قصائد جرير في الغزل مكتوبة كاملة
قصيدة ألا بكرت سلمى فجد بكورها
قصيدة ألا أيها القلب الطروب المكلف
قصيدة إذا أولى النجوم بدت فغارت
قصيدة طربت وما هذا الصبا والتكالف
قصيدة أسرى لخالدة الخيال ولا أرى
جرير بن عطية بن حذيفة اليربوعي، يعد من أشعر أهل عصره ووُلد جرير وتوفي في اليمامة واشتهر بشعر الهجاء وخاصة الهجاء المتبادل بينه وبين الفرزدق، كما عاشت على مر العصور قصائد جرير في الغزل لبلاغتها وصورها الشعرية الرائعة. وفي هذا المقال نستعرض أجمل قصائد جرير في الغزل مكتوبة كاملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة ألا بكرت سلمى فجد بكورها
قصيدة ألا بكرت سلمى فجد بكورها من أجمل قصائد جرير في الغزل، وتقول:
أَلا بَكَرَت سَلمى فَجَدَّ بُكورُها وَشَقَّ العَصا بَعدَ اجتِماعٍ أَميرُها
إِذا نَحنُ قُلنا قَد تَبايَنَتِ النَوى، تُرَقرِقُ سَلمى عَبرَةً أَو تُميرُها
لَها قَصَبٌ رَيّانُ قَد شَجِيَت بِهِ، خَلاخيلُ سَلمى المُصمَتاتُ وَسورُها
إِذا نَحنُ لَم نَملِك لِسَلمى زِيارَةً، نَفِسنا جَدا سَلمى عَلى مَن يَزورُها
فَهَل تُبلِغَنّي الحاجَ مَضبورَةُ القَرا، بَطيءٌ بِمَورِ الناعِجاتِ فُتورُها
نَجاةٌ يَصِلُّ المَروُ تَحتَ أَظَلِّها، بِلاحِقَةِ الأَظلالِ حامٍ هَجيرُها
أَلا لَيتَ شِعري عَن سَليطٍ أَلَم تَجِد، سَليطٌ سِوى غَسّانَ جاراً يُجيرُها
لَقَد ضَمَّنوا الأَحسابَ صاحِبَ سَوأَةٍ، يُناجي بِها نَفساً لَئيماً ضَميرُها
سَتَعلَمُ ما يُغني حُكَيمٌ وَمَنقَعٌ، إِذا الحَربُ لَم يَرجِع بِصُلحٍ سَفيرُها
أَلا ساءَ ما تُبلي سَليطٌ إِذا رَبَت، جَواشِنُها وَاِزدادَ عَرضاً ظُهورُها
عَضاريطُ يَشوُونَ الفَراسِنَ بِالضُحى، إِذا ما السَرايا حَثَّ رَكضاً مُغيرُها
فَما في سَليطٍ فارِسٌ ذو حَفيظَةٍ، وَمَعقِلُها يَومَ الهِياجِ جُعورُها
أَضِجّوا الرَوايا بِالمَزادِ فَإِنَّكُم سَتُكفَونَ كَرَّ الخَيلِ تَدمى نُحورُها
عَجِبتُ مِنَ الداعي جُحَيشاً وَسائِداً وَعَيساءُ يَسعى بِالعِلابِ نَفيرُها
أَساعِيَةٌ عَيسَءُ وَالضَأنُ حُفَّلٌ، فَما حاوَلَت عَيساءُ أَم ما عَذيرُها
إِذا ما تَعاظَمتُم جُعوراً فَشَرِّفوا، جُحَيشاً إِذا أبت مِنَ الصَيفِ عيرُها
أُناساً يَخالونَ العَباءَةَ فيهِمُ، قَطيفَةَ مِرعِزّى يُقَلَّبُ نيرُها
إِذا قيلَ رَكبٌ مِن سَليطٍ فَقُبِّحَت، رِكاباً وَرُكباناً لَئيماً بَشيرُها
نَهَيتُكُمُ أَن تَركَبوا ذاتَ ناطِحٍ، مِنَ الحَربِ يُلوى بِالرِداءِ نَذيرُها
وَما بِكُمُ صَبرٌ عَلى مَشرَفِيَّةٍ، تَعَضُّ فِراخَ الهامِ أَو تَسطِيُرها
تَمَنَّيتُمُ أَن تَسلُبوا القاعَ أَهلَهُ، كَذاكَ المُنى غَرَّت جُحَيشاً غُرورُها
وَقَد كانَ في بَقعاءِ رِيٌّ لِشائِكُم، وَتَلعَةَ وَالجَوباءُ يَجري غَديرُها
تَناهَوا وَلا تَستَورِدوا مَشرَفِيَّةً، تُطيرُ شُؤونَ الهامِ مِنها ذُكورُها
كَأَنَّ السَليطيِّينَ أَنقاضُ كَمأَةٍ، لِأَوَّلِ جانٍ بِالعَصا يَستَثيرُها
غَضِبتُم عَلَيها أَو تَغَنَّيتُمُ بِها، أَنِ اِخضَرَّ مِن بَطنِ التِلاعِ غَميرُها
