أجمل قصائد العباس بن الأحنف مكتوبة كاملة
قصيدة يقولون لي واصل سواها لعلها
قصيدة أتطمع يا عباس في غير مطمع
قصيدة إني طربت إلى شمس إذا طلعت
قصيدة يا موقد النار بالهندي والغار
قصيدة ألا اسعديني بالدموع السواكب
العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي اليمامي، هو شاعر غزل رقيق واختلف عن الشعراء في أنه لم يكتب شعر الهجاء أو المدح وقال عنه البحتري: "أغزل الناس" في إشارة إلى شعر الغزل الذي اشتهر به. نشأ العباس بن الأحنف في ببغداد، وتوفي بها. في هذا المقال نستعرض أجمل قصائد العباس بن الأحنف مكتوبة كاملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة ركبنا وفتيان صدق ثبينا
من قصائد العباس بن الأحنف الرائعة، قصيدة ركبنا وفيتان صدق ثبينا، وتقول:
رَكِبنا وَفِتيانَ صِدقٍ ثُبينا، طُخارِيَّةً قُرَّحاً يَغتَلينا، عَلَينا مِنَ الصينِ قَسِّيَّةٌ، عَلَونا بِها وَاللُبودَ المُتونا
خَرَجنا شَباباً ذَوي نَجدَةٍ، لِنَلهو عَلَيها بِضَربِ الكُرينا، بَني سادَةٍ مِن بَناتِ المُلوكِ قَد مَلَكوا الناسَ دَهراً وَحينا
فَسارَت بِنا رُكَّضاً بِالفَلا، عِجالاً وَنَحتَثُّها مُعجِلينا، فَهُنَّ يُنازِعَنَنا شُزَّباً، وَنَحنُ نُعَطِّفُها كَيفَ شينا، فَلَمّا اِجتَمَعنا بِمَيدانِنا
عَلى وَفقِ مُفتَرَقِ الراكِبينا وَقَد سَدَّدوا عَقدَ أَذنابِها، فَما يَأتَلونَ وَما يَأتَلينا وَصِرنا فَريقَينِ في مَجمَعٍ، فَأَحسِن بِهِنَّ قَريناً قَرينا
رَمَينا بِمُتَّصِلٍ حَرزُها، تَلَوَّنَ في حَرزِها الحارِزونا، إِذا رَفَعوها بِعودِ الخِلافِ، رَفَعنا جَميعاً إِلَيها العيون
فَمِن راكِضٍ مائِلٍ نَحوَها، وَأَصحابُهُ نَحوَها راكِضونا وَمِن واقِفٍ راكِبٍ فارِهاً، لِيَمضي عَلَيهِ فَريداً مَكينا
وَمِن مُخطِئٍ حينَ طابَت لَهُ، فَظَلَّ لِما فاتَ مِنها حَزينا، تَرى بَعضَنا راكِباً مُدبِراً، وَبَعضاً إِلى ضَربِها مُقبِلينا
وَما المُدبِرونَ مِنَ المُقبِلينَ، وَما المُقبِلونَ مِنَ المُدبِرينا، تَخالُهُمُ قَصَدوا لِلّقاءِ وَما يَرتَمونَ ما يَطعَنونا
يَخوضونَ بِالقُمرِ إِن سَبَّقوا، وَكُلٌّ يَخالُهُمُ لاعِبينا، تَرانا نَصيحُ بِطَيّارَةٍ، أَمِنّا قَوائِمَها أَن تَخونا
إِذا ما أَرَدنا بِها مَعطِفاً، وَجَدنا بِها طَوعَ عَطفٍ وَلينا، تَكادُ إِذا ما عَطَفنا بِهِنَّ أَن يَنثَنينَ وَما يَنثَنينا
فَلَمّا لَعِبنا وَطابَت لَنا، وَفازَ بِأَطيَبِها الغالِبونا، عَطَفنا إِلى مَنزِلٍ حاضِرٍ، كَثيرِ اللَذاذَةِ مُستَبشِرينا
وَقَد أَحكَموا جَمعَ آلاتِهِ، وَكُنّا بِأَحكامِهِ الآمِرينا، فَلَمّا اِنتَهَينا إِلَيهِ وَقَد حَنَنّا إِلَيهِ جَميعاً حَنينا
أَقَمنا عَلى أَنَّها نِعمَةٌ، تَقَرُّ بِها أَعيُنُ الناظِرينا، نَكُبُّ وَنَبزُلُ مِثلَ الغَزالِ لَم تَحمِلِ الرَأسُ مِنهُ قُرونا
نُديرُ عَلى القَومِ مُستَبذَلاً، لَهُم بِالشَرابِ كَفيلاً ضَمينا، يَظَلُّ لِأَكؤُسِهِم راكِعاً، كَثيرَ السُجودِ وَما يَركَعونا
يُديرونَ أَكؤُسَ مِن فِضَّةٍ، وَما يَفتُرونَ وَما يَمتَرونا، فَخَفَّت عَلى ذاكَ أَيدي السُقاةِ وَطابَت بِهِ أَنفُسُ الشارِبينا
وَنَحنُ عَلى حُسنِ آدابِنا، نُديرُ الكُؤوسَ عَلَينا يَمينا، إِذا ما أُمِرَّت عَلى أَوَّلينَ، مِنَ الشارِبينَ أَتَت آخِرينا
