أشعار علي بن أبي طالب
قصيدة أرقت لنوح آخر الليل غردا
قصيدة أمن بعد تكفين النبي ودفنه
أشعار علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول صل الله عليه وسلم، له العديد من القصائد وأبيات الشعر التي يهتم بها الوطن العربي، إليك أبرزها مكتوبة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة أرقت لنوح آخر الليل غردا
أَرِقتُ لَنوحٍ آخِرَ اللَيلِ غَرَّدا
لِشَيخِيَ يَنعي وَالرَئيسُ المُسَوَّدا
أَبا طالِبٍ مَأوى الصَعاليكَ ذي النَدى
وَذا الحُلُمِ لا خَلقاً وَلم يَكُ قَعدَدا
أَخا المُلكِ خَلِّ ثَلمَةً سَيَسُدُّها
بَنو هاشِمٍ أَو يُستَباحُ فَيَهمَدا
فَأَمسَت قُرَيشٌ يَفرَحونَ لِفَقدِهِ
وَلَستُ أَرى حُبّاً لِشَيءٍ مُخَلَّدا
أَرادَت أَموراً زَيَّنَتها حُلومُهُم
سَتورِدُهُم يَوماً مِنَ الغَيِّ مَورِدا
يَرجونَ تَكذيبَ النَبِيِّ وَقَتلِهِ
وَإِن يَفتَروا بُهتاً عَلَيهِ وَمُجحَدا
كَذَبتُم وَبيتِ اللَهِ حَتّى نُذيقَكُم
صُدورَ العَوالي وَالصَفيحَ المُهَنَّدا
وَيَظهَرُ مِنّا مَنظَرٌ ذو كَريهَةٍ
إِذا ما تَسَربَلنا الحَديدَ المُسرَّدا
فَإِمّا تُبيدونا وَإِمّا نُبيدُكُم
وَإِمّا تَرَوا سِلمَ العَشيرَةِ أَرشَدا
وَإِلّا فَإِنَّ الحَيَّ دونَ مُحَمَّدٍ
بَنو هاشِمٍ خَيرَ البَرِيَةِ مُحتِدا
وَأَنَّ لَهُ فيكُم مِنَ اللَهِ ناصِراً
وَلَيسَ نَبِيٌّ صاحِبَ اللَهِ أَوحَدا
نَبِيٌّ أَتى مِن كُلِّ وَحيٍ بِخُطبَةٍ
فَسَمّاهُ رَبّي في الكِتابِ مُحَمَّدا
أَغَرُّ كَضوءِ البَدرِ صُورَةَ وَجهِهِ
جَلا الغَيمُ عَنهُ ضوءَهُ فَتَوَقَّدا
أَمينٌ عَلى ما اِستَودَعَ اللَهُ قَلبَهُ
وَإِن قالَ قَولاً كانَ فيهِ مُسَدَّداً
قصيدة وما طلب المعيشة بالتمني
وَما طَلَبُ المَعيشَةِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن أَلقِ دَلوَكَ في الدَلاءِ
تَجِئكَ بِمِلئِها يَوماً وَيَوماً
تَجِئكَ بِحَمأَةٍ وَقَليلِ ماءِ
وَلا تَقعُد عَلى كُلِّ التَمَنّي
تَحيلُ عَلى المَقدَّرِ وَالقَضاءِ
فَإِنَّ مَقادِرَ الرَحمَنِ تَجري
بَأَرزاقِ الرِجالِ مِنَ السَماءِ
مَقدَّرَةً بِقَبضٍ أَو بِبَسطٍ
وَعَجزُ المَرءِ أَسبابُ البَلاءِ
لَنِعمَ اليَومُ يَومُ السَبتِ حَقّاً
لِصَيدٍ إِن أَرَدتَ بَلا اِمتِراءِ
