أجمل قصائد بشار بن برد مكتوبة كاملة
قصيدة يا دار بين الفرع والجناب
قصيدة لا تبغ شر امرئ شراً من الداء
قصيدة علليني يا عبد أنت الشفاء
قصيدة تجهز طال في النصب الثواء
أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي البصري، والمعروف باسم بشار بن برد هو شاعر من المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. وُلد بشار بن برد أعمى وكان غزيراً في إنتاج الشعر. في هذا المقال نأخذك في جولة شعرية ونستعرض أجمل قصائد بشار بن برد مكتوبة كاملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة طال ليلي من حب
قصيدة طال ليلي من حب من أجمل قصائد بشار بن برد، وتقول:
طالَ لَيلي مِن حُبِّ، مَن لا أَراهُ مُقارِبي، أَبَداً ما بَدا، لِعَينِكَ ضَوءُ الكَواكِبِ أَو تَغَنَّت قَصيدَةً
قَينَةٌ عِندَ شارِبِ، فَتَعَزَّيتُ عَن عُبَيدَةَ وَالحُبُّ غالِبي، تِلكَ لَو بيعَ حُبُّها، اِبتَعتُهُ بِالحَرائِبِ
وَلَوِ اِسطَعتُ طائِعاً، في الأُمورِ النَوائِبِ، لَفَداها مِنَ الرَدى، هارِبي بَعدَ قارِبي
عَتَبَت خُلَّتي وَذو الحُبِّ جَمُّ المَعاتِبِ، مِن حَديثٍ نَمى إِلَيها بِهِ قَولُ كاذِبِ، فَتَقَلَّبتُ ساهِراً
مُقشَعِرَّ الذَوائِبِ، عَجَباً مِن صُدودِها وَالهَوى ذو عَجائِبِ وَلَقَد قُلتُ وَالدُموعُ لِباسُ التَرائِبِ
لَو بَدا اليَأسُ مِن عُبَيدَةَ قَد قامَ نادِبي، عَبدَ الله أَطلِقي، مِن عَذابٍ مُواصِبِ، رَجُلاً كانَ قَبلَكُم
راهِباً أَو كَراهِبِ، يَسهَرُ اللَيلَ كُلَّهُ، نَظَراً في العَواقِبِ، فَثَناهُ عَنِ العبادة وَجدٌ بِكاعِبِ، شَغَلَتهُ بِحُبِّها
عَن حِسابِ المُحاسِبِ، عاشِقٌ لَيسَ قَلبُهُ، مِن هَواها بِتائِبِ، يَشتَكي مِن فُؤادِهِ، مِثلَ لَسعِ العَقارِبِ
وَكَذاكَ المُحِبُّ يَلقى بِذِكرِ الحَبائِبِ وَلَقَد خِفتُ أَن يَروحَ بِنَعشي أَقارِبي، عاجِلاً قَبلَ أَن أَرى
فيكُمُ لينَ جانِبِ، فَإِذا ما سَمِعتُ باكِيَةً مِن قَرائِبي، نَدَبَت في المُسَلِّباتِ قَتيلَ الكَواعِبِ
فَاِعلَمي أَنَّ حُبَّكُم، قادَني لِلمَعاطِبِ
قصيدة سلم على الدار بذي تنضب
سَلِّم عَلى الدارِ بِذي تَنضُبِ، فَشَطِّ حَوضى فَلِوى قَعنَبِ وَاِستَوقِفِ الرَكبَ عَلى رَسمِها، بَل حُلَّ بِالرَسمِ وَلا تَركَبِ
لَمّا عَرَفناها جَرى دَمعُهُ، ما بَعدَ دَمعِ العانِسِ الأَشيَبِ، طالِب بِسُعدى شَجَناً فائِتاً وَهَل لِما قَد فاتَ مِن مَطلَبِ
وَصاحِبٍ قَد جُنَّ في صِحَّةٍ، لا يَشرَبُ التِرياقَ مِن عَقرَبِ، جافٍ عَنِ البيضِ إِذا ما غَدا، لَم يَبكِ في دارٍ وَلَم يَطرَبِ
صادَيتُهُ عَن مُرَّ أَخلاقِهِ، بِحُلوِ أَخلاقي وَلَم أَشغَبِ، حَتّى إِذا أَلقى عَلَينا الهَوى، أَظفارَه وَاِرتاحَ في المَلعَبِ
أَصفَيتُهُ وُدّي وَحَدَّثتُهُ، بِالحَقِّ عَن سُعدى وَعَن زَينَبِ، أَقولُ وَالعَينُ بِها غُصَّةٌ، مِن عَبرَةٍ هاجَت وَلَم تَسكُبِ
إِن تَذهَب الدارُ وَسُكّانُها، فَإِنَّ ما في القَلبِ لَم يَذهَبِ، لا غَروَ إِلاّ دارُ سُكّانِنا، تُمسي بِها الرُبدُ مَعَ الرَبرَبِ
تَنتابُها سُعدى وَأَترابُها، في ظِلِّ عَيشٍ حافِلٍ مُعجِبِ، مَرَّ عَلَينا زَمَنٌ مُصعَبٌ، بَعدَ زَمانٍ لَيسَ بِالمُصعَبِ
فَاِجتَذَّ سُعدى بِحَذافيرِها، غَيرَ بَقايا حُبِّها المُصحَبِ، قَد قُلتُ لِلسائِلِ في حُبِّها، لَمّا دَنا في حُرمَةِ الأَقرَبِ
يا صاحِ لا تَسأَل بِحُبّي لَها، وَاِنظُر إِلى جِسمِيَ ثُمَّ اِعجَبِ، مِن ناحِلِ الأَلواحِ لَو كِلتَهُ، في قُلبِها مَرَّ وَلَم يَنشَبِ
شَتّانَ مَجدودٌ وَمَن جَدُّهُ، كَالكَعبِ إِن تَرحَل بِهِ يَرتُبِ، أَغرى بِسُعدى عِندَنا في الكَرى، مَن لَيسَ بِالداني وَلا المُصقَبِ
مَكِّيَّةٌ تَبدو إِذا ما بَدَت، بِالميثِ مِن نَعمانَ أَو مَغرِبِ، عُلِّقتُ مِنها حُلُماً كاذِباً، يا لَيتَ ذاكَ الحُلمَ لَم يَكذِبِ وَمَلعَبِ النونِ يُرى بَطنُهُ
مِن ظَهرِهِ أَخضَرَ مُستَصعَبِ، عَطشانَ إِن تَأخُذ عَلَيهِ الصَبا، يَفحُش عَلى البوصِيِّ أَو يَصخَبِ، كَأَنَّ أَصواتاً بِأَرجائِهِ
مِن جُندُبٍ فاضَ إِلى جُندُبِ، رَكِبتُ في أَهوالِهِ ثَيِّباً، إِلَيكَ أَو عَذراءَ لَم تُركَبِ، لَمّا تَيَمَّمتُ عَلى ظَهرِها، لِمَجلِسٍ في بَطنِها الحَوشَبِ
هَيَّأتُ فيها حينَ خَيَّستُها، مِن حالِكِ اللَونِ وَمِن أَصهَبِ، فَأَصبَحَت جارِيَةً بَطنُها، مَلآنُ مِن شَتّى فَلَم تُضرَبِ، لا تَشتَكي الأَينَ إِذا ما اِنتَحَت
تُهدى بِهادٍ بَعدَها قُلَّبِ، راعي الذِراعَينِ لِتَحريزِها، مِن مَشرَبٍ غارَ إِلى مَشرَبِ، إِذا اِنجَلَت عَنها بِتَيّارِهِ وَاِرفَضَّ آلُ الشَرَفِ الأَحدَبِ
ذَكَرتُ مِن هِقلٍ غَدا خاضِباً، أَو هِقلَةٍ رَبداءَ لَم تَخضِبِ، تَصِرُّ أَحياناً بِسُكّانِها، صَريرَ بابِ الدارِ في المِذنَبِ، بِمِثلِها يُجتازُ في مِثلِهِ
إِن جَدَّ جَدَّت ثُمَّ لَم تَلعَبِ، دُعموصُ نَهرٍ أَنشَبَت وَسطَهُ، إِن تَنعَبِ الريحُ لَها تَنعَبِ، إِلى إِمامِ الناسِ وَجَّهتُها، تَجري عَلى غارٍ مِنَ الطُحلُبِ
