أجمل قصائد المنتجب العاني مكتوبة كاملة

  • تاريخ النشر: الإثنين، 18 مارس 2024
مقالات ذات صلة
أجمل قصائد كامل الشناوي مكتوبة كاملة
أجمل قصائد البحتري مكتوبة كاملة
أجمل قصائد أبو نواس مكتوبة كاملة

الشاعر أبو الفضل محمد بن الحسن الخديجي المضري والمعروف باسم المنتجب العاني، هو شاعر علوي، عاش في العصر العباسي وتأثَر في نظم شعره بأسلوب الشريف الرضي والمتنبي، وشعره وجداني صوفي، تناول مدح آل البيت والفخر والرثاء والغزل. وفي هذا المقال نستعرض أجمل قصائد المنتجب العاني مكتوبة كاملة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

قصيدة يميناً بها إن كنت للصب مُسعِدا

هذه واحدة من أشهر قصائد المنتجب العاني المعروفة وتقول:

يميناً بها إن كنت للصبّ مُسعِدا، لنندبَ مغنىً من سعادِ ومعهدا، فما أنا بالمشتاق إن كنتُ لم أَجبْ
دواعي الهوى طوعاً وأعصِ التجلّدا، فقف عاذلاً أو عاذراً أو أخا جوىً، مشوقاً حزيناً أو معيناً ومُنجدا
فلا غرو إن آسى الخليلُ خليلَهُ، وأمسى كما أمسى السليم مسهّدا، ديارَهمُ لا غيَّرتك يَدُ البلى
ولا زال رَبعُ الأمنِ مِنكِ مُجدّدا، لقد كان لي في ظلّ ربعكِ ظبيةً، تُعلّم غُصن البانِ أن يتأوّد
إذا برزت والبدر قلت تجارياً، إلى أمدٍ أو جاوزته إلى المدى، دنَتْ فدنا عيش الرّخا وتباعدتْ
فجدْ سروري بالتنائي وأبعدا، ولانت إلى أن خلتها الخمرَ رقّةٌ، وصدّت إلى أن قلتها الصَّخر جلمدا
أقامت على دين الصُّدود وحرُّمتْ، بلا سببٍ أن تضرِب الدهر موعدا، ولذّ لها تيه الصبّا فتقاعدتْ
وبي من هواها ما أقام وأقعدا، سألفتُ وجه الشوقِ عنها إلى فتىً، لكسب المعالي والثناء تعوّدا
لأصبح في مدحي له متفرّد، كما أنّه بالمكْرُمات تفرّدا، وألقى بها الخطب الملمَّ وحادثاً
رماني بصرف النائبات فأقصدا، فمن مبلغ الدّهر المسيء بأنّني لقيتُ حليف المكْرمُات محمّدا
فأبصرتُ غيثاً بالفضائل هاتناً، وشاهدتُ ليثاً في البسالة أصيدا، فأصبح يومي أبيضاً بلقائه
وقد كان يومي قبل لقياه أسودا، بداني بأخلاقٍ عذابٍ ولم يزل، يلاطفني بالقول فضلاً وسؤددا
وأنشأ حديثاً خلتُهُ الرَّوض ناجماً، بترصيع لفظِ كالجمان منضَّدا، فجلتْ بطرفِ الفكرِ طوراً مصوّباً
إلى الأرض إجلالاً وطوراً مُصعَدا، فلم أرَ إلاّ يقظةً ونباهةً، تكيد مناويه ورأياً مُسدّداً
خديجي أضحى بالتقى متجلبباً، وأمسى بتوفيقِ الإله مؤيّدا ونحنُ بنو عمٍّ نُسرُّ أصادِقاً
ونرغمُ أعداءَ ونكبت حُسَّدا، فلمّا وعى عن هالت الخير ما وعى وأصبح في علم الدّيانة أوحدا
وتابَعَ آباءٌ كِراماً ولم يكُنْ على رأيِ فيما يراهُ مُقلّدا وأوغلَ في بحرِ التبحّرِ غائصاً
يحاول إبكار المعاني تصيّدا، ولم يتبع القوم الذين تهافتوا وقالوا بتبعيضٍ وآخر جسد
ولم يرَ جسماً حلّ فيه كما رأوا، ولا عرضاً في جوهرٍ راح واغتدى ولكن رأى أنّ الإله تعاظمت
