أجمل قصائد القاضي الفاضل مكتوبة.. صاحب لقب "سيد الفصحاء"
قصيدة هيهات لا أبتغي عن بابكم حولا
قصيدة أبى الدمع أن يشفى به هم هائم
قصيدة ما العجب في خلق ذاك الخلق بالعجب
قصيدة وقفنا على قصر العزيز وقد عفا
عبد الرحيم البيساني، المعروف باسم القاضي الفاضل أحد الأئمة الكتَّاب في القرن السادس الهجري، ووزير السلطان صلاح الدين الأيوبي والذي قال عنه "لا تظنّوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم القاضي الفاضل". ولد القاضي الفاضل بمدينة عسقلان شمال غزة في فلسطين وانتقل إلى الإسكندرية، ثم إلى القاهرة. ولقد تميز شعر القاضي الفاضل بأسلوبه الجذاب، كما لقب بـ"سيد الفصحاء".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في هذا المقال ننقل لك أجمل قصائد القاضي الفاضل مكتوبة كاملة.
قصيدة إذا ما الغزال سرى زائرا
إِذا ما الغَزالُ سَرى زائِرا، فَلا تَأمَنِ الأَسَدَ الزائِر وَلَكِن سَلِ اللَيلَ سَتراً عَلَيكَ وَإِن كُنتَ تَأمَنُهُ كافِرا
عَسى الفَجرُ يَغفو وَلَو ساعَةً، يَنامُ بِها نَجمُهُ سائِرا، فَيا لَيلُ إِن تولِنيها يداً، تجدني لها ذاكراً شاكرا
وإن قيل نعرفُهُ كافِراً، أَقُل لا وَلَكِن نَعَم فاجِرا، فَيا لَيلُ ما اِفتَرَقَ العاشِقانِ، إِذا كُنتَ بَينَهُما حاضِرا
فَقَد جاءَني هاجِري واصِلاً، فَلا يَرجِعَن واصِلي هاجِرا، رَوَيتَ بِهِ غُلَّتي وارِداً، فَلا تَفجَعَنّي بِهِ صادِرا
وَدَعني أُطارِحهُ شَكوى الفِراقِ، وَأَحفَظ حَديثَ الهَوى طاهِرا، لَعَلَّكَ تَعرِفُ سِرَّ الغَرامِ، فَتُصبِحَ لِلمُبتَلى عاذِرا
وَتَعشَقَ بَدرَكَ عِشقي البُدورَ وَتَرجِعَ مِثلي بِهِم حائِرا، فَلا تَبعَث الفَجرَ قَبلَ العِشاءِ وَلا تُتبِع الأَوَّلَ الآخِرا
فَكَم في حَواشيكَ مِن طائِرٍ، تُمِضُّ بِهِ قَلبِيَ الطائِرا، وَيَكسِرُ صُبحُكَ لي عَينَهُ، فَيا لَيلُ دُمتَ لَهُ كاسِرا
وَكَم لَكَ عِندَ اِمرِئٍ مِن يَدٍ، كَلَونِكَ يَغشى الأَسى الخاطِر، نُصَدِّقُ في ذَمِّكَ المانَوِيَّ وَإِن كانَ في قَولِهِ كافِرا
أَسِرّاً بِأَمرٍ بِهِ موبِقاً، يُقيمُ الصَباحُ بِهِ سافِرا وَما بَتَّ إِلّا عَلى رِيبَةٍ، نَغُضُّ حَياءً لَها الناظِرا
فَلَو لَم يُغَسِّلكَ مِنّا الصَباحُ، لَما كُنتَ مِن نَجَسٍ طاهِرا وَلَولا جِلاءُ مُحَيّا الأَجَلِّ، مُحَيّاكَ دامَ كَذا باسِرا
أَعادَكَ يَومَ يُثيرُ العَجاجَ، بِرَكضٍ بِهِ سَكَّنَ الثائِرا وَرَدَّ إِلَيكَ بِرَغمِ الصَباحِ أُفقَكَ مِن سُمرِهِ ظاهِرا
وَضَربٍ لَهُ ناجِرٍ قَد أَعادَ، بِشَهرَي قُماحٍ لَنا ناجِرا، فَجِسمٌ تَراهُ بِهِ واقِعاً وَهامٌ تَراهُ بِهِ طائِراً
وَيَجنُبُ ريحُ العِنانِ الدُبورَ، فَيُحدِثُ ما يَقطَعُ الدابِرا وَكَم حَرَّكَت ساكِناً لِلغُبارِ، فَسَكَّن مِن تَحتِهِ غابِرا
وَيَجبُرُ ناهِضُ هِمّاتِهِ، لَكَ المَجدُ ذا الزَمَنَ الفاتِرا، فَدُمتَ عَلى خَيرِهِ آمِراً وَدُمتَ عَلى شَرِّهِ آمِرا
لَقَد نَصَرَ اللَهُ دينَ الهُدى، بِأَن نَصَرَ المَلِكَ الناصر، فَلَسنا نَخافُ عَلى غابه، إِذا كنَ في غابِهِ خادِرا
وَمَن عَدَّ مِنهُ الحَيا ثانِياً، فَلَستُ أَراهُ لَهُ عاشِرا، فَلا تَتَجَشَّم سُؤالاً لَهُ، سَيَكفيكَهُ بادِئاً بادِرا
أَيَحتاجُ عُشبُ الدُجى زارِعاً، لَهُ وَقَليبُ السَما حافِرا، فَلا تَستَمِر غَيرَ إِحسانِهِ وَإِلّا فَمُت ظامِئاً ضامِرا
فَمَن يَستَمِر مِن أَكُفِّ اللِئامِ، يَعِش دَهرَهُ ما يرى مَائِرا وَمَن حَطَّ أَقدارَ سُؤَّالِهِ، فَما زِلتُ سائِلَهُ الفاخِرا
إِذا سَأَلوا مانِعاً عاجِزاً، سَأَلتُ بِهِ باذِلاً قادِرا، فَأَوفى عَلى قَولِهِم أَوَّلاً، وَأَوفى عَلى قَولِهِ آخِرا
رَأى الناسُ هِجرَةَ مَملوكِهِ، فَلا يَنظُروهُ لَهُ هاجِرا، وَجودُكَ أَشعَرُ مِن شِعرِهِ، فَلا عَدِمَ الشاعِرُ الشاعِرا
وَهَذي المَآثِرُ لَولا القَريضُ، لَما كُنتَ تَلقى لَها آثَرا وَلَمّا جَلا البِشرُ مِن وَجهِهِ، لَنا القَمَرَ المُصبِحَ الزاهِرا
رَأَيتُ زَماني مَضى كُلُّهُ، سُرىً جاءَ بي هَكَذا ضامِرا وَلَو لَم أَرِد وَجهَهُ ما ظَفِرتُ، بِصُبحٍ أُطالِعُهُ نائِرا
وَلي حاسِدٌ أَنتَ أَربَحتَهُ، وَأَنتَ تُصَيِّرُهُ خاسِرا، وَقَد ساءَ في الجِدِّ تَوسيعُهُ، يُكَرِّرُ أَقوالَهُ ماكِرا
وَكَم قَد خَلا بِشَياطينِهِ، فَأَجرى الحَديثَ بِنا فاجِرا وَذَكَّرَ بي فَمَ صَرفِ الزَمانِ، فَأَغرى بِلَحمي فَماً فاغِرا
وَقَد نَظَرَ اللَهُ لِلمُسلِمينَ، بِأَن كُنتَ في أَمرِهِم ناظِرا وَلَم أَلحَهُم أَن يَجوروا عَلَيَّ، وَلَو ذاكَ كُنتُ لَهُم عاذِرا
فَما جارَ مَن جارَ في حُكمِهِ، وَلَكِنَّ مَن أَلجَأَ الجائِرا وَما أَتَّقي أَن زيفاً يَمُرُّ، بِنَقدِكَ إِلّا بَدا ظاهِرا
قصيدة هيهات لا أبتغي عن بابكم حولا