فَلَو كانَ حِلمٌ نافِعٌ في مُقَلَّدٍ، لَما وَغِرَت مِن غَيرِ جُرمٍ صُدورُها
بَنو الخَطَفى وَالخَيلُ أَيّامَ سوفَةٍ، جَلَوا عَنكُمُ الظَلماءَ وَاِنشَقَّ نورُها
وَفي بِئرِ حِصنٍ أَدرَكَتها حَفيظَةٌ، وَقَد رُدَّ فيها مَرَّتَينِ حَفيرُها
فَجِئنا وَقَد عادَت مَراعاً وَبَرَّكَت، عَلَيها مَخاضٌ لَم تَجِد مَن يُثيرُها
لَئِن ضَلَّ يَوماً بِالمُجَشَّرِ رَأيُهُ، وَكانَ لِعَوفٍ حاسِداً لا يَضيرُها
فَأَولى وَأَولى أَن أُصيبَ مُقَلَّداً، بِغاشِيَةِ العَدوى سَريعٍ نُشورُها
لَقَد جُرِّدَت يَومَ الحِدابِ نِسائُهُم، فَساءَت مَجاليها وَقَلَّت مُهورُها
قصيدة ذكرت ثرى نواظر والخزامى
ذَكَرتَ ثَرى نَواظِرَ وَالخُزامى، فَكادَ القَلبُ يَنصَدِعُ اِنصِداعا
أُلامُ عَلى الصَبابَةِ وَالمَهارى، تَحِنُّ إِذا تَذَكَّرَتِ النِزاعا
رَأَينَ تَغَيُّري فَذُعِرنَ مِنهُ، كَذُعرِ الفارِسِ البَقَرَ الرِتاعا
كَأَنَّ الرَحلَ فَوقَ قَرا جَفولٍ، أَقامَ الماتِحانِ لَهُ الشِراعا
ذَكَرتُ إِذا نَظَرتُ إِلى يَدَيها، يَدَي عَسراءَ شَمَّرَتِ القِناعا
سَما عَبدُ العَزيزِ إِلى المَعالي، وَفاتَ العالَمينَ نَدىً وَباعا
أَلَستَ اِبنَ الأَئِمَّةِ مِن قُرَيشٍ، وَأَرحَبَها بِمَكرُمَةٍ ذِراعا
فَقَد أَوصى الوَليدُ أَخا حِفاظٍ، فَما نَسِيَ الوَصاةَ وَلا أَضاعا
إِذا جَدَّ الرَحيلُ بِنا فَرُحنا، فَنَسأَلُ ذا الجَلالِ بِكَ المَتاعا
قصيدة ألا أيها القلب الطروب المكلف
قصيدة ألا أيها القلب الطروب المكلف، من أشهر قصائد جرير في الغزل، وتقول:
أَلا أَيُّها القَلبُ الطَروبُ المُكَلَّفُ، أَفِق رُبَّما يَنأى هَواكَ وَيُسعِفُ، ظَلِلتَ وَقَد خَبَّرتَ أَن لَستَ جازِعاً
لِرَبعٍ بِسَلمانينَ عَينُكَ تَذرِفُ وَتَزعُمُ أَنَّ البَينَ لا يَشعَفُ الفَتى، بَلى مِثلَ بَيني يَومَ لُبنانَ يَشعَفُ
وَطالَ حِذاري غُربَةَ البَينِ وَالنَوى وَأُحدوثَةٌ مِن كاشِحٍ يَتَقَوَّفُ وَلَو عَلِمَت عِلمي أُمامَةُ كَذَّبَت
مَقالَةَ مَن يَنعى عَلَيَّ وَيَعنُفُ، بِأَهلِيَ أَهلُ الدارِ إِذ يَسكُنونَها وَجادَكِ مِن دارٍ رَبيعٌ وَصَيِّفُ
سَمِعتُ الحَمامَ الوُرقَ في رَونَقِ الضُحى، بِذي السِدرِ مِن وادي المَراضَينِ تَهتِفُ
نَظَرتُ وَرائي نَظرَةً قادَها الهَوى، وَأُلحي المَهارى يَومَ عُسفانَ تَرجُفُ، تَرى العِرمِسَ الوَجناءَ يَدمى أَظَلُّها
وَتُحذى نِعالاً وَالمَناسِمُ رُعَّفُ، مَدَدنا لِذاتِ البَغيِ حَتّى تَقَطَّعَت، أَزابِيُّها وَالشَدقَمِيُّ المُعَلَّفُ
ضَرَحنَ حَصى المَعزاءِ حَتّى عُيونُها، مُهَجِّجَةٌ أَبصارُهُنَّ وَذُرَّفُ، كَأَنَّ دِياراً بَينَ أَسنِمَةِ النَقا
وَبَينَ هَذاليلِ النَحيزَةِ مُصحَفُ، فَلَستُ بِناسٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ وَلا ما ثَوى بَينَ الجَناحَينِ زَفزَفُ
دِياراً مِنَ الحَيِّ الَّذينَ نُحِبُّهُم، زَمانَ القِرى وَالصارِخُ المُتَلَهِّفُ، هُمُ الحَيُّ يَربوعٌ تَعادى جِيادُهُم
