رمضان حول العالم.. عادات وتقاليد وطقوس غريبة
بدءًا من طقوس الاستحمام في إندونيسيا إلى إضاءة الفوانيس في مصر
رمضان، هو أحد الأشهر المقدسة التي يتطلع إليها جميع المسلمين في العالم. ليس فقط من أجل الصيام وزيادة العبادة لمدة شهر كامل، ولكن لأن في شهر رمضان هناك تقاليد مختلفة يتم تنفيذها غالبًا في بلدان مختلفة، حيث تحتفل كل دولة بالشهر الذي نزل فيه القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنشطة مختلفة.
هذه التقاليد المتنوعة مثيرة للاهتمام للغاية، بدءًا من طقوس الاستحمام في إندونيسيا إلى إضاءة الفوانيس في مصر. وفيما يلي العديد من التقاليد المثيرة للاهتمام التي يتم تنفيذها عادة خلال شهر رمضان من مختلف البلدان.
رمضان حول العالم
تختلف طقوس استقبال شهر رمضان من بلد إلى آخر، ولكن تبقى جميعها تعبيرًا عن الفرح والبهجة بقدوم هذا الشهر الفضيل. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز عادات المسلمين في رمضان سواء حول العالم أو عادات وتقاليد الدول العربية بالتحديد.
تنظيف البيوت
يقوم المسلمون في جميع أنحاء العالم بتنظيف بيوتهم استعدادًا لاستقبال شهر رمضان. ويعد تنظيف البيوت رمزًا للتطهير الروحي والبدء من جديد، حيث يتم تنظيف جميع الغرف، وغسل السجاد، وتنظيف النوافذ، وتزيين المنزل بالزينة الرمضانية.
شراء لوازم رمضان
يقوم المسلمون بشراء لوازم رمضان، مثل التمور، والفواكه المجففة، والبهارات، والعصائر، والحبوب. كذلك، يتم شراء كميات كبيرة من الطعام لتكفي طوال الشهر.
وتقام الأسواق الرمضانية في بعض الدول خصيصا لاستقبال هذا الشهر الفضيل، حيث يتم بيع جميع احتياجات رمضان.
صلاة التراويح
تعد صلاة التراويح من أهم طقوس شهر رمضان، حيث تقام صلاة التراويح في جميع المساجد بعد صلاة العشاء، ويؤدي المسلمون صلاة التراويح جماعة، ويقرأ القرآن الكريم كاملاً خلال الشهر.
إفطار رمضان
يعتبر إفطار رمضان من أهم طقوس هذا الشهر الفضيل، حيث يجتمع المسلمون على مائدة الإفطار بعد غروب الشمس.
وعادة، تتكون مائدة الإفطار من التمور، والشوربة، والسلطات، والأطباق الرئيسية، والحلويات. ويشارك الجميع في تحضير الطعام، وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين.
قراءة القرآن الكريم
يمثل قراءة القرآن الكريم واحدة من أهم العبادات في شهر رمضان. ويخصص المسلمون وقتًا لقراءة القرآن الكريم بشكل فردي أو جماعي. كما تقام حلقات تحفيظ القرآن الكريم في بعض المساجد.
الأعمال الخيرية
من المعروف عن شهر رمضان أنه شهر الخير والعطاء، إذ يقدم المسلمون المساعدات المالية والعينية للفقراء والمحتاجين. وتقام العديد من الفعاليات الخيرية خلال شهر رمضان.
السهر في رمضان
يشتهر الشهر الفضيل بالسهر، إذ تعد واحدة من أهم طقوس رمضان، ففي بعض الدول يجتمع المسلمون بعد صلاة التراويح في المساجد أو في بيوتهم، ويتبادلون الأحاديث والقصص، والاستماع إلى الأناشيد الدينية.
كما تقام بعض الفعاليات الترفيهية في بعض الدول.
رمضان في مصر
يبدأ المصريون استقبال رمضان بتنظيف بيوتهم وشراء احتياجات الشهر. وكذلك، تقام موائد الرحمن في الشوارع لتقديم الطعام للمحتاجين، ويزداد الإقبال على المساجد لقراءة القرآن الكريم وصلاة التراويح. كما تقام حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد.
