التَّمييز وأحكامه في اللُّغة العربية
This browser does not support the video element.
صيغت قواعد اللُّغة العربيَّة وأساليبها لتجعل القول محدَّداً واضحاً لا لبس فيه ولا إبهام، والتَّمييز من الأساليب التي تفيد التَّوضيح والبيان والاختصار في آنٍ معاً، فضلاً عن القوَّة التي يمنحها التَّمييز للقول في أذن السَّامع وذهن القارئ، فما هو التَّمييز؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو التَّمييز؟
يعرِّف الدُّكتور مبارك مبارك التَّمييز في كتابه (قواعد اللُّغة العربيَّة) فيقول: التَّمييز هو اسمٌ نكرةٌ فضلة بمعنى (مِن) يؤتى به لبيان إبهام اسمٍ قبله من ذات (مفرد) أو نسبة (جملة) كقولنا: اشتريتُ رطلاً زيتاً.
والاسم الفضلة هو الذي يأتي بعد تمام الجملة واستيفاء شروطها، فيمكن الاستغناء عن اسم الفضلة وتبقى الجملة الأساسية جملة مفيدة، حيث ينتمي التَّمييز إلى أسماء الفضلة ومثله الحال (راجع الحال وأحكامه).
فنحن نقول: جاء سعيدٌ (وهي جملة مفيدة)، فنقول: جاء سعيدٌ ماشياً (ماشياً حال فضلة).
كذلك في قولنا: خبأتُ قنطاراً/ خبأتُ قنطاراً قمحاً (قمحاً تمييز).
أسماء أخرى للتمييز
يسمَّى التَّمييز مُميِّزاً بكسر الياء المشدَّدة، مُفسِّراً بكسر السِّين المشدَّدة وتفسيراً، مبيِّناً وتبييناً، وجميع هذه الأسماء تفيد ذات المعنى وتؤدي ذات الفائدة.
حكم التَّمييز
التَّمييز اسم منصوب، والعامل في التَّمييز نصباً هو الاسم المبهم كقولنا (عشرون كتاباً)، كما يكون العامل في تمييز النِّسبة هو المسند من فعل أو شبهه، كقولنا (تصبَّب زيدٌ عرقاً) والأصل فيه تصبَّب عرقُ زيدٍ.
ميَّز النحويون بين نوعين من التَّمييز: تمييز الذات، تمييز النِّسبة
أمَّا تمييز الذات فهو ما يعمل على تمييز الاسم وتوضيح المبهم، وأمَّا تمييز النِّسبة فهو ما جاء لتوضيح جملة، حيث يتم التَّفريق بين نوعي التَّمييز من خلال المميَّز نفسه، وهو ما سنفسره بالتفصيل الممكن.
تمييز الذات
تمييز الذات يأتي لتوضيح اسم مبهم، والأسماء المميزة هي:
تمييز المقادير وأشباه المقادير تمييز ذات
ويشمل تمييز المقادير توضيح مساحة (زرعت فداناً ذرةً) أو وزن (اشتريت رطلاً لبناً) أو كيل (بعت صاعاً فولاً) أو مقاساً (اقتطعت خمسة أمتارٍ قماشاً).
ويلحق بالمقادير أشباه المقادير، كقوله تعالى ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ فمثقال ذرَّة من أشباه المقادير وتمييزه خيراً، أو كقوله تعالى ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ مثله من أشباه المقادير التَّمييز مدداً.
تمييز الأعداد وكنايات الأعداد من تمييز الذات
هناك من الباحثين من ألحق العدد بالمقادير لكننا نفضِّل إبقاء تمييز العدد في بند مستقل، ويكون التَّمييز تمييز ذات إذا جاء لتوضيح العدد كقولنا: حضر الدَّرس عشرون طالباً، وسنأتي في الفقرات القادمة على ذكر جرِّ التَّمييز مع العدد.
وتلحق بهذا الباب كنايات العدد كقولنا: افتتح زيدٌ كذا فرعاً، كم كتاباً قرأتَ؟ (راجع العدد والمعدود وكنايات العدد)
ما كان فرعاً للتمييز تمييز للذات
حيث يكون المميَّز فرعاً من التَّمييز، كقولنا: ارتدتْ العروسُ خاتماً ذهباً (الخاتم فرع الذَّهب)، اشتريت ثوباً حريراً (الثوب فرع الحرير).
تمييز النِّسبة
كما ذكرنا فإنّ تمييز النِّسبة هو ما جاء لتوضيح جملة، وهو على الأشكال التالية:
- النِّسبة بين الفعل والفاعل: يكون التَّمييز في هذه الحالة محوَّلاً عن فاعل، كقوله تعالى ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ والأصل فيها: اشتعل شيبُ الرَّأسِ، فتميزت الجملة بـ شيباً.
- النِّسبة بين الفعل والمفعول به: في هذه الحالة يكون التَّمييز منقلباً عن مفعول به، كقوله تعالى ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ والأصل فيها فجرنا عيونَ الأرض.
- ما جاء بعد تعجب: كقولنا ما أعظم الأمَّ تضحيةً، أنعم به خطيباً.
- ما جاء بعد أفعال التفضيل: كقولنا بيتك أوسع مساحةً، أنا أكثر منك علماً.
جواز جر التَّمييز
يختلف النحويون في التَّعامل مع التَّمييز المجرور، فمنهم من يرى أنَّ التَّمييزَ منصوبٌ أبداً ومتى وقع جرُّه بحرف جرٍّ أو بالإضافة أُعرب بموقعه من الجملة مضافاً إليه أو اسماً مجروراً، وهذا ما يؤيده معظم النحويين وخاصَّة المعاصرين.
