أجمل قصائد النابغة الجعدي مكتوبة
النابغة الجعدي واسمه بالكامل أبو ليلى النابغة الجعدي الكعبي، هو شاعر من مواليد الفلج جنوبي نجد، وسمي "النابغة" لأنه أقام ثلاثين عاماً لا يقول الشعر ثم نبغ فقاله. وكان النابغة الجعدي ممن هجروا الأوثان، ونهوا عن الخمر، قبل ظهور الإسلام.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في هذا المقال نستعرض أجمل قصائد النابغة الجعدي مكتوبة كاملة.
قصيدة ألم تسأل الدار الغداة متى هيا
أَلَم تَسأَلِ الدارَ الغَداةَ مَتى هِيا عَدَدتُ لَها مِنَ السَنينَ ثَمانِيا
بِوادِي الظِباءِ فَالسَليلِ تَبَدَّلَت مِنَ الحَيِّ قَطراً لا يُفِيقُ وَسافِيا
أَرَبَّت عَلَيهِ كُلُّ وَطفَاءَ جَونةٍ وَأَسحَمَ هَطالٍ يَسُوقُ القَوارِيا
فَلاَ زَالَ يَسقِيهَا ويَسقِي بِلاَدَهَا مِنَ المَزنِ رِجافٍ يَسوقُ السَواريا
يُسَقّي شَرِيرَ البَحرِ جَوداً تَرُدُّهُ حَلائبُ قُرحٍ ثِمَّ أَصبَحَ غادِيا
عَهِدتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ كَأَنَّهُم عِظامُ المُلُوكِ عِزَّةً وَتَبَاهِيا
لَهُم مَجلِسٌ غُلبُ الرَقابِ مَراجحٌ قِدارُ الحِفاظِ يَدفَعُونَ الأَعَادِيا
وَفِتياِن صِدقٍ غيرُ وَخشٍ أُشابَةٍ مَكاسِيبُ لِلمالِ الطَرِيفِ مَعاطيا
إِذا ظَعَنُوا يَوماً سَمِعتَ خِلالَهُم غِناءً وَتَأييهاً ونقراً وَحادِيا
وَرَنَّةَ هَتّافِ العَشِيِّ مُكَبَّلٍ يُنازِعُهُ الأَوتارَ مَن لَيسَ رَامِيا
يُنازِعُهُ مِثلُ المَهاةِ رَفِيقَةٌ بِجَسِّ النَدامى تَترُكُ القَلبَ رانِيا
غَدا فَتَيا دَهرٍ فَمَرّا عَلَيهِمُ نَهارٌ وَلَيلٌ يَلحَقانِ التَواليا
تَوالِيَ مَن غالَت شَعُوبٌ فَأَصبَحَت كل ولهم تَبكي وَتُبكي البَواكِيا
تذكّرتُ ذِكرىً مِن أُميمةَ بَعدَما لَقِيتُ عَناءً مِن أُمَيمَةَ عانِيا
فَلا هِيَ تَرضى دُونَ أَمرَدَ ناشِئٍ وَلا أَستَطِيع أَن أَرُدَّ شَبابِيا
وَقَد طالَ عَهدِي بالشّبابِ وَأَهلِهِ وَلاقَيتُ رَوعاتٍ يُشِبنَ النَواصِيا
بَدَت فِعلَ ذِي وُدٍّ فَلَمّا تَبِعتُها توَلَّت وَأَبقَت حاجَتِي في فُؤاديا
وَحَلَّت سَوادَ القَلبِ لا أَنا باغِياً سِواها وَلا عَن حُبِّها مُتَراخِيا
وَلَو دامَ مِنها وَصلُها ما قَلَيتُها ولَكِن كَفى بِالهَجرِ لِلحُبِّ شافِيا
وَما رابَها مِن رِيبَةٍ غَيرَ أَنَّها رَأَت لِمَّتِي شابَت وَشابَ لِداتِيا
تَلُومُ عَلى هُلكِ البَعيرِ ظَعينَتي وَكُنتُ عَلى لَومِ العَواذِلِ زارِيا
أَلَم تَعلَمي أَنّي رُزِئتُ مُحارِباً فَما لَكِ مِنهُ اليَومَ شيءٌ وَلا لِيا
وَمِن قَبلِهِ ما قَد رُزِئتُ بِوَحوَحٍ وَكانَ اِبنَ أُمّي والخَليلَ المُصافِيا
فَتىً كَمُلَت أَخلاقُه غَيرَ أَنَّهُ جَوادٌ فَما يُبقي مِنَ المالِ باقِيا
فَتىً تَمَّ فِيهِ ما يَسُرُّ صَديقَهُ عَلى أَنَّ فِيهِ ما يَسُوءُ الأَعاديا
يَقُولُ لِمَن يَلحاهُ في بَذلِ مالِهِ أَأُنفِقُ أَيّامِي وَأَترُكُ مالِيا
يُدِرُّ العُروقَ بالسِنانِ وَيَشتَري مِنَ الحَمدِ ما يَبقَى وَإِن كانَ غالِيا
أَشَمُّ طَوِيلُ السَاعِدَينِ سَمَيدَعٌ إِذا لَم يَرُح لِلمَجدِ أَصبَحَ غادِيا
أُتِيحَت لَهُ وَالغَمُّ يَحتَضِرُ الفَتى وَمِن حاجَةِ الإِنسانِ ما لَيسَ لاَقِيا
كَفَينا بَني كَعبٍ فَلَم نَر عِندَهُم لِما كانَ إِلاَّ ما جَزى اللَهُ جازِيا
وَيَومَ النُّخَيلِ إِذ أَتَينا نِساءَكم حَواسِرَ يَركُضنَ الجِمالَ المَذاكِيا
وَيَومٍ شَدِيدٍ غَيرِ ذِي مُتَنَفَّسٍ أَصَمَّ عَلى مَن كانَ يُحسَبُ راقِيا
