قصة حرب الخليج الثالثة (الغزو الأمريكي للعراق عام 2003)
This browser does not support the video element.
لم تحظَ الحرب الأمريكية على العراق بتأييدٍ دولي واسع، لكنها بلا شك غيرت شكل النظام في العراق ومنطقة الشرق الأوسط.
حرب الخليج الثالثة
حرب الخليج الثالثة: هي الحرب التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها (المملكة المتحدة، بولندا، أستراليا، إسبانيا، الدنمارك) ضد العراق، بحجة امتلاك الأخير أسلحة الدمار الشامل.
بدأت الحرب في العشرين من شهر آذار/مارس والأول من شهر أيار/مايو عام 2003.
مصطلحات استخدمت خلال الحرب على العراق
استخدمت العديد من المصطلحات خلال الحرب على العراق إعلامياً، وأصبحت متداولة في الرأي العام، منها:
- محور الشر ((Axis of evil: استخدمه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن خلال خطاب حالة الاتحاد في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير عام 2002، قصد بهذا المصطلح دول العراق، إيران، كوريا الشمالية.
- تحالف الراغبين (Coalition of the willing): نشأ في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في عام 1994، استخدمه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن للدلالة على البلدان المساهمة بقواتها في غزو العراق.
- الإطاحة بالنظام Decapitating the regime)): كناية عن مقتل صدام حسين.
- التضمين Embedding)): تعيين الولايات المتحدة الأمريكية الصحفيين المدنيين في وحدات عسكرية أمريكية.
- بطاطا الحرية (Freedom fries): كناية عن البطاطس المقلية بغرض انتقاد فرنسا لعدم مشاركتها في الحرب.
- أم كل القنابل (Mother of all bombs): قنبلة طورت وأنتجت لدعم عملية حرية العراق، اسمها يردد عبارة صدام (أم المعارك) لوصف حرب الخليج الأولى.
- أوروبا القديمة (Old Europe): استخدمها وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عندما قال: "فرنسا وألمانيا لا تمثل أوروبا القديمة".
- تغيير النظام (Regime change): كناية عن إسقاط الحكومة والنظام في العراق.
- الصدمة والرعب ((Shock and Awe: استراتيجية الحد من إرادة العدو للقتال، من خلال مظاهر القوة العظمى.
خلفية الحرب وأسبابها
طفت مسألة أسلحة الدمار الشامل (الأسلحة الكيماوية والبيولوجية) على السطح في أعقاب حرب الخليج الثانية التي امتدت بين الثاني من آب/أغسطس عام 1990 والثامن والعشرين من شهر شباط/فبراير عام 1991.
حيث اُتهم العراق باستخدام هذه الأسلحة، فأجرت الأمم المتحدة تحقيقات في هذا الشأن، خلصت إلى نتيجة مفادها: " لم يكن هناك أي دليل على أن برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي استمر بعد الحرب".
سياسة احتواء العراق
اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها سياسة الاحتواء تجاه العراق، حيث شملت هذه السياسة العقوبات الاقتصادية العديدة التي وجهها مجلس الأمن للأمم المتحدة.
تطبيق مناطق حظر الطيران العراقية التي أعلنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لحماية الكرد في كردستان العراق والشيعة في الجنوب من الهجمات الجوية من قبل الحكومة العراقية.
وعمليات التفتيش المستمرة للمواقع العسكرية في العراق.
قانون تحرير العراق
أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قانون (تحرير العراق) في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1998، إثر طرد العراق المفتشين الدوليين من أراضيه في شهر آب/أغسطس من عام 1998 بعد اتهامهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
تضمن القانون دعم الولايات المتحدة الأمريكية المعارضة العراقية بمبلغ سبعة وتسعين مليون دولار لتغيير النظام في العراق.
ويتناقض هذا القانون الأمريكي مع الشروط المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 687 حول العراق، والتي ركزت على برامج الأسلحة ولم تشير إلى تغيير النظام.
