دلالات الألوان ومعانيها وأثرها على الشخصية
اللون هو انعكاس الأشعة (الأمواج الكهرومغناطيسية) عن الأجسام، حيث لا يمكنك رؤية الألوان إلا بوجود الضوء الذي يسقط على جسم ما، فيمتص الجسم جزءاً من هذه الأشعة ويعكس الجزء الآخر، فترى اللون الموافق لكمية الأشعة المنعكسة.
وفي حالة اللون الأبيض يعكس الجسم جميع الأشعة وهو ما يسمى بالضوء الأبيض (جميع ألوان الطيف) ومثاله ضوء الشمس، أما في حالة اللون الأسود فيقوم الجسم بامتصاص كل الأشعة الساقطة عليه؛ لذلك لا يصنف العلماء الأسود من ضمن الألوان على عكس الفنانين الذين يعتبرونه لوناً في لوحاتهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ونحن البشر لا نرى سوى الأشعة الخفيفة (المحصورة أطوال أمواجها بين الأحمر والبنفسجي)، وتعد الأمواج الحمراء أطول أمواج يمكننا رؤيتها ولا نستطيع رؤية الأمواج الأطول كالأشعة تحت الحمراء والأمواج الميكروية والأمواج الراديوية، كما هو الحال بالنسبة للأمواج البنفسجية فهي أقصر أمواج يمكننا رؤيتها وما دون ذلك لا نراه؛ كالأمواج فوق البنفسجية والأشعة السينية وأشعة غاما.
بعض الألوان الأساسية ودلالتها
تملك الألوان دلالات نفسية، كما أنها تؤثر في الجسم والعقل والمشاعر والترابط بين هذه العناصر، نستعرض فيما يلي أهم دلالات الألوان ومعانيها وتأثيراتها على الشخصية والسلوك البشري وفقاً لما أظهرته مجموعة من الدراسات بالخصوص:
اللون الأحمر
يرتبط اللون الأحمر (Red) في غالب الأحيان بالنار والدم؛ لذلك يدل بوضوح على الطاقة، الحرب، الخطر، القوة، كما يرتبط بالعزم، الشغف، الرغبة، الحب، كذلك يدل على الشجاعة، الدفء، التحفيز، الإثارة، كما يستخدم للتحذير من الخطر.
يتصف اللون الأحمر بكونه عاطفياً جداً يؤثر على الجسم بشكل حيوي، فهو يزيد معدل التنفس ويرفع من ضغط الدم؛ مما يشعرنا بأن الوقت يمر أسرع مما هو عليه. كون اللون الأحمر صاحب أطول موجة ويستخدم في الكثير من الأماكن؛ لقدرته على لفت الانتباه، فدائماً نراه على لافتات التوقف - خاصة إشارات المرور - للدلالة على وجوب التوقف.
وعلى معدات إطفاء الحرائق، بالإضافة لأزرار الإنترنت مثل "انقر هنا"، كما يحفز الناس على اتخاذ القرارات السريعة ويوجد في أعلام الكثير من البلدان.
اللون البني
يرمز اللون البني (Brown) للجدية، الدفء، الطبيعة، التراب، كما يشير إلى الموثوقية والدعم، لكنه يفتقر إلى وجود الحركة فيه، فهو لون جامد وثقيل. يتكون البني عادةً من الأحمر والأصفر مع نسبة كبيرة من الأسود؛ لذلك يتصف بجدية اللون الأسود لكن بطريقة أكثر ليونة، كما يتصف ببعض خصائص اللونين الأحمر والأصفر. يرتبط بالأرض وعالم الطبيعة وهو أكثر إيجابيةً ودعماً من اللون الأسود.
اللون البرتقالي
يجمع اللون البرتقالي (Orange) بين الطاقة من اللون الأحمر والسعادة من اللون الأصفر؛ لذلك يرتبط بشكل وثيق بالسعادة وأشعة الشمس. كما أنه يعكس الحماس، التصميم، الإبداع، ويدل على التحفيز، التشجيع، النجاح، برغم اعتباره حاملاً لبعض الصفات السلبية كالحرمان وعدم التفاؤل.