إِلى فَتىً تَسقي يَداهُ النَدى، حيناً وَأَحياناً دَمَ المُذنِبِ، إِذا دَنا العَيشُ فَمَعروفُهُ، دانٍ بِعَيشِ القانِعِ المُترِبِ، زَينُ سَريرِ المُلكِ في المُغتَدى
وَغُرَّةُ المَوكِبِ في المَوكِبِ، كَأَنَّ مَبعوثاً عَلى بابِهِ، يُدني وَيُقصي ناقِداً يَجتَبي، إِذا رَماهُ النَقَرى بِاِمرِئٍ، لانَ لَهُ البابُ وَلَم يُحجَبِ
دَأَبتُ حَتّى جِئتُهُ زائِراً، ثُمَّ تَعَنَّيتُ وَلَم أَدأَبِ، ما اِنشَقَّتِ الفِتنَةُ عَن مِثلِهِ، في مَشرِقِ الأَرضِ وَلا مَغرِبِ، أَطَبَّ لِلدينِ إِذا رَنَّقَت
عَيناهُ مِن طاغِيَةٍ مُجرِبِ، أَلقى إِلَيهِ عُمَرٌ شيمَةً، كانَت مَواريثَ أَبٍ عَن أَبِ، قودَ المَطايا بِعَمى مارِقٍ، عوتِبَ في اللَهِ فَلَم يُعتِبِ
إِنَّ يَزيداً فَاِدنُ مِن بابِهِ، في الضيقِ إِن كانَ أَوِ المَرحَبِ، أَجدى عَلى الناسِ إِذا أَمحَلوا، يَوماً وَأَكفى لِلثَأَى المُنصِبِ
دِعامَةُ الأَرضِ إِذا ما وَهَت، سَماؤُهُ عَن لاقِحٍ مُقرِبِ، الجالِبُ الأُسدَ وَأَشبالَها، يَزُرنَ مِن دورَينِ في المِجلَبِ، بِعَسكَرٍ ظَلَّت عَناجيجُهُ
في القودِ مِن طِرفٍ وَمِن سَلهَبِ، مَجنوبَةَ العَصرَينِ أَو عَصرَها، بِسَيرِ لا وانٍ وَلا مُتعَبِ، يَتبَعنَ مَخذولاً وَأَشياعَهُ
بِالعَينِ فَالرَوحاءَ فَالمَرقَبِ، حَتّى إِذا اِستَيقَنَ مِن كَبوَةٍ وَكُنَّ مِنهُ لَيلَةَ المِذَّبِ، خَرَجنَ مِن سَوداءَ في غِرِّةٍ، يَردينَ أَمثالَ القَنا الشُرَّبِ
لَمّا رَأَوا أَعناقَها شُرَّعاً، بِالمَوتِ دونَ العَلَقِ الأَغلَبِ، كانوا فَريقَينِ فَمِن هارِبٍ وَمُقعِسٍ بِالطَعنِ لَم يَهرُبِ، مِثلَ الفَزارِيِّ الَذي لَم يَزَل
جَداهُ يَكفي غَيبَةَ الغُيَّبِ، أَنزَلنَ عَبدَ اللَهِ مِن حِصنِهِ، إِذ جِئنَهُ مِن حَيثُ لَم يَرهَبِ وَاِنصَعنَ لِلمَخدوعِ عَن نَفسِهِ، يَذُقنَ ما ذاقَ فَلَم يُصلَبِ
وَلَو تَرى الأَزدِيَّ في جَمعِهِ، كانَ كَضِلّيلِ بَني تَغلِبِ، أَيّامَ يَهزُزنَ إِلَيهِ الرَدى، بِكُلِّ ماضي النَصلِ وَالثَعلَبِ، حَتّى إِذا قَرَّبَهُ حَينُهُ
مِنها وَلَولا الحَينُ لَم يَقرُبِ، خاضَ اِبنُ جُمهورٍ وَلَو رامَها، مُطاعِنُ الأُسدِ عَلى المَشرَبِ وَزُرنَ شَيبانَ فَنامَت بِهِ
عَينٌ وَلَم تَأرَق عَلى مُذنِبِ، أَجلى عَنِ المَوصِلِ مِن وَقعِها أَو خَرَّ مِن حُثحوثِها المُطنِبِ، هُناكَ عادَ الدينُ مُستَقبَلاً
وَاِنتَصَبَ الدينُ عَلى المَنصِبِ، وَعاقِدُ التاجِ عَلى رَأسِهِ، يَبرُقُ وَالبَيضَةُ كَالكَوكَبِ، لا يَضَعُ اللَأمَةَ عَن جِلدِهِ
وَمِحمَلَ السَيفِ عَنِ المَنكِبِ، جَلّابُ أَتلادٍ بِأَشياعِهِ، قُلتُ لَهُ قَولاً وَلَم أَخطُبِ، لَو حَلَبَ الأَرضَ بِأَخلافِها
دَرَّت لَكَ الحَربُ دَماً فَاِحلُبِ، يا أَيُّها النازي بِسُلطانِهِ، أَدلَلتَ بِالحَربِ عَلى مِحرَبِ، الغِيُّ يُعدي فَاِجتَنِب قُربَهُ
وَاِحذَر بُغى مُعتَزَلِ الأَجرَبِ، أَنهاكَ عَن عاصٍ عَدا طَورَهُ وَأَلهَبَ القَصدَ عَلى المُلهِبِ، لا تَعجَلِ الحَربَ لَها رَحبَةٌ
تُغضِبُ أَقواماً وَلَم تَغضَبِ، إِن سَرَّكَ المَوتُ لَها عاجِلاً، فَاِستَعجِلِ المَوتَ وَلا تَرقُبِ، ما أُحرِمَت عَنكَ خَطاطيفُهُ
فَاِرقَ عَلى ظَلعِكَ أَو قَبقِبِ، إِنَّ الأُلى كانوا عَلى سُخطِهِ، مِن بَينِ مَندوبٍ وَمُستَندِبِ
لَمّا دَنا مَنزِلُهُ أَطرَقوا، إِطراقَةَ الطَيرِ لِذي المِخلَبِ
قصيدة يا دار بين الفرع والجناب
قصيدة يا دار بين الفرع والجناب، من أشهر قصائد بشار بن برد، وتقول:
يا دارُ بَينَ الفَرعِ وَالجِنابِ، عَفا عَلَيها عُقَبُ الأَعقابِ، قَد ذَهَبَت وَالعَيشُ لِلذَهابِ، لَمّا عَرَفناها عَلى الخَرابِ
نادَيتُ هَل أَسمَعُ مِن جَوابِ وَما بِدارِ الحَيِّ مِن كَرّابِ، إِلّا مَطايا المِرجَلِ الصَخّابِ وَمَلعَبُ الأَحبابِ وَالأَحبابِ
في سامِرٍ صابٍ إِلى التَصابي، كانَت بِها سَلمى مَعَ الرَبابِ، فَاِنقَلَبَت وَالدَهرُ ذو اِنقِلابِ، ما أَقرَبَ العامِرَ مِن خَرابِ
وَقَد أَراهُنَّ عَلى المَثابِ، يَلهونَ في مُستَأسِدٍ عُجابِ، سَهلِ المَجاري طَيِّبِ التُرابِ، نَورٌ يُغَنّيهِ رُغا الذُبابِ
في ناضِرٍ جَعدِ الثَرى كُبابِ، يَلقى اِلتِهابَ الشَمسِ بِاِلتِهابِ، مِثلَ المُصَلّي الساجِدِ التَوّابِ، أَيّامَ يَبرُقنَ مِنَ القِبابِ
حورَ العُيونِ نُزَّهَ الأَحبابِ، مِثلَ الدُمى أَو كَمَها العَذابِ، فَهُنَّ أَترابٌ إِلى أَترابِ، يَمشينَ زوراً عَن مَدى الحِرابِ
في ظِلِّ عَيشٍ مُترَعِ الحِلابِ، فَاِبكِ الصِبا في طَلَلٍ يَبابِ، بَل عَدِّهِ لِلمَشهَدِ الجَوّابِ، وَصاحِبٍ يُدعى أَبا اللَبلابِ
قُلتُ لَهُ والنُصحُ لِلصِحابِ، لا تَخذُلِ الهاتِفَ تضحتَ الهابِ، وَاِنبِض إِذا حارَبتَ غَيرَ نابِ، يا عُقبَ يا ذا القُحَمِ الرِغابِ
وَالنائِلِ المَبسوطِ لَلمُنتابِ، في الشَرَفِ الموفِي عَلى السَحابِ، بَينَ رِواقِ المُلكِ وَالحِجابِ، مِثلَ الهُمامِ في ظِلالِ الغابِ