هَيهاتَ لا أَبتَغي عَن بابِكُم حِوَلا، أَأَبتَغي حِوَلاً بِالغَبنِ حينَ خَلا، مَغنى الغِنى فَإِذا زاوَلتُ عَقوَتَهُ
وَجَدتُ كُلَّ مَحَلٍّ آهِلٍ طَلَلا، فَمَكَّنَ اللَهُ مِن صَدرٍ وَمِن عُنُقٍ، مِمَّن يُفارِقُهُ الأَغلالَ وَالعِلَلا
اللَهُ أَسلَكَنا مِن قَصدِهِ سُبُلاً، سَدَّت عَلى كُلِّ خَطبٍ رامَنا السُبُلا، قَد كُنتُ ما لي سِوى عَتبي لَهُ شُغُلٌ
فَاليَومَ لَيسَ سِوى شُكري لَهُ شُغُلا، ما كانَ عَن واقِعِ الأَطماعِ مُمتَنِعاً، قَد صارَ عِندي وَفي كَفَّيَّ قَد حَصَلا
دامَت لَكُم مِثلَ ما دامَت بِكُم نِعَمٌ، أَمّا تَخَيُّلُ مَعنىً لِلمَزيدِ فَلا خَلَّدتَ جودَكَ في أَهلي فَأَذكَرَني الدنيا
وَأَمَّنَني تَخليدُكَ الأَجَلا أَمّا الوِلايَةُ فَالمَعروفُ خُطبَتُها وَلَستُ أَقبَلُها عَن بابِكُم بَدَلا
وِلايَةُ البابِ عَنها لَستَ تَعزِلُني، وَما سِواها فَمَن وُلِّي فَقَد عُزِلا، فَما تُكَلِّفُني صَبراً عَلى صَبِرٍ
وَلا أُكَلِّفُها أَن تَسكُبَ العَسَلا، سِلاحُ حَربي مَعَ الأَيّامِ عَطَّلَهُ، رَأيٌ مِنَ الرَأيِ حَليٌ يُشبِهُ العَطَلا
فَلا حَديثي بِنوناتٍ تُعَظِّمُني، وَلا كِتابي إِلى قَومٍ بِمِن وَإِلى وَلا حَصاةُ فُؤادي تَحتَ مَحملِها
مِن هَمِّ زَيدٍ وَعَمرٍو تَحمِلُ الجَبَلا وَالبَحرُ لَو مَنَّ يَمَّمتُ التُرابَ وَلَم أَسَرَّهُ أَنَّ في كَفّي لَهُ بَلَلا
أَقسَمتُ لَو قَذَفَت أَمواجُهُ دُرَراً، وَلَو تَحَوَّلَ يَوماً مِلحُهُ عَسَلا، لَما مَدَدتُ إِلَيهِ راحَتي أَنَفاً
وَلا رَفَعتُ إِلَيهِ ناظِري كَسَلا، لَولا مَنازِلُ مَولانا وَأَنَّ بِها، لِلَهِ إِذ يَنزِلُ العافي بِها نُزُلا
كانَت مَطامِعُ دُنيانا إِذا حَمَلَت، سِلاحَها تَتَّقيني فارِساً بَطَلا وَكُنتُ أُبطِئُ وَالآمالُ مومِضَةٌ
بِطءَ الجَبانِ إِذا ما اِستَشعَرَ الوَجَلا، حَتّى يُقالَ أَما الإِنسانُ مِن عَجَلٍ، فَما لِهَذا إِلى الأَطماعِ ما عَجِلا
وَلَم أُبَل حينَ يُنشي المُزنُ عارِضَهُ، أَعارِضاً مَطِلاً أَم عارِضاً هَطِلا وَكُنتُ مِن أَنَفٍ في مُرتَقى زُحَلٍ
وَلَو حَكى الحَظُّ في إِبطائِهِ زُحَلا، اللَهُ أَغنى بِمَولانا وَنِعمَتِهِ، عَنِ الكِرامِ فَلا تَذكُر لِيَ البُخَلا
مَواهِبٌ قَرَّ عَيناها فَلَيسَ لَنا، سِوى التَفَكُّهِ في جَنّاتِها شُغُلا، كَم جاءَ قَلبي بِحاجاتٍ مُفَضَّلَةٍ
ثُمَّ اِنصَرَفتُ بِها في راحَتي جُمَلا، وَخَفَّفَ اللَهُ عَن قَلبي بِما حَمَلَت، مِنها يَمينِيَ مِن فَضلٍ وَإِن ثَقُلا
فَلا عَدِمتُ يَداً إِن جِئتُها بَذَلَت، وَعُدتُ عَنها كَريمَ الوَجهِ ما بُذِلا، أَعطى وَلَم يَعِدِ الجَدوى وَعَجَّلَها
وَأَينَ مَن وَعَدَ الجَدوى وَما مَطَلا، يا مُشبِهَ المُعتَفي حاشا مَكارِمَهُ وَما زَلَلتُ فَلا تُلحِق بِيَ الزَلَلا
الناسُ يُعطونَ إِن أَعطَوا إِذا سُئِلوا، وَأَينَ أَينَ الَّذي يُعطي إِذا سُئِلا وَقَد مَلَأتَ أَمانَ المُعتَفينَ يَدي
أَدنى الفَواضِلِ مِنهُ يَملَأُ الأَمَلا، حَتّى خَلَقتَ إِباءً في خَلائِقِهِم، فَلا عَدِمناكَ مِن مُجدي غِنىً وَعُلا
فَصِرتَ إِن قُلتَ خُذ ما أَنتَ تَسأَلُهُ، أَبى وَتَسأَلُهُ أَخذاً وَما قَبِلا، مِن ثَمَّ ما ساغَ لي إِن قُلتَ تُشبِهُهُ
وَأَينَ شِبهُ ثَرىً مِن صَيِّبٍ هَطَلا، مَكارِمٌ رَحَلَت لِلناسِ قاصِدَةً وَلَم يُكَلِّفهُمُ في قَصدِها الرِحَلا
وَما تُزَفُّ لَهُ بِكراً عَقيلَتُهُ، إِلّا أَفاضَ عَلَيها الحَليَ وَالحُلَلا، كَم أَنطَقَت يَدُهُ مِن لَهجَةٍ خَرِسَت
وَصَيَّرَت مِن وُلاةِ العِلمِ مَن جَهِلا، وَعاوَدَ الشِعرُ مِنهُ جاهِلِيَّتَهُ، حَتّى حَكى حَوكُ جُورٍ ما تَحوكُ فَلا
فَكَم تَعالى قِفا نَبكِ وَأَسيَرُ مِن أَبياتِها فَوقَ أَلفاظِ الوَرى مَثَلا، فَالبَس بِما يُلبِسُ الدُنيا نَضارَتَها
هَذا الَّذي في طِرازِ الجودِ قَد عُمِلا، جِئناكَ نَركَبُ أَهوالاً نُسَرُّ بِها وَلَو رَكِبنا إِلى ما سَرَّكَ الأَسَلا
بِالقَتلِ هَدَّدَنا فيها فُلانُ وَلَو كُنّا كُئوساً بِكَفَّيهِ لَما قَتَلا، فَصِرتُ لا أَتَوَقّى الظُهرَ مُفتَرِساً
وَنِمتُ لا أَتَوَقّى اللَيلَ مُحتَبِلا، وجاء عارضُ ريحٍ ما أبهتُ له، بل كدتُ أرشفُ منه عارضاً بَقِلا
لا أَتَّقي اِمرَأَةً في كَفِّهِ اِمرَأَةٌ، لِلسَيفِ بَل رَجُلاً يَسطو بِهِ رَجُلا، مَن كانَ يَعتادُ في أَدنى مَآرِبِهِ
خَوضَ البِحارِ فَلا تَذكُر لَهُ الوَشَلا، فَأَرخِصِ النَفسَ في ذِكرٍ يُخَلِّدُها، فَما أَرى الذِكرَ إِن غاَلَ النُفوسَ غَلا
أَقبِل عَلى الحَمدِ بِالبِشرِ الكَريمِ تَجِد، عُشباً إِذا البِشرُ أَرضى رَوضَهُ خَضِلا
قَد اِرتَبَطتُم فُؤاداً فيكُمُ جَذِلاً، أَطلَقتُموهُ لِساناً عَنكُمُ جَدِلا
قصيدة ورأيت أجسام العداة