معانيه عنْ حصرٍ وعنْ أنْ يحدّدا، تجلّى لأبصار البرايا بصورةٍ، مُمثّلةٍ بالذّرءِ كان بها بدا
ترأوهُ بها يوم الأظلّة ظاهراً، فمجَّدَهُ بالحقِّ من كان مجدّا وقال لهم جهراً ألستُ بربّكم
فقالوا: بلى، أضحى لك الكلُّ عُبَّدا، وقد كان أبدا الميمُ من نورِ ذاتهِ، فخرّت له الأملاكُ من قبل سُجَّدا
حجاباً أشار العارفون بسرّهم، إليه وعقلاً بالهداية أرشدا، دعاهُ العليّ الشأن فينا محمداً
وكان دعاه في السماوات أحمدا، هو البيت والعرش المكين لعارفٍ وأول نورٍ كان لله وَحْدّا
سقى طالبيّ الرُّشدِ كأساً على ظمأ، فهذا انتشى سُكراً وآخر عربدا وأخْرَجَنا من عالمِ الكون والفنا
نردَدُ في الأطوار عوداً ومبتدأ، وكرّر آيات الظُّهور مُذكِّرا، بما كان من إقرارنا ساعة النّدا
فذو العلم والإيمان زاد تيقّناً، وذو الجهلِ والإنكار زاد تمرُّدا وكلِّ على قدرِ الأصول فمنهُمُ
خبيثٌ ومنهم طيّبٌ طاب مولدا، وها نحن في الأجسادِ يشقى أخو الشقا ويُسعدُ فيها من لهُ الله أسعدا
يباين هذا فعلُ هذا تناقضاً ويُصلحُ هذا ما لهُ ذاك أفْسَدا ويخمدُ زيدٌ ما له عمرو مضرمٌ
ويضرمُ عمروٌ ما له زيدُ أخمدا وذا فاتَكٌ في مذهب الغيّ سالكُ وذا ناسكٌ يُبدي تُقىً وتودّدا
وعزٌّ وذلٌّ، وافتقار، وثروةٌ وجهلٌ وعلمٌ نقعُهُ ينفيَ الصدَّى إلى أن ترى منكَ اللطيفَ مفارقاً
كثيفاً به قد كان أضحى مقيّدا، هناك يعودُ الجنسُ طالبَ جِنسهِ، فمنْ متهمٍ يمضي منافيه مُنجدا
فأرضيُّها يبقى مع الأرض ماكثاً، وعلويُّها يبغي السماوات مُصْعدا وما الناسُ إلاَّ اثنان: هو أخو هُدى
وهذا الغيٍّ في الضلالِ تردّدا، فكن زارعاً ما أنتَ حاصدة غداً، فما زرعَ الزّارعُ إلاّ ليحصُدا
ولا تبغِ في الأرضِ الفسادَ ولا تكُنْ لك الخيرُ: ممّنْ لجَّ في الظُّلم واعتدى ولا تحسبنَّ المالَ خَلَّدَا أهلَهُ
فمن ذا الذي أضحى بمالِ مُخلّدا، إذا المرءُ لم يُكرم صديقاً ولم يُهِنْ عدوّاً ولم يُصبحْ عن الذمّ مُبعدا
فذاكَ كغيم ظَلَّلِ الشمسَ خُلَّبٍ، أقام بلا نفعٍ وإن كان مُرعِدا ومن لم يبرُّ الأصدقاء بمالِهِ
ويوسِعُ إخوانَ الصفاءَ تودُّدا، فلا حاجةً فيه وفي جمع مالهِ ولو ملأ الدنيا لُجيناً وعسجداً
وما المالُ إلا أن تسرَّ ببذلِهِ، صديقاً صَفيّاً أو تصُدَّ به العدى ولا الدّين إلاّ تركِكَ الشّرُّ والأذى
ودفعك بالمعروفِ عن خلِّكَ الرّدى، أصولٌ دقيقاتُ المعاني غوامضٌ، فطوبى لمن تلكَ المعاني تصيَّدا
وعى سرَّها حلفُ المعالي ابن كاملٍ وأوضحها للتابعين ومهَّدا وسارَ على النَّهج القويمِ ولم يكُنْ
كمَنْ لم يُرِدْ عن مذهب الحقِّ موردا، أما والقلاص الناجيات ضوامراً، تشقُّ جلابيبَ الدجَّنةِ سُهّدا
إذا جاوزت في أوّل اللّيلِ فدفدا، تلقَّت بأرقالٍ مع الصُّبحِ فدفدا، يرنَحها شوقٌ إلى أيمن الحمى
ويُطربُها حادٍ بذكرِ الغَضَا حَدا، إذا جعلتْ نجمَ الثريَّا أمامها، تخلّف جديا عن يسارٍ وفرقدا
