اليوم العالمي للقلم الجاف.. قصة اختراعه وتطوره عبر السنين
بسبب تكرار حالات الاختناق نتيجة بلع غطاء القلم الجاف بدأت بعض الشركات في إنتاج أغطية ذات ثقوب أشهرها BIC
هل يمكن أن نتخيل حياتنا اليوم بدون قلم جاف في متناول أيدينا؟ بالطبع لا، خاصة بعد أن أصبح جزءًا أساسيا من استخدامنا اليومي، نعتمد عليه في تدوين كل ما يتعلق بنا، مستلزمات وأفكار وأرقام وغيرها. لذلك، نحن مدينون بشكل أو بآخر لهذا الرجل الذي فكر في اختراع القلم الجاف.
لكن من وراء هذا الاختراع البسيط؟ في السطور التالية، نحكي لكم قصة رائعة تظهر كيف يمكن للملاحظة الدقيقة والحاجة إلى حل المشكلات أن يؤديا إلى ثورة في طريقة تواصلنا، إذ كانت النتيجة في النهاية هذا القلم الذي يستخدمه العالم كله.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
اختراع القلم الجاف
ينسب اختراع القلم الجاف بشكل عام إلى لاسلو يوجيف بيرو أو لاديسلاو جوزيف بيرو، وهو صحفي مجري عاش في أوائل القرن العشرين. واجه بيرو مشكلة مستمرة أثناء عمله، وهي بطء جفاف الحبر في أقلام الحبر السائلة، مما كان يلطخ صفحات الجرائد ويصعب قراءتها.
في أحد الأيام، لاحظ بيرو بينما كان يشاهد عمالًا في أحد المصانع، كيف يجف الطلاء بسرعة على السيارات بعد رشها. أثار ذلك فضوله، وبدأ يتساءل عن إمكانية استخدام مبدأ مشابه لابتكار نوع جديد من الأقلام.
تعاون بيرو مع صديقه لاديسلو باير، وهو مهندس كيميائي، لتطوير قلم يعتمد على خزان حبر سائل ذو لزوجة عالية، مع كرة معدنية صغيرة في طرفه تسمح بتدفق الحبر بسلاسة على الورق.
وفي عام 1938، حصل بيرو وباير على براءة اختراع لاختراعهم في المجر، لكن سرعان ما واجهوا صعوبة في تصنيع القلم تجاريًا بسبب الظروف السياسية في أوروبا آنذاك.
في عام 1940، هاجر بيرو إلى الأرجنتين، حيث واصل العمل على تطوير اختراعه. وهناك، تعاون مع أوزفالدو بيش، وهو صاحب مصنع، لتأسيس شركة "بيرو" لتصنيع وتسويق القلم الجاف.
حقق قلم "بيرو" نجاحًا هائلاً في الأرجنتين، ثم انتشر إلى باقي أنحاء العالم. وبحلول عام 1950، كان قد تم بيع أكثر من 20 مليون قلم.
تطوير القلم الجاف
لم يتوقف تطور القلم الجاف عند اختراع بيرو. فقد ساهم العديد من المخترعين الآخرين في تحسينه وتطويره، مثل مارسيل بيك، الذي قام بتصميم قلم "بيك" الشهير، المتميز بسعره المنخفض وسهولة استخدامه، مما جعله متاحًا لجمهور عريض.
ومن بعد جاء فرناندو بيك، الذي طور نوعًا جديدًا من الحبر يجف بسرعة أكبر ويقاوم التلطيخ. وكذلك باركر التي اشتهرت بتصنيع أقلام حبر جاف عالية الجودة وأنيقة. وغيرها من المؤسسات العالمية التي وضعت كل منها لمستها الخاصة على القلم الجاف، ليصبح من أهم المنتجات في العالم وأكثرها مبيعا حتى يومنا هذا.
اليوم الوطني للقلم الجاف
أحدث اختراع القلم الجاف ثورة في طريقة تواصلنا. فقد وفر أداة كتابة أكثر سهولة وسرعة وكفاءة من أقلام الحبر السائلة، مما ساهم في انتشار الكتابة والقراءة بشكل كبير.
