أشهر قصائد ابن الوردي مكتوبة كاملة
قصيدة ما للزمان عن المروءة عار
قصيدة أدر أحاديث سلع والحمى أدر
قصيدة علا لك ذكر لا يشابهه ذكر
قصيدة يا سائلي عن الكلام المنتظم
زين الدين أبو حفص عمر بن المظفَر ابن أبي الفوارس المعري الكِندي، والمشهور باسم ابن الوردي، هو أديب ومؤرخ وفقيه شافعي وشاعر شهير. ولد ابن الوردي في معرة النعمان في بلاد الشام، وولي القضاء بمنبج، وتوفي بحلب. في هذا المقال، إليك أجمل وأشهر قصائد ابن الوردي مكتوبة كاملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة ما للزمان عن المروءة عار
يقول ابن الوردي في قصيدة ما للزمان عن المروءة عار:
ما للزمانِ عنِ المروءَةِ عارٍ، ما عندَهُ في منكرٍ من عارِ، أشكو إلى اللّهِ الزمانَ فدأبُهُ، عزُّ العبيدِ وذلَّةُ الأحرارِ
لا غرْوَ إنْ حدتْ بنوهُ مناقبي، كلٌّ على مَجْرى أبيهِ جارِ وارحمتا للحاسدين فنارُهُمْ، قَدْ سعِّرَتْ بُعْداً لها منْ نارِ
وإذا جرى ذِكري تكادُ قلوبُهمْ، تنشقُّ أو تغتالني بشرارِ، كرهوا عطاءَ اللهِ لي يا ويحَهم، لشقائِهم كرهوا صنيعَ الباري
ويزيدُهُم ناراً وقودُ قريحتي، وبلوغُ أخباري إلى الأقطارِ، يا سعدُ ساعدني على هجرانِهم، في اللّهِ هجرُ مجانبٍ متوارِ
واحذرْ بني الدنيا وكنْ في غفلةٍ، عنهمْ وجانبْ كلَّ كلبٍ ضارِ واحفظْ لصاحبِكَ القديمِ مكانَهُ، لا تتركِ الودَّ القديمَ لطارِ
وإذا أساءَ وفيكَ حملٌ فاحتملْ، إن احتمالكَ أعظمُ الأنصارِ، سارعْ إلى الفعلِ الجميلِ وقلِّدِ الأعناقَ حسناً فالزمانُ عوارِ
واجعلْ إلى الأُخرى بدارِكَ بالتُّقى، تغنمْ فما الدنيا بدارِ واعملْ لتلكَ الدارِ ما هي أهلُهُ عملَ المداري أهلَ هذي الدارِ
واقصدْ فعالَ المكرماتِ تبرعاً، فالمكرماتُ حميدةُ الآثارِ، لا تأسفنَّ لما مضى واحرصْ على إصلاحِ ما أبقيتَ باستكثارِ
فالجاهلونَ بنو كلابٍ عندَهُمْ، واليومَ أهلُ الفضلِ آلُ يسارِ، جاورْ إذا جاورْتَ بحراً أوْ فتى، فالجارُ يشرفُ قدرُهُ بالجارِ
كنْ عالماً في الناسِ أو متعلّماً، أو سامعاً فالعلمُ ثوبُ فخارِ، منْ كلِّ فنٍّ خذْ ولا تجهلْ بهِ، فالحرُّ مطَّلعٌ على الأسرارِ
وإذا فهمتَ الفقهَ عشتَ مصدَّراً، في العالمينَ معظَّمَ المقدارِ وعليكَ بالإعرابِ فافهمْ سرَّهُ، فالسرُّ في التقديرِ والإضمارِ
قِيَمُ الورى ما يحسنونَ وزينُهُمْ، ملَحُ الفنونِ ورقةُ الأشعارِ واعملْ بما علَّمْتَ فالعلماءُ إنْ لم يعملوا شجرٌ بلا إثمارِ
والعلمُ مهما صادفَ التقوى يكنْ، كالريحِ إذْ مرَّتْ على الأزهارِ، يا قارئَ القرآنِ إنْ لمْ تتبعْ، ما جاء فيه فأينَ فضلُ القاري
وسبيلُ منْ لم يعلموا أنْ يحسنوا، ظنّاً بأهلِ العلمِ دونَ نفارِ، قدْ يشفعُ العلمُ الشريفُ لأهلهِ ويُحِلُّ مبغِضَهُمْ بدارِ بوارِ
هلْ يستوي العلماءُ والجهّالُ في فضلٍ أم الظلماءُ كالأنوارِ، احرصْ على إخمالِ ذكرِكَ في غنى وتملَّ بالأورادِ والأذكارِ
ما العيشُ إلاّ في الخمولِ معَ الغنى، وفي الاشتهارِ نهايةُ الأخطارِ وأقنع فما كنزُ القناعةِ نافداً وكفى بها عزّاً لغير ممارِ
واسألْ إلَهكَ عصمةً وحمايةً، فالسيئاتُ قواصفُ الأعمارِ وإن ابتليتَ بزلة وخطيئةٍ، فاندمْ وبادرْها بالاستغفارِ
إياكَ منْ عسفِ الأنامِ وظلمِهِمْ، واحذرْ منَ الدعواتِ في الأسحارِ وتجنَّبْ السلطانَ غيرَ مقاطعٍ وإذا سطا فحذارِ ثمَّ حذارِ
أطلِ افتكارَكَ في العواقبِ واجتنبْ، أشياءَ محوجةً إلى الإعذارِ ودعِ الورى وسلِ الذي أعطاهمُ، لا تطلبِ المعروفَ منْ إنكارِ
جمدَ الندى لبرودةِ الكُبَرا وما جمدَ الندى لبرودةِ الأشعارِ، لمْ يبقَ خلٌّ للشدائدِ يُرتجَى، في نشرِ إحسانٍ وطيِّ عوارِ
منْ أينَ يوجدُ صاحبٌ متحسِنٌ، للخيرِ أو زارٍ على الأوزارِ، احذرْ عدوَّكَ والمعاندَ مرَّةً واحذرْ صديقَ الصدقِ سبعَ مرارِ
فالأصدقاءُ لهم بسرِّكَ خبرةٌ، ولهم بهِ سببٌ إلى الإضرارِ واصبرْ على الأعداءِ صبرَ مدبِّرٍ، قدْ أظهرَ الإقبالَ في الإدبارِ
كمْ نالَ بالتدبيرِ مَنْ هو صابرٌ، ما لمْ ينلْهُ بعسكرٍ جرارِ، الدينُ شينُ الدينِ قالَ نبينا، فتوقَّهُ واصبرْ على الإقتارِ
دارِ العدى منْ أهلِ دينكَ جاهداً، ما فازَ بالعلياءِ غيرُ مُدارِ، وإذا رأيتَ الضيمَ مشتداً فلا تلبثْ وحاولْ غيرُ تلكَ الدارِ
أيقيمُ حيثُ يضامُ إلاّ جاهلٌ، قدْ عادلَ الأشرارَ بالأخيارِ، لا تودعِ السرَّ النساءَ فما النسا أهلٌ لما يُودَعْنَ مِنْ أسرارِ
كيدُ النساءِ ومكرُهُنَّ مروِّع، لا كانَ كلُّ مكايدٍ مكّارِ، إنْ كنَّ خلاّتِ الشبيبةِ والغنى، صِرْنَ العدى في الشيبِ والإعسارِ
أقللْ زيارةَ مَنْ تحبُّ لقاءَهُ، إنَّ الملالَ نتيجةُ الإكثارِ، لا تكثرنْ ضحكاً فكمْ مِنْ ضاحكٍ، أكفانُهُ في قبضةِ القصّارِ