تؤمُّ منىً والبيتَ والحرمَ الذي له كان إبراهيمُ منْ قبلُ شيّدا، حواملُ أنضاءِ من الشّوقِ لم يَروا
سوى الغايةِِ العُظمى رجاءً ومَقْصَدا، نَضَوْا هِمَم الدّنيا الدنيئة واغتدوا وليدهمُ والكهلُ فيها مجردّا
وكلُّ فتىً منهمْ حليفُ عزيمةٍ، يفلُّ بها السيفَ الحسامَ المهنّدا، سقتهم يدُ اللاّهوت في الذرء شربةً
حلاوتُها تبقى مع الدَّهر سرمدا، يميناً محقاً إنَّ حبّ ابن كاملٍ، نفى النومَ عن جفني القريح وشرّد
أظلُّ بها حلفَ الغرام مولّهاً، وأمسى بنارِ الاشتياقِ مُوسَّدا وأُتْلَفُ شوقاً نَحوهُ وصبابة
وأظهرْ صبراً للعدى وتجلّدا، وكنتُ عهدتُ الدَّمعَ من قبل أبيضاً فقد صار من طولِ البُكاءِ مورّدا
حنينٌ يذيب الرَّاسيات وزفرةً، أبت في حواشي القلبِ إلاّ توقُّدا، ولم لا يهيمُ القلب منه صبابةَ
ويصبح عقدُ الدَّمع منّي مُبدّدا وقد كانَ صرفُ الحادثاتِ مهدّدي، فصرتُ بهِ للحادثات مُهدّدا
جوادٌ أعارَ المزنَ جُوداً وماجدٌ، حوى ذروة العلياء كهلاً وأمردا، هو البدرُ نوراً والنجومُ فضائلاً
هو الطّودُ حلماً بل هو البحر مُجتدى، كريمٌ أبى إلاّ التفضّل في العُلى ولو لامهُ فيه العذولُ وفنّدا
سأنشرُ عنه الشكرَ عليّ أن أكن، بشكري لما أولاه متخذا يدا وأتحفه منّي بنظمٍ قصائدٍ
يزرن مغانيهِ مع الشّوقِ قُصّدا، بناتُ قوافٍ يُطربُ السمعَ وقعُها ويذهلُ ألبابَ الورى من بها شدا
عرائسُ كالغيد الحسانِ عوائقٌ، يمسْنَ كما مِسن الكواعبُ خُرّدا، حوينَ المعاني الراتقات كما حَوَتْ
نحورُ الغواني لؤلؤاً وزَبَرجدا، سلكن من الألفاظ ما كان رانقاً، جميلاً وجانبنَ الكلامَ المُعقَد
وإنّي نميريٍّ على العهد لم أزل لما قصدوا أهل التُّقى متقصّدا، أدينُ بما دانوا وأرضى بما رضوا
وأشنا لمن شناهُمُ معتمَدا، ألين لهُمْ حُبّاً وأخضعُ طائعاً وأغدو على أعدائهم متشدّدا
عرفتهم في الذرو قدماً وإنني على حبهم أرعى الوداد المؤكّدا وإنّي تزودت الولاء لحيدرٍ
وذلك أزكى ما به المرءُ زوّدا، وأصفيتُ ودّي للسّراج ابنِ كاملٍ وإخوانه أهل الفضائل والندى
له ولهُم مني الثناء مواصلاً، كما أنني من كل سوءِ لهم فدى
عليهم سلامٌ طيّبُ النشرِ ما بدَا، صباحٌ وما غَنَّى الحمامُ وغرّدا

قصيدة أدرها فعمر الدجى قد ذهب

أدرها فعمرُ الدُّجى قَدْ ذَهبْ، مشعشةً مثل لونِ الذَهبْ ودَعْ مَنْ بجهلِ عليها عَتَبْ
وسلّ من الدَّنِ ذاتِ اللَّهَ بْلتحي السرور بها والطرَّبْ فما لذّةُ العيشِ إلاّ المدامُ
تحتُّ بطاسٍ وكأسِ وجامْ، يطوف بها رائقُ الابتسامُ
لطيفُ التثّني رشيقُ القوامْ، لذيذُ المقبَّلِ عذبُ الشَنَبْ، بديعُ الجمالِ رَخيمُ الدَّلالْ
بلحظٍ يُغازلُ لحظَ الغزالْ، إذا ماس بالكأسِ عُجباً ومالْ
يُريكَ قضيباً علاهُ هلالْ، ينقَط شمس الضُّحى بالحَببْ
تملّكني فغرامي الغريمْ وولّى اصطباري ووجدي مُقيمٌ، بطرّة شعرٍ كليلٍ بهيمْ
ولمعة ثغرِ كدرٍّ نظيمْ وخمرةُ ريقٍ حكاها الضَرَبْ، فما الانتظار ببنتِ الكرومْ
