البحث عن أطلانتس.. علماء يقتربون من حل لغز المملكة المفقودة
تشير الأساطير إلى إنها مدينة في غاية الجمال، ذات معابد ضخمة وقصور فارهة، تتمتع بحضارة متقدمة، وتمتلك تكنولوجيا متطورة
على مر العقود، يحاول العلماء والباحثون اكتشاف سر مدينة أطلانتس المفقودة، موقعها أسباب اختفائها الغامضة، حيث كانت موضوعًا بحثيا مهما لسنوات طويلة ومجالا للتكهنات دام لقرون. لكن أبحاثا جديدة تشير إلى احتمالات تحقيق تقدم ملحوظ في هذا الشأن، حيث يشير علماء إلى احتمالات العثور عليها قبالة سواحل جزر الكناري.
يتركز هذا الاكتشاف المحتمل حول جبل بحري ضخم يسمى جبل أطلس، والذي يضم ثلاثة براكين خامدة. تقع هذه البراكين، التي يبلغ قطر كل منها حوالي 50 كيلومترًا، على عمق يزيد عن كيلومترين تحت سطح المحيط.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تفاصيل الدراسة
قام باحثون من المعهد الجيولوجي والتعديني الإسباني (CSIC) بدراسة هذا الجبل الغارق، الذي يعتقدون أنه قد يكون أصل أسطورة أطلانتس. كان الجبل البحري جزءًا من نظام جزر يقع شرق لانزاروت خلال عصر الإيوسين، بين 56 و34 مليون سنة مضت. ومع مرور الوقت، غرقت هذه الجزر في المحيط، وهي عملية مستمرة حتى اليوم.
في البداية، لاحظ الجيولوجي لويس سوموزا، منسق المشروع، أن هذه التكوينات تحت الماء لا تزال تحتفظ بشواطئها القديمة، مما يتماشى مع الأوصاف التي تصف مملكة أطلانتس بأنها جزيرة غرقت تحت الأمواج.
قام فريق البحث، على متن السفينة الأوقيانوغرافية سارمينتو دي جامبو، بإجراء مسح شامل للمنطقة من 27 يونيو إلى 6 أغسطس عام 2024. وباستخدام مركبات تحت الماء عن بعد (ROVs) متطورة ومجهزة بكاميرات فائقة الدقة بدقة 5K وأذرع روبوتية، استكشفوا قاع البحر على أعماق تصل إلى 2.5 كيلومتر.
كانت هذه المركبات أيضًا مجهزة بأجهزة استشعار الغاز للكشف عن ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما يوفر رؤى حول النشاط البركاني في المنطقة.
وبالفعل، كشفت الدراسة أن بعض البراكين في المنطقة تحت الماء قد تكون أحدث مما كان يعتقد سابقًا، وربما تكون نظائر تحت الماء لنظام بركان تيمانفايا الإسباني. هذا الاكتشاف بالإضافة إلى أهميته كمقدمة لاكتشاف حقيقة مملكة أطلانتس، يعتبر أيضًا له آثار مهمة على فهم التاريخ الجيولوجي لجزر الكناري والمخاطر المحتملة للنشاط البركاني في المستقبل.
نتائج الدراسة
يعيد اكتشاف جبل أطلس إحياء الاهتمام بأسطورة هذه المملكة، حيث قدم تفسيرًا معقولاً لأصولها، لأن موقع الجبل البحري وخصائصه يتطابق بشكل وثيق مع أوصاف أفلاطون حول المملكة، مما يشير إلى أن قصة أطلانتس ربما تكون مستوحاة من أحداث جيولوجية حقيقية. كما أن وجود حدائق المرجان والإسفنج والمناطق المغطاة بالبساط البكتيري على الجبل البحري يدعم أيضًا فكرة أنها كانت ذات يوم نظامًا بيئيًا جزريًا مزدهرًا.
ولا تزال الأبحاث مستمرة في محاولة لتحديد واستكشاف جبل أطلس، وهل له علاقة بالفعل بأسطورة مملكة أطلانتس المفقودة أم لا، رغم أن نتائج الدراسة حتى الآن تقدم رؤى قيمة حول التاريخ الجيولوجي للمنطقة.
