ادخل معنا الجدال الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وحدد لون هذا الفستان قبل قراءة المقالة كاملة
- لم يكن يتوقع أحدٌ أنْ تتسبب صورةٌ عادية لفستانٍ بسيط بإشعال مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي. حيث أثار سؤالٌ حول لون فستانٍ لإحدى الفتيات موجةً من الإرباك يوم الخميس الفائت عندما لم يتمكن أحدٌ من أصدقائها ومن الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من الإجماع على لونٍ محدد للفستان المذكور.
- أصرّ البعض على أنّ الفستان أزرق اللون مع خطوطٍ عرضانية سوداء. في حين أكد البعض الآخر على كونه أبيض اللون مع خطوطٍ ذهبية. وعند إجراء استطلاع للمقارنة بين الآراء السابقة على أحد مواقع التواصل الاجتماعية، حاز خيار اللون الأبيض الذهبي على النسبة الأعلى من الأصوات ولكن بفارقٍ ضئيل للغاية عن اللون الآخر؛ 53% مقابل 47% فقط.
- يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه سحرٌ. خدعةٌ بصريةٌ ما ابتكرها أحد الهواة تذكرنا بخدعة "أرنب أم بطة؟". ولكن، هل الأمر كذلك حقاً؟
- كيف يمكن لنا أنْ نختلف على ما نراه بأعيننا؟ وكيف يمكن لأعيننا أن ترى ألواناً مختلفة في الوقت نفسه، وللشيء ذاته؟
- في البداية، وقبل الإجابة عن هذا السؤال المحير، دعونا نتعرف على آلية عمل العين:
- يدخل الضوء إلى العين عن طريق العدسة في الجزء الأمامي من العين، وعند اصطدامه بالشبكية في الجزء الخلفي من العين، يرسل إشاراتٍ حسية عن طريق ألياف العصب البصري إلى القشرة الدماغية البصرية (وهي الجزء من قشر الدماغ المسؤول عن تفسير الإشارات المذكورة وتحويلها إلى صورة ذات معنى). ويتوقف لون الأجسام التي نراها على أطوال الأمواج الضوئية الساقطة عليها. إلا أنه مهما اختلفت أطوال الأمواج الضوئية المضيئة لمحيطنا، ستقوم أدمغتنا بشكلٍ بديهي بمعرفة وتفسير اللون الحقيقي لما نراه، بغض النظر عن الأضواء المحيطة الأخرى، أي تجاهلها.
- وفي هذا المجال، يقول عالم الأعصاب في جامعة واشنطن جاي نيتز: " يعمل نظام الرؤية لدى البشر على تجاهل الإشارات والمعلومات المتعلقة بالأضواء المنيرة للأجسام، في حين يركز على معرفة واستخلاص اللون الحقيقي الصادر عن الأشياء التي نراها، في الواقع، لقد درست الاختلافات الفردية المتعلقة بالرؤية لمدة 30 سنةً، إلا أنّ الاختلاف الذي نراه اليوم، هو الأغرب بالنسبة إلي." (يُذكر أن نيتز أكد أنّ ما يراه شخصياً هو اللون الأبيض والذهبي).
- في العادة، يعمل هذا النظام بشكلٍ صحيح، والاختلاف الحاصل هنا يتعلق بشكلٍ أساسي بتفاوت قدرة أدمغتنا على إدراك وتفسير الإشارات الحسية. فعلى مدار السنين الطويلة الماضية، تطورت قدرة البشر على الرؤية النهارية بشكلٍ تدريجي، وفي نفس الوقت فإنّ الألوان التي نراها خلال النهار تتفاوت وتشكل ما يسمى بالمحور الصباغي (ونعني بذلك تدرج ألوان السماء والمحيط خلال اليوم من الأحمر الوردي خلال الفجر، إلى الأبيض والأزرق وقت الظهيرة، عودةً إلى الشفق المحمر وقت الغروب). وما يحصل في حالتنا المذكورة هو أنّ أنظمة الرؤية لدينا طورت قدرةً على حذف أحد الألوان الموجودة على طرف المحور الصباغي واعتبارها هامشاً غير مرغوب به. فمثلاً، عند حذف اللون الأزرق من المحور، سيرى الناس الفستان بلونٍ أبيض ذهبي. وفي المقابل، عند حذف اللون الذهبي سنرى اللون الأزرق للفستان. وهو ما أكده بيفيل كونواي، عالم الأعصاب في جامعة ويلزلي، والذي صرح أيضاً بأنه شخصياً يرى الفستان بلون أزرق وبرتقالي بطريقة ما!
- إذاً، ما يحصل هنا هو أنّ أدمغتنا تواجه صعوبةً إضافية في التمييز بين ألوان الأضواء الساقطة على الأجسام والألوان المنعكسة عنها. ووفقاً لنيتز، سيحاول الدماغ انتقاء أحد الألوان التي فسرها وإقحامها في الصورة التي نراها ليصبح هذا اللون هو السائد في الفستان الغريب. ورغم أنّ نيتز كان قد صرح بأن ما يراه هو اللون الأبيض الذهبي، إلا أنه أكد فيما بعد أنّ اللون الحقيقي هو الأزرق، وذلك بعد قيامه بطباعة الصورة وقص جزء منها والنظر إلى القصاصة، ليكتشف أن اللون الأزرق الذي يراه الناس، كان قد اعتبره سابقاً بأنه لون الإضاءة المحيطة بالفستان. واللون الحقيقي هو أزرقٌ معتدل وليس داكناً كما ظنه البعض.
- وفي تجربة مميزةٍ أخرى، قام فريق BUZZFEED ببعض الخدع البسيطة من خلال تعديل ألوان خلفية الفستان باستخدام برنامج Photoshop مما أدى لاختلاف لون الفستان نفسه، فأمام خلفية بيضاء ظهر اللون الأزرق بوضوح، في حين تحول إلى الذهبي أو البرتقالي عند جعل الخلفية بلون أسود. ليخلص الباحثون إلى أنّ لون الخلفية والإضاءة هو ما يسبب التفاوت في آراء الناس حول لون الفستان. فعلى سبيل المثال، عند النظر إليه في وضح النهار سنراه بلونٍ ذهبي، في حين لو نظرنا إليه في الليل سنجد اللون الأزرق والأسود واضحاً للغاية. وفي النهاية، ما يمكننا أنْ نتفق عليه حقاً هو أنّ من يرون اللون الأبيض للفستان هم على خطأ بشكل كبير.
- شاهد أيضاً :
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.