وَرَأَيتُ أَجسامَ العُداةِ كَما رَأَيتُ بِغَيرِ هامِ وَدَمارَها لِدِمائِهِم وَسَقامَها مِلءَ العِظامِ
وَمُحَسَّرٍ لِمُكَسَّرٍ، أَعزِز عَلَيهِ يَدُ المُقامِ، كَم مِن رُءوسٍ مِن لَجاجٍ أَو خُدودٍ مِن لِطامِ
وَالسَيفُ سَيفُ اللَهِ يَسفِكُ بِالحُدودِ دَمَ الأَثامِ وَمَآتِمُ اللَذّاتِ قائِمَةٌ بِأَندِيَةِ النِدامِ
أَيُّ اِعتِزازٍ كانَ لِلتَقوى وَأَيُّ يَدِ اِعتِزامِ وَرَأَيتُ شَمسَ الراحِ أَو نَجمَ الحَبابِ بِلا ظَلامِ
سَجَدَت لِيوسُفَ في اِنتِباهٍ مِثلَ يوسُفَ في مَنامِ، لِمَ يَعجَبونَ فَإِنَّها كَيَدٍ تُحَدِّثُ عَن حُسامِ
وَكَأَنَّها في كَفِّهِ، بَرقٌ تَضاحَكَ مِن غَمامِ، كَم أَرغَمَت سَكَراتُها، دَع أَنفَها تَحتَ الرَغامِ
ما أَختَشي نارَ العُقولِ بِجَيشِ دينِهِمُ اللُهامِ، عَينُ الحَلالِ أَقَرَّها، إِقلاقُكُم عَينَ الحَرامِ
حَدَثٌ تُعَظِّمُ ذِكرَهُ، صُحُفُ الأَحاديثِ العِظامِ، أُنهي إِلى المَولى الأَجَلِ وَقَد أَطَلتُ مَعَ اِتِّهامِ
أَنَّ الحَريقَ سَرى بِمِصرٍ في مَنازِلِها السَوامي، مِن بَعدِ ما خَرَجَت أَوامِرُهُ بِتَبديدِ المُدامِ
وَظَنَنتُ أَنَّ الأَرضَ تُسقاها فَتُثمِرُ بِالضِرامِ، أَو أَنَّ حَدَّ اللَهِ قامَ عَلى الحِجارَةِ كَالأَنامِ
أَوَ لا تَرى ذَهَباً لَدَيكُم يَستَقِرُّ عَلى الدَوامِ، إِن شِئتَ مِن ذَهَبِ الطِلا أَو شِئتَ مِن ذَهَبِ الرَغامِ
فَليَذهَبِ الذَهَبُ الَّذي قَد كانَ يَذهَبُ بِالكِرامِ، كَم أَتلَفَتهُ أَكُفُّكُم، فَجَرى التِلافُ عَلى نِظامِ
فَليَقطَعوا مِنها الرَجاءَ فَقَد ثَوَت تَحتَ الرِجامِ، قوموا فإنَّ المُلكَ ما ينساه مَلِكُ القيام
وَدَعوا لِغَيرِكُمُ إِذا اِستَيقَظتُمُ دَعَةَ المَنامِ، تِلكَ المَناكِبُ قَد حَماها اللَهُ مِن ضَمِّ الزِحامِ
أَيُّ اِنحِطامٍ أَنَّ بَيتَ العِزِّ يُمسي في الحُطامِ وَاِرحَل عَن الإِقطاعِ فَالإِقطاعُ مِن سَعدِ الغُلامِ
وَاِنشُر لَها العَلَمَ الشَريفَ وَدَع مُحاسَبَةَ الغُلامِ، ما الغَزوُ في أَيّامِكُم وَالنَصرُ رَميَةُ غَيرِ رامِ
قُلنا اِعتَذَرتُم في الصِيامِ فَقَد عَذَرنا في الصِيامِ، فِرّوا فَهَذا القَرُّ قُلنا قَد سُبِقتَ بِذا الكَلامِ
لا تَنفِروا في الحَرِّ قُلنا العُذرُ حَقٌّ في الضِرامِ، ما العُذرُ إِذ وَلِيَ الخَريفُ وِلايَةَ البِكرِ الحَوامي
إِذ آب آبُ القاعدينَ وَآلَ أَيلولُ القِيامِ، ماذا أقولُ لَهُ إذا ما قالَ لي قَلبي أَمامي
وَاللَهُ ما داري عَلى الغَربِيِّ مِن دارِ السَلامِ، يا ناصِحي لَم تَرعَ إِن فَنَّدَتني حَقَّ الذِمامِ
مُلكُ المَنامِ لِناظِري، أَمرٌ سِوى مُلكِ الأَنامِ، دَعني فإِنّي مُضمِرٌ، سَبقَ الحَمامِ إِلى الحِمامِ
بِرَدىً يَرُدُّ مُرادَ هَم مامٍ بِفُرصَتِهِ هُمامِ، بِيَدَيهِ لا بِيَدي زِمامُكَ ما أَميري مَع زَمامي
وَإِذا يُباشِرُ عَذلَهُ، فَالسَمعُ أَشرَدُ مِن نَعامِ وإذا يُباشرُ حربَهُ، فالرِجلُ أثبتُ من شمامِ
وَالمَجلِسُ المَخدومُ مَخصوصٌ بِلَثمِي وِاِستِلامي وَلَهُ فَإِنَّ عَلَيهِ لا أَسخو بِها أَبَداً سَلامي
وَأَقَلُّ ما يُنمَى لَهُ، عَنّي التَحِيّاتُ النَوامي، ما تَوَّجَت أَلِفَ الغُصونِ الخُضرِ هَمَزاتُ الحَمامِ
قصيدة أبى الدمع أن يشفى به هم هائم
أَبى الدَمعُ أَن يُشفى بِهِ هَمُّ هائِمِ، وَلا رِيَّ إِلّا الرَشفُ مِن ظَلمِ ظالِمِ، يَضيمُ اِصطباري مَن يَعِزُّ بِبُعدِهِ
مَنامي فَوا لَهفي عَلى ضَيمِ ضائِمِ، أَشمُّ ثَراها أَو أَشيمُ بُروقَها، فَلَم يَخلُ رَبعُ الحُبِّ مِن شمِّ شائِمِ
وَلَو ساجَلَت غُرُّ الغَمائِمِ أَدمُعي، تَبَيَّنَ عَن قُربٍ غُرورُ الغَمائِمِ، أَلا سُقِيَت تِلكَ المَعالِمُ دَعوَةً
عَنَتني فَإِنّي بَعضُ تِلكَ المَعالِمِ، عَزيزٌ عَلَينا أَن عَطَلنَ وَعِندَنا، ذَخائِرُ مِن دُرِّ الدُموعِ السَواجِمِ
أَتَعجَبُ وَالواشي تَهُبُّ رِياحُهُ، لِمَيلِ غُصونٍ كَالغُصونِ النَواعِمِ، أَقولُ إِذا ما صارَمَ القَطرُ قُطرَها
تُرى رَشَفَت سُحبَ السَماءِ سَمائِمي، وَلي زَفَراتٌ نَمنَمَ الخَدَّ دَمعُها، وَنَمَّت بِأَسرارِ الحَشا وَالحَيازِمِ
حَنانيكَ إِنَّ الحُسنَ عاذِلُ، عاذِلي، وَعاذِرُ أَشجاني وَلائِمُ لائِمي، عَلى غَيرِ آسٍ قَد نَبَستَ بِسَلوَةٍ
وَزوحِمتُ مِن وَجدي بِأَلفِ مُزاحِمِ، رَأَوا أَلفَ بانٍ لا يَقومُ بِهادِمٍ، فَكَيفَ بِبانِ خَلفَهُ أَلفُ هادِمِ
وَقَفتُ عَلَيهِ بَل بِهِ مُتَأَوِّداً، أُسائِلُ عَن عَهدٍ بِهِ مُتَقادِمِ، يُجيبُ صَدايَ الرَبعُ لا ما تَظُنُّهُ
بِرَغمِ خَواهُ مِن جَوابِ الحَمائِمِ، أَرى طَيفَكُم كالحَظِّ في الدَهرِ ما لَهُ، سُرىً أَبَداً إِلّا إلى عَينِ نائِمِ
وَلِلَهِ ذَاكَ الدَوحُ وَالنَوحُ سُحرَةً، وَما ثَمَّ مِن شَجوٍ بِهِ وَمَآتِمِ، أُعيذُ لِسانَ الغَيثِ إِنَّ بِوَعدِهِ
