قصائد لسان الدين بن الخطيب مكتوبة كاملة
قصيدة خطب ألم فأذهب الأخ والأبا
قصيدة بشرى يقوم لها الزمان خطيبا
قصيدة وسواس حليك أم هم الرقباء
قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
قصيدة الحمد لله موصولا كما وجبا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد السلماني الخطيب والمعروف باسم لسان الدين بن الخطيب، كان شاعراً وكاتباً وفقيهاً وفيلسوفاً أندلسيا، درس الأدب والطب والفلسفة، وعُرف بلقب ذي الوزارتيْن: الأدب والسيف. ونُقشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وفي هذا المقال ننقل لك أجمل أشعار وقصائد لسان الدين بن الخطيب مكتوبة كاملة.
قصيدة خطب ألم فأذهب الأخ والأبا
خَطْبٌ أَلَمَّ فَأَذْهَبَ الأَخَ وَالأَبَا، رَغْمَاً لأَنْفٍ شَاءَ ذَلِكَ أَوْ أَبَا
قَدَرٌ جَرَى فِي الخَلْقِ لاَ يَجِدُ امْرُؤٌ، عَمَّا بِهِ جَرَتِ المَقَادِرُ مَهْرَبا
أَهْلاً بِمَقْدَمِكَ السَّنِيِّ وَمَرْحَبَا، فَلَقَدْ حَبَانِي اللهُ مِنْكَ بِمَا حَبَا
وَافَيْتَ والدُّنْيَا عَلَيَّ كَأنَّهَا سم الخباط وطرف صبؤي قد كبا
والدهر قد كشف القناع فلم يدع، لِي عُدَّةً لِلْرَوْعِ إلا أَذْهَبَا
صَرَفَ العِنَانَ إِلَيَّ غَيْرَ مُنَكِّبٍ، عَنِّي وَأَثْبَتَ دُونَ ثُغْرَتِيَ الشَّبَا
خَطْبٌ تأَوَّبَنِي يَضِيقُ لِهَوْلِهِ،رَحْبُ الفَضَا وَتَهِي لِمَوْقِعِهِ الرُّبَا
لَوْ كَانَ بِالْوَرْقِ الصَّوَادِحِ فِي الدُّجَى، مَا بِي لَعَاقَ الوَرْقَ عَنْ أَنْ تَنْدُبَا
فَأَنَرْتَ مِنْ ظَلْمَاءِ نَفْسِي مَا دَجَا، وَقَدَحْتَ مِنْ زَنْدِ اصْطِبَارِي مَا خَبَا
فَكَأَنَّني لَعِبَ الهَجِيرُ بِمُهْجَتِي، فِي مَهْمَهٍ وَبَعَثْتَ لِي نَفَسَ الصَّبَا
لاَ كَانَ يَوْمُكَ يَا طَرِيْفُ فَطَالَمَا، أَطْلَعْتَ لِلآمَالِ بَرْقاً خُلَّبَا
وَرَمَيْتَ دِينَ اللهِ مِنكَ بِفَادِحٍ، عَمَّ البَسِيطَةَ مِشْرِقَاً أَوْ مَغْرِبَا
وَخَصَصْتَنِي بالرُّزْءِ وَالثُّكْلِ الذي، أَوْهَى القُوَى مِنِّي وَهَدَّ المَنْكِبَا
لاَ حُسْنَ لِلدُّنْيَا لَدَيَّ وَلا أَرَى، فِي العَيْشِ بَعْدَ أَبِي وَصِنْوي مَأْرَبَا
لَوْلاَ التَعَلُّلَ بِالرَحِيلِ وَأَنَّنَا نُنْضِي مِنَ الأَعْمَارِ فِيهَا مَرْكَبَا
فَإِذَا رَكَضْنَا لِلشَّبِيْبَةِ أَدْهَماً، جَالَ المَشِيبُ بِهِ فَأَصْبَحَ أَشْهَبَا
وَالْمُلْتَقَى كَثِبٌ وَفِي وِرْدِ الرَّدَى، نَهَلَ الوَرَى مَنْ شاءَ ذَلِكَ أَوْ أَبَى
لَجَرَيْتُ طَوْعَ الحُزْنِ دُونَ نِهَايَةٍ، وَذَهَبْتُ مِنْ خَلْعِ التَّصَبُّرِ مَذْهَبَا
وَالصَّبْرُ أَوْلَى مَا اسْتَكَانَ لَهُ الفَتَى، رَغْماً وَحَقُّ العَبْدِ أَنْ يَتَأَدَّبَا
وَإِذَا اعْتَمَدْتَ اللهَ يَوْمَاً مَفْزَعَاً، لَمْ تُلْفِ مِنْهُ سِوَى إِلَيْهِ المَهْرَبَا
قصيدة هي أسعد ما دونهن حجاب
قصيدة هي أسعد ما دونهن حجاب من أشهر قصائد لسان الدين بن الخطيب، وتقول:
هِيَ أَسْعَدُ مَا دُونَهُنَّ حِجَابُ، لا يَنْقَضِي عَدٌّ لَهَا وَحِسَابُ وَبَشائِر ٌتَصِلُ النُّفُوسَ كَأَنَّمَا
بَيْنَ النُّفُوسِ وَبَيْنَهَا أَنْسَابُ، تَأْتِي عَلَى قَدَرٍ فَيَخْلُفُ بَعْضُهَا، بَعْضَاً كَمَا خَلَفَ السَّحَابَ سَحَابُ
أَمَّا الفُتُوحُ فَقَدْ تَجَلَّى وَاضِحٌ، مِنْ صُبْحِهَا الأجلى وفتح باب وسوق بشائرها بكل تحية
شدق لها الأَقْتَادُ وَالأَقْتَابُ، حَتَّى إِذَا شَمَلَ البِلاَدَ وَأَهْلَهَا، فَعَلاَ لَهُمْ قِدْحٌ وَعَزَّ جَنَابُ
طَلَعَتْ عَلَى الأَعْقَابِ أَعْذَبَ مَوْقِعَاً، مِنْها وَلأْلاَءُ السُّيُوفِ عَذَابُ، فَارْتَاحَ دَوْحُ المُلْكِ عَنْ فَزْعِ الْعُلَى
وَازْدَادَ فِي أُفُقِ الجَلاَلِ شِهَابُ، وَاسْتَلَّ مِنْ أَجْفَانِ خَزْرَجَ صَارم، خضعت إليه مفارق ورقاب
