الحرب الصينية اليابانية الثانية (Second Sino-Japanese War)
بدأت الحرب الأهلية الصينية في عام 1937 عندما قررت اليابان عدم الاكتفاء بإقليم منشوريا الذي احتلته من الصين في عام 1931 والتوسع لاحتلال كل الصين مستغلةً انشغال الصينيين بالحرب الأهلية، لكن حصل ما لم تتوقعه؛ إذ توحد الصينيون ضدها (ضد اليابان)، إضافةً إلى دعم كبير حظي به الصينيون من الحلفاء (الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي).
الأمر الذي رسم هزيمة اليابان وانتصار الصين ما شكل نهاية ليس فقط للحرب الصينية اليابانية الثانية فقط بل للحرب العالمية الثانية أيضاً.. خلفية الحرب الصينية اليابانية، تطور أحداثها، وكيف انتصر الصينيون على اليابانيين؟، هذا ما سنتناوله في هذه المقالة.
خلفية الحرب الصينية اليابانية
تعود الحرب الصينية اليابانية الثانية بجذورها إلى الحرب الصينية اليابانية الأولى التي حصلت بين عامي 1894 و 1895، حيث كانت أسرة تشينغ تحكم الصين (حيث كانت تواجه هذه الأسرة الحاكمة العديد من الثورات الداخلية).
وكان سبب الصراع هو من سيتحكم في شبه الجزيرة الكورية (هي دولة صغيرة تقع بين الصين واليابان)، في هذه الحرب هزمت اليابان القوات الصينية وسيطرت على شبه الجزيرة الكورية التي بقيت تحت سيطرتها حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، كما سيطرت اليابان نتيجة تلك الحرب على جزر دياوي الصينية وجزيرة تايوان (فورموزا)، إضافةً إلى ذلك قامت اليابان بضم جزر دياويوداو / سينكاكو في أوائل عام 1895 نتيجة انتصارها في الحرب الصينية اليابانية الأولى، وبذلك برزت اليابان كقوة عظمى.
اليابان تدعم بعض أمراء الحرب في الصين
بعد إسقاط الملكية في الصين وإعلان الجمهورية في عام 1912، غرقت الصين في الاضطرابات والفوضى وخضعت لأمراء الحرب، فاستغلت اليابان الأوضاع الصينية المضطربة وسعت لدعم بعض أمراء الحرب في الصين من بينهم على سبيل المثال تشانغ زولين من منشوريا، حيث تعاون الأخير علناً مع اليابانيين وطلب منهم المساعدة العسكرية والاقتصادية.
اليابان تحتل مدينة شاندونغ الصينية
في عام 1915 أرسلت اليابان للصين واحداً وعشرين مطلباً للحصول على المزيد من الامتيازات السياسية والتجارية، وبعد الحرب العالمية الأولى سيطرت اليابان على مدينة شاندونغ الواقعة على خليج بوهاي والبحر الأصفر (بحر الصين) - مما أدى لاندلاع مظاهرات في الصين ضد اليابان.
محاولة الجيش الوطني الصيني استعادة شاندونغ
حاول الجيش الوطني الصيني التابع لحزب الكومينتانغ استعادة مدينة شاندونغ من اليابان في عام 1928، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل حيث تمكن اليابانيون من الانتصار على الجيش الوطني الصيني؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من ألف مدني صيني فيما عرف باسم "حادثة جينان" (جينان عاصمة شاندونغ).
التوحيد الاسمي للصين
اغتيل أمير الحرب وحاكم منشوريا تشانغ زولين في عام 1928 عندما أصبح أقل استعداداً للتعاون مع اليابان، بعد ذلك تولى شيويليانغ بن تشانغ السيطرة على منشوريا بسرعة، وأعلن ولائه لحكومة الكومينتانغ التي ترأسها تشيانغ كاي شيك؛ ما أدى إلى توحيد اسمي للصين في نهاية عام 1928.
اليابان تغزو منشوريا في عام 1931
استغلت اليابان انشغال الصين بالحرب الأهلية التي اندلعت بين الحزب الشيوعي الصيني (ممثلاً بالجيش الأحمر الصيني) وحزب الكومينتانغ (ممثلاً بالجيش الوطني الصيني) منذ عام 1927، وقررت غزو منشوريا للحصول على المواد الخام والاستفادة منها كسوقٍ للسلع اليابانية المصنعة، وكحاجز وقائي ضد الاتحاد السوفيتي في سيبيريا.