عَلى الثَغرِ وَالكافونَ ما يُتَخَوَّفُ، عَلَيهِم مِنَ الماذِيِّ كُلُّ مُفاضَةٍ، دِلاصٍ لَها ذَيلٌ حَصينٌ وَرَفرَفُ
وَلا يَستَوي عَقرُ الكَزومِ بِصَوأَرٍ، وَذو التاجِ تَحتَ الرايَةِ المُتَسَيِّفُ، وَمَولى تَميمٍ حينَ يَأوي إِلَيهِمُ
وَإِن كانَ فيهِم ثَروَةُ العِزِّ مُنصِفُ، بَني مالِكٍ جاءَ القُيونُ بِمُقرِفٍ، إِلى سابِقٍ يَجري وَلا يَتَكَلَّفُ
وَما شَهِدَت يَومَ الإِيادِ مُجاشِعٌ، وَذا نَجَبٍ يَومَ الأَسِنَّةِ تَرعَفُ، فَوارِسُنا الحُوّاطُ وَالسَرحُ دونَهُم
وَأَردافُنا المَحبُوُّ وَالمُتَنَصَّفُ، لَقَد مُدَّ لِلقَينِ الرِهانُ فَرَدَّهُ، عَنِ المَجدِ عِرقٌ مِن قُفَيرَةَ مُقرِفُ
لَحى اللَهُ مَن يَنبو الحُسامُ بِكَفِّهِ، وَمَن يَلِجُ الماخورَ في الحِجلِ يَرسُفُ، تَرَفَّقتَ بِالكيرَينَ قَينَ مُجاشِعٍ
وَأَنتَ بِهَزِّ المَشرَفِيَّةِ أَعنَفُ، وَتُنكِرُ هَزَّ المَشرَفِيِّ يَمينُهُ وَيَعرِفُ كَفَّيهِ الإِناءُ المُكَتَّفُ
وَلَو كُنتَ مِنّا يا اِبنَ شِعرَةَ ما نَبا، بِكَفَّيكَ مَصقولُ الحَديدَةِ مُرهَفُ، عَرَفتُم لَنا الغُرَّ السَوابِقَ قَبلَكُم
وَكانَ لِقَينَيكَ السُكَيتُ المُخَلَّفُ، نُعِضُّ المُلوكَ الدارِعينَ سُيوفُنا وَدَفُّكَ مِن نَفّاخَةِ الكيرِ أَجنَفُ
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَخزى مُجاشِعاً، إِذا ضَمَّ أَفواجَ الحَجيجِ المُعَرَّفُ وَيَومَ مِنىً نادَت قُرَيشٌ بِغَدرِهِم
وَيَومَ الهَدايا في المَشاعِرِ عُكَّفُ، وَيُبغِضُ سِترُ البَيتِ آلَ مُجاشِعٍ، وَحُجّابُهُ وَالعابِدُ المُتَطَوِّفُ
وَكانَ حَديثَ الرَكبِ غَدرُ مُجاشِعٍ، إِذا اِنحَدَروا مِن نَخلَتَينِ وَأَوجَفوا وَإِنَّ الحَوارِيَّ الَّذي غَرَّ حَبلُكُم
لَهُ البَدرُ كابٍ وَالكَواكِبُ كُسَّفُ، وَلَو في بَني سَعدٍ نَزَلتَ لَما عَصَت، عَوانِدُ في جَوفِ الحَوارِيِّ نُزَّفُ
فَلَستَ بِوافٍ بِالزُبَيرِ وَرَحلِهِ، وَلا أَنتَ بِالسيدانِ بِالحَقِّ تُنصِفُ، بَنو مِنقَرٍ جَرّوا فَتاةَ مُجاشِعٍ
وَشَدَّ اِبنُ ذَيّالٍ وَخَيلُكَ وُقَّفُ، فَباتَت تُنادي غالِباً وَكَأَنَّها عَلى الرَضفِ مِن جَمرِ الكَوانينِ تُرضَفُ
وَهُم كَلَّفوها الرَملَ رَملَ مُعَبِّرٍ، تَقولُ أَهَذا مَشيُ حُردٍ تَلَقُّفُ وَإِنّي لَتَبتَزُّ المُلوكَ فَوارِسي
إِذا غَرَّهُم ذو المِرجَلِ المُتَجَخِّفُ، أَلَم تَرَ تَيمٌ كَيفَ يَرمي مُجاشِعاً، شَديدُ حِبالِ المِنجَنيقَينِ مِقذَفُ
عَجِبتُ لِصِهرٍ ساقَكُم آلَ دِرهَمٍ، إِلى صِهرِ أَقوامٍ يُلامُ وَيُصلَفُ، لَئيمانِ هاذي يَدَّعيها اِبنُ دِرهَمٍ
وَهاذا اِبنُ قَينٍ جِلدُهُ يَتَوَسَّفُ، وَحالَفتُمُ لِلُؤمِ يا آلَ دِرهَمٍ، حِلافَ النَصارى دينَ مَن يَتَحَنَّفُ
أَتَمدَحُ سَعداً حينَ أَخزَت مُجاشِعاً، عَقيرَةُ سَعدٍ وَالخِباءُ مُكَشَّفُ، نَفاكَ حَجيجُ البَيتِ عَن كُلِّ مَشعَرٍ
كَما رُدَّ ذو النُمِّيَّتَينِ المُزَيَّفُ، وَما زِلتَ مَوقوفاً عَلى بابِ سَوءَةٍ وَأَنتَ بِدارِ المُخزِياتِ مُوَقَّفُ