أَصبَحتَ مِن قَحطانَ في النِصابِ، وَفي النِصابِ السِرِّ وَاللُبابِ، مِن نَفَرٍ مُوَطَّاءِ الأَعقابِ، يُربى عَلى القَومِ بِفَضلِ الرابي
وَأَنتَ شَغّابٌ عَلى الشَغّابِ، لِلخُطَّةِ الفَقماءِ آبٍ، آبِ، مِن ذي حُروبٍ ثاقِبِ الشِهابِ، إِذا غَدَت مُفتَرَّةً عَن نابِ
وَعَسكَرٍ مِثلِ الدُجى دَبّابِ، يَعصِفُ بِالشيبِ وَبِالشَبابِ، جُندٍ كَأُسدِ الغابَةِ الصِعابِ، صَبَّحتَهُ وَالشَمسُ في الجِلبابِ
بِغارَةٍ تَحتَ الشَفا أَسرابِ، بِالمَوتِ وَالحُرسِيَّةِ الغِضابِ، كَالجِنِّ ضَرّابينَ لِلرِقابِ، دَأبَ اِمرِئٍ لِلوَجَلى رَكّابِ
لا رَعِشِ القَلبِ وَلا هَيّابِ، جَوّابِ أَهوالٍ عَلى جَوّابِ، يُزجي لِواءً كَجَناحِ الطابِ، في جَحفَلٍ جَمٍّ كَعَرضِ اللابِ
حَتّى اِستَباحوا عَسكَرَ الكَذّابِ، بِالطَعنِ بَعدَ الطَعنِ وَالضِرابِ، ثُمَّتَ آبوا أَكرَمَ المَآبِ، نِعمَ لِزازُ المُترَفِ المُرتابِ
وَنِعمَ جارُ العُيَّلِ السِغابِ، يَهوونَ في المُحمَرَّةِ الغِلابِ، رَحبُ الفَناءِ مُمرِغُ الجِنابِ، يَلقاكَ ذو الغُصَّةِ لِلشَرابِ
بَلجَ المُحَيّا مُحصَدَ الأَسبابِ، يَجري عَلى العِلّاتِ غَيرَ كابِ، مُستَفزِعاً جَريَ ذَوي الأَحسابِ، ما أَحسَنَ الجودَ عَلى الأَربابِ
وَأَقبَحَ المَطلَ عَلى الوَهّابِ، أَبطَأتُ عَن أَصهارِيَ الحِبابِ وَالشُهدُ مِنّا وَلقَةُ الغُرابِ وَأَنا مِن عَبدَةَ في عَذابِ
قَد وَعَدَت وَالوَعدُ كَالكِتابِ، فَأَنتَ لِلأَدنَينَ وَالجِنابِ، كَالأُمِّ لا تَجفو عَلى العِتابِ، فَأَمضِها مِن بَحرِكَ العُبابِ
بِالنَجنَجِيّاتِ مَعَ الثِيابِ، فَداكَ كُلُّ مَلِقٍ خَيّابِ، داني المُنى ناءٍ عَنِ الطُلّابِ، إِنّي مِنَ الحَبسِ عَلى اِكتِئابِ
فَاِحسِم تَبَيّاً أَو تَنيلُ ما بي، وَلا يَكُن حَظّي اِنتِظارَ البابِ
قصيدة لا تبغ شر امرئ شراً من الداء
قصيدة لا تبغ شر امرئ شراً من الداء، من أجمل قصائد بشار بن برد، وتقول:
لا تَبغِ شَرَّ اِمرِئٍ شَرّاً مِنَ الداءِ وَاِقدَح بِحِلمٍ وَلا تَقدَح بِشَحناءِ، ما لي وَأَنتَ ضَعيفٌ غَيرَ مُرتَقَبٍ، أُبقي عَلَيكَ وَتَفري غَيرَ إِبقاءِ
مَهلاً فَإِنَّ حِياضَ الحَربِ مُترَعَةٌ، مِنَ الذُعافِ مُرارٌ تَحتَ حَلواءِ، أَحينَ طُلتَ عَلى مَن قالَ قافِيَةً وَطالَ شِعري بِحَيٍّ بَعدَ أَحياءِ
أَلزَمتَ عَينَكَ مِن بَغضائِنا حَوَلاً، لَو قَد وَسَمتُكَ عادَت غَيرَ حَولاءِ، اِطلُب رِضايَ وَلا تَطلُب مُشاغَبَتي
لا يَحمِلُ الضَرِعُ المُقوَرُّ أَعبائي، أَنا المُرَعَّثُ لا أَخفى عَلى أَحَدٍ، ذَرَّت بِيَ الشَمسُ لِلداني وَلِلنائي، يَغدو الخَليفَةُ مِثلي في مَحاسِنِهِ
وَلَستَ مِثلي فَنَم يا ماضغ الماءِ، إِنّي إِذا شَغَلَت قَوماً فِقاحُهُمُ، رَحبُ المَسالِكِ نَهّاضٌ بِبَزلاءِ، يَثوي الوُفودُ وَأُدعى قَبلَ يَومِهُمُ
إِلى الحِباءِ وَلَم أَحضُر بِرَقّاءِ، لَو كانَ يَحيى تَميمِيّاً أَسَأتُ بِهِ، لَكِنَّهُ قُرَشِيٌّ فَرخُ بَطحاءِ، يَحيى فَتىً هاشِمِيٌّ عَزَّ جانِبُهُ
فَلا يُلامُ وَإِن أَجرى مَعَ الشاءِ، نِعمَ الفَتى مِن قُرَيشٍ لا نُدافِعُهُ، عَنِ النَبِيِّ وَإِن كانَ اِبنَ كَلّاءِ، ما زالَ في سُرَّةِ البَطحاءِ مَنبِتُهُ
مُقابَلاً بَينَ بَرديٍّ وَحَلفاءِ، يا أَسَدَ الحَيِّ إِن راحوا بِمَأدُبَةٍ، وَثَعلَبَ الحَيِّ إِن ذافوا لِأَعداءِ، لا تَحسَبَنّي كَأَيرٍ بِتَّ تَمسَحُهُ
كَيما يَقومُ وَيَأبى غَيرَ إِغفاءِ، قَد سَبَّحَ الناسُ مِن وَسمي أَبا عُمَرٍ، فَهَل رَبَعتَ عَلى تَسبيحَ قَرّاءِ
كَوَيتُ قَوماً بِمِكواتي فَما صَبَروا، عَلى العِقابِ وَقَد دَبّوا بِدَهياءِ وَرُبَّما أَغرَقَ الأَدنى فَقُلتُ لَهُ
إِن كانَ مِن نَفَري أَو نَجلَ آبائي، قُل ما بَدا لَكَ مِن زورٍ وَمِن كَذِبٍ، حِلمي أَصَمُّ وَأُذني غَيرُ صَمّاءِ
يَنزو اللَئيمُ وَلَو أَلقَيتَ مِئزَرَهُ، لاحَت بِوَجعائِهِ آثارُ كَوّاءِ، ما زِلتَ تَطعَنُ بِالمَلعونِ في دُبُرٍ
حَتّى اِشتَرَيتَ حُلاقاً في اِستِ خَرّاءِ، هَلّا مَنَعتُم بَني وَأدانَ أُمَّكُمُ، مِنَ المُوَسَّمِ إِذ يَسري بِقَنفاءِ
بِتُّم نِياماً وَباتَ العِلجُ يَنفُضُها، في لَيلَةٍ مِثلِ ضَوءِ الصُبحِ قَمراءِ
وَيلُ اِمِّهِ نَبَطِيّاً فَضَّ خاتَمَها، بِفَيشَةٍ مِثلِ رَأسِ الكَلبِ جَوفاءِ
قصيدة أجارتنا ما بالهوان خفاء
أَجارَتَنا ما بِالهَوانِ خَفاءُ وَلا دونَ شَخصي يَومَ رُحتُ عَطاءُ، أَحِنُّ لِما أَلقى وَإِن جِئتُ زائِراً
دُفِعتُ كَأَنّي وَالعَدُوَّ سَواءُ، وَمَنَّيتِنا جوداً وَفيكِ تَثاقُلٌ وَشَتّانَ أَهلُ الجودِ وَالبُخَلاءُ
عَلى وَجهِ مَعروفِ الكَريمِ بَشاشَةٌ، وَلَيسَ لِمَعروفِ البَخيلِ بَهاءُ، كَأَنَّ الَذي يَأتيكَ مِن راحَتَيهِما
عَروسٌ عَلَيها الدُرُّ وَالنُفَساءُ، وَقَد لُمتُ نَفسي في الرَبابِ فَسامَحَت، مَراراً وَلَكِن في الفُؤادِ عِصاءُ
تَحَمَّلَ والي أُمِّ بَكرٍ مِنَ اللِوى، وَفارَقَ مَن تَهوى وَبُتَّ رَجاءُ، فَأَصبَحتَ مَخلوعاً وَأَصبَحَ