كم حاسدٍ كم كائدٍ كم ماردٍ، كم واجدٍ كم جاحدٍ كم زارِ، لولا بناتي متُّ مِنْ شوقٍ إلى موتٍ أُراحُ بهِ من الأشرارِ
يا ربُّ أشكو منْ بناتي كثرةً، وأبو البناتِ يخافُ ثوبَ العارِ، واللهُ يرزقني بهنَّ وإنما أرجو لهمُ السترَ مِنْ ستّارِ
يا ربُّ إنَّ بقاءَ بنتٍ فردةٍ، كافٍ كذاكَ اخترْتَ للمختارِ، يا ربُّ فارزقهنَّ قربَ جوارِ مَنْ شتّانَ بينَ جوارِهِ وجِواري
أترى أُسرُّ بدفنِ بنتٍ قائلاً، اللهُ جارُكِ إنّ دمعي جارِ، فبناتُ نعشٍ أنجمٌ وكمالُها، بالنعشِ فاطلبْ مثلَهُ لجواري
أقسمتُ ما دفنوا البناتِ تلاعباً، دفنوا البناتِ كراهةَ الأصهارِ، يا لائمي في تركِ أوطاني لقدْ بالغْتَ في الإعذارِ والإنذارِ
أصلي ترابٌ والأنام بأسرِهمْ، لي أقربونَ فكلُّ أرض داري، أأطيلُ في أرضٍ مقامي لاهياً، وقرارُ داري غيرُ دارِ قراري
مَنْ كانَ للجيرانِ يوماً مسخِطاً، فأنا لما يرضاهُ جاري جارِ، أَمِنَتْنِيَ الجاراتُ تجربةً فما يسبلْنَ دونَ لقايَ مِنْ أستارِ
عجبي لشاربِ خمرةٍ ما خامرتْ، لبَّ امرئٍ إلاّ عرتْهُ بعارِ، أنفَتْ مِنَ العصَّارِ وهْو يذلُّها، دوساً فقدْ ثارتْ لأخذِ الثأر
يا ربَّ أمردَ كالغزالِ لطرفِهِ، حكمُ المنيةِ في البريةِ جارِ، تأليفُ طرَّتِهِ ونورُ جبينِهِ، تأليفُ ماءِ خدودِهِ والنارِ
ومعذَّرٍ كالمسكِ نبتُ عذارِهِ، والخالُ فهْوَ زيادةُ العطّارِ، وبديعةٍ إنْ لمْ تكنْ شمسَ الضحى، فالوجهُ منها طابعُ الأقمارِ
أعرضْتُ إعراضَ التعفّفِ عنهمُ، وقطعتُ وصلَهمُ وقرَّ قراري، ما ذاكَ جهلاً بالجمالِ وإنما ليسَ الخنا مِنْ شيمةِ الأحرارِ
إنْ أبقَ أوْ أهلَكْ فقدْ نلتُ المنى، وبلغتْتُ سؤْلي قاضياً أوطاري وحويتُ منْ علمٍ ومنْ أدبٍ ومن جاهٍ ومن مالٍ ومنْ مقدارِ
ورأيتُ بالأيامِ كلَّ عجيبةٍ، وسئمت من صفوٍ ومن أكدارِ وعلمتُ أن الناسَ بالأقدارِ قدْ أُعطوا ولم يُعطَوا على الأقدارِ
فموفقُ الحركاتِ لا يرجو ولا يخشى سوى ذي العزَّةِ القهارِ واللّهِ لو رجعَ الكرامُ ودهرُهُمْ، عرضاً وعادتْ دولةُ الأخيارِ
لأنفْتُ مِنْ مدحي لهم متكسِّباً، فالكسبُ بالأمداحِ ثوبُ صَغارِ، أَأُعدُّ منْ قصّادهم طلباً لما يفنى وتبقى وصمةُ الأخبارِ
أينَ الكرامُ وأينَ أهلُ مدائحي، غيرُ النبيِّ الطاهرِ المختارِ
قصيدة أدر أحاديث سلع والحمى أدر
يقول ابن الوردي في قصيدة أدر أحاديث سلع والحمى أدر:
أدرْ أحاديثَ سلعٍ والحمى أدرِ والْهَجْ بذكرِ اللِّوى أو بانِهِ العطرِ واذكرْ هبوبَ نسيمِ المنحنى سحراً
لما تمرُّ على الأزهارِ والغُدْرِ وقلْ عنِ الجزعِ واذكرني لساكنِهِ، لعلَّ بالجزعِ أعواناً على السهرِ
وصفْ جنانَ قبا واختمْ بطيبةَ ما سامرْتني فَهْوَ عندي أطيبُ السمرِ، منازلٌ كُسيتْ بالمصطفى شرفاً
بأفضلِ الخلقِ مِنْ بدوٍ ومِنْ حضرِ، إذا تبَسَّمَ ليلاً قُلْ لمبسمِهِ، يا ساهرَ البرقِ أيقظْ راقدَ السمُرِ
ويا سحائبُ أغني عنكِ نائلَهُ، فاسقي المواطرَ حياً من بني مضرِ، ما شأنُ أعدائِهِ والعلمُ إذْ سفَهٌ
حملُ الحُلي بمنْ أعيا عن النظرِ، رقى وجبريلُ في المعراجِ خادمُهُ وقائلٌ بلسان الحالِ للمضري
ما سرتُ إلا وطيفٌ منك يصحبني، سُرى أمامي وتأويباً على أثري، لو حطَّ رحلي فوقَ النجمِ رافعُهُ
ألفيتُ ثمَّ خيالاً منكَ منتظري، تشرَّفَ الركنُ إذْ قبَّلْتَ أسودَهُ وزيدَ فيه سوادُ القلبِ والبصرِ
عذبْتَ ورداً فلمْ تهجرْ على خصرٍ، والعذبُ يُهجر للإفراطِ في الخصرِ، يا بعثةً لم تزلْ فينا مجددَّةً
هلا ونحن على عشرٍ من العشرِ، الإنسُ والجنُّ يا أبهى الورى أتيا، يستجديانِكَ حسنَ الدلِّ والحورِ
لمْ تألُ نصحاً نفوساً كذَّبتْ وعتَتْ، لكنْ سمحْتَ بما ينكرن منْ دررِ، يا شاملاً خيرُه الدنيا وساكنَها
لا شيءَ عن حليةٍ حسناءَ منكَ عُري، وما تركتَ بذاتِ الضالِ عاطلةً، من الظباءِ ولا عارٍ من البقرِ
إنَّ الغزالةَ لمَّا أن شفعتَ نجتْ، وفزتَ بالشكرِ في الآرامِ والعفُرِ وربَّ ساحبِ وشيٍ مِنْ جآذرِها
وكان يرفلُ في ثوبٍ منَ الوبرِ، حسَّنْتَ نظمَ كلامٍ قدْ مُدحْتَ بهِ ومنزلاً بك معموراً منَ الخفرِ
فالحسنُ يظهرُ في شيئينِ رونقُهُ، بيتٍ منَ الشعْر أو بيتٍ من الشَّعَرِ، ضمنْتُ مدحَ رسولِ اللهِ مبتهجاً
والطيرُ تَعجبُ مني كيفَ لمْ أطرِ، ومقلتايَ لشوقي نحوَ حجرتِهِ، مثلَ القناتينِ مِنْ أَيْنٍ وَمِنْ ضُمُرِ
ولي ذنوبٌ متى أذكرْ سوالفَها، كأنني فوقَ روقِ الظبي مِنْ حذرِ، ومطمعي أنها لا تشرْكَ بشركها
فإنَّ ذلك ذنبٌ غيرُ مغتفرِ، إنَّ الكريمَ ليمحو كلَّ سيئةٍ، معَ الصفاءِ ويخفيها معَ الكدرِ
ولي فؤادٌ متى تفخرْ سوى مُضرٍ، فؤادُ وجناءَ مثلُ الطائرُ الحذرِ واللهِ لو أنَّ أهلَ الأرضِ قاطبةً
مثل الفُصيصيِّ كانَ المجدُ في مضرِ، يا نفسُ لا تيأسي فوزَ المعادِ فلي مَنْ تعلمينَ سيرضيني عنِ القدرِ
