ظاهرة طنين تاوس.. صوت غامض في بعض الدول يحير العلماء
يوصف الطنين بأنه صوت مستمر يشبه صوت محرك ديزل بعيد أو صوت الرياح الخفيفة
يستمع بعضنا إلى أصوات غريبة وغامضة في الليل، تصيبنا أحيانا بحيرة بسبب جهلنا بمصدرها، وأحيانًا أخرى نجتهد لتفسيرها، سواء بأبواق سيارات أو حركة الرياح وغيرها من العوامل. لكن ماذا لو تحولت الأصوات إلى ظاهرة متكررة، واستمر الأمر عقودا طويلة دون تفسير؟
هذا ما يحدث في تاوس نيو مكسيكو، حيث يصاب السكان بحيرة من أمرهم بسبب همهمة منخفضة التردد يستمعون إليها منذ سنوات طويلة ولا يوجد تفسير لها. في البداية، تم وصف هذا الصوت المستمر، بأنه محرك ديزل يعمل من مسافة بعيدة، لكن مع استمرار الوضع، ظهر عدد لا يحصى من النظريات.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في التقرير التالي، نستعرض معكم قصة ظاهرة طنين تاوس، والنظريات المنتشرة حولها والتحقيقات التي أجريت للبحث عن تفسير لها. بالإضافة إلى مجموعة من الحقائق المثيرة عنها.
قصة ظاهرة طنين تاوس
في جبال روكي بولاية نيو مكسيكو الأمريكية، تقع بلدة تاوس الصغيرة، التي تعرف ليس فقط بجمالها الطبيعي الخلاب، بل أيضًا بظاهرة غامضة تعرف باسم "طنين تاوس".
يسمع هذا الطنين منخفض التردد من قبل بعض سكان البلدة والزوار، بينما لا يستطيع البعض الآخر سماعه. يوصف الطنين بأنه صوت مستمر، يشبه صوت محرك ديزل بعيد، أو صوت الرياح الخفيفة، أو حتى صوت الموسيقى الخافتة.
بدأت قصة هذا الطنين في مارس عام 1992، عندما قررت امرأة تدعى كاتانيا سالزمان توجيه رسالة إلى صحيفة تاوس نيوز، نشرت في 19 مارس، وصفت فيها ضجيجًا يصم الآذان أوقف نومها، وبالتالي حياتها. وأشارت في رسالتها إلى إن ذلك عكس ما توقعته هي وزوجها الطبيب النفسي روبرت عندما استقرا في تاوس، حيث انجذبا في المقام الأول إلى العزلة الجبلية وهدوء المكان.
تبين فيما بعد، إن هذه السيدة لم تكن الشخص الوحيد الذي انزعج من الضوضاء المتواصلة. ضربت رسالتها على وتر حساس لدى القراء وأثارت سيلًا من الردود، ليكشف العديد من سكان المنطقة أنهم يعانون من نفس الضوضاء أيضا.
وقتها قرر ممثل نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون، التحقيق في الأمر. قام بتشكيل فريق من العلماء من مختبر فيليبس التابع للقوات الجوية ومختبرات لوس ألاموس وسانديا الوطنية، بالإضافة إلى جامعة نيو مكسيكو، وكلفهم بمراقبة الطاقة الصوتية والزلزالية والكهرومغناطيسية للصوت. لكن النتائج لم تسفر عن أي شيء مطلقا.
أما بالنسبة للسيدة كاتانيا سالزمان وأسرتها، فقد حزموا أمتعتهم وغادروا تاوس إلى الأبد، حيث انتقلوا إلى المكسيك. لكن الطنين بقي.
وعلى الرغم من عدم وجود تفسير قاطع، إلا أن طنين تاوس أصبح جزءًا من هوية بلدة تاوس، حيث يجذب العديد من الزوار الذين يرغبون في تجربة هذه الظاهرة الغامضة بأنفسهم.
محاولات تفسير الظاهرة
لا يوجد تفسير علمي مؤكد لظاهرة طنين تاوس. فقد اقترح بعض العلماء أنه قد يكون ناتجا عن النشاط الزلزالي في المنطقة، بينما يعتقد آخرون أنه قد يكون ناتجًا عن تيارات هوائية غريبة. وهناك أيضا من يعتقد أنه قد يكون ظاهرة نفسية أو حتى خارقة للطبيعة.