بدأ الغزو في الثامن عشر من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1931 بحجة تفجير سكة حديد منشوريا (حيث كانت هذه السكة ملكاً لليابان) الذي اتهمت به المقاومة الصينية، وبعد قتال دام خمسة أشهر تمكنت اليابان من احتلال منشوريا في عام 1932 وتأسيس حكومة تابعة لها عُرفت باسم (منشوكو).
كما تم نتيجة الحرب تجريد (إخلاء المنطقة من السلاح والقوات العسكرية ويبقى فيها الشرطة) مدينة شانغهاي من السلاح الحدودية مع منشوريا، كما سيطرت اليابان على مقاطعة جيهول وأنشأت منطقة منزوعة السلاح بين سور الصين العظيم ومنطقة بيبينغ وتيانجين.
وفي عام 1932 اجتمع مجلس عصبة الأمم وأدان غزو اليابان لمنشوريا وأعلن عدم اعترافه بحكومة منشوكو، كما طالب اليابان بالانسحاب من منشوريا، فردت اليابان بالانسحاب من عصبة الأمم رفضاً لما اتُخذ ضدها من قرارات، وبحلول عام 1936 كانت اليابان قد سيطرت على شمال الصين بالكامل.
اتحد الصينيون لمواجهة اليابان
توحد الحزب الشيوعي الصيني (الجيش الأحمر الصيني) مع حزب الكومينتانغ (الجيش الوطني الصيني) في أواخر عام 1936 لمواجهة العدو المشترك ألا وهو اليابان.
حادثة جسر ماركو بولو تفجر الحرب الصينية اليابانية الثانية
بدأت الحرب الصينية اليابانية الثانية في الثامن من شهر تموز/ يوليو عام 1937 بحادثة جسر ماركو بولو، حيث كانت القوات اليابانية تجري تدريبات عسكرية على الجسر الذي يبعد (10.2 كم) عن العاصمة بكين في الساعة الثانية من صباح ذلك اليوم.
وخلال التدريبات اختفى جندي ياباني، فاتهمت اليابان الصين باختطافه، وطالبت اليابان القوات الصينية المتواجدة على بعد أمتار منها (التابعة للحزب الحاكم) (كان جسر ماركو بولو بمثابة خط تماس بين الصين والأراضي التي احتلتها اليابان من الصين) بالدخول للبحث عن الجندي المفقود لكن القوات الصينية رفضت ذلك، وعلى الرغم من عودة الجندي إلى معسكره بعد ساعات إلا أن الطرفين الصيني والياباني كانا قد استعدا للحرب.
وفي الرابعة وخمسين دقيقة من فجر ذلك اليوم (الثامن من شهر تموز/ يوليو عام 1937) فتح الجيش الصيني النار على القوات اليابانية المتواجدة في جسر ماركو بولو بعد وصول تعزيزات يابانية إلى القوات المتواجدة على الجسر، ونتيجة الخسائر الكبيرة التي تعرض لها اليابانيون قرروا مفاوضة الحكومة الصينية لوقف إطلاق النار فكانت النتيجة التوصل إلى اتفاق شفهي مع الصين بحيث؛ يقدم الصينيون اعتذاراً إلى اليابانيين، وتتعهد الحكومة الصينية بمعاقبة المسؤولين.
كما يتم تسليم مدينة وانبينغ الحدودية مع القوات اليابانية إلى الشرطة المدنية الصينية، مع تعهد الحكومة الصينية (تتزعمها الكومينتانغ) بالسيطرة على الجيش الأحمر الصيني الذي يقوده الحزب الشيوعي الصيني، لكن هذه الهدنة لم تصمد طويلاً حيث استأنف الجيش الأحمر الصيني هجماته (كان متوحداً مع الجيش الصيني ولكن كان كل طرف يُقاوم اليابان في المناطق التي يتواجد فيها هذا الجيش وتغزوها اليابان) ضد القوات اليابانية الغازية للصين وذلك في التاسع من شهر تموز/ يوليو عام 1937.
المرحلة الاولى من الحرب اليابانية الصينية الثانية
مع بدء الحرب اليابانية الصينية الثانية في عام 1937 شكَّل الاتحاد السوفيتي هاجساً للقوات البرية اليابانية، والأسطول الأمريكي الموجود في المحيط الهادي كان هاجساً للقوات البحرية اليابانية أيضاً، وعلى الرغم من توحد الصينيين ضد العدو المشترك - كما ذكرنا في فقرة سابقة حيث بلغ قوام الجيش الصيني مليون وسبعمئة ألف جندي - إلا أن تفوق اليابان الجوي سمح لها بتحقيق انتصارات في بداية هذه الحرب، حيث تمكنت من السيطرة على شنغهاي ونانجينغ بحلول أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1937.