بِأَيدي الأَعادي وَالبَلاءُ بَلاءُ، خَفيتُ لِعَينٍ مِن ضَنينَةَ ساعَفَت، وَما كانَ مِنّي لِلحَبيبِ خَفاءُ
وَآخِرُ عَهدٍ لي بِها يَومَ أَقبَلَت، تَهادى عَلَيها قَرقَرٌ وَرِداءُ، عَشِيَّةَ قامَت بِالوَصيدِ تَعَرُّضاً
وَقامَ نِساءٌ دونَها وَإِماءُ، مِنَ البيضِ مِعلاقُ القُلوبِ كَأَنَّما جَرى بِالرُقى في عَينِها لَكَ ماءُ
إِذا سَفَرَت طابَ النَعيمُ بِوَجهِها، وَشُبِّهَ لي أَنَّ المَضيقَ فَضاءُ، مَريضَةُ ما بَينَ الجَوانِحَ بِالصِبا
وَفيها دَواءٌ لِلقُلوبِ وَداءُ، فَقُلتُ لِقَلبٍ جاثِمٍ في ضَميرِهِ، وَدائِعُ حُبٍّ ما لَهُنَّ دَواءُ
تَعَزَّ عَنِ الحَوراءِ إِنَّ عِداتِها، وَقَد نَزَلَت بِالزابِيَينِ لِفاءُ، يَموتُ الهَوى حَتّى كَأَن لَم يَكُن هَوىً
وَلَيسَ لِما اِستَبقَيتُ مِنك بَقاءُ، وَكَيفَ تُرَجّي أُمَّ بَكرٍ بَعيدَةً وَقَد كُنتَ تُجفى وَالبُيوتُ رِئاءُ
أَبى شادِنٌ بِالزابِيَينِ لِقاءَنا، وَأَكثَرُ حاجاتِ المُحِبِّ لِقاءُ، فَأَصبَحتُ أَرضى أَن أُعَلَّلَ بِالمُنى
وَما كانَ لي لَولا النَوالُ حَزاءُ، فَيا كَبِداً فيها مِنَ الشَوقِ قَرحَةٌ وَلَيسَ لَها مِمّا تُحِبُّ شِفاءُ
خَلا هَمُّ مَن لا يَتبَعُ اللَهوَ وَالصِبا، وَما لِهُمومِ العاشِقينَ خَلاءُ، تَمَنَّيتَ أَن تَلقى الرَبابَ وَرُبَّما
تَمَنّى الفَتى أَمراً وَفيهِ شَقاءُ، لَعَمرُ أَبيها ما جَزَتنا بِنائِلٍ وَما كانَ مِنها بِالوَفاءِ وَفاءُ
وَخَيرُ خَليلَيكَ الَذي في لِقائِهِ، رَواحٌ وَفيهِ حينَ شَطَّ غَناءُ وَما القُربُ إلا لِلمُقَرِّبِ نَفسَهُ
وَلَو وَلَدَتهُ جُرهُمٌ وَصَلاءُ، وَلا خَيرَ في وُدِّ امرئ مُتَصَنِّعٍ، بِما لَيسَ فيهِ وَالوِدادُ صَفاءُ
سَأُعتِبُ خُلّاني وَأَعذِرُ صاحِبي، بِما غَلَبَتهُ النَفسُ وَالغُلَواءُ وَما لِيَ لا أَعفو وَإِن كانَ ساءَني
وَنَفسي بِما تَجني يَدايَ تُساءُ، عِتابُ الفَتى في كُلِّ يَومٍ بَلِيَّةٌ وَتَقويمُ أَضغانِ النِساءِ عَناءُ
صَبَرتُ عَلى الجُلّى وَلَستُ بِصابِرٍ، عَلى مَجلِسٍ فيهِ عَلَيَّ زِراءُ وَإِنّي لِأَستَبقي بِحِلمي مَوَدَّتي
وَعِندي لِذي الداءِ المُلِحِّ دَواءُ، قَطَعتُ مِراءَ القَومِ يَومَ مَهايلٍ، بِقَولي وَما بَعدَ البَيانِ مِراءُ
وَقَد عَلِمَت عَليا رَبيعَةَ أَنَّني إِذا السَيفُ أَكدى كانَ فِيَّ مَضاءُ، تَرَكتُ اِبنَ نِهيا بَعدَ طولِ هَديرِهِ
مُصيخاً كَأَنَّ الأَرضَ مِنهُ خَلاءُ وَما راحَ مِثلي في العِقابِ وَلا غَدا، لِمُستَكبِرٍ في ناظِريهِ عَداءُ
تَزِلُّ القَوافي عَن لِساني كَأَنَّها حُماتُ الأَفاعي ريقُهُنَّ قَضاءُ
قصيدة علليني يا عبد أنت الشفاء
قصيدة علليني يا عبد أنت الشفاء، من أشهر قصائد بشار بن برد، وتقول:
علِّليني يا عَبدَ أَنتِ الشِفاءُ، وَاِترُكي ما يقول لي الأَعداءُ، كُلُّ حَيٍّ يُقالُ فيهِ وَذو الحِلمِ مُريحٌ وَلِلسَفيهِ الشَقاءُ
لَيسَ مِنّا مَن لا يُعابُ فَأَغضي، رُبَّ زارٍ بادٍ عَلَيهِ الزَراءُ، أَنا مَن قَد عَلِمتِ لا أَنقُضُ العَهدَ وَلا تَستَخِفُّني الأَهواءُ
وَعَجيبٌ نَكثُ الكَريمِ وَلِلنَفسِ، مَعادٌ وَلِلحَياةِ اِنقِضاءُ، فَاِذكُري حَلفَتي أَقارِفُ أُخرى، يَومَ زَكّى تِلكَ اليَمينَ البُكاءُ
يَومَ لا تَحسَبي يَميني خِلاباً، بِيَميني تُوَقَّرُ الأَحشاءُ، فَتَصَدَّت بَعدَ الصُدودِ وَقالَت: قَتَلَتني أَنفاسُكَ الصُعَداءُ
قُلتُ نَفسي الفِدا عَلى عادَةٍ مِني جَرى ما جَرى وَقَلبي بَراءُ، فَاِعذُريني يا شِقَّةَ النَفسِ إِنّي تُبتُ مِمّا مَضى وَعِندي وَفاءُ
وَجَوارٍ إِذا تَحَلَّينَ لَم تَدرِ أَشاءٌ في حَليِها أَم نِساءُ، يَومَ سِلوانَ إِذ يُنادينَني أَقبِل إِلَينا فَعِندَنا ما تَشاءُ
يَتَعَرَّضنَ لي بِفاتِرَةِ الطَرفِ إِذا أَقبَلَت ثَناها الحَياءُ، كَمَهاةِ الكِناسِ تَطوي لَنا النَفسَ عَلى وَدَّةٍ وَفينا جَفاءُ
رُحنَ يَدعونَني إِلَيها فَأَمسَكتُ بِسَمعي فَضاعَ ذاكَ الدُعاءُ، ضامَهُنَّ الَذي تَمَنَّينَ شُغلي، بِفَتاةٍ مِنها التُقى وَالحَياءُ
نَعِمَت في الصِبا فَلَمّا اِسبَكَرَّت، خَفَّ قُدّامُها وَجَلَّ الوَراءُ، وَرَآها النِساءُ تَغلو فَسَبن غَلاءً لَمّا اِستَبانَ الغَلاءُ
هِيَ كَالشَمسِ في الجَلاءِ وَكَالبَدرِ إِذا قُنِّعَت عَلَيها الرِداءُ، أُنسِيَت قَرقَرَ العَفافِ وَفي العَينِ دَواءٌ لِلناظِرينَ وَداءُ
فَخمَةٌ فَعمَةٌ بَرودُ الثَنايا، صَعلَةُ الجيدِ غادَةٌ غَيداءُ، أُزِّرَت دِعصَةً وَتَمَّت عَسيباً، مِثلَ أَيمِ الغَا دَعاهُ الأَباءُ
وَثَقالُ الأَوصالِ سَربَلَها الحُسنُ، بَياضاً وَالرَوقَةُ البَيضاءُ، زانَها مُسفِرٌ وَثَغرٌ نَقِيٌّ، مِثلُ دُرِّ النِظامِ فيهِ اِستِواءُ
وَقَوامٌ يَعلو القِوامَ وَنَحرٌ، طابَ رُمّانُهُ عَلَيهِ الأَياءُ، وَبَنانٌ يا وَيحَهُ مِن بَنانٍ، كَنَباتٍ سَقاهُ جَمَّ رَواءُ
وَلَها وارِدُ الغَدائِرِ كَالكَرمِ سَواداً قَد حانَ مِنهُ اِنتِهاءُ، وَحَديثٌ كَأَنَّهُ قِطَعُ الرَوضِ زَهَتهُ الصَفراءُ وَالحَمراءُ
