أجهزة البيجر.. ما هي ولماذا يستخدمها حزب الله وكيف تم تفجيرها؟
جهاز النداء أو البيجر pager /beeper هو جهاز اتصال لاسلكي يستقبل ويعرض رسائل نصية أو صوتية رقمية في النسخة الأكثر تطوراً منه.
يٌصدر الجهاز صوت تنبيه عندما يستقبل إشارة بوجود اتصال تليفوني بالشخص الذي يحمله، وبناءً على مدى تطور جهاز النداء، يمكنه إعادة إرسال الإشارة إلى الجهة التي قامت بالاتصال الأول.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
على الرغم من أن أجهزة النداء (البيجر) لم تعد مشهورة اليوم، إذ ظهرت بشكل واسع قبل ظهور أجهزة الهاتف المحمول، إلا أنها لا تزال مستخدمة على نطاق ضيق، خصوصاً في مجال السلامة العامة والرعاية الصحية.
ظهر أول جهاز نداء في 1921 عندما استخدمت إدارة شرطة ديترويت لأول مرة نظامًا يشبه جهاز النداء في سياراتها لاستدعاء أفراد الشرطة. وفي وقت لاحق، حصل "آل جروس" على براءة اختراع لما يسمى آنذاك بجهاز النداء الهاتفي.
في عام 1959 أطلقت موتورولا اسم "جهاز النداء "pager”" على هذا الجهاز. وخلال السبعينيات، أضاف المطورون إمكانيات الصوت والنغمات لهذه الأجهزة حيث يمكن للمستخدمين إرسال واستقبال الرسائل الصوتية. وزاد عدد مستخدمي أجهزة النداء بشكل ملحوظ بحلول ثمانينيات القرن العشرين إلى الحد الذي أصبحت تمثل فيه مكانة اجتماعية.
وفي عام 1994 أصبحت أجهزة النداء ذات أهمية في الاتصالات الشخصية عبر الرسائل الفورية حيث كان إرسال الرسائل النصية القصيرة أمراً شائعاً في ذلك الوقت.
وبحلول عام 2001 توقفت شركة موتورولا في النهاية عن إنتاج أجهزة النداء بسبب انخفاض عدد المستخدمين مع انتشار الهواتف المحمولة.
كيف يعمل جهاز النداء"pager”؟
تعمل جميع أجهزة النداء عن طريق استقبال الإشارات اللاسلكية. يجب أن يكون لديك رقم أو رمز شخصي (مشابه لرقم الهاتف) لتلقي الرسائل، ويجب على الشخص الذي يريد الاتصال بك إدخال هذا الرقم مع رسالته، بحسب ما نشر موقع "تيك جوري" التقني.
تبث أجهزة إرسال شبكة النداء الإشارات عبر تردد راديو طويل المدى وتستمع أجهزة النداء ضمن النطاق الجغرافي للإشارة.
يحتوي كل جهاز نداء على رمز بروتوكول الوصول إلى القناة (CAP)، وهو عنوان تعريف فريد ومميز وخاص بكل جهاز. عندما يسمع جهاز النداء رمز بروتوكول الوصول إلى القناة (CAP)، فإنه يتلقى الرسالة. وبناءً على نوع جهاز النداء، يخطرك الجهاز بتلقي إشارة عن طريق إصدار صوت صفير أو اهتزاز.
مزايا وعيوب
رغم تقادم هذه الأجهزة بشكل كبير، لكنها لا تزال تتمتع بالعديد من المزايا مقارنة بأساليب الاتصال الحديثة.
فمثلا يمكن من خلال هذه الأجهزة الحصول على اتصال قوي، إذ ترسل أجهزة النداء البيانات باستخدام إشارات راديو عالية التردد (VHF) (138 إلى 466 ميغا هرتز)، وهو نطاق مشابه لنطاق بث راديو FM.
أيضاً يمكن للإشارات الصادرة من الجهاز الوصول لمسافات أبعد، والتعرض لتداخلات أقل، ويعد اتصال جهاز النداء مثاليًا للمناطق النائية أو عمليات الإنقاذ لمسافات طويلة.