وفي البيوت، يشغل المصريون أغاني رمضان، وكذلك في الشوارع. ويعد فانوس رمضان من أهم رموز رمضان في مصر، وكذلك المسحراتي الذي يخرج في بعض المناطق لإيقاظ الناس لتناول السحور.
وفيما يتعلق بالفانوس تحديدا، ففي كل عام، يستقبل المصريون شهر رمضان بالفانوس الملون. وعلى الرغم من أن هذا التقليد ثقافي أكثر منه ديني، إلا أن فوانيس الإضاءة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان المبارك، الذي له أهمية روحية لدى المصريين.
ويعتقد أن ولادة هذا التقليد قد بدأت في وقت ما في عهد الأسرة الفاطمية، عندما استقبل المصريون خلافة المعز لدين الله عندما وصل إلى القاهرة في اليوم الأول من شهر رمضان. وقتها، أمر المسؤولون العسكريون السكان المحليين بحمل الشموع في الشوارع المظلمة، وحمايتها داخل إطارات خشبية حتى لا تنطفئ.
وبمرور الوقت، تطورت هذه الهياكل الخشبية إلى فوانيس منقوشة، وتعرض الآن في جميع أنحاء البلاد، ويشريها الناس والأطفال طوال رمضان، حيث يتجول الأطفال بفوانيسهم، ويغنون بسعادة ويطلبون الهدايا والحلويات.
رمضان في السعودية
يعلن عن بدء شهر رمضان من خلال رؤية الهلال، وتقام موائد الرحمن في المساجد والشوارع، ويزداد الإقبال على المساجد لقراءة القرآن الكريم وصلاة التراويح.
كذلك، تقام فعاليات ثقافية ودينية في جميع أنحاء المملكة، مثل حلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمسابقات الدينية، والفعاليات الترفيهية. ويحرص السعوديون على قضاء وقت أكبر مع العائلة والأصدقاء.
كما يجتمع أفراد العائلة والأصدقاء في سهرات رمضانية، حيث يتم تبادل الأحاديث والقصص، والاستماع إلى الأناشيد الدينية.
رمضان في الإمارات
بعد أن تعلن الحكومة عن بدء شهر رمضان، تقام موائد الرحمن في المساجد والشوارع، وتقام فعاليات ثقافية ودينية في جميع أنحاء الإمارات.
لكن قبل ذلك بـ15 يوما تقريبا، يتم تنفيذ تقليد معروف في الإمارات باسم "حق الليلة"، تحديدا في الخامس عشر من شعبان، أي الشهر الذي يسبق شهر رمضان.
وفي هذا التقليد، يتجول الأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة في أحيائهم وهم يرتدون ملابس زاهية، ويجمعون الحلويات والمكسرات في أكياس كبيرة، مع غناء الأغاني التقليدية المحلية، إلى جانب هتافات الترحيب بشهر رمضان والتي تتردد في الشوارع بينما يجمع الأطفال هداياهم.
ويعتبر هذا الاحتفال جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية الإماراتية. وفي مجتمع اليوم، يسلط تقليد حق الليلة الضوء على أهمية الروابط الاجتماعية القوية والقيم العائلية.
رمضان في الكويت
في الكويت، هناك ثلاثة أيام من الاحتفالات في منتصف شهر رمضان، حيث يقوم الأطفال في هذا الاحتفال بطرق أبواب الجيران ويغنون من أجل الحصول على الحلوى والشوكولاتة. ويسمى هذا التقليد قرقيعان.
وبصرف النظر عن ذلك، هناك أيضًا يوم خاص في الكويت يسمى "الكريش"، وعادة ما يتم تنفيذه في اليوم الأخير قبل شهر رمضان، حيث يجتمع جميع أفراد الأسرة لتناول طعام الغداء قبل بدء الصيام.
رمضان في قطر
تحاول قطر أن تجعل الأطفال متحمسين للصيام كل عام، وذلك من خلال تقليد فريد يتم في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان، كشكل من أشكال التقدير للأطفال الذين تعلموا الصيام لمدة نصف شهر.
يرتدي الأطفال الملابس التقليدية ويغنون في كل مكان. وفي مدينة الدوحة، تحتفلت عدة مدارس من خلال ارتداء الأزياء القطرية التقليدية وتبادل الحلويات والمكسرات.