وهدت إليه أسنّة وأسرّة، وَمَوَاكِبٌ وَكَتَائِبٌ وَكِتَابُ، فَاسْعَدْ أَمِيرَ المُسْلِمِيْنَ بِطَالِعِ
يُنْمَى إِلَيْهِ الحَرْبُ وَالْمِحْرَابُ، وَاشْدُدْ بهِ لأَخِيهِ أَزْرَاً وَارْتَقِبْ، مِنْهُمْ أُسُوداً وَالأَسِنَّةُ غَابُ
فَإِذَا تَسَعَّرَتِ الوَغَى وَتَنَكَّرَتْ، بُهْمُ الرِّجَالِ دَعَوْتَهُمْ فَأَجَابُوا وَرَمَيْتَهَا مِنْهُمْ بِكلِّ مُجَرِّبٍ
ذَلَّتْ لَهُ الأَقْرَانُ وَهْيَ صِعَابُ، هُنِّيْتَهَا نُعْمَى لَدَيْكَ جَليلَةً، لا يَسْتَقِلُّ بِشُكْرِهَا إِطْنَابُ
لِلَّهِ مِنْكَ مُؤيَّدٌ ذُو عَزْمَةٍ، رَاضٍ وَأَيَّامُ الزَّمَانِ غِضَابُ، مِنْ آلِ نَصْرٍ مِنْ ذُؤَابَةِ خَزْرَجٍ
قَوْمٌ هُمُ الأَنْصَارُ والأَصْحَابُ، آثَارُكَ الغُرُّ كَرام كوَاكب، تَأْبَى الكَواكِبُ أَنْ يَضِّلَّ رِكَابُ
فَإِذَا هَمَمْتَ بَلَغْتَ كُلَّ مُمَنَّعٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّأْيَ فَهْوَ صَوَابُ، أَبْدَيْتَ مِنْ تَقْوى الإِلاَهِ سَرِيرَةً
يُحْبَى مَقَامُكَ فَضْلَهَا وَيُثَابُ، وَجَرَيْتَ فِي العَلْيَاءِ مُقْتَدِيَاً بِمَا، ذَخَرَتْ إِلَيْكَ أَرُومَةٌ وَنِصَابُ
فَاْسْلَمْ وَمُلْكُكَ آمِنٌ مَا يَتَّقِي، تُضْفَى عَلَيْهِ لِلْمُنَى أَثْوَابُ
قصيدة بشرى يقوم لها الزمان خطيبا
بُشْرَى يَقُومُ لَهَا الزَّمَانُ خَطِيباً وَتَأَرَّجُ الآفَاقُ مِنْهَا طِيبَا، هَذَا طُلُوعُ فُتُوحِكَ الغُرِّ الَّتِي
مَا كَانَ طَالِعُ سَعْدِهَا لِيَغِيْبَا، أَظْهَرْتَ دِينَ اللهِ فِي ثَغْرِ العِدَى وَقَهَرْتَ تِمْثالاً بِهِ وَصَلِيْبَا
وَذَعَرْتَ بِالْجَيْشِ اللُّهَامِ بِلاَدَهَا، مك الفضا ملأ القلوب وجيبا، جيش يرى تعب المغاوز راحة
وَالسَّهْلَ صَعْباً والْبَعيدَ قَرِيبا، شَرِفَتْ ثُغُور الدِّينِ مِنْهُ بِغُصَّةٍ وَلَقِينَ مِنْهُ حَوَادِثاً وخُطُوبَا
وَمَتَى سَرَتْ لِلْمُسْلِمِينَ سَرِيَّةٌ، أَبْدَى لَهَا التَّحْذِيرَ وَالتَّأْلِيبَا، حَتَّى إِذا اسْتَشْرَى وأعضل داءهُ
شَكَتِ الثُّغُورُ بِهِ فكُنْتَ طَبِيبَا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بُرْءَ زَمَانَةٍ، لَمْ تَعْدُ مِيقَاتاً لَهَا مَكْتُوبَا
لِلَّهِ يَوْمُ الفَتْحِ مِنْهُ فَإِنَّهُ، يَوْمٌ عَلَى الكُفَّارِ كَانَ عَصِيبَا، فَتْحٌ تَفَتَّحَتِ المُنَى عَنْ زَهْرِهِ
وَافْتَرَّ الدَّهْرُ عَنْهُ شَنِيبَا، حَفَّتْ بِهِ رَايَاتُكَ الحُمْرُ الَّتِي قَادَتْ إِلَيْهِ قَبَائِلاً وَشُعُوبَا
وَتَعَلَّقَتْ بُهْمُ الرِّجَالِ بِسُوْرِهِ، فَتُخَالُ فِي شُرُفَاتِهِ يَعْسُوبَا، وَحَنَتْ بِهِ عُوجُ الْقِسِيِّ ضُلُوعَهَا
تَغْتَالُ فِيهِ جَوَانحاً وَقُلُوبَا، فَكَأّنَّمَا قُزَحٌ حَنَتْ أَقْوَاسَهُ، أَيْدِي الغَمَامِ وَأَمْطَرَتْ شُؤْبُوبَا
وَرَأَى المَنِيَّةَ رَبُّهُ وَهَفَا إِلَى طَلَبِ الأَمَانِ فَقِيلَ لاَ تَثْرِيبَا وَإِذَا امْرُؤٌ أَلْقَى إِلَيْكَ قِيَادَهُ
وَرَجَاكَ أَدْرَكَ حِلْمَكَ المَوْهُوبَا، مِنْ بَعْدِ مَا قَعَدَتْ بِهِ أَنْصَارُهُ، رَهَباً وَأَبْصَرَ وَعْدَهُمْ مَكْذُوبَا
وَتَبَلْبَلَتْ بِاللَّيْلِ أَلْسُنُ نَارِهِ، تَصِلُ الصُّرَاخَ فَمَا لَقِينَ مُجيبَا، لَوْ أَنَّهُمْ جَاشوا إِلَيْكَ وَجَمَّعُوا
أَقْصَى تُخُومِهِمُ صَباً وَجَنُوبَا، غَادَرْتَهُمْ صَرْعَى عَلَى عَفْرِ الثَّرَى وَمَلأْتَ أَرْضَهُمُ بُكاً وَنَحِيبَا
وَتَرَكْتَ كُلَّ مُثَقَّفٍ مُتَقَصِّداً، فِيهِمْ وَكُلَّ مُهَنَّدٍ مَخْضُوبَا، بِعِصَابَةٍ يَمَنِيَّةٍ مَهْمَا انْتَمَتْ
فِي العُرْبِ كَانَ لَهَا الحُسَامُ نَسِيبَا، ألْبَسْتَ مَلْكَ الرُّوْمِ عَاراً بَاقِياً وَكَسَوْتَ غَمّاً وَجْهَهُ وَقُطُوبَا