وَفي الأَحَدِ البِناءِ لِأَنَّ فيهِ
تَبَدّى اللَهُ في خَلقِ السَماءِ
وَفي الإِثنَينِ إِن سافَرتَ فيهِ
سَتَظفَرُ بِالنَجاحِ وَِبالثَراءِ
وَمِن يُردِ الحِجامَةَ فَالثُلاثا
فَفي ساعَتِهِ سَفكُ الدِماءِ
وَإِن شَرِبَ اِمرِؤٌ يَوماً دَواءً
فَنِعمَ اليَومَ يَومَ الأَربِعاءِ
وَفي يَومِ الخَميسِ قَضاءُ حاجٍ
فَفيهِ اللَهُ يَأذَنُ بِالدُعاءِ
وَفي الجُمُعاتِ تَزويجٌ وَعُرسٌ
وَلذَّاتُ الرِجالِ مَعَ النِساءِ
وَهَذا العِلمُ لا يَعلَمهُ إِلّا
نَبِيٌّ أَو وَصِيُّ الأَنبِياءِ
فَكَيفَ بِهِ أَنّي أُداوي جِراحَهُ
فَيَدوى فَلا مُلَّ الدَواءُ
قصيدة أمن بعد تكفين النبي ودفنه
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ
نَعيشُ بِآلاءٍ وَنَجنَحُ لِلسَلوى
رُزِئنا رَسولَ اللَهِ حَقّاً فَلَن نَرى
بِذاكَ عَديلاً ما حَيينا مِنَ الرَدى
وُكُنتَ لَنا كَالحُصنِ مِن دونِ أَهلِهِ
لَهُ مَعقَلٌ حِرزٌ حَريزٌ مِن العِدى
وَكُنا بِهِ شُمُّ الأُنوفِ بِنَحوِهِ
عَلى مَوضِعٍ لا يُستطاعُ وَلا يُرى
وَكُنّا بِمَرآكُم نَرى النورَ وَالهُدى
صَباحَ مَساءَ راحَ فينا أَو اِغتَدى
لَقَد غَشِيَتنا ظُلمَةٌ بِعدَ فَقدِكُم
نَهاراً وَقَد زادَت عَلى ظُلمَةِ الدُجى
فَيا خَيرَ مَن ضَمَّ الجَوانِحَ وَالحَشا
وَيا خَيرَ مَيتٍ ضَمّهُ التُربُ وَالثَرى
كَأَنَّ أُمورَ الناسِ بَعدَكَ ضُمِّنَت
سَفينَةُ مَوجٍ حينَ في البَحرِ قَد سَما
وَضاقَ فَضاءُ الأَرضِ عَنّا بِرَحبِهِ
لَفَقدِ رَسولِ اللَهِ إِذ قيلَ قَد مَضى
فَقَد نَزَلَت بِالمُسلِمينَ مُصيبَةٌ
كَصَدعِ الصَفا لا صَدعٍ لِلشَعبِ في الصَفا
فَلَن يَستَقِلَّ الناسُ ما حَلَّ فيهُمُ
وَلَن يُجبِرَ العَظمُ الَّذي مِنهُمُ وَهَى
وَفي كُلِّ وَقتٍ لِلصَلاةِ يَهيجُها
بِلالٌ وَيَدعو بِاِسمِهِ كُلَّما دَعا
وَيَطلُبُ أَقوامٌ مَواريثَ هالِكٍ
وَفينا مَواريثُ النُبُوَّةِ وَالهُدى
فَيا حُزناً إِنّا رَأَينا نَبِيَّنا
عَلى حينِ تَمَّ الدينُ وَاِشتَدَّتِ القُوى
وَكانَ الأُلى شُبهَتَهُ سَفرُ لَيلَةٍ
أَضَلُّ الهُدى لا نَجمَ فيها وَلا ضَوى
قصيدة تغيرت المودة والإخاء
تَغَيَّرَتِ المَوَدَّةُ وَالإِخاءُ
وَقَلَّ الصِدقُ وَاِنقَطَعَ الرَجاءُ
وأَسلَمَني الزَمانُ إِلى صَديقٍ