فَلا هِيَ تَفتُرُ مِن مَرِّها، وَلا نَحنُ مِن شُربِها فاتِرونا، إِذا أَمكَنَت بَعضَنا لَم يَزَل يُرَفِّعُها أَو يَصُكُّ الجَبينا
وَلَسنا نُؤَخِّرُ مِن شُربِها، فَنَجعَلَ مِنها عَلَينا دُيونا، نُحَيّا بِها وَنُسَقّى مَعاً وُنُتبِعُها الوَردَ وَالياسَمينا
وَعَينُ الجَواري يُغَنّينَنا، بِها نَتَلَهّى وَما يَلتَهينا، حِسانُ الوُجوهِ عِظامُ الجُسومِ، كَغِزلانِ بَرِّيَّةٍ يَرتَعينا
يَكَدن إِذا هُنَّ غَنّينَنا، لَنا يَلتَوينَ وَما يَلتَوينا، رَضينا بِهِنَّ لِلَذّاتِنا، هُناكَ وَهُنَّ بِنا قَد رَضينا
إِذا النايُ جاوَبَ أَصواتَهُنَّ وَأَوتارَهُنَّ فَرَنَّت رَنينا وَرُوِّعنَ بِالصُبحِ أَبصَرتَنا، نُفَدّي بِأَنفُسِنا أَجمَعينا
فَنَحنُ عَلى تِلكَ مِن حالِنا، كَأَنّا سُيوفٌ لِذاكَ اِنتُضينا، نُحِبُّ السَماعَ وَنَلتَذُّهُ وَنَشرَبُ ما عِندَنا آمِنينا
وَفي تِلكَ نُنفِقُ أَموالَنا وَنَشرَبُها أَبَداً ما بَقينا، نَظَلُّ الشُهورَ وَأَيّامَها، عَلى مِثلِ ذاكَ وَطولَ السِنينا
قصيدة يقولون لي واصل سواها لعلها
قصيدة يقولون لي واصل سواها لعلها، من أجمل قصائد العباس بن الأحنف وتقول:
يَقولونَ لي واصِل سِواها لَعَلَّها، تَغارُ وَإِلّا كانَ في ذاكَ ما يُسَلي وَوَاللَهِ ما في القَلبِ مِثقالُ ذَرَّةٍ لِأُخرى سِواها إِنَّ قَلبي لَفي شُغلِ
عَجِبتُ لِأَبدانِ المُحِبّينَ قُوِّيَت، بِحَملِ الهَوى إِنَّ الهَوى أَثقَلُ الثِقَلِ، حَمَلتُ الهَوى حَتّى إِذا قُمتُ بِالهَوى، خَرَرتُ عَلى وَجهي وَأَثقَلَني حِملي
سَقى اللَهُ بابَ الجِسرِ وَالشَطَّ كُلَّهُ، إِلى قَريَةِ النَعمانِ وَالدَيرِ ذي النَخلِ، إِلى الدَوِّ فَالوَحاء فَالسَيبِ ذي الرُبا، إِلى مُنتَهى الطاقاتِ مُستَحقَرَ الوَبلِ
مَنازِلُ فيما بَينَهنُّ أَحِبَّةٌ، هُمُ عَذَّبوا روحي وَهُم دَلَّهوا عَقلي، كَأَن لَم يَكُن بَيني وَبَينَهُمُ هَوىً وَلَم يَكُ مَوصولاً بِحَبلِهِمُ حَبلي
بِحُرمَةِ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم، مِنَ الوُدِّ إِلّا ما رَجَعتُم إِلى الوَصلِ، وَإِلّا اِقتُلوني أَستَرِح مِن عَذابِكُم، عَذابُكُمُ عِندي أَشَدُّ مِنَ القَتلِ
فَلَم أَرَ مِثلي كانَ عاتَبَ مِثلَكُم، وَلا مِثلَكُم في غَيرِ ذَنبٍ جَفا مِثلي وَإِنّي لَأَستَحيي لَكُم مِن مُحدِّثٍ، يُحَدِّثُ عَنكُم بِالمَلالِ وَبِالخَتلِ
وَكَم مِن عَدُوٍ رَقَّ لي وَتَكَشَّفَت، حُزونَتُه لي عَن ثَرى جانِبٍ سَهلِ، رَماني فَلَمّا أَقصَدَتني سِهامُهُ، بَكى لي وَشامَ الباقِياتِ مِنَ النَبلِ
وَقَد زَعَمَت يُمنٌ بِأَنّي أَرَدتُها، عَلى نَفسِها تَبّاً لِذَلِكَ مِن فِعلِ، سَلوا عَن قَميصي مِثلَ شاهِدِ يوسُفٍ، فَإِنَّ قَميصي لَم يَكُن قُدَّ مِن قُبلِ
وَمُجتَهِداتٍ في الفَسادِ حَواسِدٍ، لَها وَهيَ مِمّا قَد أَرَدنَ عَلى جَهلِ، تَآزَرنَ فيما بَينَهُنَّ فَجِئنَها، عَلى وَجهِ إِلقاءِ النَصيحَةِ لِلمَحلِ
يُعَرِّضنَ طَوراً بِالتَغاضي وَتارَةً، يُعاتِبنَها بِالجَدِّ مِنهُنَّ وَالهَزلِ وَما زِلنَ حَتّى نِلنَ ما شِئنَ بِالرُقى وَحَتّى أَصاخَت لِلخَديعَةِ وَالخَتلِ
وَحَتّى بَدَت مِنها المَلالَةُ وَالقِلى، وَعَهدي بِفَوزٍ لا تَمَلُّ وَلا تَقلي، فَلَمّا اِنقَضى الوَصلُ الَّذي كانَ بَينَنا، شَمِتنَ جَميعاً وَاِستَرَحنَ مِنَ العَذلِ