كَأَنَّ زَفِيرَ القَومِ مِن خَوفِ شَرِّهِ وَقَد بَلَغَت مِنهُ النُفُوسُ التَراقِيا
زَفِيرُ مُتَمٍّ بالمُشَيَّأِ طَرَّقَت بِكاهِلِهِ فَلا يَرِيمُ المَلاقِيا
سَنُورِثُكُم إِنَّ التُراثَ إِليكُمُ حبِيبٌ قُراراتِ النَجا فَالمغالِيا
وَماءً مِنَ الأَفلاجِ مُرّاً وغُدَّةً وَذِئباً إِذا ما جنة الليلُ عادِيا
وَأَطواءَنا مِن بَطنِ أَكمَةَ إِنَّكُم جَشِمتُم إِلى أَربابِهِنَّ الدَواهِيا
وَلَو أَنَّ قَومي لَم تَخُنّي جُدُودُهُم وَأَحلامُهُم أَصبَحتُ للفَتقِ آسِيا
وَلكنَّ قَومي أَصبَحُوا مِثلَ خَيبَرٍ بِها داؤُها وَلاَ تَضُرُّ الأَعادِيا
فَلاَ تَنتَهِي أَضغانُ قَومي بَينَهُم وَسَوآتُهُم حَتّى يَصِيرُوا مَواليا
مَوالِيَ حِلفٍ لا مَوالِي قَرابَةٍ وَلكِن قَطِيناً يَسأَلُونَ الأَتاوِيا
فَلَم أَجِدِ الإِخوانَ إِلاَّ صَحابَةً وَلَم أَجِدِ الأَهلِينَ إِلاَّ مَثاوِيا
وَكانَت قُشَيرٌٌ شامِتاً بِصَديقِها وآخَرَ مَزرِيّاً عَلَيهِا وَزارِيا
وَلكِن أَخُو العَلياءِ والجُودِ مالِكٌ أَقَامَ عَلى عَهدِ النَوى وَالتَصافِيا
فَأَصبَحَتِ الثَيرانُ غَرقَى وَأَصبَحَت نِساءُ تَمِيمٍ يَلتَقِطنَ الصَياصِيا
لَهُ نَضَدٌ بِالَغورِ غَورِ تِهامَةٍ يُجاوِبُ بِالرَعشاءِ جَوناً يمانِيا
فَأَصبَحَ بِالقِمرى يَجُرُّ عَفاءَهُ بَهِيماً كَلَونِ الليلِ أَسوَدَ داجِيا
فَلَمّا دَنا للخرجِ خرجِ عُنَيزَةٍ وَذِي بَقَرٍ أَلقى بِهِنَّ المَراسيا
لَها بَعدَ إِسنادِ الكَلِيمِ وهَدئِهِ وَرَنّةِ مَن يَبكي إِذَا كانَ باكيا
هَدِيرٌ هَدِيرَ الثورِ يَنفُضُ رَأسَهُ يَذُبُّ بِرَوقَيهِ الكِلابَ الصَوارِيا
وَمِثلُ الدُمى شُمُّ العَرانِينِ ساكِنٌ بِهِنَّ الحَياءُ لا يُشِعنَ التَّقافِيا
أَلا أَبلِغا عَوفاً وَصاحِبَ رَحلِهِ ومَن يَغوِ لا يَعدَم عَلى الغيِّ لا حيا
فَأَيّتُمَا عَينِ بَكَت إِن هَلَكتُما فَلا رَقَأَت حَتّى تَمُوتَ كَما هيا
وَما شَكِسُ الأَنيابِ شَثنٌ بَنانُهُ مِنَ الأُسدِ يَحمي مِن تِهامَة وادِيا
إِذَا ما رَأى قِرناً مَدِلاًّ هَوى لَهث جَرِيئاً عَلى الأَقرانِ أَغضَفَ ضارِيا
فَلَيسَ بِمَسبَوقٍ بَشَيءِ أَرادَهُ وَلَيسَ بِمَغلُوبٍ وَلَيسَ مُفادِيا
بِأَعظَمَ مِنهُ في الرِجالِ مَهابَةً وَآَخَرَ مَعدُوّاً عَلَيهِ وَعادِيا
فَلاَ يُبعِدَنكَ اللَهُ إِن كانَ حادِثٌ أَصابَكَ عَنّا نازِحَ الدارِ نائِيا
وَلكِن جَزاكَ اللَهُ حَيَّاً وَهالِكاً عَلى كُلِّ حالٍ خيرَ ما كانَ جازيا
فَلَم يَبقَ مِن تِلكَ الديارِ وَأَهلِها سُرَى الليلِ والأَيّامِ إِلاَّ مَغانيا
إِذا أَتَيا حَيّاً كِراماً بِغِبطَةٍ أَناخا بِهِم حَتّى يُلاقُوا الدَواهِيا
قصيدة خليلي عوجا ساعة وتهجرا
خَلِيلَيَّ عُوجا ساعَةً وَتَهَجَّرا وَلُوما عَلى ما أَحدَثَ الدَهرُ أَو ذَرا
وَلا تَجزَعا إِنَّ الحَيَاةَ ذَمِيمَةٌ فخِفّا لِروعَاتِ الحَوَادِثِ أَو قِرا
وَإِن جاءَ أَمرٌ لا تُطِيقانِ دَفعَهُ فلا تَجزعَا مِمّا قَضى اللَهُ واِصبِرا
أَلَم تَرَيا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفعُها قَلِيلٌ إِذا ما الشيءُ وَلّى وَأَدبَرا
تَهِيجُ البُكاءَ وَالنَدامَةَ ثمَّ لا تُغيِّرُ شَيئاً غَيرَ ما كانَ قُدِّرا
أَتَيتُ رَسُولَ اللَهِ إِذ جاءَ بالهُدى وَيَتلُو كِتاباً كالمجرَّةِ نَيِّرا
خَلِيلَيَّ قَد لاَقَيتُ ما لَم تُلاَقِيا وَسَيَّرتُ في الأَحياءِ مَا لَم تُسِيِّرا
تَذَكَّرتُ والذِّكرى تَهِيجُ لِذي الهَوى وَمِن حاجَةِ المَحزونِ أَن يَتَذَكَّرا