كَثيرِ الغَدرِ لَيسَ لَهُ رَعاءُ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيتَ لَهُ بِحَقٍّ
وَلَكِن لا يُدومُ لَهُ وَفاءُ
أَخِلّاءٌ إِذا اِستَغنَيتُ عَنهُم
وَأَعداءٌ إِذا نَزَلَ البَلاءُ
يُديمونَ المَوَدَّةَ ما رَأوني
وَيَبقى الوُدُّ ما بَقِيَ اللِقاءُ
وَإِن غُنّيتُ عَن أَحَدٍ قَلاني
وَعاقَبَني بِما فيهِ اِكتِفاءُ
سَيُغنيني الَّذي أَغناهُ عَنّي
فَلا فَقرٌ يَدومُ وَلا ثَراءُ
وَكُلُّ مَوَدَّةٍ لِلّهِ تَصفو
وَلا يَصفو مَعَ الفِسقِ الاِخاءُ
وَكُلُّ جِراحَةٍ فَلَها دَواءٌ
وَسوءُ الخُلقِ لَيسَ لَهُ دَواءُ
وَلَيسَ بِدائِمٍ أَبَداً نَعيمٌ
كَذاكَ البُؤسُ لَيسَ لَهُ بَقاءُ
إِذا أَنكَرتُ عَهداً مِن حَميمٍ
فَفي نَفسي التَكَرُّمُ وَالحَياءُ
إِذا ما رَأسُ أَهلِ البَيتِ وَلّى
بَدا لَهُمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
قصيدة الناس من جهة التمثال أكفاء
الناسُ مِن جِهَةِ التِمثالِ أكفاء
أَبوهُمُ آدَمُ وَالأُمُ حَوّاءُ
نَفسٌ كَنَفسٍ وَأَرواحٌ مُشاكَلَةٌ
وَأَعظُمٍ خُلِقَت فيها وَأَعضاءُ
وَإِنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوعِيَةٌ
مُستَودِعاتٌ وَلِلأَحسابِ آباءُ
فَإِن يَكُن لَهُمُ مِن أَصلِهِم شَرَفٌ
يُفاخِرونَ بِهِ فَالطينُ وَالماءُ
ما الفَضلُ إِلا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ
عَلى الهُدى لِمَنِ اِستَهدى أَدِلّاءُ
وَقَدرُ كُلِّ اِمرِئٍ ما كاَن يُحسِنُهُ
وَلِلرِجالِ عَلى الأَفعالِ اسماءُ
وَضِدُّ كُلِّ اِمرِئٍ ما كانَ يَجهَلُهُ
وَالجاهِلونَ لِأَهلِ العِلمِ أَعداءُ
وَإِن أَتَيتَ بِجودٍ مِن ذَوي نَسَبٍ
فَإِنَّ نِسبَتَنا جودٌ وَعَلياءُ
فَفُز بِعِلمٍ وَلا تَطلُب بِهِ بَدَلاً
فَالناسُ مَوتى وَأهُلُ العِلمِ أَحياءُ
قصيدة آلى ابن عبد حين جاء محاربا
آلى اِبنُ عَبدٍ حينَ جاءَ مُحارِباً
وَحَلَفتَ فَاِستَمِعوا مِنَ الكَذّابِ
أَن لا يَفِرَّ وَلا يَمَلِّلَ فَاِلتَقى
أَسَدانِ يَضطَرِبانِ كُلُّ ضِرابِ
اليَومَ يَمنَعُني الفَرارُ حَفيظَتي
وَمُصَمِّمٌ في الرَأسِ لَيسَ بِنابِ
أَعليَّ تَقتَحِمُ الفَوارِسَ هَكَذا
عَنّي وَعَنهُم خَبِّروا أَصحابي
فَغَدَوتُ أَلتَمِسُ القِراعَ بِمُرهَفٍ
عَضبٍ مَعَ البَتراءِ في أَقرابِ