فكم ذا الرّقاد انتبه يا نؤوم، وفكَ عن الدنّ تلك الختومْ وداوِ بشربِ الحميّا الهمومْ
فلا تحزنَّن زمانَ السُّرورْ، فإنَّ الدوائِرَ وشكاً تدورْ وتحدثُ بعد أمْورٍ أُمورْ
فما غفلةُ المرءِ إلاَّ غرور إذا كانَ داعي الرَّدى بالطَّلَبْ، فبادرْ بها العيش قبلَ الفَواتْ
فكلَّ الليالي أرى أخواتْ، فما هو آتٍ فلا بدّياتْ، خذْ من حياتِكَ قبلَ المماتْ فلذّةُ عيشِ الفتى تُنتهبْ
وشعشعْ كؤوسَكَ بالخندريسْ وزفَّ الحبيسةَ بنتَ الحبيسْ فمثل سروري وأين الجليسْ
فما للنفيسة إلاّ النّفيس وما للعُلى غير أهل الرّتبْ، كمنصور ربّ البها والنهّى
ومن قدرهُ حلَّ فوق السُّهىَ، فتىً عن مكارمهِ مالَها، رأيتُ إلى جودِهِ المُنْتهى فوافقته بالرّضى والغضبْ
هو الأريحيُّ التقي الوفيُّ، هو الأروعُ الماجدُ اللوزعيُّ، سليلُ المعالي النقيُّ الزّكيُّ
ومن لم يزلْ طائعاً للعليّ ومُبْلي محاربَهُ بالحَرَبْ، فلمّا أتى منهُ نظمُ القريضْ
تأملتُ زهراً بروضٍ أريضْ ورقّة لفظ تداوي المريضْ
وفصل خطابٍ طويلٍ عريضْ وعتباً بدا ما له من سبّبْ، فإن ظنَّ أني أصافي سواهُ
وأنسى الوداد وأبدي قلاهْ وأبذل ودّي لمن قد جفاهُ
فذاك الذي أبداً لا يراهُ ولو جرّعوني كؤوس العطبْ، فيا من تملّك منّي القيادْ
علامَ ومن أين أنسى الودادْ وأنت محلّ المُنى بالفؤادْ
وأنت السخيّ الوفيّ الجوادْ ونيلك مخجلُ غيثِ سكبْ وإني لراضٍ بما ارتضيتْ
فلا تكثرنّ فقد اكتفيتْ ولا تنضجنَّ إذا ما كويتْ
فإنّ سلامي على منْ عنيتْ سلام امرئٍ حافظٍ للسبّبْ، عليَّ بحفظِ التُّقى والهُدى
وأن أجعل الخلّ لي سيّداً، وأرضي صديقي بسخطِ العِدى، فلستُ أبالي بمن اعتدى
فسامح أخاكَ إذا ما هَفا ولِنْ إنْ قَسا ثمَّ صِلْ إن جَفا وإن زلَّ كُنْ أنتَ ممّنْ عفَا
وإن دانَ بالغدرِ دِنْ بالوفا وكلّ يُجازى بما يكتَسبْ، فمن ذا الّذي ما أسا في الأنامْ
ومن ذا الذي ما عليه ملامْ ومن ذا الذي ما توحّى الآثام
فهذا بفعلٍ وذا بالكلامْ وهذا لفرطِ هواهُ ارتكبْ، فكيفَ ترومُ الصّفا من مزاجْ
وقدْ وقَعَ الجمعُ والازدواج، كمثل دخانٍ بضوءِ السراجْ
وربّك أدرى بسرّ العلاجْ فسلّمْ إليه وخلِّ التّعبْ، فكم من جوادٍ كريمٍ كَبَا
وكم من حسامٍ صقيلٍ نبأ، وكم من مطيعٍ لرشدِ أبي
وكم من لبيبٍ أريبٍ صبا وكم من فتىً بعد صدقِ كذبْ، على ذا مضتْ سالفاتُ الدّهورْ
فطوراً هموماً وطوراً سرورْ، فوكّل إلى الله كلَّ الأمورْ
وكن لإلهكَ عبداً شكورْ فإنَّكَ تلقاهُ في المنقلبْ ومن ذمّ خلاًّ وساءَ الصَّديقْ
يُلاقِ من اللهِ ما لا يُطيقْ، فكن بالرّفيق رؤوفاً شفيقْ
وخلّك فرّج عنهُ المضيقْ عسى اللهُ يُفرجُ عنكَ الكرَبْ، أيا عزّ قاسم عمَّا صريحٌ
أيحُسنُ إن قلتُ فيه المليحْ، فليس قبيح صديقي قبيحْ
فخلّ العناء وكن مستريحْ ولا تنظرنَّ إلى ما ذَهَبْ، فتىً جدّهُ ذو المعالي أسّدْ
صحيحُ الطريقة والمعتمدْ وأقدم بيتٍ بهذا البَلَدْ