مبررات أمريكا لغزو العراق
قصفت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العراق بعد شهر واحد من صدور قانون (تحرير العراق)؛ أي في شهر تشرين الثاني/نوفمبر تحت مسمى (عملية ثعلب الصحراء).
الهدف من هذه العملية منع الرئيس العراقي صدام حسين من إنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، إضافةً لإضعاف قبضة الرئيس العراقي صدام حسين على السلطة.
وصول الرئيس بوش الابن إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية
مع انتخاب جورج دبليو بوش رئيساً في عام 2000، انتقلت الولايات المتحدة نحو سياسة أكثر عدوانية تجاه العراق.
حيث دعا الرئيس بوش الابن إلى التنفيذ الكامل لقانون تحرير العراق من أجل عزل الرئيس العرقي صدام حسين من السلطة.
أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001
بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، واتهام تنظيم القاعدة بتنفيذها.
أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن (الحرب على الإرهاب) في العشرين من شهر أيلول/سبتمبر عام 2001، والتخطيط لغزو العراق بحجة تعاون الرئيس العراقي صدام حسين مع القاعدة.
مبررات الغزو الأمريكي للعراق
وضعت الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الأسباب لتبرير الحرب على العراق، منها:
- وجود علاقة سرية بين الرئيس العراقي صدام حسين والقاعدة بين عامي 1992- 2003.
- وجود أسلحة دمار شامل لم يتم تدميرها في العراق.
- تغيير النظام السياسي في العراق وعزل صدام حسين من السلطة، لأنه يقمع المواطنين العراقيين.
خيارات بوش الابن تجاه العراق
قدم مستشارو الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن اقتراحين للتعامل مع العراق، هما:
- غزو العراق فوراً.
- بناء تحالف دولي والحصول على تفويض من الأمم المتحدة.
قرر بوش في نهاية المطاف الحصول على تفويض من الأمم المتحدة، في حين لا يزال الاحتفاظ بخيار الغزو دون ذلك.
معركة الحصول على التفويض الأممي لغزو العراق
تناول الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش خلال خطاب ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني عشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 2002 الخطوط العريضة لشكاوى الولايات المتحدة الأمريكية من الحكومة العراقية.
بحجة امتلاك الأخيرة لأسلحة الدمار الشامل.
وافق حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الرئيسيين في حلف شمال الأطلسي، مثل المملكة المتحدة على الغزو.
في حين رفضت فرنسا وألمانيا مؤيدتان خيار استمرار الدبلوماسية وإرسال المفتشين الدوليين للبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق تمهيداً لإزالتها.
مجلس النواب الأمريكي يفوض بوش باستخدام القوة ضد العراق
وافق مجلس النواب الأمريكي على "القرار المشترك لتفويض استخدام القوات المسلحة للولايات المتحدة ضد العراق".
ذلك في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2002، حيث خول القرار الرئيس الأمريكي "استخدام أي وسيلة ضرورية" ضد العراق.
القرار الدولي 1441
اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1441 في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2002، الذي سمح باستئناف عمليات التفتيش عن الأسلحة وتوّعد بعواقب وخيمة في حال عدم الامتثال،.
قدم أعضاء مجلس الأمن فرنسا وروسيا قراءة واضحة مفادها أن قرار مجلس الأمن لا يسمح باستخدام القوة للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.
كما أكدت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أن هذا القرار لم يقدم أي محفزات خفية لغزو؛ دون مزيد من التشاور مع مجلس الأمن.
قبل الرئيس العراقي صدام حسين قرار مجلس الأمن في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2002، فعاد المفتشون إلى العراق تحت إشراف رئيس اللجنة هانز بليكس والمدير العام للوكالة محمد البرادعي.
في شهر شباط/فبراير عام 2003 أعلنت وكالة الطاقة الذرية أنها "لم تجد دليلاً أو مؤشراً معقولاً لإحياء برنامج الأسلحة النووية في العراق".
الحملة الدعائية المؤيدة للحرب
شنت الإدارة الأمريكية حملة إعلامية لإقناع الرأي العام الأمريكي والعالمي بخيار غزو العراق، حيث أكدت أنه على الرغم من عدم اكتشاف المفتشين الدوليين لأسلحة دمار شامل في العراق.