وَقَد قالَ لي أَهلي كَما قالَ أَهلُها، لَها غَيرَ أَنّي لَم أُطِع في الهَوى أَهلي، وَإِنّي لك الذئب الَّذي جاءَ واعِظٌ، إِلَيهِ لِيَنهاهُ عَنِ الغَنَمِ الخُطَلِ
فَقالَ لَهُ دَعني فَإِنّي مُبادِرٌ، لَها قَبلَ أَن تَمضي فَما جِئتَ لِلعَدلِ وَأَرضَت بِسُخطي مِعشَراً كانَ سَخَطَهُم، يَهونَ عَلَيها في رِضايَ وَمِن أَجلي
وَلَم تَرعَ مَمشاها وَمَمشى فَتاتِها، إِلى السيب في الموشِيِّ وَالخَزِّ ذي الخَملِ، فَجِئنَ وَجاءَت في الظَلامِ تَأَطُّراً، كَمِثلِ المَها أَقبَلنَ يَمشينَ في الوَحلِ
فَباتَت تُناجيني وَباتَت فَتاتُها، تُنادِمُ عَبدَ اللَهِ وَالرَجُلَ الذُهلي، فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ قُمنا جَماعَةً، لِتَشييعِها نُخفي خُطانا عَلى رِسلِ
إِذا الناسُ قالوا كَيفَ فَوزٌ وَعَهدُها، خَرِستُ حَياءً لا أُمِرُّ وَلا أُحلي، فَكوني كَلَيلى الأَخيَليَّةِ في الهَوى وَإِلّا كَلُبنى أَو كَعَفراءَ أَو جُملِ
قصيدة أتطمع يا عباس في غير مطمع
قصيدة أتطمع يا عباس في غير مطمع، من أجمل قصائد العباس بن الأحنف وتقول:
أَتَطمَعُ يا عَبّاسُ في غَيرِ مَطمَعِ، بَعُدتَ دَعِ التَطلابَ مِن كَثَبٍ دَعِ، أَلَم تَرَ داوُدَ النَبِيَّ هَوَت بِهِ، حِبالُ الهَوى فيما سَمِعتَ أَو اِسمَعِ
وما زال لِلناسِ الهَوى ذا عَداوَةٍ، مُضِرّاً بِهِم مُذ عَهدِ عادٍ وَتُبَّعِ، كَأَنَّ هُمومَ الجِنِّ وَالإِنسِ أُسكِنَت، فُؤادي فَما تَعدو فُؤادي وَأَضلُعي
أُنيخَت رِكابُ اللَيلِ مِن كُلِّ جانِبٍ وَحادَت نُجومُ اللَيلِ عَن كُلِّ مَوقِعِ وَلَو أَنَّ خَلقَ اللَهُ حَلَّت صُدورَهم، تَباريحُ ما بي سُيِّبَت كُلُّ مُرضِعِ
شَكَت ما بِها نَفسي مِنَ الشَوقِ وَالهَوى، فَقُلتُ لَقَد طالَبتِ وِدَّ مُمَنَّعِ وَما كانَ مِنكِ العِشقُ إِلّا لَجَاجَةً وَلَو شِئتِ لَم تَهوي وَلَم تَتَطَلَّعي
وَما هُوَ إِلّا ما تَرَينَ وَذو الهَوى، يُعالِجُ ثِقلاً فَاِصبِري أَو تَقَطَّعي، عَسى اللَهُ أَن يَرتاحَ يَوماً بِرَحمَةٍ، فيُنصِفَني مِن فاضِحي وَمُرَوِّعي
لَعَمري لَشَتّى بَينَ حَرّانَ هائِمٍ وَبَينَ رَخِيٍّ بالُهُ مُتَوَدِّعِ، كَتَمتُ اِسمَها كِتمانَ مَن صانَ عِرضَهُ وَحاذَرَ أَن يَفشو قَبيحُ التَسَمُّعِ
فَسَمّيتُها فَوزاً وَلَو بُحتُ بِاِسمِها، لَسُمّيتُ بِاِسمٍ هائِلِ الذِكرِ أَشنَعِ، فَوا حَسرَتي إِن نُحتُ لَم تُقضَ نَهمَتي وَلَم يُغنِ عَنّي طولُ هذا التَضَرُّعِ
وَهَبتُ لَها نَفسي فَضَنَّت بِوَصلِها، فَيا لَكَ مِن مُعطٍ وَمِن مُتَمَنِّعِ، إِلَيكِ بِنَفسي أَنتِ أَشكو بَلِيَّتي وَقَد ذُقتُ طَعمَ المَوتِ لَولا تَشَجُّعي
هَبي لي دَمي لا تَقتُليني بِلا دَمٍ، فَما يَستَحِلُّ القَتلَ أَهلُ التَوَرُّعِ، إِذا ذَكَرَتكِ العَينُ يَوماً تَبادَرَت، دُموعي عَلى الخَدَّينِ تَجري بِأَربَعِ
فيا كُلَّ هَمّي أَقطِعيني قَطيعَةً، مِنَ الوَصلِ تَبقى لي وَلَو قَدرَ إِصبَعِ، أَنا لَكِ مَملوكٌ فَإِن شِئتِ عَذِّبي وَإِن شِئتِ مُنّي أَيَّ ذا شِئتِ فَاِصنَعي
تُريدينَ إِلّا مُشفِقاً ذا نَصيحَةٍ، فَدونَكِ حَبلَ الطائِعِ المُتَطَوِّعِ، عَلامَةُ ما بَيني وَبَينَكِ أَن تَرَي، كِتاباً عَلَيهِ فَصُّ خَتمٍ مُرَبَّعِ