وفي النهاية، يسلط البحث الذي أجراه فريق CSIC الضوء على أهمية التكنولوجيا المتقدمة في الكشف عن أسرار الماضي لكوكبنا. ومع استمرار العلماء في استكشاف وتحليل هذه التكوينات تحت الماء، قد يكتشفون المزيد من الأدلة التي يمكن أن تحل أخيرًا لغز مملكة أطلانتس المفقودة.
أسطورة أطلانتس
تعود أسطورة مملكة أطلانتس إلى أعمال الفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون، الذي وصفها بأنها حضارة قوية ومتقدمة كانت موجودة منذ حوالي 9000 عام قبل عصره. ووفقًا لأفلاطون، كانت أطلس تقع وراء "أعمدة هرقل"، التي يعتقد الكثيرون أنها مضيق جبل طارق.
يصف أفلاطون مملكة أطلانتس بأنها كانت مدينة في غاية الجمال، ذات معابد ضخمة وقصور فارهة. كما ذكر أن شعبها كان يتمتع بحضارة متقدمة، وكانوا يمتلكون تكنولوجيا متطورة في عصور ما قبل الحداثة كما نعرفها الآن. كذلك، يشير الفيلسوف اليوناني إلى إنها كانت تمتلك قوة عسكرية بحرية عظيمة.
يضيف أفلاطون في حواريه تيمايوس وكريتاس، إن الجزيرة غرقت في المحيط في يوم وليلة، ما السبب؟ وكيف حدث ذلك؟ لا أحد يعرف على وجه الدقة. وعلى الرغم من العديد من النظريات والبحوث التي أجريت على مر القرون، لم يتم العثور على أي دليل قاطع على وجود هذه المملكة. ومع ذلك، يحاول العديد من المستكشفين والعلماء العثور عليها.
نظريات حول اختفاء أطلانتس
انتشرت على مر العصور العديد من النظريات حول اختفاء أطلانتس، لكن حتى يومنا هذا لا يعرف بالضبط كيف حدث ذلك، كما أن الأبحاث مستمرة للتأكد مما إذا كانت أطلانتس مملكة حقيقية أم مجرد أسطورة نشأت من وحي خيال أفلاطون. ومن بين النظريات المتعددة التي طرحت حول أسباب اخنفاء أطلانتس:
الزلازل والبراكين
هل يمكن أن يكون زلزالا بركانيا هائلا قد تسبب في اختفاء أطلانتس؟ هذا ما يحاول الباحثون الإجابة عليه، حتى في الدراسة الأخيرة التي استعرضناها من قبل، يسعى العلماء إلى التأكد من هذه النظرية، باعتبارها الأكثر منطقية فيما يتعلق باحتمالات غرق المملكة.
التغيرات المناخية
يشير البعض إلى أن التغيرات المناخية المفاجئة، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، ربما تكون أدت إلى غرق المدينة فجأة واختفائها تماما.
النيازك
هناك نظرية أكثر شيوعا، والتي يتم تداولها بشكل شائع بخصوص اختفاء المدن أو انقراض الكائنات، والتي تقول أن نيزكًا كبيرًا اصطدم بالأرض، وتسبب في دمار أطلانتس.
أخيرا، يمكننا التأكيد حتى الآن، على إن مملكة أطلانتس تبقى لغزا يثير فضول البشرية، ولا يمكن أن نثبت حقيقته إلى بالوصول إلى دلائل واضحة حولها، وهو ما يحاول العلماء إثباته على مدار سنوات طويلة. وربما لن نعرف أبدًا الحقيقة الكاملة عنها، ولكنها ستظل تلهم العديد من الأعمال والقصص، وتشجعنا على استكشاف عالمنا الغامض.
وبالفعل، أصبحت أطلانتس مصدر إلهام للعديد من الكتاب والسينمائيين والفنانين، إذ ظهرت في العديد من الروايات والأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وعادة ما يتم تصويرها كمدينة متقدمة تكنولوجيًا ومليئة بالحكايات والأسرار.