يعد اللون البرتقالي لوناً حاراً للعين البشرية؛ لذلك يعطي الإحساس بالحرارة، لكن حتماً ليس بالدرجة التي يعطيها اللون الأحمر، هو لون مقبول جداً لدى الشباب ويستخدم في المنتجات الغذائية وألعاب الأطفال، وهو لون تساقط أوراق الأشجار ومواسم الحصاد الزراعية. له أيضاً تأثير حيوي على الجسم، فهو يزيد من إمدادات الأكسجين إلى الدماغ؛ مما يؤدي إلى تنشيط الجسم وتحفيز العقل، يرتبط اللون البرتقالي كثيراً بالغذاء الصحي؛ فله دور مهم في تحفيز الشهية.
اللون الأصفر
اللون الأصفر (Yellow)؛هو اللون الأكثر ارتباطاً بأشعة الشمس؛ لذا يرمز دوماً للفرح والسعادة ويبعث على التفاؤل والثقة واحترام الذات والقوة، له دلالات سلبية كالهشاشة العاطفية والاكتئاب والقلق، يحمل عموماً معنى اللاعقلانية. يوثر حيوياً بالجسم، فهو يحفز النشاط العقلي ويولد طاقة في العضلات.
يستخدم اللون الأصفر للترويج لمنتجات الأطفال وكل ما له علاقة بالترفيه؛ لأنه يحمل الطابع الطفولي، فهو غير مناسب للمنتجات المرموقة والمكلفة للرجال، لكن الإفراط فيه يكون مزعجاً، والغرف ذات اللون الأصفر الفاقع تدفع الأطفال للبكاء أكثر من غيرها.
تعد موجة اللون الأصفر طويلة نسبياً؛ فهو من الألوان ذات التحفيز العالي خصوصاً فيما يرتبط بالمجال العاطفي ويعد أقوى الألوان نفسياً، هو قادر على جذب الانتباه؛ فيعتبر وسيلة هامة لتسليط الضوء على العناصر الهامة في أي تصميم كان. كما ارتبط اللون الأصفر بالشرف والولاء، وفي وقت لاحق صار معنى الأصفر مرتبطاً بشكل وثيق بالجبن.
اللون الأخضر
اللون الأخضر (Green)؛ لا يمكن أن يختلف اثنان على كونه لون الطبيعة والعشب، وأنه يرمز إلى النمو، الانسجام، النضارة، الخصوبة، الراحة، ويرتبط بالتوعية البيئية والتطبيقات البيئية الإيجابية، هو واحد من الألوان الأكثر اختياراً في الزخرفة من قبل المدراء التنفيذيين. لكنه برغم كل ما سبق يحمل معنى المرض وقلة الخبرة والغيرة، وقد يعطي الشعور بالملل.
يتواجد اللون الأخضر في وسط ألوان الطيف، وهو من أكثر الألوان راحة للعين البشرية؛ لذا يمكنه تحسين الرؤية كما أنه يدعم الشعور بالاستقرار ويزيد القدرة على التحمل. ومن ارتباطه بالطبيعة كان وسيلة للإعلان عن المنتجات الخضراء، وأصبح دليلاً للسلامة في حملات التوعية حول أضرار المخدرات أو إعلانات الأدوية والمنتجات الطبية. وهو أكثر الألوان ارتباطاً بالمال والعالم المالي والخدمات المصرفية بشكل عام.
اللون الأزرق
اللون الأزرق (Blue)؛ لون السماء والبحر ذو دلالة روحانية، إذ يرتبط بالحقيقة والإيمان والصفاء، كما يرمز للثقة والولاء والذكاء، يعكس العمق والاستقرار والمنطق والكفاءة، كما يحمل معنى البرودة والبرد في الطبيعة، والبرود العاطفي في المشاعر والاكتئاب.
يستخدم في إعلانات مكيفات الهواء ومنتجات التنظيف والمنتجات عالية التكنولوجيا ومنتجات المياه وشركات الطيران، من جهة أخرى له تأثير حيوي فيمكن أن ينقص معدل ضربات القلب ويؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، وخلق حالة من الانخفاض في حرارة الجسم، كما أنه يؤثر سلباً على الشهية تجاه الطعام؛ لذلك قلَّ ما يستخدم في ديكورات المطاعم.