إلا أن هذا لا ينفي أن العراق يملك هذه الأسلحة وخبأها في مكان ما، بحلول شهر شباط/فبراير آتت هذه الحملة أُكُلها حيث أيد 64٪ من الأمريكيين القيام بعمل عسكري لعزل الرئيس العراقي صدام حسين من السلطة.
مواقف دول الجوار من الغزو الأمريكي للعراق
رفضت تركيا عضو حلف شمال الأطلسي السماح للقوات الأمريكية بعبور أراضيها إلى شمال العراق، فيما تموضعت القوات الأمريكية في السعودية والكويت والبحرين.
كولن باول في مجلس الأمن
عرض وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في جلسة مجلس الأمن في الخامس من شهر شباط/فبراير عام 2003، صوراً على كمبيوتر محمول تُظهِر "مختبراً للأسلحة البيولوجية المتنقلة".
استندت هذه المعلومات على ادعاءات المهاجر العراقي المقيم في ألمانيا أحمد علوان الجنابي الذي اعترف في وقت لاحق أن ادعاءاته كانت كاذبة.
كما قدم باول أدلة تزعم أن للعراق علاقات مع تنظيم القاعدة: "علمنا أن العراق درب أعضاءً من القاعدة على صنع القنابل والسموم والغازات القاتلة.
ونحن نعلم أن بعد 11 سبتمبر، نظام صدام حسين احتفل بابتهاج لحدوث الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة".
نتيجة لمتابعة عرض كولن باول اقترحت كل من (الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، بولندا، إيطاليا، أستراليا، الدنمارك، اليابان، إسبانيا) مشروع قرار يجيز استخدام القوة في العراق.
لكن أعضاء حلف شمال الأطلسي مثل كندا وفرنسا وألمانيا، جنباً إلى جنب مع روسيا، أصروا على استمرار الدبلوماسية، كما هددت فرنسا وروسيا باستخدام حق النقض فسُحب مشروع القرار من مجلس الأمن.
معارضة الرأي العام للحرب على العراق
شهدت ثمانمائة مدينة حول العالم مظاهرات تعارض الحرب على العراق، ذلك في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير عام 2003 بمشاركة ما بين ستة إلى عشر ملايين شخص.
في أكبر احتجاج من نوعه في تاريخ البشرية وفقاً لكتاب غينيس للأرقام القياسية العالمية.
أهداف الحرب على العراق
حدد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال تومي فرانكس راي أهداف الحرب على العراق بما يلي:
- وضع حد لنظام صدام حسين.
- تحديد وعزل وإزالة أسلحة العراق للدمار الشامل.
- البحث عن الإرهابيين وطردهم من العراق.
- جمع المعلومات عن الشبكات الإرهابية.
- إنهاء العقوبات الدولية على العراق وتقديم الدعم الإنساني فوراً للنازحين والمواطنين العراقيين المحتاجين.
- تأمين الحقول والموارد النفطية العراقية.
- تهيئة الظروف للانتقال إلى الحكم الذاتي (أي أن يحكم العراق نفسه بنفسه).
إنذار بوش لصدام حسين
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، بولندا، أستراليا، إسبانيا، الدنمارك، إيطاليا التحضير للحرب على العراق.
حيث طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في خطاب موجه للأمة في السابع عشر من شهر آذار/مارس عام 2003 صدام حسين وولديه عدي وقصي الاستسلام وترك العراق، ومنحهم مهلة مدتها 48 ساعة.
لكن تحالف الدول السبع بدأ بقصف العراق قبل انتهاء المهلة في الثامن عشر من شهر آذار/مارس عام 2003، وفي ذات اليوم أعطى مجلس العموم البريطاني تفويضاً بالحرب على العراق.
