَت كُلَّ ما قالَ أَشجَعُ
وَدُم في سَعاداتٍ وَعِزٍّ وَنِعمَةٍ، تُقارِعُ أَبكارَ المَعالي وَتفرَعُ
وَلا رافِعٌ قَدراً لِمَن أَنتَ واضِعٌ، وَلا واضِعٌ قَدراً لِمَن أَنتَ تَرفَعُ

قصيدة استغفر الله لا دين ولا حسب

أَستَغفِر اللَه لا دينٌ وَلا حسب، لِخائِنٍ غدرَه الإِخوانُ ما حَسِبوا، خانَ الأَمانَةَ واِستَنَّ الخِيانة
واِستَثنى الدِيانة جانٍ ثمرهُ العطبُ، أصيب في عَقلِهِ بالعَين إِذ لمعَت، فَقال قَد ذهب المَحصول وَالذَهبُ
وَعاجَ يَطلُبُ عَودَ الودِّ مُعتَذِراً، بِزَعمِهِ في بُيوت ركنُها خربُ، جاءَت تَبختَرُ في ثَوبين حشوُهما
مُنافِقٌ بِخداع القَول مُحتَجِبُ، لا مَرحَباً بِكِ يا غَرارَةً خَدعَت، بِالنُسك قَلباً سَليماً غَرَّهُ الأَدبِ
وَباعَتِ الدين بِالدُنيا فَما اِكتَسبَت، رِبحاً سِوى الخزيِ بئسَ الربحُ يكتسبُ وَما اِكتفت بِقَبيح الذنب تصنعُهُ
حَتّى أَصرَّت عَلَيه حينَ تَرتَكِبُ، وَإِنَّ أَقبحَ من ذنب ومن خَطأ، إِصرارُ فاعله من بعد ما يَثِبُ
تَقول ما ذقت من ريق سوى ضرَبٍ، فَكَيفَ أَوجب ضَربي ذَلِكَ الضربُ، لَو ذُقتُ خمراً لَقُلتُ السكرُ موجبة
حَدٌّ بِلا مسكر هَذا هوَ العجبُ، وَصرتُ في دَيلَمٍ ملقىً لأجل فَتى، ما كانَ لِلتُركِ يَوماً قَطُّ يَنتَسِبُ
مَهلاً دَع الإِفكَ فَضَّ اللَهُ فاك لَقَد بالَغتَ في الفتك حَتّى فاتَكَ الأَرَبُ، إِنَّ الخِيانةَ في الأَموال حرمتُها
أَشَدُّ من شُربِ ما لِلعَقلِ يختلبُ، فهبكَ لَم تشرب الخَمرَ السُلافَ أَما شَرِبتَ إِثماً جَناهُ اللَهوُ وَالطَرَبُ
وَإِنَّ من يكفر النعمى يعزّره، قاضٍ لنيل ثَواب اللَه يَحتَسِبُ، فَإِنَّ حَبسَ الَّذي يَلوي عقوبَتُهُ
لا سيَّما خادِعٌ من شأنه الهربُ، وَإِنَّ متلفَ مالِ الغَير يتلفه، رَبُّ العِباد الَّذي يُخشى وَيُرتهَبُ
لَقَد تَعدَّيتَ حدّ المُتلفين لَهُ، فَقَلبُهُ لِدَوام الصَدِّ مُطَّلِبُ، أَلَيسَ يَكفيكَ مِنّي التَركُ قل لي هَل
هَذا صَنيعُ اِمرئٍ لِلتُّركِ يَنتسبُ، وَقلتَ بانَ لهم غَدري وَما عرفوا، عُذري وَلَو عرفوا عذري لما عتبوا
يا ليت شعريَ ما عُذرُ اِمرئٍ جحَدَ النعمى وَقابلَها مِن ضدِّ ما يَجبُ، أَيَزعم القدر المَكتوب أَوقعه
فالضَرب وَالحبس أَيضاً فيهِ مُكتَتبُ، وَاللَه لا عُذرَ إِلّا الغَدرُ صَحَّفَهُ، قَلبٌ عَن الحقّ للأَطماع مُنقَلِبُ
وَقلتَ إِنَّ الَّذي أَهواهُ لا شرسٌ، وَلا حَقودٌ ولا فَظٌّ وَلا صخِبُ، فَهَبهُ كان كَما بالغتَ فيهِ أَما
تَرضى بعفوٍ وَإِن لَم يسكُن الغضبُ، وَهبهُ كان فَلم حلَّلتَ ما اِجترحَت، يَداك مِن ماله تَسطو وَتنتهبُ
لم حُلتَ بَينَ الَّذي يَهواه مُعتَدياً وَبينَ مَحبوبه هَذا هوَ العجبُ، زعمتَني أَريَحيّاً لَيسَ فيَّ مِرىً
لأَنَّني لصميم العُرب أَنتَسبُ، لَو كُنتُ من مازِن لَم تَستبح ذهبي، يا اِبنَ اللَقيطة لَكِن قَومُنا ذَهَبوا