اللون الأرجواني
اللون الأرجواني (Purple)؛ يجمع بين استقرار اللون الأزرق وطاقة اللون الأحمر، يرتبط بالملوك ويعد رمزاً للقوة والنبل والرفاهية والطموح، فهو يمثل الثروة والغنى والإسراف، كما يرمز للحكمة والكرامة والاستقلال والإبداع والغموض والسحر. ويفضل الأطفال قبل سن المراهقة اللون الأرجواني على جميع الألوان الأخرى.
وبسبب ندرته الشديدة في الطبيعة؛ يعتبره الكثيرون لوناً اصطناعياً. يعد من الألوان المناسبة لمنتجات الأطفال والأرجواني الفاتح يحمل طابع الأنوثة، إلا أنه وبرغم كل هذا قد يثير الكآبة والحزن والإحباط.
اللون البنفسجي
اللون البنفسجي (Violet)؛ كثيراً ما يخلط الناس بينه وبين الأرجواني، يرتبط بالوعي الروحي وبنقله إلى مستويات أعلى من الفكر والاحتواء واتساع أفق الرؤية والترف والأصالة والحقيقة، لكنه برغم ذلك قد يعكس نوعاً من الانحطاط و النقص. كما يمثل الانطوائية ويشجع التأمل العميق، طول موجته هو الأقصر بين جميع ألوان الطيف، وله ارتباط وثيق بالزمان والمكان والكون ككل.
اللون الوردي
اللون الوردي (Pink)،هو دون جدال اللون الذي يرمز للأنوثة، كما يدل على الهدوء والرعاية والحب والحياة الجنسية، وقد يعطي دلالةً على الضعف البدني ورهاب الارتباط العاطفي وبقاء الأنواع. يرتبط اللون الوردي باللون الأحمر ويعتبر أحد تدرجاته (واللون الأحمر هو الوحيد الذي يحوي أسماء مختلفة لتدرجاته، فباقي الألوان يقال عن تدرجاتها أزرق فاتح أو أخضر غامق مثلاً)، وكونه مرتبط باللون الأحمر؛ فله تأثير جسدي علينا، لكنه لا يحفز كما يفعل الأحمر بل له دور في التثبيط.
اللون الأبيض
اللون الأبيض (White)، دائماً يكون عنواناً للنظافة والخير والبراءة والضوء والعذرية، يرمز إلى الشتاء والجنازات في بعض الثقافات، وإلى الفستان الأبيض للعروس في ثقافات أخرى، كما يستخدم في تصميم ملابس الممرضين والأطباء ومعاطف المختبرات.
كما يخيل للناس بأن الملائكة ترتدي ملابساً بيضاء. يجب أن تنعكس جميع الأشعة الضوئية عن الجسم حتى نراه باللون الأبيض وتميز عين الإنسان أكثر من 1000 درجة من هذا اللون، كما يستخدم في إعلانات النظافة والتقنيات الفائقة. يرتبط بالوزن المنخفض والأغذية قليلة الدسم ومنتجات الألبان.
اللون الرمادي
اللون الرمادي (Grey)؛ اللون الوحيد الذي ليس له أي خصائص نفسية مباشرة فهو يدل على الحياد النفسي، لكنه يشير إلى عدم الثقة والرطوبة والسبات والاكتئاب ونقص الطاقة، فإذا تحول العالم كله إلى اللون الرمادي سيعطي شعوراً قوياً بالاكتئاب والسبات. كما يقوم اللون الرمادي بتلطيف الألوان الأخرى إذا أضيف إليها.
اللون الأسود
يرتبط اللون الأسود (Black) بالسلطة والقيادة والأناقة والرسمية، كما يوحي بالموت والشر والخوف والمجهول والغموض والثقوب السوداء في الفضاء. يحمل دلالة سلبية حيث يستخدم لأقوال (كالقائمة السوداء) للدلالة على الأشخاص السيئين.
كما يعتبر لون الحزن الأول دون منازع يغطي الجنازات ومآتم الحزن في غالب الثقافات. وهو بعكس اللون الأبيض لا يمكننا رؤيته إلا عندما يمتص الجسم جميع الأشعة الضوئية؛ لذا يرمز للظلام.
