دراسة تكشف متى بدأت الحياة على الأرض
منذ القدم، كان يطارد البشر تساؤل حول بداية الحياة على سطح الأرض وما هو أصل هذه الحياة؟ وحاول علماء كُثر في مجالات عديدة من الكيمياء والأحياء والفيزياء وحتى رجال الدين، على مر العصور حل هذا اللغز الذي يحير البشرية.
بدأت مساعي معرفة أصل الحياة على نحو علمي في القرن التاسع عشر عندما أثبت عالم الكيمياء الفرنسي لويس باستور أن الحياة تأتي دائما من الحياة بمعنى أن النباتات والحيوانات والميكروبات تتكاثر داخل بعضها البعض.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
متى بدأت الحياة؟
تشير دراسة حديثة أجرتها جامعة كارديف بالمملكة المتحدة إلى أن الحياة المعقدة على الأرض يمكن أن تكون قد بدأت قبل 1.5 مليار سنة مما كان يعتقد البشر في السابق. وعزا الباحثون ذلك إلى أن عثروا على أدلة داخل صخور بالغابون تدل على أن الظروف المناسبة للحياة كانت قبل 2.1 مليار سنة.
وقالت الدراسة، التي نشرتها مجلة (Precambrian Research)، إن اصطدام صفيحتين قاريتين تحت الماء منذ أكثر من ملياري عام نجم عنه إنشاء بيئة غنية بالمغذيات سمحت بتطور الكائنات الحية بشكل معقد. وأضافت أن المستويات المرتفعة من الأكسجين والفوسفور الناجمة عن هذا التصادم ربما كانت خطوة ضرورية للانتقال من كائنات وحيدة الخلية إلى أشكال الحياة الأكثر تعقيدا.
لكن يبدو أن أنماط الحياة المعقدة التي خرجت من رحم هذا التصادم، كان وجودها قصيرا ومقتصرا على بحر داخلي ضحل ما يعني أنها ربما قد انقرضت قبل أن تتوسع عالميا على نحو كبير.
وتقف هذه الدراسة على النقيض من الإجماع العلمي الراسخ على أن الحياة الحيوانية ظهرت قبل 635 مليون سنة، ما دفع بعض العلماء إلى التشكيك في نتائج الدراسة والدعوة إلى مزيد من البحث.
وعرف البشر منذ عقود نظريات كثيرة حاول من خلالها العلماء والباحثون الوقوف علىأصل الحياة على الأرض، فما هي أبرز نظريات أصل الحياة؟
نظرية "الحساء البدائي"
تعد نظرية "الحساء البدائي" من أكثر النظريات انتشارا حيث تشير إلى أن الحياة في مراحلها المبكرة نشأت من مركبات عضوية داخل محيط فيما كان عالم الأحياء الشهير تشارلز داروين الذي عاش بين عامي 1809 و1882، أول عالم خلص إلى أن الحياة يمكن أن تكون قد بدأت داخل "بركة صغيرة دافئة المياه ".
ومع ذلك، لم يتم اختبار نظريته إلا في الخمسينيات عندما قام عالم الكيمياء الأمريكي هارولد أوري، الحائز على جائزة نوبل، وعالم الأحياء ستانلي ميلر بخلق جو بدائي في المختبر حيث قاما بخلط الماء والميثان والأمونيا والهيدروجين في حاوية مغلقة وأدخلوا شرارات كهربائية لمحاكاة البرق كمحفز.
وبعد عدة أيام، تكونت على إثر ذلك أحماض أمينية فيما يُعتقد أنها بمثابة لبنات أساسية للحياة.
نظرية البانسبيرميا
كانت نظرية " البانسبيرميا" أو "التخلق الخارجي" من أهم النظريات التي تناولت أصل نشأة الكون حيث تقول إن الحياة على الأرض نشأت خارج الكوكب أي في الفضاء الخارجي بمعنى أن بعض أشكال الحياة أو على أقل تقدير المكونات الأساسية الضرورية للحياة، جاءت من الفضاء واستقرت على الأرض.
بيد أن هذه النظرية لم تقدم إجابات واضحة بشأن موعد انتقال هذه المكونات من الفضاء إلى كوكبنا وأين نشأت خارج الأرض وكيف انتقلت إليها؟ ورغم ذلك، تشير النظرية إلى أنه من الممكن أن تكون بعض أشكال الحياة جاءت إلى الأرض عندما اصطدم نيزك يحمل كائنات دقيقة بكوكبنا.
ويعد فريد هويل وشاندرا ويكراماسينغ، وهما من أشهر علماء الفيزياء، من أكثر الداعمين لهذه النظرية؛ إذ قاما بأبحاث خلال حقبة السبعينيات خلصت إلى أن المذنبات تحتوي على ما يكفي من المواد العضوية القادرة على نشوء الحياة على كواكب مثل الأرض.
الحياة بدأت في قاع البحر
تشير نظرية "الفوهات المائية الحارة" إلى أن الحياة على الأرض يمكن أن تكون قد بدأت في قاع المحيط من خلال فوهات في أعماق المحيط تنفث أبخرة حارة غنية بالمعادن.
اقترح مايكل راسل، عالم الجيولوجيا البريطاني الشهير، أن الفتحات الحرارية المائية التي ينبعث منها الهيدروجين وكبريتيد الهيدروجين والميثان، يمكن أن توفر الظروف المثالية لتكوين جزيئات عضوية بسيطة.
على الرغم من أن الظروف المحيطة بالفتحات الحرارية المائية قد تكون قاسية حيث ربما تصل درجات الحرارة إلى 400 درجة مئوية، إلا أن دراسات كشفت عن أن بعض الكائنات الدقيقة التي تعيش في هذه البيئات تستخدم عملية تُعرف باسم "التخليق الكيميائي".
وتشير هذه العملية إلى قدرة أنواع البكتيريا على صنع غذائها بنفسها عن طريق تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كتلة حيوية فيما تستخدم الطاقة الناجمة عن التفاعلات الكيميائية بدلا من ضوء الشمس ما يسمح لها بالعيش في أماكن مظلمة مثل قاع المحيط.
الحمض النووي الريبي.. أصل الحياة
تقترح نظرية الحمض النووي الريبي "آر إن إيه" بأنه قبل وقت طويل من وجود الحمض النووي والبروتينات، كانت الحياة على الأرض تعتمد على الحمض النووي الريبي الذي يسمح للكائنات الحية بالتطور والبقاء والتكاثر.
ويتم تحويل "آر إن إيه" المرسال إلى تعليمات تساعد في إنتاج البروتينات المسؤولة عن كل ما يحدث في أجسامنا بل وتعد من الأسباب الرئيسة في بقائنا على قيد الحياة رغم أنها ليست سوى جزيئات معقدة.
ويؤدي الحمض النووي الريبي - من الناحية النظرية - مهام هاتين الوظيفتين اللازمتين للحياة؛ إذ يخزن المعلومات الوراثية ويعمل كمحفز للتفاعلات الكيميائية الأساسية.
في الثمانينيات، اكتشف عالما الكيمياء، توماس تشيك وسيدني ألتمان، الخصائص التحفيزية لجزيئات الحمض النووي الريبي. ومنذ ذلك الحين، اقترح العلماء أن جزيئات الحمض النووي الريبي القادرة على التكاثر الذاتي وتحفيز التفاعلات البسيطة سبقت الكائنات الحية الحالية حيث حلت البروتينات ذات التحفيز الأكثر كفاءة، محل الريبوز مات.
أعده للعربية: محمد فرحان