فَاسْتَقْبِلِ المُلْكَ المُؤَيَّدَ خَالِداً، والدَّهْرَ غَضَّاً والزَّمَانَ قَشِيْبَا وَاهْنَأْ أَبَا الحَجَّاجِ بِالْفَتْحِ الَّذِي
يُهْدِي إِلَيْكَ مِنَ الفُتُوحِ ضُرُوبَا وَانْعَمْ بِمَوْقِعِهِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ يُشْجِي عَدُوّاً أَوْ يَسُرُّ حَبِيْبَا
وَالدَّهْرُ مُحْتَفِلٌ لِمُلْكِكَ مُحْتَفٍ، يُبْدِي عَلَى أَثَرِ العَجِيبِ عَجِيبَا
قصيدة شفاء عياض للنفوس شفاء
قصيدة شفاء عياض للنفوس شفاء، من أشهر قصائد لسان الدين بن الخطيب، وتقول:
شِفَاءُ عِيَاضٍ لِلنُّفُوسِ شِفَاءُ، فَلَيْسَ بِفَضْلٍ قَدْ حَوَاهُ خَفَاءُ، هَدِيَّةُ بِرٍّ لَمْ يَكُنْ لِجَزيلِهَا
سِوَى الأَجْرِ وَالذِّكْرِ الجَمِيلِ كِفَاءُ، وَفَى لِنَبِيِّ اللهِ حَقَّ وَفَائِهِ وَأَكْرَمُ أَوْصَافِ الكِرَامِ وَفَاءُ
وَجَاءَ بِهِ بَحْراً يَقُولُ بِفَضْلِهِ، عَلَى البَحْرِ طَعْمٌ طَيِّبٌ وَصَفَاءُ وَحَقُّ رَسُولِ اللهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ
رَعَاهُ وَإِغْفَالُ الحُقُوقِ جَفَاءُ، هُوَ الذُّخْرُ يُعْنِي فِي الحَيَاةِ عَتَادُهُ وَيُتْرَكُ فِيهِ لِلْبَنينَ رِفَاءُ
هُوَ الأَثَرُ المَحْمُودُ لَيْسَ يَنَالُهُ، دُثُورٌ وَلاَ يُخْشَى عَلَيْهِ عَفَاءُ
حَرَصْتُ عَلَى الإِطْنَابِ فِي نَشْرِ فَضْلِهِ وَتَمْجِيدِهِ لَوْ سَاعَدَتْنيَ فَاءُ
قصيدة سيدي أنت عمدتي فاحتملني
سَيِّدِي أَنْتَ عُمْدَتِي فَاحْتَمِلْنِي وَتَغَمَّدْ بالْفَضْلًِ مِنْكَ جَفَائِي، مُبْتَلىً أَنْتَ بالْبَرابر وَالغُزِّ
وَأَهْلِ الجِبَالِ والْصَّحْرَاءِ وَذَوِي أَيْنَقٍ وَاَهْلٍ حَمِير وَرِجَالٍ وَصِبْيَةٍ وَنِسَاءِ
وَبَوَادٍ يَجْري لَكَ الجِلْفُ مِنْهُمْ، بِكِسَاءٍ طَوْراً وَدُونَ كِسَاءِ، تَرْفَعُ الصَّوْتَ إِنْ مَرَرْتَ عَلَيْهِمْ
كَالْكَرَاكِيِّ أَوْ بَنَاتِ الْمَاءِ وَإذَا مَا اعْتَذَرْتَ لَمْ يَقْبَلُوا الأَعْذَارَ خُصَّ القَبُولُ بِالعُقَلاَءِ
وَشُيُوخٍ بِيْضِ اللِّحَى خَضَبُوا الأَرْجُلَ مِثْلَ الحَمَامِ بِالْحِنَّاءِ
وسُعَاةٍ ذَوِي اجْتِدَاءٍ وَإِلْحَافٍ شَدِيْدٍ يَأْتُونَ بَعْدَ العِشَاءِ وَأَفَارِيدَ يَسْرُدُونَ دَوِيَّاً
كَدَوِيِّ الرَّحَى قَلِيلِ الغَنَاءِ، يَكْتُبُ الشَّخْصُ مِنْهُمُ أَلْفَ حَوْلٍ وَهْوَ لاَ يَسْتَبِينُ شَكْلَ الْهِجَاءِ
غَيْرَ ذَالٍ تُرَدُّ إلاً وَطَاءٍ، جُعِلَتْ نَائِبَاً مَنَابَ الظَّاءِ وَحبِيسٍ كَلاَمُهُمْ يُشْبِهُ الخَط
طاف عِنْدَ انْفِجَارِ خَيْطِ الضِّيَاءِ وَتُيُوسٍ مِنْ أَرْضِ أَنْدَلُسٍ قَدْ قَصَدُوا عَنْ ضَرُورَةٍ وَجَلاَءِ
كَانَ مِنْهُمْ مَرْزَبَةٌ وَسِوَاهُ، وَهْوَ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الظُّرَفَاءِ وَذَوُو كُدْيَةٍ وَقَوْمٌ أُسَارَى
عَبَرُوا الْبَحْرَ رَغْبَةً فِي الفِدَاءِ، أوْقَحُ القَوْمِ ضَجَّتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ، نَبَذُوا كُلَّ حِشْمَةٍ وَحَيَاءِ
وَسِعَ الْكُلَّ مِنْكَ خُلْقٌ جَمِيلٌ، وَجَنَابٌ لِلْفَضْلِ رَحْبُ الفِنَاءِ وَتَوَلَّوْا عَلَى انْفِرَادٍ يَبُثُّونَ وَقَدْ أُسْعِفُوا حَمِيدَ الثَّنَاءِ
مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ سِوَاكَ عَلَى الْخِدْمَةِ بُورِكْتَ أَوْ علَى الثُّقَلاَءِ، إنَّمَا أَنْتَ لِلْبَرِيَّةِ كَهْفٌ، وَمَلاذٌ فِي شِدَّةٍ وَرَخَاءِ
أَيْنَ ثِقْلِي إِذَا فُرِضْت ثَقِيلاً، وَكَثِيرَ الْجَفَاءِ مِنْ هَؤُلاءِ وَمُقَامِي نَزْرٌ وَأَصْرِفُ وَجْهِي
لِسَلاَ حَيْثُ مَعْدِنُ الحُمَقَاءِ فَأَعِنِّي وَاْصْرِف لِتَجْدِيدِ مَا أَصدَرْتَ وَجْهَ الأَمَاجِدِ الحُسَبَاءِ
