خليفة بن زايد..سيرة قائد ذات مسيرة حافلة من العطاء
رحل عن عالمنا الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، صباح اليوم، بعد مسيرة من العطاء الكبيرة للأمة العربية والإسلامية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
خليفة بن زايد آل نهيان
وُلد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 1948 في قلعة المويجعي في مدينة العين الإماراتية، وهو النجل الأكبر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ووالدته هي الشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان.
وينتمي الشيخ خليفة إلى قبيلة بني ياس، التي تعتبر القبيلة الأم لمعظم القبائل العربية التي استقرت فيما يعرف اليوم باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي عُرفت تاريخياً باسم «حلف بني ياس».
تلقى تعليمه المدرسي في مدينة العين في المدرسة النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد رحمه الله، وطفولته قضاها في واحات العين بصحبة والده.
ظل الشيخ خليفة ملازماً لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مهمته الصعبة لتحسين حياة القبائل في المنطقة، وإقامة سلطة الدولة.
المجالس العامة كانت طريقه الأول للاحتكاك بهموم المواطنين، وجعلته قريباً من تطلّعاتهم وآمالهم، كما أكسبته مهارات الإدارة والاتصال بشكل تسبب في تواجد الإمارات على الخريطة العالمية.
انتقل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة، وفي أغسطس 1966، عين نجله الشيخ خليفة صاحب الـ18 عاماً في ذلك الوقت ممثلاً له في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها.
مناصب الشيخ خليفة بن زايد
خلال السنوات التالية، شغل الشيخ خليفة عدداً من المناصب الرئيسية، وأصبح المسؤول التنفيذي الأول لحكومة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وتولى مهام الإشراف على تنفيذ جميع المشاريع الكبرى.
في 1 فبراير 1969، تم ترشيح الشيخ خليفة كولي عهد إمارة أبوظبي وفي اليوم التالي، تولّى مهام دائرة الدفاع في الإمارة.
أنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي، والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي 1 يوليو عام 1971، وكجزء من إعادة هيكلة حكومة أبوظبي، تم تعيين الشيخ خليفة كحاكم أبوظبي ووزيراً محلياً للدفاع والمالية في الإمارة.
وفي 23 ديسمبر 1973، تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني.
وفي 20 يناير 1974، تولّى مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة.
أشرف الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على المجلس التنفيذي في تحقيق برامج التنمية الشاملة في إمارة أبوظبي، بما في ذلك بناء المساكن، ونظام إمدادات المياه والطرق، والبنية التحتية العامة التي أدت إلى إبراز حداثة مدينة أبوظبي.
وتمّ انتخاب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات في 3 نوفمبر 2004، في أعقاب وفاة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 2 نوفمبر 2004.
محطات في حياة الشيخ خليفة بن زايد
عُيّن الشيخ خليفة بن زايد ممثلاً لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية، ورئيساً لنظامها القانوني في أغسطس 1966، وعُيّن بعد ذلك ولياً للعهد لإمارة أبوظبي في 1 فبراير 1969.
وتولّى رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي في الأول من يوليو عام 1971، بالإضافة إلى حقيبتي الدفاع والمالية في هذا المجلس، وأصبح نائباً لرئيس مجلس الوزراء الاتحادي في 20 يناير 1974.
عُيّن نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات في عام 1976.
وأصبح الشيخ خليفة رئيساً بدولة الإمارات العربية المتحدة، وحاكماً لإمارة أبوظبي في 3 نوفمبر 2004.
إنجازات خليفة بن زايد في قطاع الصحة
وعلى خطى الوالد المؤسس تسلم الشيخ خليفة الراية في 4 نوفمبر 2004 وسار على النهج حتى يوم وفاته لتنتقل الإمارات بما انجزته في نحو 35 عاما هي مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين، وفي هذه الفترة القصيرة «18 عاما» والتي هي في عرف المخططين الاستراتيجيين والتنمويين مجرد خطتين تنمويتين، تبوأت الإمارات مراكز الصدارة في مؤشرات التنافسية المقياس المعياري لتقدم الأمم، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، حيث تحقق ذلك الانجاز الضخم رغم صغر مساحتها وعدد سكانها.
وخطت الإمارات بسجلها المشرف إلى مناطق أخرى يصعب اللحاق بها فأصبحت أول دولة عربية وإسلامية تصل إلى المريخ وواحدة من دول قليلة لها السبق في عالم الفضاء.
وانعكس ماحققته الإمارات في مرحلة التمكين التي تعد امتدادا لمرحلة التأسيس، على حياة الناس وعلى قطاع الأعمال لتصبح الإمارات حلم كل من يبحث عن النجاح والاستقرار والعيش الرغد.