أيام حرب غزو العراق
لم يستجب الرئيس العراقي صدام حسين للإنذار الأمريكي بترك السلطة، ما مهد لتنفيذ الولايات المتحدة الأمريكية تهديدها فكانت الحرب التي توالت أحداثها بدءاً من العشرين من شهر آذار/مارس عام 2003:
20 آذار/مارس بداية الغارات الجوية
بدأت الحرب على العراق بغارات جوية في العشرين من شهر آذار/مارس عام 2003، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن على إثرها في خطاب متلفز بدء الحرب بقوله:
"في هذه الساعة، بدأت القوات الأميركية وقوات التحالف المراحل المبكرة من العمليات العسكرية لنزع أسلحة العراق وتحرير شعبه والدفاع عن العالم من خطر محدق".
21 آذار/مارس دخول قوات التحالف
دخلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من الكويت إلى العراق فبقيت عدة أيام تحارب الجيش والمقاومة العراقية في أم القصر.
وبعد السيطرة عليها تقدمت قوات التحالف نحو محافظة البصرة على مقربة من الحدود العراقية- الكويتية، في حين شنت القوات الخاصة هجوماً برمائياً من الخليج العربي لتأمين البصرة وحقول النفط المحيطة بها.
وتحرك الجيش من جنوب العراق، واحتل المنطقة بعد معارك دامت عدة أيام.
23 آذار/مارس معركة الناصرية
انخرطت قوات التحالف في معركة الناصرية، كما شنت طائرات التحالف غارات جوية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد ضد القيادة والسيطرة العراقية، حيث أُصيب الجيش العراقي بحالة من الفوضى حالت دون مقاومة فعالة.
26 آذار/مارس دخول كركوك
دخلت قوات التحالف مدينة كركوك، حيث انضمت إلى المتمردين الأكراد وخاضت معارك عدة ضد الجيش العراقي لتأمين الجزء الشمالي من البلاد، في حين واصل الجزء الرئيسي من قوات التحالف تقدمه داخل العراق من دون مقاومة تُذكَر.
9 نيسان/أبريل سقوط بغداد
احتلت قوات التحالف العاصمة العراقية بغداد، وهرب الرئيس العراقي صدام حسين، وتم إسقاط تمثال له في وسط العاصمة كدليل على انتهاء حكمه.
10 نيسان/أبريل سقوط كركوك
احتلت قوات التحالف مدينة كركوك بمساعدة الأكراد العراقيين.
15 نيسان/أبريل سقوط تكريت
احتلت قوات التحالف مدينة تكريت.
1 أيار/مايو عام 2003 انتهاء العمليات
أعلنت قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية انتهاء العمليات القتالية الرئيسية، وإنهاء فترة الغزو وبداية فترة الاحتلال العسكرية.
حيث حلت الجيش العراقي ومؤسسات الدولة، وعينت الجنرال الأمريكي بول بريمر حاكماً عسكرياً للعراق.
حيث بدأت واشنطن تشكيل جيش عراقي جديد ومؤسسات تتناسب مع المرحلة الجديدة، فكان الدستور العراقي الذي قسم العراق لثلاث أقاليم فيدرالية (شمالي للكرد، الوسط للسنة، الجنوب للشيعة) في عام 2005.
الحكومة العراقية تتسلم السلطة من الولايات المتحدة الأمريكية
سلّمت قوات الاحتلال الأمريكي السلطة لحكومة عراقية مؤقتة في شهر حزيران/يونيو عام 2004، وفي شهر كانون الثاني/يناير من عام 2005 انتخب الشعب العراقي الجمعية الوطنية التي ضمت مئتين وخمسةٍ وسبعين عضواً.
ثم صُدِّق على الدستور الجديد للبلاد في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2005، الذي قسم العراق كما ذكرنا؛ لثلاث أقاليم فيدرالية (شمالي للكرد، الوسط للسنة، الجنوب للشيعة).
وبذلك أصبح الكرد يتمتعون بالحكم الذاتي باسم "كردستان العراق" بقيادة مسعود البرزاني، فيما بقيت سلطة الدولة حاضرة في وسط العراق وجنوبه من دون وجود سلطات خاصة أو حكم ذاتي في هذه المناطق.