أَلُؤماً وَإِقراراً عَلى كُلِّ سَوءَةٍ، فَما لِلمَخازي عَن قُفَيرَةَ مَصرَفُ، أَلَم تَرَ أَنَّ النَبعَ يَصلُبُ عودُهُ
وَلا يَستَوي وَالخِروَعُ المُتَقَصِّفُ، وَما يَحمَدُ الرَضيافُ رِفدَ مُجاشِعٍ، إِذا رَوَّحَت حَنانَةُ الريحِ حَرجَفُ
إِذا الشَولُ راحَت وَالقَريعُ أَمامَها، وَهُنَّ ضَئيلاتُ العَرائِكِ شُسَّفُ وَقائِلَةٍ ما لِلفَرَزدَقِ لا يُرى
عَلى السِنِّ يَستَغني وَلا يَتَعَفَّفُ، يَقولونَ كَلّا لَيسَ لِلقَينِ غالِبٌ، بَلى إِنَّ ضَربَ القَينِ بِالقَينِ يُعرَفُ
أَخو اللُؤمِ ما دامَ الغَضا حَولَ عَجلَزٍ، وَما دامَ يُسقى في رَمادانَ أَحقَفُ، إِذا ذُقتَ مِنّي طَعمَ حَربٍ مَريرَةٍ
عَطَفتُ عَلَيكَ الحَربَ وَالحَربُ تُعطَفُ، تَروغُ وَقَد أَخزَوكَ في كُلِّ مَوطِنٍ، كَما راغَ قِردُ الحَرَّةِ المُتَخَذَّفُ
أَتَعدِلُ كَهفاً لا تُرامُ حُصونُهُ، بِهاري المَراقي جولُهُ يَتَقَصَّفُ، تَحوطُ تَميمٌ مَن يَحوطُ حِماهُمُ
وَيَحمي تَميماً مَن لَهُ ذاكَ يُعرَفُ، أَنا اِبنُ أَبي سَعدٍ وَعَمروٍ وَمالِكٍ، أَنا اِبنُ صَميمٍ لا وَشيظٍ تَحَلَّفوا
إِذا خَطَرَت عَمروٌ وَرائي وَأَصبَحَت، قُرومُ بَني بَدرٍ تَسامى وَتَصرِفُ وَلَم أَنسَ مِن سَعدٍ بِقُصوانَ مَشهَداً
وَبِالأُدَمى ما دامَتِ العَينُ تَطرِفُ وَسَعدٌ إِذا صاحَ العَدُوُّ بِسَرحِهِم، أَبَوا أَن يُهَدَّوا لِلصِياحِ فَأَزحَفوا
دِيارُ بَني سَعدٍ وَلا سَعدَ بَعدَهُم، عَفَت غَيرَ أَنقاءِ بِيَبرينَ تَعزِفُ، إِذا نَزَلَت أَسلافُ سَعدٍ بِلادَها
وَأَثقالُ سَعدٍ ظَلَّتِ الأَرضُ تَرجُفُ
قصيدة إذا أولى النجوم بدت فغارت
إِذا أولى النُجومِ بَدَت فَغارَت وَقُلتُ إني مِنَ اللَيلِ اِنتِصافُ
حَسِبتُ النَومَ طارَ مَعَ الثُرَيّا وَما غَلُظَ الفِراشُ وَلا اللِحافُ
أَبا حَفصٍ مَخافَةَ كُلِّ ظُلمٍ، عَلَيكَ وَكَيفَ يَهجَعُ مَن يَخافُ
وَأَدعو اللَهَ فيكَ وَأَن يُجَلّي، عَمايَةَ ما يُزايِلُها اِنكِشافُ
وَأَن يَجِدوكَ إِذ هَزّوكَ صَلتاً، عَفيفاً مِن سَجِيَّتِكَ العَفافُ
قصيدة طربت وما هذا الصبا والتكالف
طَرِبتَ وَما هَذا الصِبا وَالتَكالُفُ وَهَل لِمَهوى إِذ راعَهُ البَينُ صارِفُ، طَرِبتَ بِأَبرادٍ وَذَكَّرَكَ الهَوى
عِراقِيَّةٌ ذِكرٌ لِقَلبِكَ شاعِفُ، تَعُلُّ ذَكِيَّ المِسكِ وَحفاً كَأَنَّهُ، عَناقيدُ ميلٌ لَم يَنَلهُنَّ قاطِفُ
واحذر يَومَ البَينِ أَن يُعرَفَ الهَوى، وَتُبدي الَّذي تُخفي العُيونُ الذَوارِفُ، إِذا قيلَ هَذا البَينُ راجَعتُ عَبرَةً
لَها بِجِرِبّانِ البَنيقَةِ واكِفُ، يَقولُ بِنَعفِ الأَخرَبِيَّةِ صاحِبي، مَتى يَرعَوي غَربُ النَوى المُتَقاذِفُ
وَإِنّي وَإِن كانَت إِلى الشامِ نِيَّتي، يَماني الهَوى أَهلَ المَجازَةِ آلِفُ وَإِنَّ الَّذي بُلِّغتِ رَقّاهُ نِسوَةٌ
نَفِسنَ عَلَيكِ الحُسنَ سودٌ زَحالِفُ وَتُرمى فَتُشويها الرُماةُ وَقَتَّلَت قُلوباً بِنَبلٍ لَم تَشِنها المَراصِفُ