تُشَقُّ بهِ وَجداً جُيوبُ الكَمائِمِ، فَتِلك بِشِعبٍ جَنَّةُ الأَرضِ جُنَّةٌ، فَلاحَ يَمينُ الحَقِّ إِحدى التَمائِمِ
وَجالَت خُيولُ الصُبحِ في عِثيَرِ الدُجى، وَقَد ظَفِرَت مِن أَنجُمٍ بِغَنائِمِ، فَيا رَحمَتا لِلَّيلِ مِن نورِ صُبحِهِ
وَيا رَحمَتا لِلصُبحِ مِن نورِ قاسِمِ، وَلَمّا شَقَقنا الحُجبَ عَن نورِ وَجهِهِ، شَقَقنا عَلى عاتٍ مِنَ الدَهرِ عاتِمِ
لِقاءٌ بِهِ إِلقاؤُنا لِعَصا السُرى، وَعِتقُ عِتاقِ الناجِياتِ الرَواسِمِ، وَدارٍ حَكَت لِلعَينِ أَنوارَ كَعبَةٍ
وَضَمَّت مِنَ العافينَ جَمعَ مَواسِمِ، وَقَد كُنتُ ذا نُطقٍ مِنَ الدَهرِ مُفحَمٍ، كَما كُنتُ ذا صُبحٍ مِنَ الهَمِّ فاحِمِ
فَقُد كَيفَما شِئتَ السَعادَةَ تَتَّبِع، وَغَيرُكَ لا يَقتادُها بِالشَكائِمِ، وَأَنتَ مِنَ الأَيّامِ تَقضي بِخاتَمٍ
وَأَنتَ مِنَ الأَيّامِ تَدعو بِخادِمِ، وَحَسبُكَ سَيفُ الجدِّ لا الحَدِّ ضارِباً، فَلا فَرقَ ما بَينَ الظُبا وَالعَزائِمِ
فَلا زِلتَ تَسطو مِن ظُباً بِصَواعِقٍ، تُصَرِّفُها مِن كَفِّكُم بِغَمائِمِ، نَزَلتُ مِنَ الدُنيا بِحاتِمِ وَقتِها
وَكانَ النَدى حَتماً عَلى يَدِ حاتِمِ، لَكَ السَيفُ لَمّا أَن تَأَلَّقَ نَجمُهُ، قَضى اللَهُ أَلا يَعتَلي نَجمُ ناجِمِ
وَقَد رَجَّموا فيهِم وَما رُدَّ مارِدٌ، يَصُبُّ عَلى مَن بَيضُهُ شُهبَ راجِمِ، فَجاءوا بِأَسلابٍ إِلى يَدِ قاسِمٍ
وَفاءوا بِأَصلابٍ إِلى أَيدِ قاصِمِ، بِمَوقِفِ حُكمٍ في الرِقابِ شَهادَةٌ، تُؤَدّى إِلى خَصمٍ مِنَ السَيفِ حاكِمِ
وَما في صُدورِ الزغفِ غَيرُ وَدائِعٍ، وَلا في ظُهورِ الخَيلِ غَيرُ غَنائِمِ، وَتَعرفُ وَجهَ النَصرِ مِن وَجهِ نَصلِهِ
إِذا سَلَّهُ وَالضَربُ ضَربَةُ لازِمِ، وَيَلقى العِدا مِنهُ تَوَقُّدُ باسِلٍ، يُمازِجُهُ مِنهُ تَوَقُّدُ باسِمِ، فَكَم أَنكَروا مِنهُ تَبَسُّمَ طَلعَةٍ
مَكارِهُها مَغفورَةٌ لِلمَكارِمِ، أَعَدَّ لِجَمعِ الحَربِ ضَغمَةَ فاتِكٍ، وَسَرّى لِنَشرِ السَلمِ حِليَةَ حازِمِ
أَميرُ اللَيالي مِن جَديدٍ وَذاهِبٍ، وَكَربُ الأَعادي مِن قَديمٍ وَقادِمِ، فَلا بَعُدَت عَنّا العِدا إِنَّ رِبحَهُ
لِتَحصيلِ مَرسومٍ مِنَ الحَربِ قائِمِ، لَها خَلَّةٌ بَل حُلَّةٌ عَرَبِيَّةٌ، وَرُبَّ فَصيحٍ ما رَأى دارَ دارِمِ
وَطَلقٌ كَما اِستَدَرَيتَ هَزَّةَ ذابِلٍ، وَجَزلٌ كَما اِستَدعَيتَ وَثبَةَ صارِمِ وَبِتُّ بِماءِ الطَبعِ أَسقي حَديدَها
لِأَطبَعَها في الصُبحِ إِحدى الصَوارِمِ، وَأَعطَيتُها لِلسَمعِ حِشمَةَ مُورِدٍ وَعاطَيتُها لِلطَبعِ غُلَّةَ حائِمِ
وَأَقرَأُ في عَينَيكَ تَرجَمَةَ الهوى، وَحَلُّ وِكاءِ العَينِ حَلُّ التَراجِمِ وَأَعجَبَهُ مِنّا لَهُ شُكرُ بائِحٍ
وَأَعَجبَنا مِنهُ لَنا بِرُّ كاتِمِ، وَبي لِوِصالِ اليَومِ غِبطَةُ رابِحٍ، وَبي لفِراقِ الأَمسِ حَسرَةُ نادِمِ
سَقى الرَوضَ إِذ أَجرى حَديثَ حَمائِمِ، فَأَجرَينَ ماءً مِن جُفونٍ حَوائِمِ، لَأَقرَضنَ دُرّاً مِن غِناءِ سَواجِعٍ
فَوَفَّيتُ دُرّاً مِن بُكاءِ سَواجِمِ، وَقَد يَجهَلُ المعنى المُعَنَّى بِلَفظِهِ، إِذا لَم يُقَلِّب فيهِ فِكرَةَ عالِمِ
يَقولُ وَآثارُ العُيونِ بِقَلبِهِ، صَريعُ مِلاحٍ أَو صَريعُ مَلاحِمِ، فَإِنَّ الظُبا تَلقى الرِقابَ بِرِقَّةٍ
فَهَل هِيَ عِندَ الضَربِ رِقَّةُ راحِمِ، وَأَعتَدُّ غِشيانَ المَحارِمِ قاصِداً، إِلى غَيرِهِ غِشيانَ بَعضِ المَحارِمِ
قَضى سَلمُنا أَن لا سَخيمَةَ بَعدَها، وَسَلُّ الظُبا يَقضي بِسَلِّ السَخائِمِ وَيَكفيكَ أَنَّ السَيفَ لا نَفعَ عِندَهُ
إِذا هُوَ لَم يوصَل ظُباهُ بِقائِمِ، فَقُم غَيرَ مَأمورٍ بِأَمري فَإِنَّني، وَحاشاكَ أَشكو اليَومَ أَعوانَ عارِمِ
وَمِن دونِ تَصريفِ المُنى حَرفُ عِلَّةٍ، وَلَيسَ لَها إلّا عَزيمَةُ جازِمِ، دَعَوتُكَ لَمّا أَن عَنَتني عَظيمَةٌ
وَمِثلُكَ لا يُدعى لِغَيرِ العَظائِمِ، وَأَحسَنَ لَمّا أَن أَسَأتُ وَهَمُّهُ، بِعِزَّةِ مَظلومٍ وَإِذلالِ ظالِمِ
لَنا بِأَبَرِّ الناسِ ساتِرِ زَلَّتي، وَقَد جِئتُهُ مُستَشفِعاً بِالجَرائِمِ، إِذا أَظلَمَت في القَلبِ لَيلَةُ هَفوَةٍ
فَزادَت وُضوحاً مِنكَ شُهبُ المَكارِمِ، مَقامٌ كَطَعمِ الشَهدِ في فَمِ ذائِقٍ، وَمَعنىً كَنَفحِ المِسكِ في أَنفِ ناسِمِ
تَدارَكتَها وَالدَهرُ غالِبُ غالِبٍ، وَأَدرَكتَها وَالكُفرُ هاشِمُ هاشِمِ، وَفَرَّجتَها وَالسَيفُ مِثلُ عَدُوِّهِ
فَهَل فيهما مِن ضَربِهِ غَيرُ سالِمِ، فَيا دارُ ما أَيّامُنا بِذَمائِمٍ، لَدَيكَ وَلا أَشواقُنا بِرَمائِمِ
وَهَذي دُموعي فيكِ مِن عَينِ ناثِرٍ، وَهَذا قَريضي فيكِ مِن فَمِ ناظِمِ
لِيَ النَوحُ حَقّاً لا مَجازاً بِرَبعِها وَسَجعُ القَوافي غَيرُ سَجعِ الحَمائِمِ