فإن رمتَ شبهاً له لم تجدْو مثل مكارمهِ لم تُصِبْ إلى مُفلحٍ في الهوى ينتمي
أخي السؤددِ المُفضلِ المُنعِمْ وذي المنهج الأرشدِ الأقوم
فمكرِمُهُ أبداً مكرمي وثالُبه لي قبيلاً ثلبْ، فرفقاً بنفسكَ يا من رمى
ولا تغضبِ الأسدَ الضيَّغما، ولا تنبه الصلَّ والأرقما
وخفْ سطوة اللّيثِ أنْ يهجُما فما الليثُ مُبقٍ إذا ما وَثَبْ، فمنْ دونهِ أنفسٌ تذهبْ
وشعواءُ يكرهُها الأشْيبْ، وألسنةٌ لسعُها يعطبُ ونارٌ لأعدائِهِ تلهبْ وذو رهجٍ ممطرٍ بالصَّخبْ
أأولادَهُ يُثلبُ الثَّالبُ، وهُمْ خيرُ ما كتب الكاتبُ وماذا عسى يذكرُ الغائبُ
وكلّهم قائلٌ صائبْ إذا ما افترى غيرهم أو كذبْ، ولم لم يكن من بنيهِ الكرامْ
سوى حسنٍ ذي الأيادي الجِسامْ، فتى لم يَزلْ للمعالي نظامْ، سمت باسمه وبه آل سامْ
فكم من أبٍ بابنه أكرِما وكم ولدٍ بأبيهِ سَما وآخرُ من ذا وذا أعظما
فراحَ يَرى دونه الأنجُم الفضلٍ وعلمٍ لهُ يُكتَسَبْ، فلا تكُ ممَن بغى أو ظَلَمْ
ولا مَنْ لعرض صديق ثلمْ، فكم من أخ لأخيه اتهمْ
وواقعه بعد ذاك النَدَمْ وعاقبةُ الصّبر تُبدي العجبْ وأمّا العفيفُ وبيتُ الجمالْ
فهم للنَّبي ولله آلْ رجالٌ إذا أعوذتْك الرّجالْ
يذبّون عنك بنفسِ ومالْ ولا يشتكي ضيفُهم من سغَبْ، حلفتُ يميناً بربّي غَموسْ
بأنّهم للبرايا شُموسْ، وهم لجسوم المعالي نفوسْ
وهُم لذوي المكرماتِ الرؤوسْ فكيفَ يُقاسُ برأس ذَنّبْ، يصيبون إن نطقوا بالمقالْ
يجيبون إن طُولبوا بالسُّؤالْ، يَطيبون إذ يجزلونَ النّوالْ، فكلُّ الأنامِ عليهمْ عيالْ لأنهم طرزُ أهل الحسبْ
فمن كالعفيف سراجُ الظُلَمْ، وطودُ المعالي وبحرُ الكرمْ أخو همّةٍ فوق أوجِ الهمَمْ
وكفُّ يخجَلُ صوب الدّيمْ إذا قاضَ في كرمٍ أو وهبْ، سقاني بكأسٍ يروّي الظَّمأ
وأفهمني منهُ ما أفهما، فنلتُ به الرُّشدَ بعد العَمى
فها أنا أرضٌ لغيري سما أتيهُ على عُجْمها والعَرَبْ وضاهاهُ في نعتِهِ والصّفاتْ
أبو أحمدٍ صاحبُ المكرماتْ، حليفُ النَّدى موضحُ المُبهماتْ
فكم من أيادٍ له سابقاتْي قصَرُ عن حصرِها من حَسَبْ، نقدتُ الأنامَ فكانوا صنوفْ
فمنهم ذُنابي ومنهُمْ أُنوفْ، ففزتُ بخلٍّ لطيفٍ رؤوفْ
يروحُ بعزمتهِ في أُلُوفْ شآمي منبتُهُ في حَلَبْ وتاجان لي وهُما المُعتمدْ
جعلتهما لأموري سَنَدْ، فهذا أخٌ لي وهذا ولدْ
وروحان قد جُمعا في جَسَدْ ذخرتّها لخطوبِ النُّوبْ، دعاني الإلهُ فلبيتُهُ
ويومَ الأظلَّةِ ناجَيْتُهُ وفي سرِّ سرّي أخفيتُهُ، فهذا الذي كنت عانيتُ هْبه أتقي غاسقاً إذ وَقَبْ
وإني أوالي بني المُصطفى، بهم شرّف الله من شرّفا، فهذي لعَمْركَ كأسُ الوفا
وإن كنتَ ممَّن يرومُ الصّفا فخُذْها هنيئاً مِنَ المُنتجبْ

قصيدة حتّام دمعك في الأطلال ينسكب

حتّامَ دمعك في الأطلال ينسكبُ ونار وجدِك في الأحشاء تلتهبُ، مقسَّم الوجدِ: شوقٌ للذين نأوا
ودمعُ عينٍ دعاهُ المنزلُ الخَربُ، لا تستفيق من البلوى تكابدها ولا يفارقُك التبريحُ والوصَبُ