رمضان في المغرب
خلال شهر رمضان، يمكنك أن تلاحظ في شوارع المغرب النفار أو المناديين الذين يرتدون ملابس الجندورة التقليدية والصنادل والقبعات، حيث يتغنون أثناء السير في الشوارع كإشارة إلى قرب حلول الفجر، ويجب على السكان تناول السحور على الفور.
عادة ما يتم اختيار النفار من قبل سكان المدينة. وبدأ هذا التقليد في القرن السابع، ومن وقتها اجتاحت موسيقى وطبول النفار المدينة، ويستقبلها المواطنون كل عام بالامتنان والفرح. بالإضافة إلى ذلك، يتم منح النفار أجرا رمزيا من قبل المجتمع في الليلة الأخيرة من شهر رمضان.
رمضان في تونس
يبدأ الاحتفال بشهر رمضان في تونس، قبل حلوله، فهناك ما يعرف بـ"يوم القرش"، وهو يوم يسبق رمضان بيوم واحد، يجتمع فيه الأصدقاء والعائلات على مائدة غداء أو عشاء للاحتفال مع بعضهم البعض قبل دخول شهر الصيام.
كذلك يتميز رمضان في تونس باللمة العائلية، حيث يجتمع أفراد العائلة في منزل أحد أفرادها، وينشدون الترانيم الدينية ويذكرون الله.
ومن العادات أيضا قبل دخول رمضان، تنظيف المساجد، حيث يشارك العديد من التونسيين في تنظيف المساجد وتزيينها استعدادًا لاستقبال شهر رمضان.
ومع إعلان بدء شهر رمضان من خلال رؤية الهلال، تقام موائد الرحمن في المساجد والشوارع، وتقام حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد. كذلك تقام فعاليات ثقافية ودينية في جميع أنحاء تونس، حيث يحرص التونسيون على قضاء وقت أكبر مع العائلة والأصدقاء.
رمضان في لبنان
في العديد من دول الشرق الأوسط، يتم إطلاق المدافع كل يوم خلال شهر رمضان للإشارة إلى وقت الإفطار. ويعتقد أن هذا التقليد، المعروف باسم مدفع الإفطار، قد مورس لأول مرة في مصر منذ أكثر من 200 عام.
وانتشرت هذه الممارسة في العديد من دول الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان، حيث استخدم العثمانيون المدافع للاحتفال بالإفطار في جميع أنحاء البلاد.
وكان هناك خوف من فقدان هذا التقليد الفريد في عام 1983 بعد الغزو الذي أدى إلى مصادرة العديد من المدافع لأنها كانت تعتبر أسلحة. لكن هذا التقليد نجح في إحيائه الجيش اللبناني بعد الحرب وما زال مستمرا حتى يومنا هذا.
رمضان في إندونيسيا
يؤدي المسلمون في إندونيسيا طقوسًا مختلفة "لتطهير" أنفسهم في اليوم السابق لشهر رمضان. ففي بعض المناطق في جاوة الوسطى وجاوة الشرقية لديهم تقليد تطهير يسمى بادوسان (وهو ما يعني الاستحمام باللهجة الجاوية)، حيث يغطس المسلمون الجاويون أنفسهم في الينابيع، وينقعون الجسم من الرأس إلى أخمص القدمين.
بادوسان هو دليل على اندماج الدين والثقافة في إندونيسيا، حيث تتمتع الينابيع بمعنى روحي عميق في الثقافة الجاوية، لذلك يلجأون إليها في عملية التطهير خلال الشهر الكريم.
ويعتقد أن هذه الممارسة قد انتشرت من قبل والي سونغو الذي نشر التعاليم الإسلامية في جميع أنحاء جاوة.
رمضان في ألبانيا
لعدة قرون، كان أفراد مجتمع الروما المسلمين، الذين ينحدرون من الإمبراطورية العثمانية، يعلنون بداية ونهاية الصيام بالأغاني التقليدية.
كذلك، خلال شهر رمضان، يسيرون في الشوارع ذهابًا وإيابًا وهم يعزفون اللودرا، وهي طبلة أسطوانية ذات طرفين مغطاة بجلد الأغنام أو الماعز. وغالبًا ما تدعوهم العائلات المسلمة داخل منازلهم لعزف الأغاني التقليدية للاحتفال ببدء الإفطار.