نَدَامايَ عِندَ المُنذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ أَرَى اليَومَ مِنهُمُ ظَاهِرَ الأَرضِ مُقفِرا
كُهولاً وَشُبّاناً كأَنَّ وُجُوهَهُم دَنَانِيُر مِمّا شِيفَ فِي أَرضِ قَيصَرا
وَمَا زِلتُ أَسعَى بَينَ بابٍ وَدارَةٍ بِنَجرانَ حَتّى خِفتُ أَن أَتَنَصَّرا
لَدَى مَلِكٍ مِن آلِ جَفنَةَ خاَلُهُ وَجَدَّاهُ مِن آلِ اِمرىءِ القَيسِ أَزهَرا
يُدِيرُ عَلَينا كَأسَهُ وشِواءَه مَناصِفُهُ وَالحَضرَمِيَّ المحبَّرا
حَنِيفاً عِرَاقِيّاً وَرَيطاً شامِياً وَمُعتَصِراً مِن مِسكِ دارينَ أَذفَرا
وَتِيهٍ عَلَيها نَسجُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ قَطَعتُ بحُرجُوجٍ مُسانَدَةِ القَرا
خَنُوفٍ مَرُوحٍ تُعجِلُ الوُرقَ بَعدَما تُعَرِّسُ تَشكُو آهةً وتذمُّرا
وَتَعبُرُ يَعفُورَ الصَرِيمِ كِنَاسَهُ وَتُخرِجُهُ طَوراً وَإِن كانَ مُظهِرا
كَمُرقَدَةٍ فَردٍ مِنَ الوَحشِ حُرَّةٍ أَنَامَت بِذِي الذِئبَينِ بِالصَيفِ جُؤذَرا
فَأَمسى عَلَيهِ أَطلَسُ اللونِ شَاحِباً شَحِيحاً يُسَمَّيهِ النَباطِيُّ نَهسَرا
طَوِيلُ القَرا عارِي الأَشَاجعِ مارِدٌ كَشَقِّ العَصا فُوه إِذا ما تَضَوَّرا
فَباتَ يُذَكِّيهِ بِغَيرِ حَدِيدَةٍ أَخُو قَنَصٍ يُمسِي ويُصبحُ مُقفِرا
فَلاَقَت بَياناً عِندَ أَوَّلِ مَربضٍ إِهاباً وَمَعبوطاً مِن الجَوفِ أَحمَرا
وَوَجهاً كبُرقُوعِ الفَتاةِ مُلَمَّعاً ورَوقَينِ لَمّا يَعدُوا أَن تَقَمَّرا
فَلَمّا سَقاها البأسُ واِرتَدَّ هَمُّها إِليها وَلَم يترُك لَها مُتأَخَّرا
أُتِيحَ لَها فَردُ خَلا بَينَ عالِجٍ وَبَينَ حِبالِ الرّملِ فِي الصَيفِ أَشهُرا
كَسا دَفعُ رِجلَيها صَفيحةَ وَجهِهِ إِذا اِنجَرَدَت نَبتَ الخُزامَي المُنَوَّرا
مُرُوجٌ كَسا القَريانُ ظَاهِرَ لَونِها مِراراً مِنَ القُرَّاصٍ أَحوى وأَصفَرا
فَبَاهَى كَفَحلِ الحُوشِ يُنغِضُ رأسَهُ كَما يُنغِضُ الوَضعُ الفَنِيقَ المُجَفَّرا
وَوَلَّت بِهِ روحٌ خِفافٌ كأَنَّها خَذاريفُ تُزجي ساطِعَ اللَونِ أَغبَرا
كَأَصدَافِ هِندِيَّين صُهبُ لِحاهُمُ يَبيعُونُ في دارينَ مِسكاً وعَنبَرا
فَباتَت ثَلاثاً بَينَ يَومٍ وَلَيلَةٍ وَكانَ النَكيرُ أَن تُضيفَ وَتجأرا
وَباتَت كأَنَّ كَشحَها طيُّ رَيطَةٍ إِلى راجِحٍ مِن ظَاهِرِ الرَملِ أَعفرا
تَلألأُ كالشِّعرى العبورِ تَوَقَّدَت وَكانَ عَماءُ دُونَها فتحسَّرا
يَمُورُ النَدَى في مِدرَيَيها كأَنَّهُ فَرِيدٌ هَوى مِن سِلكِهِ فَتَحَدَّرا
وَعادِيةٍ سَوم الجرادِ شهِدتُها فكفَّلتُها سيداً أَزَلَّ مُصدَّراً
أشقَّ قسامِيّاً رُبَاعيَّ جانِب وَقارحَ جَنبِ سُلَّ أَقرَحَ أشقَرا
شَديدُ قُلاتِ المِرفَقَين كَأَنَّما بِهِ نفَسٌ أَو قَد أَرادَ لِيَزفِرا
يَمُرُّ كَمَرّيخ المُغالي اِنتحَت بِهِ شِمالُ عُبَادِيِّ عَلى الريحِ أَعسَرا
وَيُبقي وَجيفُ الأَربَع السودِ لحمَهُ كَما بُنِيَ التابوتُ أَحزَمَ مُجفَرا
فَلَمّا أَتَى لا ينقُصُ القَودُ لَحمَهُ نقَصتُ المَديدَ والشّعِيرَ ليَضمُرا
وَكانَ أَمامَ القَومِ مِنهُم طَليعةٌ فَأَربَى يَفاعاً مِن بَعيدٍ فَبَشَّرا
وَنَهنَهتُهُ حَتّى لَبِستُ مُفَاضَةً مُضَاعَفَةً كالنِهيِ رِيحَ وَأُمطِرا
وَجمَّعتُ بَزّي فَوقَهُ ودَفعتُهُ وَنَأنَأتُ مِنهُ خَشيةَ أَن يُكَسَّرا
وَعرَّفتُه في شِدَّةِ الجَريِ باِسمِهِ وَأَشلَيتُهُ حَتّى أَراحَ وَأَبصَرا
فَظَلَّ يُجاريهم كَأَنَّ هُوِيَّهُ هُويُّ قُطَامِيٍّ مِن الطيرِ أَمعَرا
