جوجل تدفع رواتب مهندسي الذكاء الاصطناعي مقابل الجلوس بالمنزل
لسبب لا يصدق


كشفت تقارير صحفية عن استراتيجية غير تقليدية تتبعها شركة جوجل للحفاظ على كوادرها الهندسية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي ضمن قسم "ديب مايند".
وبحسب هذه التقارير، تمنح جوجل بعض هؤلاء المهندسين رواتبهم كاملة لمدة تصل إلى عام كامل دون تكليفهم بأي مهام عمل، وذلك بموجب ما يُعرف بـ "اتفاقيات عدم منافسة" تهدف إلى منعهم من الانضمام إلى شركات منافسة أخرى في هذا المجال الحيوي، مثل "أوبن إيه آي" أو "مايكروسوفت".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وأفاد موقع "بيزنس إنسايدر" بأن موظفين سابقين في فرع "ديب مايند" بالمملكة المتحدة حصلوا على "إجازة ممتدة" مدفوعة الأجر لمدة 12 شهرًا بعد مغادرتهم الشركة، شريطة التزامهم بعدم العمل لدى أي من المنافسين خلال فترة هذه الإجازة.
وتُعد بنود "عدم المنافسة" من الشروط الشائعة نسبيًا في عقود التوظيف داخل قطاع التكنولوجيا، خاصة بالنسبة للعاملين في المجالات الحساسة التي تتطلب خبرات ومهارات نادرة مثل الذكاء الاصطناعي. إلا أن فترة الاثني عشر شهرًا التي تفرضها جوجل تُعتبر طويلة نسبيًا مقارنة بالفترة المتعارف عليها في بعض الحالات الأخرى، والتي غالبًا ما تكون ستة أشهر.
راتب مغرٍ.. وثمن باهظ
على الرغم من أن فكرة الحصول على راتب كامل دون الحاجة إلى العمل قد تبدو مغرية للوهلة الأولى، إلا أن بعض الموظفين السابقين أعربوا عن قلقهم العميق من فقدان الاتصال والتطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال فترة "العزل" الإجباري.
- اقرأ أيضاً:
السعودية تتصدر دول العالم في تمكين المرأة بالذكاء الاصطناعي
وفي تصريح يعكس هذه المخاوف، قال أحد الموظفين السابقين: "عام واحد في عالم الذكاء الاصطناعي يعادل دهرًا"، في إشارة إلى السرعة الهائلة التي يشهدها هذا المجال، والتي قد تجعل البقاء خارج سوق العمل لمدة طويلة عائقًا كبيرًا أمام التطور المهني.
من جانبها، أكدت شركة جوجل أن هذه الاتفاقيات "تتوافق مع معايير السوق" وأنها تُستخدم بشكل انتقائي لحماية مصالحها التجارية الحساسة. إلا أن بعض الموظفين يرون فيها تقييدًا غير مبرر لحرية انتقالهم الوظيفي وفرص تقدمهم المهني.
صراع العمالقة.. وحرب المواهب
تأتي هذه الاستراتيجية التي تتبعها جوجل في ظل احتدام المنافسة الشرسة بين عمالقة التكنولوجيا العالميين لاستقطاب أفضل المواهب والكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشهد الساحة إطلاق شركات مثل جوجل نفسها ("جيميني") وميتا ("لاما 4") باستمرار لنماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطورًا وقدرة.
وفي خضم هذا السباق المحموم، لجأت جوجل إلى هذه الوسيلة غير التقليدية في محاولة لمنع تسرب خبرائها ومهندسيها المهرة إلى المنافسين الذين يسعون بدورهم لتعزيز فرقهم بأفضل الكفاءات.
وقد وجه ناندو دي فريتاس، نائب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت والرئيس التنفيذي السابق في "ديب مايند"، انتقادات حادة لهذه العقود التي تفرضها شركات الذكاء الاصطناعي على موظفيها.
- اقرأ أيضاً:
الآن يمكنك الدردشة مع ChatGPT على واتساب.. تعرف على الخطوات
وفي منشور له عبر منصة "X" (تويتر سابقًا) بتاريخ 26 مارس الماضي، كشف دي فريتاس عن أن موظفين حاليين في "ديب مايند" يتواصلون معه بشكل متكرر بحثاً عن طرق قانونية لتجنب هذه العقود، بل إن بعضهم يطلب فرص عمل بديلة في مايكروسوفت كحل وحيد للتقدم في مسيرتهم المهنية.
ووصف دي فريتاس هذه الممارسات بأنها "إساءة استخدام للسلطة لا يبررها أي غرض"، ودعا الموظفين إلى عدم التوقيع على مثل هذه العقود، خاصة في أوروبا، معتبرًا أن الشركات الأمريكية لا ينبغي أن تمتلك هذا القدر من النفوذ.
تقييد التطور المهني وفرص النمو
وتثير هذه العقود جدلاً واسعًا في المملكة المتحدة، حيث يقع المقر الرئيسي لشركة "ديب مايند"، إذ يسمح القانون البريطاني باتفاقيات عدم المنافسة طالما أنها تُعتبر عادلة ومعقولة. وعلى النقيض من ذلك، تحظر ولاية كاليفورنيا الأمريكية هذه الممارسات بشكل كامل.
وقد أوضحت شركة "ديب مايند" لموقع "بيزنس إنسايدر" أنها لا تلجأ إلى هذه العقود إلا في حالات استثنائية ومحدودة للغاية، وذلك بهدف حماية مشاريعها الحساسة التي تتضمن أسرارًا تجارية وتقنيات متقدمة.
ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء والمتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي أن هذه العقود تُشكل قيدًا حقيقيًا على تطورهم المهني وفرصهم في النمو، خاصة في ظل الوتيرة المتسارعة للابتكار في هذا المجال. ويشيرون إلى أن فترات التوقف عن العمل لمدة ستة أو اثني عشر شهرًا قد تؤدي فعليًا إلى فقدان القدرة على المنافسة في سوق عمل شديد التنافسية.
- اقرأ أيضاً:
تحويل الصور إلى أسلوب Ghibli: إعجاب واسع وجدل قانوني وأخلاقي
وفي هذا السياق، قال موظف سابق في "ديب مايند" للموقع ذاته: "من سيوافق على توظيفك إذا لم تتمكن من البدء قبل عام؟ هذا أمر لا مفر منه في عالم الذكاء الاصطناعي".
فرص لسنوات رغم التطور السريع للذكاء الاصطناعي
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا العالمي موجة واسعة من عمليات تسريح الموظفين، حيث فقد القطاع أكثر من 8500 وظيفة في شهر مارس الماضي وحده.
وعلى النقيض من ذلك، يحذر قادة الصناعة مثل سام ألتمان (الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي) وبيل جيتس (مؤسس مايكروسوفت) من أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل معظم الوظائف في المستقبل، إلا أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن مهندسي هذا المجال سيظلون مطلوبين بشدة لسنوات قادمة، مما يزيد من قيمة خبراتهم وأهمية الحفاظ عليهم.
- اقرأ أيضاً:
اتهمه بقتل أطفاله.. "ChatGPT" يورط نرويجيا بجريمة لم يرتكبها