القاتلُ المحلَ إذْ تبدو السماءُ لنا، كأنها مِنْ نجيعِ الجَدْبِ في أُزُرِ وقاسمُ الجودِ في عالٍ ومنخفضٍ
كقسمةِ الغيثِ بينَ النجمِ والشجرِ، وأين شعري من الهادي الذي نزلتْ، في وصفِهِ معجزاتُ الآيِ والسورِ
وَمَنْ رأى وَهْوَ ذو لبٍّ يصدِّقُهُ، كالسيفِ دلَّ على التأثيرِ بالأُثُرِ، فلا يغرَّنْكَ بشْرٌ مِنْ سواهُ بدا
ولو أنارَ فكمْ نَوْرٍ لا ثمرِ، يا سيداً زُجرَتْ نارُ الخليل به، إذْ تعرفُ العربُ زجر الشاءِ والعكرِ
جاءَتْ إليكَ كنوزُ الأرضِ يتبعُها، أُلافُها وألوفُ اللامِ والبِدَرِ، فما ازدهتكَ ولا غرَّتْكَ زينتُها
وعشتَ عيشَ حثيثَ السيرِ مقتصرِ، ولا ازدهتْ آلكَ الغرَّ الكرامَ ولا نالتْ مطالبُها مِنْ صحبِكَ الصُّبُرِ
جمالَ ذي الأرضِ كانوا في الحياةِ وهم بعدَ المماتِ جمالُ الكتبِ والسِّيَرِ وأنتَ في القبرِ حيٌّ ما عراكَ بلى
والبدرُ في الوهنِ مثلُ البدرِ في السحرِ، يا راضعاً في بني سعيدٍ وهم عربٌ، لا يحضرونَ وفقْدُ العزِّ في الحَضَرِ
إذا همى القطْرُ شبَّتها عبيدهمُ، عندَ التفاخرِ بينَ العربِ كالغررِ، يا مَنْ بنو زهرةٍ أخوالُهُ وهمْ
عندَ التفاخرِ بينَ العربِ كالغررِ، منْ لي بتقبيلِ أرضٍ دستَها بدلاً، للثم خدٍّ ولا تقبيل ذي أُشُرِ
لو لم أجلَّكَ يا مولاي قلتُ فتى، مقابلُ الخلق بينَ الشمسِ والقمرِ، كم أخبرَ المصطفى المختارُ مِنْ رجلٍ
عنِ السماءِ بما يلقى مِنَ الغيرِ، لا ما علا مثلُهُ ظهرَ البراقِ علا، فينهبُ الجري نَهْبَ الحاذقِ المكِرِ
فأينَ منهُ جيادٌ كانَ عوَّدها، بنو الفُصيصِ لقاءَ الطعنِ بالثُّغَرِ، بتولةٌ ولدت سبطيهِ فاشتبها
أمامها لاشتباهِ البيضِ بالغُدُرِ، لله قولي لعبد اللهِ والده، قولاً أتى وفق علياه على قدرِ
أعاذَ مجدَكَ عبدَ اللهِ خالقُهُ، منْ أعينِ الشهبِ لا مِنْ أعينِ البشرِ، فالعينُ يسلم منها ما رأت فَنَبَتْ
عَنْهُ وتلحقُ ما تهوى من الصورِ، فأنتَ ثاني الذبيحينِ العلى خطبتْ، فحزتها وَهْيَ بينَ النابِ والظفرِ
وما سواكم بكفءٍ في الأنامِ لكمْ، والليثُ أفتكُ أفعالاً منَ النمرِ، سابقتَ قوماً إلى الأضيافِ إذا وقفوا
كوقفةِ العَيْرِ بينَ الوِرد والصدَرِ، يا ناهباً خلعَ العليا وحائطها، بالسمهريةِ دونَ الوخزِ بالإبرِ
كم لابنكَ المصطفى من موقفٍ نكصوا، عنهُ ويلغي الرجالَ السرْدُ منْ خَوَرِ، إنَّا لنُجري دموعاً في محبتِهِ
فكمْ جُمانٍ معَ الحصباءِ منتثرِ، قلْ للملقَّبِ بالأميِّ مشتهراً، بذاكَ في الصحفِ الأولى والزبرِ
دعِ اليراعَ لقومٍ يفخرون بهِ، وبالطوالِ الردينياتِ فافتخرِ، فهنَّ أقلامُكَ اللاتي إذا كتبتْ
مجداً أتتْ بمدادٍ مِنْ دمٍ هَدَرِ، كمْ منْ مشوقٍ إلى لقياكَ أدمعُهُ، مثلُ التكسرِ في جارٍ بمنحدرِ
الآلُ والصحبُ لا ضرَّاءَ بينهمُ، مثل الضراغمِ والفرسانِ والجُزُرِ، رياضُ مدحِكَ تأكيدُ النعوتِ لها
وأن تخالَفْنَ أبدالٌ منَ الزهرِ، يُمناكَ فيها جحيمٌ للعدى ولمن والاكَ ينبعُ ماءٌ كافي الزمر
ما كنتُ أحسبُ كفاً قبلَ كفِّ رسولِ اللهِ يُطوى على نارٍ ولا نهرِ، قفْ بالصراطِ وإلا كيفَ يمكننا
مَشْيٌ على اللجح أو سَعْيٌ على السُّعُرِ، فأنتَ أولهم خلقاً وآخرهم، بثاً فذا السبقُ ليسَ السبقُ بالحُضُرِ
يا ويحَ مَنْ عاندوا أو كذَّبوا سفهاً، ولم يروكَ بفكرٍ صادقِ الخبرِ، إنْ أُصغروا ما رأوا في النجمِ إذْ نزلت
فالذنبُ للطرفِ لا للنجمِ في الصغرِ، للرسلِ مِنْ قَبْلُ أصحابٌ تفوقُ وما فيهمْ كمثلِ أبي بكرٍ ولا عمرِ
تيمناً بكَ حتى قيلَ إن سدرتْ، إبلي فمرآكَ يشفيها من السدرِ، يا من يُوَفِّيهِ حرُّ الشمسِ أين غدا
غيمٌ حمى الشمسَ لم يُمطر ولم يسرِ، إني مدحتُكَ قصداً للشفاعةِ لا بناتِ أعوجَ بالأحجالِ والغُرَرِ
يا معطياً كلما أعطى يزيدُ غنى، والغمْرُ يُغنيهِ طولُ الغرفِ بالغُمَرِ، يا مَنْ لذي العرشِ أهدى تارةً مائةً
مِنْ كلِّ وجناءَ مثل النونِ في السطرِ، له تواضَعَ جبريلُ على ثقةٍ، لمَّا تواضعَ أقوامٌ على غَرَرِ
كبرتَ بينهم قدراً وأنت فتى، هذا اتفاقُ فتاءِ السنِّ والكبرِ، زهدتَ في زينةِ الدنيا لآخرةٍ
والليلُ إن طالَ غالَ اليومَ بالقصرِ، هزمتَ بالتربِ كفاراً فأعينُهُمْ، تكادُ تعدمُ فيهِ خفةَ الشررِ
إنْ قَطَّعَ الشوقُ قلباً أنتَ ساكنُهُ، فالغمدُ يبليهِ صونُ الصارمِ الذكرِ، يا خاتمَ الأنبياء قدْ كانَ مفتقراً
إلى قدومِكَ أهلُ النفعِ والضررِ، كمْ راقَبتْ أممٌ منكَ القدومَ كما يراقبونَ إيابَ العيدِ مِنْ سفرِ
سلْ تُعْطَ واشفعْ تشفعْ ما تُرِدْهُ يكنْ، لوْ شئتَ لانتقلَ الأضحى إلى صفرِ، ثكلتَ آخرَ أعمارٍ تضيع سدى
فما تزيد على أيامنا الأُخَرِ، فكن شفيعي وذخري في المعادِ إذا أقبلْتُ من حفرتي إقبالَ مفتقرِ