مُسَلسَلَةً حافاتُهُ في لَطافَةٍ وَفي نَقشِهِ يا أُذنَ فَوزٍ تَسَمَّعي، تَمَنَّيتُ أَن تُسقَي مِنَ الحُبِّ شَربَتي وَأَن تَرتَعي مِن لَوعَةِ الحُبِّ مَرتَعي
وَأَن تُصبِحي صُبحي وَأَن تَتَضَجَّعي، إِذا اللَيلُ أَلقى سِترَهُ كَتَضَجُّعي، بِحَسبِ الهَوى أَن قَد بُليتُ وَأَنَّني، مَتى ما أَقُل قَد غاضَ دَمعِيَ يَهمَعِ
وَرَدتُ وَبَعضُ الوِردِ فيهِ مَرارَةٌ، حِياضَ الهَوى مِن كُلِّ أَفيَحَ مُترَعِ، فَما زِلتُ أَحسوها بِكَأَسَينِ كُلَّما شَرِبتُ بِكَأسٍ لَم تَزَل أُختُها مَعي
أُديرُهُما مِن كُلِّ حَوضٍ إِلى فَمي، فَطَوراً لِإِدلاءٍ وَطَوراً لِمَجرَعِ، عَلى عَطَشٍ حَتّى بَدَت وَهيَ مَشرَعٌ
حَياضُ الهَوى مِن بَعدِ إيرادِ مَشرَعي، وَوَلَّيتُ قَد زَلَّت لِسُكري مَفاصِلي، أَميلُ كَجِذعِ النَخلَةِ المُتَزَعزِعِ
قصيدة إني طربت إلى شمس إذا طلعت
إِنّي طَرِبتُ إِلى شَمسٍ إِذا طَلَعَت، كانَت مَشارِقُها جَوفَ المَقاصيرِ، شَمسٌ مُمَثَّلَةٌ في خَلقِ جارِيَةٍ، كَأَنَّما كَشحُها طَيُّ الطَواميرِ
لَيسَت مِنَ الإِنسِ إِلّا في مُناسَبَةٍ وَلا مِنَ الجِنِّ إِلا في التَصاويرِ، فالجِسمُ مِن لُؤلُؤٍ وَالشَعرُ مِن ظُلَمٍ وَالنَشرُ مِن مِسكَةٍ وَالوَجهُ مِن نورِ
إِنَّ الجَمالَ حَبا فَوزاً بِخِلعَتِهِ، حَذواً بِحَذوٍ وَأَصفاها بِتَحويرِ، كَأَنَّها حينَ تَمشي في وَصائِفِها، تَخطو عَلى البَيضِ أَو خُضرِ القَواريرِ
أُنبِئتُها صَرَخَت لَمّا رَأَت أَسَداً، في خاتَمٍ صَوَّروهُ أَيَّ تَصويرِ، يا صاحِبَيَّ إِلى رُؤيايَ فَاِستَمِعا، إِنّي رَأَيتُ لَدى ضَوءِ التَباشيرِ
كَأَنَّ فَوزاً تُعاطيني عَلى فَرَسٍ، إِكليلَ رَيحانِ فَغوٍ كَالدَنانيرِ، الحَمدُ لِلَّهِ هَذا إِنَّها جَعَلَت، في راحَتي أَمرَها يا حُسنَ تَعبيري
إِنّي لَمُنتَظِرٌ رُؤيايَ ذا أَمَلٍ، وَالحُكمُ يَأتي بِتَقديمٍ وَتَأخيرِ، طوبى لِعَينٍ رَأَت فَوزاً إِذا اِغتَمَضَت وَقَرَّتِ العَينُ مِنها كُلَّ تَقريرِ
لا تَهجُريني عَلى مَا بي بِعَيشِكُمُ، إِنّي لَتَرحَمُ نَفسي كُلَّ مَهجورِ، إِنّي أَراني وَإِخواني قَدِ اِجتَمعوا في مَجلِسٍ بِأَعالي الكَرخِ مَحضورِ
بَكَيتُ مِن طَرَبٍ عِندَ السَماعِ كَما يَبكي أَخو غُصَصٍ مِن حُسنِ تَذكيرِ وَصاحِبُ العِشقِ يَبكي عِندَ سَكرَتِهِ، إِذا تَجاوَبَ صَوتُ البَمِّ وَالزيرِ
يا فَوزُ لَولاكِ لَم أَنفَكَّ مِن طَرَبٍ، آوي إِلى آنِساتٍ كَالدُمى حورِ، يا فَوزُ أَهلُكِ لاموني فَقُلتُ لَهُم، أَدّوا فُؤادي أَدَعكُم غَيرَ مَزجورِ
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي ناصِحٌ لَكُمُ، جُهدي وَلكِنَّ سَعيي غَيرُ مَشكورِ، لا يُبعِدِ اللَهُ غَيري حينَ قُدتُ لَكُم نَفسي وَبِعتُكُمُ صَفوي بِتَكديري
يا أَهلَ فَوزٍ أَما لي عِندَكُم فَرَجٌ، وَيلي وَلا راحَةٌ مِن طولِ تَعزيري، يا أَهلَ فَوزَ اِدفِنوني بَينَ دُورِكُمُ، نَفسي الفِداءُ لِتِلكَ الدور مِن دورِ
ظَلّوا يَحُثّونَ نَفساً وَهيَ جامِحَةٌ، حَتّى إِذا يَئِسوا قالوا لَها سيري
قصيدة يا موقد النار بالهندي والغار
يا مُوقِدَ النارِ بِالهِندِيِّ وَالغارِ، هَيَّجتَ لي حَزَناً يا مُوقِدَ النارِ، بَينَ الرُصافَةِ وَالمَيدانِ أَرقُبُها، شُبَّت لِغانِيَةٍ بَيضاءَ مِعطارِ
هاجَت لِيَ الرِيحُ مِنها نَفخَ رائِحَةٍ، أَحيَت عِظامي وَهاجَت طولَ تِذكاري، يا فَوزُ أَنتِ الَّتي جَشَّمتِني رَقَصاً
