الخنساء شاعرة الرثاء وأم الشهداء
رثت أخويها لسنوات ثم قدمت أبنائها شهداء بنفس راضية
This browser does not support the video element.
رغم أنها لم تنل شرف الشهادة إلا أنها عانت من فراق أخويها ومن بعدهم من استشهاد أبنائها. وقد فجرت معاناتها موهبتها الشعرية، فهي واحدة من أشهر شعراء الجاهلية. عُرفت بتمكنها من شعر الرثاء، وخاصة مراثيها ﻷخيها صخر. وتعتبر من الشعراء المخضرمين فقد أدركت عصري الجاهلية والإسلام.
من هي؟
اسمها تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، وقد لُقبت بالخنساء بسبب شكل أنفها. لقصر أنفها، وارتفاع أرنبتيه
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وقد اشتهرت بقوة الشخصية. بعد أن قتل أخويها صخر ومعاوية في إحدى المعارك في الجاهلية فكتبها عنهما الكثير من أبيات الرثاء الشهيرة. ومن بين ما كتبته في رثاء أخيها صخر:
وَإِنَّ صَخرًا لَـوالِينا وَسَـيِّدُنا..وَإِنَّ صَخرًا إِذا نَشتو لـنَحّارُ
وَإِنَّ صَخرًا لَـتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ .. كَأَنّهُ عـلَمٌ فـي رَأسِهِ نارُ
مِثلَ الـرُدَينِيِّ لَـم تَنفَذ شَبيبَتُهُ .. كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ
وقالت في رثاء أخيها معاوية:
ألا لا أرى في الناس مثل معاويةْ ..إذا طرقتْ إحدى الليالي بداهيَهْ
أَلا لاْ أرَىْ كفارس (الْجُونِ) فارسًا .. إذا ما دَعَتْهُ جُرأة وعلانيهْ
فأقسَمْتُ لا يَنفكُّ دَمْعِي وعولَتِيْ ..عَليك بحزنٍ ما دَعا الله داعيَهْ
إسلامها:
أسلمت الخنساء مع قومهابني سليم،عندما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإعلان إسلامها، وحسن إسلامها.
تأثرها بالإسلام
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستنشدها الشعر ويستزيدها وهو يصغى إليها. وقد أثر عليها الإسلام تأثيرا كبيرا. وهو ما يتضح خلال معركة القادسية وذلك في عهد عمر ابن الخطاب. وقد خرج أبناؤها الأربعة للقتال، فأوصتهم االخنساء قائلة: " يا بني لقد أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم ... فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجعلت ناراً على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة ".
وخلال المعركة استشهد أبناؤها الأربعة، وعندما بلغها الخبر صبرت واحتسبت بقلب مؤمن وقالته:"الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم جميعا في سبيل الله ونصرة دينه وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته". وذلك على الرغم مما عرف عنها من بكائها ورثائها ﻷخويها قبل الإسلام.
كل امرئ يبكي شجوه:
ولم يكن بكائها يتوقف واستمرت ترثي أخويها حتى جاء بعض الناس إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقالوا له: "يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي".
فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية، وإني لموقنة بالموت، فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي، وعندما استشهد أبناءها بالقادسية، أعطاها عمر أرزاق أولادها الشهداء طوال فترة خلافته.
أشعر النساء:
شهد بشار بن برد بشاعرية الخنساء وقال عنها: إنها غلبت فحول الشعراء وقال عنها جرير إنها من أشهر الناس.
مع هند بنت عتبة:
اشتهرت الخنساء بين العرب في الجاهلية بسبب رثائها أخويها. وعندما كانت وقعة بدر، قُتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة. وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ. وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء: من أنت يا أختاه؟ فأجابتها: أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك، فبم تعاظمينهم أنت؟ فقالت: بأبي عمرو الشريد، وأخي صخر ومعاوية. فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء: أوهم سواء عندك؟
وقالت هند:
أبكي عميد الأبطحين كليهما *** ومانعها من كل باغ يريدهـا
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي *** وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل غالب *** وفي العز منها حين ينمي عديدها
فردت عليها الخنساء:
أبكـي أبي عمـرًا بعيـن غـزيـرة *** قليـل إذا نـام الخلــي هجودهـا
وصنوي لا أنسى معاوية الذي *** له من سراة الحرتيـن وفـودهـا
وصخرًا ومن ذا مثل صخر إذا *** غدا بساحته الأبطال قــزم يقودها
فذلك يا هند الرزية فاعلمي *** ونيران حرب حين شب وقـودهـا
وفاتها:
توفيت الخنساء عام 24 هجرية بعد أن تركت ثروة لا تقدر من أصفى أبيات الشعر العربي