قصيدة ما العجب في خلق ذاك الخلق بالعجب
ما العُجبُ في خُلقِ ذاكَ الخَلقِ بِالعَجَبِ، لا تُنكِريهِ فَما لِلشَيبِ وَالشَنَبِ، قالَت بَكَيتُ دَماً زَكَّتهُ وَجنَتُها
فَقُلتُ قَد جِئتِ عَنّي بِالدَمِ الكَذِبِ، شَهِدتُ أَنَّ مِثالَ الشَهدِ مِن فَمِها وَأَنَّ في سِرِّهِ ضَرباً مِنَ الضَرَبِ
وَأَنَّهُ في مَذاقِ الثَغرِ مِن بَرَدٍ وَأَنَّهُ في مَذاقِ القَلبِ مِن لَهَبِ، لا تَعذِلوا الجَفنَ في صَوبَي دَمٍ وَكَرىً
لَو لَم يُصَب بِسِهامِ الجَفنِ لَم يَصُبِ، لا يَخدَعَنَّكَ في خَدَّيهِ ماءُ رِضاً، فَإِنَّ في قَلبِهِ ناراً مِنَ الغَضَبِ
وَما ذَكَرتُ لَيالينا الَّتي سَلَفَت، إِلّا بَكَيتُ بُدورَ الحُسنِ بِالشُهُبِ، لَأَبكِيَنَّ دَماً بَعدَ الدُموعِ لَها
وَقَلَّ تَشييعُ ذاكَ السِربِ بِالسَرَبِ، دَعني فَفي أَدمُعي غالٍ وَمُرتَخَصٌ، أَبكي عَلى مُذهِباتِ الهَمِّ بِالذَهَبِ
بَيني وَبَينَ النَوى مِن بَعدِكُم نُوَبٌ، العَيشُ مِن بَعدِها مِن جُملَةِ النُوَبِ، عَيشٌ حَلا وَخَلا مَن لي بِعَودَتِهِ
هَيهاتَ يا طَرَبي أَبعَدتَ في الطَلَبِ، إِنَّ اِشتِعالَ ضِرامِ الشَيبِ يُخبِرُني، بِأَنَّ غُصنِيَ مِمّا عُدَّ في الحَطَبِ
حَضَرتُهُ غائِباً عَنّي بِفِكرَتِهِ، عَجِبتُ مِنِّيَ لَم أَحضُر وَلَم أَغِبِ، إِذا أَغَرتَ عَلى قَلبي فَخُذ جَلَدي
وَنَومَ عَيني وَدَعهُ آخِرَ الطَلَبِ، وَهِمَّةُ الحُسنِ يَومَ القَتلِ عالِيَةٌ، مِن شأنِها طَلَبُ المَسلوبِ لا السَلَبِ
بَيني وَبَينَكَ فَاِحفَظهُ ذِمامُ هَوىً، وَقَد يُرَدُّ أَخيذُ العُربِ بِالحَسَبِ، لا تَقطَعوا سُبُلَ المَعروفِ لاحِبَةً
شَريعَةٌ أَسَّسَتها نَخوَةُ العَرَبِ، إِن كُنتَ تُنقِذُ نَفساً أَنتَ آخِذُها، فَالآنَ فَاِبكِ وُقوعَ النَفسِ في العَطَبِ
قَلبٌ تَغَرَّبَ مُغتَرّاً بِخادِعِهِ، فَهَل تَرِقُّ لِمُغتَرٍّ وَمُغتَرِبِ، إِذا تَذَكَّرَ رَوضاً مِن وِصالِكُمُ
بَكى عَلَيهِ بِما شِئتُم مِنَ السُحُبِ، سُحبٌ إِذا هَطَلَت في وَجهِهِ اِنقَشَعَت وَحَلَّتِ القَلبَ إِذ حَلَّتهُ بِالعُشُبِ
عُشبٌ إِذا كانَ قَلبُ الصَبِّ مُنبِتَهُ، أَعادَهُ حينَ عاداهُ إِلى التُرَبِ، سُقيتُمُ وَسَقى الدارَ الَّتي رُقِمَت
سُطورُها مِن قُلوبِ الوَجدِ في كُتُبِ، سَحابُ وادِقَةٍ صَخّابُ بارِقَةِ، مُبيَضَّةُ العَذبِ أَو مُحمَرَّةُ العَذَبِ
يَزيدُ لامِعُهُ وَالرَعدُ تابِعُهُ، وَجهُ الرِضا يَقتَفيهِ مَنطِقُ الغَضَبِ، يَقضي حُقوقَ لَياليهِ الَّتي وَجَبَت
فَكَم قَضَينَ لَنا حَقّاً وَلَم يَجِبِ، كانَ الفِراقُ عَلى جَدِّ الأَسى لَعِباً، فَفَرَّقَ الشَيبُ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
أَنهَضتَ يا دَهرُ عَمداً كُلَّ ذي أَرَبٍ، مِنّا وَلَم أَرَ بي نَهضاً إِلى أَرَبي، فَإِن طَمِعتُ فَما أَروَيتَ مِن بَحَرٍ
وَإِن قَنَعتُ فَما أَنقَعتَ مِن ثَغَبِ، أَنَلتَ غَيرِيَ ما يَهوى بِلا سَبَبٍ وَنِلتَني بِالَّذي أَخشى بِلا سَبَبِ
إِن أَخلَفَ الخِلفُ مِن مِصرٍ فَوا عَطَشي، إِن رُمتُ في حَلَبٍ ما رُمتُ مِن حَلَبِ
الجارُ ذو القُربِ وَالقُربى مُضَيِّعَةٌ، حَقوقَهُ ما يُرى في جارِها الجُنُبِ، تُبدي إِليَّ قُلوبٌ ما اِغتَرَرتُ بِها
وَذا هُوَ الماءُ فيهِ البَثرُ كَالحَبَبِ، وَقائِلٍ قَد قَطَعتَ الدَهرَ ذا تَعَبٍ، فَقُلتُ لي راحَةٌ في ذَلِكَ التَعَبِ
الرِزقُ كَالطَيفِ يَأتي كُلَّ ذي سِنَةٍ، أَو لا فَكالصَيدِ يَأتي كُلَّ ذي طَلَبِ، سَلوا المَطامِعَ يا أَهلَ المَطامِعِ هَل
أَشُدُّ لُبّي وَلا أُرخي لَها لَبَبي، أَشكو إِلى قَلَمي نارَ الهُمومِ وَيا ما أَصعَبَ النارَ إِذ تُشكى إِلى القَصَبِ
تِلكَ المَساعي أَراها غَيرَ مُثمِرَةٍ، فَاليَومَ لَيسَ سِوى الشَكوى إِلى القُضُبِ، سَلِ اللَيالِيَ هَل ثابَت عَوائِدُها
فَلَم أَثُب وَاِستَحاشَتني فَلَم أَثِبِ، وَهَل نَهَضتُ أَمامَ اليُسرِ مِن مَرَحٍ وَهَل جَثَمتُ وَراءَ العُسرِ مِن لَغَبِ
وَما مَدَحتُ الأَماني وَهيَ تَملَأُ لي، وَلا ذَمَمتُ زَماني وَهوَ يَفخَرُ بي وَما جَهِلتُ وَلَيسَ الجَهلُ مِن شِيَمي
أَن لا قَرابَةَ بَينَ الحَظِّ وَالأَدَبِ، وَلا نَسيتُ الَّذي في النَخلِ يَمنَعُني، مِن شِكَّةِ الشَوكِ عَن مَجنى جَنى الرُطَبِ
وَما اِرتِياحي أَميرٌ في يَدَي رَغَبٍ، وَلا اِرتِياعي أَسيرٌ في يَدَي رَهَبِ، ما سَرَّني وَفُنونُ العَيشِ ذاهِبَةٌ
مِلءُ الحَقائِبِ بِالمُملى عَلى الحِقَبِ، إِنّي وَقَولِيَ لا أَخشى تَعَقُّبَهُ، لا أَوَّلي بِيَ مَستورٌ وَلا عَقِبي
مَن مُخرِجٌ لِلمَعالي أَنَّها كُتِبَت، إِلّا لِذي كُنيَةٍ لِلقَومِ أَو لَقَبِ، إِنَّ الَّذينَ تُناديهِم عَلى كَثَبٍ