يَبري المَهاري بِتَرحالٍ وَتَسيارِ، غِبتُم وَغِبنا فَلَمّا كانَ أَوبُكُمُ، أُبنا فَنَحنُ وَأَنتُم رَهنُ أَسفارِ وَما أَرى اِثنَينِ حَالَ الناسُ بَينَهُما
مِثلي وَمِثلَكِ في جَهدٍ وَإِضرارِ، تَشكو الفِرَاقَ وَيَشكوهُ وَما اِجتَمَعا، يَوماً وَلا اِفتَرَقا إِلاّ بِمِقدارِ وَما يُرى في وِصالِ اِثنَينِ قَد شُغِفا
ما لَم يَميلا إِلى الفَحشاءِ مِن عارِ، إِذا تَعَمَّدتُكُم جاوَزتُ بابَكُمُ، كَي لا تَكونُوا لإِقبالي وَإِدباري، أُخَبِّرُ الناسَ أَنّي قَد سَلَوتُكُمُ
وَاللَهُ يَعلَمُ ما مَكنونُ إِضمارِ، ما تَطعَمُ النَومَ عَيني مِن تَذَكُّرِكُم، فَما أَنامُ إِذا ما نامَ سُمّاري، أَخلُو إِذا هَجَعَ النُوّامُ كُلُهُمُ
فَما أُسامِرُ إِلاّ عامِرَ الدارِ، لِكُلِّ جَفنٍ عَلى خَدّي عَلى حِدَةٍ، طَريقَةٌ دَمعُها مُستَوكِفٌ جارِ، أَستَمطِرُ العَينَ لا تَفنى مَدامِعُها
كَأَنَّ يَنبوعَ بَحرٍ بَينَ أَشفاري، لَيتَ المُهَذَّبَ عَبدَاللَهُ خالِصَتي وَمَن لَدَيهِ مِنَ الإِخوانِ حُضّاري، مِنهُم حُمَيدٌ وَداودٌ وَصاحِبُهُ
وَالأَخنَسِيُّ وَبِشرٌ وَاِبنُ سَيّارِ، قَومٌ هُمُ خَندَقُوا لي في قُلوبِهِمُ، عَلى الحُصونِ فَأَخلَوهَا لِأَسراري، مَن كانَ لَم يَرَ مَشغوفاً بَراهُ هَوىً
فَليَأتِني يَرَ نِضواً عَظمُهُ عارِ، يَنسَلُّ عَنّي قَمِيصي مِن ضَنى جَسَدي، وَلَو شَدَدتُ عَلى الجِلبابِ أَزراري، ما يَنقَضي عَجَبي مِن جَهلِ حاسِدَةٍ
كانَت بِذي الأَثلِ مِن خِدني وَأَنصاري، سَمَّت وَليدَتَها فَوزاً مُغايَظَةً، عَذَرتُ لَو لَطَمَتني ذاتُ إِسوارِ وَما يَزالُ نِساءٌ مِن قَرابَتِها
مِن كُلِّ ناحِيَةٍ يَهتِكَنَ أَستاري، وَقَد صَبَرتُ عَلى قَومٍ مُنيتُ بِهم وَما تَكَلَّمتُ إِلّا بَعدَ إِعذارِ، أَنا وَعَمُّكِ مِثلُ المُهرِ يَمنَعُهُ
مِن قوتِهِ مَربِضُ المُستَأسِدِ الضاري، لَو كُنتَ يا عَمَّها حَرّانَ سَرَّكَ أَن تَحيا بِإِظماءِ إيرادٍ وَإِصدارِ، فَما أَخو سَفَرٍ في البيد مُرتَهَنٍ
قَد كانَ في رُفَقٍ شَتّى لِأَمصارِ، أَخطا الطَريقَ وَأَفنى الزادَ وَاِنقَطَعَت عَنهُ المَناهِلُ في تَيهاءِ مِقفارِ، يَدعو بِصَوتِ شَجِيٍّ لا أَنيسَ لَهُ
قَد غابَ عَنهُ أَنيسُ الأَهلِ وَالجارِ، لَو جُرِّعَ الماءَ لَاِستَطفَاهُ مَوقِعُهُ، مِنَ الحَشى مِن لَظىً فيهِ وَتَسعارِ، حَتّى أَتى الماءَ بَعدَ اليَأسِ تُحرِزُهُ
رَبداءُ مَكسُوَّةٌ أَطواقَ أَحجارِ، لَمّا تَبَيَّنَ أَن لا دَلوَ حاضِرَةٌ وَلا رِشاءٌ وَلا عَهدٌ لِآثارِ، دَلّى عِمامَتَهُ حَتّى إِذا اِنقَشَعَت غَمامَةٌ الماءِ عَن عَذبٍ وَمَوّارِ
أَهوى يُقَلِّبُها في الماءِ مُغتَبِطاً، يَكُرُّها فيهِ طَوراً بَعدَ أَطوارِ، حَتّى إِذا هُوَ رَوّاها وَأَخرَجَها وَقالَ قَد نِلتُ يُسراً بَعدَ إِعسارِ
وَجَرَّها صَوَّبَت في البِئرِ راجِعَةً، وَاِستَقبَلَت نَفسُهُ الدُنيا بِإِكشارِ، يَوماً بِأَجهَدَ مِنّي حينَ تَمنَعُني، لِغَيرِ جُرمٍ لُباناتي وَأَوطاري
قصيدة ألا اسعديني بالدموع السواكب
قصيدة ألا اسعديني بالدموع السواكب، من أجمل قصائد العباس بن الأحنف وتقول:
أَلا أَسعِديني بِالدُّموعِ السَواكِبِ، عَلى الوَجدِ مِن صَرمِ الحَبيبِ المُغاضِبِ، فَسُحّي دُموعاً هامِلاتٍ كَأَنَّها لَها آمِرٌ بِالفَيضِ مِن تَحتِ حاجِبِ