ولا تكلني إلى قولٍ ولا عملٍ، ولا إلى وزنِ أعمالي فلستُ بري، مولايَ جسمي ضعيفٌ عن لهيبِ لظى
فاعطفْ على جبرتي يا جبرَ مُنْكَسري، وأرتجي بكَ من ذي العرشِ عافيةً، في الآلِ والحالِ والعلياءِ والعمرِ
عليكَ مِنْ صلواتِ اللهِ أفضلها، ما لاحَ بدرٌ وناحَ الورقُ في الشجرِ
قصيدة علا لك ذكر لا يشابهه ذكر
علا لكَ ذكرٌ لا يشابهُهُ ذكرُ وحزْتَ فخاراً ليسَ يدركُهُ الفخرُ، هنيئاً بنعمى خلَّد اللهُ ذكرَها وطال بها بشْرٌ وطابَ لها نشرُ
نصرْتَ بفتحِ الناصريَّةِ دينَنا، ألا في سبيل اللهِ ذا الفتحُ والنصرُ وسميتَها دارَ الحديثِ لأنها حديثةُ عهدٍ جاءَ في نزعِها الأمرُ
وهمزاً قلبتَ الكافِ فَهْيَ أنيسةٌ، لعمرُكَ لي قلبٌ بذا القلبِ مُنْسَرُّ، فكم حَسَدَتْها بَيْعَةٌ وكنيسةٌ وقد فُكَّ من أيدي اليهودِ لها أَسْرُ
عقدتَ لها الإجماعَ فانتثرتْ لهم، دموعٌ وعندَ العقدِ لا يُنكرُ النثرُ وأحييتَها بالدرسِ بعدَ اندراسِها وصارَ لذكرِ اللهِ في ربعها جَهْرُ
وضاعفْتَ أمراضَ اليهودِ بنزعِها، فأوجُهُهم تحكي عمائمهمْ صُفْرُ، لئنْ أحزنَ الحزَّانَ ذكرُ محمدٍ، بها فكليمُ اللهِ للحقِّ يفترُّ
بذا قلبُ حزَّان الملاعينِ نازحٌ، وذلكَ مِنْ وجهينِ فَلْيُفهم السرُّ، وكانتْ بلثغاتِ الخبيثين طامثاً، فتمَّ بذكرِ الطيبينَ لها العطرُ
تعمُّ المثاني السبعُ ستَّ جهاتِها، وخُصصَ بالتوحيدِ كلْماتُها العشرُ، وَمَنْ غاظَهُ هذا فليسَ بمسلمٍ وهلْ مسلمٌ يختارُ أنْ يُنصرَ الكفرُ
فإن أُبْدِلَتْ عنْ صوتِ قرنٍ مؤذناً، فإبدالُ تعريفٍ منِ اسمٍ لهُ نكْرُ، صَرَفْتَهم عنْ ربعها إذْ أضفْتَهُمْ، إلى الذلِّ والمصروفُ يدخلُهُ الكسرُ
أيا حاتمَ الإسلامِ ودُّوا خلاصَها، بما ملكوا فليخسؤوا قضي الأمرُ وقدْ علمَ الأقوامُ لو أن حاتماً، أرادَ ثراءَ المالِ كانَ لهُ وفرُ
ولو حلفوا أنَّا سننزعُ أختَها، لما وجبيتْ كفارةٌ ربَّما برُّوا، ونأخذُ منهمْ أَجْرَ سكناهمُ بها وقد عُرف المبتاعُ وانفصلَ السعرُ
أيُنسى أذاهم للنبيِّ وبغضُهُمْ، وتكذيبُهُمْ والسمُّ في الشاةِ والسحرُ، كأنهمُ في التيهِ بعدُ فمنهمُ، تحققَ سلواهم وقدْ عظمَ المكرُ
وحقِّكَ ما هذا الذي تستحقُهُ اليهودُ ولا العشرانِ كلا ولا العشرُ، لقدْ فعلَتْ أقلامُكَ الحمرُ فيهم منَ الحقِّ ما لا تفعلُ البيضُ والسمرُ
وقدْ أفرحَ النوريةَ الآنَ ما جرى، لجارتِها والجارُ بالجارِ ينسرُّ، أصاخَتْ إلى دارِ الحديثِ وأنصتَتْ وكانَ بها عنْ سمعِ كفرهُم وَقْرُ
عجبتُ لها لمَّا حللْتُ بريعِها، وما رقصتْ عجْباً ولكنَّها صخرُ، وما بقيتْ واللهِ تخشى مذلةٌ وأوقافُ نورِ الدينِ مِنْ خلفها ظهرُ
وكيفَ تخافُ النقصَ عندَ كمالها، وقدْ صارَ من قاضي القضاةِ لها ذخرُ، إمامٌ يؤمُّ المقترونَ جنابَهُ وَمِنْ كفِّهِ في كلِّ قطرٍ لها قطرُ
حليفُ الندى غيظُ العدى صارفُ الردى، إمامُ الهدى فاتَ المدى جودُه الغمرُ، حوى العلمَ عنْ آياتِهِ ومعاشرٍ
من السادةِ الأنصارِ أوجُهُهُمْ زَهْرُ، أرى أنَّ ذا الإحرام يخرجُ فديةً، إذا ما جرى بينَ الحجيجِ لهُ ذكرُ، إذا قالَ أحيا الشافعي تفقهاً
ونقلاً وإنْ يسبرْ فيا حبذا السبرُ، وما منصبَ الشهباءِ كُفْواً لعلمِهِ، غلطتَ ولا دارُ السلامِ ولا مصرُ، فإنْ زُمَرُ الأحزابِ راموا امتحانَهُ
سبى ليلَ فرقانِ المجادلةِ النصرُ، ولو لم يؤثرْ عمرَهُ غيرَ هذِهِ، كَفَتْه وكم أخرى له عسرَ الحصرُ، أمنقذَها من بؤسِها وعنائها
فديتُكَ أنقذني فقدْ نَفَدَ العمرُ، فإني أرى غيباً بأني مُضَيَّعٌ وكسبي منَ الحكمِ الخصوماتِ والوزرُ، مقيماً بأرضِ الحرثِ جاراً لمعشرٍ
وجوههمُ غُبْرٌ وأثوابُهُمْ حمرُ، يرون جميلاً أنهم لم يرفعوا وليسَ لأهلِ القدرِ عندهمُ قدرُ، متى دخلَ الشهباءَ منهم جماعةٌ
لأشغالهمْ يخلو بخاطريَ الفكرُ، أقولُ عساهم أضمروا لي مكيدةً، لعلَّ انحرافاً أو بدا لهمُ غدرُ وما ذاكَ عنْ ذنبٍ جنيتُ وإنما
عنانيَ عرضٌ عنْ مرافعةٍ بكرُ، وحُقَّ لمثلي صونُ عرضي فإنَّهُ نقي بحمدِ اللهِ ما شانَهُ غَمْرُ وكلهمُ راضٍ عليَّ وذاكري
بخيري ولكنْ لو عبثتُ لما قرُّوا، ولا خيرَ في مالِ الفتى بعدَ عرضِهِ ولا عيشَ في الدنيا إذا قبَّحَ الذكرُ
بِذَيْلِ بديلِ الرافعي تَمَسُّكي، فقد مسَّني للبعدِ عن بابِهِ الضرُّ، سئمتُ مداراةَ الأراذلِ في الورى وقدْ بانَ لي أنَّ القضا جبلٌ وعرُ
شريكُ شرورٍ لا سرورٍ نسيتُ ما حفظْتُ ومما كنتُ حصَّلْتُ أجترُّ، تقدَّمني مَنْ كانَ خلفي وساءَني، خمولي ولكنْ هكذا يفعلُ البَرُّ
بُليتُ بحجرِ الحكمِ منْ زمنِ الصِّبا، فهلْ بكمالِ الحجرِ يرتفعُ الحجرُ، على أنني راضٍ بأنْ أليَ القضا وأُعزلَ عنهُ لا أثامٌ ولا أجرُ
لئنْ زادَ مالُ المرءِ معْ نَقْصِ علمِهِ، فذلكَ خسرٌ لا يقابلُهُ خُسرُ، أيا أوحدَ الإسلامِ إني معوِّلٌ، عليكَ وما المملوكُ في قصدِهِ غرُّ