ولكن، لم يقتصر تأثير القلم الجاف على الكتابة فقط، بل امتد ليشمل مجالات أخرى مثل الفن والتصميم والتعليم. لذلك، تقرر تخصيص يوم للاحتفال بهذا الاختراع المهم في تاريخ البشرية، هو 10 يونيو.
يصادف هذا اليوم الخاص ذكرى تسجيل بيرو لبراءة الاختراع في عام 1943. إذ جعل هذا الاختراع الكتابة أكثر سلاسة واحترافية من أي وقت مضى.
ولا تقتصر أهمية اليوم الوطني لأقلام الحبر الجاف على الاحتفال بأداة للكتابة فحسب، بل يتسع الأمر ليشمل الاعتراف الكامل باختراع صغير كان له تأثير كبير على كيفية تواصلنا. إنه يوم للجميع، بدءًا من الطلاب الذين يدونون الملاحظات وحتى الفنانين الذين يرسمون تحفهم الفنية.
حقائق مثيرة عن القلم الجاف
. يمكن للقلم العادي أن يكتب حوالي 45 ألف كلمة قبل نفاد الحبر.
. أكبر قلم في العالم هو قلم حبر جاف ابتكره أشاريا ماكونوري سرينيفاسا في عام 2011. يبلغ ارتفاعه 5.5 متر ويزن 37 كيلوجرامًا. ويحمل الرقم القياسي العالمي في موسوعة غينيس.
. تحتوي أقلام الحبر الجاف على كرة صغيرة من النحاس أو الفولاذ في نهايتها. وتقوم الكرة بتوزيع الحبر بالتساوي ولا تسمح للحبر بالجفاف.
. بعض الشركات المصنعة تصنع هذه الكرة من كربيد التنغستن، وهو مركب كيميائي معروف بأنه أقوى من الفولاذ.
. أغلى قلم في العالم هو قلم حبر يحتوي على الياقوت والماس الأسود ويصل سعره إلى 8 ملايين دولار.
. كان سعر القلم الواحد في بداية اختراعه حوالي 12 دولارًا. ويعتبر وقتها قطعة فاخرة للاقتناء.
. في عام 1949، صمم مارسيل بيك أول قلم بسعر معقول كما نعرفه اليوم. أطلق عليها اسم BIC.
. يمكن لقلم الحبر الجاف العادي من BIC رسم خط يبلغ طوله حوالي 2 كيلومتر. وهذا أطول بـ 6 مرات من ارتفاع برج إيفل.
. كشفت دراسة إنه عندما تعطي شخصًا قلمًا، فإن أول شيء سيكتبه هو اسمه. وأشارت إلى إن على الأقل هناك 95% من الأشخاص سيفعلون ذلك.
. يمكن لأقلام الحبر ذات السن الذهبية أن تتكيف مع طريقتك في الكتابة بعد استخدامها لفترة من الوقت. نظرًا لأن الذهب معدن ناعم، فيمكن أن ينحني ليناسب الكاتب تمامًا.
. يموت أكثر من 100 شخص سنويًا نتيجة الاختناق بعد بلع قبعات الأقلام. والموقف الأكثر شيوعًا الذي يؤدي إلى ذلك هو عندما يضع الشخص الغطاء في فمه، أو يعضه، أو يلعب به. يمكن أن يتسبب ذلك في ابتلاع الشخص للقبعة والاختناق.
. بسبب العديد من حالات الوفاة المبلغ عنها، بدأت بعض الشركات المصنعة، بما في ذلك شركة بيك، في إنتاج أغطية ذات ثقوب يمكن أن تمنع الاختناق.
. صمم بول فيشر قلم الفضاء لمهمة أبولو عام 1968. لم يكن هذا القلم عادي، حيث يعمل في ظروف انعدام الجاذبية، وتحت الماء، ومقلوبًا، ويمكنه حتى الكتابة على الأسطح الزيتية. كما أنه يدوم 3 مرات أطول من القلم العادي. وليس ذلك فحسب، بل كان قادرًا على تحمل درجات الحرارة القصوى (من -40 درجة مئوية إلى 120 درجة مئوية).
في النهاية، لا شك أن قلم الحبر الجاف كان له تأثير عميق على حياتنا. فهو أكثر من مجرد أداة كتابة، بل هو رمز للإبداع والتواصل والتقدم.