لَو أَنَّ مالي ركازٌ لَم يحلّ لِذي الحاجات منه سِوى الخمسُ الَّذي يَجبُ جعلتَهُ مالَ حربيٍّ ظفِرتَ بِه
قَهراً فَصارَ حَلالاً عندك السلَبُ، وَاللَه ما هوَ إِلّا مالُ ذي رهَب، مِن رَبِّهِ وَلَه في جودِهِ رغَبُ
عاملتَهُ بِبَسيط الغدر منسرِحاً، فَحزنُهُ وافِر وَالصَبرُ مُقتضَبُ، فَسَوفَ تعلمُ حَقّاً أَيَّ مُنقَلبٍ
يَومَ القِيامة يا ذا الظلمِ تنقلبُ، وقلتَ قَد صرتُ مَتروكاً بِلا نَشَبٍ، لأَنَّني لَيسَ لي إلا كم نشبُ
وَصارَ مِن بَعدِ حُبّي في الحَشا لهب، فَلَيتَ شِعري مَتى تَدنو وَتَقتَرِبُ، من المسعِّرُ نارَ الغدر
غيرك يا هَذا فَدَع قَلبكَ الغدّار يلتهبُ، وَلَيسَ يَنفَعُ تَقريبُ الجُسوم إِذا كانَ الوِدادُ بستر الغيظ يَنحَجِبُ
إِذا الأَذى خالَطَ الودَّ القَديم فَلا تَطمَع بِجمعها فَالوُدُّ ينقلبُ، فَكَيفَ تَطلبُ مِنّي بَعدَها نشباً
هَيهاتَ ما بَينَنا في خِلَّةٍ نسبُ، بَيني وَبَينَ وِدادي فيكَ فاصِلَةٌ، فَما له وتدٌ يُبنى وَلا سَبَبُ
وقلتَ قَد غَرَّني من صُبحِ غُرَّتِهِ، وَقَد عدمت الهُدى مذ عاد يحتجبُ، أَنتَ الغرورُ الَّذي بالدّين غَرَّ فَتىً
لَولاهُ ما كنت في دُنياه تَنتشِبُ، نَعَم وَإِنَّ اِمرَءاً يَجزي عَلى حسَنٍ، سُوءاً فَلا عَجَبٌ أَن ظَلَّ يَكتَئِبُ
وَحينَ يُلدَغُ مِن جُحر فَتىً فَطِنٌ، يَوماً فَلَيسَ إِلَيهِ قَطُّ يَقتَرِبُ وَقُلتَ جِئتُ إِلى أَنوار غُرَّتِهِ
أَبغي الهدى فتبدّى الغيُّ وَالغلَبُ، كذبتَ لا غيَّ عِندي بَل حَوى رشدا، مُتابِعي وتجلّت دونه الحجُبُ
أَقول هَذا اِنتِصاراً لا مفاخرَةً، وَاللَه حسبيَ لا مالٌ وَلا حسب وَقلتَ لاموكَ في دَعوى محبّة من
عراك مِن كلّ معنىً حازه النصبُ، مَحَلَّ لَومِك لِم لَم تنه نفسَك عَن خِيانَةٍ لِلَّذي تَرجو وَتَرتَقِبُ
تَعصي وَتُظهِر حبّاً بالمحال أَلَم تَستَحي يا شَيخُ ماذا البَهتُ وَالكذبُ، إِنَّ الوَفاءَ لِمَن شرط المحبِّ فمن
يَخُن يَهُن وَتَبِن في حبّه الرِيَبُ، وَالحُبُّ مِن شَرطِهِ طوعُ المُحبِّ لمن يَهوى وَلَو لامه النصّاح أَو عتبوا
وقلتَ أَوَّلُهُ مطلٌ وَأَوسطه، عَدلٌ وَآخره وَصلٌ وَمقترَبُ، هَذا يَكون لتَجريبٍ فَمَن عَرَفوا
منه الصَفا وَالوَفا أَدنَوه واِقتربوا، ومن بِغشٍّ يَعِش يَقصوه مُكتَئِباً، فَشأنُهُ أَنَّهُ يَبكي وَينتَحِبُ
ثُمَّ اِنتهيتَ إِلى المَدح الَّذي شهِدَت، أَغزالُهُ أَنَّهُ لِلذَمّ مُنقِلبُ، فَقُلتُ ما فيهِ مِن وَصلٍ فَمُنقَطِعٌ
وكلّ ما فيهِ مِن وُدٍّ فَمُضطَرِبُ، فَلا أَعُوجُ عَلى ما فيهِ مِن عِوَجٍ، بِالرَدِّ فالدُرُّ حَقّاً فيهِ مخشَلبُ
لَكِن تأمّلتُ ما يَحوي اِقتباسُك مِن عِلمِ الحَديثِ الَّذي تَبدو بِهِ النُخَبُ
فَلَم أَجِد لك فيهِ مِن موافَقَةٍ، فَقُلتُ وافقَ رأيي واِنتَهى الطَلَبُ