أَزُجُّ بِذِلقِ الرُمحِ لَحيَيهِ سابِقاً نَزَائِعَ ما ضَمَّ الخَميسُ وَضَمَّرا
لَهُ عُنُقٌ في كاهِلٍ غَيرُ جانب وَلَجَّ بِلَحيَيهِ وَنُحِّيَ مُدبرا
وَبَطنٌ كَظَهرِ التُرسِ لَو شُلَّ أَربَعاً لأَصبَحَ صِفراً بَطنُهُ ما تَخَرخَرا
فَكفَّ أُولي شُقرٍ جياداً ضَوامِرا فَزَحزَحَها عَن مِثِلها أَن تَصَدَّرا
فَأُرسِلَ في دُهمٍ كأَنَّ حَنِيَنها فَحِيحُ الأَفاعِي أُعجِلَت أَن تَحجَّرا
لَها حَجَلٌ قُرعُ الرؤوسِ تَحَلَّبَت عَلى هامَةٍ بِالصيفِ حَتّى تَمَوَّرا
إِذا هِيَ سيقَت دافَعَت ثَفِناتُها إِلى سُرَرٍ بُجرٍ مَزاداً مُقيَّرا
وَتَغمِسُ في الماءِ الَّذي باتَ آجِنا إِذا أَورَدَ الراعِي نَضيحاً مُجَيَّرا
حَناجِرَ كالأَقماعِ فَحَّ حَنَينُها كَما نَفَخ الزَمّارُ في الصُبحِ زَمخَرا
وَمَهاما يَقُل فينا العَدُوُّ فَإِنَّهُم يَقولونَ مَعروفاً وَآخَرَ مُنكِرا
فَما وَجدَتُ مِن فِرقَةٍ عَرَبِيَّةٍ كَفيلاً دَنا مِنّا أَعَزَّ وَأَنصَرا
وَأَكثَرَ مِنّا ناكِحاً لِغَريبَةٍ أُصيبَت سِباءً أَو أَرادت تَخَيُّرا
وَأَسرَعَ مَّنا إِن أَرَدنا اِنصِرافةً وَأَكثَرَ مِنّا دَارِعينَ وحُسَّرا
وَأَجدرَ أَن لاَ يَترُكُوا عَانِياً لَهُم فَيَغبُرُ حَولاً في الحَديدِ مُكفَّرا
وَأَجدَرَ أَن لاَ يَترُكُوا مِن كَرَامةٍ ثوِبّاً وَإِن كانَ الثوايَةُ أغضرا
وَقَد آنَسَت مِنّا قُضَاعَةُ كَالِئاً فَأَضحَوا بِبُصرَى يَعصِرونَ الصَنوبرا
وَكِندةُ كانت بِالعَقِيقِ مُقيمَةً وَنَهدٌ فَكُلاًّ قَد طَحَرناهُ مَطحَرا
كِنانُة بينَ الصّخرِ وَالبَحرِ دارُهُم فَأَحجَرَها أَن لَم تَجِد مُتَأَخّرا
وَنَحنُ ضَرَبنا بِالصَفَا آلَ دارمٍ وَحَسّانَ وَاِبنَ الجَون ضَرباً مُنكَّرا
وَعَلقمَةَ الجعفيَّ أَدرَكَ رَكضُنا بِذِي النَخلِ إِذ صامَ النَهارُ وَهَجَّرا
ضَرَبنا بُطونَ الخيلِ حَتّى تَناوَلَت عميدَي بَني شيبانَ عَمروًا وَمُنذرا
أَرَحنا مَعدّاً مِن شَراحيلَ بَعدَما أَرَاها مَعَ الصُبحِ الكَواكِبَ مُظهِرا
تَمَرَّنَ فيهِ المَضرَحِيَّةُ بَعدَما رَوَينَ نَجيعاً مِن دَمِ الجَوفِ أَحمَرا
وَمِن أَسَدٍ أَغوى كُهُولاً كَثيرَةً بِنَهي غُرابٍ يَومَ ما عَوَّجَ الذُرا
وَتُنكُر يَومَ الرَوعِ أَلوانُ خيلِنا مِن الطَعنِ حَتّى تَحسِبَ الجونَ أشقَرا
وَنَحنُ أُناسٌ لا نَعَوِّدُ خَيلَنا إِذا ما التقينا أَن تَحيدَ وَتَنفِرا
وَما كانَ مَعروفاً لَنا أَن نَرُدَّها صِحاحاً وَلا مِستَنكراً أَن تُعقَّرا
بَلَغنَا السّما مَجداً وَجوداً وَسُؤدَداً وَإِنّا لَنرجُو فَوقَ ذَلِكَ مَظهَرا
وَكُلَّ مَعدٍّ قَد أَحَلَّت سُيوفُنا جَوانِبَ بَحرٍ ذِي غَوَارِبَ أَخضَرا
لَعَمري لَقَد أَنذَرتُ أَزداً أُناتَها لِتَنظُرَ في أَحلامِها وَتُفكِّرا
وَأَعرضَتُ عَنّها حِقبةً وَتَرَكتُها لأَبلُغَ عُذراً عِندَ رَبِّي فَأُعذَرا
وَما قُلتُ حَتّى نالَ شَتمُ عَشيرَتي نُفَيلَ بِنَ عَمرٍو وَالوَحيدَ وَجَعفَرا
وَحَيَّ أَبي بَكرٍ وَلا حَيَّ مِثلُهُم إِذا بَلَغَ الأَمرُ العَماسَ المُذَمَّرا
وَلا خَيرَ فِي جَهلٍ إِذَا لَم يَكُن لَهُ حَلِيمٌ إِذَا ما أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا
وَلا خيرَ فِي حِلمٍ إِذَا لَم تَكُن لَهُ بَوَادِرُ تَحمي صَفوَهُ أَن يُكَدَّرا
فَفِي الحِلمِ خَيرٌ مِن أُمورٍ كَثيرةٍ وفِي الجَهلِ أَحياناً إِذا ما تَعَذَّرا
كَذاكَ لعمرِي الدَهرُ يَومانِ فاعرِفوا شُرورٌ وَخيرٌ لا بَلِ الشَرُّ أَكثَرا