صَرَمتُ اللَواتي كُنَّ يَقتَدنَ ذا الهَوى، شَبيهٌ بِهِنَّ الرَبرَبُ المُتَآلِفُ، طَلَبنا أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ
تَنائِفُ غُبرٌ واصَلَتها تَنائِفُ، بِمائِرَةِ الأَعضادِ إِمّا لِشَدقَمٍ، وَإِمّا بَناتُ الداعِرِيِّ العَلائِفُ
يَخِدنَ بِنا وَخداً وَقَد خَضَبَ الحَصى، مَناسِمُ أَيدي اليَعمَلاتِ الرَواعِفُ، بَلَغنا أَميرَ المُؤمِنينَ وَلَم يَزَل
عَلى عِلَّةٍ فيهِنَّ رَحلٌ وَرادِفُ، وَيَرجوكَ مَن لَم تَستَطِعكَ رِكابُهُ، وَيَرجوكَ ذو حَقٍّ بِبابِكَ ضائِفُ
وَإِنّي لِنُعماكَ الَّتي قَد تَظاهَرَت، وَفَضلِكَ يا خَيرَ البَرِيَّةِ عارِفُ، فَلا الجَهدُ ما عاشَ الخَليفَةُ مُرهِقي
وَلا أَنا لي عِندَ الخَليفَةِ كاسِفُ، إِذا قيلَ شَكوى بِالإِمامِ تَصَدَّعَت، عَلَيهِ مِنَ الخَوفِ القُلوبُ الرَواجِفُ
أَتانا حَديثٌ كانَ لا صَبرَ بَعدَهُ، أَتَت كُلَّ حَيٍّ قَبلَ ذاكَ المَتالِفُ، فَلَمّا دَعَونا لِلخَليفَةِ رَبَّنا
وَكانَ الحَيا تُزجى إِلَيهِ الضَعائِفُ، أَتَتنا لَكَ البُشرى فَقَرَّت عُيونُنا وَدارَت عَلى أَهلِ النِفاقِ المَخاوِفُ
فَأَنتَ لِرَبِّ العالَمينَ خَليفَةٌ، وَلِيٌّ لِعَهدِ اللَهِ بِالحَقِّ عارِفُ، هَداكَ الَّذي يَهدي الخَلائِفَ لِلتُقى
وَأُعطيتَ نَصراً لَم تَنَلهُ الخَلائِفُ، وَأَدَّت إِلَيكَ الهِندُ ما في حُصونِها وَمِن أَرضِ صينِ اِستانُ تُجبى الطَرائِفُ
وَأَرضَ هِرَقلَ قَد قَهَرتَ وَداهِراً، وَتَسعى لَكُم مِن آلِ كِسرى النَواصِفُ وَذَلِكَ مِن فَضلِ الَّذي جَمَّعَت لَهُ
صُفوفُ المُصَلّى وَالهَدِيُّ العَواكِفُ، وَنازَعتَ أَقواماً فَلَمّا قَهَرتَهُم وَأُعطيتَ نَصراً عادَ مِنكَ العَواطِفُ
لَقَد وَجَدوا مِنكُم حِبالاً مَتينَةً، فَذَلّوا وَلانَت لِلقِيادِ السَوالِفُ، وَأَنتَ اِبنُ عيصِ الأَبطَحَينِ وَتَنتَمي
لِفَرعٍ صَميمٍ لَم تَنَلهُ الزَعانِفُ، نَمَتكَ إِلى العُليا فَوارِسُ داحِسٍ وَصيدُ مَنافٍ المُقرَماتُ المَطارِفُ
لَهُ باذِخاتٌ مِن لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ، يُقَصِّرُ عَنها المُدَّعي وَالمُخالِفُ، نَجيبٌ أَريبٌ كانَ جَدُّكَ مُنجِباً
وَأَدَّت إِلَيكَ المُنجِباتُ العَفائِفُ، وَما زالَ مِن آلِ الوَليدِ مُذَبِّبٌ، أَخو ثِقَةٍ عَن كُلُّ ثَغرٍ يُقاذِفُ
قصيدة أسرى لخالدة الخيال ولا أرى
قصيدة أسرى لخالدة الخيال ولا أرى من أجمل قصائد جرير في الغزل، وتقول:
أَسَرى لِخالِدَةَ الخَيالُ وَلا أَرى، طَلَلاً أَحَبَّ مِنَ الخَيالِ الطارِقِ
إِنَّ البَلِيَّةَ مَن يُمَلُّ حَديثُهُ، فَاِنشَح فُؤادَكَ مِن حَديثِ الوامِقِ
أَهواكِ فَوقَ هَوى النُفوسِ وَلَم يَزَل، مُذ بِنتِ قَلبِيَ كَالجَناحِ الخافِقِ
طَرَباً إِلَيكَ وَلَم تُبالي حاجَتي، لَيسَ المُكاذِبُ كَالخَليلِ الصادِقِ
هَل رامَ بَعدَ مَحَلِّنا رَوضُ القَطا، فَرُوَيَّتانِ إِلى غَديرِ الخانِقِ
ما يُقحِمونَ عَلَيَّ مِن مُتَمَرِّدٍ، إِلّا سَبَقتُ فَنِعمَ قَومُ السابِقِ
قصيدة بت أرائي صاحبي تجلدا
