رهاب السعادة: التشيروفوبيا
قد تبدو فكرة الخوف من السعادة أو رهاب الفرح غريبة، ولكنها في الواقع حالة نفسية موجودة عند البعض، دون أن يدركوا ذلك! على سبيل المثال، قد تكون جالسًا في تجمع عائلي أو حفلة مع الأصدقاء، وبينما تعلو أصوات الضحك والقهقهة في المكان، تسمع أحد الحاضرين يردد مقولة “كفانا الله شر هذا الضحك”. هذا الشعور موجود في العقل اللاواعي ضمن مجتمعاتنا، ويعني أن الشخص يقرن كل سعادة حالية بقدوم أمر سيئ بعدها بالضرورة.
●التشيروفوبيا، حسب تصنيف مدارس الطب النفسي الحديثة، هي نوع من أنواع اضطرابات القلق، وهو إحساس غير منطقي بالنفور من أي مسبب للسعادة. حيث يأتي مصطلح “التشيروفوبيا” من الكلمة اليونانية “تشيرو” التي تعني الابتهاج. هناك نوعان من الرهاب يمكن أن يصف هذه الحالة: الهيدونوفوبيا (الخوف من المتعة) والتشيروفوبيا (تجنب السعادة)، ولعل كليهما يصبّ في نفس الاضطراب المدروس.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
●في هذا الاضطراب، يصبح الشخص في اللاوعي يربط إحساس الفرح أو السعادة بإحساس الخوف المرتبط بالتهديد، فالمريض يصف حالته بأنه يحاول قدر الإمكان الابتعاد عن أي تغيير إيجابي في حياته أو أي مصدر متعة مهما كان بسيطاً كالاجتماع بالأشخاص الذين يحبهم وقضاء الوقت معهم.
عند سؤال المصاب بهذا الاضطراب عن دوافعه، يبرّر شعوره بأنه متأكد من حدوث أمر سيئ بعد كل أمر جيد يحدث معه، أو إن السعادة تجعله شخصًا سيئًا. قد يسعى جاهدًا لإخفاء سعادته عن الآخرين، ليس بدافع عدم الثقة بهم، بل لأنه يشعر بأنه لا يستحقها، أو أن التصريح بالسعادة سيتسبب بزوالها.
●أسباب هذا الاضطراب:
لم تحظَ هذه الحالة بالكثير من البحث والدراسات. ومع ذلك، بعد عدة محاولات من الأطباء النفسيين والمدارس العصبية النفسية، يمكننا وضع خطوط عريضة لتحديد من يمكن أن يصاب بهذا الاضطراب. غالبًا ما يعاني الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة في طفولتهم من رهاب السعادة. إذا كان الشخص قد مرّ بتجربة خيبة أمل قاسية بعد إحساس غامر بالسعادة في الماضي، فإنّ عقله الباطن قد يفعّل أسلوبًا دفاعيًا مثل الخوف من الأحداث الجيدة لما سيلحقها من ألم.
كما إن الانطوائيين مؤهلون للإصابة بهذا الاضطراب كونهم يفضلون عدم الاختلاط والمشاركة في الأنشطة الجماعية. والمثاليون أيضًا معرضون له، لأنهم يعتقدون أن شعور الفرح المبالغ فيه هو من شيم الكسالى والفاشلين.
ومن المهم أن نوضّح أن الشخص الذي يعاني من التشيروفوبيا ليس بالضرورة شخصًا حزينًا أو مكتئبًا، بل هو فقط يتجنب مصادر السعادة والفرح.
هل يوجد علاج للتشيروفوبيا؟
نظرًا لأن هذا الاضطراب لم يتمّ البحث فيه بشكل عميق، فإنه لا يوجد دواء معين لعلاجه. ومع ذلك، يرى الأطباء النفسيون أن هذه الأنواع من الاضطرابات يمكن علاجها بأساليب العلاج السلوكي المعرفي، وهو علاج كلامي قائم على فكرة تحليل الأحداث السابقة التي طرأت في حياة المريض، والتعرّف على خطوط التفكير الخاطئة وتوجيه سلوكيات الفرد نحو التغيير.
قد تساعد الرياضات التي تسهم في الاسترخاء وزيادة الثقة بالنفس، مثل اليوغا، في علاج هذا الاضطراب.
كيف تعرف أنك تعاني من هذا الاضطراب؟
يمكنك الشك بوجوده إذا توافرت العلامات التالية لديك:
– رفض التغييرات الجديدة التي تجلب السعادة.
– رفض حضور المناسبات السعيدة.
– الخوف من وقوع أمر سلبي عند الشعور بالسعادة.
– البكاء والذعر عند التعرض لأي خبر مفرح.
ومع ذلك يجب دائمًا أن يتم التشخيص والعلاج بواسطة أخصائي، فليس من السليم تداول الاضطرابات النفسية دون خلفيّة طبية عميقة بالموضوع.
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!