قصيدة سقمت من بعدكم فعودوا

يقول ابن حجر العسقلاني في قصيدة سقمت من بعدكم فعودوا:

سَقِمتُ مِن بُعدِكُم فَعودوا، فَما عَلى مُحسنٍ جُناح، عَشِقتُ بَدراً بِلا سِرار، أَفلَحتُ في حُبّهِ فلاح
بَدرٌ أَنا في الهَوى شهيدة، لمّا بسيف الجُفون صال، فَطَرفُهُ وَالجَفا وَجيدُه، ماضٍ وَمستقبلٌ وَحال
لَو صدقَت باللقا وَعودُه، ما علّلَ القَلبَ بِالمُحال، رأيُ الَّذي لامَني سَديدُ، حَقٌّ وَحقّ الهَوى صُراح
لَكِنَّني لست بِاِختياري، يا عاذلي في هَوى الملاح، أَفدي لَطيفاً حَوى المَلاحَة، عَلى الجَفا قَلبُهُ جَبَل
وَردَةُ خديه بِالوَقاحَة، مِنها اِستَحى نرجسُ المقَل، قَد اِدَّعى الصَبُّ أَن راحَة، كَريقه العذب فاِنتَحل
ومرهفٌ طرفُهُ حَديد، وَقَدُّهُ يُخجلُ الرماح، إِذا بَدا طالِباً لثأر، نادَيتُ يا قَومَنا السِلاح
مُهَفهفٌ مُفردُ التثنّي، وِصالُهُ غايَةُ المُنى، قَد مَلَّ سكني جنان عدن وَاِتّخذ القَلب مسكنا
أَقرعُ عُمري عليه سِنّي، إِن لَم أَنَل وَصلَه أَنا أَودُّ لَو كانَ ذا يفيدُ، أَو كانَ من خُلقِهِ السماح
إني أُقضّي به نَهاري، ضمّاً ولثماً وشربَ راح، ليسَ لَهُ حينَ ماسَ شبه مرّ عَلى الفكرِ أَو خطر
وَلا أُطيقُ السلوّ عَنهُ، نهى الَّذي لام أَمر، أَنا كَما قيل فيّ منه، أَقنعُ بِالقُرب وَالنظر
إِن دام ذا إِنَّني سَعيد، يا سَعدُ قَد فزتُ بِالنجاح، عَطاءُ روحي له شعاري، إِنَّ سماحَ الهَوى رباح
يا رُبَّ سَمرا عليه جُنَّت، لمّا أَتى دارَ وَصلِها، ثمّ اِنثنى راجِعاً فأَنَّت لمّا مَضى خوفَ بَعلِها
فأَنشدَت لاِمِّها وَغَنَّت، وَالغنجُ مِن بعض شُغلِها، يا اِمّي الحَبيبُ الَّذي تُريدُ
لو زار ما كان أَبرَكوا صَباح، لمّن طرقْ أَمسِ بابَ داري، أَخذ قُلَيبي مع وَراح