اعتقال صدام حسين ثم الإعدام
بعد مطاردة مكثفة، وجد الجنود الأمريكيون الرئيس العراقي صدام حسين مختبئاً في حفرة عمقها بين الستة والثمانية أقدام، قال صدام حسين عن ذلك:
"لم أُقاوم ولم أُصب بأذى خلال عملية الاعتقال"
حيث أُلقى القبض عليه، وبدأت محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد شعبه، بما في ذلك عمليات القتل الجماعي، في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2005.
وفي السادس من تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2006 أدانت المحكمة العراقية صدام حسين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وحكم عليه بالإعدام.
نُفِّذ هذا الحكم في صباح عيد الأضحى المصادف للثلاثين من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2006.
انتقاد شن الحرب على العراق
هاجم المعارضون للتدخل العسكري في العراق قرار غزو العراق على عدد من الخطوط، بما في ذلك التشكيك في الأدلة التي استخدمت لتبرير الحرب.
حيث كان مبرر الولايات المتحدة الأمريكية الرئيسي لإطلاق حرب العراق أن تنمية صدام حسين المزعومة لأسلحة نووية وبيولوجية وصلات مفترضة لتنظيم القاعدة جعلت نظامه "خطر متزايد".
إلا أنه خلال الفترة التي سبقت الحرب ومرحلة ما بعد الغزو، لم يتم إثبات أي من هذه الأدلة، إضافةً إلى أن هذه الحرب أطلقت من دون تفويض من الأمم المتحدة.
كما أنه كان يجب إعطاء فرصة للحل الدبلوماسي وترك الخيار العسكري باعتباره آخر الحلول.
حيث قال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان خلال جلسة مجلس الأمن التي عرض خلالها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول مبررات بلاده للحرب على العراق في الخامس من شهر شباط/فبراير عام 2003:
"بالنظر إلى الاختيار بين التدخل العسكري ونظام التفتيش الذي يُعد غير كافياً، وبسبب عدم التعاون من الجانب العراقي، كان يجب علينا أن نختار التعزيز الحاسم من وسائل التفتيش".
سجن أبو غريب.. انتهاكات وجرائم تعذيب ضد الإنسانية
ظهرت فضيحة أبو غريب ��لى وسائل الإعلام في عام 2004، لكنها بدأت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث أصبح سجن أبو غريب مكاناً لاعتقال العراقيين المناهضين للاحتلال الأمريكي.
وتعرضوا ضمنه للتعذيب ولمعاملة سيئة وغير إنسانية، منها:
- وفاة معتقل أثناء استجوابه، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003.
- أخذ صور لمعتقلين عراقيين عراة، بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر عام 2003.
- اكتشف العريف جوزيف م داربي الذي كان يعمل في السجن صوراً على قرص سيدي (CD-ROM) لسجناء عراقيين يتعرضون للإيذاء، في شهر كانون الثاني/يناير عام 2004، حيث طلب التحقيق في صحتها.
- رفع الجنرال أنطونيو تاغويا تقريره إلى الجنرال ريكاردو سانشيز عن سوء السلوك في لواء الشرطة العسكرية لثمانمائة عراقي في الرابع من شهر نيسان/أبريل عام 2004، حيث ذكر التقرير الانتهاكات التالية:
- الضرب، الصفع، والركل للمعتقلين، إضافة إلى القفز على أقدامهم العارية.
- تصوير الذكور عراة في المعتقلات.
- الاعتداء الجنسي على المعتقلين وترتيبهم في وضعيات جنسية للتصوير. إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم وإبقائهم عراة لعدة أيام.
- إجبار المعتقلين الذكور العراة على ارتداء ملابس داخلية نسائية.
- إجبار مجموعة من المعتقلين الذكور على استمناء أنفسهم، في حين يجري تصويرهم وتسجيل هذه المواقف على أشرطة فيديو.
- تجميع المعتقلين الذكور عراة فوق بعضهم والقفز عليهم.
- وضع المعتقل عارياً على مربع، مع كيس رمل على رأسه، وربط الأسلاك لأصابعه وأصابع القدمين، والقضيب، لمحاكاة التعذيب الكهربائي.