وَغَدَوتُ اَلتَمِسُ القِراعَ وَصارِمٌ
عَضبٌ كَلَونِ المِلحِ في اَقرابِ
عَرَفَ اِبنُ عَبدٍ حينَ أَبصَرَ صارِماً
يَهتَزُّ أَنَّ الأَمرَ غَيرُ لِعابِ
أَدّى عُمَيرٌ حينَ أَخلَصَ صَقلَهُ
صافي الحَديدَةِ يَستَفيضُ ثَوابي
أَردَيتُ عَمراً إِذ طَغى بِمُهَنَّدٍ
صافي الحَديدِ مُجَرَّبٍ قَصّابِ
فَصَدَدتُ حينَ تَرَكتُهُ مُتَجَدِّلاً
كَالجِذعِ بَينَ دَكادِكٍ وَرَوابي
وَعَفَفتُ عَن اَثوابِهِ وَلَوَ اَنَّني
كُنتُ المُقَطَّرَ بَزَّني أَثوابي
عَبدَ الحِجارَةَ مِن سَفاهَةِ رَأيِهِ
وَعَبَدتُ رَبَّ مُحَمَّدٍ بِصَوابي
لا تَحسَبَنَّ اللَهَ خاذِلُ دينِهِ
وَنَبِيَّهُ يا مَعشَرَ الأَحزابِ
قصيدة الأزد سيفي على الأعداء كلهم
الأَزدُ سِيَفي عَلى الأَعداءِ كُلِّهِمُ
وَسيفُ أَحمَدَ مَن دانَت لَهُ العَرَبُ
قَومٌ إِذا فاجَأوا أَبلوا وَإِن غُلِبوا
لا يُحجِمونَ وَلا يَدرونَ ما الهَرَبُ
قَومٌ لُبوسُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
بيضٌ رِقاقٌ وَداودِيَةٌ سُلُبُ
البيضُ فَوقَ رُؤوسٍ تَحتَها اليَلَبُ
وَفي الأَنامِلِ سُمرُ الخَطِّ وَالقَضَبُ
البيضُ تَضحَكُ وَالآجالُ تَنتَحِبُ
وَالسُمرُ تَرعِفُ وَالأَرواحُ تُنتَهَبُ
وَأَيُّ يَومٍ مِنَ الأَيّامِ لَيسَ لَهُم
فيهِ مِنَ الفِعلِ ما مِن دُونِهِ العَجَبُ
الأَزدُ أَزيَدُ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
فَضلاً وَأَعلاهُمُ قَدراً إِذا رَكِبوا
يا مَعشَرَ الأَزدِ أَنتُم مَعشَرٌ أُنُفٌ
لا يَضعُفونَ إِذا ما اِشتَدَّتِ الحُقُبُ
وَفَيتُمُ وَوَفاءُ العَهدِ شيمَتَكُم
وَلَم يُخالِط قَديماً صِدقَكُم كَذِبُ
إِذا غَضِبتُم يَهابُ الخَلقُ سَطوَتَكُم
وَقَد يَهونُ عَلَيكُم مِنهُمُ الغَضَبُ
يا مَعشَرَ الأَزذِ إِنّي مِن جَميعِكُمُ
راضٍ وَأَنتُم رُؤوسُ الأَمرَ لا الذَنَبُ
لَن يَيئَسِ الأَزذُ مِن روحٍ وَمَغفِرَةٍ
وَاللَهُ يَكلَؤُهُم مِن حَيثُ ما ذَهَبوا
طِبتُم حَديثاً كَما قَد طابَ أَوَّلُكُم
وَالشَوكُ لا يُجتَنى مِن فَرعِهِ العِنَبُ
وَالأَزدُ جُرثومَةٌ إِن سُوبِقوا سَبَقوا
أَو فُوخِروا فَخَروا أَو غُولِبوا غَلَبوا
أَو كُوثِروا كَثُروا أَو صُوبِروا صَبروا
أَو سوهِموا سَهَموا أَو سُولِبوا سَلَبوا