الصين تحصل على الدعم من الاتحاد السوفيتي
سعت الصين في هذه الأثناء للحصول على دعم خارجي لمواجهة الغزو الياباني، فحصلت على دعمٍ من الاتحاد السوفيتي حيث وقعت الصين في الحادي والعشرين من شهر آب/ أغسطس عام 1937 مع الاتحاد السوفيتي اتفاقية عدم اعتداء، زوّد الاتحاد السوفيتي بموجبها الصين بالذخائر والمستشارين العسكريين ومئات الطائرات مع الطيارين السوفييت.
اليابان تواصل تقدمها في الصين
ومع ذلك واصلت القوات اليابانية تحقيق انتصارات هامة، ففي منتصف عام 1938 سيطرت الجيوش اليابانية على مدينة قوانغتشو في الثاني عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1938؛ مما أدى إلى وقف خط إمدادات السكك الحديدية إلى ووهان العاصمة الصينية المؤقتة، واستولت اليابان على هانكو وهانيانغ ووشانغ فى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1938، فانتقلت الحكومة الصينية والقيادة العسكرية إلى تشونغتشينغ في سيتشوان.
وضع الصين في نهاية المرحلة الأولى من حربها مع اليابان
وفي نهاية هذه المرحلة الأولى من الحرب، كانت الحكومة الصينية قد فقدت عدد كبير من عناصر جيشها، وكذلك القوة الجوية، ومعظم الصناعات الصينية الحديثة والسكك الحديدية، والموارد الضريبية الرئيسية، وجميع المنافذ التي كان يمكن من خلالها استيراد المعدات العسكرية واللوازم المدنية. ومع ذلك، فإنه فقد كانت الصين لا تزال يحتفظ بأراضي واسعة، واحتياطيات كبيرة القوى العاملة غير محدودة. وهو ما ساعد الصين على الاستمرار في المقاومة ضد اليابان.
المرحلة الثانية من حرب الصين واليابان الثانية
قصفت اليابان في هذه المرحلة المناطق التي بقيت خارج سيطرتها في الصين، وقد عانت تشونغتشينغ من غارات جوية متكررة قتل فيها آلاف المدنيين، وفي عام 1940 أنشأت اليابان حكومة في نانجينغ تحت حكم وانغ تشينغ وي تنافس الحكومة الصينية في سيتشوان، وفي هذه الأثناء، هاجر مئات الآلاف إلى غرب الصين لمواصلة الكفاح ضد الاحتلال الياباني، كما تم إعادة تأسيس المصانع والعمال المهرة في الغرب، حيث أعادت الحكومة بناء جيوشها المحطمة وحاولت شراء الإمدادات من الخارج.
الدعم السوفيتي والغربي للصين في هذه المرحلة
وفي هذه المرحلة مدد الاتحاد السوفيتي القروض التي منحها للصين كي تحصل على مساعدات عسكرية بقيمة مئتين وخمسين مليون دولار، في حين منحت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا مبلغ مئتين وثلاثة وستين مليون وخمسمئة ألف دولار للصين.
بدء الحرب العالمية الثانية يعيق المساعدات للصين
بدأت الحرب العالمية الثانية في الأول من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1939 مع احتلال ألمانيا النازية لبولونيا التي كانت قد وقّعت مع فرنسا وبريطانيا اتفاقية دفاع مشترك تنص على أنه: "أي اعتداء على بولونيا هو اعتداء على فرنسا وبريطانيا معاً"، وبعد الغزو الألماني لفرنسا في ربيع عام 1940 توقفت الإمدادات العسكرية للصين.
أما الاتحاد السوفيتي الذي كان يقدم المساعدات للصين فقد تعرض لهجوم من ألمانيا النازية في شهر حزيران/ يونيو عام 1941، فتوقفت الإمدادات منه نتيجة انشغاله بمواجهة الغزو الياباني-الألماني لأراضيه، لم يبقَ من الدول التي تساعد الصين سوى الولايات المتحدة الأمريكية التي أرسلت لها مئة طائرة مقاتلة.
إضافةً إلى كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات وبعثة عسكرية لتقديم المشورة بشأن استخدام تلك الأسلحة، كانت الاستراتيجية الأمريكية تقوم على دعم الصين لمنع اليابان من التقدم نحو الجنوب (جنوب الهند وتايلاند وجزر الهند الشرقية) كي لا تصبح اليابان قريبة من حدود الولايات المتحدة الأمريكية.