كذلك تقول أحد التفسيرات الغريبة أن هذا نداء التزاوج بين الأسماك. كما يتحدث بعض المتشككين عن علاقة الأجسام الطائرة المجهولة التي لا مفر منها بالأمر. بالإضافة إلى نظريات حول وجود عمليات عسكرية سرية.
في عام 2016، اعتقدت مجموعة من العلماء الفرنسيين أنهم حلوا المشكلة، وأرجعوا الضوضاء إلى الموجات الزلزالية الدقيقة التي تضغط على قاع البحر وتسبب تأثيرًا قادرًا على الوصول إلى سطح الأرض.
وفي عام 2023، كشف العلماء عن دليل على وجود قرع عالمي واسع النطاق، وهي ظاهرة نجمية يعتقدون أنها ناجمة عن صدى الثقوب السوداء أثناء اندماجها.
وحول هذه الحيرة، يقول فابريس أردوين من المركز الوطني للبحث العلمي، الذي شارك في بعض الدراسات المتعلقة بالظاهرة والتي نشرت في دورية Geophysical Research Letters: "لقد قطعنا خطوة كبيرة في تفسير هذه الإشارة الغامضة ومن أين تأتي وما هي الآلية. ومع ذلك لم نتوصل إلى حل".
خرافات حول الظاهرة
أصبح هذا الطنين هو اللغز المميز لتاوس. ولكن بغض النظر عن تفسيره الحقيقي، فهناك بعض الخرافات التي ارتبطت بعد ذلك بهذه الظاهرة، خاصة بعد اكتشاف أن ليس كل سكان المنطقة يستمعون إليها. هناك من يسمعون هذا الطنين، وآخرون لم يلاحظوه أبدًا.
من هذا المنطلق، انتشرت خرافة أن أولئك الذين يسمعون الطنين من المفترض أن يتم طردهم من المدينة بسبب ذلك. بينما انتشرت نظرية أخرى تقول إن من يسمعون إليها محظوظون، لأنها تأملية، مثل الهدية التي تجذبك وتريح أعصابك.
حقائق مثيرة عن طنين تاوس
. تم الإبلاغ عن سماع الطنين لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر.
. لا يوجد إجماع علمي حول مصدر الطنين.
. يعتقد بعض الناس أن الطنين له تأثير سلبي على الصحة، بينما يعتقد البعض الآخر أنه لا ضرر منه.
. أصبحت ظاهرة طنين تاوس موضوعًا للعديد من الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية.
مناطق أخرى تعاني من الظاهرة
لم يكن أهل تاوس وحدهم الذين يعانون من مثل هذا النشاز المستمر والمحير. ففي سبعينيات القرن العشرين، حدث همهمة مماثلة في مدينة بريستول البريطانية، مما أدى إلى إبقاء الناس مستيقظين أثناء الليل، لدرجة أنهم اشتكوا أيضًا إلى مجلسهم المحلي.
انتشرت أخبار حول هذه الظاهرة الغريبة عبر صفحات صحيفة صنداي ميرور في عام 1977 ، وكما حدث في تاوس، أغرق القراء في جميع أنحاء المملكة المتحدة الصحيفة بتقارير تشرح بالتفصيل معاناتهم مع الصوت.
كذلك كان الوضع في مدينة لارجس الساحلية في اسكتلندا، حيث بدأ سكانها الاستماع إلى هذه الأصوات الغريبة منذ الثمانينيات. في حين ظهرت تقارير عن ضجيج مماثل في وايتهيل، اسكتلندا في عام 2001. كما يتذكر الأشخاص الذين يعيشون في كل من ليدز ومانشستر أنهم سمعوا أصواتًا على مر السنين، تشبه الرنين.
ومنذ ذلك الحين، جاءت الأدلة على وجود طنين مسموع من جميع أنحاء العالم، من أستراليا إلى كندا إلى ألمانيا إلى نيوزيلندا، ومؤخرًا من سانت لويس بولاية ميسوري. وعلى الأخص في الولايات المتحدة، قيل إن الضوضاء في كوكومو بولاية إنديانا تسبب للسكان الصداع والإسهال ونزيف الأنف.