صَفَوا فَأَصفاهُم الباري وِلايَتَهُ
فَلَم يَشِب صَفوَهُم لَهوٌ وَلا لَعِبُ
مِن حُسنِ أَخلاقِهِم طابَت مَجالِسُهُم
لا الجَهلُ يَهروهُم فيها وَلا الصَخَبُ
الغَيتَ ما رَوِّضوا مِن دونِ نائِلِهِم
وَالأُسدُ تَرهَبُهُم يَوماً إِذا غَضِبوا
أَندى الأَنامِ أَكُفّاً حينَ تَسأَلُهُم
وَأَربَطُ الناسِ جَأشاً إِن هُمُ نُدِبوا
وَأَيُّ جَمعٍ كَثيرٍ لا تُفَرِّقُهُ
إِذا تَدانَت لَهُم غَسّانُ وَالنُدبُ
فَاللَهُ يَجزيهِم عَمّا أَتَوا وَحَبَوا
بِهِ الرَسولَ وَما مِن صالِحٍ كَسَبوا
قصيدة صرمت حبالك بعد وصلك زينب
صَرَمتِ حِبالَكِ بَعدَ وَصلَكِ زَينَبُ
وَالدَهرُ فيهِ تَصَرُّمٌ وَتَقَلُّبُ
نَشَرَت ذاوئِبَها الَّتي تَزهو بِها
سوداً وَرَأسُكَ كَالنَعامَةِ أَشيَبُ
وَاِستَنفَرَت لَما رَأَتكَ وَطَالَما
كانَت تَحِنُّ إِلى لُقاكَ وَتَرهَبُ
وَكَذاكَ وَصلُ الغانِياتِ فَإِنَّهُ
آلٌ بِبَلقَعَةٍ وَبَرقٍ خُلَّبُ
فَدَعِ الصِبا فَلَقَد عَداكَ زَمانُهُ
وَاِزهَد فَعُمرُكَ مِنهُ وَلّى الأَطيَبُ
ذَهَبَ الشَبابُ فَما لَهُ مِن عَودَةٍ
وَأَتى المَشيبُ فَأَينَ مِنهُ المَهرَبُ
ضَيفٌ أَلَمَّ إِلَيكَ لَم تَحفَل بِهِ
فَتَرى لَهُ أَسَفاً وَدَمعاً يَسكُبُ
دَع عَنكَ ما قَد فاتَ في زَمَنِ الصِبا
وَاُذكُر ذُنوبَكَ وَاِبكِها يا مُذنِبُ
وَاِخشَ مُناقَشَةَ الحِسابِ فَإِنَّهُ
لا بُدَّ يُحصي ما جَنَيتَ وَيَكتُبُ
لَم يَنسَهُ المَلَكانِ حينَ نَسيتَهُ
بَل أَثبَتاهُ وَأَنتَ لاهٍ تَلعَبُ
وَالرُوحُ فيكَ وَديعَةٌ أَودَعتُها
سَنَرُّدها بِالرَغمِ مِنكَ وَتُسلَبُ
وَغَرورُ دُنياكَ الَّتي تَسعى لَها
دارٌ حَقيقَتُها مَتاعٌ يَذهَبُ
وَاللَيلَ فَاِعلَم وَالنهارَ كِلاهُما
أَنفاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحسَبُ
وَجَميعُ ما حَصَّلتَهُ وَجَمَعتَهُ
حَقّاً يَقيناً بَعدَ مَوتِكَ يُنهَبُ
تَبّاً لِدارٍ لا يَدومُ نَعيمُها
وَمَشيدُها عَمّا قَليلٍ يُخرَبُ
فَاِسمَع هُديتَ نَصائِحاً أَولاكَها
بَرٌ لَبيبٌ عاقِلٌ مَتَأَدِّبُ
صَحِبَ الزَمانَ وَأَهلَهُ مُستَبصِراً
وَرَأى الأُمورَ بِما تَؤوبُ وَتَعقُبُ
أَهدى النَصيحَةَ فَاِتَّعِظ بِمَقالِهِ
فَهُوَ التَقِيُّ اللَوذَعيُّ الأَدرَبُ
لا تَأمَنِ الدَهرَ الصَروفَ فَإِنَّهُ