دينٌ عليك لقاضي الحبِّ أسلفَهُ، وأنت في قبضة الأشجان مكتئبُ، يا منزلاً زفراتي رحنَ في صَعدٍ
منهُ ودَمعي في أطلاله صَبْبُ، أصبحتَ وقفاً على البلوى إذا ضحكتْ، فيك البروقُ بكتْ في جوّك السُّحُبُ
وإن جَرَتْ شمَّلٌ في عرصتيك أتتْ ريحُ الجنوبِ على الآثار تستحبُ، بالأمس كنتَ لسربِ الأنس مرتبعاً
واليوم فيكَ لنا وحشُ الفلا سربُ، عوائدُ الدَّهر ما يسخو بموهبةٍ، إلاّ وعادَ لما أعطاهُ يستلبُ
أين البدور اللواتي كنَّ مشرقةً، على غصونِ آراكِ تحتها كثبُ، هيفٌ أعرنَ القنا حسَنَ القُدودِ ومِنْ
ألحاظهنَّ لنا قد سُلَّتِ القُضُبُ، إذا نَطقنَ رأيتَ الدرَّ منتثراً، وإن بسمنَ تبدّا الطلعُ والحببُ
نصبتُ في النوم أشراكي لكي يقعوا، فلم يقع لي إلاّ الهمُّ والوَصَبُ، قد كنتُ من أجلهم أهوى بقائي لهم
واليوم ما في حياتي بعدهم أربُ، بأن الخليط الذي أهوى فلا عجبٌ وإنّما طول مكثي بعدهم عجبُ
كم قد صممتُ وأذني ما بها صممٌ، عمَّن على حبّ ليلى في الهوى عتبوا، لجّوا وزادوا عليَّ في ملامهمُ
وكلّما عاودوني عادني الطربُ، لأنني كلّما لاموا أذوبُ جوىً، بحبّهم ولهم من لومي التعبُ
قد كان ذاك وعودي يانعٌ نَضِرٌ والعيش غضٌّ وأثواب الصبا قشبُ، عقلتُ حين رأيتُ الشيب مشتعلاً
بالعارضين وأين الشيبُ والشَّنبُ، أصبحتُ لا يزدهيني شادنٌ غنجٌ ولا فتاةٌ لماها الخمرُ والضربُ
وكيف يرجو وصال الغائيات فتىً، معمَّمٌ برداءِ الشَّيب منتقبُ ولّت بشاشةُ ذاك العصر وانقرضت
والدهرُ يُرجعُ بالشيء الذي يهبُ، وليس يبقى سوى ربّي وصالحِ ما يقدّمُ المرءُ من خيرٍ ويكتسبُ
ولي ليوم معادي حُسنَ ظَنّي بالله، العظيم الذي يُرجى ويُرتقبُ وكلّنا مجمعٌ واللهُ أعلمُ بالصّدق
الذي لم يَشُنْهُ الشكُّ والكذبُ، بأنّ مولاي معنىً إذ هو الأزل، القديمُ منكرهُ يُقضى ويجتنبُ
هذا يقيني وديني لا أغيّرهُ، عليه أحيا ولا يغتالني الشَجبُ وإنني من نمير الأكرمين إذا
مالينا أسهلوا أو خوشنوا صعبوا، همُ الجبالُ تطيش الشمَّ دونهُمُ والأسدُ إنْ وثبوا والغيثُ إن وهبوا
نحن الذين صفونا من قذى كدرٍ، والشامُ هجرتنا إذ دارُنا حُلبُ، لا يستوي النّور والظلمات في نظرٍ
ولا يُقاسُ بقدر الدرّ مُخشلبُ، كلّ النبات إذا شاهدته شجرٌ وإنما لا يُساوي الندُّ والخُشَبُ
يا يانع الدّين بالدّنيا لشقوته والله لا فضةٌ تُغني ولا ذهبُ فاعلقْ بحبل عليّ تنجُ من كرب
ومن زفير لظى يعلو لها لهبُ، إني شربتُ بعينِ الخُلد ماء هدى وماء غيري إذا حققته سربُ
ما زلتُ أجني ثمار العلم مبتكراً، وأُلقُط الجوهرَ الصافي وانتخبُ فتارة أنا في أرض المقامة ذو
نجبٍ وطوراً عن الأوطان اغترب، حتى غدت جذوة التوحيد مقتبسي، فها أنا مثل ما قد قيل منتجب

قصيدة علاقة حب في الهوى تتغلب

علاقةُ حبٍّ في الهَوى تتغلّبُ وزفرةُ وجدٍ في الحشا تتلهبُ ولاعجُ شوقٍ ما يغبّ ولوعةٌ