بانوا وَأَعمالُهُم تُبنى عَلى كُثُبِ، مِن كُلِّ مَن إِن يَجِد تَيهاءَ مُشكِلَةٍ، إِذا دَعاهُ إِلَيها الفِكرُ لَم يُجِبِ
وَهيَ القُلوبُ إِن اِستَكشَفتَ باطِنَها، فَكَالحِجارَةِ أَو أَقسى وَكَالقُلُبِ، هَبِ المَحَبَّةَ رِقّاً وَالمُحِبَّ لَكَم
عَبداً فَهَل يُؤمَنُ المُقصى عَلى الهَرَبِ، ما بَينَ طَعمَينِ فَرقٌ بَعدُ في فَمِهِ وَلَيسَ في الخَمرِ مَعنىً لَيسَ في العنب
أَعرِب أَحاديثَ قالوا في أَوائِلَها، لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
قصيدة وقفنا على قصر العزيز وقد عفا
وَقَفنا عَلى قَصرِ العَزيزِ وَقَد عَفا، نَعيبُ عَلَيهِ الدَهرَ لَمّا تَحَكَّما سَلامٌ عَلَيهِ مِن مُعَنّى مُعَتَّفٍ
وَقَلَّ لَهُ مِن صاحِبٍ أَن يُسَلَّما، بَكَيتُ لَهُ دَمعاً وَلَو كُنتُ مُنصِفاً، بَكَيتُ دَماً وَالدَمعُ ضَربٌ مِنَ الدِما
فَيا عَجَباً مِنّي وَمِنهُ فَإِنَّني خَرِستُ وَهَمَّ الرَبعُ أَن يَتَكَلَّما، مَنازِلُ كانَت لِلنُجومِ مَنازِلا
وَصارَت بِآفاقِ التَذَكُّرِ أَنجُماً، أَيا رَبعُ قل لي كَيفَ حالُكَ بَعدَ ما، تَفانَوا فَقالَ الرَبعُ لَم يَبقَ بَعدَ ما
تَأَخَّرتُ مِن بَعدِ الأَحِبَّةِ مُدَّةً، وَلَو أَنَّ لي أَمراً لَكُنتُ المُقَدَّما، لَئِن صِرتَ فَوقَ الأَرضِ أَرضاً فَرُبَّما
عَهِدناكَ مِن فَوقِ السَماءِ لَنا سَما، حَكَيتَ لَنا بِالأَمسِ عَنهُم حَقيقَةً، فَأَصبَحتَ أَنتَ اليَومَ ظَنا مُرَجَّما
عَزيزٌ عَلَينا أَن نَراكَ عَلى البِلى، تُراباً نَهى المَشغوفَ أَن يَتَيَمَّما، تَصَدّى لَهُ مَن لا يُراقِبُ حُرمَةً
وَمَن لَيسَ يَرعى لِلمَكارِمِ مَحرَما، فَيا هاشِمِيّاً أَعقَبوهُ بِهاشِمٍ، وَيا عَرَبِيّاً عاقَبوهُ بِأَعجَما
لَما ساءَني أَن تَرحَلَ الدارُ بَعدَهُم، إِذا ذَهَبَ الحامي فَلا بَقِيَ الحِمى وَلا تَنشُدَن أَوطانهُم بَعدَ يَأسِها
عَسى وَطَنٌ يَدنوبِهِم وَلَعَلَّما، وَلَم تَحتَسِب غَدرَ الزَمانِ تَقَلُّباً وَغَدراً فَمِمَّن في الكِرامِ تَعَلَّما
وَما هُدَّدَ البُنيانُ يا عَينُ وَحدَهُ، وَلَكِنَّهُ بُنيانُ قَومٍ تَهَدَّما، وَما عَلَّموا الدَهرَ الَّذي كانَ عَبدَهُم
عَلى غَدرِهِ هَل كانَ قِدماً مُعَلَّما، وَكَم قَد حَجَجنا فيكَ لِلمَجدِ كَعبَةً وَكَم قَد أَقَمنا فيكَ لِلحَمدِ مَوسِما
سَأَذكُرُ لِلأَيّامِ عُرساً بِدَهرِهِ، أَقامَ عَلَيهِ مِن لَياليهِ مَأتَما وَأَبدَت بِتَيتيمِ القَوافي وَيُتمِها
فَلا أَبعَدَ اللَهُ اليَتيمَ المُيَتِّما، إِذا سَحَبَت مِنهُ الرِياحُ ذُيولَها، غَدا عِطرُ ذاكَ التُربِ نَهباً مُقَسَّما
فَأَيُّ اِرتِياعٍ لِلرِياحِ شَكَت بِهِ، وَإِن قَسَّمَت غاراتُها مِنهُ مَغنَما وَما الأَرضُ أَهلا أَن تُرى دارَ دارِهِ
فَقَد بَوَّأَتهُ الريحُ داراً مِنَ السَما، كَأَن لَم تَكُن فيكَ السَعادَةُ طَلقَةً وَوَجهُ ظُباها باسِماً مُتَجَهِّما
وَلا صارَ ذاكَ البَهوُ مُلكاً مُحَجَّباً، وَلا جَرَّ ذاكَ الرَعبُ جَيشاً عَرَمرَما وَلا كانَ قَصدُ الوَفدِ غُرَّةَ كَوكَبِ
فَلَمّا بَدَت صَلّى عَلَيها وَسَلَّما، وَلَم يَستَكِفَّ النَيلُ مِنهُ سَماحَةً وَلَم يَستَخِفَّ الحِلمُ مِنهُ المَقَطَّعا
وَلَم يَكفِهِ الإِعظامُ أَن يَتَعَظَّما، وَلَم تُغنِهِ الأَحلامُ أَن يَتَحَلَّما، وَلَم يُعطِنا لا عَن رَجاءٍ وَخيفَةٍ
وَلَكِن يَراهُ حُرمَةً وَتَحَرُّما، كَذا الكَرَمُ المَوجودُ في الطَبعِ فَضلُهُ وَفي الناسِ مَن أَن جادَ، جادَ تَكَرُّما
شِمِ الوَجهَ بَدراً وَاليَمينَ سَحابَةً، تَرَ الحِلمَ طَوداً يَتبَعُ العَزمَ ضَيغَما، وَقُم في دِيارٍ قَد حَلَت بِقِيامِهِ
فَناجِ بِها ديناً مِنَ الوُدِّ قَيِّما، وَقُل يا دِيارَ الظاعِنينَ بِرَغمِنا وَعَهدِكِ أَن أَضحى لَكِ الدَهرُ مُرغِما
ذَماؤُكَ فيها لا دِماؤُكَ فَاِنتَصِفُ، وَإِلّا فَكُن مِن ذَمِّها مُتَذَمِّما، خُذوا أَدمُعي عِقداً نَثيراً فَطالَما
نَظَمتُ لَهُ النَعماءَ عِقداً مُنَظَّما، أَمالِكَها إِن كانَ دَهرُكَ ناقِصاً، بِمُلكِكَ إِنّي قَد تُرِكتُ مُتَمِّما
وَما نَظَرُ الإِنسانِ دُنيا يُحِبُّها، وَلَيسَ لَهُ فيها حَبيبٌ سِوى العَمى، أُعَلِّلُ نَفساً لا سَقِمتَ سَقيمَةً
بِظَنٍّ غَداً مِنها أُدَقَّ وَأَسقَما، وَأَقنَعُ بِالآمالِ مِنكَ كَواذِباً، فَلا أَخلَفَ اللَهُ المُرَجّي المُرَجِّما
وَإِنّي لَمَلآنُ الفُؤادِ عَزائِماً، لَو أَنّي وَجَدتُ اليَومَ لِلرَأيِ مَعزَما، أَهُمُّ بِما لَو كانَ فيهِ مُساعِدٌ
لَما سُمتُهُ قَبلي بِأَن يَتَقَدَّما، يُهَدِّدُني دَهري بِصَرمِ مَطامِعي وَما زِلتُ لِلخِلِّ المُصارِمِ أَصرَما
فَإِن أَشكُ داراً جاوَرَتني بِظالِمِ، ظَلَمتُ وَكُنتُ الظالِمَ المُتَظَلِّما، إِذا الرِزقُ لَم يُسلِم إِلَيكَ زِمامَهُ
