علم الفِراسة ولغة الجسد

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
لغة الجسد لغة لاتعرف الكذب
نصائح للتعبير عن الثقة بالنفس من خلال لغة الجسد
لغة الجسد تكشف أسرارك.. 5 نصائح لتجنب إرسال الإشارات الخاطئة

اتصلت صفة الفِراسة عند العرب بالذكاء والدهاء، فهي قدرة فردية على استكشاف حقائق الأمور من ظواهرها، حيث أنها لا تقتصر على التعرف إلى صفات الإنسان من شكله الخارجي.

بل تتعدى ذلك إلى كل معرفة استدلالية على الحقيقة من خلال ظاهر موضوعها.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

لكن العصر الحديث عرف علماً أكثر تخصصاً هو لغة الجسد، الذي يتعلق فقط بإدراك حقيقة الانفعالات الإنسانية من خلال الحركات المنعكسة على الجسد.

فما الفرق بين الفِراسة ولغة الجسد؟، وما الذي يجب أن تعرفه عنهما؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا البحث.

تعريف ومعنى الفِراسة في اللغة والاصطلاح

الفِراسة بكسر الفاء كما جاءت في معجم مختار الصحاح للرازي:

هي من قولك تفرّستُ فيه خيراً، وهو يتفرس أي يتثبت وينظر، فيقال فارسُ النظر، وفي الحديث الشريف "اتقوا فِراسة المؤمن"، أما الفَراسة بفتح الفاء فهي من الفروسية والفروسة مصدر قولك فارس على الخيل.

كما جاء معنى الفِراسة في معجم المعاني الجامع؛

أن الفِراسة هي المهارة في تعرُّف بواطن الأمور من ظواهرها وفي الحديث الشريف "اتَّقوا فِراسةَ المؤمن فإنَّه ينظر بنور الله".

كما يأتي تعريف الفِراسة للشيخ محمد ابن أبي طالب الأنصاري شيخ الربوة الدمشقي في كتابه علم الفراسة من القرن الخامس عشر الميلادي؛ أن هذا العلم على قسمين:

"أحدهما أن يحصل خاطر من القلب أن هذا الإنسان كيت وكيت، من غير حصول إمارةٍ جسمانية أو علامة محسوسة"، أما القسم الثاني "الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الأخلاق الباطنة، وهو علم يقيني الأصول ظني الفروع".

أما في اللغة الإنجليزية، يقابل الفِراسة مصطلح (Physiognomy)، الذي يعني تقييم الشخص من خلال مظهره الخارجي، كشكل الوجه.

الفرق بين (الفِراسة) و (Physiognomy)

يعود الاستدلال على الشخصية من المظهر الجسدي إلى عهود قديمة، فقد اهتم الإغريقيون بهذا الفن، كذلك الهنود والصينيون القدامى، ثم العرب والأوروبيون، إلى أن أصبح العالم كله مهتماً بما صار يُعرف (Physiognomy).

أو لغة الجسد (Body Language)، أو السيميائية، وفيما يلي أهم الفروق بينهما:

  • يعتبر التعريف العربي للفِراسة أكثر شمولاً من التعريف الإنجليزي فيسيوجنومي (Physiognomy)،حيث اتصلت الفِراسة العربية بالدهاء والذكاء؛ فلا يكفي للمرء أن يحفظ أشكال الأعضاء ودلالة كل منها لتطلق عليه صفة الفِراسة، لكن يجب أن يتمتع بالقدرة على الاستدلال على الحقيقة من المظهر في كل شيء.
  • إلا أن المفهوم بالإنجليزية (Physiognomy) يقتصر على ما يتعلق بالجسد فقط، كما أن هذه الصفة ترفع من منزلة صاحبها عند العرب، في حين ارتبط بالمشعوذين والسحرة لدى الأوروبيين في القرون الوسطى.