واعدني لِخَلْوَتِي عَنْ قَرِيبٍ، لاَ تُعَذِّبْ قَلْبي بِطُولِ الثَّوَاءِ، خَالِصاً عِنْدَ كُلِّ سِرٍّ وَجَهْرٍ
لَكَ حُبِّي وَمِدْحَتِي وَدُعَائي، أَنْتَ أَنْقَذْتَهُ وَلَيْسَ لَهُ إِللاكَ فِي كُلِّ غَايَةٍ وَابْتِدَاءِ
خَتَمَ اللهُ بِالْرِّضَى يَا ابْنَ رِضْوَانٍ لَكَ العُمْرَ بَعْدَ طُولِ البَقَاءِ
قصيدة وسواس حليك أم هم الرقباء
وَسْوَاسُ حَلْيِكِ أمْ هُمُ الرُّقَبَاءُ، لِلْقَلْبِ نَحْوَ حَدِيثِهمْ إِصْغَاءُ وَوَمِيضُ ثَغْرِكِ أم تَأَلُّقُ بَارِقٍ
وَشِهَابُ شُنْفِكِ ذَا أَمِ الْجَوْزَاءُ، يَا بَانَةً وَرَقُ الشَّبَابِ ظِلاَلُهَا وَكَأَنَّ قَلْبِي بَيْنَهَا وَرْقَاءُ
يَا بَدْرَ تِمَّ يَهْتَدِي بِضِيَائِهِ، سَاري الفَلاَةِ وَلَيْلَتِي لَيْلاَءُ، أَشْكُوكِ أَمْ أَشْكُو إِلَيْكِ صَبَابَتِي
أَنْتِ الدَّوَاءُ وَمِنْكِ كَانَ الدَّاءُ، مَا لَجَّ دَاءٌ أَوْ تَفَاقَمَ مُعْضِلٌ إلاَّ وَفِي يُمْنَى يَدَيْهِ شِفَاءُ
إِنْ رَامَ بِالْتَدْبِيرِ حِيلَةَ بُرْئِهَا، أُبْدَتْ مَنَافِعَهَا لَهُ الأَعْضَاءُ، حَتَّى إَذَا سَئِمْتْ نُفُوسُهُمُ الرَّدَى
وَاعْتَاضَ مُصْطَبَرٌ وَعَزَّ عَزَاءُ وَافَوْا وَقَدْ جَعَلُوا الدُّرُوعَ ضَرَاعَةً، إذا لم يكن غير الخضوع وفاء
وتبوأوا دار الخلافة ملجأً، فَلَهُمْ بقوة بَابِها اسْتِجْدَاءُ، فَعُيُونُهُمْ صُورٌ وَوَقْعُ حَدِيْثِهِمْ
هَمْسٌ وَرَجْعُ كَلاَمِهِمْ إِيمَاءُ، رَهَباً فَعَافٍ شَاقَهُ بَذْلُ النَّدَى، رَاجٍ وَطَاغٍ سَاقَهُ اسْتِعْفَاءُ
عَلِمُوا مَوَاقِع ذَنْبِهِمْ مِنْ عَفْوِهِ، فَاسْتَشْعَرُوا الإِحْسَانَ حِينَ أَسَاءُوا لا يَحْسَبَنَّ الرُّومُ سِلْمَكَ رَهْبَةً
فَالزِّنْدُ لِلنِّيرَانِ فِيهِ ثَوَاءُ، لَمْ تُغْمَدِ الأَسْيَافُ مِنْ وَهَنٍ بِهَا، لِكِنْ نُفُوسٌ أُجِّلَتْ وَدِمَاءُ
نَامَتْ عَلَى شِبَعٍ وَقَدْ سَالَمْتَهُمْ، وَعِلاَجُ فَرْطِ البِطْنَةِ الإِغْفَاءُ، يَا نَيِّراً لَوْلاَ تَوُقُّدُ نُورِهِ
هَفَتِ الحُلُومُ وَفَالَتِ الآرَاءُ، لَوْ أَنَّ بَأْسَكَ وَالْجُمُوعُ زَوَاحِفٌ، فِي مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ غِيضَ الْمَاءُ
لَوْ أَنَّ مِنْ مُسْتَنِّ عَزْمِكَ هَبَّةً، فِي الرِّيْحِ مَا نُسِبَتْ لَهُنَّ رُخَاءُ، لِلَّهِ سَيْفُكَ وَالْقُلُوبُ بَوَالِغٌ
ثُغَرَ الحَنَاجِرِ والنُّفُوسُ ظِمَاءُ، تَتَزَاحَمُ الأَرْوَاحُ دُونَ وُرُودِهِ، فَكَأَنَّمَا هُوَ نُطْفَةٌ زَرْقَاءُ
لِلَّهِ قَوْمُكَ آلُ نَصْرٍ وَالْقَنَا، قِصَدٌ وَأَجْسَامُ العِدَى أَشْلاَءُ، الطَّاعِنُونَ الْخَيْلَ يَوْمَ المُلْتَقَى
وَالْمُطْعِمُونَ إِذَا عَدَتْ شَهْبَاءُ، سِيمَاهُمُ التَّقْوَى أَشِدَّاءٌ عَلى الْكُفَّرِ فِيمَا بينهم رحماء
نَصَرُوا الْجَزِيرَةَ أَوَّلاً وَنَصِيرُهَا، ضَاقَتْ عَلَيْهِ بِرَحْبِهَا الأَنْحَاءُ وَأَتَوْا وَدِينُ اللهِ لَيْسَ بِأَهْلِهِ
إِلاَّ أَلِيلٌ خَافِتٌ وَذَمَاءُ، قَمَعُوا بِهَا الأَعْدَاءَ حَتَّى أَذْعَنُوا وَالْبِيضُ مِنْ عَلَقِ النَّجيعِ رِوَاءُ
فَكَأَنَّمَا حُمْرُ البُنُوْدِ خَوَافِقاً، مِنْهَا قُلُوبٌ شَفَّهُنَّ عَنَاءُ، لَمْ يَأْمَنُوا مَكْرَ الإِلاَهِ وَإِنَّمَا
إِمْهَالُهُمْ عَنْ وِرْدِهِ إِمْلاَءُ، إِنْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَرَبُّكَ مُبْرَمٌ، أمْراً وَإِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ
وَاللهُ جَلَّ اسْماً لِمُلْكِكَ حزبه، وَاللهُ فِيهِ كِفَايَةٌ وَكِفَاءُ، فَمَنِ المُدَافِعُ والمَلاَئِكُ حِزْبُهُ
وَاللهُ رِدْءٌ وَالْجُنُودُ قَضَاءُ، وَإِذا هُمُ عَادُوا لِمَا عَنْهُ نُهُوا، فَغِرَارُ سَيْفِكَ لِلْعُصَاةِ جَزَاءُ