فوجهُكَ إنْ قابلتُهُ أو رأيتُهُ، يكونُ لقلبي بالمقابلةِ الجبرُ، أقلني منَ الأحكامِ في البرِّ محسناً، إليَّ بفصلي عَنْهُ يا مَنْ هو البحْرُ
ففي القلبِ مِنْ نيلِ الفروعِ ببابكم، أصولُ اشتياقٍ حَمْلُ أغصانِها جمرُ، شُغِلْتُ بحبِّ العلمِ عن رفعةِ القضا
أيلوي على الأصدافِ مَنْ قصدُهُ الدرُّ، تعجَّبَ قومٌ كيفَ أترك منصبي وأرفضُهُ عمداً وما أنا مضطرُّ
وقالوا ترى مَنْ حلَّ في رتبةِ القضا، وفارقَها حتى يواريَهُ القبرُ، أرى العلمَ أعلى رتبةً لي منَ القضا ولو لم يكنْ إلا فوائدُكَ الزهرُ
وأنتَ خبيرٌ بالقضاءِ وعسرِهِ، ألا فلعلَّ العسْرَ يتبعُهُ اليُسْرُ، إذا قيلَ قاضٍ بالعراقِ جرى له، كذا خلتُ أني ذاكَ واستحكمَ الذعرُ
وإنْ قاصدٌ منكمْ أتاني فانثنى، كما انتفضَ العصفورُ بللهُ القطرُ، طباعُ عفيفٍ لا يرى حبَّ منصبٍ ولكنْ تشفِّي حاسديهِ بهِ مرُّ
ولي مِنْ هباتِ اللهِ عَنْ كلِّ ذا غنى، وإنْ دامَ بي هذا العناءُ فما العذرُ، قنعتُ فخلتُ النجمَ دوني رتبةً
وهيهاتَ خوفُ الفقرِ عندَ الغنى فقرُ، وفيَّ لتحصيلِ العلومِ بقيةٌ، فلا كبرٌ عنها يصدُّ ولا كِبْرُ ومالي أرى الحكامَ غيرَكَ إنْ رأوا
ذكياً فأوفى حظِّهِ منهمُ الهجرُ، يولُّونَهُ في البرِّ قصدَ خمولِهِ، فيصبحُ ميِّتاً والضياعُ له قَبْرُ ومثلُكَ لا يرضى لمثليَ بالقُرى
وفي النفسِ حاجاتٌ وفي سيدي جبرُ، فدونكها ورديةٌ عربيةٌ، سليلةَ بكريٍّ لها ودُّكمْ مَهْرُ ولو أنني لم أنتسبْ ما خفِي على
ذكيٍّ بأنَّ الدرَّ معدنُهُ البحرُ، ولستُ بمدَّاحٍ ولا الشعرُ حرفتي، بلى لكمالِ النفسِ نظميَ النثرُ، ولو عَقَلَ الإنسانُ لم يهدِ مدحةً
إليكَ وهل يُهدى إلى هجرٍ تمرُ، بقيتَ بقاءَ المكرماتِ ونلتَ ما تؤمِّلُهُ ما لاحَ في الظُّلَمِ البدرُ
قصيدة يا سائلي عن الكلام المنتظم
يا سائلي عن الكلام المنتظمْ، ذاكَ كلامُ مَنْ هويتُ لا عُدِمْ، فكلُّ ما يقولُ فيهِ العذّل، فإنَّهُ منكَّرٌ يا رجلُ
في صدغِهِ للحسْنِ آياتٌ تُخَطّ وقال قومٌ إنها اللامُ فقطْ، رمَّانُهُ غضٌّ فلا يمشي فرطْ، إذْ ألفُ الوصلِ متى يدرجْ سقطْ
بسيفِ جفنيهِ قتلتُ نفسي، فإنَّهُ ماضٍ بغيرِ لبْسِ، فينا غزالٌ إنْ أبيت ما اعتدى، فأسقطِ الحرفَ الأخيرَ أبدا
قلْ لمذكرٍ لحا خلِّ الفندْ، واسعَ إلى الخيراتِ لُقِّيتَ الرشدْ، وإنْ يكنْ عذلُكَ منْ مؤنثِ، فقلْ لها خافي رجالَ العبثِ
يا خصرَهُ مِنْ ردفِهِ فزْ بالمنحْ، ولا تُبَلْ أخفَّ وزناً أمْ رجحْ، قوامُهُ أشبهُ شيءٍ بالألفْ، كمثلِ ما تكتبُهُ لا يختلفْ
لما شكوتُ صدَّهُ رثى لي، وأقبلَ الغلامُ كالغزالِ، أسنانُهُ كاللؤلؤِ المفتنِّ، منَ المفاريدِ لجبرِ الوهنِ
قبلَ ازديادِ لامِهِ أكابدُهْ، ثمَّ أتى بعدَ التناهي زائدُهْ، ما مثلُهُ في الحسنِ والذكاءِ، عندَ جميعِ العربِ العرباءِ
اعجبْ لنونِ حاجبيهِ تنصرُ، والنونُ في كلِّ مثنى تكسرُ، إذا رأيتَ وجههُ فكبِّرا، معظماً لقدرِهِ مكبِّرا
خوَّفَ فيه بالأميرِ العاذلُ، والصلحُ خيرٌ والأميرُ عادلُ، سؤالُهُ عني حياةٌ تسعفُ ومثلُهُ كيفَ المريضُ المدنفُ
الخدُّ والقوامُ منهُ فاعلُ، نحو جرى الماءُ وجارَ العاملُ واقضِ قضاءً لا يُرَدُّ قائلُهُ، بأنَّ منْ يهوى فتى يواصلُهْ
أفعالُهُ تكسرني ذا عجبُ، وكلُّ فعلٍ متعدٍّ ينصبُ، يا منْ رأى منهُ جيناً واضحاً، تقولُ قدْ خلتُ الهلالَ لائحا
فغضَّ مِنْ طرفِكَ وانجُ رابحاً، وقدْ وجدتُ المستشارَ ناصحاً، ابدأ بذكرِ حاجبينِ حُسِّنا
وإنْ ذكرتَ فاعلاً منونا، فالطرفُ سيفٌ قتْلَنا تضمَّنا، فهْوَ كما لو كانَ فعلاً بيِّنا، كنْ فيهِ بالعفافِ مرفوعَ الرتبْ
واضربْ أشدَّ الضربِ مَنْ يغشى الريبْ، فعاذري سقياً لهُ ورعياً وعاذلي جدعاً لهُ وكيّا، أوهمتُهُ برشْفِ ريقِ الثغرِ
وغصتُ في البحر ابتغاءَ الدرِّ، وإنْ أقمتَ الواوَ في الكلامِ، مِنْ صدغهِ نابتْ منابَ اللاّمِ، في قدِّه ما هوَ في الأغصانِ
على اختلافِ الوضعِ والمباني، إذا لمستَ خدَّهُ والنهدا، تقولُ عندي مَنَوانِ زُبدا، إنْ ترهُ بينَ ذويهِ في الحمى
فانصبْ وقلْ كمْ كوكباً تحوي السما، أصبحتُ منهُ في ارتقابِ الوصلِ والزرع تلقاءَ الحيا المنهلِّ
ما للصبا يا جسمَ ذياكَ الصبي، وقيمةُ الفضَّةِ دونَ الذهب، مَنْ تلقَهُ إلى سواهُ صابي، فأوِّلْهُ الإبدالَ في الإعرابِ
قلبُ الذي يحبُّ ليسَ يبغضُ، وإنْ بدا بينها معترضُ، إذا رأيتَ عنقَهُ الطويلا، وشعرَهُ مِنْ فوقهِ محلولا
تقولُ ما أنقى بياضَ العاجِ، وما أشدَّ ظلمةَ الدّياجي، بطرفِهِ في العاشقينَ سُلِّطا وما أحدَّ سيفِهِ حينَ سطا
حاشاهُ مِنْ عيبٍ ومِنْ نقصانِ، أو عاهةٍ تحدثُ في الأبدانِ، لا تطلبوا لحسنِهِ مضاهي، اللّهَ، اللّهَ عبادَ اللَّهِ