إِذَا اِفتَخَرَ الأَزدِيُّ يوماً فَقُل لَهُ تأَخّر فَلَن يَجعَل لَكَ اللَهُ مَفخرا
فَإِن تَرِد العَليا فَلَستَ بِأَهلِها وَإِن تَبسُطِ الكفَّينِ بِالمَجدِ تُقصَرا
إِذَا أَدلَجَ الأَزدِيُّ أَدلَجَ سارِقاً فَأَصبَحَ مَخطُوماً بِلَومٍ مُعَذَّرا
قصيدة لمن الدار كأنضاء الخلل
لِمَنِ الدارُ كَأَنضاءِ الخِلَل عَهدُها مِن حِقَبِ العَيشِ الأُوَل
بِمَغامِيدَ فَأعلى أُسُنٍ فَحُناناتٍ فَأَوقٍ فالجَبَل
فَبِرَعمَينِ فَرَيطاتٍ لَها وَبِأَعلى حُرَّياتٍ مُتنَقَل
فَذِهابُ الكَورِ أَمسَى أَهلَهُ كُّلُّ مَوشِيٍّ شَواهُ ذُو رَمَل
دارُ قَومِي قَبلَ أَن يُدرِكَهُم عَنَتُ الدَهرِ وَعَيشٌ ذُو خَبَل
وَشَمُولٍ قَهوَةٍ باكَرتُها فِي التَبَاشِيرِ مِنَ الصُّبحِ الأُوَل
باشَرَتهُ جَونَةٌ مَرشومَةٌ أَو جَدِيدٌ حَدَثُ القارِ جَحَل
وَضَعَ الأُسكُوبُ فِيهِ رُقَعاً مِثلَ ما يُرقَعُ بالكَيِّ الطَحِل
فَشَرِبنا غَيرَ شُربٍ واغِلٍ وَعَلَلنا عَلَلاً بَعدَ نَهَل
وَعَناجِيجَ جِيادٍ نُجُبٍ نَجلِ فَيّاضٍ وَمِن آلِ سَبَل
قُصِرَ الصَنعُ عَلَيها دائِماً فَإِذَا الصَاهِلُ مِنهُنَّ صَهَل
جاوَبَتهُ حُصُنٌ مُمسَكَةٌ أَرِناتٌ لَم يُلَوِّحها الهَمَل
مِثلَ عَزفِ الجِنِّ في صَلصَلَةٍ لَيسَ فِي الأَصواتِ مِنهُنَّ صَحَل
فَجَرى مِن مِنخَرَيهِ زَبَدٌ مِثلَ ما أَثمَرَ حُمّاضُ الجَبَل
فَعَرَفنا هِزَّةً تأخُذُهُ فَقَرَّناهُ بِرَضراضٍ رِفَل
أَيَّدِ الكاهِلِ جَلدٍ بازِلٍ أَخلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَل
فظَنَنّا أَنَّهُ غالِبُهُ فَزَجَرناهُ بِيَهياهٍ وَهَل
رُفِعَ السوطُ وَلَم يُضرَب بِه فَأَرَنَّ الوَقعُ مِنهُ وَاحتَفَل
كَلِياً مِن حِسِّ ما قَد مَسَّهُ وَأَفانِينِ فُؤادٍ مُحتَمَل
فَاستَوَت لِهزِمَتا خَدّيمِها وَجَرَى الشَفُّ سَواءً فاعتَدَل
فَتآيا بِطَرِيرٍ مُرهَفٍ جُفرَةَ المَحزِمِ مِنهُ فَسَعَل
عَسَلانَ الذِئبِ أمسى قارِباً بَرَدَ اللّيلُ عَلَيه فَنَسَل
خارِطٌ أَحقَبُ فِلُو ضامِرٌ أَبلَقُ الحَقوَينِ مَشطُوبُ الكَفَل
فَأَدَلَّ العَيرُ حَتّى خِلتَهُ قَفَصَ الأَمرانِ يَعدُو فِي شَكَل
قالَ صَحبي إِذ رَأَوهُ مُقبِلاً ما تَراهُ شَأنُهُ قُلتُ أَدَل
لَيتَ قَيساً كُلَّها قَد قَطَعَت مُسحُلاناً فَحَصِيدا فَتُبَل
فَالأَشافِيَّ فَأَعلى حامِرٍ فَلِوَى الخُرِّ فَأَطرافَ الرَجَل
جَاعِلِينَ الشّامَ حَمّاً لَهُمُ وَلَئِن هَمُّوا لَنِعمَ المُنتَقَل
مَوتُهُ أَجرٌ وَمَحياهُ غِنىً وَإِليِه عَن أَذاةٍ مُعتَزَل
سَأَلتَنِي جارَتي عَن أَمتي وَإِذا ما عَيَّ ذُو اللُّبَِ سَأَل
سَأَلَتني عَن أُنَاسٍ هَلَكُوا شَرِبَ الدَهرُ عَليهِم وَأَكَل
بَلَغُوا المُلكَ فَلَمّا بَلَغُوا بِخِسارٍ وانتَهى ذاكَ الأَجَل
وَضَعَ الدَهرُ عَلَيهِم بَركَةً فَأُبِيدُوا لم يُغادِر غَيرَ فَل
وَأُراِني طَرِباً في إِثرِهِم طَرَبَ الواِلهِ أَو كالمُختَبل
أَنشُدُ الناسَ وَلا أُنشِدُهُم إِنّما يَنشُدُ مَن كانَ أَضَل
لَيتَ شِعرِي إِذ قَضى ما قَد مَضى وَتَجَلّى الأَمرُ لِلّهِ الأَجَل
ما يُظَنَّنَّ بِناسٍ قَتَلُوا أَهلَ صِفِّينَ وَأَصحابَ الجَمَل
وَاِبنَ عَفّانَ حَنيفاً مُسلِماً وَلُحُومَ البُدنِ لَمّا تُنتَقَل
أَيَنامُونَ إِذا ما ظَلَمُوا أَم يَبِتُونَ بِخَوفٍ وَوَجَل
وَلَهُم سِيما إِذا تُبصِرُهُم بَيَّنَت رِيبَةَ مَن كانَ سَأَل
فَتَمَطّى زَمخَريٌّ وارِمٌ مِن ربِيعٍ كُلَّما خَفَّ هَطَل