بِتُّ أُرائي صاحِبَيَّ تَجَلُّداً وَقَد عَلِقَني مِن هَواكِ عَلوقُ، فَكَيفَ بِها لا الدارُ جامِعَةُ الهَوى
وَلا أَنتَ عَصراً عَن صِباكِ مُفيقُ، أَتَجمَعُ قَلباً بِالعِراقِ فَريقُهُ وَمِنهُ بِأَظلالِ الأَراكِ فَريقُ
كَأَن لَم تَرُقني الرائِحاتُ عَشِيَّةً وَلَم تُمسِ في أَهلِ العِراقِ وَميقُ، أُعالِجُ بَرحاً مِن هَواكِ وَشَفَّني
فُؤادٌ إِذا ما تُذكَرينَ خَفوقُ، أَوانِسُ أَمّا مَن أَرَدنَ عَناءَهُ، فَعانٍ وَمَن أَطلَقنَ فَهوَ طَليقُ
دَعَونَ الهَوى ثُمَّ اِرتَمَينَ قُلوبَنا، بِأَسهُمِ أَعداءَ وَهُنَّ صَديقُ، عَجِبتُ مِنَ الغَيرانِ لَمّا تَدارَكَت
جِمالٌ يُخالِجنَ البُرينَ وَنوقُ، وَمَن يَأمَنُ الحَجّاجُ أَمّا عِقابُهُ، فَمُرٌّ وَأَمّا عَقدُهُ فَوَثيقُ
وَما ذُقتُ طَعمَ النَومِ إِلّا مُفَزَّعاً، وَما ساغَ لي بَينَ الحَيازِمِ ريقُ وَحَمَّلتُ أَثقالي نَجاةً كَأَنَّها
إِذا ضَمَرَت بَعدَ الكَلالِ فَنيقُ، مِنَ الهوجِ مِصلاتاً كَأَنَّ جِرانَها، يَمانٍ نَضا جَفنَينِ فَهوَ دَلوقُ
يُبَيِّنُ لِلنِسعَينِ فَوقَ دُفوفِها، وَفَوقَ مُتونِ الحالِبَينِ طَريقُ، تَرى لِمَجَرِّ النِسعَتَينِ بِجَوزِها
مَوارِدَ حِرمِيٍّ لَهُنَّ طَريقُ، طَوى أُمَّهاتِ الدَرِّ حَتّى كَأَنَّها، فَلافِلُ هِندِيٍّ فَهُنَّ لَصوقُ
إِذا القَومُ قالوا وِردُهُنَّ ضُحى غَدٍ، يُغالَينَ حَتّى وِردُهُنَّ طُروقُ وَخِفتُكَ حَتّى اِستَنزَلَتني مَخافَتي
وَقَد حالَ دوني مِن عَمايَةَ نيقُ، يُسِرُّ لَكَ البَغضاءَ كُلُّ مُنافِقٍ، كَما كُلُّ ذي دينٍ عَلَيكَ شَفيقُ
وَأَطفَأتَ نيرانَ العِراقِ وَقَد عَلا، لَهُنَّ دُخانٌ ساطِعٌ وَحَريقُ وَإِنَّ اِمرَأً يَرجو الغُلولَ وَقَد رَأى
نِكالَكَ فيما قَد مَضى لَسَروقُ، وَأَنتَ لَنا نورٌ وَغَيثٌ وَعِصمَةٌ وَنَبتٌ لِمَن يَرجو نَداكَ وَريقُ
أَلا رُبَّ عاصٍ ظالِمٍ قَد تَرَكتَهُ، لِأَوداجِهِ المُستَنزِفاتِ شَهيقُ
قصيدة ألا حي دار الهاجرية بالزرق
أَلا حَيِّ دارَ الهاجِرِيَّةِ بِالزُرقِ وَأَحبِب بِها داراً عَلى البُعدِ وَالسُحقِ
سَقَتكِ الغَوادي هَل بِرَبعِكِ قاطِنٌ، أَمِ الحَيُّ ساروا نَحوَ فَيحانَ فَالعَمقِ
فَقَد كُنتِ إِذ لَيلى تَحُلُّكِ مَرَّةً، لَنا بِكِ شَوقٌ غَيرُ طَرقٍ وَلا رَنقِ
أَلا قُل لِبَرّادٍ إِذا ما لَقيتَهُ، وَبَيِّن لَهُ إِنَّ البَيانَ مِنَ الصِدقِ
أَحَقٌّ بَلاغاتٌ أَتَتني مَشابِهاً، وَبَيِّن لَهُ إِنَّ البَيانَ مِنَ الصِدقِ
فَإِيّاكَ لا تَبدُر إِلَيكَ قَصيدَةٌ، تُغَنّي بِها الرُكبانُ في الغَربِ وَالشَرقِ
فَلَولا أَبو زَيدٍ وَزَيدٌ أَكَلتُمُ، جَنى ما اِجتَنَيتُم مِن مَريرٍ وَمِن حَذقِ
بَني أَرقَمٍ لا توعِدوني فَإِنَّني أَرى لَكُمُ حَقّاً فَلا تَجهَلوا حَقّي
وَرُبّوا الَّذي بَيني وَبَينَ قَديمِكُم وَكُفّوا الأَذى عَنّي يَلِن لَكُمُ خُلقي
فَإِنّي لَسَهلٌ لِلصَديقِ مُلاطِفٌ، وَلِلكاشِحِ العادي شَجاً داخِلَ الحَلقِ
قصيدة أجد رواح القوم أم لا تروح
قصيدة أجد رواح القوم أم لا تروح، أيضاً من أشهر قصائد جرير في الغزل، وتقول:
أَجَدَّ رَواحُ القَومِ أَم لا تَرَوُّحُ، نَعَم كُلُّ مَن يُعنى بِجُملٍ مُتَرَّحُ، إِذا اِبتَسَمَت أَبدَت غُروباً كَأَنَّها
عَوارِضُ مُزنٍ تَستَهِلُّ وَتَلمَحُ، لَقَد هاجَ هَذا الشَوقُ عَيناً مَريضَةً، أَجالَت قَذاً ظَلَّت بِهِ العَينُ تَمرَحُ
بِمُقلَةِ أَقنى يَنفِضُ الطَلَّ باكِرٍ، تَجَلّى الدُجى عَن طَرفِهِ حينَ يُصبِحُ وَأَعطَيتُ عَمرواً مِن أُمامَةَ حُكمَهُ
وَلِلمُشتَري مِنهُ أُمامَةَ أَربَحُ، صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد بَرَّحَت بِهِ وَما كانَ يَلقى مِن تُماضِرَ أَبرَحُ
رَأَيتُ سُلَيمى لا تُبالي الَّذي بِنا، وَلا عَرَضاً مِن حاجَةٍ لا تُسَرَّحُ، إِذا سايَرَت أَسماءُ يَوماً ظَعائِناً
فَأَسماءُ مِن تِلكَ الظَعائِنِ أَملَحُ، ظَلَلنَ حَوالَي خِدرِ أَسماءَ وَاِنتَحى، بِأَسماءَ مَوّارُ المِلاطَينِ أَروَحُ
تَقولُ سُلَيمى لَيسَ في الصَرمِ راحَةٌ، بَلى إِنَّ بَعضَ الصَرمِ أَشفى وَأَروَحُ أُحِبُّكِ إِنَّ الحُبَّ داعِيَةُ الهَوى
وَقَد كادَ ما بَيني وَبَينَكِ يَنزَحُ، أَلا تَزجُرينَ القائِلينَ لِيَ الخَنا، كَما أَنا مَعنِيٌّ وَراءَكِ مُنفِحُ
أَلِمّا عَلى سَلمى فَلَم أَرَ مِثلَها، خَليلَ مُصافاةٍ يُزارُ وَيُمدَحُ وَقَد كانَ قَلبي مِن هَواها وذكره
ذَكَرنا بِها سَلمى عَلى النَأيِ يَفرَحُ، إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً، تَغَيَّرَ مِغيارٌ مِنَ القَومِ أَكلَحُ
فَلِلَّهِ عَينٌ لا تَزالُ لِذِكرِها، عَلى كُلِّ حالٍ تَستَهِلُّ وَتَسفَحُ وَما زالَ عَنّي قائِدُ الشَوقِ وَالهَوى
إِذا جِئتُ حَتّى كادَ يَبدو فَيَفضَحُ، أَصونُ الهَوى مِن رَهبَةٍ أَن تَعُزَّها، عُيونٌ وَأَعداءٌ مِنَ القَومِ كُشَّحُ
فَما بَرِحَ الوَجدُ الَّذي قَد تَلَبَّسَت، بِهِ النَفسُ حَتّى كادَ لِلشَوقِ يَذبَحُ، لَشَتّانَ يَومٌ بَينَ سَجفٍ وَكِلَّةٍ
وَمَرِّ المَطايا تَغتَدي وَتَرَوَّحُ، أَعائِفَنا ماذا تَعيفُ وَقَد مَضَت، بَوارِحُ قُدّامَ المَطِيِّ وَسُنَّحُ
نَقيسُ بَقِيّاتِ النِطافِ عَلى الحَصى، وَهُنَّ عَلى طَيِّ الحَيازيمِ جُنَّحُ، وَيَومٍ مِنَ الجَوزاءِ مُستَوقِدِ الحَصى
تَكادُ صَياصي العَينِ مِنهُ تَصَيَّحُ، شَديدِ اللَظى حامي الوَديقَةِ ريحُهُ، أَشَدُّ أَذىً مِن شَمسِهِ حينَ تصبح
بِأَغبَرَ وَهّاجِ السَمومِ تَرى بِهِ، دُفوفَ المَهارى وَالذَفارى تَنَتَّحُ، نَصَبتُ لَهُ وَجهي وَعَنساً كَأَنَّها
مِنَ الجَهدِ والآساد قَرمٌ مُلَوَّحُ، أَلَم تَعلَمي أَنَّ النَدى مِن خَليقَتي وَكُلُّ أَريبٍ تاجِرٍ يَتَرَبَّحُ
فَلا تَصرِميني أَن تَرَي رَبَّ هَجمَةٍ، يُريحُ بِذَمٍّ ما أَراحَ وَيَسرَحُ، يَراها قَليلاً لا تَسُدَّ فُقورَهُ
عَلى كُلِّ بَثٍّ حاضِرٍ يَتَتَرَّحُ، رَأَت صِرمَةً لِلحَنظَلِيِّ كَأَنَّها، شَظِيُّ القَنا مِنها مُناقٌ وَرُزَّحُ
سَيَكفيكَ وَالأَضيافَ إِن نَزَلوا بِنا، إِذا لَم يَكُن رِسلٌ شِواءٌ مُلَوَّحُ وَجامِعَةٍ لا يُجعَلُ السِترُ دونَها