اليابان تواصل تقدمها في الأراضي الصينية
استغلت اليابان توقف الإمدادات العسكرية للصين فقامت في شهر أيلول/ سبتمبر عام 1940 بالسيطرة على الهند الصينية الشمالية وأغلقت خط الإمدادات إلى مدينة كونمينغ الصينية، عانت الصين في هذه الأثناء من ارتفاع الأسعار وقلة السلع نتيجة ظروف الحرب وانقطاع الإمدادات عنها؛ مما أدى إلى انتشار الفساد والبيروقراطية.
في حين عمل الحزب الشيوعي الصيني وذراعه العسكرية الجيش الأحمر الصيني (حمل اسم الجيش الثامن خلال الحرب مع اليابان) على كسب الفلاحين في صفوفه للاستمرار في حرب العصابات ضد الاحتلال الياباني، وتركز نشاط الجيش الأحمر الصيني في الشمال الغربي للصين، حيث وفر السكان للجيش الثامن الغذاء والمجندين لمواجهة الغزاة اليابانيين.
التحالف الدولي ضد اليابان
طلب الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت من اليابان في الرابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو عام 1941 سحب جميع قواتها من الهند الصينية، وبعد يومين بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة حظر النفط على اليابان (أي بعد يومين من انضمام هولندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية (كانت مصادر النفط الياباني من الولايات المتحدة الأمريكية)، كانت هذه لحظة حاسمة في الحرب الصينية اليابانية الثانية، حيث فقدت اليابان وارادتها من النفط وهو الأمر الذي صعّب عليها مواصلة عملياتها في الصين.
مهد ذلك الحظر الطريق لليابان لشن سلسلة من الهجمات العسكرية ضد الحلفاء بما في ذلك الهجوم على القاعدة العسكرية الأمريكية في بيرل هاربور الواقعة في جزر هاواي في المحيط الهادي في السابع من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1941، مما أدى إلى تحالف علني بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ودخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء (الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، فرنسا).
في هذه المرحلة واصلت اليابان تقدمها العسكري فسيطرت على هونغ كونغ في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1941؛ فانقطع التواصل بين الصين والعالم الخارجي خصوصاً بعدما سيطرت اليابان على معظم بورما بحلول شهر أيار/ مايو عام 1942 بعد أن هزموا المدافعين البريطانيين والهنود والبورميين والصينيين. وكانت الصين محاصرة تماماً تقريباً.
تم في هذه الأثناء العثور على طريق جديد للإمدادات إلى الصين يمر بالهند، وبحلول نهاية العام 1943 حققت القوات الجوية الأمريكية الرابعة عشرة التي تتخذ من الصين مقرا لها؛ تكافؤاً مع اليابانيين في وسط الصين وبدأت هذه المواجهة بتفجير القوات الأمريكية المذكورة لسفينة يابانية كانت راسية على نهر اليانغستي شرق الصين، وقامت بغارة ناجحة على المطارات اليابانية في تايوان.
الحرب الصينية اليابانية خلال المرحلة الثالثة بين عامي 1944 و1945
تمكنت الصين في هذه المرحلة من إفشال الهجوم الياباني على مدينة أسام الصينية بين شهري آذار/ مارس وتموز/ يوليو من عام 1944، لكن اليابانيين تمكنوا من السيطرة على مدن قويلين وليوتشو وناننينغ بحلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، في ربيع عام 1945 شن الصينيون هجمات تمكنوا من خلالها من استعادة السيطرة على هونان وقوانغشي.
ومع تطور الجيش الصيني بشكل جيد في التدريب والمعدات خطط لشن عملية عسكرية في صيف عام 1945 لاستعادة قوانغدونغ - بالتالي الحصول على ميناء ساحلي - ثم التقدم شمالاً نحو شنغهاي، لكن هذه الخطة لم تُنفذ؛ لأن الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وضعتا حداً للحرب الصينية اليابانية الثانية.
إنتهاء الحرب اليابانية الصينية الثانية
بعد تمكن الحلفاء (الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا) من إنهاء الحرب في أوروبا باستسلام إيطاليا ثم اليابان في عام 1945، تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من تطوير قنبلتين ذريتين، فاستخدمتهما لإنهاء الحرب الصينية اليابانية ومعها الحرب العالمية الثانية بإلقائهما على اليابان.
