سناء جميل ضربها شقيقها لتفقد السمع وفقدت العائلة فعوضها حب لويس جريس
نامت على البلاط العاري وقامت بتطريز الملابس لتتكفل بمصاريفها.. قصة كفاح أنبتت موهبة زهرة الصبار
ثريا يوسف عطا لله أو سناء جميل، رأيناها امرأة أرستقراطية تتحدث الفرنسية ببراعة بل وتمثل مسرحيات باللغة الفرنسية على أكبر مسارح باريس، ورأيناها امرأة شعبية تعامل من حولها بفظاظة في مسلسل الراية البيضاء. شاهدناها في دور الفلاحة المغلوبة على أمرها في فيلم الزوجة الثانية، ورأيناها امرأة صعيدية في مسلسل خالتي صفية والدير، أما الكوميديا فكان لها نصيب أيضا، بخفة دم راقية قدمتها في مسلسل ساكن قصادي.
وحيدة منذ الطفولة:
ولدت ثريا يوسف عطا الله في 27 أبريل/نيسان 1930، بمركز ملوي بمحافظة المنيا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في طفولتها توفي والديها في الحادية عشر من عمرها وأدخلتها عائلتها إلى مدرسة داخلية فرنسية ظلت بها حتى أتمت دراستها الثانوية. بدأ اهتمامها بالتمثيل من خلال المسرحيات التي شاركت فيها في المدرسة،عندما أنهت الدراسة الثانوية ذهبت مع جارها (صلاح) الذي كان مهتما أيضا بالتمثيل لأداء اختبارات المعهد العالي للفنون المسرحية.
وكان عليها في أثناء اختبارات الأداء أن تقرأ شعرا ﻷحمد شوقي، ولم تكن تجيد القراءة بالعربية فكتبت الأبيات بالحروف اللاتينية لتستطيع قراءتها. وبالفعل قُبلت في المعهد.
كان عليها أن تقدم أوراق الدراسة للمعهد بتوقيع ولي أمرها والذي كان شقيقها. لكنها كانت تعلم أنه لن يوافق وهو ما جعلها تقوم بتزوير توقيعه على الأوراق.
استمرت في الدراسة دون علم أسرتها، حتى علمت أسرتها في المنزل، وحينها صفعها شقيقها صفعة قوية أثرت على أذنها حتى نهاية حياتها وطردها من المنزل، كان ذلك يوم حريق القاهرة، خرجت وقتها من المنزل بلا قرش واحد كما تحكي.
رحلة شاقة:
بدأت سناء جميل حياتها الشاقة وحيدة، ودون أي دعم عائلي لكن ما عوضها كان الدعم الذي وجدته من أستاذها زكي طليمات. فقد شجعها على تعلم العربية، واختار اسمها الفني سناء جميل، فلم يكن من الممكن أن تستخدم لقب عائلتها.
كما وجد لها سكنا في بيت الطالبات.
بعد أن تخرجت سناء جميل انتقلت للسكن في شقة صغيرة خاوية، وكانت تعمل في تطريز المفروشات لكي تستطيع دفع إيجار الشقة وشراء احتياجاتها، وتحكي النجمة القديرة عن هذه المرحلة دون أن تستطيع مغالبة دموعها أنها توجهت لمزاد الأشياء المستعملة، واشترت منها احتياجات بسيطةهي حسب حكايتها: "حلة وكنكة ووابور جاز وملة خشب للنوم" ونفذت النقود قبل أن تشتري مرتبة(حشية) للسرير. وهو ما جعلها تضطر للنوم فوق ملابسها ليصيبها ذلك بانزلاق غضروفي.
وحكت أنها كانت تضطر بسبب شظف العيش لشراء الخبز والجبن وتناولهما في جميع الوجبات، بعد أن كانت في بيت عائلتها تعيش مدللة وتأتي لها خادمة العائلة بالإفطار في الفراش.
تعلم العربية:
شجعها زكي طليمات على تعلم اللغة العربية وإتقانها، فكان عليها أن تقرأ الكتب التراثية وتحفظها عن ظهر قلب، مثل كليلة ودمنة، وأن تقرأ القرآن الكريم، ليساعدها على إتقان اللغة العربية وقواعدها ومخارج ألفاظها. وكانت أول مسرحية تقوم بأدائها مسرحية (الحجاج بن يوسف) بالعربية الفصحى.
لويس جريس ..حب العمر.. نتجوز السبت الجاي؟:
في لقاء مع مجموعة من الأصدقاء المشتركين التقيا للمرة الأولى، وفي نهاية اللقاء سألته: "معاك 3 تعريفة؟" فأخرج من جيبه قرشين. فقالت له: "خليهم معاك عشان تكلمني في التليفون بكرة" ومنحته رقم هاتفها ليحادثها في اليوم التالي. استمرت علاقتهما قوية وبعد مرور عام منذ لقاءهما الأول أثناء تناولهما الغداء سويا قال لها: " انتي عايشة لوحدك وأنا عايش لوحدي ماتيجي نعيش مع بعض".
لم تجب عليه، وتركته دون أي اتصال حتى مر شهر ونصف تقريبا، ليفاجأ باتصال منها تسأله: "انت كان قصدك نتجوز؟" فأجابها بنعم. قالت له : " خلاص نتجوز السبت الجاي" فقال لها أنه يحتاج ترتيبات للتحول إلى الإسلام لاعتقاده بأنها مسلمة. لأنها تستخدم ألفاظ اعتاد المسلمون على استخدامها. فضحكت وأخبرته بأنها مسيحية. ليتزوجا، ويستمرا سويا لأكثر من أربعين عاما حتى وفاتها.
كانت علاقتهما القوية سندا ودعما ومحبة متبادلة. استغنى كل منهما بالآخر عن العالم. حتى أن لويسجريس لم يستند إلى عصا إلا بعد وفاتها.
بدايتها من بداية ونهاية:
لعل أهم أدوارها في البداية كان دور "نفيسة" في فيلم بداية ونهاية عن رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ، وكان من المقرر في البداية أن تقوم فاتن حمامة بأداء هذا الدور. لكنه انتقل لسناء جميل، والتي برعت في أداءه بدرجة كبيرة وهو ما حفر لها مكانا بارزا بين نجمات جيلها.
وحيدة حتى بعد موتها:
بعد وفاة سناء جميل أبقى زوجها الكاتب الصحفي لويس جريس جثتها في المستشفى دون دفنها لثلاثة أيام كاملة. ربما يظهر أحد من أقاربها، لكن أحدا لم يظهر أبدا.