مَزِّقْ جُفُونَ الْبِيضِ عَنْ أَلْحَاظِهَا، لِتَسِيْلَ فَوقَ شِفَارِهَا الحَوْبَاءُ وَاهْزُرْ غُصُونَ السُّمْرِ وَهْيَ ذَوَابِلٌ
تَسْقُطْ عَلَيْكَ الْعِزَّةُ القَعْسَاءُ، يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الَّذِي مِنْ رَأْيِهِ، جُنْدٌ لَهُ النَّصْرُ العَزِيزُ لِوَاءُ
يَهْنِيْكَ أَسْعَدُ وَافِدٍ مَا تَنْقَضِي، أَيَّامُهُ وَسَعَادَةٌ وَبَقَاءُ، عِيدٌ أَعَدْتَ الدّهْرَ فِيهِ يَافِعَاً
طَلْقَاً تَلُوحُ بِوَجْهِهِ السَّرَّاءُ، لَمَّا بَرَزْتَ إلَى المُصَلَّى مَاشِياً وَدَّتْ خَدُودٌ أَنَّهَا حَصْبَاءُ
وَسَمَتْ إلَى لُقْيَاكَ أَبْصَارُ الوَرى، حَتَّى كَأَنَّ جَمِيعَهُمْ حِرْبَاءُ، حَتَّى إذَا اصْطَفُّوا وَأَنْتَ وَسِيلَةٌ
وَسَمَا إلَى مَرْقَى الْقَبُولِ دُعَاءُ، مُلِئَتْ صُدُورُ المُسْلِمِينَ سَكِينَةً، إذْ ذَاكَ وانْتَاشَ القُلُوبَ رَجَاءُ
وَتَيَقَّنُوا الغُفْرَانَ فِي زَلاَّتِهِمْ، مِمَّنْ لَدَيْهِ الْخَلْقُ وَالإنْشَاءُ، قَسَماً بِرَبِّ البُزْلِ وَهْيَ طَلاَئِحٌ
نَحَتَتْ مَنَاسِمَ سُوقِهَا الْبَيْدَاءُ، مِنْ كُلِّ نِضْوِ الآلِ يَسْتَفُّ الفَلاَ، سَيْراً تَقَلَّصُ دُونَهُ الأَرْجَاءُ
عُوجاً كَأَمْثَالِ القِسِيِّ ضَوَامِراً، أَغْرَاضُهُنَّ الرُّكْنُ وَالْبَطْحَاءُ، يَحْمِلْنَ كُلَّ مَسَهَّدٍ أَضْلاَعُهُ
صًيْفٌ وَفِي الآمَاقِ مِنْهُ شِتَاءُ، لَرَفَعْتَ ظِلَّ الأَمْنِِ خَفَّاقاً فَقَدْ كَادَتْ تَسِيرُ مَعَ الذِّئَابِ الشَّاءُ
وَكَفَفَتْ كَفَّ الجَوْرِ فِي أَرْجَائِهَا وَعَمرْتَ رَبْعَ العَدْلِ وَهْوَ خَلاَءُ وَعَفَفْتَ حَتَّى عَنْ خَيَالٍ طَارِقٍ
وَوَهَبْتَ حَتَّى أَعْذَرَ اسْتِجْدَاءُ، قَسَماً لأَنْتَ مَلاَذ كُلِّ رَعِيبَةٍ وَمَأَمَّ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الغَبْراءُ
وَلأَنْتَ ظِلُّ اللهِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَبِلاَدِهِ إِنْ عُدِّدَ الأَفْيَاءُ، أَمُؤَمَّلَ الإسْلاَمِ إِنَّ وَسَائِلي
هُنَّ الشُّمُوسُ فَمَا بِهِنَّ خَفَاءُ، مَا لِي سِوَى حُبِّي لِمُلْكِكَ مَذْهَبٌ وَلَرُبَّمَا تَتَحَالَفُ الأَهْوَاءُ
قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق
تعد قصيدة جاءت معذبتي في غيهب الغسق من أشهر القصائد ومن أجمل قصائد لسان الدين بن الخطيب، وتقول:
جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي فِي غَيْهَبِ الغَسَقِ، كَأنَّهَا الكَوْكَبُ الدُرِيُّ فِي الأُفُقِ
فَقُلْتُ نَوَّرْتِنِي يَا خَيْرَ زَائِرَةٍ، أمَا خَشِيتِ مِنَ الحُرَّاسِ فِي الطُّرُقِ
فَجَاوَبَتْنِي وَدَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا، مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ
فَقلتُ هذي أحاديثٌ ملفّقةٌ، موضوعةٌ قدْ أتتْ منْ قولِ مُختَلقِ
فقالتْ وحقِّ عيوني عزَّ منْ قَسَمٍ، وما على جَبْهَتي منْ لًؤلؤ الرَّمَقِ
إنّي أحِبُّكَ حباً لا نفادَ لهُ، ما دامَ في مُهجتي شيءٌ منَ الرَّمَقِ
فقمتُ ولْهانَ منْ وجدي أقبّلُها، زِحْتُ اللثامَ رأيتُ البدرَ مُعْتَنَقِ
قبّلتُها قبّلتني وهي قائلةٌ قبلتَ فايَ فلا تبخلْ على عُنقي
قلتُ العناقُ حَرامٌ في شريعَتِنا، قالتْ أيا سيّدي واجعَلْهُ في عُنقي
قصيدة الحمد لله موصولا كما وجبا
الْحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا، فَهْوَ الَّذِي بِرِدَاءِ الْعِزَّةِ احْتَجَبَا، الْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَقُّ الَّذِي عَجَزَتْ
عَنْهُ الْمَدَارِكُ لَمَّا أَمْعَنَتْ طَلَبَا، عَلاَ عَنِ الْوَصْفِ مَنْ لاَ شَيءَ يُدْرِكُهُ وَجَلَّ عَنْ سَبَبٍ مَنْ أَوْجَدَ السَّبَبَا