تأثير الألوان النفسي ودورها في تغير ردود الفعل
دائماً ما كان لألوان اللوحات دور مهم في رأي الجمهور فيها، حيث كان على الرسامين اختيار ألوانهم بعناية لتحقيق الجذب وهنا يكمن معنى الفن. محاولة دراسة تأثير الألوان على سلوكنا علم جديد نسبياً.
واستغلال هذا التأثير للتغيير من حياتنا أمر وارد لكنه ليس بهذه البساطة؛ ذلك لأن هذا التأثير يرتبط بعوامل كثيرة كتعقيد الألوان فدرجات السطوع والتشبع تلعب دوراً بارزاً في هذا الأمر ولا يكمن تجاهلها أبداً، (إذ لن تنطبق نتائج اختبار إحدى درجات اللون على غيره من الدرجات)، ولم لا، لربما كان ذلك ممكناً لذلك تتطلب هذه العملية الكثير من البحث والدراية الكافية بتفاصيل الألوان.
اختلاف تأثير الألوان بين الثقافات
بالإضافة للصعوبة الشديدة في التمييز بين ردود الفعل النفسية الفعلية على الألوان، والردود المرتبطة بالثقافة أو التفضيل الفردي لكل شخص
وقد تكتسب الألوان خصائصها فعلاً من الثقافات، ففي حين يشير اللون الأبيض إلى فستان الزفاف والفرح، فهو لون الحداد على الأموات في الكثير من الثقافات الآسيوية وهنا حمل اللون الأبيض تأثيرين نفسيين مرتبطين بثقافات مختلفة ويكون التأثير على الفرد وفق ثقافته لا أكثر.
معانٍ متناقضة تحملها الألوان وتأثيراتها
تزداد المشكلة تعقيداً حين تحمل الألوان نفسها معنيين مختلفين أو حتى متناقضين في نفس الوقت وتبعاً لثقافة واحدة؛ حيث قد يشير اللون الأسود إلى السوء والشر والأشخاص السيئين، لكن ملابس القضاء تحمل اللون الأسود وهم المسؤولون عن تطبيق العدالة في المجتمعات.
كذلك اللون الأحمر الذي يرتبط بالخطر والتحذير يأخذ معنىً ودوداً في عيد الحب عند تبادل الهدايا وبطاقات المعايدة الحمراء؛ فيعطي شعوراً آخراً بعيداً عن الخوف والإنذار والخطر، وفوق ذلك كله توجد مشكلة التفضيل الفردي حيث قد يربط الشخص بين أحد الألوان وحادثة أو شيء في حياته أعطاه شعوراً معيناً، بهذه الحالة يكون التأثير نابعاً من تلك التجربة ولا يمكن تعميم هذه النتائج بل ولربما كان لأحدهم تجربة معاكسة تماماً؛ مما يعقد الأمر أكثر فأكثر.
العلاج باستخدام الألوان
هناك قواعد عامة وخطوط عريضة تحقق درجة مقبولة من الصحة، حيث الألوان الحارة (القريبة من اللون الأحمر) تعمل على لفت الانتباه والإثارة ورفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب بعكس الألوان الباردة (القريبة من اللون البنفسجي).
في العقد الماضي أصبحت الأضواء الزرقاء العلاج المعتمد لمرض اليرقان الوليدي (اليرقان الذي يصيب حديثي الولادة)، وفي إنجلترا كان لإعادة طلاء جسر بلاكفريارز دور كبير في الحد من حالات الانتحار في ذلك المكان، وفي الاتحاد السوفييتي إحدى البلدان الرائدة آنذاك في علم الأحياء الضوئي كان عمال مناجم الفحم يتعرضون للأشعة فوق البنفسجية لاعتقادهم بقدرتها على الوقاية من مرض الرئة السوداء (مرض يصيب عمال مناجم الفحم نتيجة استنشاق غبار الفحم الحجري)، وفي الولايات المتحدة أصبحت الأشعة فوق البنفسجية علاجاً قياسياً للصدفية (مرض مزمن يصيب الجلد والمفاصل والأظافر).
أخيراً.. لا يزال تأثير اللون غايةً في التعقيد وبعيداً عن صورة متكاملة حول تفاصيله؛ لذلك يفضل غالبية المرضى والأطباء العلاج بالأدوية على العلاج بالألوان وهو ما قد لا يلامون عليه، فلا يزال هذا العلم قاصراً على دخول حيز التطبيق العملي.