لا زالَ قِدماً لِلرِجالِ يُهذِّبُ
وَكَذَلِكَ الأَيّامُ في غَدَواتِها
مَرَّت يُذَلُّ لَها الأَعَزُّ الأَنَجَبُ
فَعَلَيكَ تَقوى اللَهِ فَاِلزَمها تَفُز
إِنَّ التَقِيَّ هُوَ البَهِيُّ الأَهيَبُ
وَاِعمَل لِطاعَتِهِ تَنَل مِنهُ الرِضا
إِنَّ المُطيعَ لِرَبِّه لَمُقَرَّبُ
فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ
وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ
وَإِذا طَمِعتَ كُسيتَ ثَوبَ مَذَلَّةٍ
فَلَقَد كُسِي ثَوبَ المَذَلَةِ أَشعَبُ
وَتَوَقَّ مِن غَدرِ النِساءِ خِيانَةً
فَجَميعُهُنَ مَكائِدٌ لَكَ تُنصَبُ
لا تَأَمَنِ الأُنثى حَياتَكَ إِنَّها
كَالأُفعُوانِ يُراعُ مِنهُ الأَنيَبُ
لا تَأَمَنِ الأُنثى زَمانَكَ كُلَّهُ
يَوماً وَلَو حَلَفَت يَميناً تَكذِبُ
تُغري بِطيبِ حَديثِها وَكَلامِها
وَإِذا سَطَت فَهِيَ الثَقيلُ الأَشطَبُ
وَاَلقَ عَدُوَّكَ بِالتَحِيَةِ لا تَكُن
مِنهُ زَمانَكَ خائِفاً تَتَرَقَّبُ
وَاِحذَرهُ يَوماً إِن أَتى لَكَ باسِماً
فَاللّيثُ يَبدو نابُهُ إِذ يَغضَبُ
إِنَّ الحَقودَ وَإِن تَقادَمَ عَهدُهُ
فَالحِقدُ باقٍ في الصُدورِ مُغَيَّبُ
وَإِذا الصَديقَ رَأَيتَهُ مُتَعَلِّقاً
فَهوَ العَدُوُّ وَحَقُّهُ يُتَجَنَّبُ
لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ
حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ
يَلقاكَ يَحلِفُ أَنَّهُ بِكَ واثِقٌ
وَإِذا تَوارى عَنكَ فَهوَ العَقرَبُ
يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً
وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الثَعلَبُ
وَاِختَر قَرينَكَ وَاِصطَفيهِ تَفاخُراً
إِنَّ القَرينَ إِلى المُقارَنِ يُنسَبُ
إِنَّ الغَنِيَّ مِنَ الرِجالِ مُكَرَّمٌ
وَتَراهُ يُرجى ما لَدَيهِ وَيُرهَبُ
وَيَبُشُّ بِالتَرحيبِ عِندَ قُدومِهِ
وَيُقامُ عِندَ سَلامِهِ وَيُقَرَّبُ
وَالفَقرُ شَينٌ لِلرِجالِ فَإِنَّهُ
يُزري بِهِ الشَهمُ الأَديبُ الأَنسَبُ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلأَقارِبِ كِلِّهِم
بِتَذَلُّلٍ وَاِسمَح لَهُم إِن أَذنَبوا
وَدَعِ الكَذوبَ فَلا يَكُن لَكَ صاحِباً
إِنَّ الكَذوبَ لَبِئسَ خِلاً يُصحَبُ
وَذَرِ الَحسودَ وَلَو صَفا لَكَ مَرَّةً