مَنَعَ الغَدرَ فَلَم أَهُمم بِهِ وَأَخُو الغَدرِ إِذا هَمَّ فَعَل
خَشيَةُ اللَهِ وَأَنّي رَجُلٌ إِنَّما ذِكري كَنارٍ بِقَبَل
يَتَواصونَ بِقَتلي بَينَهُم مُقبِلي نَحويَ أَطرافَ الأَسل
إِن تَري هَمّيَ أَمسى شاغِلي وَإِذا ما نُوجِيَ الهَمُّ شَغَل
مِثلُ هِيمانِ العَذَارى بَطنُهُ يَلهَزُ الروضَ بِنُقعاِن النَفَل
لَم يُقَايِظني عَلى كاظِمَةٍ سَمَكُ البَحرِ وحَولِيُّ الدَقَل
إِذ هُمُ مِن خَيرِ حَيِّ سُوقَةً وطء الأَرضَ بِسَهلٍ أَو جَبَل
لِغَرِيبٍ قَامَ فِيهِم سائِلاً وَلِجارٍ جُنُبٍ جاءَ فَحَل
يَستَخِفُّونَ إِلى الداعي بِهِم وَإِلى الضيفِ إِذا الضيفُ نَزَل
قصيدة إما تري ظلل الأيام قد حسرت
قصيدة إما تري ظلل الأيام قد حسرت من أشهر قصائد النابغة الجعدي ويقول فيها:
إِمّا تَري ظُلَلَ الأَيامِ قَد حَسَرَت عَنّي وشمَرتُ ذيلاً كانَ ذَيّالا
وَعمَّمتني بَقايا الدَهرِ مِن قُطُنٍ فَقَد أُنَضِّجُ ذا فِرقينِ مَيّالا
فَقَد تَرُوعُ الغَواني طَلعَتي شَعَفاً يَنصُصنَ أَجيادَ أُدمٍ تَرتَعي ضالا
في غُرَّةِ الدَهرِ إِذ نُعمانُ ذُو تَبَعٍ وَإِذ تَرى الناسَ في الأَهواءِ هُمّالا
حَتّى أَتَى أَحمَدُ الفُرقانُ يَقرَأُهُ فِينا وَكُنّا بِغَيبِ الأَمرِ جُهّالا
فَالحمدُ لِلّهِ إِذ لَم يأتِني أَجَلي حَتّى لَبِستُ مِنَ الإِسلامِ سِربالا
يا بِنَ الحَيا إِنَّني لَولا الإلهُ وَما قالَ الرَسُولُ لَقَد أَنسيَتُكَ الخالا
لَقَد وَسَمتُك وَسماً لاَ يُغَيَّبُهُ ثَوباكَ يَبرُقُ في الأَعناقِ أَحوالا
أَنّى تُهَمِّمُ فِينا الناقِصاتُ وَقَد كُنّا نُقَدِّمُ لِلظُلاّمِ أَنكالا
فَإِنَّ صَخرَتَنا أَعيَت أَباكَ فَلا يَألُو لَها ما استَطاعَ الدَهرَ إِخبالا
رُدَّت مَعَاوِلُهُ خثُماً مُفَلَّلَةً وَصادَفَت أَخضَرَ الجالَينِ صَلاّلا
فَاذكُر مَسَاعِيَ أَقوَامٍ فَخَرتَ بِهِم وَلاَ تَدَعهُم مِنَ الأَسماءِ أَغفالا
فَقُل هُمُ رَحَلُوا يَوماً إِلى مَلِكٍ وَقَطَّعُوا عَن عُناةِ الشَعبِ أَغلالا
كَما فَعَلنا بِحَسّانَ الرَئِيسِ وَبِابنِ الجونِ إِذ لا يُريدُ الناسُ إِقبالا
إِذ أَصعَدَت عامِرٌ لا شَيءَ يَحسِبُهُم حَتّى يَروا دُونَهُم هَضباً وأَنوالا
حَتّى عَطَفناهُمُ عَطفَ الضَرَّوسِ وَهُم يَلقَونَ مِمّا تخافُ النَفسُ بَلبالا
أَو قُل هُمُ قاتَلُوا شَهباءَ مُضلِعَةً قَد قَذَفَت في قُلُوبِ الناسِ أَهوالا
مِن بَعدِ ما استَنطَقَت حَيَّ الحَرِيشِ وَحَي ياً مِن عُبادَةَ لَم تُنعِمهُمُ بالا
وَمِثلَهُم مِن بَنِي عَبسٍ تَدُقُّهُمُ دَقَّ الرَحَى الحَبَّ إِدباراً وَإِقبَالا
شَهباءُ فِلقٌ شَمُوسُ نَشرُها ذَفِرٌ تَلَبَّسَت مِن ثِيابِ الكُرهِ أَجلالا
ثُمَّ استَمَرَّت شَمُوسُ الرِّيحِ سَاكِنَةً تُزجِي رَباعاً ضِعافَ الوَطءِ أَطفالا
حَتّى لَحِقناهُمُ تُعدِي فَوارِسُنا كأَنَّنا رَعنُ قُفٍّ يَرفَعُ الآلا
فَلَم نُوَقِّف مُشيلينَ الرِماحَ وَلَم نُوجَد عَواويرَ يَومَ الروع عُزّالا
حَتّى خَرَجنَ بِنا مِن جوفِ كَوكَبِهِم حُمراً مِنَ الطَعنِ أَعناقاً وأَكفالا
ثُمَّ نَزَلنا وَكَسَّرنا الرِماحَ وَجَر رَدنا صَفِيحاً كَسَتهُ الرومُ دَجّالا
فِي غَمرَةِ المَوتِ نَغشاها وَنَركَبُها ثُمَتَ تَبدُو كِرامَ الصَبرِ أَبطالا
حَتّى غَلَبنا وَلَولا نَحنُ قَد عَلِمُوا حَلَّت سَليلاً عَذارِيهِم وَجُمّالا
فَإِن يَكُن حاجِبٌ مِمَّن فَخَرتَ بِهِ فَلَم يَكُن حاجِبٌ عَمّاً وَلا خالا
فَإِن يَكُن قَدَمٌ بِالشامِ يَنشُدُها فإِنَّ بِالشامِ أَقداماً وَأَوصالا