الفرق بين الفِراسة ولغة الجسد

  • تبحث الفِراسة في الأشكال الثابتة للجسد، كدلالة شكل العين، أو دلالة الأنف المعقوف ...إلخ، إضافة أن العرب استخدموا الفِراسة في معرفة النسب، من خلال تحليل السمات الثابتة لكل قبيلة أو جماعة، كما استخدموها في معرفة الكاذب من الصادق، والشجاع من الجبان.
  • من جهة أخرى، تبحث لغة الجسد (Body Language) في الحركة الانفعالية التي تُظهرها أجسادنا كانعكاس مباشر لما نشعر به، حيث تصبح هذه الانفعالات مرآة للحقيقة، حتى إن حاول الإنسان إخفاءها، كما تعتبر الفِراسة متقدمة على لغة الجسد من حيث هي أعم، في حين حظيت لغة الجسد بالكثير من الاهتمام والتوثيق حول العالم، وهي بمجملها دراسات تجريبية تتبع منهج الملاحظة.
  • في النهاية يتصل المفهومان ببعضهما اتصالاً عضوياً، حيث يكمن الاختلاف الأساسي بأسبقية الفِراسة على لغة الجسد، إضافة لتوثيق لغة الجسد من خلال الأبحاث والدراسات أكثر مما عرفته الفِراسة، لكن المفهومين يفضيان إلى بعضهما حتى يصعب الفضل بينهما بشكل نهائي.

لغة الجسد تُقرأ ولا تُكتب

وهذه قاعدة ذهبية، حيث أن الإنسان لا يستطيع أن يخفي أيًّا من مشاعره، لأن جسده يبوح بكل الانفعالات التي تنتابه، حتى وإن حاول إخفاء غضبه، سيعطي جسده إشارات تدل على إخفاء الغضب.

لذلك تقوم دراسة لغة الجسد ليتمكن الطالب من قراءة الأشخاص الذين يتعامل معهم من خلال أجسادهم

لكنه لا يستطيع أن يغير من انفعالاته الشخصية، أو من انعكاس تلك الانفعالات على مظهره الخارجي، حث تجد أن بعض المذيعين أو المحاضرين الذين خضعوا لهذه التدريبات.

تبدو حركاتهم مصطنعة لأنهم يحاولون استخدام ما تعلموه للإيحاء بما يريدون، في حين يجب أن يكون الإيحاء طبيعياً، لأن الهدف هو قراءة لغة الأجساد، لا كتابتها.

بعض الإشارات الأساسية في الفِراسة ولغة الجسد

دلالات الوجه في علم الفراسة

يقسم إبراهيم الفقي الوجوه لخمسة أصناف في كتابه (احتراف فن الفراسة):

  1. الوجه المربع أو الحديدي: حيث يساوي عرض الفكين لعرض الوجنتين، إذا كنت من أصحاب هذا الوجه؛ فأنت شخص قيادي وطموح، محب للنظام، لكنك سريع الانفعال، إلا أنك تجمع بين الشدة واللين، وتستطيع تكوين الكثير من الصداقات.
  2. الوجه الرفيع أو الملكي: الوجه النحيف مع العيون الغائرة والنظرة الحادة، أصحاب هذا الوجه أيضاً يتميزون بالقيادية، كما أنهم يتميزون بإصرارهم على بلوغ أهدافهم، على الرغم من أنهم يتأثرون كثيراً بالمعيقات من حولهم.
  3. الوجه البيضاوي: عريض الوسط والخدين وضيق الذقن نسبة للجبهة، يتمتع هذا الصنف بشخصية رومانسية، لكن للأسف قلما يستطيع تكوين علاقات ناجحة، كما يميل إلى العزلة.
  4. الوجه المثلث أو الجبلي: عقلاني، ذو ذهن حاد، يحاسب نفسه على أخطائه، كما أنه شخص متحمس في العمل.
  5. الوجه المستدير أو القمري: إذا كان وجهك مستديراً، فأنت من الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة على التأقلم السريع مع المشكلات والمستجدات، كما أن لديك قدرة متميزة على الإقناع، إلا أنك سريع الغضب وسريع الملل أيضاً.

دلالات الفراسة من الإشارات الانفعالية

نقصد بالإشارات الانفعالية الحركات التي يقوم به الجسد لا إرادياً؛ فتعكس حقيقة ما يدور في ذهن صاحبها، ومن أهمها:

  1. الكذب: عندما يحك الشخص أنفه أثناء الحديث، كما يحاول ألا يلتقي نظره بنظر محدثه، فهو يحاول إخفاء حقيقة ما، إضافة إلى الإشارات الباطنية التي لا يمكن اكتشافها دون أجهزة كشف الكذب، كتغير معدل ضربات القلب، والإفرازات الهرمونية.
  2. الارتباك: وضع اليد فوق الجبين أثناء الحديث يعبر عن ارتباك المتحدث، إضافة إلى لجوء الشخص إلى بعض حيل كسب الوقت، كتنظيف النظارة، أو إشعال سيجارة.
  3. عدم الموافقة: عندما لا يكون الشخص مقتنعاً بالحديث الذي يدور حوله، قد يلجأ لوضع يده على فمه مغلقاً فمه بالكامل، فهو بذلك يتجنب النقاش، أو قد ينظر من خلف النظارة؛ فتلك النظرة تدل على عدم القناعة والاستعداد للمحاكمة.
  4. الانتباه: عندما يسند الشخص ذقنه بقبضته بحيث يكون الإبهام تحت الذقن، فهو متعمق في الحديث ويفكر به حقاً، كما أن تمسيد الذقن يعني أن الشخص يفكر ويستعد لتقييم الموقف، أما إذا بدأ بالنظر حوله، أو إلى ساعته، ربما يعبث بسلسلة أو قلم؛ فهذا يعني أنه فقد انتباهه ولم يعد مهتماً بالحديث.

