اكتشاف مخلوق غريب في أعماق المحيط.. لم نر مثله من قبل
يضيء في الظلام، ويعيش في أعماق هائلة تزيد عن 2200 متر تحت سطح المحيط.. تعرف عليه
وسط الظلام الدامس في أعماق المحيطات، اكتشف العلماء مؤخرا مخلوقا بحريا غريبا، يضيء في الظلام، والذي يعد فريدا في نوعه. ولا تزال الأبحاث جارية للتعرف عليه أكثر، واكتشاف المزيد من المخلوقات الغريبة الأخرى التي تعيش في أعماق المحيط، ولا نعرف عنها شيئا حتى الآن.
أطلق العلماء على هذا المخلوق الغريب اسم "Bathydevius caudactylus". وهو نوع جديد من الرخويات البحرية المعروفة باسم النوديبرانش. أبرز ما يميز هذا النوع الجديد هو أنه يعيش في أعماق هائلة، تزيد عن 2200 متر تحت سطح المحيط، في منطقة تعرف باسم "المنطقة الوسطى" في المياه المفتوحة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
اكتشف هذا الكائن باحثون من معهد أبحاث خليج مونتري البحري (MBARI) في الولايات المتحدة. ويعد هذا الاكتشاف المذهل دليلا جديدا على أن الحياة البحرية أكثر تنوعا وتعقيدا مما كنا نتصور، حتى في أعمق وأكثر الظروف قسوة على كوكبنا.
لماذا يعتبر هذا المخلوق غريبا؟
في تصريحات لموقع ScienceAlert، يوضح عالم البحار بروس روبسون من معهد بحوث خليج مونتيري، أسباب تفرد هذا الكائن وتميزه عن غيره. يقول: "معظم الرخويات البحرية العارية تعيش في المياه السطحية القريبة من قاع البحر. لذلك، كان من المستغرب جدا العثور على أحد هذه الرخويات في أعماق المحيط".
ويضيف روبسون: "لقد عرفنا بعض الأنواع التي تعيش في قاع المحيطات العميقة، ولكن لم يسبق لنا أن رأينا مثل هذا النوع من قبل، الذي يعيش في الطبقات الوسطى العميقة من المحيط. لذلك، عندما شاهدنا هذا الكائن البحري الغريب لأول مرة متوهجا، شعرنا جميعا بالدهشة والإعجاب. أطلقنا جميعا صيحة واحدة معبرة عن دهشتنا".
خصائص هذا الكائن
تعتبر الرخويات البحرية العارية من أكثر الكائنات البحرية جمالا. تتميز بألوانها الزاهية وأشكالها الفريدة. غالبا ما تعيش هذه الرخويات على الشعاب المرجانية، حيث تتغذى على المرجان أو الطحالب أو الإسفنج أو حتى بعض الرخويات البحرية الأخرى.
وعلى الرغم من تنوعها وقدرتها على التكيف مع بيئات مختلفة، فقد كان يعتقد أن هذه الرخويات مقيدة بمدى معين من العمق. لهذا السبب أطلق باحثو معهد MBARI على هذا المخلوق المكتشف حديثا اسم "الرخوي الغامض" عندما اكتشفوه باستخدام المركبة البحثية عن بعد "تيبورون" على عمق 2614 مترا.
كان هذا المخلوق البحري المذهل يمتلك قدما تشبه قدم حلزون البحر، وغطاء فمويا كبيرا مفتوحا، وذيلا مزينا بشعيرات تشبه الأصابع تتحرك مع التيار. ومن خلال جلده الشفاف، يمكن رؤية أعضائه الداخلية بلون وردي فاتح. وعندما اقتربت المركبة الآلية منه، شعر بالتهديد، فبدأ في إصدار توهج حيوي.
يبدو أن هذا التوهج الحيوي هو وسيلة دفاعية يستخدمها هذا الكائن البحري. ففي إحدى الملاحظات، لاحظ الباحثون أن أحد اللوامس على ذيله بدأ في التوهج بشكل مستمر، ثم انفصل عن الجسم، تماما مثلما تفعل بعض الزواحف عندما تسقط ذيلها لتشتيت انتباه المفترس.