كما تتيح هذه الأجهزة ميزة إرسال رسائل نصية جماعية في وقت واحد والاتصال بمناطق مختلفة، كما تعمل أجهزة النداء على شبكة لاسلكية مختلفة عن تلك التي تعمل بها الهواتف المحمولة، الأمر الذي يجعلها أكثر مرونة في أوقات الطوارئ.
وباستخدام جهاز النداء، لا يتعين على موظفي المستشفى الاتصال بالأطباء والممرضين بصوت عالٍ حيث تصدر أجهزة النداء إشعارات واهتزازات بما يقلل من الضوضاء ويحد من الظروف غير الصحية.
أخيراً فإن أجهزة النداء تعتبر بسيطة وسهلة الاستخدام لكبار السن والأطفال والأشخاص ذوي القدرات المختلفة. فهو جهاز خفيف وصغير ومدمج وله عمر بطارية طويل، ويمكن المستخدمين من اتخاذ قرارات سريعة حيث يمكنهم التركيز على الرسالة على الفور.
أما العيوب فتشمل عدم وجود طريقة لمعرفة ما إذا كان جهاز النداء لدى الطرف الآخر قد استقبل الرسالة أم لا، كما أن جهاز النداء لن يستقبل الرسالة عندما يكون خارج نطاق الإرسال أو متوقف عن العمل لسبب ما وبالتالي يجب على المرسل إعادة إرسال الرسالة بشكل متكرر حتى يستجيب الشخص.
أيضاً، نظرًا لقدرات العرض المحدودة وصغر حجم الشاشة، فلا يمكن لأجهزة النداء سوى تلقي وعرض الرسائل التي يبلغ طولها 160 حرفًا. كما لا يمكن لأجهزة النداء الاتصال إلا بشبكة واحدة فقط وليس عدة شبكات وهو ما يتسبب في عدم وصول الرسائل إلى الطرف الآخر.
لماذا تستخدم عناصر حزب الله هذا الجهاز؟
كان زعيم حزب الله حسن نصر الله قد حذر في وقت سابق أعضاء الحزب من حمل الهواتف المحمولة، قائلاً إن إسرائيل قد تستخدمها لتتبع تحركات أعضاء الحزب. ونتيجة لذلك، يستخدم الحزب أجهزة النداء للاتصال فيما بينهم باعتباره أكثر أماناً، بحسب وكالة اسوشيتدبرس.
وبحسب الوكالة، فقد وفرت أجهزة النداء وسيلة لتجنب ما يُعتقد أنه مراقبة إلكترونية إسرائيلية مكثفة لشبكات الهواتف المحمولة في لبنان. وأوضح نيكولاس ريس، المدرس المساعد في مركز الشؤون العالمية في كلية الدراسات المهنية بجامعة نيويورك، إن الهواتف الذكية تحمل مخاطر أعلى لاعتراض الاتصالات على النقيض من تكنولوجيا أجهزة النداء الأكثر بساطة.
وقال ريس، الذي عمل سابقاً كضابط استخبارات، إن هذا النوع من الهجوم سيجبر حزب الله أيضاً على تغيير استراتيجياته في الاتصال، مضيفاً أن الناجين من الانفجارات من المرجح الآن أن يتخلصوا "ليس فقط من أجهزة النداء الخاصة بهم، بل وأيضاً من هواتفهم، وأجهزتهم اللوحية وأي أجهزة إلكترونية أخرى".
وتعتبر دولعديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
من أين جاءت شحنة الأجهزة الأخيرة؟
بحسب مصادر صحفية متعددة، فإن شركة غولد أبولو Gold Apollo التايوانية قالت يوم الأربعاء إنها سمحت باستخدام علامتها التجارية على جهاز النداء من طراز AR-924 وأن شركة مقرها بودابست في المجر تسمى BAC Consulting KFT هي من قامت بإنتاج وبيع أجهزة النداء من هذا النوع. لكن بحسب وكالة اسوشيتدبرس فإنه يبدو أن BAC هي شركة وهمية.