ليسَ قفاءُ عاذلي العسوفِ، إلاّ معَ المجرورِ والظّروفِ، يا قائلاً كانَ مليحاً وانفصلْ، كانَ وما انفكَّ الفتى ولمْ يزلْ
أبدتْ لهمْ وجنتُهُ ضِراما، كما تَلَوا يا حسرةً على ما عذارهُ الرقيمُ كهفُ لثمِهِ، فلا تغيِّرْ ما بقي عن رسمِهِ
تقولُ فيهِ خضرةٌ يسيرهْ، كما تقولُ نارُهُ منيرة، دينارُ وجههِ بهِ شححتُ وكمْ دُنَينيرٍ بهِ سمحتُ
إني إلى العفافِ منهُ شيِّق، وكلُّ لهوٍ دنيويٍّ موبقُ، إنْ يبتسمْ لي ضوَّأ الحجونا وأقبلَ الحجاجُ أجمعونا
يا ليتهُ يعطفُ بالوصالِ والعطفُ قدْ يدخلُ في الأفعالِ، لا ما حلا لي في هواهُ العذّلُ، لشبهِهِ الفعلَ الذي يستثقلُ
قلبي وعيني عن سناهُ لا يردْ، إذْ ما رأى صرفَهما قطُّ أحدْ، ألفاظهُ عقودُ درٍّ منتقدْ وإن نطقتَ بالعقودِ في العددْ
يا صاحِ لا تدمِ الفؤادَ بالدما وعاصِ أسبابَ الهوى لتسلَما ولا تمارِ عاشقاً فتتعبا وما عليكَ عَتبُهُ فتُعْتَبا
ولا تزدني بالملامِ ضررا، ولا تحاضرْ وتسيءَ المحضرا، إنْ قلتَ رشفُ ريقهِ ما حُلِّلا
تقلْ بلا علمٍ ولا تحسُ الطلا، أقسمتُ لا ألومُ في العشقِ أحدْ ومنْ يودَّ فليواصلْ مَنْ يوَدْ، خذْ أدواتِ الحسنِ عنهُ منصتا
واحفظ جميعَ الأدواتِ يا فتى، عيناهُ أفنتْ أكثرَ العشاقِ وهكذا تصنعُ في البواقي، في ثغرِهِ جواهرٌ غوالي
جلوتُها منظومةَ اللآلي، قلبي الذي يسكنُ للتنائي، كأمسِ في الكسرِ والبناءِ، بلبالُهُ مخلَّدٌ في بالي، فما لهُ مغيِّرٌ بحالِ
صوتُهُ كالبدرِ فوقَ الغصنِ، فانظرْ إليها نظرَ المستحسنِ، وخلِّ عني يا عذولُ العذلا وإنْ تجدْ عيباً فسدَّ الخللا
فقد رثى لي وألانَ القولا، والحمدُ للهِ على ما أولى، فديتُ لونَ خدِّهِ من خدِّ، كان حريرياً فصارَ وردي
قصيدة علام أردت تهجرني علاما
علامَ أردتَ تهجرني علاما وتوقظُ بالنوى أهلاً نياما، لعلكَ يا جليدَ القلبِ تبغي رحيلاً يورثُ الدمعَ انسجاما
وتتركُنا بلا رجلٍ كبيرٍ، نراجعُهُ إذا رُمْنا مراما، أتنزعَ آلةَ التعريف منا وما أعني بها ألفاً ولاما
فهلْ لاقيتَ في حلبٍ هموماً، فتزمعَ عنْ نواحيها اهتماما وما برحَتْ إلى الشهباءِ منا، سراةُ بني أبي بكرٍ تسامى
فنالوا فوقَ ما يرجونَ منها، وما ذمّوا لها يوماً ذِماما، فلا تأخذْ دمشقَ لها بديلاً، أغيظاً ذاكَ منكَ أمِ انتقاما
وإنْ تكُ بالتفرّقِ لا تبالي، فهذا يمنعُ العينَ المناما وإنْ ترحلْ لنيلِ غنى فَسَهْلٌ، غناكَ هنا إذا أمسكتَ عاما
وإنْ ترحلْ تريدُ تمامَ جاهٍ، فمَهْ إني أحذرُكَ التماما وإنْ ترحلْ رجاءً لاشتهارٍ، فكمْ منْ شهرةٍ توهي العظاما
وحسبُكَ شهرةً كرمٌ وعلمٌ، سبقْتَ بهِ الفرادى والتئاما، أقمْ في الأهلِ في رغدٍ وطيبٍ، بأمري واغتنمْ ذاكَ اغتناما
فللأهلِ الوفاءُ وإنْ سواهمْ، وَفاكَ تضمُّناً غدَرَ التزاما، فليسَ يُزادُ في رزقِ حريصٍ ولو جابَ المهامةَ والإكاما
أتظعن تستفيدْ أخاً لئيماً، وقدْ ضيَّعْتَ إخوتَكَ الكراما، إذا لمْ ترضَ بالأهلينَ جاراً، فقرِّبْ من خيامهم الخيام
ليأتيكَ المخبِّر عنْ قريبٍ، وتنشقُ منْ مواطِنكَ الخزامى، ففرطُ البعدِ عن وطنٍ وأهلٍ حِمامٌ قبلَ أنْ تلقى الحمام
فلا تسمعْ كلاماً منْ فلانٍ، فلستَ بسامعٍ منهُ كلاما ولا تجهلْ بجهلٍ مِنْ أناسٍ وإنْ همْ خاطبوكَ فقلْ سلاما
فكمْ منْ حاسدٍ في السرِّ يبكي، ويظهرُ حينَ تلقاهُ ابتساما وما كلُّ الرجالِ أخاً نصيحاً، لصاحِبِهِ وإنْ صلَّى وصاما
فلا صدقْتَ في قولٍ كذوباً، ولا استأمنْتَ مَنْ أكلَ الحرام ولا تُعظِمْ عدوّاً ماتَ غيظاً، بشهرةِ فضلِنا ورجا انهزام
وكيفَ تقومُ إعظاماً لمَنْ، يُطلْ في خدمة العلمِ القياما، إقامتنا أشدُّ على الأعادي وأعظمُ في قلوبهمُ اضطراما
أبالإسكندرِ الملكِ اقتدينا، فليسَ نطيلُ في أرضٍ مقاما وإنكَ إنْ رحلتَ لكنْ تخلِّفُ أهلَنا مثلَ اليتامى
كفانا فقدُ إخوتِنا ابتداءً، فلا تجعلْ تشتّتنا الختاما
قصيدة تذكرت بالبرق إذ يلمع
تذكرتُ بالبرقِ إذْ يلمعُ، منازلَ كانتْ بكمْ تجمعُ، فيا زمنَ الوصلِ هَلْ عائدٌ، فتخمد ما حوتِ الأضلعُ
وكيف يعودُ لأهلِ الهوى، سرورٌ ومستَبْعَدٌ أن يعوا، هجرتُ النقا بعدَكم والصفا، لأني بكأسِ البكا أجرعُ
أبثكِ بَيْنَاً ودمعاً جرى، فهذا حجازٌ وذا ينبعُ، كأنَّ سهامٌ لقَوسِ النوى، فرامي الفراقِ بنا مولعُ
وفي النازعاتِ لنا أنفسٌ، وفي المرسلاتِ لنا أدمعُ، أحبُّ الدمى وسوادَ اللمى وربُّ السما خوفُهُ يردعُ
فَمِنْ جهةِ الطبعِ لي مطمحٌ، وَمِنْ جهةِ الشرعِ لا مطمعُ وما أجهلُ الحسنَ لكنْ أرى بأنَّ النزاهةَ لي أرفعُ
ولولا التقى كنتُ أبغي الشقا، ويجتمعُ اللهوُ لي أجمعُ، صحبتُ الملا وطمعتُ العلى وجربْتُ ما ضرَّ أو ينفعُ