وبعد توليه الحكم أطلق الراحل الشيخ خليفة خطته الاستراتيجية الأولى لحكومة الإمارات لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وضمان تحقيق الرخاء للمواطنين منطلقا من أرضية صلبة شيدها بجعل الإمارات منارة تقود شعبها نحو مستقبل مزدهر يسوده الأمن والاستقرار.
وفي عام 2009 أعيد انتخابه رئيسا للدولة وبفضل قيادته الرشيدة تجاوز الأزمات المالية والقلاقل السياسية التي عصفت بالمنطقة مع انتهاج سياسة خارجية نشطة تدعم مركز الدولة كعضو فاعل اقليميا ودوليا.
مرحلة التمكين
حققت الإمارات العديد من الإنجازات الضخمة في مرحلة التمكين وبخاصة في القطاع الصحي، وذلك بنحو:
أولت القيادة القطاع الصحي اهتماما خاصا وأغدقت عليه بحجم انفاق كبير وصل أحيانا إلى 7% من حجم الميزانية الاتحادية، حيث أتت هذه السياسة ثمارها عندما اختبر هذا القطاع بشكل جدي مع تفشي وباء كورونا، لقد أثبت كفاءة استثنائية مدعوما بحجم كبير من المستشفيات الحكومية والخاصة المجهزة بأحدث المعدات والكوادر الطبية.
كما ساهم في تأكيد فاعلية هذا القطاع توجه الدولة إلى بناء المدن الطبية مثل مدينة الشيخ خليفة في أبوظبي ومدينة دبي الطبية ومدينة الشارقة، وبالتوازي مع ذلك حصلت غالبية المستشفيات الإماراتية على شهادات الجودة أو المعادلة الدولية وأصبحت الإمارات في مقدمة دول العالم في هذا القطاع.
ويترجم هذا التطور في عدد المستشفيات الذي تضاعف مرات عدة منذ العام 1975 من 16 مستشفى إلى 169 في عام 2020، حيث تدير هذه المستشفيات أطقم طبية عالية الكفاءة بلغ عددهم في 2020، نحو 8995 في القطاع الحكومي و17136 في القطاع الخاص مقارنة بـ792 طبيبا عام 1975.
بينما كادر التمريض فبلغ في القطاع الحكومي 56045 في 2020 بزيادة نسبتها 252% مقارنة بعام 1975.
وبالتوازي مع ذلك تولي الدولة التأمين الصحي عناية خاصة وتوفره للمواطنين بالمجان كما تقدم تغطية طبية شاملة لكافحة الشرائح بخاصة أصحاب الهمم وكبار السن وأصدرت تشريعا خاصا يعني بأصحاب الهمم، في الوقت نفسه حرصت الدولة على مواكبة القطاع الصحي بأحدث الابتكارات سواء في الادارة وفي القطاعات الفنية والتنفيذية.
وأطلقت حكومة الإمارات العديد من المبادرات التي تشجع على الابتكار بشكل عام والابتكار في المجال الطبي بشكل خاص ومنها الاستراتيجية الوطنية للابتكار التي تشجع على تقديم خدمات طبية باستخدام التكنولوجيا المتقدمة وتطوير الصناعات الدوائية وتنمية قطاع الأبحاث الطبية لعلاج الأمراض السائدة وتأسيس صندوق تمويل الابتكار.
وتعد الإمارات من بين دول قليلة حول العالم تستخدم تكنولوجيا الروبوتات الطبية في إجراء العمليات الكبرى كجراحات القلب والجراحات العامة مثل الروبوت دافنشي.
وفي عام 2017 بدأت الإمارات في تشييد أول مركز لعلاج السرطان بتقنية «البروتون» في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وبجانب ذلك اعتبرت الإمارات من أوائل دول العالم التي استخدمت الروبوتات في قطاع الصيدلة، فتم توظيف الروبوتات في صرف الوصفات الطبية دون تدخل بشري.
وتم تشييد ما يعرف بالغرف الذكية لتقديم خدمات ترفيهية للمرضى وربط ملفاتهم الطبية بالمستشفيات بهدف تقديم رعاية شاملة وفاعلة، كما حرصت الدولة من خلال وزارة الصحة على دمج الذكاء الصناعي في الخدمات الطبية واستخدامه في أكثر من 100 مرفق موزعة على إمارات الدولة.
وتحتل الإمارات المركز الأول عالميا في عدد المنشآت «المعتمدة» وحاز أكثر من 85% من المستشفيات على الاعتماد الدولي، بينما أسفر الإنفاق طويل المدى في القطاع الصحي عن جهوزية القطاع ومواكبته لأي تحديات وأظهر نجاعة عالية في التعامل بشكل احترافي مع وباء كورونا الأكثر خطورة في تاريخ البشرية.