- كتابة "أنا Rapest (كذا)" على ساق أحد المعتقلين المتهمين بالاغتصاب، من ثم تصويره عارياً.
- وضع سلسلة ربط الكلب أو الأحزمة حول رقبة المعتقل عارياً وقيام جندية أمريكية بأخذ صورة إلى جانبه.
- قيام الحراس بممارسة الجنس مع إحدى السجينات.
- استخدام كلاب الجيش في العمل لتخويف وترويع وعض المعتقلين.
- التقاط صور للمعتقلين العراقيين القتلى.
في الثلاثين من شهر نيسان/أبريل عام 2004 نشرت مجلة نيويوركر مقال للكاتب سيمور هرش تحدث فيه عن الانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب.
وفي الخامس من شهر أيار/مايو عام 2004 أجرى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مقابلة مع قناتي العربية والحرة معرباً عن اشمئزازه من إساءة معاملة السجناء العراقيين.
بعد ذلك بعامين أي في الأول من شهر أيلول/سبتمبر عام 2006 سلم الأمريكيون المعتقل للعراقيين، الذين أعادوا افتتاحه في الحادي والعشرين من شهر نيسان/أبريل عام 2009 بعد تجديده وإحداث صالة ألعاب رياضية جديدة.
صالون حلاقة، غرفة الخياطة، مناطق ترفيهية في الهواء الطلق، مكتبة، غرفة الحاسوب. و تم تغيير اسمه إلى سجن بغداد المركزي.
فضيحة أبو غريب فيلماً وثائقياً
أنتج المخرج الحائز على جائزة الأوسكار إيرول موريس Errol Morris فيلماً وثائقياً عن فضيحة سجن أبو غريب بعنوان "إجراء التشغيل الموحد" "Standard Operating Procedure".
عُرض لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي في شهر شباط/فبراير عام 2008.
محاكمة متهمين بأعمال تعذيب في سجن أبو غريب
سمحت المحكمة الاتحادية الأمريكية لمئتين واثني عشر من السجناء العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب برفع دعاوى أمامها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2007.
سبق ذلك إدانة عدد من الأمريكيين لأساليب التعذيب التي تعرض لها السجناء العراقيين، كان منهم، الكولونيل جيري فيلابوم L. Phillabaum Jeery، قائد كتيبة الشرطة العسكرية رقم 320.
الذي أُعفي من منصبه في شهر نيسان/أبريل عام 2004، العريف سابرينا هارمان Sabrina Harman، من الشرطة العسكرية، حُكم عليها بالسجن ستة أشهر في السابع عشر من شهر أيار/مايو عام 2005.
الانسحاب من العراق
وافق البرلمان العراقي في الثامن من شهر تشرين الثاني/نوفمبر على اتفاقية بين الولايات المتحدة والعراق أعادت تعريف الإطار القانوني للنشاط العسكري الأمريكي في العراق ووضع جدول زمني للانسحاب النهائي للقوات الأمريكية.
بموجب هذه الاتفاقية، التي وقعت خلال الأشهر الأخيرة من إدارة بوش بعد نحو عام من المفاوضات.
كان من المقرر للقوات الأمريكية مغادرة المدن بحلول منتصف عام 2009، وأن يكتمل الانسحاب من البلاد بحلول 31 ديسمبر 2011.
وفي فبراير 2009 اُنتخب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية فأعلن أن القوات الأميركية المقاتلة ستنسحب من العراق بحلول الحادي والثلاثين من شهر آب/أغسطس عام 2010.
مع كافة القوات المتبقية التي كان من المقرر أن تنسحب بحلول نهاية عام 2011، وهو ما حصل.
في الختام.. على الرغم من بطلان الأسباب التي تحججت بها واشنطن لاحتلالها العراق، لكن ذلك لم يؤثر على عمليتها العسكرية.
لأن عدم صحة اتهاماتها للعراق لم تظهر سوى بعد إتمام الاحتلال، لتشكل فضيحة سجن أبو غريب وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والإنسانية، ربما لن ينساها العالم لفترة طويلة.