فَلَمْ أرَ أرذلَ مِنْ طامعٍ، ألا قاتلَ اللهُ مَنْ يطمعُ ولم أرَ أرفعَ من قانعٍ، فللِّهِ كلُّ فتى يقنعُ، وما ذقتُ في عمريَ قهوةً
ولم يُجْلَ لي كأسُها المترعُ، وما أصلحتْ قينةٌ عودَها، وغنَّتْ بهِ وأنا أسمعُ ولو رمْتُ في وصلِها جهلةً
لما كانَ للسرِّ مستودَعُ، ولا هزَّ لي أمردٌ عطفه، يُشبَّه بالبدرِ إذْ يطلعُ، فَمَنْ كانَ بالمردِ مستمتعاً
فذاكَ به كان يستمتعُ، ومن يطعِ اللهوَ عصرَ الصبا، فذلكَ بالشيبِ لا يرجعُ، أنا الكاسدُ النافقُ الشاردات
تسيرُ وأنوارُها تسطعُ، جمعتُ إلى العلمِ نظماً لهُ، غصونٌ حمائمُها تسجعُ، حمى اللهُ شعريَ عن ذلةٍ
فلا يستكينُ ولا يخضعُ، وإن اكتسابَ الغنى بالمديحِ، مهينٌ له مؤلمٌ موجعُ وخلَّفَنا والدي سبعةً
من الولْدِ مربعُهُمْ ممرعُ، رأى الدهرُ سبعة شموس لنا، فعانَدَنا فإذا أربعُ وكانَ توجعُهُمْ مُوجعي
ولكنْ فرقَتَهمْ أوجعُ، هوَ الدهرُ يلحنُ في أهلِهِ، فيخفضُ مَنْ حقُّهُ يرفعُ، أَلَمْ تَرَهُ ضدَّ أهلِ التقى
وَمَنْ ضدَّهُ الدهرُ ما يصنعُ، مساكينُ أهلُ النقا أُخرسوا وَمَنْ ألفوا المنحنى لعلعوا
فكمْ ناقصٍ ثغرُهُ باسمٌ، وكمْ فاضلٍ سنَّهُ يقرعُ، فلا تعجبُنْكَ على جاهلٍ، فدولتُهُ بغتةً تقلعُ
ولو بلغَ الجاهلونَ السُّها، فما تحتَ موضعِهِمْ موضعُ، فخلِّ العلومَ إذا جئتَهُمْ، فليسَ لها عندهُمْ موقعُ
ولا تذكرنْ أدباً عندهُمْ، فآدابُ أشعارِهمْ بلقَعُ، أجلَّ الورى عندهم رتبةً وضيعٌ يزمزمُ أو يُصفعُ
أرى البخلَ مستشبعاً فاحشاً، وسعيي إلى بابهم أَبشعُ، فيا قبحَهُمْ في الذي خُوِّلوا ويا حسنهم عندما يُنزعُ
ولو كنتُ أرضى بما القومُ فيه، لما كنتُ عَنْ نيلِهِ أُدفعُ، رضيتُ الخمولَ فكم خلعةٍ، بها دينُ لابِسها يخلعُ
وكم فرحةٍ جَلَبَتْ ترحةٍ، وَكَمْ ضحكٍ بعدَهُ مدمعُ، إذا ما تضاحكتْ منْ حالهم، يظنونَ أني لهمْ أخشعُ
وما يَكْشرُ الليثُ ضحكاً بلى، يكشِّرُ إذْ سمُّه منقعُ، مضى ما مضى وانقضى ما انقضى
وعند المهيمنِ نستجمعُ، فلا الجاهُ يومئذٍ نافعٌ، ولا المالُ حينئذٍ يشفَعُ، فيا جامعَ المالِ بخلاً بهِ
رويدَكَ وانظرْ لمنْ تجمعُ، ويا حاسدي كيفَ شِئْتَ كنْ، فإنِّي باللهِ أستدفعُ وإنكَ لو رمْتَ لي هفوةً
أبى الشهداءُ إذا ما دُعوا، وما في البريةِ مِنْ رافضٍ، لفضلي إلا لَهُ مصرعُ
قصيدة أنا في الحب قانع باليسير
أنا في الحبِّ قانعٌ باليسير، بخيالٍ يزورُ أو وَعدِ زورِ، ما لهندٍ إذا طلبتُ رضاها، فاجأتني بنفثةِ المصدور
ألِعَيْبٍ كرْهِتني أمْ لريبٍ، أمْ لشيبٍ قالت لهذا الأخيرِ، أنا بدرٌ وقد بدا الصبحُ في رأسِكَ والصبحُ طاردٌ للبدورِ
يا نهارَ المشيبِ مَنْ لي وهيهاتَ بليل الشبيبةِ الديجوري، قلت إنَّ المشيبَ نورٌ فقالت، أشتهي نُورَةً لذاكَ النورِ
قلت لا فضلَ في سوادِ الشعورِ، عندنا غيرُ لونِ نقْسِ الوزيرِ، سارَ بين الأنامِ فيكِ وفيهِ من مديحي ديوانُ شعرٍ كبيرِ
لكِ وجهٌ أغرُّ باهٍ فريدٌ، مثلُ دهرِ الوزير بينَ الدهورِ، ليسَ شغلي إلاّ هواكِ ومدحي، فيهِ هذانِ روضتي وغديري
وإذا ضاقَ منْ تجنِّيك صدري، فمديحي لهُ شفاءُ الصدورِ، كلُّ شيءٍ سينقضي غيرَ حبي لكِ والمدحِ للوزيرِ الكبيرِ
كم جرتْ أدمعي لهجرِكِ تحكي مِنْ عطايا الوزير سيلَ البحورِ، أنا لولا هواكِ صنتُ دموعي، صونَ دينِ الوزيرِ عنْ محظورِ
مدمعي فيكِ والندى من يديه، أخْجَلا مُسْبَلَ الغمامِ الغزيرِ، وإذا كنتُ في هواك مسيئاً، فمديحُ الوزيرِ كالتكفيرِ
لا وطولِ القيامِ فيك ووجدي، ما لطَوْلِ الوزيرِ مِنْ تقصيرِ، كيفَ أسطيعُ لثمَ ثغرِكِ يا هنْدُ ودأبُ الوزير سدُّ الثغورِ
فأديري عليَّ كأسَ مُدامٍ، مثلَ أخلاقِهِ بلا تكديرِ، ليسَ لي عنْ هواكِ أقسمْتُ صبرٌ، لا ولا عَنْ مديحه المبرورِ
بي إلى وصلِكِ افتقارٌ كما بالناسِ فقرٌ إلى بقاءِ الوزيرِ، ليَ جفنٌ وللوزير لواءٌ، دُعيا بالسفاح والمنصورِ
أنعِمي بالوصالِ جادكِ غيثٌ، كنوالٍ من راحتيهِ غزيرِ، ربَّ ليلٍ سهرتُ فيكِ إلى أنْ لاحَ فجرٌ كنورِهِ أيَّ نور
أثْقَلَتْني ردفاكِ والجودُ منهُ، أنا لا أستطيعُ حملَ الطورِ، لا تذلي على هواكِ عنادي، للأعادي أما الوزيرُ نصيري
فيكِ وجدي يا هندُ وجدٌ عظيمٌ، مثلُ وجدِ الوزيرِ بالتبذير وإذا كانَ في ودادكِ نقصٌ، فبمدحِ الوزير تمَّ سروري
لكِ طرفٌ يروي روايةَ مكحولٍ وإحسانُهُ عنِ ابنِ كثيرِ، فَهْوَ طرفٌ فتورُهُ ذو فتونٍ، أنا أفدي الوزيرَ مِنْ ذا الفتورِ
وإذا ما نشرتِ شعركِ دَلاً، فَهْوَ حاكي لوائهِ المنشورِ وإذا ما فتحتِ جفنَكِ المكْسورَ هِمْنا بسيفِهِ المنصورِ
وإذا بسمْتِ عن ثغرِكِ المنْظومِ أغرى بلفظه المنثورِ وإذا ما هزَزْتِ لي قَدَّكِ المنْصوبَ قلنا كرمحِهِ المجرورِ
ويكَ يا قلبَها بعلمِ وفاءٍ، منهُ إنَّ الوفاءَ أحصنُ سورِ واستفدْ يا زمانُ عطفاً ولطفاً، في هواها من خلقِهِ المشكورِ