لَم يُعَلَّل بِها سِوايَ وَلَم تَبدُ لِنارٍ الصِلاءُ، وَإِذا أَقبَلَت تَهادى الهُوَينى، اِشرَأَبَّت ثُمَّ اِستَنارَ الفَضاءُ
لَم تَنَلها يَدي بِحَولي وَلَكِن، قُضِيَت لي وَهَل يُرَدُّ القَضاءُ، كانَ وُدّي لَها خَبِيّاً فَأَسرَعتُ
إِلَيها وَالأَمرُ فيهِ اِلتِواءُ، وَسَأَلتُ النِساءَ أَبصَرنَ ما أَبصَرتُ، مِن حُسنِها فَقالَ النِساءُ
دونَ وَجهِ البَغيضِ وَحشَةُ هَولٍ وَعَلى وَجهِ مَن تُحِبُّ البَهاءُ
قصيدة حييا صاحبي أم العلاء
حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ وَاِحذَرا طَرفَ عَينِها الحَوراءِ، إِنَّ في عَينِها دَواءً وَداءً، لِمُلِمٍّ وَالداءُ قَبلَ الدَواءِ
رُبَّ مُمسٍ مِنها إِلَينا عَلى رَغمِ إِزاءٍ لا طابَ عَيشُ إِزاءِ، أَسقَمَت لَيلَةَ الثُلاثاءِ قَلبِي وَتَصَدَّت في السَبتِ لي لِشَقائِي
وَغَداةَ الخَميسِ قَد مَوَّتَتني، ثُمَّ راحَت في الحُلَّةِ الخَضراءِ، يَومَ قالَت إِذا رَأَيتُكَ في النَومِ خَيالاً أَصَبتَ عَيني بِداءِ
وَاِستَخَفَّ الفُؤادُ شَوقاً إِلى قُربِكَ حَتّى كَأَنَّني في الهَواءِ، ثُمَّ صَدَّت لِقولِ حَمّاءَ فينا، يا لقَومي دَمي عَلى حَمّاءِ
لا تَلوما فَإِنَّها مِن نِساءٍ، مُشرِفاتٍ يَطرِفنَ طَرفَ الظِباءِ، وَأَعينا اِمرَأً جَفا وُدَّهُ الحَيُ، وَأَمسى مِنَ الهَوى في عَناءِ
اِعرِضا حاجَتي عَلَيها وَقولا، أَنَسيتِ السَرارَ تَحتَ الرِداءِ، وَمَقامي بَينَ المُصَلّى إِلى المِنبَرِ أَبكي عَلَيكِ جَهدَ البُكاءِ
وَمَقالَ الفَتاةِ عودي بِحِلمٍ، ما التَجَنّي مِن شيمَةِ الحُلَماءِ، فَاِتَّقي اللَهَ في فَتىً شَفَّهُ الحُبُ وَقَولُ العِدى وَطولُ الجَفاءِ
أَنتِ باعَدتِهِ فَأَمسى مِنَ الشَوقِ صَريعاً كَأَنَّهُ في الفَضاءِ، فَاِذكُري وَأيَهُ عَلَيكِ وَجودي، حَسبُكِ الوَأيُ قادِحاً في السَخاءِ
قَد يُسيءُ الفَتى وَلا يُخلِفُ الوَعدَ فَأَوفي ما قُلتِ بِالرَوحاءِ، إِنَّ وَعدَ الكَريمِ دَينٌ عَلَيهِ، فَاِقضِ وَاِظفَر بِهِ عَلى الغُرَماءِ
فَاِستَهَلَّت بِعَبرَةٍ ثُمَّ قالَت: كانَ ما بَينَنا كَظِلِّ السَراءِ، يا سُلَيمى قومي فَروحي إِلَيهِ، أَنتِ سُرسورَتي مِنَ الخُلَطاءِ
بَلِّغيهِ السَلامَ مِنّي وَقولي، كُلُّ شَيءٍ مَصيرُهُ لِفَناءِ، فَتَسَلَّيتُ بِالمَعازِفِ عَنها وَتَعَزّى قَلبي وَما مِن عَزاءِ
وَفَلاةٍ زَوراءَ تَلقى بِها العينَ رِفاضاً يَمشينَ مَشيَ النِساءِ، مِن بِلادِ الخافي تَغَوَّلُ بِالرَكبِ فَضاءً مَوصولَةً بِفَضاءِ
قَد تَجَشَّمتُها وَلِلجُندُبِ الجَونِ نِداءٌ في الصُبحِ أَو كَالنِداءِ، حينَ قالَ اليَعفورُ وَاِرتَكَضَ الآلُ بِرَيعانِهِ اِرتِكاضَ النِهاءِ
بِسَبوحِ اليَدَينِ عامِلَةِ الرِجلِ مَروحٍ تَغلو مِنَ الغُلواءِ، هَمُّها أَن تَزورَ عُقبَةَ في المُلكِ فَتَروى مِن بَحرِهِ بِدِلاءِ
مالِكِيٌّ تَنشَقُّ عَن وَجهِهِ الحَربُ كَما اِنشَقَّتِ الدُجى عَن ضِياءِ، أَيُّها السائِلي عَنِ الحَزمِ وَالنَجدَةِ وَالبَأسِ وَالنَدى وَالوَفاءِ
إِنَّ تِلكَ الخِلالَ عِندَ اِبنِ سَلمٍ، وَمَزيداً مِن مِثلِها في الغَناءِ، كَخَراجِ السَماءِ سيبُ يَدَيهِ، لِقَريبٍ وَنازِحِ الدارِ ناءِ
حَرَّمَ اللَهُ أَن تَرى كَاِبنِ سَلمٍ، عُقبَةِ الخَيرِ مُطعِمِ الفُقَراءِ، يَسقُطُ الطَيرُ حَيثُ يَنتَثِرُ الحَبُ وَتُغشى مَنازِلُ الكُرَماءِ
لَيسَ يُعطيكَ لِلرَجاءِ وَلا الخَوفِ وَلَكِن يَلَذُّ طَعمَ العَطاءِ، لا وَلا أَن يُقالَ شيمَتُهُ الجودُ وَلَكِن طَبائِعُ الآباءِ
إِنَّما لَذَّةُ الجَوادِ اِبنِ سَلمٍ، في عَطاءٍ وَمَركَبٍ لِلِقاءِ، لا يَهابُ الوَغى وَلا يَعبُدُ المالَ وَلَكِن يُهينُهُ لِلثَناءِ
أَريَحِيٌّ لَهُ يَدٌ تُمطِرُ النَيلَ وَأُخرى سُمٌّ عَلى الأَعداءِ، قَد كَساني خَزّاً وَأَخدَمني الحورَ وَخَلّى بُنَيَّتي في الحُلاءِ
وَحَباني بِهِ أَغَرَّ طَويلَ الباعِ صَلتَ الخَدَّينِ غَضَّ الفَتاءِ، فَقَضى اللَهُ أَن يَموتَ كَما ماتَ بَنونا وَسالِفُ الآباءِ
راحَ في نَعشِهِ وَرُحتُ إِلى عُقبَةَ أَشكو فَقالَ غَيرَ نِجاءِ، إِن يَكُن مِنصَفٌ أَصَبتُ فَعِندي، عاجِلٌ مِثلُهُ مِن الوصَفاءِ
فَتَنَجَّزتُهُ أَشَمَّ كَجَروِ اللَيثِ غاداكَ خارِجاً مِن ضَراءِ، فَجَزى اللَهُ عَن أَخيكَ اِبنَ سِلمٍ، حينَ قَلَّ المَعروفُ خَيرَ الجَزاءِ
صَنَعَتني يَداهُ حَتى كَأَنّي ذو ثَراءٍ مِن سِرِّ أَهلِ الثَراءِ، لا أُبالي صَفحَ اللَئيمِ وَلا تَجري دُموعي عَلى الخَؤُونِ الصَفاءِ
وَكَفاني أَمراً أَبَرَّ عَلى البُخلِ بِكَفٍّ مَحمودَةٍ بَيضاءِ، يَشتَري الحَمدَ بِالثَنا وَيَرى الذَممَ فَظيعاً كَالحَيَّةِ الرَقشاءِ
مَلِكٌ يَفرَعُ المَنابِرَ بِالفَضلِ وَيَسقي الدِماءَ يَومَ الدِماءِ، كَم لَهُ مِن يَدٍ عَلَينا وَفينا وَأَيادٍ بيضٍ عَلى الأَكفاءِ
أَسَدٌ يَقضُمُ الرِجالَ وَإِن شِئتَ فَغَيثٌ أَجَشُّ ثَرُّ السَماءِ، قائِمٌ بِاللِواءِ يَدفَعُ بِالمَو، رِجالاً عَن حُرمَةِ الخُلَفاءِ