فيما يذهب الرَّأي الثاني إلى أنَّ التَّمييز يبقى تمييزاً وإن وقع فيه الجرُّ بحرفِ الجرِّ أو بالإضافة، فأعربوه تمييزاً مجروراً لفظاً منصوباً محلّاً.
والمواضع التي يجرُّ فيها التَّمييز هي:
- جرُّ التَّمييز بـ مِن، كقولنا: اشتريت رطلاً زيتاً/ اشتريت رطلاً من الزَّيتِ.
- جرُّ التَّمييز بالإضافة، كقولنا: اشترت العروس خاتماً فضَّةً/ اشترت العروس خاتمَ فضَّةٍ/ خاتمَ الفضَّةِ.
- تمييز الأعداد: تمييز الأعداد هو تمييز للمعدود، يكون منصوباً أو مجروراً وجوباً وفق ما يلي:
- تمييز الأعداد من ثلاثة إلى عشرة (3-10) يكون جمعاً مجروراً وجوباً، كقولنا: اشتريت خمسة أرطالٍ/ قرأتُ تسعة فصولٍ، ويُعرب تمييزاً مجروراً.
- تمييز الأعداد من (11- 99) يكون مفرداً منصوباً، كقولنا: أنفقت إحدى وسبعين ليرةً، اشتريت ثلاثين بيتاً.
- تمييز الألف والمائة والمليون...إلخ يكون مفرداً مجروراً، كقولنا: ألفُ ناقةٍ، مائة ليرةٍ، مليون نسمةٍ.
- يكون تمييز النِّسبة منصوباً وجوباً إذا كان محولاً عن فاعل (طِب نفساً) أو محولاً عن مفعول ﴿وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا﴾ أو مبتدأ ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾.
تقديم عامل التَّمييز عليه
الأصل أن يكون عامل التَّمييز هو المميَّز أو الفعل في تمييز النِّسبة، ولا يجوز أن يتقدم عامل التَّمييز في تمييز الذات، فلا تقول (×اشتريت قمحاً رطلاً×) وأنت تقصد التمييز.
أمَّا تقديم التَّمييز على عامله في تمييز الجملة فهو مشروط:
- أجاز بعض النحويين تقديم التَّمييز على عامله إن كان العامل متصرفاً كقول الشاعر: ضيعتُ حَزمي في إبعادي الأملا وما ارعويت وشيباً رأسي اشتعلا. الأصل اشتعل رأسي شيباً.
- فيما لا يجوز تقديم التَّمييز على عامله إن كان العامل جامداً: ما أشدَّ السيارة سرعةً.
- يجوز توسيط التَّمييز بين العامل والمعمول، كقولنا: ازداد الجوُّ حرارةً/ ازداد حرارة الجوُّ.
أحكام متعلقة بالتَّمييز:
- التمييز نكرة دائماً، فلا يجوز أن يكون التَّمييز معرفة حيث نقول: اشتريت خاتماً ذهباً.
- الأكثر أن يكون التَّمييز متأخراً عن عامله وإن جاز تقديمه.
ما الفرق بين التَّمييز والحال؟
- التَّمييز جواب ممَّا والحال جواب كيف، ويقع التفريق بينهما عند بعض النحويين أن الحال تأتي على معنى (في) والتَّمييز يأتي على معنى (مِن)، فنقول: عاد الرجل ركوباً (التقدير في ركوبٍ وجواب كيف عاد)، اشتريت رطلاً زيتاً (التقدير من زيتٍ وجواب ممَّا اشتريت رطلاً).
- التَّمييز يكون دائماً مفرداً، أما الحال فقد يكون جملة أو شبه جملة.
- التَّمييز يبيِّن نسبة أو ذات، أما الحال فهو لبيان الهيئة.
- التَّمييز لا يتعدد إلَّا بالعطف، أمَّا الحال فيتعدد بالعطف وغيره.
- التَّمييز في الأصل جامد، الحال مشتق وجامد مؤول بالمشتق.
أمثلة إعرابية للتمييز
اشتريتُ رطلاً زيتاً
اشتريتُ: فعل ماض مبني على السكون، والتاء تاء الفاعل المتحركة في محل رفع فاعل.
رطلاً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
زيتاً: تمييز منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
علوتَ شأناً
علوتَ: فعل ماض مبني على السكون والتاء تاء الفاعل المتحركة في محل رفع فاعل.
شأناً: تمييز منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.
عاد الرجل راكباً واشترى عشرين بغلاً
عادَ: معل ماض مبني على الفتح.
الرَّجلُ: فاعل مرفوع بالضمَّة الظاهرة على آخره.
راكباً: حال منصوبة بتنوين الفتح الظاهر.
اشترى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدَّرة.
عشرينَ: مفعول به منصوب بالياء.
بغلاً: تمييز منصوب بتنوين الفتح الظَّاهر.
ختاماً... بذلك نعتقد أنَّكم قادرون على التفريق بين الحال والتَّمييز، وبإمكانكم استخدام التمييز بمحلِّه بعد معرفة معناه وعمله وإعرابه، كما ننصحكم بزيارة قسم اللُّغة العربيَّة في موقع رائج للاطِّلاع على مجموعة مميزة من المواضيع المتعلقة باللُّغة العربيَّة وقواعدها.