ففي السادس من شهر آب/ أغسطس عام 1945 ألقت الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة الذرية الأولى التي عرفت باسم (الطفل الصغير) على هيروشيما، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتسوية المدينة بالأرض.
وفي التاسع من شهر آب/ أغسطس عام 1945 تخلى الاتحاد السوفياتي عن اتفاق (عدم الاعتداء) مع اليابان وهاجمت القوات السوفيتية اليابانيين في منشوريا وفاءً لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر يالطا (حيث تعهد الاتحاد السوفيتي بإعلان الحرب على اليابان في غضون ثلاثة أشهر بعد انتهاء الحرب في أوروبا)، وجاء الهجوم السوفيتي على يد ثلاث مجموعات من الجيش السوفياتي.
وفي اليوم نفسه (التاسع من شهر آب/ أغسطس عام 1945) ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلة ذرية ثانية مدمرة على ناغازاكي، وفي أقل من أسبوعين كان الاتحاد السوفيتي قد دمر الجيش الياباني، وكان الامبراطور الياباني هيروهيتو قد استسلم رسمياً للحلفاء في الخامس عشر من شهر آب/ أغسطس عام 1945، وتم التوقيع على الاستسلام الرسمي على متن سفينة حربية أمريكية اسمها (ميسوري) في الثاني من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1945، فانتهت بذلك الحرب الصينية اليابانية الثانية ومعها الحرب العالمية الثانية التي دامت لسنوات.
الصين بعد انتهاء الحرب الصينية اليابانية
بعد انتصار الحلفاء في المحيط الهادي وانتهاء الحرب الصينية اليابانية الثانية ومعها الحرب العالمية الثانية، أمر قائد القوات الأمريكية في الصين الجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر جميع القوات اليابانية داخل الصين (باستثناء منشوريا) وفورموزا (تايوان) والهند الصينية الفرنسية شمال خط عرض ستة عشر درجة شمالاً (لأن هذه المناطق كانت يتواجد فيها القوات السوفيتية) بالاستسلام إلى الجيش الوطني الصيني بزعامة تشيانغ كاي شيك (الذراع العسكرية لحزب الكومينتانغ).
فاستسلمت القوات اليابانية في الصين رسمياً في شهر أيلول/ سبتمبر عام 1945، في حين رفض الاتحاد السوفيتي تسليم المناطق التي سيطر عليها في شمال الصين للجيش الوطني الصيني وقام بتسليم تلك الأراضي والمناطق للجيش الأحمر الصيني بزعامة ماو تسي تونغ (الذراع العسكرية للحزب الشيوعي الصيني).
استئناف الحرب الأهلية الصينية
استؤنفت بعد ذلك الحرب الأهلية الصينية التي استمرت حتى عام 1949، حيث انتهت بانتصار الجيش الأحمر الصيني الذراع العسكري للحزب الشيوعي الصيني وإعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1949، في المقابل انسحب الجيش الوطني الصيني الذراع العسكرية لحزب الكومينتانغ إلى جزيرة تايوان.
بعد ذلك رفضت الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية مقابل اعتراف الاتحاد السوفيتي بها، وبقي الحال كذلك حتى عام 1971 عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية ومنحها عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، فاعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بجمهورية الصين الشعبية خلال زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للصين في الفترة الواقعة بين الحادي والعشرين والثامن والعشرين من شهر شباط/ فبراير عام 1972.
في الختام.. ثمان سنوات قضاها الصينيون يحاربون فيها عدوهم الياباني الذي قرر احتلال بلادهم للحصول على المواد الخام - على اعتبار أن اليابان لا تحوي ثروات خام (نفط، غاز، محاصيل زراعية) ولا أيدي عاملة - وتوفير سوق لتصريف المنتجات الصناعية، ثمان سنوات خسر فيها الصينيون الملايين من أبنائهم حتى تمكنوا من الانتصار على اليابان الذي ما كان ليحصل لولا اتفاق الصينييون على تأجيل خلافاتهم إلى ما بعد الحرب والتوحد ضد العدو المشترك ألا وهو اليابان.
إضافةً إلى ذلك وعلى الرغم من تراجع المساعدات العسكرية للصين مع اندلاع الحرب العالمية الثانية إلا أن هذه الحرب زادت رغبة الحلفاء (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، فرنسا) في تقديم المساعدات العسكرية وإرسال الجنود للقتال إلى جانب الصينيين لإخراج اليابان من الصين ووضع حد للحرب الصينية اليابانية الثانية وإنهاء الحرب العالمية الثانية وذلك في عام 1945.