فَعَلى عُقبَةَ السَلامُ مُقيماً، وَإِذا سارَ تَحتَ ظِلِّ اللِواءِ
قصيدة تجهز طال في النصب الثواء
قصيدة تجهز طال في النصب الثواء، من أجمل قصائد بشار بن برد، وتقول:
تَجَهَّز طالَ في النَصَبِ الثَواءُ وَمُنتَظَرُ الثَقيلِ عَلَيَّ داءُ، تَرَكتُ رِياضَةَ النَوكى قَديماً، فَإِنَّ رِياضَةَ النَوكى عَياءُ
إِذا ما سامَني الخُلَطاءُ خَسفاً، أَبَيتُ وَرُبَّما نَفَعَ الإِباءُ وَإِغضائي عَلى البَزلاءِ وَهنٌ وَوَجهُ سَبيلِها رَحبٌ فَضاءُ
قَضَيتُ لُبانَةً وَنَسَأتُ أُخرى، وَلِلحاجاتِ وَردٌ وَاِنقِضاءُ، عَلى عَينَي أَبي أَيّوبَ مِنّي، غِطاءٌ سَوفَ يَنكَشِفُ الغِطاءُ
جَفاني إِذ نَزَلتُ عَلَيهِ ضَيفاً، وَلِلضَيفِ الكَرامَةُ وَالحِباءُ، غَداً يَتَعَلَّمُ الفَجفاجُ أَنّي أَسودُ إِذا غَضِبتُ وَلا أُساءُ
نَأَت سَلمى وَشَطَّ بِها التَنائي، وَقامَت دونَها حَكَمٌ وَحاءُ وَأَقعَدَني عَنِ الغُرِّ الغَواني وَقَد نادَيتُ لَو سُمِعَ النِداءُ
وَصِيَّةُ مَن أَراهُ عَلَيَّ رَبّاً، وَعَهدٌ لا يَنامُ بِهِ الوَفاءُ، هَجَرتُ الآنِساتِ وَهُنَّ عِندي، كَماءِ العَينِ فَقدُهُما سَواءُ
وَقَد عَرَّضنَ لي وَاللَهُ دوني، أَعوذُ بِهِ إِذا عَرَضَ البَلاءُ وَلَولا القائِمُ المَهديُّ فينا، حَلَبتُ لَهُنَّ ما وَسِعَ الإِناءُ
وَيَوماً بِالجُدَيدِ وَفَيتُ عَهداً، وَلَيسَ لِعَهدِ جارِيَةٍ بَقاءُ، فَقُل لِلغانِياتِ يَقِرنَ إِنّي وَقَرتُ وَحانَ مِن غَزَلي اِنتِهاءُ
نَهاني مالِكُ الأَملاكِ عَنها، فَثابَ الحِلمُ وَاِنقَطَعَ العَناءُ وَكَم مِن هاجِرٍ لِفَتاةِ قَومٍ وَبَينَهُما إِذا اِلتَقَيا صَفاءُ
وَغَضّات الشَبابِ مِنَ العَذارى، عَلَيهنَّ السُموطُ لَها إِباءُ، إِذا نَبَحَ العِدى فَلَهُنَّ وُدّي وَتَربِيتي وَلِلكَلبِ العُواءُ
لَهَوتُ بِهِنَّ إِذ مَلَقي أَنيقٌ، يَصِرنَ لَهُ وَإِذ نَسَمي شِفاءُ وَأَطبَقَ حُبُّهُنَّ عَلى فُؤادي، كَما اِنطَبَقَت عَلى الأَرضِ السَماءُ
فَلَمّا أَن دُعيتُ أَصَبتُ رُشدِي وَأَسفَرَ عَنِّيَ الداءُ العَياءُ، عَلى الغَزَلى سَلامُ اللَهِ مِنّي وَإِن صَنَعَ الخَليفَةُ ما يَشاءُ
فَهَذا حينَ تُبتُ مِنَ الجَواري وَمِن راحٍ بِهِ مِسكٌ وَماءُ وَإِن أَكُ قَد صَحَوتُ فَرُبَّ يَومٍ، يَهُزُّ الكَأسُ رَأسي وَالغِناءُ
أَروحُ عَلى المَعازِفِ أَربَخيّا وَتَسقيني بِريقَتِها النِساءُ وَما فارَقتُ مِن سَرَفٍ وَلَكِن طَغى طَرَبي وَمالَ بِيَ الفَتاءُ
أَوانَ يَقولُ مُسلِمَةُ ابنُ قَيسٍ وَلَيسَ لِسَيِّدِ النَوكى دَواءُ، رُوَيدَكَ عَن قِصافَ عَلَيكَ عَينٌ وَلِلمُتَكَلِّفِ الصَلِفِ العَفاءُ
فَلا لاقى مَناعِمَهُ اِبنُ قَيسٍ، يُعَزّيني وَقَد غُلِبَ العَزاءُ
قصيدة نأتك على طول التجاور زينب
قصيدة نأتك على طول التجاور زينب من أشهر قصائد بشار بن برد أيضاً، وتقول:
نَأَتكَ عَلى طولِ التَجاوُرِ زَينَبُ، وَما شَعَرَت أَنَّ النَوى سَوفَ تَصقُبُ، كأَنَّ الَّذي غالَ الرَحيلُ رُقادَها، بِما عَضَبَت مِن قُربِنا النَفسَ تَعضَبُ
تَداعى إِلى ما فاتَنا مِن وَداعِنا، عَلى بُعدِها بِالوَأيِ إِذ تَتَقَرَّبُ، فَإِن تَنصَبي يَوماً إِلى لَمَّةِ الهَوى، فَإِنّي بِما أَلقى إِلى تِلكَ أَنصَبُ
سَلي تُخبَري أَنَّ المَعَنّى بِذِكرِكُم، عَلى سُنَّةٍ فيمَن يَحيبُ وَيَدأَبُ، إِذا ذادَ عَنهُ عَقرَباً مِن هَواكُمُ، بِرُقيَتِهِ دَبَّت لَهُ مِنكِ عَقرَبُ
فَباتَ يُدَنّي قَلبَهُ مِن جَلادَةٍ، لِيَقلِبَهُ عَنكُم فَلا يَتَقَلَّبُ، أَبى مِنكِ ما يَلقى وَيَأبى فُؤادُهُ، سِواكِ فَيُلمي هَجرُهُ ثُمَّ يُغلَبُ، لِذي نُصحِهِ عَنكُم بِهِ أَجنَبِيَّةٌ
وَعَن نُصحِ دُنياهُ بِهِ القَلبُ أَجنَبُ، فُؤادٌ عَلى نَهيِ النَصيحِ كَأَنَّما يُحَثُّ بِما يُنهى إِلَيهِ وَيُتعَبُ، فَماتَ بِما يُرخى لَهُ مِن خِناقِهِ
وَيَحيا عُلوقاً في الحِبالِ فَيَنشَبُ، كَشاكِيَةٍ مِن عَينِها غَربَ قُرحَةٍ، تَداوى بِما تَدوى عَلَيهِ وَتَذرَبُ، يَغَصُّ إِذا نالَ الطَعامَ لِذِكرِكُم
وَيَشرَقُ مِن وَجدٍ بِكُم حينَ يَشرَبُ، فَلا مَذهَبٌ عَنكُم لَهُ شَطَّ أَو دَنا، سِواكِ وَفي الأَرضِ العَريضَةِ مَذهَبُ، عَلى النَأيِ مَحزونٌ وَفي القُربِ مُغرَمٌ
فَيا كَبِدا أَيَّ الطَريقَينِ أَركَبُ، إِذا خَدِرَت رِجلي شَفَيتُ بِذِكرِها، أَذاها فَأَهفو بِاِسمِها حينَ تُنكَبُ، لَقَد عُيِّنَت عَمّا أُقاسي بِذِكرِها
وَعَمّا يَقولُ الشاهِدي حينَ أَطرَبُ، يَرى الناسُ ما نُبدي بِزَينَبَ إِذ نَأَت، عَجيباً وَما يَخفى مِنَ الحُبِّ أَعجَبُ، يَروحُ وَيَغدو واجِداً يَنتَحي الهَوى
عَلى رِجلِ مَصبورٍ عَلى الوِردِ أَجرَبُ، إِذا عَرَضَ القَومُ الحَديثَ بِذِكرِها، أَئِنُّ كَما أَنَّ المَريضُ المُوَصَّبُ، إِذا ما نَأَت فَالعَيشُ ناءٍ لِنَأيِها
وَإِن قَرُبَت فَالمَوتُ بِالقُربِ يَقرُبُ، كَفاكَ مِنَ الذَلفاءِ لَو كُنتَ تَكتَفي، مَواعِدُ لَم تَذهَب بِها حَيثُ تَذهَبُ وَقائِلَةٍ حينَ اِستُحِقَّ رَحيلُنا