لِأَضيافِنا وَالفائِزُ المُتَمَنِّحُ، رَكودٍ تَسامى بِالمَحالِ كَأَنَّها شَموسٌ تَذُبُّ القائِدينَ وَتَضرَحُ
إِذا ما تَرامى الغَليُ في حُجُراتِها، تَرى الزَورَ في أَرجائِها يَتَطَوَّحُ، أَلَم يُنهَ عَنّي الناسُ أَن لَستُ ظالِماً
بَرِيّاً وَأَنّي لِلمُتاحينَ مِتيَحُ، فَمِنهُم رَمِيٌّ قَد أُصيبَ فُؤادُهُ، وَآخَرُ لاقى صكه فَمُرَنَّحُ
بَني مالِكٍ أَمسى الفَرَزدَقُ جاحِراً، سُكَيتاً وَبَذَّتهُ خَناذيذُ قُرَّحُ، لَقَد أَحرَزَ الغاياتِ قَبلَ مُجاشِعٍ
فَوارِسُ غُرٌّ وَاِبنُ شعره يَكدَحُ، وَما زالَ فينا سابِقٌ قَد عَلِمتُمُ، يُقَلِّدُ فِعلَ السابِقينَ وَيَمدَحُ
عَلَتكَ أَواذِيٌّ مِنَ البَحرِ فَاِقتَبِض، بِكَفَّيكَ فَاِنظُر أَيَّ لُجَّيهِ تَقدَحُ، لَقَومِيَ أَوفى ذِمَّةً مِن مُجاشِعٍ
وَخَيرٌ إِذا شَلَّ السَوامَ المُصَبِّحُ، تَخِفُّ مَوازينُ الخَناثى مُجاشِعٌ، وَيَثقُلُ ميزاني عَلَيهِم فَيَرجَحُ
فَخَرتُ بِقَيسٍ وَاِفتَخَرتَ بِتَغلِبٍ، فَسَوفَ تَرى أَيَّ الفَريقَينِ أَربَحُ، فَأَمّا النَصارى العابِدونَ صَليبَهُم
فَخابوا وَأَمّا المُسلِمونَ فَأَفلَحوا، أَلَم يَأتِهِم أَنَّ الأُخَيطَلَ قَد هَوى وَطَوَّحَ في مَهواةِ قَومٍ تَطَوُّحُ
تَدارَكَ مَسعاةَ الأُخَيطَلِ لُؤمُهُ، وَظَهرٌ كَظَهرِ القاسِطيَّةِ أَفطَحُ، لَنا كُلَّ عامٍ جِزيَةٌ تَتَّقي بِها
عَلَيكَ وَما تَلقى مِنَ الذُلِّ أَبرَحُ وَما زالَ مَمنوعاً لِقَيسٍ وَخِندِفٍ، حِمىً تَتَخَطّاهُ الخَنازيرُ أَفيَحُ
إِذا أَخَذَت قَيسٌ عَلَيكَ وَخِندِفٌ، بِأَقطارِها لَم تَدرِ مِن أَينَ تَسرَحُ، لَقَد سُلَّ أَسيافُ الهُذَيلِ عَلَيكُمُ
رِقاقَ النَواحي لَيسَ فيهِنَّ مُصفَحُ، وَخاضَت حُجولُ الوِردِ بِالمَرجِ مِنكُمُ، دِماءً وَأَفواهُ الخَنازيرِ كُلَّحُ
لَقيتُم بِأَيدي عامِرٍ مَشرَفِيَّةً، تَعَضُّ بِهامِ الدارِعينَ وَتَجرَحُ بِمُعتَرَكٍ تَهوي لِوَقعِ ظُباتِها
خَذاريفُ هامٍ أَو مَعاصِمُ تُطرَحُ، سَما لَكُمُ الجَحّافُ بِالخَيلِ عَنوَةً وَأَنتَ بِشَطِّ الزابِيَينِ تَنَوَّحُ
عَلَيهِم مُفاضاتُ الحَديدِ كَأَنَّها أَضا يَومَ دَجنٍ في أَجاليدَ ضَحضَحُ وَظَلَّ لَكُم يَومٌ بِسِنجارَ فاضِحٌ
وَيَومٌ بِأَعطانِ الرَحوبَينِ أَفضَحُ، وَضَيَّعتُمُ بِالبِشرِ عَوراتِ نِسوَةٍ، تَكَشَّفَ عَنهُنَّ العَباءُ المُسَيَّحُ
بِذَلِكَ أَحمَينا البِلادَ عَلَيكُمُ، فَما لَكَ في حافاتِها مُتَزَحزَحُ، أَبا مالِكٍ مالَت بِرَأسِكَ نَشوَةٌ
وَعَرَّدتَ إِذ كَبشُ الكَتيبَةِ أَملَحُ، إِذا ما رَأَيتَ الليثَ مِن تَغلِبِيَّةٍ، فَقُبِّحَ ذاكَ الليثُ وَالمُتَوَشَّحُ
تَرى مَحجِراً مِنها إِذا ما تَنَقَّبَت، قَبيحاً وَما تَحتَ النِقابَينِ أَقبَحُ وَلَم تَمسَحِ البَيتَ العَتيقَ أَكُفُّها
وَلَكِن بِقُربانِ الصَليبِ تَمَسَّحُ، يَقِئنَ صُباباتٍ مِنَ الخَمرِ فَوقَها، صَهيرُ خَنازيرِ السَوادِ المُمَلَّحُ
فَما لَكَ في نَجدٍ حَصاةٌ تَعُدُّها وَما لَكَ في غَورَي تِهامَةَ أَبطَحُ