لكن المتحدث باسم الحكومة المجرية زولتان كوفاكس قال على فيسبوك "أثبتت السلطات المجرية أن الشركة المعنية هي شركة وساطة تجارية، وليس لها مصنع أو موقع آخر للعمليات في المجر". وأردف قائلا "لها رئيس عمليات واحد في المجر... ولم تدخل الأجهزة المشار إليها المجر قط".
وقال رئيس شركة غولد أبولو، هسو تشينج كوانغ، للصحفيين إن الشركة لديها اتفاقية ترخيص مع BAC على مدى السنوات الثلاث الماضية وأن شركته تقدم فقط ترخيص العلامة التجارية. وأضاف: "ليس لدينا أي دور في تصميم أو تصنيع هذا المنتج".
ومن بداية عام 2022 حتى أغسطس 2024، قامت غولد أبولو بتصدير 260 ألف من أجهزة النداء - بما في ذلك أكثر من 40 ألف جهاز بين يناير وأغسطس من هذا العام، وفقًا لوزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية. وقالت الوزارة إنها ليس لديها سجلات للصادرات المباشرة لأجهزة النداء غولد أبولو إلى لبنان.
ويشير إيليا جيه ماجنيير، وهو محلل تقني من بروكسل ومتخصص في المخاطر السياسية، إلى أنه أجرى محادثات مع أعضاء حزب الله وناجين من الهجوم، وقال إن حزب الله يستخدم أجهزة النداء منذ حرب 2006 مع إسرائيل. وأضاف أن النوع الأحدث من أجهزة النداء المستخدمة في تفجيرات الثلاثاء تم شراؤها منذ أكثر من ستة أشهر. ولا يزال من غير الواضح كيف وصلت إلى لبنان.
كيف يمكن أن يتسبب التخريب في تدمير أجهزة النداء؟
ظهرت نظريات متعددة يوم الثلاثاء حول كيفية تنفيذ الهجوم، لكن العديد من الخبراء الذين تحدثوا مع وكالة أسوشيتد برس أوضحوا كيف كانت الانفجارات على الأرجح نتيجة لتدخل في سلسلة التوريد.
وأوضح هؤلاء الخبراء أنه ربما تم إدخال أجهزة متفجرة صغيرة جدًا في أجهزة النداء قبل تسليمها إلى حزب الله، ثم تم تشغيلها عن بُعد في وقت واحد، من خلال بإشارة راديو، وهو ما أكده أحد الخبراء الأمريكيين حول أن كميات صغيرة من المتفجرات تمت زراعتها في أجهزة النداء كجزء من عملية إسرائيلية.
وبحلول وقت الهجوم، "ربما كانت البطارية هي عبارة عن نصف قنبلة ونصف بطارية فعلية"، كما قال كارلوس بيريز، مدير الاستخبارات الأمنية في شركة TrustedSec.
وأوضح ضابط سابق متخصص في التخلص من القنابل في الجيش البريطاني أن الجهاز المتفجر يحتوي على خمسة مكونات رئيسية: حاوية، وبطارية، وجهاز تشغيل، ومفجر وشحنة متفجرة. وقال الضابط السابق، الذي تحدث إلى أسوشيتد برس شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه يعمل الآن كمستشار مع عملاء في الشرق الأوسط، "إن جهاز النداء لديه ثلاثة من هذه بالفعل، وبالتالي لن يحتاج أي طرف إلا إلى إضافة المفجر والشحنة".
وقال شون مورهاوس، الضابط السابق في الجيش البريطاني وخبير التخلص من الذخائر المتفجرة: "بالنظر إلى الفيديوهات التي تم تسجيلها عقب وقوع الانفجارات، فإن حجم التفجير مماثل لذلك الذي يتسبب فيه مفجر كهربائي وحده، أو مفجر يشتمل على شحنة شديدة الانفجار صغيرة للغاية"، بحسب ما نشرت الوكالة.