وَأَجفانُ عَينَيها تَجودُ وَتَسكُبُ، أَغادٍ إِلى حَرّانَ في غَيرِ شيعَةٍ وَذَلِكَ شَأوٌ عَن هَوانا مُغَرَّبُ، فَقُلتُ لَها كَلَّفِتني طَلَبَ النَدى
وَلَيسَ وَراءَ اِبنِ الخَليفَةِ مَطلَبُ، سَيَكفي فَتىً مِن شيعَةٍ حَدُّ سَيفِهِ وَكورٌ عِلافِيٌّ وَوَجناءُ ذِعلِبُ، إِذا اِستَوعَرَت دارٌ عَلَيهِ رَمى بِها
بَناتِ الصُوى مِنها رَكوبٌ وَمُصعِبُ، فَعُدّي إِلى يَومَ اِرتَحَلتُ وَسائِلي، نَوافِلَكِ الفَعّالَ مَن جاءَ يَضرِبُ، لِعَلَّكِ أَن تَستَيقِني أَنَّ زَورَتي
سُلَيمانَ مِن سَيرِ الهَواجِرِ يُعقِبُ، وَماءِ عَفاءٍ لا أَنيسَ بِجَوِّهِ، حَليفاهُ مِن شَتّى عِفاءٌ وَطُحلُبُ، وَرَدتُ إِذا اِلتاثَ الهِجانُ وَقَد خَوى
عَلَيهِ مِنَ الظَلماءِ بَيتٌ مُطَنَّبُ، نَعوجٌ عَلى التَأويبِ صُعرٌ مِنَ البَرى، نَواشِطُ في لُجٍّ مِنَ اللَيلِ تَنعَبُ، إِذا ما أَنَخناها لِغَيرِ تَئِيَّةٍ
عَلى غَرَضِ الحاجاتِ وَالقَومُ لُغَّبُ، وَقَعنَ فَريصاتِ السَديسِ كَما دَعا، عَلى فَنَنٍ مِن ضالَةِ الأَيكِ أَخطَبُ، قَلائِصُ إِن حَرَّكتَ كَفّاً تَكَمَّشَت
كَأَنَّ عَلى أَكسائِها الجِنَّ تُجلِبُ، سُقينَ بِحَذّاءِ النَجاءِ شِمِلَّةٍ، إِذا قالَ يَعفورُ الفَلاةِ تَأَوَّبوا، مُفَرَّجَةُ الضَبعَينِ مَمهورَةُ القَرى
تَحُذُّ عَلَيها راكِبٌ مُتَنَقِّبُ، سَرى اللَيلَ وَالتَهجيرَ في كُلِّ سَبسَبٍ، يُعارِضُهُ مِن عارِضِ النَصِّ سَبسَبُ، دَياميمُ تَرمي بِالمَطِيِّ إِلَيكُمُ
تَظَلُّ بَناتُ الأَزَلِ فيهِنَّ تَلعَبُ، وَكَم جاوَزَت مِن ظَهرِ أَرعَنَ شاخِصٍ وَمِن بَطنِ وادٍ جَوفُهُ مُتَصَوِّبُ، لَها هاتِفٌ يَحكي غِناءً عَشَنَّقاً
سَميعاً بِما أَدّى لَهُ الصَوتُ مُعرِبُ، فَغَنَّت غِناءً عَينُهُ وَلِسانُهُ، قَريبُ مَصارِ الصَوتِ لَيسَ يُثَقَّبُ، هُوَ الخَنفُ لا إِنسٌ وَلا نَجلُ جِنَّةٍ
يَعيشُ وَلا يَغذوهُ أُمٌّ وَلا أَبُ، إِلَيكَ أَبا أَيّوبَ أَسمَعتُ صاحِبي، أَغانِيَهُ وَالناعِجاتُ تَسَرَّبُ، إِذا خَرَجَت مِن عَينِهِ قُلتُ لَيتَني
يَجوبُ الدُجى مِنها حَرارٌ وَتَنعَبُ، شَرِبتُ بِرَنقٍ مِن مُدامٍ وَلَو دَنَت، حِياضُ سُلَيمانٍ صَفا لِيَ مَشرَبُ، إِذا جِئتِ حَرّاناً وَزُرتِ أَميرَها
فَرَبُّكِ مَضمونٌ وَواديكِ مُعشِبُ، هُناكَ اِمرُؤٌ إِنَّ النَوالَ لِمَن دَنا، لَهُ عَطَنٌ سَهلٌ وَكَفٌّ تَحَلَّبُ، دَرورٌ لِقَومٍ بِالحَياةِ عَلى الرِضى
عَلى أَنَّ فيها مَوتَهُم حينَ يَغضَبُ، أَلا أَيُّها المُستَعتِبُ الدَهرَ مَسَّهُ، مِنَ الضيقِ وَالتَأنيبِ نابٌ وَمِخلَبُ، إِذا قَذِيَت عَينُ الزَمانِ فَداوِها
بِقُربِ سُلَيمانٍ فَإِنَّكَ مُعتَبُ، عَداكَ العِدى ما سارَ تَحتَ لِوائِهِ، بَطاريقُ في الماذِيِّ كَهلٌ وَأَشيَبُ، هُوَ المَرءُ يَستَعلي قُرَيشاً بِنَفعِهِ
وَدَفعِ عَدُوٍّ فاحِشٍ حينَ يَكلَبُ، رَزينُ حَصاةِ العِلمِ لا يَستَخِفُّهُ، أَحاديثُ يَستَوعي عَلَيها المُعَيِّبُ، شَبيهُ أَميرِ المُؤمِنينَ وَسَيفُهُ
بِهِ يُتَّقى في النائِباتِ وَيُعصَبُ، يَهَشُّ لِميقاتِ الجِهادِ فُؤادُهُ، فَلا يَتَطَرَّقهُ البَنانُ المُخَضَّبُ، إِذا الحَربُ قامَت قامَ حَتّى يُفيدَها
قُعوداً وَحُثحوثُ الكَتيبَةِ مُطنَبُ، لَهُ كُلَّ عامٍ غَزوَةٌ بِمُسَوَّمٍ، يَقودُ المَنايا رايُهُ حينَ يَذهَبُ، لُهامٌ كَأَنَّ البيضَ في حَجَراتِهِ
نُجومُ سَماءٍ نورُها مُتَجَوِّبُ، كَراديسُ خَيلٍ لا تَزالُ مُغيرَةً، بِها المَلِكُ الرومِيُّ عانٍ مُعَذَّبُ، كَأَنَّ بَناتِ اليونِ بَعدَ إِيابِهِ
مُوَزَّعَةً بَينَ الصَحائِبِ رَبرَبُ، مَواهِبُ مَغبوطٌ بِها مَن يَنالُها، صَفايا سَبايا الرومِ بِكرٌ وَثَيِّبُ، وَما قَصَدَت قَوماً مُحَلّينَ خَيلُهُ
فَتَصرُفَ إِلّا عَن دِماءٍ تَصَبَّبُ، جَديرٌ بِتَركِ النائِحاتِ إِذا غَدا، لَهُنَّ عَلى القَتلى عَويلٌ وَمَندَبُ، أَغَرُّ هِشامِيُّ القَناةِ إِذا اِنتَمى
نَمَتهُ بُدورٌ لَيسَ فيهِنَّ كَوكَبُ، جَميلُ المُحَيّا حينَ راحَ كَأَنَّما تُخُيِّرَ في ديباجَةِ الوَصفِ مُذهَبُ
يَزينُ سَريرَ المُلكِ زَيناً وَيَنتَهي، بِهِ المِنبَرُ المَنصوبُ في يَومِ يَخطُبُ
قصيدة يا صاحبي العشية احتسبا
يا صاحِبَيَّ العَشِيَّةَ اِحتَسِبا، جَدَّ الهَوى بِالفَتى وَما لَعِبا وَاللَهِ، وَاللَهِ ما أَنامُ وَلا أَملِكُ عَيني دُموعَها طَرِبا
أَبقى لَنا الدَهرُ مِن تَذَكُّرِ مَن قَد كانَ جاراً فَبانَ وَاِغتَرَبا، لِلَّهِ دَمعي أَلّا أُكَلِّمَهُ، يَومَ غَدا في السُلافِ من شعبا
ما كانَ ذَنبي أَنّي شَقيتُ بِهِ، وَشُؤمَ عَينٍ كانَت لَنا سَبَبا، أَفرَغتُ دَمعي عَلى الحَبيبِ فَأَعجَبتُ رِجالاً وَلَم أَكُن عَجَبا
قَبلي تَصابى الفَتى وَمالَ بِهِ، حُبُّ المَعاصيرِ عَفَّ أَو طَلَبا، ما كانَ حُبّي سَلمى وَرُؤيَتُها، إِلّا قَذىً في مَدامِعي نَشِبا
أُريدُ نِسيانَها فَيُذكِرُني، ما باتَ في الجارَتَينِ مُكتَسَبا، لِلَّهِ سَلمى إِذ لا تُطيعُ بِنا الواشي وَإِذ لا نُطيعُ مَن عَتَبا، تَدنو مَعَ الذِكرِ كُلَّما نَزَحَت