تكادُ لها نفسُ المُتيّم تذهبُ وما كنتُ أدري قبل ذلك ما الهوى، إلى أن تبدَّتْ لي على الشّعبِ زينبُ
فأصبحت من وجدي بها وصبابتي، أعنّفُ عُذَالي عليها وأعتُبُ ولما التقينا دُون رملة عالجٍ
وكلٍّ بمَنْ يهواهُ أضحى يُرحّبُ، وقفنا وأوقفنا المطايا وبثّنا، حديثٌ كنشرِ الرَّوضِ بل هو أطيبُ
إذا نحنُ قصّرنا عن البثّ للجوى، فأدمُعنا عمّا نعانيهِ تُعرِبُ، فلم نلقَ إلاّ مخبراً عن كآبةٍ
يكابدها أو أدمعاً تتصبَبُ، فيا صاحبي والصبُّ ما أنفك في الهوى، يناجي بشجو الحبّ من بات يصحبُ
أعنّي على وَجْدي القديم بوقفةٍ، على ملعب لم يبق لي فيه ملعبُ، هو الرِّبعُ للجرعاء من أيمن الحِمَى
وهذا النقا البادي وذاك المحصَّبُ، فعج يمنةً إن كنت للخلُّ مُسعداً وخلّ دموعَ العينِ في الدار تسكبُ
لعلّ مسيل الدَّمع يعقب راحةً، فيُطلق من إسر الغرام المعذَّبُ، منازلُ أضحتْ بعد ليلى وزينبٍ
دوارس يأويها غرابٌ وثعلبُ، سأتخذُ الصبرَ الجميلَ مطيّةً إلى نيلِ ما أرجوهُ والصَّبرُ أصوبُ
وبيداءُ مَرْتٍ ليس فيها لِسالكِ، يمرُّ بها إلا ضبابٌ وعُنْظُبُ، إذا ما اشتكين الهيم فيها من الظَّما
تعاوتْ بها من شدّة الجوعِ أذوَبُ، تعسَّفتها والليلُ قد صبغَ الرّبى، بوجناء تطفو في الظَّلام وتَرسُبُ
إلى بحرٍ جودٍ ما وراه لطالبٍ، يحاول إدراكَ المغانم مطْلبُ، عليُّ بن فضلٍ ذو المعالي ومن بهِ
إلى الله في مدحي لهُ أتقربُ، جوادٌ أعارَ المُزنَ جوداً ومازنٌ، يعمُّ بني الآمال إن ضنَّ صيَبُ
أخو همّة عُلويّةٍ أريحيّةِ، إلى آل عمروٍ بالنباهة يضربُ، فتىً عشق العلياءَ طفلاً ويافعاً
فليسَ لهُ غير المكارمِ مَكْسبُ، ونحن بنو عمٍّ ولا فرقَ بيننا، كما افترقت في الحرب بكر وتغلُبُ
صفونا فآسنا من الطور لمعةً، تلوحُ فرحنا للهُدى نتطلّبُ، فلمّا آتيناها وقرّب صبْرُنا
على السير بُعداً كان من قبل يصعبُ، دخلنا من الباب الكريم إلى الّذي لرحمته كلّ الورى تتقرّبُ
فلاحَ لنا بحرٌ بعيدٌ قرارُهُ، ينابيعُه للمُهتدي تتسرّبُ، بهِ درراً أضحى عزيزاً منالها
لأهل المعالي في البواطن تُوهبُ، وطودٌ علا حتى حَسِبْناهُ أنّه على هالة الشمس المنيرة يرقبُ
عجائبُهُ شتّى وفيه جواهرٌ، بألباب أرباب الهداية تُنهبُ، يحفُّ به زهرٌ من العلم ناجمٌ
وروض خلالٍ بالفضائل مُعْشبُ، وعينٌ بها الأنهار خمسٌ وسبعةٌ، لها مشربٌ ما إن يضاهيه مشربُ
غرائب أسرارٍ إذا ما غريبةٌ، تبدَّت بدا في الحال ما هو أغربُ، فَنلْنا من اللاَّهوت كأس هداية
وغنَّى لنا شادٍ معانيه تُطربُ، وما لي إلاّ أحمدَ شيعةٌ وما لي إلاّ مذهب الحقّ مذهبُ
ورحنا سكارى في الهوى ونفوسنا، حضورٌ تُناجي والجوارحُ غيّبُ وها نحنُ شتَّى في البلادِ فَمشرِقٌ
لبعضِ أهالينا وللبعضِ مغربُ، يميناً بربِّ الراقصات إلى منىً ومن دونها بيدٌ وظلماء غيهبُ
إذا مجّها في أسودِ اللّيلِ سبسبٌ، تعلّقها مع أبيض الصبح سبْسبُ، تؤم زروداً والمحصَّبَ من منىً