أَلا وَاستَزيديها هَوىً وَتلَطُّفاً وَقولي لَها في السِرِّ يا أُمَّ طالِبِ، لِماذا أَرَدتِ الصِرمَ مِنّي وَلَم أَكُن، لِعَهدِكُمُ بِيَ بالمَذوقِ المُوارِبِ
وَإِن كانَ هَذا الصِرمُ مِنكِ تَدَلُلاً، فأَهلاً وَسَهلاً بِالدَلالِ المُخالِبِ وَإِن كُنتِ قَد بُلِّغتِ يا فَوزُ باطِلاً، تُقوِّلَ عَنّي فَاِسمَعي ثُمَ عاتِبي
وَلا تَعجَلي بِالصِرمِ حَتّى تَبَيَّني، أَقَولَ مُحِقٍّ كانَ أَم قَولِ كاذِبِ، كَأَنَّ جَميعَ الأَرضَ حَتّى أَراكُمُ، تَصَوَّرُ في عَيني سودَ العَقارِبِ
وَلَو زُرتُكُم في اليَومِ سَبعينَ مَرَّةً، لَكُنتُ كَذي فَرخٍ عَنِ الفَرخِ غَائِبِ، أَراني أَبيتُ اللَيلَ صاحِبَ عَبرَةٍ، مَشوقاً أُراعي مُنجِداتِ الكَواكِبِ
أُراقِبُ طولَ اللَيلِ حَتّى إِذا اِنقَضى، رَقَبتُ طُلوعَ الشَمسِ حَتّى المَغارِبِ، إِذا ما مَضى هَذانِ عَنّي بِلَذَّتي، فَما أَنا في الدُنيا لِعَيشٍ بِصاحِبِ
فَيا شُؤمَ جَدّي كَيفَ أَبكي تَلَهُّفاً، عَلى ما مَضى مِن وَصلِ بَيضاءَ كاعِبِ، رَأَت رَغبَةً مِنّي فَأَبدَت زَهادَةً، أَلا رُبَّ مَحرومٍ مِنَ الناسِ راغِبِ
أُريدُ لِأَدعو غَيرَها فَيَجُرَّني، لِساني إِلَيها بِاِسمِها كَالمُغالِبِ، يَظَلُّ لِساني يَشتَكي الشَوقَ وَالهَوى، وَقَلبي كَذي حَبسٍ لِقَتلٍ مُراقِبِ
كَأَنَّ بِقَلبي كُلَمّا هاجَ شَوقُهُ، حَراراتِ أَقباسٍ تَلوحُ لِراهِبِ وَلَو كانَ قَلبي يَستَطيعُ تَكَلُّماً، لَحَدَّثَكُم عَنّي بِكُلِّ العَجائِبِ
كَتَبتُ فَأَكثَرتُ الكِتابَ إِلَيكُمُ، عَلى رَغبَةٍ حَتّى لَقَد مَلَّ كاتِبي، أَما تَتَّقين اللَهُ في قَتلِ عاشِقٍ، صَريعٍ نَحيلِ الجِسمِ كالخَيطِ ذائِبِ
فَأُقسِمُ لَو أبصرتني مُتَضَرِّعاً، أُقَلِّبُ طَرفي ناظِراً كُلَّ جانِبِ وَحَولي مِنَ العوّادِ باكٍ وَمُشفِقٍ، أُباعِدُ أَهلي كُلَّهُم وَأَقارِبي
لَأَبكاكِ مِنّي ما تَرينَ تَوَجُّعاً، كَأَنَّكِ بي يا فَوزُ قَد قامَ نادِبي، لَقَد قالَ داعي الحُبِّ هَل مِن مُجاوِبٍ
فَأَقبَلتُ أَسعى قَبلَ كُلِّ مُجاوِبِ، فَما إِن لَهُ إِلا إِلَيَّ مَذاهِبٌ، تَكونُ وَلا إِلا إِلَيهِ مَذاهِبي
قصيدة ألم تعلمي يا فوز أني معذب
أَلَم تَعلَمي يا فَوزُ أَنّي مُعَذَّبُ، بِحُبِّكُمُ وَالحَينُ لِلمَرءِ يُجلَبُ وَقَد كُنتُ أَبكيكُم بيَثرِبَ مَرَّةً وَكانَت مُنى نَفسي مِنَ الأَرضِ يَثرِبُ
أُؤَمِّلُكُم حَتّى إِذا ما رَجَعتُمُ، أَتاني صُدودٌ مِنكُمُ وَتَجَنُّبُ، فَإِن ساءَكُم ما بي مِنَ الضُرِّ فَاِرحَموا وَإِن سَرَّكُم هَذا العَذابُ فَعَذِّبوا
فَأَصبَحتُ مِمّا كانَ بَيني وَبَينَكُمُ، أُحَدِّثُ عَنكُم مَن لَقيتُ فَيَعجَبُ وَقَد قالَ لي ناسٌ تَحمَّل دَلالَها، فَكُلُّ صَديقٍ سَوفَ يَرضى وَيَغضَبُ
وَإِنّي لَأَقلى بَذلَ غَيرِكِ فَاِعلَمي وَبُخلُكِ في صَدري أَلَذُّ وَأَطيَبُ وَإِنّي أَرى مِن أَهلِ بَيتِكِ نُسوَةً، شَبَبنَ لَنا في الصَدرِ ناراً تَلَهَّبُ
عَرَفنَ الهَوى مِنّا فَأَصبَحنَ حُسَّداً، يُخَبِّرنَ عَنّا مَن يَجيءُ وَيَذهَبُ وَإِنّي اِبتَلاني اللَهُ مِنكُم بِخادِمةٍ، تُبَلِّغُكُم عَنّي الحَديثَ وَتَكذِبُ
وَلَو أَصبَحَت تَسعى لِتوصِلَ بَينَنا، سَعِدتُ وَأَدرَكتُ الَّذي كُنتُ أَطلُبُ وَقَد ظَهَرَت أَشياءُ مِنكُم كَثيرَةٌ وَما كُنتُ مِنكُم مِثلَها أَتَرَقَّبُ