وبحسب خبراء التقنية، فإن هجوماً بهذا الحجم يحتاج إلى بناء شبكة واسعة من الاتصالات مع جهات مختلفة لضمان الحصول على إمكانية وصول مادي إلى أجهزة النداء قبل بيعها؛ إلى جانب معرفة التكنولوجيا التي سيتم تضمينها في الأجهزة؛ وتطوير المصادر التي يمكنها تأكيد أن الأهداف كانت تحمل أجهزة النداء.
واستشهد إيليا جيه ماجنيير، المحلل التقني من بروكسل بمحادثات مع جهات اتصال حزب الله، وقال إن ما أنشأ موجة الانفجارات يبدو وكأنه رسالة خطأ وصلت إلى الأجهزة وتسببت في اهتزازها بشدة مما أجبر المستخدمين على الوصول إلى جهاز النداء في محاولة للنقر على الأزرار لإيقافها وهو ما ضاعف من حجم الإصابات خصوصاً في الأيدي.
وأوضح ماجنييه أن هذه الرسالة لم تعظم من فعالية الانفجار فحسب - بل ضمنت أيضًا أن المستخدم كان يحمل الجهاز بكلتا يديه عندما حاول إيقافه.
وقال ماجنييه إن حزب الله يحقق حالياً في نوع المتفجرات التي تم زرعها في الجهاز، ويشتبه في أنها من نوع RDX أو PETN، وهي مواد شديدة الانفجار يصل وزنها إلى 3-5 جرام.
وكان إدوارد سنودن الخبير التقني السابق لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من أوائل الذين أشاروا إلى احتمال أن التفجيرات وقعت بسبب زرع مواد متفجرة في الأجهزة. ويحقق الحزب فيما إذا كان الجهاز مزودًا بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بما يسمح بتتبع حركة أعضاء الحزب.
مصدر أمني لبناني كبير تحدث لوكالة رويترز للأنباء قال إن كمية صغيرة من المتفجرات زرعت داخل دفعة جديدة من 5000 جهاز اتصال طلبها حزب الله لأعضائه. وقال المصدر إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت مسؤولة عن ذلك بحسب ما نشرت الوكالة.
وقال المصدر "لقد زرع الموساد لوحة داخل الجهاز تحتوي على مادة متفجرة تتلقى شفرة. من الصعب للغاية اكتشاف هذه المادة بأي وسيلة حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي". ولم يعلق الموساد على الهجوم.
كما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على اتهامات حزب الله له بأنه "المسؤول مسؤولية كاملة" عن هذه السلسة المتزامنة من التفجيرات.
مصدر أمني آخر قال لرويترز إن ما يصل إلى ثلاثة غرامات من المتفجرات كانت مخبأة في كل جهاز اتصال جديد ولم يتم اكتشافها من قبل حزب الله لعدة أشهر. وقال المصدر إن حوالي 3000 من أجهزة الاتصال انفجرت عندما تم إرسال رسالة مشفرة إليها، مما أدى إلى تنشيط المتفجرات في وقت واحد.
وقال مسؤول أمريكي تحدث إلى صحيفة نيويورك تايمز دون الكشف عن هويته إن الأجهزة تم العبث بها قبل وصولها إلى لبنان. وبحسب ما ورد، تم إخفاء مواد متفجرة في كل جهاز استدعاء بجوار البطارية. وقال خبير آخر لصحيفة غارديان البريطانية إن كمية من مادة PETN شديدة الانفجار تمت إضافتها إلى بطارية الأجهزة وتم تفجيرها عبر رفع درجة حرارة البطارية بما يكفي لتفجيرها.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، تلقت أجهزة الاستدعاء رسالة في الساعة 3.30 مساءً بالتوقيت المحلي يبدو أنها جاءت من قيادة المجموعة. ويُعتقد أن هذه الرسالة هي التي أدت إلى تنشيط المتفجرات. ويظهر الضحايا في العديد من مقاطع الفيديو المتداولة للانفجارات وهم يتفقدون أجهزة الاستدعاء الخاصة بهم في الثواني التي سبقت انفجارها.