رمضان في العراق
العراق لديه تقليد يتمثل في لعبة تقليدية يلعبها الرجال خلال شهر رمضان. عادة، يتم ذلك بعد الإفطار مع العائلة، حيث يجتمع الرجال في جميع أنحاء العراق للعب.
وتتضمن اللعبة مجموعتين من حوالي 40 إلى 250 لاعبًا. وفيها سيقوم أحد الأشخاص في المجموعة بإخفاء حلقة، ويجب على الخصوم تحديد الرجل الذي يحمل الخاتم. ولتخمين من يخفي الخاتم، يمكن للخصوم فقط استخدام لغة الجسد، وإذا لم ينجح، فإن الفريق الذي أخفى الحلقة يحصل على نقطة واحدة. أما إذا وجده الخصوم، يجب على فريقه إخفاء الخاتم ومحاولة جمع المزيد من النقاط.
رمضان في الهند
يعتبر سهريوالا في دلهي جزءًا من التقاليد الإسلامية وهي ثقافة وتراث مدينة قديمة تسمى المغول. خلال شهر رمضان المبارك، يسير الناس في الهند في شوارع المدينة في الصباح، ويهتفون بأسماء الله والرسول لإيقاظ المسلمين الذين هم على وشك الصيام.
كذلك، يبدأون بالتجول في الساعة 2.30 صباحًا بالتوقيت المحلي بالعصي لطرق أبواب وجدران منازل السكان.
وبالنسبة لمعظم السهيريوالاس، يتم نقل التقليد من جيل إلى جيل في الأسرة. وعلى الرغم من أن أعدادهم آخذة في التناقص، إلا أن هذه الممارسة لا تزال منتشرة في مدينة دلهي القديمة.
رمضان في ماليزيا
خلال شهر رمضان، يجب عليك تجربة قائمة الطعام الماليزية النموذجية التي لا تزال موجودة حتى اليوم، وتحديدا عصيدة لامبوك.
هذه العصيدة عبارة عن عصيدة أرز تقدم مع لحم البقر المفروم والروبيان المجفف والتوابل (القرنفل واليانسون والقرفة والكمون وما إلى ذلك) والتي يتم خلطها مع بعضها.
يضيف هذا الطعام مفهوما مختلفا على موائد رمضان، خاصة وقت العزومات والتجمعات العائلية. كما إنه يضاف إلى قائمة الإفطار الجماعي في الشوارع والمساجد.
رمضان في تركيا
في تركيا، يتم إيقاظ الصائمين لتناول السحور بواسطة قارعي الطبول الذين يرتدون الملابس العثمانية التقليدية.
يرتدي قارعو الطبول الزي العثماني التقليدي، بما في ذلك الطربوش والسترة المزينة بزخارف تقليدية. وبدأ تقليد قرع الطبول لإيقاظ الناس لتناول السحور في عهد الإمبراطورية العثمانية.
رمضان في إيطاليا
يحتفل المسلمون في روما ببداية ونهاية الصيام من خلال غناء الأغاني التقليدية. وفي كل يوم خلال شهر رمضان، يصطفون في الشوارع ويعزفون اللودرا، وهي طبلة محلية الصنع مغطاة بجلد الأغنام أو الماعز. وغالبًا ما تدعوهم العائلات المسلمة إلى منازلهم لأداء هذه الأغاني التقليدية عند الإفطار.
رمضان في فرنسا
تختلف فرنسا كثيرًا عن غيرها، حيث إن لديها تقاليد معروفة خلال شهر رمضان بالتسوق. ولكن ليست ملابس، بل طعام وتحف رمضانية لعرضها في المنزل. ويعتبر أحد أشهر الأماكن لبيع هذه المعدات هو موقع جان بيير تيمبو، الموجود في باريس، فرنسا.
في النهاية، تختلف عادات رمضان من بلد إلى آخر، لكن تبقى جميعها تعبيرًا عن الفرح والبهجة بقدوم هذا الشهر الفضيل. ويعلمنا رمضان معنى الصبر والتحمل، ويكرس قيم العطاء والتكافل الاجتماعي.
كما يساعدنا رمضان على إعادة تقييم أنفسنا، والتقرب من الله تعالى. لذلك، يعد شهر رمضان فرصة ذهبية لتنقية النفس، وتحسين السلوك، والتقرب من الله تعالى.