مِنَ الجُنودِ وَمِمَّن لا تَعُدُ فَلا تَفخَر بِما كانَ فيهِ الناسُ أَمثالا
نَحنُ الفَوارِسُ يَومي رَحرَحانَ وَقَد ظَنَّت هَوازِنُ أَنَّ العِزَّ قَد زالا
وَيَومَ مَكَّةَ إِذ ماجَدتُمُ نَفَراً حاموا عَلى عُقَدِ الأَحسابِ أَزوالا
عِندَ النَجاشيِّ إِذ تُعطون أَيدِيَكُم مُقَرَّنينَ وَلا تَرجونَ إِرسالا
إِذ تَستَحِبّونَ عِندَ الخَذلِ أَنَّ لَكُم مِن آلِ جَعدَةَ أَعماماً وَأَخوالا
لَو تَستَطِيعونَ أَن تُلقُوا جُلُودَكُمُ وَتَجعَلُوا جِلدَ عبد اللَهِ سِربالا
إِذَن تَسَربَلتُمُ فِيهِ ليُنجِيَكُم مِمّا يَقولُ اِبنُ ذِي الجَدّينِ إِذ قالا
حَتّى وَهَبتُم لِعَبدِ اللَهِ صاحِبَهُ وَالقَولُ فِيكُم بإِذنِ اللَهِ ما فالا
تِلكَ المَكارِمُ لا قَعبانِ مِن لَبَنٍ شِيبا بِماءٍ فَعادا بَعدُ أَبوالا
وَقَد أُرَوِّي نَديمي مِن مُشَعشَعَةٍ وَقَد أُقلِّبُ أَوراكاً وأكفالا
قصيدة هل بالديار الغداة من صمم
هَل بِالدَيارِ الغَداةَ مِن صَمَمِ أَم هَل بِرَبعِ الأَنِيسِ مِن قِدَمِ
أَم ما تُنادي مِن ماثِلٍ دَرَجَ السَيلُ عَلَيهِ كَالحَوضِ مُنهَدِمِ
تَسألُهُ العَهدَ وَهوَ عَهدُكَ واِستَجمَعَ مَن حَلَّهُ وَلَم يَرِمِ
إِنَّكَ أَنتَ المَحزونُ في أَثَرِ الحيِّ فَإِن تَنوِ نِيَّهُم تُقِمِ
كانَ بِها بَعضُ مَن هَوِيتُ وَمَن يَلقَ سُرُوراً فِي العَيشِ لَم يَدُمِ
يَسأَلُني صَاحِبي بِدائي وَقَد نامَ عِشاءً وَبِتُّ لَم أَنَمِ
إِنَّ شِفائِي وَأَصلُ دائِي لَشَيءٌ واحِدٌ وَهوَ أَكبَرُ السَقَمِ
مِن عَهدِ ما أَورَثَت حَبِيبه وَالشَرُّ يُوافِي مَطالِعَ الأَكَمِ
أَكني بِغيرِ اِسمِها وَقَد عَلِمَ اللَهُ خَفِيّاتِ كُلِّ مُكتَتَمِ
مَخافَةَ الكاشِحِ المُكَثِّرِ أَن يَطرَحَ فيها عَوائِرَ الكَلِمِ
طَيِّبَةُ النَشرِ وَالبُداهَةِ وَالعِلاّتِ عِندَ الرُقادِ وَالنَسَمِ
كَأَنَ فَاهَا إِذا تَبَسَمَّ مِن طٍيبِ مِشِمٍّ وَحُسنِ مُبَتسَمِ
تَستَنُّ بِالضَروِ مِن بَراقِشَ أَو هَيلان أَو ناضِرٍ مِنَ العُتُمِ
غَرّاءُ كالليلَةِ المُبَارَكَةِ القَمراءٍ تَهدِي أَوائِلَ الظُلَمِ
رُكَّبَ فِي السامِ والزَبيبِ أَقاحِيُّ كَثِيبٍ تندى مِنَ الرَهَمِ
بِماءٍ مُزنٍ مِن ماءٍ دَومَةَ قَد جُرِّدَ فِي لَيلِ شمأَلٍ شَبِمِ
عُلَّت بهِ قَرقَفٌ سُلاَفَةُ إِسفِنطٍ عُقارٌ قَلِيلَةُ النَدَمِ
أُلقيَ فِيها فِلجانِ مِن مِسكِ دارِينَ وفِلجٌ مِن فُلفُلٍ ضَرِمٍ
رُدَّت إِلى أَكلَفِ المَناكِبِ مَرسُومٍ مُقِيمٍ في الطّينِ مُحتَدِمِ
جَونٍ كَجَوزِ الخَمّارِ جَرَّدَهُ الخُرّاسُ لا ناقِسٍ وَلا هَزِمِ
تَهِدُر فِيهِ وَساوَرَتهُ كَما رُجِّعَ هَدرٌ مِن مُصعَبٍ قَطِمِ
وَحائِلٍ بازِلٍ تَربَّعَتِ الصَيفَ طَوِيلَ العِفاءِ كَالأُطُمِ
غَرَّزَها أَخضَرُ النَواجِذِ نَسّافٌ نُحورَ الفِصالِ بالقَدَمِ
وَغارةٍ تَسعَرُ المَقانِبَ قَد سارَعتُ فِيها بِصَلدمٍ صَمَمِ
فَعمٍ أَسِيلٍ عَرِيضِ أَوظِفَةِ الرِجلَينِ خاظِي البَضيعِ مُلتَئِمِ
في مِرفَقيهِ تَقارُبٌ وَلَهُ بِركةُ زَورٍ كَجَبأَةِ الخَزَمِ
خِيطَ عَلى زَفرَةٍ فَتَمَّ وَلَم يَرجع إِلى دِقَّةٍ وَلا هَضَمِ
وَهوَ طَوِيلُ الجِرانِ مُدَّ بِلَحييِه وَلَم يأزَما عَلى كَزَمِ
كأَنَّهُ بَعَدما تَقَطَّعتِ الخَيلُ وَمالَ الحَمِيمُ بِالجُرُمِ
شُوذانقٌ يَطلُبُ الحَمامَ وَتَزهاهُ جَنُوبُ لِناهِضٍ لَحِمٍ
يُطِيحُ بالفارِسِ المُدَجَّجِ ذي القَونَسِ حَتّى يَغِيبَ في القَتَمِ