دلالات المصافحة في علم الفراسة

عندما تقابل أحدهم للمرة الأولى، وتصافحه؛ فتستطيع تحديد موقفه منك من خلال أسلوب مصافحته، كما تستطيع تكوين صورة أولية عن شخصيته من خلال الإشارات التالية:

  1. اليد المسيطرة: تكون المصافحة في هذه الحالة، بالإمساك بكامل راحة اليد، بحيث يكون ظهر اليد إلى أعلى، وتدل على السيطرة الكاملة على الطرف الآخر، كما يزيد من هذا الشعور وضع راحة اليد الثانية فوق اليدين المتصافحتين، في حين تسمى المصافحة بالنسبة لليد التي إلى الأسفل "المصافحة المطيعة".
  2. المصافحة المتساوية: تكون الراحتان عموديتان، وتدل على توازن بين المتصافحين، إضافة إلى احترام متبادل.
  3. القفاز: وتكون الراحتان عموديتان إضافة إلى استخدام الراحة الثانية لتغطية الأولى، وهي مصافحة حميمية تدل على المحبة والاحترام.
  4. السمكة الميتة: وهي مقبولة من النساء أكثر من الرجال، حيث يكون ظهر اليد إلى الأعلى وتتم المصافحة بالأصابع فقط.
  5. اليد الحديدة: حيث يتم الضغط بشدة على يد الطرف الآخر، وهي تعبر عن عدوانية شديدة.

دلالات الهيئة العامة للجسد في علم الفراسة

وتشمل شكل الوقوف والجلوس:

  1. الجلوس: الجلوس المستقيم مع بقاء القدمين ثابتتين على الأرض، ينم عن ثقة بالنفس، أما الجلوس مع وضع الرأس بين الكفين أو سنده بالقبضتين، إضافة إلى إسناد الأكواع إلى الفخذين؛ فيدل على حالة من الحزن وعدم الرغبة في الاستمرار بالجلسة، في حين يعبر هز الرجلين أثناء الجلوس عن التوتر، أما الجلوس بعكس الكرسي بحيث يكون الجسد مستنداً إلى ظهر الكرسي؛ فيعبر عن السيطرة والقوة، كما أن الجلوس على حافة الكرسي يعبر عن القلق.
  2. الوقوف: الوقوف بشكل مستقيم مع وضع اليدين خلف الظهر، يشير إلى ثقة كبيرة بالنفس، كما أن المشي بهذه الوضعية يدل على شجاعة كبيرة، أما إذا أمسك الشخص بساعده أو برسغه خلف ظهره فهذا يدل على العكس، حيث يدل على التوتر والإحباط، من جهة أخرى الوقوف مع وضع اليد في الجيوب الخلفية يدل على محاولة لإخفاء السيطرة، أما وضعها في الجيوب الأمامية مع إبقاء الباهم خارجاً؛ فيدل على الاستعداد للقيادة والسيطرة، في حين أن تشابك اليدين أمام الجسد على طولهما، يعني البحث عن الأمان، أما تشابك الذراعين على الصدر والإمساك بالأكواع فيدل على العدائية، وعدم الرغبة في النقاش.

ختاماً.. هناك العديد من الإشارات الجسدية الأخرى التي تدل على ما يدور في ذهن الإنسان، حيث أن لكل عضو من الأعضاء طريقته في التعبير عن حقيقة ما يدور في أذهاننا.

لكن هذه الإشارات واضحة عموماً، حيث يستطيع الإنسان دون اللجوء إلى الكثير من الدراسة، أن يميز الغاضب أو الحزين، من خلال الإشارات الجسدية التي يبعث بها محدثه.

في حين يضطر رجال الأعمال والساسة، كذلك المحققون إلى الخوض أكثر في التفاصيل الدقيقة لتلك الإشارات، بما يخدم طبيعة عملهم.