فَلا نُعمِلَن إِلّا المَطِيِّ المُزَمِّما، فَشُدَّ السُرى أَن أَرسَلَ اللَيلُ عَقرَباً، وَكُرَّ الكَرى أَن أَرسَلَ السَوطَ أَزقَما
فَقاطِع بِنا أَبناءَ حَوّا وَآدَمٍ، وَواصِل بِنا آلَ الجُدَيلِ وَشَدقَما، وَعَمَّن بِمَن لي أَنتَ وَيحَكَ سائِلٌ
وَمَن ذا الَّذي عَنهُ سَأَلتَ بِغَيرِ ما عَلى خَطَرٍ مِن خَطرَةٍ في فُؤادِهِ، نَهَتهُ عَنِ العَذبِ الزُلالِ مَعَ الظَما
قصيدة وفر سهامك قد أصبت مقاتلي
وَفِّر سِهامَكَ قَد أَصَبتَ مَقاتِلي وَاِغضُض جُفونَكَ قَد عَرَفتَ مَخاتِلي، ما أَنكَرَت نَفسُ القَتيلِ مُصابَها
بَل أَنكَرَت غَضَباً بِوَجهِ القاتِلِ، أَنتَ الحَبيبُ بِعَينِهِ فَإِذا بدا، وَجهُ الصَباحِ فَأَنتَ عَينُ العاذِلِ
وَلَقَد كُفيتُ العَذلَ فيكَ لِشيمَةٍ، غَضَّت لِحاظَ الأَشوَسِ المُتَخايِلِ، وَإِذا عَذَلتَ فَما ظَفِرتَ بِسامِعٍ
وَإِذا سُمِعتَ فَما ظَفِرتَ بِقائِلِ، لا أَشتَكي دَهراً تَميلُ صُروفُهُ، فَكَم الشِكايَةُ مِن قَضيبٍ مائِلِ
أَشَكَرتُهُ في يَومِ نَغبَةِ راشِحِ، وَأَذُمُّهُ مِن بَعدِ ديمَةِ وابِلِ، ما كانَ يُعلى ناظِري وَيَغُضُّهُ
بِشرُ الكَريمِ وَلا عُبوسُ الباخِلِ، وَأَصونُ آمالي صِيانَةَ مَن يَرى، عُرفَ المُؤَمَّلِ دونَ شُكرِ الآمِلِ
أَمّا وَصَدرُ الدينِ مَورِدُ هيمِها، فَعَلَيهِ مَصدَرُها بِرَؤِّ الناهِلِ، وَإِذا ظَفِرتَ بِرَأيِهِ وَبِرَيِّهِ
أَمِنَت مُناكَ بِهِ خُمولَ الخامِلِ، يَمَّتُهُ فَعَقَدتَ نِيَّةَ قاطِنٍ، أَوصافُهُ يَعقِدنَ نِيَّةَ راحِلِ
آنَستُ نوراً مِن جَلالَةِ وَجهِهِ، حَلّى تَريبَةَ كُلَّ يَومِ عاطِلِ، تِلكَ اليَدُ البَيضاءُ إِلّا أَنَّها
مِن طِرسِها حَيَّت بِسِحرٍ بابِلي، فَلَبِثتُ مِنها في أَوارِ هَواجِر، ما رُدَّ روحي في ظِلالِ أَصائِلي
جاءَت بِشِكَّةِ كُلِّ مَعنىً مُعجِزٍ، وَأَتَت بِشَوكَةِ كُلِّ لَفظٍ هائِلِ
رَدَّدتُها بَل خِفتُها فَرَدَدتُها وَالغَدرُ بادٍ عِندَ دَمعِ الصائِلِ
قصيدة جنابك منه تستفاد الفوائد
جَنابكِ منه تُسْتَفَادُ الفَوائدُ ولِلناسِ بالإحسَانِ منكِ عوائدُ، فَطُوبَى لِمنَ يَسْعَى لِمَشْهَدِكِ الذي تكَادُ إلى مَغْنَاهُ تَسْعَى المشَاهِدُ
إذَا يمَّمَتْهُ القاصِدُونَ تَيَسَّرَتْ، عليهمْ وإن لم يسألوكِ المقَاصدُ، تحَقَّقَتِ البُشْرَى لَمِنْ هُوَ رَاكِع، يُرَجّي به فضلاً وَمَنْ هُوَ ساجِدُ
فعَفَّرَتِ الشُّبانُ وَالشَّيبُ أوْجُهاً، بهِ والعَذارَى حُسَّرٌ والقَواعِدُ، هُوَ المَنْهَلُ العَذْبُ الكَثِيرُ زِحامُهُ، فَرِدْهُ فمَا مِنْ دُونِ وِرْدِكِ ذائدُ
أَتيْتُ إليه والرَّجاءُ مُحَلّأٌ، فما عُدْتُ إِلَّا والمُحَلَّا وَارِدُ، فيا لَكَ مِنْ يَأْسٍ بَلَغْتُ بِهِ المُنَى وعُسْرٍ لأَقْفَالِ اليسَارِ مَقالِدُ
أَلَذُّ مِنَ الماءِ الزلالِ مَوَاقِعا، عَلَى كَبِدِ الظَّمْآنِ وَالماءُ بارِدُ، سَلِيلَةَ خَيْرِ العالَمِينَ نَفيسَة، سَمَتْ بِكِ أعراقٌ وطابَتْ محائِدُ
إذا جُحِدَتْ شمسُ النَّهارِ ضِياءها، فَفَضْلُكِ لم يَجْحَدهُ فِي الناسِ جاحِدُ، بآبائِكِ الأطهارِ زُيِّنَتِ العُلا
فحَبَّاتُ عِقْدِ المَجْدِ منهم فَرائِدُ، وَرِثْتِ صفاتِ المصطفى وَعلومَهُ، فَفضْلُكُمَا لولا النُّبُوَّةُ واحِدُ، فلم يَنْبَسِطْ إلَّا بِعِلْمِكِ عالم
وَلم يَنْقَبِضْ إلَّا بِزُهْدِكِ زاهِدُ، مَعارِفُ ما يَنْفَكُّ يفضي بِسِرِّها، إلى ماجِدٍ مِنْ آلِ أحْمَدَ ماجِدُ، يُضيءُ مُحيَّاهُ كأنَّ ثَنَاءَهُ
إلى الصُّبْحِ سارٍ أوْ إلى النَّجْمِ صاعدُ، إذا ما مَضى منهم إِمامُ هُدىً أتى إِمامُ هُدىً يَدْعُو إِلى اللَّهِ رَاشِدُ
تَبَلَّجَ مِنْ نور النُّبُوَّة وَجْهُهُ، فمنه عليه للعُيُون شوَاهِدُ، وفاضَتْ بِحَارُ العِلْمِ مِنْ قَطْرِ سُحْبِها، عليه فطابَتْ لِلورادِ المَوارِدُ
رَأى زِينَةَ الدُّنيا غُروراً فعافَها، فليس له إلا عَلَى الفضلِ حاسدُ، كأنَّ المعالى الآهلات بِغَيْرِهِ، رُبوعٌ خَلَتْ مِنْ أهلِها وَمَعاهِدُ
إِذَا ذُكِرَتْ أَعمالُه وَعُلومُه، أقَرَّ لهَا زَيْدٌ وَبَكْرٌ وَخالدُ وَما يَسْتَوِي في الفضلِ حالٍ وَعاطِلٌ وَلا قاعِدٌ يومَ الوغَى وَمجاهِدُ
فَقُلْ لِبَنِي الزَّهْراء والقَوْلُ قُرْبَةٌ، يَكِلُّ لسانٌ فيهِمُ أوْ حصائدُ، أحَبَّكُمُ قلبي فأصبحَ مَنْطِقِي، يُجادِلُ عنكم حِسْبَةً وَيُجالدُ
وَهل حُبُّكُمْ لِلنَّاسِ إِلَّا عَقِيدةٌ، عَلَى أُسِّهَا في اللَّهِ تُبْنَى القَواعِدُ وإنَّ اعتقاداً خالياً منْ مَحَبَّةٍ وَوُدٍّ لكمْ آلَ النبيِّ لفاسِدُ
وإني لأَرْجُو أن سَيُلْحِقني بِكُمْ، وَلائي فَيَدْنُو المَطْلَبُ المُتَبَاعِدُ، فإِنَّ سَراةَ القَوْمِ منهم عَبِيدُهمْ
وإنَّ حُرُوفَ النُّطْقِ منها الزوائِدُ، فَدَتْكُمْ أُناسٌ نازَعُوكُمْ سِيَادةً، فلم أدْرِ ساداتٌ هُمُ أَمْ أسَاوِدُ