والشُّكْرُ للهِ فِي بَدْءٍ وَمُخْتَتَمٍ وَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ أَعْطَى وَمَنْ وَهَبَا، ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النُّورِ الْمُبينِ وَمَنْ
آيَاتُهُ لَمْ تَدَعْ إِفْكاً وَلاَ كَذِبَا، مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ تُرْجَى شَفَاعَتُهُ، غَداً وَكُلُّ امْرِيءٍ يُجْزَى بِمَا كَسَبَا
ذُو الْمُعْجِزَاتِ التِي لاَحَتْ شَوَاهِدُهَا، فَشَاهَدَ الْقَوْمُ مِنْ آيَاتِهِ عَجَبَا وَلاَ كَمِثْلِ كِتَابِ اللهِ مُعْجِزَةً
تَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ إِنْ وَلَّى وَإنْ ذَهَبَا، صَلَّى عَلَيْهِ الَّذي أَهْدَاهُ نُورَ هُدَىً، مَا هَبَّتِ الِّريحُ مِنْ بَعْدِ الْجَنُوبِ صَباً
ثُمَّ الِّرضَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَنْ عُمَرٍ، بَدْرَانِ مِنْ بَعْدِهِ لِلْمِلَّةِ انْتُخِبَا وَبَعْدُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ثَالِثُهُمْ
مَنْ أَحْرَزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُكْتَسَبَا، وَعَنْ عَلِيٍّ أَبِي السِّبْطَيْنِ رَابِعِهمْ، سَيْفِ النَّبِيِّ الَّذِي مَا هَزَّهُ فَنَبَا
وَسَائِرِ الأَهْلِ وَالصَّحْبِ الْكرَام فَهُمْ، قَدْ أَشْبَهُوا فِي سَمَاءِ الْمِلَّةِ الشُّهُبَا وَبَعْدُ أَنْصَارُهُ الأَرْضَوْنَ إِنَّ لَهْمْ
فَضَائِلاً أَعْجَزَتْ مَنْ عَدَّ أَوْ حَسَبَا، آوَوْهُ فِي الَّروْعِ لَمَّا حَلَّ دَارَهُمُ وَجَالَدُوا مَنْ عَتَا فِي دِيِنِهِ وَأَبَى
وَأَوْرَثُوا مِنْ بَنِي نَصْرٍ لِنُصْرَتِهِ، خَلاَئِفاً وَصَلُوا مِنْ بَعْدِهِ السبب وَلاَ كَيْوسُفَ مَوْلاَنَا الَّذِي كَرُمَتْ
آثَارُهُ وَبَنِيهِ السَّادَةِ النُّجَبَا، وَبَعْد هَذَا الَّذِي قَدَّمْتُ مِنْ كَلَمٍ، صِدْقٍ يُقَدِّمُهُ مَنْ خَطَّ أَوْ خَطَبَا
فَإِنَّنِي جُزْتُ مِنْ سَامِي الْخِلاَلِ مَدىً، أَجَلْتُ فِيهِ جِيَادَ الْفِكْرِ مُنْتَسِبَا، إِمَارَةٌ قَدْ غَدَا نَصْرٌ بِقُبَّتِهَا
عِمَادَ عِزٍّ وَكُنَّا حَوْلَهُ طُنُبَا، سَلَكْتُ فِيهَا عَلَى نَهْجِ الإِمَامِ أَبِي وَطَالَمَا أَشْبَهَ النَّجْلُ الْكَرِيِمُ أَبَا
فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَدَّمْتُ فِي صِغَرِي، مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ جَمَعْتُ الْفَضْلَ والأدب، أَنِّي جَعَلْتُ كِتَابَ اللهِ معتمداً
لا تعرف النفس في تحصيله تعبا، كأنَّني كُلَّما رَدَّدتُه بِفَمِي، أَسْتَنْشِقُ الْمِسْكَ أَو اسْتَطْعِمُ الضَّرَبَا
حَتَّى ظَفِرْتُ بِحَظٍّ مِنْهُ أَحْكِمُهُ، حِفظاً فَيَسَّرَ مِنْهُ اللهُ لِي أَرَبَا وَعَنْ قَرِيبٍ بِحَوْلِ اللهِ أَخْتِمُهُ
فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الْغَايَاتِ مَنْ طَلَبَا، فَاللهُ يَجْزِي أَمَيِرَ الْمُسْلِمِينَ أبِي خَيْرَ الْجَزَاءِ فَكَمْ حَقٍّ لَهُ وَجَبَا
وَأَنْعُمٍ غَمَرِتْنِي مِنْهُ واكفه، وَأَنْشَأَتْ فِي سَمَاءِ اللُّطْفِ لِي سُحُبَا، قَيْساً دَعَانِي وَسَمَّانِي عَلَى اسْمِ أَبِي
قَيْس بْنِ سَعْدٍ أَلا فأعظم بِهِ نَسَبَا، بِأَيِّ شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِهِ لَوْ أَنَّ سحبانَ أَوْ قُسّاً لَهَا انْتُدِبَا
وَكَافَأَ اللهُ أَشْيَاخِي بِرَحْمَتِهِ، وَمَنْ أَعَانَ وَمَنْ أَمْلَى وَمَنْ كَتَبَا وَالْحَمْدُ للهِ خَتْماً بَعْدَ مُفْتَتَحِ
مَا الْبَارِقُ الْتَاحَ أَوْ مَا الْعَارِضُ انْسَكَبَا
قصيدة أنور سناء لاح في مشرق الغرب
أَنُورَ سَنَاءٍ لاَحَ فِي مَشْرقِ الْغَرْبِ وَفَرْعَ اعْتِلاَءٍ لاَحَ فِي دَوْحَةِ الْعُرْبِ وَوَارثَ أَعْلاَمِ الْعُلَى نَشِبَ النَّدَى