أَبعِدهُ عَن رُؤياكَ لا يُستَجلَبُ
وَزِنِ الكَلامَ إِذا نَطَقتَ وَلا تَكُن
ثَرثارَةً في كُلِّ نادٍ تَخطُبُ
وَاِحفَظ لِسانَكَ وَاِحتَرِز مِن لَفظِهِ
فَالمَرءُ يَسلَمُ بِاللِسانِ وَيُعطَبُ
وَالسِرَّ فَاِكتُمهُ وَلا تَنطِق بِهِ
فَهوَ الأَسيرُ لَدَيكَ إِذ لا يُنشَبُ
وَاِحرِص عَلى حِفظِ القُلوبِ مِنَ الأَذى
فَرُجوعُها بَعدَ التَنافُرِ يَصعُبُ
إِنَّ القُلوبَ إِذا تَنافَرَ وُدُّها
شِبهَ الزُجاجَةِ كَسرُها لا يُشعَبُ
وَكَذاكَ سِرُّ المَرءِ إِن لَم يَطوِهِ
نَشَرَتهُ أَلسِنَةٌ تَزيدُ وَتَكذِبُ
لا تَحرِصَنَّ فَالحِرصُ لَيسَ بِزائِدٍ
في الرِزقِ بَل يَشقى الحَريصُ وَيَتعَبُ
وَيَظَلُّ مَلهوفاً يَرومُ تَحَيُّلاً
وَالرِزقُ لَيسَ بِحيلَةٍ يُستَجلَبُ
كَم عاجِزٍ في الناسِ يُؤتى رِزقَهُ
رَغداً وَيُحرَمُ كَيِّسٌ وَيَخيَّبُ
أَدِّ الأَمانَةَ وَالخيانَةَ فَاِجتَنِب
وَاِعدِل وَلا تَظلِم يَطيبُ المَكسَبُ
وِإِذا بُليتَ بِنَكبَةٍ فَاِصبِر لَها
مَن ذا رَأَيتَ مُسلِّماً لا يُنكَبُ
وَإِذا أَصابَكَ في زَمانِكَ شِدَّةٌ
وَأَصابَكَ الخَطبُ الكَريهُ الأَصعَبُ
فَاِدعُ لِرَبِّكَ إِنَّهُ أَدنى لِمَن
يَدعوهُ مِن حَبلِ الوَريدِ وَأَقرَبُ
كُن ما اِستَطَعتَ عَنِ الأَنامِ بِمَعزِلٍ
إِنَّ الكَثيرَ مِنَ الوَرى لا يُصحَبُ
وَاَجعَل جَليسَكَ سَيِّداً تَحظى بِهِ
حَبرٌ لَبيبٌ عاقِلٌ مُتَأَدِّبُ
وَاِحذَر مِن المَظلومِ سَهماً صائِباً
وَاِعلَم بِأَنَّ دُعاءَهُ لا يُحجَبُ
وَإِذا رَأَيتَ الرِزقَ ضاقَ بِبَلدَةٍ
وَخَشيتَ فيها أَن يَضيقَ المَكسَبُ
فَاِرحَل فَأَرضُ اللَهِ واسِعَةُ الفَضا
طُولاً وَعَرضاً شَرقُها وَالمَغرِبُ
فَلَقَد نَصَحتُكَ إِن قَبِلتَ نَصيحَتي
فَالنُصحُ أَغلى ما يُباعُ وَيُوهَبُ
خُذها إِلَيكَ قَصيدَةً مَنظومَةً
جاءَت كَنَظمِ الدُرِ بَل هِيَ أَعجَبُ
حِكَمٌ وَآدابٌ وَجُلُّ مَواعِظٍ
أَمثالُها لِذَوي البَصائِرِ تُكتَبُ
فَاِصغِ لِوَعظِ قَصيدَةٍ أَولاكَها
طَودُ العُلومِ الشامِخاتِ الأَهيَبُ
أَعني عَلِيّاً وَاِبنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ
مَن نالَهُ الشَرَفُ الرَفيعُ الأَنسَبُ
يا رَبِّ صَلِّ عَلى النَبِيِّ وَآلِهِ
عَدَدَ الخَلائِقِ حَصرُها لا يُحسَبُ