وبغيتها البيتُ الرفيع المحجَبُ، إذا غاب في قطرٍ من الغرب كوكبٌ، تبدَى لها في جانب الشرق كوكبُ
قلاصٌ كأمثال الحنايا ضوامرٌ، عليهنّ أنضاءٌ من الشوق شُجَّبُ، بأن طلابي للمعالي وهمّتي
إلى آل عمروٍ بالمحبّة تُجذْبُ، أناسٌ عنوا بالمُكرمات وكسبها، فما فيهمُ إلاّ لبيبٌ مُهذَبُ
أقولُ لمن رامَ اللحاقَ بشأوهمْ وأصبحَ في جُهدٍ من الكدِّ يدأب، رويداً فما الغربانُ مثل بُزاتها
ولا تستوي الأسدُ الضواري وأكْلُبُ، هويتكم يا آل عمروٍ وإنّني عن الغير في طُرقِ الهوى أتجنّبُ
فلا تحوجوني يا بني فضل إنّني أناشدكم بيتاً به أتعتَبُ، تغنّّى به صبٍّ فقالَ وقلبُهُ
على النَّار من جمرِ الجوى يتلهَّبُ، تقرَّيتُ بالإحسان جهدي فزادني، بعاداً فما أدري بما أتقرَبُ
دعوني أصوغُ الشعرَ فيكم وأنثني، بأوصافكم بين المجالس أخطُبُ، فحسنُ الثنا أسنى وأربحُ متجراً
لمن كان يوماً للثَّنا يتكسَّبُ وإني الذي لا أنثني عن ودادكم ولو عنَّفوني العاذلون وأطنبوا
أيُحسنُ منكم أن تصافوا معاشراً، تساعَوا علينا بالمحال وألَبوا وهل يستوي قومٌ بنوا مجد دينهمْ
وقومٌ يبغي ذلك المجد خرّبوا، تعالوا نقيس الأمر بيني وبينكمْ لننظر في الحالين من هو أنجبُ
وشتّان ما بين الثريا إلى الثرَّى، وهل يستوي يوماً بريءُ ومذنبُ، دعوا ظالماً قد سنَّ في الدّين بدْعةً
ولم يحفظ الفرض الذي هو أوجبُ، ولا تنصروا من سادَ ظلماً ببغيهِ، فنصركم المظلوم أزكى وأثوبُ
أفي الدين أنَّ المرءُ ينقُضُ عَهْدَهُ، ويحلفُ بالله العظيم ويكذبُ، فيصبحُ من بعدِ اليمينِ وعقْدها
لمالِ أخيهِ ظالماً يتعصّبُ، وفي أي شرعٍ إن من شاءَ مِنكُمُ، يغيرُ على مال الخليلِ ويسلُبُ
لئن خاب من ساء الصديق يصُنْعِهِ، فإنَّ الذي يُدني المسيء لأخْيبُ له اللهُ فيما سنّهُ بجهالةٍ
فعقباهُ سوءٌ للرّضيع يُشيّبُ ومن عجبٍ إني أوصّي وفيكُمْ، حسينُ بن فضلٍ بالتّقى مُتجلببُ
فتىً من نمير الأكرمين معظَّمٌ، فتشْكُرُ مسعاهُ سمعدٌّ ويعْرُبُ، متى خفتُ منْ ناب الحوادث عضَّةً
وإن يعتلقني من أذاهن مخْلبُ، فإنَّ حسيناً ذا المعالي بجوده، يُدافع عنّي ما أخافُ وأرهبُ
فيا نجلَ فضلٍ والصديقُ إذا دُعي، أجابَ ولا يلقى بوجهٍ يُقطّبُ، أنا لك في نحتِ القوافي مهذَّبٌ
لأنَّك بالحُسنى إليَّ محبّب، فإن رمتني للنصرِ يوم كريهةٍ، فإنّي لكَ السيفُ الحسامُ المجرَّبُ
وإني نميري اليقين ومعشري، إلى مضر الحمراء في المجد تُضْربُ، هُمْ القومُ إن قالوا أصابوا وإنْ
دعوا أجابوا لداعيهم جميعاً وأجلبوا، بهاليلُ في الإسلام سادوا ولم يكن كمنصبهم في الجاهلية منْصبُ
هُمْ نصبوا الدين الحنيفيَّ بالظُّبى، فأضحى لهُمْ بيتٌ رفيعٌ مُطنبُ، صحبتكم يا آل عمروٍ وإنّني
بكم أدفعُ الهولَ الذي أتحسَّبُ، ولم أصحب القومَ الغُواةَ ولم أكُنْ بحسن اختياري في أخي الجهل أرغبُ
ومن صاحب الأشراف راح مشرّفاً، وصاحبةُ الجرباء بالقُرب تجرُبُ