وَمُوِقِدَ نار الْبِشْرِ فِي ظُلَمِ الْكَرْبِ، نَطَقْتَ فَحُزْتَ الْحُكْمَ فَصْلاً خطَابُهُ، يُقَلَّبُ مِنْ وَشْي الْبَلاغِةِ فِي عَصْبِ
وَمَنْ كَأَبِي بَكْرٍ عَمِيداً مُؤَمَّلاً، خُلاَصَةَ شِعْبِ الْعِلْمِ نَاهِيكَ مِنْ شِعْبِ، كَفِيلٌ بِنَيْلِ الْجُودِ قَبْلَ سُؤَالِهِ
وَصُولُ إِلَى الْغَايَاتِ فِي الْمَرْكَبِ الصَّعْبِ، وَأَيُّ انْسِكَابٍ في سَحَائِبِ كَفِّهِ، إِذَا كَلِحَتْ شَهْبَاءُ عَنْ نَاجِرِ الْجَدْبِ
وَأَيُّ مَضَاءٍ فِي لَطِيفِ طِبَاعِه، كَمَا سَكَنَ التَّصْمِيمُ فِي ظُبَةِ الْعَضْبِ، سُلاَلَةُ أَعْلاَمٍ وَفَرْعُ مَكَارِمِ
بِهِمْ فَلَكُ الْعَلْيَاءِ دَارَ عَلَى قُطْبِ، عَشَوْا نَحْوَ نُورِ اللهِ يَقْتَبِسُوَنَهُ وَقَدْ خَرَقُوا مِنْ دُونِهِ ظُلَمَ الحجْبِ
حَمَوْا حَائِمَ التَّهْوِيمِ وِرْدَ جُفُونِهمْ، وَشَدُّوا وِثَاقَ السُّهْدِ فِي شَرَكِ الْهُدْبِ، أَتَوْا دَوْحَةَ التَّحْقِيقِ تَدْنُو قُطُوفُهَا
فَحَازُوا جَنَاهَا وَهْيَ مَعْرِفَةُ الَّربِّ، وَهَزُّوا فُرُوعَ الْعِلْمِ وَهْيَ بَوَاسِقٌ، فَلِلهِ مَا حَازُوهُ مِنْ رُطَبٍ رَطْبِ
فَإِنْ جَرَتِ الأَيَّامُ فِي غُلَوَائِهَا، وَجَرَّتْ وَشِيجَ الْقَسْرِ فِي مَأَزِقِ الخطْبِ، فَمَا لَقِيَتْ إلاَّ شُجَاعاً مُجَرِّباً
وَلاَ عَجَمَتْ إلاَّ عَلَى عُودِكَ الصلبِ، وَإِنْ أَغْفَلَتْ مِنْ فَرْضِ بِرِّكَ وَاجباً، عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَوْطَأَتْكَ ذرَى الشُّهْبِ
فَقَدْ دَرَأَتْ حَقَّ الْوَصِيِّ سَفَاهَةً، عَلِيٍّ وَأَعْلَتْ مِنْ قِدَاحِ بَنِي حَرْبِ وَرُبَّتَمَا جَادَ اللَّئِيمُ بِنَائِلٍ
وشن بأقصى سرحه غارة الغصب، وأنت من الصيد الذين سمت بهم، أَرُومَةُ لَخْمٍ في حَدَائِقَهَا الْغُلْبِ
إِلَى عَمْرو هِنْدٍ حَيْثُ يَخْتَصِمُ الْعُلى، وَيُشْهَدُ نَصْلُ السَّيْفِ فِي حَوْمَةِ الْحَرْبِ، إِلِى مُرْتَقَى مَاءٍ السَّمَاءِ الَّذي كَسَا
زَمَانَ احْتِدَام الْمَحْلِ أَرْدِيَةَ الْخصْبِ، فَلاَ الْعزُّ يُعْزَى مُنْتَمَاهُ لِحَاجِبٍ، وَلاَ الْجُودُ يُجْدي مَنْ تُذُوكِرَ فِي كَعْبِ
فكَمْ أَنْجَبُوا مِنْ صَارِمٍ ذيِ حَفيِظَةٍ، إِذَا كَهَمَتْ ذُلْقُ الصِّفَاحِ لَدَى الضَّرْبِ، وَكَمْ أَعْقَبُوا مِنْ ضَيْغَمٍ يُرْغِمُ الطُّلاَ
وَيَهْزِمُ أَسْبَابَ الْكَتَائِبِ وَالْكُتْبِ، إذَا عَمَّ طِرْسَ الْيَوْمِ نِقْسُ دُجُنَّةٍ وَعَمَّمَ بِرْسُ الْقُرِّ فِي هَامَةِ الْهَضْبِ
حَشَا بَاهِظَ الأَجْزَالِ وَقْدَ ضِرَامِهَا، فَأَوْرَتْ جَحِيماً لاَفِحاً أَوْجُهَ السُّحْبِ وَأَعْمَلَ فِي الْكَوْمَاءِ حَدَّ حُسَامِهِ
فَخَرَّتْ وَشِيكاً لِلْجَبيِن وَلِلْجَنْبِ، فَأَثْقَلَ أَكْتَاداً وَعَمَّ حَقَائِباً وَأَنْهَل ظِمْئاً نَبْعَ مُطَّرِدٍ عَذْبٍ
يَرُومُ بِسَكْبِ الْجُودِ كَسْبَ ثَنَائِهمْ، فَللَّهِ مِنْ سَكْبٍ كَرِيمٍ وَمِنْ كَسْبِ، مَآثِرُكُمْ آلَ الْحَكِيم بَقِيتُمُ
بَلَغْنَ مَدَى الْحَظِّ الْمُوَاصلِ وَالْكَسْبِ، فَمَاذَا عَسَى أُحْصِي وَمَاذَا عَسَى أَفِي أَيُنْضِبُ لُجَّ الْيَمِ مُسْتَنْزَرُ الشُّرْبِ
عَلَى أَنَّنِي مَهْمَا اقْتَضَبْتُ بَديِهَةً، عَلَى خَبَرِ الْعَنْقَاءِ إِنْ ذُكْرَتْ تُرْبِي وَمَا الشِّعْرُ إِلاَّ مِنْ قَوَافٍ نَظَمْتُهَا
وَمَا خَلَصَتْ إِبْرِيزَهُ شُعْلَةُ اللُبِّ، وَلَسْتُ كَمن يَعْتَدُّ بِالشِّعْرِ مَكْسَباً، هُبِلتُ رَضِيعَ الْمَجْدِ إِنْ كَانَ مِنْ كَسْبِي
قصيدة ألا حدثاها فهي أم العجائب
أَلاَ حَدِّثَاهَا فَهْيَ أُمُّ الْعَجَائِب وَمَا حَاضِرٌ في وَصْفِهَا مِثْلُ غَائِبِ وَلاَ تُخْلِيَا مِنْهَا عَلَى خَطَر السُّرَى