سلوكيات مميزة
عندما راقب العلماء سلوك هذا المخلوق في بيئته الطبيعية، لاحظوا أنه يستخدم غطاءه الكبير لالتقاط فريسته، مما يدل على أنه يتغذى بشكل رئيسي على القشريات. وعلى عكس معظم الرخويات البحرية الأخرى التي تمتلك زائدة لسانية شائكة، فإن هذا المخلوق يبتلع طعامه من خلال فم يقع في الجزء الخلفي من غطائه.
ويشير العلماء إلى إن هناك نوعين آخرين من الرخويات البحرية يستخدمان أغطية مشابهة، لكنهما لا ينتميان إلى نفس العائلة التي ينتمي إليها هذا لمخلوق. هذا يؤكد أن هذه السمة قد تطورت بشكل مستقل في هذا النوع الجديد.
كذلك، تمكن الباحثون من اكتشاف سلوك تكاثري غريب لدى هذا النوع الغريب. لوحظ أن أفرادا من هذا النوع تنزل إلى أعماق هائلة تصل إلى آلاف الأمتار، حيث تلتصق بقوة بقاع البحر لتنفيذ عملية وضع بيوضها بطريقة فريدة، إذ تضع بيوضها على شكل أشرطة طويلة ومرنة.
هذه الملاحظات العلمية تقدم لنا نظرة ثاقبة حول التنوع البيولوجي المذهل في أعماق البحار، وكيف تتكيف الكائنات الحية مع البيئات القاسية.
حقائق عن Bathydevius caudactylus
يذكرنا المخلوق الذي أطلق عليه العلماء اسم باثيديفوس كوداتيلوس، بمدى روعة وغرابة الحياة في أعماق المحيط. ومع استمرار الأبحاث، نتوقع اكتشاف المزيد من الأسرار حول هذا الكائن الفريد. لكن في السطور التالية، يمكننا التعرف على أبرز معلومات عن باثيديفوس كوداتيلوس.
. يشبه باثيديفوس كوداتيلوس إلى حد كبير التفاحة في الحجم.
. ينتمي هذا الكائن إلى الرخويات، وهي شعبة كبيرة من الحيوانات اللافقارية، وتشمل القواقع والمحار والأخطبوط والحبار.
. يعتبر من أغرب أنواع الرخويات التي تم اكتشافها حتى الآن. ويصفه الباحثون بأنه "لغز مضيء من أعماق المحيط".
ميزات فريدة
. يتميز هذا المخلوق بجسم هلامي شفاف، وغطاء رأسي كبير وجيلاتيني، وذيل يشبه المجداف مزيناً بما يشبه أصابع صغيرة.
. يعيش هذا المخلوق الرخوي في منطقة تعرف باسم المنطقة الوسطى من المحيط. تعرف هذه المنطقة بأنها مظلمة تماما، وتصل إلى آلاف الأمتار تحت سطح الماء، حيث تمتد من 1000 إلى 4000 متر تحت سطح الماء. كما تتميز بدرجات حرارة منخفضة وضغط مرتفع.
. يستخدم هذا المخلوق الرخوي الغطاء الرأسي الكبير الذي يمتلكه كفخ لاصطياد القشريات الصغيرة. وتعد هذه طريقة فريدة من نوعها في الاصطياد بين الرخويات.
. يمتلك هذا الكائن قدرة فريدة على التوهج وتوليد الضوء. تعرف هذه الظاهرة باسم التوهج البيولوجي، والتي تتمثل في قدرة بعض الكائنات الحية على إنتاج الضوء من خلال تفاعلات كيميائية داخل أجسامها. ويعتقد العلماء أن هذه القدرة تساعده على التواصل أو جذب الفرائس.
. رغم أن العلماء لا يزالون يدرسون سلوك هذا الكائن، إلا أنهم يعتقدون أنه يعيش حياة انعزالية أو انفرادية، وليس في مجموعات كحال العديد من المخلوقات البحرية.
أهمية الباثيديفوس
. يفتح اكتشاف هذا الملوق الرخوي آفاقا جديدة لفهم التنوع البيولوجي الهائل في أعماق المحيط.
. يثير هذا المخلوق الغريب تساؤلات جديدة حول الطرق التي تتكيف بها الكائنات الحية مع البيئات القاسية في أعماق البحار.