عَرَفتُ بِما جَرَّبتُ أَشياءَ جَمَّةً وَلا يَعرِفُ الأَشياءَ إِلا المُجَرِّبُ وَلي يَومَ شَيَّعتُ الجِنازَةَ قِصَّةٌ، غَداةَ بَدا البَدرُ الَّذي كانَ يُحجَبُ
أَشَرتُ إِلَيها بِالبَنانِ فَأَعرَضَت، تَبَسَّمُ طَوراً ثُمَّ تَزوي فَتَقطِبُ، غَداةَ رَأَيتُ الهاشِميَّةَ غُدوَةً، تَهادى حَوالَيها مِنَ العينِ رَبرَبُ
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَحسَنَ مَنظَراً، وَنَحنُ وُقوفٌ وَهيَ تَنأى وَنَندُبُ، فَلَو عَلِمَت فَوزٌ بِما كانَ بَينَنا، لَقَد كانَ مِنها بَعضُ ما كُنتُ أَرهَبُ
أَلا جَعَل اللَهُ الفِدا كُلَّ حُرَّةٍ، لِفَوزِ المُنى إِنّي بِها لَمُعَذَّبُ، فَما دونَها في الناسِ لِلقَلبِ مَطلَبٌ وَلا خَلفَها في الناسِ لِلقَلبِ مَذهَبُ
وَإِن تَكُ فَوزٌ باعَدَتنا وَأَعرَضَت، وَأَصبَحَ باقي حَبلِها يَتَقَضَّبُ وَحالَت عَنِ العَهدِ الَّذي كانَ بَينَنا وَصارَت إِلى غَيرِ الَّذي كُنتُ أَحسَبُ
وَهانَ عَلَيها ما أُلاقي فَرُبَّما، يَكونُ التَلاقي وَالقُلوبُ تَقَلَّبُ وَلَكِنَني وَالخالِقِ البارئِ الَّذي يُزارُ لَهُ البَيتُ العَتيقُ المُحَجَّبُ
لَأَستَمسِكَن بِالوُدِّ ما ذرَّ شارِقٌ، وَما ناحَ قُمريٌ وَما لاحَ كَوكَبُ وَأَبكي عَلى فَوزٍ بِعَينٍ سَخينَةٍ وَإِن زَهِدَت فينا نَقولُ سَتَرغَبُ
وَلَو أَنَّ لي مِن مَطلَعِ الشَمسِ بُكرةً، إِلى حَيثُ تَهوي بالعَشِيِّ فَتَغرُبُ، أُحيطُ بِهِ مُلكاً لِما كانَ عِدلَها، لَعَمرُكِ إِنّي بِالفَتاةِ لَمُعجَبُ
قصيدة كنت الهوى وهجرت الحبيب
كَتَمتُ الهَوى وَهَجَرتُ الحَبيبا وَأَضمَرتُ في القَلبِ شَوقاً عَجيبا وَلَم يَكُ هَجريهِ عَن بِغضَةٍ
وَلَكِن خَشيتُ عَلَيهِ العُيوبا، سَأَرعى وَأَكتُمُ أَسرارَهُ وَأَحفَظُ ما عِشتُ مِنهُ المَغيبا
فَكَم باسِطينَ إِلى وَصلِنا، أَكُفَّهُمُ لَم يَنالوا نَصيبا، فَيا مَن رَضيتُ بِما قَد لَقيتُ مِن حُبِّهِ مُخطِئاً أَو مُصيبا
وَيا مَن دَعاني إِلَيهِ الهَوى، فَلَبَّيتُ لَمّا دَعاني مُجيبا وَيا مَن تَعَلَّقتُهُ ناشِئاً فَشِبتُ وَما آنَ لي أَن أَشيبا
لَعَمري لَقَد كَذَبَ الزاعِمونَ أَنَّ القُلوبَ تُجازي القُلوبا، وَلَو كانَ حَقّاً كَما يَزعُمونَ، لَما كانَ يَجفو حَبيبٌ حَبيبا
وَكَيفَ يَكونُ كَما أَشتَهي، حَبيبٌ يَرى حَسَناتي ذُنوبا وَلَم أَرَ مِثلَكِ في العالَمينَ نِصفاً كَثيباً وَنِصفاً قَضيبا
وَأَنَّكِ لَو تَطِئينَ التُرابَ، لَزِدتِ التُرابَ عَلى الطيبِ طيبا
قصيدة يا قلب ما لك لا تناهي
يا قَلبِ ما لَكَ لا تَناهى، عَن خُلَّةٍ شَحَطَت نَواها، لَهفي وَيا أَسَفي عَلَيــها كَيفَ لا يُبكي هَواها
أُمسي بِغَيرِ بِلادِها، ما إِن أُريدُ بِها سِواها، لَهفي لِبُعدِ فِراقِها، يا لَيتَ قَلبي قَد تَناهى
هَيهاتَ كَيفَ وَلَو يُقالُ تَخَيَّرَنَّ لَما عَداها، لَو كانَ قَلبي يَستَطيــعُ يَطيرُ مِن شَوقٍ أَتاها
بانَت بَعَقلِ مُتَيَّمٍ، صَبِّ الفُؤادِ قَد اِرتَجاها، فَتراهُ يَدعو بِاِسمِها، كَيما يُجابَ إِذا دَعاها
يا حَبَّذا، يا حَبَّذا، تَبدو لِعَينِكَ مُقلَتاها، بَيضاءُ لَم يَرَ مِثلَها، بَشَرٌ تَبارَكَ مَن بَراها
فَكَأَنَّها شَمسٌ تَجَــلَت في البِلادِ لَهُ فَراها، أَو دُرَّةٌ عِندَ الخَلائِفِ لَيسَ يُدرى مَن سَباها