أَعجَلَها أَقدَحِيُّ الضَّحاءَ ضُحىً وَهيَ تُناصِي ذَوائِبَ السَلَمِ
أَبلِغ خَلِيلَي الَّذي تَجَهَّمَني ما أَنا عَن غِيّهِ بِمنُصَرِمِ
إِن يَكُ قَد ضاعَ ما حَمَلتُ فَقَد حَمَلتُ إِثماً كَالطَودِ مِن إِضَمِ
أَمانَةُ اللَهِ وَهيَ أَعظَمُ مِن هَضبِ شَرَورى وَالرُكنِ مِن خِيَمِ
أُخبِرُكَ السِرَّ لا أُخَبِّرُهُ الناسَ وَأُصفيكَ دُونَ ذِي الرَحِمِ
وَأَزجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ إِذا اِغتابَكَ زَجراً مِنّي عَلى أَضَمِ
زَجرَ أَبِي عُروَةَ السِباعَ إِذا أَشفَقَ أَن يلتَبِسنَ بِالغَنَمِ
فخُنتَ عَهدَ الإِخاءِ مُبتَدِئاً وَلَم تَخَف مِن غَوائِلِ النِقَمِ
قصيدة أيا دار سلمى بالحرورية اسلمي
قصيدة أيا دار سلمى بالحرورية اسلمي من أجمل قصائد النابغة الجعدي ويقول فيها:
أَيا دارَ سَلمى بالحَرُورِيَّةِ اِسلَمي إِلى جانِبِ الصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
عَفَت بَعدَ حَيِّ مِن سُلَيمٍ وَعامِرٍ تَفانَوا ودَقُّوا بَينَهم عِطرَ مَنشِمِ
وَمَسكُنها بَينَ الغُروبِ إِلى اللِوى إِلى شُعَبٍ تَرعى بِهنَّ فَعَيهَمِ
أَقامَت بِهَِ البَردَينِ ثُمَّ تَذَكَّرَت مَنازلَها بَينَ الجِواءِ فجر ثم
لَيالي تَصطادُ الرِجالَ بِفاحِمٍ وَأَبيَضَ كَالإِغرِيضِ لَم يتَثَّلمِ
تَبَصَّر خَلِيلَي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ رَحَلنَ بِنصِف الليلِ مِن بَطنِ مُنعِمِ
وَأَصبَحنَ كالدَومِ النَواعِمِ غُدوَةً عَلى وِجهَةٍ مِن ظاعِنٍ يَتَوسَّمٍ
وَبَلِّغ عِقالاً أَنَّ خُطَّةَ داحِسٍ بِكفَّيكَ فَاِستَأخِر لَها أَو تَقَدَّمِ
تُجِيرُ عَلَينا وائِلاً بِدِمائِنا كَأَنَّكَ عَمّا نَابَ أشياعَنا عَمِ
كُليبُ لَعَمرِي كانَ أَكثَرَ ناصِراً وَأَيسَرَ جُرماً مِنكَ ضُرِّجَ بِالدَمِ
رَمى ضَرعَ نابٍ فَاِستَمرَّ بِطَعنَةٍ كَحاشِيَةِ البُردِ اليَماني المُسَهَّمِ
وَلاَ يَشعُرُ الرُمحُ الأَصَمُّ كُعوبُهُ بَثروَةِ رَهط الأَعيَطِ المُتَظَلَّمِ
فَقالَ لِجسّاسٍ أَغثِني بَشَربَةِ تَمُنَّ بِها فَضلاً عَليَّ وَأَنعِمِ
فَقالَ تَجاوَزت الاحَصَّ وَماءَهُ وَبطنَ شُبَيثٍ وَهوَ ذُو مُتَرَسَّمِ
فَلَمّا اِرعَوَت فِي السيرِ قَضَّينَ سَيرَها تَحُّدرَ أَحوى يَركَبُ الدَوَّ مُظلِمِ
تَرى المَعشَرَ الكُلفَ الوُجُوهِ إِذا انَتَدوا لَهُم ثائِبُ كَالبَحرِ لَم يَتَصرَّمِ
وَحُلِّئتَ أَيّامَ الحَرُورِ بحموَةٍ عَنِ الماءِ حَتّى يَعصِبَ الرِيقُ بِالفَمِ
أَبلِغ قُشَيرا وَالحَرِيشَ فَما ذا رَدَّ في أَيدِكُمُ شَتمي
سَقَطُوا عَلى أَسَد بلَحظَةَ مَشبوحِ السَواعِدِ بِاسِلٍ جَهمِ
لَولا اِبنُ حارِثَةَ الأَمِيرُ لَقَد أَغضَيتَ مِن شَتمي عَلى رَغمِ
إِلاَّ كَمُعرِضٍ المُحسِّرِ بَكرَهُ عَمداً يُسَبَّبُني عَلى الظُّلمِ
وَدَعَوتَ لَهفَكَ بَعدَ فاقِرةٍ تُبدِي مَحارِفُها عَنِ العَظمِ
كانَت فَرِيضَةَ ما أَتَيتَ كَما كانَ الزِناءُ فَرِيضَةَ الرَجمِ
نَحنُ الفَوارِسُ يَومَ دَيسَقَةَ المَغشُو الكُماةِ غَوارِبِ الأَكمِ
وَسُيُوفُنا بِنِساحَ عِندَكُمُ مِنها بَلاءٌ صادِقٌ العِلمِ
وَهُوَ الَّذي رَدَّ القَبائِلَ بِاليَنسُوعَتَينِ بِكُوكَبٍ فَخمِ
يَمشُونَ وَالماذِيُّ فَوقَهُمُ يَتَوَقَّدُونَ تَوَقدُّ النَجمِ
وَاِسأَل بِهِم أَسَداً إِذا جُعَلَت حَربُ العَدُوِّ تَشُولُ عَن عُقمِ
شُمُّ الأُنُوفِ طِوالُ أَنضِيَةِ الأَعناقِ غَيرِ تَنابِلٍ كُزمِ
مُتَخَمِّطاً فِيما أُصيبَ مِن الدَرواءِ مِثلَ تَخَمطُِّ القَرمِ