حَتّى أَرى شَخصَها وَما اِقتَرَبا، وَيَومَ أَشكو إِلى أُسامَةَ مَكنونَ الهَوى فَاِستَطارَ وَاِلتَهَبا، قالَت سُلَيمى أَعِندَنا شُغُلٌ، عَنكَ وَلَكِن لا تُحسِنُ الحَلَبا
أَكرِم خَليطاً تَنَل كَرامَتَهُ، لَستَ بِجانٍ مِن شَوكِهِ عِنَبا، زَينَ الجَواري خُلِقتِ مِن عَجَبٍ وَالحِرصُ عَجلانُ يَفضَحُ الأَدَبا وَبِالنَقى وَالعُيونُ حاضِرَةٌ
عَيَّنَّنا كُلَّ شارِقٍ عَقِبا، دَسَّت إِلَيَّ البَنّانَ تُخبِرُني، عَنها فَمَنّى وَرُبَّما كَذَبا، كانَت عَلى ذاكَ ثُمَّتَ اِنقَلَبَت، كَما دَعَوتُ الزَماعَ فَاِنقَلَبا
كَم مِن نَعيمٍ نِلنا لَذاذَتَهُ، وَمَجلِسٍ عادَ ذِكرُهُ نَصَبا، لَم يَبقَ إِلّا الخَيالُ يُذكِرُني، ما كانَ مِنها وَكانَ مُطّلَبا، دَع عَنكَ سَلمى شَجىً لِطالِبَها
لا يَسبِقُ الرَأيُ دونَ ما كُتِبا، سَأَترُكُ الغُرَّ لِلعُيونِ وَلا أَترُكُ شُربَ الصَهباءِ وَالغَرَبا وَمَلِكٌ تَسجُدُ المُلوكُ لَهُ، موفٍ عَلى الناسِ يَرزِقُ العَرَبا
راعٍ لِأَحسابِنا وَذِمَّتِنا، يُمسي دُواراً وَيَغتَدي نُصُبا، لا يَفتُرُ البُختُ وَالبِغالُ مَواقيراً خَراجاً يُجبى لَهُ دَأَبا، وَرُبَّما شَبَّتِ العُيونُ لَهُ
بَرقاً فَكانَت رُؤُسَ مَن شَغَبا، فَتى قُرَيشٍ ديناً وَمَكرُمَةً وَهَبتُ وُدّي لَهُ بِما وَهَبا، لا يَأثَرُ الغِلَّ لِلخَليلِ وَلا تَغلِبُهُ طَيرُهُ إِذا غَضِبا
يُعطيكَ ما هَبَّتِ الرِياحُ وَلا يُطمَعُ في دينِهِ وَإِن قَرُبا، شَهمٌ وَقورٌ يَزينُ غُرَّتَهُ، حِلمٌ وَزانَ الوَقارُ ما اِجتَنَبا
يَكفيكَ مِن قَسوَرٍ أَجَشَّ وَكَالماءِ زُلالاً يَجري لِمَن شَرِبا، بِجِلدَةٍ طابَت الثِيابُ وَبِالمَسِّ يُطيبُ العِيانَ وَالحَسَبا
تُشَمُّ نَعلاهُ في النَديِّ كَما شَمَّ النَدامى الرَيحانَ مُعتَقَبا، ساوَرتُ مِن دونِهِ العقل وَالجَوفَ أُزجّي المَهرِيَّةَ النُجُبا
مِنَ المُعَدّاتِ في اللُجَينِ وَفي العَيصِ لِهَمٍّ أَلَحَّ أَو غَلَبا، إِذا ذَكَرتُ اِمرَأً يَبيتُ عَلى الحَمدِ رَكِبنا العادِيَّةَ الرُكَبا
يَخبُطنَ جَمرَ الغَضى وَقَد خَفَقَ الآلُ وَغَشّى رَيعانُهُ الحَدَبا، مُستِقبِلاتٍ مِن كُلِّ هاجِرَةٍ، قَيظاً وَقَيضاً تَرى لَهُ حَبَبا
عوجٌ تَوالى عَلى الذَميلِ إِذا الراكِبُ مِن حَرِّ يَومِهِ اِنتَقَبا، يَسبَحنَ في عَدرَةِ السَماءِ كَما شَقَّ العَدَولِيُّ زاخِراً صَخِبا
حَتّى إِذا خَيَّمَت بِعاقِبَةٍ، جاراتِ والٍ يُفَرِّجُ الكُرَبا، بَينَ أَبي جَعفَرٍ وَبَينَ أَبي العَبّاسِ مِثلُ الرِئبالِ مُحتَجِبا
لا بَل هُوَ المُخدِرُ الهُمامُ إِذا، أَحسَّ قَلبُ اِمرِئٍ بِهِ وَجَبا، صَبَّحتُهُ في الذَرورِ تُمطِرُ كَففاهُ لِزُوّارِ بَيتِهِ ذَهَبا
لَمّا رَآني بَدَت مَكارِمُهُ، نوراً عَلى وَجهِهِ وَما اِكتَأَبا، كَأَنَّما جِئتُهُ أُبَشِّرُهُ وَلَم أَجِئ راغِباً وَمُحتَلِبا
فَرَّجَ عَنّي المَهدِيُّ مِن كَرَبِ الضيقِ خِناقاً قاسَيتُهُ حُقَبا، أَعطى مِنَ الصُتمِ وَالوَلائِدِ وَالعُبدانِ حَتّى حَسِبتُهُ لَعِبا
وَبِركَةٍ تَحمِلُ الوَفاءَ تَلافاها مِنَ المَوتِ بَعدَ ما كَرَبا، يَحثي لِهَذا وَذا وَذاكَ وَلا يَحسِبُ مَعروفَهُ كَمَن حَسَبا
إِنَّ الَّذي أَنعَمَت خِلافَتُهُ، بِالناسِ حَتّى تَنازَعوا سَبَبا، شَقيقُ مَن قامَت الصَلاةُ بِهِ، لَم يَأتِ بُخلاً وَلَم يَقُل كَذِبا
شيبَت بِأَخلاقِهِ خَلائِقُهُ، وَحازَ ميراثَهُ إِذا اِنتَسَبا، يَغدو بِيُمنٍ مِنَ النُبُوَّةِ لا يُخلِفُ عَرّاصُهُ إِذا اِضطَرَبا
وَبَشَّرَت أَرضُنا السَماءَ بِهِ، وَسَرَّ أَهلَ القُبورِ ما عَقَبا، لِلَّهِ أَهلُ القُبورِ لَو نُشِروا، لاقَوا نَعيماً وَاِستَجلَموا أَدَبا
وَيوسُفُ البَرمُ قَد عَبَأتَ لَهُ، حَتّى هَوى في الجَحيمِ مُنقَلَبا، بُعداً وَسُحقاً لِمَن تَوَلّى عَنِ الحَقِّ وَعاصى المَهدِيَّ مُرتَعِبا
إِنَّ اِبنَ ساقي الحَجيجِ يَكفيكَ ما حَلَّ مُقيماً وَأَيَّةً رَكِبا، مَهدِيُّ آلِ الصَلاةِ يَقرَؤُهُ القَسُّ كِتاباً دَثراً جَلا رِيَبا
كَأَنَّ طُلّابَهُ لِحاجَتِهِم، حَجٌّ يَأُمّونَ مَشعَراً شُزُبا، يُزَيِّنُ المِنبَرَ الأَشَمَّ بِعِطفَيهِ وَأَقوالِهِ إِذا خَطَبا وَتُشرِقُ الأَرضُ مِن مَحاسِنِهِ
كَأَنَّ نوراً في الشَمسِ مُجتَلَبا، أَغَرُّ مُستَمطَرُ اليَدَينِ إِذا راحَ عَلَيهِ زُوّارُهُ عُصَبا وَمُنتَهى غايَةِ الوُفودِ إِذا ساروا يُرَجّونَ وَصلَهُ رَغَبا
يَقولُ ساريهُمُ وَقَد دَأَبوا، بَعدَ الصَباحِ اِغتِباطُ مَن دَأَبا، إِذا أَتَيتَ المَهدِيَّ سَأَلُهُ، لاقيتَ جوداً بِهِ وَمُحتَسَبا، تَرى عَلَيهِ سيما النَبِيِّ وَإِن
حارَبَ قَوماً أَذكى لَهُم لَهَبا، مُجتَمِعُ القَلبِ في اللِقاءِ إِذا الأَمرُ تَوَلّى مِن قَلبِهِ حَرَبا، قَد سَطَعَ الأَمنُ في وِلايَتِهِ وَقالَ فيهِ مَن يَقرَأُ الكُتُبا
مُحَمَّدٌ مورِثٌ خِلافَتَهُ، موسى وَهارونَ يَتبَعانِ أَبا