خَودٌ كَأَنَّ بِريقِها، مِسكاً يَفوحُ لَدى كَراها، فيما أَرى وَأَظُنُّهُ، مِن غَيرِ أَن أَكُ ذُقتُ فاها
كانَت لَدَينا وَالحِبالُ ضَعيفَةٌ مِنها قُواها وَإِذا خَضَعتُ بِمُقلَتي، مُتَتَبِّعاً مِنها رِضاها
بانَت فَلَيتَ فِراقَها، إِذ كانَ مِن صَدري مَحاها، فَكَأَنَّني ذو غُربَةٍ، بِمَفازَةٍ مِلحٍ حُساها
قَد جَفَّ ريقُ لِسانِهِ، وَالنَفسُ يُجهِدُها صَداها، عَطشانُ أَدلى دَلوَهُ، خَوفَ المَنِيَّةِ في دِلاها
فَثَوى يَمُدُّ رِشاءَها، وَالنَفسُ تَجهَدُ مِن لَظاها، حتّى إِذا اِرتَفَعَت وَظَــلَّ يَجُرُّها اِنحَلَّت عُراها
فَهَوى وَخَرَّ بِإِثرِها، مُتَلَمِّساً مِنها ثَراها، فَأَسالَ فيها نَفَسَهُ وَالنَفَسُ تَبلُغُ مُنتَهاها
قصيدة يا أبا الفضل هيجتك الرسوم
يا أَبا الفَضلِ هَيَّجَتكَ الرُسومُ، بَعدَ فَوزٍ كَأَنَّهُنَّ الوُشومُ، إِنَّ وَجدي بِفَقدِ فَوزٍ وَإِشفاقي عَلَيها وَالدَهرُ دَهرٌ غَشومُ
وَجدُ يَعقوبَ بَعدَ يوسُفَ إِذ بَيَّضَ عَينَيهِ الحُزنُ فَهوَ كَظيمُ وَسُروري بِأَن أَراها كَما سُرَّ بِمَفدى إِسحاقَ إِبراهيمُ
أَصبَحَ القَلبُ بِالعِراقِ وَأَمسى، بِالحِجازِ الهَوى فَكَيفَ النَعيمُ، أَصبَحَت بِالحِجازِ فَوزٌ وَعَبّاسٌ أَبو الفَضلِ بِالعِراقِ مُقيمُ
خَندَقَت حَولَ قَلبِهِ بِالصَباباتِ فَما حَولَهُ حِمىً مَكلومُ، إِنَّ فيما بَينَ البَقيعِ وَبُطحانَ لَداراً فيها الهَوى مَكتومُ
لَستُ أَنسى بُكاءَها يَومَ ساروا، بِأَبي دَمعُ عَينِها المَسجومُ، ساقَ طَرفي إِلى فُؤادي البَلايا، إِنَّ طَرفي عَلى فُؤادي مَشومُ
كَتَبَ الحُبُّ في فُؤادي كِتاباً، هُوَ بِالشَوقِ وَالضَنى مَختومُ، حَفِظَ اللَهُ مَعشَراً فارَقوني، لا يُطيعونَ في الهَوى مَن يَلومُ
لَيتَ شِعري أَيَرجِعونَ إِلَينا، فَنَراهُم أَم قَصدُهُم أَن يُقيموا، إِن يَكُن يَنفَعُ البُكاءُ عَلَيهِم، فَاِبكِ حَتّى تَموتَ يا مَحرومُ
جَمَعَ اللَهُ بَينَ فَوزٍ وَعَبّاسٍ لِتَحظى كَريمَةٌ وَكَريمُ، لا تُطيقُ الجِبالُ يا مَعشَرَ الناسِ مِنَ الحُبِّ ما تُطيقُ الجُسومُ
هَل لَكُم أَن نَقومَ نَبكي جَميعاً، وَنَشُقَّ الجُيوبَ بِاللَهِ قوموا وَاِشهَدوا قَد نَذَرتُ إِن كان مِن فَوزٍ عَلى ما يُقِرُّ عَيني تَدومُ
حِجَّةً ماشياً وَتَحريرَ ما أَملِكُ شُكراً وَما حَييتُ أَصومُ، لَيتَ شِعري أَتَذكُريني كَذِكري، لَكِ أَم عَهدُكِ الَّذي لا يَدومُ
لَيتَ لي كُلَّما ذَكَرتُكِ يا فَوزُ نَهاراً أَو حينَ تَبدو النُجومُ، رَقدَةَ الرَاقِدينَ في الكَهفِ إِذ روعِيَ بِالحِفظِ كَهفَهُم وَالرَقيمُ
اِشفَعي يا ظَلومُ لي عِندَ فَوزٍ، طالَما قَد نَفَعتِني يا ظَلومُ، أَسقَمَ اللَهُ قَلبَها مِثلَ ما أَسقَمَ قَلبي فَإِنَّ قَلبي سَقيمُ
زَعَمَت في الكِتابِ أَنّى تَبَدَّلتُ سِواها وَأَنَّ عَهدي ذَميمُ،رَحِمَ اللَهُ مَن دَعا لي إِذا قامَ يُصَلّي فَإِنَّني مَظلومُ
لا وَرَبِّ الوُفودِ لِلبَيتِ تَهوي، بِهِمُ العيسُ قَد بَراها الرَسيمُ، ما تَغَيَّرتُ بَعدَ فَوزٍ وَلا كانَ فُؤادي بِغَيرِ فَوزٍ يَهيمُ
لَعَنَ اللَهُ كُلَّ ذي خُلَّةٍ يَمشي وَفي الناسِ قَلبُهُ مَقسومُ، أَمِنَ العَدلِ أَن تُعَدَّ صَباباتي ذُنوباً كَذاكَ تَقضي سَدومُ
إِن عَدَدتُم هَوايَ ذَنباً فَإِنّي، أُشهِدُ اللَهَ أَنَّ ذَنبي عَظيمُ