سُرُوجَ الْمَذَاكِي أَوْ ظُهُورَ النَّجَائِبِ، وَلاَ تُغْفِلاَ مِنْ وَسْمِهَا كُلَّمَا سَرَتْ، صُدُورَ الْقَوَافِي أَوْ صُدُورَ الرَّكَائِبِ
وَحُطَّا لَهَا بَيْنَ الْحَطِيمِ وَزَمْزِمٍ، رِحَالاَ مِنَ الْبُشْرَى مِلاَءَ الْحَقَائِبِ، هُوَ الْخَبرُ الصِّدْقُ الَّذِي وَضَحَتْ بِهِ
سَبِيلُ الْهُدَى بَعْدَ الْتِبَاسِ الْمَذَاهِبِ، وَمَا هِيَ إلاَّ دَعْوَةٌ يُوسُفِيَّةٌ، أَثَارَتْ قَبْولَ اللهِ ضَرْبَةَ لاَزِبِ
سَمَتْ نَحْوَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَلَمْ تُرَعْ، بِتَشْغِيبِ بَوَّاب وَلاَ إِذْنِ حَاجِبِ، أَيُوسُفُ إِنَّ الدَّهْرَ أَصْبَحَ وَاقِفاً
عَلَى بَابِكَ الْمَأمُولِ مَوْقِفَ تَائِبٍ، دُعَاؤَكَ أَمْضَى مِنْ مُهَنَّدَةِ الظُّبَي، وَسَعْدُكَ أَقْضَى مِنْ سُعُودِ الْكَوَاكِبِ
سُيُوفُكَ فِي أَغْمَادِهَا مُطْمَئِنَّة، وَلِكْنَّ سَيْفَ اللهِ دَامِي الْمَضَاربِ، فَثِقْ بالَّذي أَرْعَاكَ أَمْر عِبَادِهِ
وَسَلْ فَضْلَهُ فَاللهُ أَكْرَمُ وَاهِبِ، لَقَدْ طَوَّقَ الأَذْفُنْشَ سَعْدُكَ خزْيَةً، تَجِدُّ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ الذَّوَاهِبِ
وَفَيْتَ وَخَانَ الْعَهْدَ فِي غَيْرِ طَائِلٍ، وَصَدَّقَ أَطْمَاعَ الظُّنُونِ الْكَوَاذِبِ، جَرَى في مَجَاري الْعِزِّ غَيْرَ مُقَصِّرٍ
وَهَلْ نَهَضَ الْعُجْبُ الْمُخلُّ بِرَاكِبِ، وَغَالَبَ أَمْرَ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ اللهَ أَغْلَبُ غَالِبِ
وَللهِ في طَيِّ الْوَجُودِ كَتَائِبٌ، تَدقُّ وتخفَى عَنْ عُيُونِ الْكَتَائِبِ، تُغِيرُ عَلَى الأَنْفَاسِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ
وَتَكْمُنُ حَتَّى فِي مِيَاه الْمَشَارِبِ، أَخَذْنَ عَلَيْهِ الطُّرْقَ فِي دَارِ طَارقٍ، فَمَا كَفَّ عَنْهُ الْجَيْشُ مِنْ كَفِّ نَاهِبِ
فَصَارَ إِلَى مَثْوَى الإِهَانِةِ ذَاهِباً، وَخَلَّفَ عَارَ الْغَدْرِ لَيْسَ بِذَاهِبِ، فَمِنْ قَارِعٍ في قَوْمِهِ سنَّ نَادِمٍ
وَمِنْ لاَطِمٍ فِي رَفْعِهِ خَدَّ نَادِبِ، مَصَائِبُ أَشْجَى وَقْعُهَا مُهَجَ الْعِدَى وَكَمْ نِعَمٍ فِي طَيِّ تِلْكَ الْمَصَائِبِ
شُوَاظٌ أَرَادَ اللهُ إِطْفَاءَ نَارِهِ، وَقَدْ لَفَحَ الإِسْلاَمَ مِنْ كُلِّ جانِبِ وَإنْ لَمْ يُصِبُ مِنْهُ السِّلاَحُ فَإِنَّمَا
أُصِيبَ بِسَهْمٍ مِنْ دُعَائكَ صَائِبٍ، وَللهِ مِنْ أَلْطَافِهِ فِي عِبَادِهِ، خَزَائِنُ مَا ضَاقَتْ بِمَطْلَبِ طَالِبِ
فَمَهْمَا غَرَسْتَ الصَّبْرَ فِي تُرْبَة الرِّضَا، بِحُكْمِ الْقَضَا فَلْتَجْنِ حُسْنَ الْعَوَاقِبِ وَلاَ تُبْعِدِ الأَمْرَ البَعِيدَ وُقُوعُهُ
فَإِنَّ اللَّيَالي أًمَّهَاتُ الْعَجَائِبِ، هَنِيئاً بِصُنْعٍ قَدْ كَفَاكَ عَظِمُهُ، رُكُوبَ الْمَرَامِي وَاخْتِيَارَ الْمَوَاكِبِ
وَدْونَكَ فَافْتَحْ كُلَّ مَا أَبْهَمَ الْعِدَى، وَرُدَّ حُقُوقَ الدِّينِ مِنْ كُلِّ غَاصِبِ وَبَادِرْ عَدُوَّ اللهِ عِنْدَ اضْطِرَابِهِ
وَعَاجِلْهُ بِالْبيِضِ الرِّقَاقِ الْقَوَاضِبِ، إِذَا قِيلَ أَرْضُ اللهَ إِرْثُ عِبَادِهِ، بمُوجبِ تَقْوَى أَنْتَ أَقْرَبُ عَاصِبِ
أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذَيِنَ إِذَا انْتَمَوْا، نَمَتْهُمْ إلى الأَنْصَارِ غُرُّ الْمَنَاسِبِ، سَمَاحَةُ أَيْمَانٍ وَإِشْرَاقُ أَوْجُهٍ
وَصِحَّةُ أَحْلاَمِ وَغُرُّ مَنَاقِبِ، إِذَا أَشْرَقَتْ يَوْمَ النَّوَالِ وُجُوهُهُمْ، رَأيْتَ بُدُوراً في خِلاَلِ السَّحَائِبِ
وَيَا جَبَل الْفَتْحِ اعْتَمِدْهَا صَنِيعَةً، رَأيْنَا بِهَا كَيْفَ انْجَلاَءُ الْغَيَاهِبِ، إِذَا مَا هِبَاتُ اللهِ كَانَتْ صَحِيفَةً
فَمَا هِيَ إلاَّ سَجْدَةٌ فِي الْمَوَاهِبِ