أرادوا بكم كَيْدَاً فكادوا نُفُوسَهُمْ، بكم وعَلَى الأَشْقَى تَعودُ المكايِدُ، فإنْ حِيزَتِ الدُّنيا إليهمْ فإنَّ مَنْ نَفَى زَيْفَهَا سَلْماً إليهم لناقِدُ
ولو أنكم أبناؤُها ما أبَتْكُم، ما كانَ مَوْلودٌ لِيأْباهُ وَالِدُ، إذَا ما تَذَكَّرْتُ القضايا التي جرتْ، أُقِضَّتْ عَلَى جَنْبَيَّ منها المَراقِدُ
وجَدَّدَتِ الذِّكْرَى عَلَي بَلابِلاً، أُكابِدُ منها في الدُّجَى ما أُكابِدُ، أفِي مِثْلِ ذاكَ الخَطْبِ ما سُلَّ مُغْمَدٌ ولا قامَ في نَصْرِ القَرَابَةِ قاعِدُ
تعاظمَ رُزْءاً فالعُيُونُ شواخِصٌ، لهُ دَهْشَةً وَالثَّاكِلاتُ سَوَامِدُ وطُفِّفَ يومَ الطَّفِّ كَيْلُ دِمائكم، إذ الدَّمُ جارٍ فيه والدَّمْعُ جَامِدُ
فيا فِتْنَةً بعْدَ النبيِّ بها غَدا، يُهدمُ إيمانٌ وتُبْنَى مساجدُ، وما فتِنَتْ بعدَ ابنِ عِمْرَان قَوْمُهُ، بما عَبَدُوا إِلَّا لِيَهْلِكَ عَابِدُ
كذاكَ أَرادَ اللَّهُ منكُمْ ومِنْهمُ، وليس له فيما يُريدُ مُعانِدُ وَلو لمْ يكنْ في ذَاكَ مَحْضُ سعادةٍ، لكم دونَهمْ لَمْ يُغْمِدِ السَّيْفَ غامدُ
وَأَنتُمْ أُناسٌ أُذْهِبَ الرِّجْسُ عنهمُ، فليسَ لهم خَطْبٌ وإنْ جَلَّ جاهِدُ، إذا ما رَضُوا للَّهِ أو غَضِبُوا لهُ، تَسَاوَى الأَدَانِي عندَهم والأباعِدُ
وسِيَّان مِنْ جَمْرِ العِدَا مُتَوَقِّدٌ، عَلَى بَهْرَمَانِ الصِّدْقِ منكم وخَامِدُ وفَدْتُ عليكم بالمَدِيحِ وَكلُّكم، عليه كتابُ اللَّهِ بالمَدْحِ وَافِدُ
وَقد بيَّنتْ لِي هلْ أتَى كَمْ أتَى بهَا، مكارمُ أخْلاقٍ لكم وَمَحَامِدُ، فَلَوْلا تَغضيكم لنا في مديحِكم، لَرُدَّتْ علينا بالعيوبِ القصائدُ
وَلَمْ أَرْتَزِقْ مِنْ غَيْركُمْ بِتِجَارَةٍ، بَضَائِعُهَا عند الأَنامِ كواسِدُ، عَمَدْتُ لِقَوْمٍ منهم فكَأَنَّنِي، عَلَى عَمَدٍ لا يَرْجِعُ القَوْلَ عَامِدُ
أَأَطْلُبُ مِنْ قَوْمٍ سِواكُم مُسَاعِداً، وقد صَدَّهم حِرْمانُهُمْ أنْ يُسَاعِدُوا وَمَنْ وَجَدَ الزَّنْدَ الذي هُوَ ثاقِبٌ، فلنْ يَقْدَحَ الزَّنْدَ الذي هوَ صالِدُ
وحَسْبِي إذَاً مَدْحُ ابْنَةَ الحَسَنِ التي، لها كَرَمٌ مَجْدٌ طَرِيفٌ وَتَالِدُ، وَإني لمُهْدٍ مِنْ ثَنائي قلائداً، إليها حلالٌ هَدْيُها والقلائدُ
هِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى هيَ الرُّتَبُ العُلا، هِيَ الغايَةُ القُصْوَى لِمَنْ هُوَ قاصِدُ، كأنّي إذا أنشَدْتُ في الناسِ مَدْحَها
لِمَا ضلَّ منْ ذِكْرِ المَكَارِمِ ناشِدُ، أَسَيِّدَتي ها قد رَجَوْتُكِ مُعْلِناً، بمَا أَنَا مِنْ دُرِّ المناقِبِ نَاضِدُ، وَأَعْيُنُ آمالي إليكِ نواظِرٌ
بِمَا أَنَا مِنْ عاداتِ فضلِكِ عائدُ، وَمَا أجْدَبَت قَوْمٌ أتى مِنْ لَدُنْهُمُ، لِمَرْعَى الأماني مِنْ جنابِكِ رائدُ
ولولا نَدَى كَفَّيْكِ ما أخضر يابِسٌ، وَلا اهتَزَّ مِنْ أَرْضِ المكارِمِ هامِدُ، إلَى اللَّهِ أَشْكُو يا ابنَةَ الحَسَنِ الذي
لَقِيتُ وَإني إنْ شكَوْتُ لحامدُ، وما لِيَ لا أَشْكُو لآلِ مُحَمَّدٍ، خُطُوباً بها ضاقتْ عليَّ المراصِدُ
ومَنْ لصُرُوفِ الدَّهْرِ عَنِّيَ صارفٌ، ومَنْ لهُمُومِ القَلْبِ عَنِّيَ طارِدُ، تَسَلَّطَ شَيْطَانٌ مِنَ النَّفْسِ غَالِبٌ
عَلَيَّ وَشَيْطَانٌ مِنَ البؤْسِ مارِدُ، فيا وَيْحَ قَلْبٍ ما تَزَالُ سماؤُهُ، بها لِشَياطِينِ الخُطُوبِ مقاعِدُ
فيا سامِعَ الشَّكْوَى وَيَا كاشفَ البَلا، إذَا نَزَلَتْ في العالَمِينَ الشَّدَائِدُ، وَيا مَنْ هَدَى الطِّفْلَ الرَّضِيعَ وَلَمْ تَؤُب
إليهِ قُوَى عَقْلٍ وَلا اشْتَدَّ ساعِدُ، وَيا مَنْ سَقَى الوَحْشَ الظِّماءَ وَقد حَمَتْ، مَوَارِدَهَا مِنْ أَنْ تُنالَ المَصَايدُ
وَيا مَنْ يُزَجِّي الفُلْكَ في البَحْرِ لُطْفُهُ، وهنَّ جوَارٍ بَلْ وَهُنَّ رَوَاكِدُ وَيا مَنْ هُوَ السَّبْعَ الطَّوَابقَ رَافعُ
ومَنْ هُوَ لِلأَرْضِ البسيطةِ ماهِدُ، وَيا مَنْ تُنَادينا خَزَائِنُ فضلِهِ، إلى رِفْدِهِ إِنْ أَمْسَكَ الفضلَ رافِدُ
فلا البابُ من تِلْكَ الخزائن مُغْلَقٌ، وَلا خَيرَ مِنْ تِلْكَ الخزَائن نافِدُ، دَعَوتكَ مِنْ فَقْرٍ إليك وَحاجةٍ
وَكلٌّ بما يَلْقَاهُ لِلصَّبْرِ فاقِدُ، وَأَفضَتْ بما فيها إليكَ ضَمَائِرٌ، وأنتَ عَلَى ما في الضَّمائرِ شاهدُ
دَعَوْنَاكَ مُضْطَرين يا رَبِّ فاسْتَجِبْ، فإِنّكَ لم تُخْلَفْ لَدَيْكَ المواعِدُ، فَلَيْسَ لَنَا غوْثٌ سِوَاكَ وَمَلْجَأٌ
نُراجِعُهُ في كَرْبِنَا وَنُعاوِدُ، فَقَدِّرْ لنا الخيرَ الذي أنتَ أهلُهُ، فما أَحَدٌ عَمَّا تُقَدِّرُ حائدُ
وَصَفْحاً عنِ الذَّنبِ الذي هوَ سائقُ، لِناركَ إِلَّا إنْ عَفَوْتَ وَقائدُ، وَصلْ حَبْلَنَا بالمصطفى إِنَّ حَبْلَهُ
لنا صِلةٌ يَا رَبِّ منكَ وعَائدُ، عليه صلاةُ اللَّهِ ما أُحمِدَ السُّرَى، إليه وَذَلَّتْ لِلْمَطِيِّ فَدَافِدُ