ظاهرة الأحجار المتحركة في وادي الموت.. لغز جيولوجي غامض

مقالات ذات صلة

عين الصحراء.. لغز جيولوجي غامض في الصحراء الكبرى

أخيراً حل لغز وادي الصخور المتحركة في كاليفورنيا

أحجار ستونهنج.. اللغز الذي لازال يحير العلماء حتى الآن

يعد منتزه وادي الموت الوطني مكانًا غريبًا بكل المقاييس، حيث يشتهر بكونه المكان الأكثر سخونة على وجه الأرض، ويمثل أيضًا أكثر الأماكن جفافًا في أدنى ارتفاع بأمريكا الشمالية.

لكن أغرب ميزة على الإطلاق هي ظاهرة الأحجار المتحركة أو الصخور المبحرة التي تشهدها المنطقة، حيث تشكل الصخور شكلا يشبه مضمار السباق بعد أن تنجرف من تلقاء نفسها، وبدون تفسير منطقي.

وفي التقرير التالية، نستعرض معكم قصة ظاهرة الأحجار المتحركة وأسبابها والنظريات المقترحة حولها. إلى جانب أهم المعلومات والحقائق المثيرة عنها.

ظاهرة الأحجار المتحركة

في بحيرة Racetrack Playa الجافة، حيث حديقة وادي الموت الوطنية في كاليفورنيا، تم اكتشاف واحدة من الظواهر الجيولوجية الغامضة والتي تعرف باسم الصخور المبحرة أو الأحجار المتحركة. وتتمثل هذه الظاهرة في أن الصخور التي يمكن أن يصل وزنها إلى أكثر من وزن الإنسان، تتحرك من تلقاء نفسها عبر سطح البحيرة الجافة تاركة وراءها ممرات طويلة غامضة.

جذبت هذه الظاهرة الطبيعية الغامضة أنظار العلماء والسياح على حد سواء، حيث أشاروا أن هذه المنطقة تتميز بوجود صخور كبيرة تتراوح أوزانها بين 300 و600 كيلوجرام، تتحرك ببطء على سطح قاع البحيرة الجافة تاركة وراءها خطوطًا مميزة تعرف بـ "مسارات السباق".

تفسير ظاهرة الأحجار المتحركة

حيرت هذه الظاهرة العلماء لسنوات، حيث لا يوجد تفسير واضح لكيفية تحرك هذه الصخور الثقيلة دون تدخل بشري أو حيواني. وقد تم طرح العديد من النظريات لتفسير هذه الظاهرة، تشمل:

نظرية الجليد والرياح

في فصل الشتاء تتشكل طبقات رقيقة من الجليد على سطح البحيرة. وعندما تهب الرياح، تحمل معها طبقات الجليد هذه، بما في ذلك الصخور الموجودة عليها. وعندما يذوب الجليد، تترك الصخور وراءها ممرات على الأرض.

نظرية الطحالب

تنمو نوعية معينة من الطحالب على سطح البحيرة. وعندما تموت هذه الطحالب، تخلق طبقة لزجة تساعد على تحريك الصخور بفعل الرياح.

نظرية المجال المغناطيسي

يعتقد بعض العلماء أن هناك مجالًا مغناطيسيًا طبيعيًا تحت سطح البحيرة، والذي قد يؤثر على حركة الصخور.

ما الذي يجعل هذه الظاهرة فريدة من نوعها؟

تتحرك هذه الصخور ببطء على مدار فترات زمنية طويلة، تتراوح من أشهر إلى سنوات. وتترك الصخور وراءها خطوطًا طويلة على سطح البحيرة الجافة، تشبه آثار جرها على الأرض. وحتى الآن، لم يتفق العلماء على تحديد السبب الدقيق وراء حركة هذه الصخور بشكل قاطع.

يعتقد بعض العلماء أن الرياح القوية هي السبب وراء حركة الصخور، حيث تقوم بجرّها على سطح البحيرة الجافة. بينما يرى آخرون أن طبقات الجليد الرقيقة التي تتشكل على سطح البحيرة في فصل الشتاء تلعب دورًا في تحريك الصخور.