أنا لو كنتُ حازماً في هواها، حزمَهُ في الحروبِ جادَتْ أموري، حبُّها فاعلٌ بقلبيَ أفعالَ يديهِ في مالِهِ المذخورِ
قسماً إنَّ ريقَها ونداه، ينشرُ الميْتَ قَبْلَ يومِ النشورِ، ليسَ أحلى من وصلها غيرَ مدحي، طَوْلَ هذا الوزير لولا قصوري
هاكها أيُّها الوزيرُ عروساً، أنتَ كفءٌ لحسنها الموفورِ، فهْي بكرٌ عذراءُ في ظلِّكَ الممْدودِ تجلى بسمعِكَ المقصورِ
كلُّ بيتٍ فيهِ نسيبٌ ومدحٌ، مستجادٌ منْ مستكنِّ ضميري، كرَّرتْ لي مخالصاً فيك تحكي، سُكَّراً يُسْتلذُّ بالتكريرِ
عمدةٌ للذي يريدُ مديحاً، كلُّ بيتٍ منها يُعَدُّ بدورِ، طابعٌ تُطْبَعُ البدورُ عليها، فهْي للناظمينِ كالدستورِ
مهرُها منكَ خالصٌ من ودادٍ، إنَّ مهرَ الفاني أخسُّ المهورِ، واكتسابُ الغنى بنظمٍ ونثرٍ فيه نقصٌ للفاضلِ المشهورِ
أنا لفظي درُّ النحورِ ومثلي لم يبعْ بالحطامِ درَّ النحورِ، إنَّ فقرَ النفوسِ ذلٌّ وشَيْنٌ وغنى النفسِ عزُّ كلِّ فقيرِ
كم غنيٍّ أضحى نظيرَ عديمٍ، وفقيرٍ أمسى عديمَ نظيرِ، فعلى وجهِكَ الوسيمِ سلامي وإلى بابِكَ الكريمِ حضوري
قصيدة طول المقام بدار الحرث برح بي
طولُ المقامِ بدارِ الحرثِ برَّحَ بي، فالحزمُ رجعايَ عن قصدي وعن طلبي أفنيتُ عمري بلا علمٍ علمتُ
ولا خيرٍ عملتُ ولا مالٍ ولا أدبِ، إنَّ الضياعَ ضياعٌ للزمانِ وَمَنْيلِ المناصبَ لا ينفكَ ذا نَصَبِ
والعجزُ أوجبَ لي سلبَ الخمول ولو شلْتُ الحمول مع الركبانِ لم أجبِ، رضيتُ راحةَ روحي فاحتُقِرْتُ
ولو تعبتُ نلتُ رخيمَ العيش في التعبِ، ومذْ صحبْتُ سوى جنسي ضنيتُ به والشَّمعُ لولا جوارُ النارِ لم يذبِ
أَمِرْيَةٌ بعدَ تجريبي فلستُ وإنْ رامتْ مطامعٌ تجري بي بمنقلبِ، أمْ هلْ أشكُّ وقدْ جربتهم زمناً
وعفْتُ أكرمَهم رمياً فلا وأبي، كمْ ذا أصاحبُ ذا جهلٍ أُساءُ بهِ، ترى السلامةَ منهُ خيرُ مكتسَبِ
ممَّنْ أراهُ صديقاً في اليسارِ وَلَوْ مالَ الزمانُ تولى مسعدَ النوَبِ، فسمعُهُ عنْ مقالِ الصدقِ في صممٍ
وقلبُهُ عن فعالِ الجدِّ في لعبِ، إنْ أبكِ يضحكْ وإنْ أعقلْ يجنَّ وإنْ أقرَّ يعبثْ وإنْ أحضرْ لهُ يغبِ
وليس يكشفُ عني ما أكابدُهُ، وما أقاسيهِ مِنْ هَمٍّ ومنْ وصبِ، إلا إمامُ الهدى قاضي القضاة وَمَنْ
أحيا العلومَ وأعلى رتبةَ الأدبِ، شيخُ الأنامِ وحيدُ العصرِ جامعُ أشتاتِ الفنونِ بلا مَيْن ولا كذبِ
لو لم تكمِّلْ به العليا مراتبَها، ما قيلَ عنهُ كمالُ الدينِ ذو الرتبِ، ابن الأفاضلِ والغرِّ الأماثلِ
والشهبِ الكواملِ ردءُ الناسِ في الشَغَبِ، زينُ المدارسِ جلابُ النفائسِ غلاَّبُ المنافس معطي القاصدِ الجدبِ
محيي الثغور ندىً مجني الكفور ردىً، مولي الشكورِ هدىً كفَّاهُ كالسُّحُبِ، يا كاملَ الفضلِ جمَّ البذلِ وافرَه
جوداً مديدَ القوافي غيرَ مقتضبِ، إني أحبُّ مقامي في حماكَ وَمَنْ يكنْ ببابِكَ يا ذا الفضلِ لم يَخِبِ
فليتني مثلُ بعضِ الخاملينَ ولا تكونُ توليةُ الأحكامِ مِنْ سببي، فالحكمُ مَتْعَبَةٌ للقلبِ مَغْضَبَةٌ
للربِّ مَجْلَبَةٌ للذنبِ فاجتنبِ، وإن تكنْ رتبتي في البرِّ عاليةٌ، فالكونُ عندَكَ لي أعلى من الرتَبِ
فانظرْ إليَّ وجُدْ عطفاً عليَّ عسى، رزقٌ يعين على سكنايَ في حلبِ والبرُّ أوسعُ رزقاً غيرَ أنِّيَ في
قلبي منَ العلمِ والتحصيلِ والطلبِ، وفي المدارسِ لي حقٌّ فما بُنِيَتْ، إلا لمثليَ في حجرِ العلومِ رُبي
أهلُ الإفادةِ والفتوى أنا ومعي، خطُّ الشيوخِ بهذا فامتحنْ كتبي، وإنَّ في عمرٍ عدلاً ومعرفةً
فكيفَ يُصْرَفُ عن هذا بلا سببِ، قالوا فلمْ تطلبِ العزلَ الذي هربَتْ، منهُ القضاةُ قديماً غايةَ الهربِ
فقلتُ نحنُ قضاةَ البرِّ مهملةُ، أقدارُنا فَهْيَ كالأوقاصِ في النصبِ
مَنْ كان منَّا جريَّاً أكرموه وولوه المناصبَ بالخطْباتِ والخطبِ ومتقي اللهِ منَّا مهملٌ حرجٌ
مروَّعُ القلبِ محمولٌ على الكربِ، لا يعرفونَ لهُ قدراً وعفتُهُ، يخشَونَ إعداءها للناسِ كالجربِ
إنْ دامَ هذا وحاشاهُ يدومُ بنا، فارقْتُ زيي إلى ما ليسَ يجملُ بي وقلتُ يا فقهُ فقتُ المثْلَ فيكَ فلِمْ
خصصتني بمكانٍ ما ارتضاهُ غبي وكيفَ يا نحوُ نحوَ الخفضِ تعطفني وَقَدْ نصبْتَ قسيَ الجزمِ في نصَبي
ترى بقولي زيدٌ ضاربٌ مثلاً، عمراً أردتَ تجازيني على كذبي ويا أُصولُ إلى كم ذا أصولُ ومِنْ
غيرِ الدعاوى ومني الصدقُ في طلبي، ويا بديعَ المعاني والبيان خذي، غيري فقدْ أخذَتْني حرفةُ الأدبِ
يا سيدي يا كمال الدينِ خذْ بيدي، من القضاءِ فما لي فيهِ مِنْ أربِ، البرُّ يصلحُ للشيخِ الكبيرِ ومن
رمى سهاماً إلى العليا فلم يُصبِ، أما الذي عُرفَتْ بالفهمِ فطرتُهُ، فإنَّهُ في مقامِ البرِّ لم يطبِ
لا زلتَ عوناً لأهلِ العلمِ تكنفهم، ما لاحَ برقٌ وناحَ الورقُ في القضبِ