كذلك، تشير بعض النظريات إلى أن تفاعل الماء مع طبقات الطين الرقيقة تحت سطح البحيرة يُساهم في تحريك الصخور.

دراسة علمية عن ظاهرة الأحجار المتحركة

في عام 2013، قام فريق من العلماء بقيادة د. روبرت كرينز، من جامعة كاليفورنيا، إيرفين، بتركيب أجهزة GPS على 15 صخرة متحركة. وقاموا بتتبع حركة الصخور على مدار عامين، واكتشفوا أن الصخور تتحرك بشكل رئيسي خلال فصل الشتاء والربيع، عندما تكون هناك طبقات من الجليد على سطح البحيرة. كما وجدوا أن اتجاه حركة الصخور يتحدد باتجاه الرياح.

توفر هذه الدراسة أدلة قوية تدعم نظرية الجليد والرياح كشرح لظاهرة "أحجار الإبحار".  ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها، مثل كيفية تحرك الصخور الكبيرة جدًا، والتي قد تزن أكثر من طن، بفعل الرياح.

وجهة سياحية

تعد زيارة هذه المنطقة تجربة لا تنسى، حيث يمكنك التجول بين الصخور الضخمة ومشاهدة مساراتها الغامضة، والتأمل في عظمة الطبيعة وقدرتها على خلق ظواهر غريبة ومدهشة.

ولكن عليك اتباع مجموعة من النصائح عند زيارة المنطقة، أولها إن أفضل وقت للزيارة خلال فصل الربيع أو الخريف، عندما يكون الطقس معتدلًا. كما ستحتاج إلى سيارة دفع رباعي للوصول إلى البحيرة، حيث أن الطريق غير معبد.

كذلك، تأكد من إحضار كمية كافية من الماء والطعام، حيث لا تتوفر أي خدمات في المنطقة. ولا تترك أي قمامة خلفك، واحرص على حماية البيئة الطبيعية الفريدة للمنطقة.

من المهم أيضا عند زيارتك، عدم لمس الصخور أو آثارها. وعليك الانتباه إلى إنه بعد هطول المطر، تصبح الساحة موحلة، لذا كن حذرًا لتجنب الاقتراب من الصخور وترك آثار أقدام أثناء الظروف الرطبة. كما يحظر أيضًا القيادة على الطرق الثابتة.

حقائق مثيرة عن الأحجار المتحركة

لا تنس أن هذه الظاهرة تقع في منطقة صحراوية قاسية، لذلك من المهم اتخاذ جميع احتياطات السلامة عند زيارتها. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز معلومات عن ظاهرة الأحجار المتحركة.

. تتراوح أحجام الصخور المتحركة من بضع بوصات إلى عدة أقدام.

. يمكن أن تتحرك الصخور لمسافات تصل إلى عدة مئات من الأقدام في السنة.

. تركت العديد من الصخور الكبيرة وراءها مسارات يصل طولها إلى 1500 قدم، مما يشير إلى أنها انتقلت بالفعل لمسافة طويلة من موقعها الأصلي.

. أطول مسار تم تسجيله لصخرة متحركة هو 2,800 قدم.

. تترك الصخور ذات السطح الخشن مسارات مستقيمة، بينما تميل الصخور ذات القاع الأملس إلى شكل المسارات المنحنية.

. في عام 2014، تمكن العلماء من التقاط حركة الحجارة لأول مرة باستخدام التصوير الفوتوغرافي بفاصل زمني.

. لا تزال ظاهرة "الأحجار المتحركة" لغزًا يحير العلماء، ولكن هناك العديد من النظريات التي تحاول تفسيرها.

. تتحرك الصخور في اتجاهات مختلفة، لكنها تميل إلى اتباع اتجاه الرياح السائدة.

. تم رصد حركة الصخور لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن لم يتم دراستها بشكل مكثف إلا في العقود الأخيرة.

في النهاية، يمكننا القول إن ظاهرة الأحجار المتحركة أو الصخور المبحرة، طبيعية وساحرة. ورغم الأبحاث والدراسات التي أجريت حولها لسنوات طويلة، لم يتمكن العلم حتى الآن من تفسيرها بشكل كامل، مما يجعلها وجهة جذب مميزة لعشاق الطبيعة والعلوم على حدٍ سواء.